سؤال للدكتور غانم قدوري

إنضم
09/04/2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
فضيلة د/ غانم
في حقيقة الأمر هناك موضوع محير لي وهو موضوع " الطاء القديمة "

فقد وجدت ـ تقريبا ـ سائر علماء الأصوات يقولون : بأن وصف الطاء القديمة ينطبق علي الضاد المصرية . ووقت دراستي في كلية علوم القرآن كنت أسمع د/ حسن جبل يردد دائما هذه القضية ـ حتي تخرجت وهو يتحدث في هذا الأمر ـ وكذا فضيلتكم في كتاب " الدراسات الصوتية عند علماء التجويد " وكذا د/ عبد الصبور شاهين ، وكمال بشر ورمضان عبد التواب وغيرهم من علماء الأصوات معتمدين علي وصف سيبويه ، وحكوا أيضا عن بعض القري تنطق بطريقة وصف القدامي .

(( قال د/ عبد الصبور شاهين قائلا:"..وربما زاد في ثبات الصورة الجديدة تطور آخر حدث للطاء حين فقدت جهرها ،فصارت مفخمة مهموسة ، لتصبح نظير التاء المرققة المهموسة ، وبذلك حدث تبادل في المواقع ـ يقصد بين الطاء والضاد ـ وتعدل في نظام الهجائية العربية "صـ 117
وقلتم في الدراسات الصوتية " .. أن بعض المحدثين ذكر أن الطاء العربية القديمة ( الدال المطبقة ) لا تزال تسمع في بعض البلدان مثل جنوبي الجزيرة العربية ، حيث يقولون (مضر) يريدون (مطر) ... ينطقون بالطاء ضادا مثل التي تنطق في مصر اليوم "صـ 209


وهناك نصوص كثيرة تحمل نفس المعني .

ولكني وجدتُ نصا للإمام برهان الدين إبراهيم بن عمر المعروف بالجعبري ( ت 732) شارح الشاطبية وإمام في القراءات . وهو غني عن التعريف .

قال في ( عقود الجمان في تجويد القرآن ) وهي منظومة نظمها الجعبري في التجويد سنة (724) عدد أبياتها (825) .

(( والضاد كالظاء وهي كالثا الطا كالتا **والصاد مثل السين لا تنيان )) صـ42 طبعة مؤسسة قرطبة .

والشاهد : الطا كالتا . يعني أن هذه الطاء قديمة أيضا

ومعلوم أن سيبويه ذكر في الحروف الغير مستحسنة في القرآن وفي كلام العرب (الطاء التي كالتاء )

والسؤال : كيف نجمع بين هذه الأقوال ؟؟؟؟؟؟؟؟

وهذا سيجرنا فيما بعد لقضية الضاد الظائية . لتشابه الأمرين بالتغير .
والسلام عليكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ عبد الحكيم ، السلام عليكم
ما تفضلت به حول وصف نطق الطاء أمر مشهور لدى دارسي الأصوات العربية المحدثين ، والسبب الذي جعلهم يقولون باحتمال حصول تطور في نطق الطاء هو أن جميع علماء العربية والتجويد المتقدمين وصفوا الطاء بأنها صوت مجهور ، وهي من مخرج الدال والتاء ، والطاء الفصيحة اليوم مهموسة ومن المخرج نفسه ، وإذا أردنا أن نتصور نطقاً للطاء المجهورة لم نجد صوتاً يمثلها غير الضاد التي ينطقها مجيدو قراءة القرآن الكريم ، وهي السائدة في نطق أهل مصر وبلاد الشام خاصة ، والمحدثون يُعَرِّفُونَ الصوت المجهور اليوم بأنه الصوت الذي يهتز أو يتذبذب الوتران الصوتيان عند النطق به ، وعكسه الصوت المهموس .
و يرجح الدارسون اليوم حصول تطور في صفات الطاء ، لأن احتمال خطأ سيبويه وعلماء العربية والتجويد المتقدمين في وصف الطاء أمر مستبعد ، لأنهم ميزوا بين الطاء العربية الفصيحة المجهورة وطاء أخرى مهموسة غير فصيحة ، وهي التي وصفها سيبويه ضمن الأصوات غير المستحسنة ، وكذلك ذكرها الجعبري في السياق نفسه ، ولكنه قال منظومته "عقود الجمان " (ص 119) في بيان صفات الطاء الفصيحة :
والطاءُ أطْبِقْهُ مُفَخِّمَ جَهْرِهِ قطراَ وطبن طوى أطاع أتانِ
ويبدو لي أنه ليس هناك تناقض بين أقوال الدارسين قدماء ومحدثين ، فكلٌّ وصف ما وجد ، فكانت الطاء الفصيحة عند المتقدمين مجهورة ، وإلى جانبها طاء أخرى لهجية مهموسة غير مستحسنة ، وحذروا من انزلاق اللسان إليها ، لكن وقع في النهاية ما حذروا منه ، والمحدثون حين وصفوا الطاء بأنها مهموسة فإنهم يصفون الطاء كما هي في النطق الفصيح اليوم ، ووجدوا أن الوصف القديم للطاء ينطبق على صوت الضاد التي ينطقها مجيدو القراءة ، ولا يخلو الأمر من طرافة أو غرابة ، لكن الدارسين لم يجدوا تفسيراً آخر للظاهرة ، بحسب ما اطلعت عليه .
ولعلي بهذا الإيجاز أجبت على سؤالك أو قاربت ، والأمر يحتمل تفصيلاً أكثر ، وهو موجود في مظانه ، ولعل لدى الإخوة المشرفين أو القراء ما يعزز الجواب أو يصحح بعض ما ورد فيه ، والله أعلم .
 
فضيلة د. غانم قدوري
السلام عليكم
أرجو أن يتسع صدرك لسؤالي لماذا نفسر مصطلح الاطباق عند المتقدمين بما عرفه به المحدثون؟
وهل كان المتقدمون يراعون في الجهر أمرا غير انحباس جري النفس الذي يميز بدون الة؟
وشكر الله لكم
 
المحدثون يُعَرِّفُونَ الصوت المجهور اليوم بأنه الصوت الذي يهتز أو يتذبذب الوتران الصوتيان عند النطق به ، وعكسه الصوت المهموس .

.

سعادة الفاضل د. غانم سلمه الله وحمى حماه

لكن التعريف القديم للمهموس هو جريان النفس في الحرف، وعكسه هو الجهر أي انحباس النفس في الحرف
أما عن تعريف المحدثين فإن كان الجهر ما سبق، فسيكون الهمس هو عدم اهتزاز أو تذبذب الوترين الصوتيين، أو بمعنى آخر استقرار الوترين ...إلخ وهذا تعريف قاصر إن لم يكن معارضا لما عند القدامى

فلماذا نلقي بالا لتعريف المحدثين إن كان لا يتماشى مع التعريف الأصلي؟
 
أرى – والله أعلم - أنّ الصَّوتَ المجهور والمهموس - عند القدماء - يتميّز بأمرين :
1- جري النَّفس مع الحرف أو عدمه.
2- قوة الصّوت أو ضعفه.
ويرى بعضُ علماء الأصوات أنّ وصف القدماء للطّاء بالجهر مبنيٌّ على أساس فهمهم للصَّوتِ المجهور ؛ ولذا فالطاء المنطوق بها اليوم تتفق بصفاتها مع تعريف القدماء لظاهرة الجهر.
وشيخنا الفاضل الدكتور غانم – حفظه الله – يرجّح أنّ مفهوم سيبويه للصَّوْتِ المجهور
يتطابق مع تفسير علماء الأصوات المحدثين...
ويرى أستاذنا الفاضل أنّ سيبويه تمكّن من إدراك آثار اهتزاز الوترين الصَّوتيين
على الأصوات اللغوية...
فسيبويه يصف الصَّوت المجهور بأنه ما أشرب صوت الصَّدر ، والراجح – عند شيخنا
الفاضل – أنّ صوت الصَّدر هو صوتُ الجهر المنبعث من الوترين الصَّوتيين.
 

وخير من عرض لتحولات الأصوات في مثل ما حصل في الطاء والقاف من حيث اختلاف القدماء والمحدثين في وصفهما بالجهر أو الهمس د حسام النعيمي في كتابه "أصوات العربية بين التحول والثبات"
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ عبد الحكيم ، السلام عليكم
ما تفضلت به حول وصف نطق الطاء أمر مشهور لدى دارسي الأصوات العربية المحدثين ، والسبب الذي جعلهم يقولون باحتمال حصول تطور في نطق الطاء هو أن جميع علماء العربية والتجويد المتقدمين وصفوا الطاء بأنها صوت مجهور ، وهي من مخرج الدال والتاء ، والطاء الفصيحة اليوم مهموسة ومن المخرج نفسه ، وإذا أردنا أن نتصور نطقاً للطاء المجهورة لم نجد صوتاً يمثلها غير الضاد التي ينطقها مجيدو قراءة القرآن الكريم ، وهي السائدة في نطق أهل مصر وبلاد الشام خاصة ، والمحدثون يُعَرِّفُونَ الصوت المجهور اليوم بأنه الصوت الذي يهتز أو يتذبذب الوتران الصوتيان عند النطق به ، وعكسه الصوت المهموس .
و يرجح الدارسون اليوم حصول تطور في صفات الطاء ، لأن احتمال خطأ سيبويه وعلماء العربية والتجويد المتقدمين في وصف الطاء أمر مستبعد ، لأنهم ميزوا بين الطاء العربية الفصيحة المجهورة وطاء أخرى مهموسة غير فصيحة ، وهي التي وصفها سيبويه ضمن الأصوات غير المستحسنة ، وكذلك ذكرها الجعبري في السياق نفسه ، ولكنه قال منظومته "عقود الجمان " (ص 119) في بيان صفات الطاء الفصيحة :
والطاءُ أطْبِقْهُ مُفَخِّمَ جَهْرِهِ قطراَ وطبن طوى أطاع أتانِ
ويبدو لي أنه ليس هناك تناقض بين أقوال الدارسين قدماء ومحدثين ، فكلٌّ وصف ما وجد ، فكانت الطاء الفصيحة عند المتقدمين مجهورة ، وإلى جانبها طاء أخرى لهجية مهموسة غير مستحسنة ، وحذروا من انزلاق اللسان إليها ، لكن وقع في النهاية ما حذروا منه ، والمحدثون حين وصفوا الطاء بأنها مهموسة فإنهم يصفون الطاء كما هي في النطق الفصيح اليوم ، ووجدوا أن الوصف القديم للطاء ينطبق على صوت الضاد التي ينطقها مجيدو القراءة ، ولا يخلو الأمر من طرافة أو غرابة ، لكن الدارسين لم يجدوا تفسيراً آخر للظاهرة ، بحسب ما اطلعت عليه .
ولعلي بهذا الإيجاز أجبت على سؤالك أو قاربت ، والأمر يحتمل تفصيلاً أكثر ، وهو موجود في مظانه ، ولعل لدى الإخوة المشرفين أو القراء ما يعزز الجواب أو يصحح بعض ما ورد فيه ، والله أعلم .

سعادة الدكتور الفاضل المفضال العلامة غانم الحمد

قولكم : وإذا أردنا أن نتصور نطقاً للطاء المجهورة لم نجد صوتاً يمثلها غير الضاد التي ينطقها مجيدو قراءة القرآن الكريم

كيف سيدي لا يمكن أن تتصوروا صوتا للطاء المجهورة ؟؟؟!!!!

لقد قام أخونا الباحث المدقق الدكتور عادل أبو شعر بدراسة صوتية مستعينا ببعض الأجهزة وناقش قضية الطاء وقام بتسجيل نطقها من عدد من الناس منهم المتخصصون باللغة ومنهم قراء مجيدون فوجد أن القراء ينطقونها طاء مفخمة مجهورة بكل سلاسة

بينما وجد الآخرين من غير القراء ينطقونها مشوبة بهمس وهو ما أشار إليه سيبويه انه غير مستسحن .... وللأسف أصبح غير المستحسن اليوم هو السائد والفصيح وهذا من التطورات التي اعترت اللغة

ولكن يا سيدي لا زلنا أثناء القراءة واالإقراء نركز كثيرا على طلبتنا أن ينطقوا الطاء مجهورة مفخمة ونحذر من الهمس كما تلقينا عن مشايخنا ...

ومن القراء الذين يجيدون نطقها هكذا فصيحة على السليقة مجهورة الشيخ علي الحذيفي
ومن القراء الذين ينطقونها مشوبة بهمس المقرئ الشيخ مصطفى اسماعيل كما هو ملاحظ في تسجيلاته

فالخلاصة يا سيدي ـ من وجهة نظري ـ :

1 ـ أن الطاء يُتصور نطقها طاء مجهورة مفخمة لا تشبه الضاد
2 ـ أن المجيدين من القراء ينطقونها هكذا ويحافظون على هذا النطق كما تلقيناه عنهم
3 ـ التطور الصوتي الذي اشار اليه الباحثون المحدثون هذا تطور للطاء في نطق الناس وليس في الطاء القرآنية عند المهرة من القراء
4 ـ أن نطق الطاء مشوبة بهمس يعتبر لحنا خفياً من اللحون التي تخفى حتى على بعض القراء المعاصرين وهو نطق غير مستحسن كما نص على ذلك الأقدمون

وشكرا معطرا طيبا طلاً طريا ذا طلاوة ( بطاء مجهورة غير مهموسة ) على اتساع صدركم لقراءة هذه الكلمات
 
ويبدو لي أنه ليس هناك تناقض بين أقوال الدارسين قدماء ومحدثين ، فكلٌّ وصف ما وجد ، فكانت الطاء الفصيحة عند المتقدمين مجهورة ، وإلى جانبها طاء أخرى لهجية مهموسة غير مستحسنة ، وحذروا من انزلاق اللسان إليها ، لكن وقع في النهاية ما حذروا منه ، والمحدثون حين وصفوا الطاء بأنها مهموسة فإنهم يصفون الطاء كما هي في النطق الفصيح اليوم ،.

السلام عليكم
هذه العبارة هي التي جاءت في ظني وجود نوعين من الطاء ، لأنهم وصفوها ـ أي الطاء ـ مفخم الدال ولا يوجد سوي صوت الضاد الحالية مفخم الدال ، ولذلك وقع في قلبي وجود طائين قديما . أي تغلبت الطاء الحديثة علي القديمة .

ونفس الأمر بالنسبة للضاد الحالية ، فقد وصفها ابن سينا بأنها شديدة حيث قال في كتابه " أسباب حدوث الحروف " ما نصه : وأما الضاد فإنها تحدث عن حبس تام عندما تتقدم موضع الجيم وتقع في الجزء الأمل إذا أطلق أقيم في مسلك الهواء رطوبة وحدة أو رطوبات تتفقع من الهواء الفاعل للصوت ويمتد عليها منحبسا حبسا ثانيا ويتفقأ فيحدث شكل الضاد " ا.هـ 18

وهذا النص يدل علي أن الضاد الحالية ـ مفخم الدال ـ له وجود قديم في بعض القبائل قال د/ جبل : وشاهد وقوع هذا النطق مبكرا قول الأغلب العجلى ــ حين استنشده عامل عمر بن الخطاب رضى الله عنه ـــ

أرجزا تريد أم قصيدا ـــ وروى : أم قريضا ـــ لقد سألت هينا موجودا

أم هكذا بينهما تعريضا ** كلاهما أجيد مستريضا

فمقابلة الضاد فى القافية بالدال فى كلمتى "قصيدا" وموجودا" أو الأخيرة فقط يعنى أنه كان يحس أنهما متقاربان وكأنهما سواء ــوهذا لايكون إلا بنطق الضاد شديدة . ولهذا الأمر قيمته ، إذ يعنى أن الضاد المصرية ــ الدال المخمة الشديدة ــ لها أساس قديم فصيح . وأيضا نجد في وصف ابن سينا بخروج الضاد أنها شديدة . ا.هــ
انظر معانى القرآن للفراء 1/140،وشرح القصائد السبع لابن الأنبارى 516 ، ولسان العرب ( روض)

فهل نستطيع أن نقول : إن الضاد ـ التغلبية ـ تغلبت علي الضاد الظائية القديمة كما حدث في قضية الطاء ؟؟؟؟؟؟


وأيضا قال الإمام محمد بن المتولي أحمد المتولي ( ت 1313هـ ) في مخطوطته " أمور تتعلق بالضاد والظاء " موجودة بالمكتبة الأزهرية تحت رقم : 1212خاص ،،37729 عام من ق 27 إلي ق 28

(( الأوفق من كلام الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ في نطق الضاد لأهل مصر ، هو قول الخليل وفي ذلك قلت :

الضاد من وسط اللسان يلفظ ** به كما عن الخليل يحفظ
يقول شجري كجيم الشين يا **والشجر مفتح الفم احفظ مثنيا
فكان رابع الثلاث الخالية **وصح أن يعزي لوسط لحمية
وإن نطق أهل مصرنا علي ** وفاقه لنحمد الله علا
وصفه بالإطباق والرخاوه **والجهر الاستعلامع استطالة
ووصف ضاد كله في الظا يجي ** لكنه لم يستطل في المخرج
لذلْك قال صاحب المقدمة **فيما علي قارئه أن يعلمه
والضاد باستطالة وخرج ** ميز من الظاء وكلها تجي
والصوت يجري في الحروف الرخوه **وليس يجري مع حروف الشدة
كما بنشر الحافظ ابن الجزري ** إمامنا قدوة أهل العصر
وهو الموافق لأهل مصر **في نطقهم بالضاد دون نكر
والاختيار شاهد مقرر ** لما ذكرنا لا يكاد ينكر
أفاده محمد ابن أحمدا **المتولي حامدا ممجدا
دوما لذي المن الكريم الهادي **لنهج حجة اللسان الضاد
تم
**************
مخطوطة موجودة بالمكتبة الأزهرية ..ثلاث نسخ تحت أرقام :
318/22325
1209/37620
1212/27729

************
هل هناك فرق بين أن تكون الضاد من شجر الفم أو من طرف اللسان ؟؟؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأساتذة الفضلاء الذين كتبوا تعليقاتهم حول إجابتي على سؤال الأستاذ عبد الحكيم عن الطاء : رجاء ، ود.أنمار ، وعمار الخطيب ، ود. عبد الله الهتاري ، ود. يحيى الغوثاني ، جزاهم الله تعالى خيراً ، وأحسب أن عرض وجهات النظر المتباينة يؤدي إلى تمحيص الحقيقة وترجيح ما هو أقوى حجة وأظهر دليلاً ، وإذا كان لكل واحد منا فهمه الخاص للمسألة ، وقناعاته المبنية على ما أُتيح له من معلومات حولها ، فإن ذلك لا يمنع من النظر في رأي الآخرين ، ولعل المرء يجد فيه ما يجعله يتفهم وجهة النظر المقابلة إن لم يحمله ذلك على الأخذ بها ، وقد تكون القضايا التي أثارها سؤال الأخ الأستاذ عبد الحكيم أوسع من أن يمكن استقصاؤها كلها في هذا المقام فإني سوف أعرض تعليقي على ما سطره الإخوة حول الموضوع في ثلاث مسائل :

المسألة الأولى : الجانب الصوتي المتعلق بمخرج الطاء
من المفيد ذكر بعض الحقائق الصوتية المتعلقة بالطاء والأصوات الأخرى التي تشاركها في المخرج ، والأصوات القريبة منها ، وهي مجموعة أصوات طرف اللسان ، لتحديد الأصوات التي يمكن أن تنطقها آلة النطق في هذا الموضع ، ويمكن حصر تلك الأصوات في الجدول الآتي :
[align=center]
jadwal.jpg
[/align]

إن الجدول يحصر إمكانيات النطق لمخارج طرف اللسان ، والملاحظ أن الحقلين الأول والثاني ينقص كل واحد منها صوت ، أما الصوت الناقص في الحقل الأول فهو الظاء التي كالثاء ، وهو من الأصوات غير المستحسنة التي ذكرها سيبويه ، وأما الصوت الناقص من الحقل الثاني فهو الصاد التي كالزاي ، أو هو مجهور الصاد ، وهو من الأصوات المستحسنة التي تكثر في قراءة القرآن وكلام العرب ، وهو الصوت المسموع في قراءة حمزة لكلمة ( يُصْدِرَ الرعاءُ) ونحوها ، أما الحقل الثالث فقد استوفى جميع الأصوات التي يمكن إنتاجها من هذا المخرج.
ومن ثم فإن موقع الطاء وصفاتها قد تحددت من خلال هذا الجدول ، فهي لن تكون صوتاً خارج هذه المجموعة ، فإن كانت مجهورة فهي حينئذ الضاد التي ينطقها مجيدو قراءة القرآن في زماننا ، وإن كانت مهموسة فهي الطاء التي ننطقها في الفصحى والعامية ، اللهم إلا في نطق بعض الفئات من الناس حين يخففون إطباقها فتقترب من التاء .
أما الضاد القديمة فهي حافِيَّةٌ عند سيبويه ، تخرج من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس ، وهي شَجْرِيَّةٌ عند الخليل ، وشَجْرُ الفم مفرجه أو وسطه ، وهو تحديد قريب من تحديد سيبويه ، أما الضاد التي ينطقها مجيدو القراءة اليوم فهي من مخرج الدال والتاء والطاء ، كما صرح كثير من الدارسين ، وهذه قضية قد تختلف فيها وجهات النظر كثيراً ، ولكن على الدارسين من الفريقين أن يجدوا تفسيرأ لقول سيبويه : " ولولا الإطباق لكانت الطاء دالاً ، والصاد سيناً ، والظاء ذالاً ، ولخرجت الضاد من الكلام ، لأنه ليس شيء من موضعها غيرها"، ولا إشكال في هذا القول في ما يتعلق بالصاد والظاء ، ولكن الإشكال واضح في ما يتعلق بالطاء والضاد ، وهو ما يحتاج إلى تفسير ، وهو موضع الخلاف بين الدارسين .

المسألة الثانية : دلالة المصطلحات
ليس هناك اختلاف يذكر في دلالة مصطلح الصوت الشديد ( أو الانفجاري ) والمنفتح ، وكذلك مصطلح المطبق والمنفتح ، بين القدماء والمحدثين ، لكن هناك اختلاف في دلالة المجهور والمهموس ، وهو اختلاف انعكس على تفسير بعض الظاهر الصوتية .
فالمتقدمون من علماء العربية والتجويد يأخذون بتعريف سيبويه للمجهور ، وهو :" حرف أُشْبِعَ الاعتماد في موضعه ، ومَنَعَ النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت " ، وأن المهموس :"حرف أُضعِفَ الاعتماد في موضعه حتى جرى النفس معه "( الكتاب 4/434) .
والمُحْدَثُونَ يعرِّفون المجهور بأنه الصوت الذي يهتز الوتران الصوتيان عند النطق به ، والمهموس هو الصوت الذي لا يهتز الوتران عند النطق به ، أي أنهما يكونان متباعدين وساكنين.
ويبرز هاهنا السؤال الآتي : هل مفهوم المجهور والمهموس عند سيبويه والمحدثين واحد ، أو مختلف ، وقد اختلفت إجابة الدارسين ، والراجح عند كثير من دارسي الأصوات العربية من المحدثين والمعاصرين ، أن سيبويه أدرك آثار اهتزاز الوترين الصوتيين لكنه لم يتمكن من وصف حالة الوترين لعدم انكشافهما للنظر ، ويؤيد ذلك أن سيبويه حدد الأصوات المجهورة والمهموسة على نحو مطابق لتحديد المحدثين ، سوى ثلاثة أصوات عدها سيبويه مجهورة ، وهي مهموسة عند المحدثين ، وهي القاف والطاء والهمزة ، ويؤكد ذلك أيضاً أن سيبويه ذكر أن الأصوات المجهورة أُشْرِبَتْ صوت الصدر وأن المهموسة تخرج من مخارجها مع النفس ولا يصحبها صوت الصدر ، وأحسب أن صوت الصدر الذي ذكره سيبويه هو النغمة الحنجرية الصادرة من الوترين الصوتيين عند بالأصوات المجهورة .
ومن الدارسين المحدثين من يذهب إلى أن مفهوم الصوت المجهور والمهموس عند سيبويه يختلف عن مفهوم المحدثين ، ويفسر ذلك بجري النفس مع المهموس وعدم جريه مع المجهور ، وهذا التفسير يعوزه الوضوح ، ويختلط بتعريف الصوت الشديد وهو الذي يمنع الصوت من الجري عند النطق به والرخو الذي يجري معه الصوت ، على الرغم من تميز تعريف المجهور بكلمة النفس والشديد بكلمة الصوت ، لكن ذلك لم يمنع من وقوع الخلط بينهما .
وبناء على ذلك فإن قول المحدثين من دارسي الأصوات بأن الطاء اليوم صوت مهموس فإنما يعنون بذلك أن الوترين الصوتيين لا يهتزان عند النطق به ، وهناك بجانب هؤلاء من يقول بأن الطاء اليوم صوت مجهور ، ويريدون بذلك عدم جري النفس معه ، بناء على تعريف سيبويه للمجهور ، لكنهم في هذه الحالة يحتاجون أن يبينوا للدارسين على نحو واضح معنى منع النفس من الجريان مع الأصوات المجهورة ، ثم عليهم أن يجيبوا هل يصحب نطق الطاء اليوم النغمة الحنجرية الناتجة عن اهتزاز الوترين الصوتيين ؟

المسألة الثالثة : الموقف من القديم والحديث
يبدو لي أن عددأ من الإخوة المتخصصين بدراسة القراءات وروايتها ومن المشتغلين بعلم التجويد يتخذون موقف الرافض لمعطيات الدرس الصوتي الحديث في تفسير كثير من الظواهر الصوتية في القراءة ، اعتزازاً منهم بما كتبه علماء السلف ، وحذراً من التلاعب بأصول القراءة القرآنية ، ومع تقديري لهذا الموقف ودوافعه إلا أني بقدر ما أتيح لي من اطلاع على كتب التجويد ومعرفة بجانب من الدرس الصوتي الحديث يمكنني القول إن هذا الموقف يفرط بكثير من الفوائد العلمية التي يمكن أن يجنيها دارس التجويد من الاطلاع على ما أنجزه العلم في دراسة الأصوات اليوم ، ولا يخفى على المهتمين بقراءة القرآن أن لها جانبين ، هما : الرواية والدراية ، والجانب الأول يحفظ القراءة من أن يتطرق إليها التحريف ، ويختص به علم القراءات ، والجانب الثاني يفتح الآفاق لفهم حقائق النطق ، ويختص به علم التجويد ، وقد قيل قديماً : إن كتب القراءات كتب رواية ، وكتب التجويد كتب دراية ، وللرواية نقلها وتعلمها ، وللدراية ضبطها ونظمها ، والعلم فطنةً ودرايةً آكدُ منه سماعاً ورواية ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
وأحسب أن على المشتغلين بعلم القراءة القرآنية حيازة علم الأصوات اللغوية ، أعني أن يتعمقوا في دراسته حتى تكون حقائقه طوع بحوثهم ودراساتهم ، على نحو ما حاز علماء القراءات من السلف ما كتبه علماء العربية عن أصوات اللغة وسخروه في دراسة القراءات وظواهر النطق ، على نحو ما نجد عند مكي بن أبي طالب القيسي ، وأبي عمرو الداني ، وعبد الوهاب القرطبي ، وغيرهم الرواد الأوائل من علماء التجويد ، وقد يجد الدارس اختلافاً في وجهة نظر النحويين وعلماء القراءة في بعض المسائل إلا أنه لم تكن هناك قطيعة بين الفريقين ، على نحو ما نجد اليوم بين دارسي الأصوات اللغوية والمتخصصين بدراسة القراءات والتجويد .
هذا ما تيسر لي كتابته حول الموضوع ، وأعتذر عن التأخر ، وأرجو أن يتسع صدر الإخوة الذين لا يتفقون مع بعض ما ورد فيه ، وعسى أن يفيدوني والقراء بما يسدد الموضوع ، والله تعالى أعلم .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

لي عظيم الشرف أن أتقدّم إلى فضيلتكم بهذه الأسطر اليسيرة وأريد بالمناسبة أن أبديَ رأياً في المسائل الثلاث التي طرحتموها ، أسأل الله تعالى أن يحفظكم من كلّ مكروه وأن يوفقكم لما فيه الخير والصلاح :

أنّ حل مشكلة الطاء المهموسة تستلزم جمع النصوص الواردة في الباب وليس الاقتصار على كلام سيبويه رحمه الله تعلى حيث هناك تقارب معتبر بين الطاء والتاء لا يمكن إهماله وهذا مع كون الطاء مجهورة ، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نقطع بصحة ما يقوله علماء الأصوات لدخول الاحتمال في المسألة وإثبات النطق الصحيح للحرف كما نزل به القرءان لا يمكن أن يثبت بالظنّ بل لا بدّ من اليقين والقطع. أما القول بأنّ الضاد الحديثة ما هي الطاء القديمة ، فهو يعارض التقارب الوارد بين الطاء والتاء والذي تضمنه أقوال القدامى.
فالأولى في نظري الاعتماد على ما أجمع عليه القراء اليوم قاطبة في النطق بحرف الطاء لعدم ورود ما يقطع على بطلانه ولأنّ الطاء المنطوق بها اليوم هي تخرج من مخرجها الصحيح وهي مستعلية مطبقة شديدة ومجهورة ومقلقلة والمراد بالجهر هو انحباس النفس وذلك متحقق في الطاء المنطوق بها اليوم.

وأمّا ما يتعلّق بالمسألة الثانية الذي طرها شيخنا الفاضل وهو المراد الصحيح للهمس : نحن نعلم جميعاً أنّ سيبويه رحمه الله تعالى ذكر في معنى الهمس شيئين أساسيين وهما انحباس النفس ، وقوّة الاعتماد على المخرج الذي سبب ذلك الانحباس ، وهذا التعريف جاء نتيجة ما كان مسموعاً من فصحاء العرب ومن النطق الذي كان عليه قراء القرءان في ذلك الوقت. وعلى هذا التعريف سار علماء التجويد والنحو قاطبة وهذا التعريف الذي نعتمد عليه لأنّ أهل الأداء كلّهم اعتمدوا عليه.
ثمّ جاء علماء الأصوات وأثبتوا اهتزاز الوترين ، ولا يمكننا إنكار ذلك لثبوته علمياً بالأجهزة ، ولكنّي أقول : إنّ القدامى لم يعتمدوا على ما اكتشفه علماء الأصوات بل كان اعتمادهم على تعريف سيبويه فقط ، فإن كان هذا الكتشاف يأتي بفوائد ومعلومات إضافية على ما قرّره القدامى واعتمدوا عليه في إقرائهم فهذا حسن. وإن كان هذا الكتشاف يؤدّي إلى إهمال ما اعتمد عليه الأئمّة قاطبة ولو كان ناقصاً في نظر علماء الأصوات ، فهذا مخالف للمتابعة ، فالعبرة فيما اعتُمد عليه بالنصّ الصريح ولو لم يكن دقيقاً بالنسبة لعلماء الأصوات. لأنّه ما لم يكن دقيقاً عند علماء الأصوات كان دقيقاً عند القدامى وعليه اعتمدوا ، واعتمادهم عليه حجّة لا يمكن ردّها بأيّ حال. وعلى هذا الأساس نحن نعتمد على ما اعتمد عليه حفاظ القرءان وهو الانحباس النفس لقوّة الاعتماد على المخرج وهذا كلام صريح لا يحتمل التأويل.
وقد أخبر الله تعالى أنّ القرءان محفوظ والحفظ عام ومطلق يعمّ النطق والرسم والكتابة والضبط والتفسير ووووو. وإذا قلنا بوجود خلل في النطق بالقاف والطاء المنطوق بهما اليوم لاستلزم أنّ نطق الحروف للقرءان لم يحفظ ، وكيف نفعل بقوله عليه الصلاة والسلام { لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ } ونحن نعلم أنّه لا خلاف الآن في كيفية النطق بحرف الطاء والقاف. وقد يقول البعض أنّه تجديد لما اندثر ، الجواب نطق صحيح القرءان لا يندثر تماماً والتجديد لا يكون إلاّّ من أهل الصنعة.

أمّا ما يتعلّق بالمسألة الثالثة : نحن لسنا ضدّ ما يقوله علماء الأصوات بالعكس إلاّ أنّ الاعتماد على أقوالهم على حساب ما أجمع عليه القراء اليوم فيما لا يعارض جميع النصوص الصريحة الواردة في الباب خروج عن المتابعة في قراءة القرءان. فكلام سيبويه والداني ومكي القيسي والهمذاني وغيرهم يغنيني عن كلام إبراهيم أنيس وغيره.
أنّ المناهج تختلف ، فعلماء الأصوات يعتمدون على الملموس ويقرّون بتغيّر الحروف في النطق مع مرّ الزمان بخلاف أهل الأداء فدأبهم الحفاظ على النطق الصحيح للقرءان يبتغون في ذلك ثواب الله ورضوانه وهذا هو السرّ الذي جعل علماء الأصوات يتحيّرون في النتائج التي وصل إليها أئمّتنا ، فالعلم توفيق من الله تعالى لمن كان مخلصاً له الدين وهذا من حفظ الله تعالى لكتابه ، فإن لم يحفظه بعباده المخلصين فأنّى يحفظه بغيرهم وهو على كلّ قدير.




وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
أخي الفاضل محمد يحي شريف
قولكم: "وأمّا ما يتعلّق بالمسألة الثانية الذي طرها شيخنا الفاضل وهو المراد الصحيح للهمس : نحن نعلم جميعاً أنّ سيبويه رحمه الله تعالى ذكر في معنى الهمس شيئين أساسيين وهما انحباس النفس ، وقوّة الاعتماد على المخرج الذي سبب ذلك الانحباس "، أراك أردت بهذا الكلام تعريف الجهر فسبقك القلم فخط الهمس، وفق الله الجميع للخير والصواب
 
أريد أن أضيف شيئاً :

لو تسائلنا عن السبب الذي حمل علماء الأصوات على الحكم بأنّ الطاء المنطوق بها مهموسة ، لكان الجواب نصّ سيبويه " لولا الإطباق لصارت الطاء دالاً " أي حكموا على الهمس بمفهوم المخالفة للنصّ فأرادوا أن يجدوا حلاً لهذا النصّ فوقعوا من مشكل وهو قطعهم بأنّ الطاء المنطوق بها اليوم مهموسة وهذا غير مقبول عندنا اعتماداً على تعريف الهمس والجهر الذيْن اعتمد عليهما أهل الأداء قاطبة. فمن الناحية النظرية يقولون بأنّها مهموسة ولكنّهم يعجزون عن إثبات ذلك عملياً لعدّة أسباب :
أوّلاً : قوّة الاعتماد على المخرج عند النطق بالطاء.
ثانياً : عدم خروج النفس كما هو الحال في الحروف المهموسة.
ثالثاً : النبرة القوية التي نسمعها عندالنطق بحرف الطاء لا سيما عند التشديد نحو { الطآمّة } ، وهذا ينافي الهمس لأنّ الهمس هو الصوت الخفيّ لقوله تعالى { فلا تسمع إلاّ همساً } أي إلاّ صوتاً خفياً.
رابعاً : الطاء أقوى الحروف ، ولو طبقنا ذلك في الطاء المقروء بعا اليوم لوجدناها كذالك ، وهذا ينافي الهمس.
خامساً : القلقلة التي تلازم الطاء المنطوق بها اليوم بسهولة تامّة ، فلو كانت الطاء مهموسة لتعذرت القلقلة أو لنُطِقت بكلفة.

أمّا تعريف الهمس والجهر وعلاقته بالوترين عند علماء الأصوات ، وإن كان صحيحاً علمياً ، إلاّ أنّ هذا التعليل لم يعتمد عليه نقلة القرءان الكريم في قراءتهم وإقرائهم ، فكان اعتمادهم على كلام سيبويه وبذلك أخذوا ونقلوه وقرءوا وأقرءوا بمقتضاه والقراءة سنة متّبعة.

الذي أخشاه هو أن أنجد في كتب التجويد إدخال اهتزاز الوترين في تعريف الهمس والجهر ، فيصر علم التجويد عبارة عن نتائج تجريبية عبر الأجهزة المستحدثة ونتخلّى شيئا فشيئاً عن تراثنا و عن أقوال أئمّتنا الذين حفظ الله بهم القرءان ، فما ينبغي في نظري أن نحيد عن منهاجهم لا سيما فيما يخالف أقوالهم ونصوصهم.

القضية الثانية التي أريد طرحها هي قضية التصريح بتشابه الحرفين في السمع. نحن نعلم أنّه لولا الإطباق لكانت الطاء دالاً ، والظاء ذالاً والصاد سيناً.
عندما نرجع إلى النصوص نجد أنّ القدامى صرّحوا بوجود تشابه في السمع بين الظاء والذال ، وبين الصاد والسين ، بل ألحّوا على التمييز بينهما نحو { عسى ، عصى } و { مخذوراً و محظورا } بخلاف الطاء والدال حيث لم أجد من صرّح بتشابه الحرفين في السمع بل التصريح بالتشابه كان بين الطاء والتاء. أظنّ أنّ هذا العنصر مهمّ لا ينبغي أهماله في هذه القضية.

شيخنا العلاّمة ، هذا ما أردتّ إضافته وبودّي أن أقول أنّ هذه المسائل لا بدّ فيها من أدلّة قطعية لا يشوبها احتمال لأنّه القرءان الكريم ، فاستحضار عظمته ، يلزمنا التوقّف والتمهّل وأخذ بعين الاعتبار جميع النصوص من غير إهمال شيء منها لما يترتّب من المفاسد عند مجانبة الصواب ، فهذا العلم ليس كالفزياء والرياضيات التي تعتمد على الملموس فقط ، بل هو علم أساسه المتابعة بالمشافهة على مقتضى نصوص الأئمّة الذين نقلوا لنا القرءان فحسب.

وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأستاذ محمد يحيى شريف ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد فإنك أثرت مسائل دقيقة بعضها منهجي ، وبعضها موضوعي ، ثم قعَّدت لها قواعد , أطلقت حولها أحكاماً ، وقد تكون تلك القواعد غير صحيحة ، وقد تكون تلك الأحكام غير دقيقة ، وربما يطول النقاش حول بعض تلك المسائل ، ويبتعد بنا القول عن أصل الموضوع الذي أثاره سؤال الأستاذ عبد الحكيم ، ولكني وجدت نفسي مضطراً لمواصلة النقاش ، نصيحةً لإخواني المهتمين بمثل هذه الموضوعات ، بقدر معرفتي واطلاعي ، وأدعو الله تعالى أن يقترن ذلك مني بإخلاص النية وصدق المقصد .
وتحتاج مناقشة بعض ما ورد في تعليقكم من مسائل إلى تفصيل قد يطول على بعض الإخوة القراء ، وقد يثقل ذلك على البعض منهم ، ومن ثم فإني سوف اختصر القول ، وأجعل ذلك في نقاط سأكتبها تباعاً ، إن شاء الله ، وسوف أسميها مقدمات ، وأرجو أن يتاح لي متابعة كتابتها .
المقدمة الأولى : حدود الاجتهاد في القراءة القرآنية
لابد من التفريق بين جانبين للقراءة القرآنية ، اختص كل جانب منهما بعلم من العلوم ، وهما :
(1) علم القراءات
(2) علم التجويد
وعلى الرغم مما بين العلمين من صلة وتكامل إلا أن كل علم له موضوعه ووسائله ومنهجه ، وكان علماء السلف - رحمهم الله – قد أدركوا ما بين العلمين من تمايز ، وحملهم ذلك على تأسيس علمين لهما .
وأهم ما يميز علم القراءات عن علم التجويد أن الأول علم رواية ، وأن الثاني علم دراية ، وهذا يعني بالضرورة أن علم القراءات لا مجال للاجتهاد فيه ، وأن علم التجويد فيه مجال للاجتهاد ، وكل اجتهاد يكون مظنة الاختلاف ، وهو اختلاف لا يتهدد القرآن في شيء ، بل هو مفيد في الوصول إلى فهم صحيح لظواهر النطق في القراءة .
وبناء على هذه الحقيقة كانت القراءات ثابتة لا تزيد ولا تنقص ، أما مسائل علم التجويد فإنها تزيد وتختلف فيها الأقوال ، ولتسمحوا لي بإيراد هذا المثال للاختلاف في طريقة تناول مسائل العلمين ، وهو : إن القراء اليوم جميعهم يقرؤون الآية الكريمة في سورة الفاتحة : " اهدنا الصراط المستقيم " بطريقة واحدة ، لكن يمكن أن يختلف تحليل علماء التجويد لهذه الآية ، فيمكن أن يقول البعض : إن الطاء في ( الصراط) صوت مجهور ، ويمكن أن يقول آخر : إنه صوت مهموس ، وقد يكون الصواب في أحد القولين ، لكن هذا الاختلاف لا يغير من طريقة الأداء ، ولا يتهدد القرآن ، ولا يقدح بحفظه ، وإنما هو اجتهاد في فهم النطق بحسب الوسائل والاصطلاح .
وإذا اتفقنا على هذه المقدمة الموجزة ، أخي محمد يحيى الشريف ، والقراء مدعوون لذلك أيضاً ، فتح لنا ذلك مجال القول في مقدمة أخرى ، إن شاء الله .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأستاذ محمد يحيى شريف ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد فإنك أثرت مسائل دقيقة بعضها منهجي ، وبعضها موضوعي ، ثم قعَّدت لها قواعد , أطلقت حولها أحكاماً ، وقد تكون تلك القواعد غير صحيحة ، وقد تكون تلك الأحكام غير دقيقة ، وربما يطول النقاش حول بعض تلك المسائل ، ويبتعد بنا القول عن أصل الموضوع الذي أثاره سؤال الأستاذ عبد الحكيم ، ولكني وجدت نفسي مضطراً لمواصلة النقاش ، نصيحةً لإخواني المهتمين بمثل هذه الموضوعات ، بقدر معرفتي واطلاعي ، وأدعو الله تعالى أن يقترن ذلك مني بإخلاص النية وصدق المقصد .
وتحتاج مناقشة بعض ما ورد في تعليقكم من مسائل إلى تفصيل قد يطول على بعض الإخوة القراء ، وقد يثقل ذلك على البعض منهم ، ومن ثم فإني سوف اختصر القول ، وأجعل ذلك في نقاط سأكتبها تباعاً ، إن شاء الله ، وسوف أسميها مقدمات ، وأرجو أن يتاح لي متابعة كتابتها .
المقدمة الأولى : حدود الاجتهاد في القراءة القرآنية
لابد من التفريق بين جانبين للقراءة القرآنية ، اختص كل جانب منهما بعلم من العلوم ، وهما :
(1) علم القراءات
(2) علم التجويد
وعلى الرغم مما بين العلمين من صلة وتكامل إلا أن كل علم له موضوعه ووسائله ومنهجه ، وكان علماء السلف - رحمهم الله – قد أدركوا ما بين العلمين من تمايز ، وحملهم ذلك على تأسيس علمين لهما .
وأهم ما يميز علم القراءات عن علم التجويد أن الأول علم رواية ، وأن الثاني علم دراية ، وهذا يعني بالضرورة أن علم القراءات لا مجال للاجتهاد فيه ، وأن علم التجويد فيه مجال للاجتهاد ، وكل اجتهاد يكون مظنة الاختلاف ، وهو اختلاف لا يتهدد القرآن في شيء ، بل هو مفيد في الوصول إلى فهم صحيح لظواهر النطق في القراءة .
وبناء على هذه الحقيقة كانت القراءات ثابتة لا تزيد ولا تنقص ، أما مسائل علم التجويد فإنها تزيد وتختلف فيها الأقوال ، ولتسمحوا لي بإيراد هذا المثال للاختلاف في طريقة تناول مسائل العلمين ، وهو : إن القراء اليوم جميعهم يقرؤون الآية الكريمة في سورة الفاتحة : " اهدنا الصراط المستقيم " بطريقة واحدة ، لكن يمكن أن يختلف تحليل علماء التجويد لهذه الآية ، فيمكن أن يقول البعض : إن الطاء في ( الصراط) صوت مجهور ، ويمكن أن يقول آخر : إنه صوت مهموس ، وقد يكون الصواب في أحد القولين ، لكن هذا الاختلاف لا يغير من طريقة الأداء ، ولا يتهدد القرآن ، ولا يقدح بحفظه ، وإنما هو اجتهاد في فهم النطق بحسب الوسائل والاصطلاح .
وإذا اتفقنا على هذه المقدمة الموجزة ، أخي محمد يحيى الشريف ، والقراء مدعوون لذلك أيضاً ، فتح لنا ذلك مجال القول في مقدمة أخرى ، إن شاء الله .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا العلامة ، أفهم ممّا تفضلتم به في هذه المقدّمة أنّ الخلاف بين ما يقوله علماء الأصوات وأهل الأداء في مسألة الطاء هو مجرّد خلاف لفظيّ لا يترتّب عليه تغيير في النطق. أقول : هذا فيه نظر لأنّ القول بأنّ الطاء المنطوق بها اليوم مهموسة خلافاً للنطق القديم ، استلزم القول بأنّ الطاء الصحيحة المجهورة هي الضاد الحديثة ، وهذا يدلّ دلالة قطعية بأنّ الخلاف في المسألة ليس خلافاً في اللفظ فقط. بل هو تغيير جذريّ في نطق الحرف.

وقد ذكرتُ في أول البحث أنّ الخلاف اللفظيّ هو الذي لا يترتّب عليه تغيير في أداء الحرف ،والخلاف فيه لا يضرّ كالخلاف في إدغام النون الساكنة في الميم نحو { من مال } هل الغنّة هي غنة النون أم هي غنة الميم ، ومسألة وجود أصل القلقلة في الحرف المتحرّك وكذلك وصف الضاد بالتفشي والخلاف في عدد الصفات والمخارج فهذا كلّه يدخل في باب الاجتهاد إلاّ أنّه لا يترتّب عليه تغيير في أداء الحرف. أقول : لا شكّ أنّ الخلاف في هذا النوع من المسائل لا يضرّ لأنّه لا يترتّب عليه تغيير في أداء الحرف بخلاف مسألتنا هذه فالأمر يختلف تماماً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم
نعم فضيلة د/ غانم . نحن نوافقك علي قاعدتكم الأولي ، ولقد قلت هذا الكلام للشيخ محمد يحيي منذ عام تقريبا وأخبرته أن الخلاف فيما كان من قبيل الهيئة ـ أي الاختلاف في نطق الحرف مع بقاء المعني ـ لا يضر ولا ينافي حفظ الله للقرآن ، لأن الأصل في قراءة القرآن التيسير علي الناس كل بحسب استطاعته ، وكل هذه الأدلة موجود في بحثي الموسوم بـ ( حفظ الله للقرآن )

ونحن في انتظار بقية التقعيد ، وجزاكم الله خيرا

والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

أخي عبد الحكيم اسمحلي أن أقول لك : إنّ جواز الخلاف في الهيئة التي كنت تدندن حوله لا علاقة له بموضوعنا البتة ، لأننا الآن نتكلم عن الخلاف النظري واللفظي الذي لا يترتّب عليه تغيير في الصوت والأداء ، بخلاف ما كنت تقوله وهو جواز الخلاف في الهيئة مطلقاً سواء تغيّر الصوت أم لم يتغيّر. وكلمة هيئة كناية عن صفة معيّنة تعرض للحرف في حالة معيّنة ولا شكّ أنّ ذلك يؤثّر على أداء الحرف بخلاف ماكان من قبيل اللفظ فهو خلاف في الاسم ولا تأثير له في الأداء. والدليل على ما أقول استدلالك بهذه القاعدة في جواز الفرجة وترقيق راء { ونذر} وغير ذلك ولا شكّ أنّ هذا يؤثّر في تغيير أداء الحرف ، ولأجل ذلك قال شيخنا العلامة د. غانم في مقدّمته : " ولتسمحوا لي بإيراد هذا المثال للاختلاف في طريقة تناول مسائل العلمين ، وهو : إن القراء اليوم جميعهم يقرؤون الآية الكريمة في سورة الفاتحة : " اهدنا الصراط المستقيم " بطريقة واحدة ، لكن يمكن أن يختلف تحليل علماء التجويد لهذه الآية ، فيمكن أن يقول البعض : إن الطاء في ( الصراط) صوت مجهور ، ويمكن أن يقول آخر : إنه صوت مهموس ، وقد يكون الصواب في أحد القولين ، لكن هذا الاختلاف لا يغير من طريقة الأداء ، ولا يتهدد القرآن ، ولا يقدح بحفظه ، وإنما هو اجتهاد في فهم النطق بحسب الوسائل والاصطلاح ." انتهى كلامه حفظه الله تعالى وهو في غاية الوضوح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم

الشيخ محمد أعلم ذلك ، بل وأنا أذهب إلي أن هذا الخلاف أهون بالمقارنة بالخلاف الذي يغير الصوت ، كمن نطق الضاد ظاء وكمن رقق راء نذر أو فخمها ، وكمن جعل فرجة في الإخفاء وكمن ضمها ،، كل ذلك لاشئ فيه مادام المعني ثابت ولم يتغير ، فما بالك بمثل الخلاف اللفظي ؟؟فأنت تعلم قول أبي شامة : لا مشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق "

ثم وصف القدامي للطاء لا ينطبق مطلقا علي الطاء التي ننطقها حاليا ، وهذا لا خلاف فيه بين علماء الأصوات ـ فيمن قرأت لهم ـ إذن لا يمكن أن يكون الخلاف لفظيا ألبتة ـ مع احترامنا للجميع ـ ، بل الخلاف حقيقي بأن هناك فريقين في نطق الطاء :

منهم من ينطقها مثل الضاد الحالية ( أي مفخم الدال )

ومنهم من ينطقها مفخم التاء ( كما هو نطقنا الحالي ) هل فهمت شيخنا محمد حقيقة هذا الخلاف الذي أُنشئ من أجله الموضوع ؟؟؟؟ .هل تظن سيدي الفاضل أن موضوعا مثل هذا خلافه لفظي ونضيع فيه وقتنا ؟؟؟؟؟؟؟؟

ودمتم بخير

والسلام عليكم
 
السلام عليكم
يا أخي أنت تريد فهم المواضيع كما تريد ولكنّ شيخنا غانم أراد في مقدّمته الخلاف اللفظي الذي لا يترتّب عليه تغيير في الصوت ، انتبه لما قال : "
فيمكن أن يقول البعض : إن الطاء في ( الصراط) صوت مجهور ، ويمكن أن يقول آخر : إنه صوت مهموس ، وقد يكون الصواب في أحد القولين ،لكن هذا الاختلاف لا يغير من طريقة الأداء ، ولا يتهدد القرآن ، ولا يقدح بحفظه ، وإنما هو اجتهاد في فهم النطق بحسب الوسائل والاصطلاح ." انتهى كلامه حفظه الله تعالى. فقوله حفظه الله تعالى : لكن هذا الاختلاف لا يغير من طريقة الأداء . أقول كلامه واضح إلاّ أنك يا أخي تريد أن تفهم الأشياء كما تريد.


والسلام عليكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة الثانية : الإفادة من الجديد
إذا كان علم التجويد فيه مجال للاجتهاد فثم سؤال يتعلق بوسائل الاجتهاد وأدواته ،وهو : هل يمكن الإفادة من وسائل الدرس الصوتي الحديث في ذلك ، لاسيما أن موضوعهما في الأساس واحد ؟
ومن المعلوم لديكم أن علم التجويد نشأ من خلال علمين ، هما : علم القراءات وعلم اللغة العربية ، وتحصل من ذلك علم جديد ، هو علم التجويد ، وموضوعه كيفية إجادة النطق بقراءة القرآن على الطريقة المتلقاة عن أئمة القراءة ، واستخدم علماء التجويد ما تيسر لهم من المباحث الصوتية لدى علماء القراءة وعلماء العربية في دراسة ظواهر النطق القرآني ، وبنوا عليها دراستهم حتى صار علم التجويد علماً متميزاً في موضوعه ومباحثه .
والمتتبع لكتابات علماء التجويد عبر القرون يجد أن كثيراً منهم قد أبدعوا مباحث جديدة ، وأتوا بأفكار لم يسبقهم إليها من تقدمهم ، ولا أستثني من ذلك حقبة معينة ، فحتى العصور المتأخرة قد شهدت إنجازات علمية متميزة في دراسة الأصوات من خلال مباحث علم التجويد .
وإذا كان الأمر كذلك ، فهل لنا أن نجتهد كما اجتهدوا ، وهل يجوز لنا أن نستعين بوسائل الدرس الصوتي الحديث في فهم ظواهر النطق القرآني ، كما استفادوا مما كتبه سيبويه وعلماء العربية الآخرين عن أصوات اللغة العربية ، أم يجب علينا التمسك بكل ما قاله سيبويه ومكي والداني وغيرهم من أساطين هذا العلم – رحمهم الله جميعاً- حتى " ولو كان ناقصاً" ، " ولو لم يكن دقيقاً" ، كما جاء في تعليقكم أخي محمد يحيى شريف الجزائري ، وهل المتابعة المطلوبة تمنع الإفادة من كلام : إبراهيم أنيس " وغيره من أهل الأصوات ، إذا كان لديهم بعض ما يكشف من أسرار الصوت الإنساني ؟
الذي ترجح عندي ، وأرجو ألا أكون مجانباً للصواب هو : وجوب الإفادة من وسائل الدرس الصوتي الحديث في دراسة علم التجويد ، على الرغم من أن تلك الوسائل صناعة غير إسلامية ، لأن كثيراً مما حققه علم الأصوات يرقى إلى مستوى الحقيقة العلمية ، فكما أننا نستورد منجزات العلم الحديث في الطب والعلوم والصناعات ، فإن اقتباس حقائق علم الصوت عنهم أمر مفيد يعزز دراسة علم التجويد ويسهلها على المتعلم ، ويبرز القيمة العلمية لجهود علماء التجويد ، من غير أن نغير شيئاً من أصول القراءة القرآنية .
وإذا كان لابد من تحقق عدالة من نأخذ عنهم علم الصوت الحديث فإن ذلك أمر ممكن الآن ، فقد صار لدينا اليوم تراث صوتي عربي إسلامي خالص ، كتبه أساتذة فضلاء مشهود لهم بالدين والصلاح ، تخصصوا بدراسة علم الصوت الحديث ، وطوعوه لخدمة لغة القرآن ، لكن لا يزال هناك كثير مما يجب عمله لمواكبة منجزات العلم ، وفي مقدمة ذلك تأسيس مختبرات دراسة الصوت وتحليله ، إلى جانب المختبرات التعليمية للغة ، وجعلها متاحة للباحثين والدارسين والمتعلمين .
وأود أن أذكِّر الإخوة الذين لديهم اعتراضات على ذلك ، بأن تبني المنهج الصوتي الحديث في دراسة علم التجويد ، لن يؤدي إلى تغيير القراءة القرآنية ، كما أنه لن يغير من شكل هذا العلم ، ولن يؤدي إلى قطع صلتنا بمصادره الأولى ، فأكثر مباحث علم التجويد جاء علم الصوت الحديث ليؤكد صحتها ودقتها .
وإذا كانت هذه المقدمة مقبولة لديكم ، فإني سوف أعرض تعريف الصوت المجهور والمهموس عند المحدثين وعند علماء العربية والتجويد ، لنبني على ذلك مناقشة موضوع الطاء ، الذي كان محور هذه المناقشات والمحرك لها ، ثم يمكن التعريج على ما أثير من قضايا في أثناء ذلك ، إن شاء الله تعالى .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا الفاضل جزائك الله خيراً على هذه المقدّمة المباركة وأسأل الله تعالى أن يرينا الحقّ ويرزقنا اتباعه وبعد

الذي توصلنا إليه إلى الآن أنّ علم التجويد ينقسم إلى قسمين : القسم الأوّل وهو الذي يكون الخلاف فيه لفظيّ أي في المسميات والاصطلاحات فقط ولا يترتّب عليه تغيير في الصوت. وهذا النوع من الخلاف لا يضرّ كما تفضلتم وبالتالي فإنّ مجال الاجتهاد فيه مفتوح لأنّه لا يؤثّر على النطق بالحروف وما ينشأ عنها عند التركيب ولا أظنّ أنّ واحداً من أهل العلم أنكر هذا النوع من الاجتهاد. إلاّ أنّ كثرة الخوض والتوسّع فيه قد يؤدّي إلى المبالغة والخروج عن الغاية التي من أجلها ألّف القدامى كتباً في هذا المجال وهو المحافظة على النطق الصحيح ، وهذا الهدف هو الذي لا بدّ أن نجعله نصب أعيننا ولا ينبغي علينا أن نحيد عنه. مثال ذلك الإدغام في { من مال } اختلف العلماء في الغنة هل هي غنة الميم فيكون الإدغام تامّا أم هي غنة النون فيكون الإدغام ناقصاً. أقول وهو مجرّد رأي : ما هي الفائدة في الخوض والتوسّع في جمع النصوص الواردة في الباب للبحث عن الراجح في المسألة ؟ ما هي الغاية في ذلك ؟ وما هي الثمرة العملية في ذلك ؟ وهذا يقال في باقي المسائل التي لا يترتّب عليها تغيير في الصوت القرءاني كما تفضلتم في مقدّمتكم الأولى. لأجل ذلك أقول و أكرّر أنّ الأهداف تختلف بين علماء الأصوات وعلماء التجويد فقد يكون الهدف من معرفة الراجح في هذا النوع من المسائل مهمّ عند علماء الأصوات ولا يكون كذلك عند علماء التجويد. فعلماء التجويد هدفهم الحفاظ على الهيئة الصحيحة للحرف الذي نزل به القرءان وهذا هو الهدف الذي لا ينبغي لهم الخروج عنه وما سوى ذلك فهو ثنائيّ وليس أساسياً عندهم بخلاف أهداف علماء الأصوات الذي يرتكز على التدقيق بالأجهزة الحديثة وفهم كيفية حدوث الصوت في مخرجه وغير ذلك. فلماذ نُلزِم أهل الأداء بتلك الدراسات خاصّة فيما لا يترتّب تغيير في الصوت ، و يمكنهم الاستغناء عن كلّ ذلك ما دام الخلاف لفظيّ لا يمسّ النطق الصحيح الذي نزل به القرءان والذي نصّه أئمّتنا في كتبهم. والدليل على ذلك أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أقرّ بما سمعه من صحابته رضي الله عنهم عند سماعه لقراءتهم معتمداً على سمعه الطبيعي ، وكذا الصحابة والتابعون والذين من بعدهم. أقول إن كانت هذه الأجهزة الحديثة هي مجرّد اكتشاف لكيفية حدوث الصوت ويعزز دراسة علم التجويد ويسهّلها على المتعلّم ويبرز القيمة العلمية لجهود علماء التجويد ، من غير أن تغيّر شيئاً من أصول قراءة القرءان وهيئتها كما تفضلتم فهذا أمرٌ محمود لا أظنّ أنّ واحداً يعارض ذلك.وإن كانت هذه الدراسات الصوتية تعيد النظر في القواعد التي ارتكز عليها أئمّتنا وبلغوا بها الغاية القصوى في حفظ كتاب ربّها ، حتّى إن اعتبر علماء الأصوات أنّ تلك القواعد ليست دقيقة إلاّ أنّ الأئمّة اعتمدوا عليها في حفظ القرءان الكريم. فإنّ بقي القرءان صحيحاً بسبب تلك القواعد التى وضعها أئمّتنا فسيبقى كذلك بإذن الله تعالى ، وحينئذ يمكننا الاستغناء عن الدراسات الصوتية كما استغنى عنها أئمّتنا القدامى. إذن فلسنا ملزمين بهذه الدراسات لأنّنا لا نحتاجها ضرورة وإنّما هو من باب التعزيز فقط. بخلاف علم التجويد فلا يمكن لعلماء الأصوات الاستغناء عنه ، فهم الذين يحتاجون إليه وليس العكس والآن نريد قلب الموازين.

والقسم الثاني هو الخلاف الذي يترتّب عليه تغيير في أداء الحروف والكلمات فأقول وبالله التوفيق :
قراءة القرءان عبادة لأنّنا نتعبّد بتلاوته ، ونتعبّد بإخراج الحروف من مخرجها وإعطائها حقّها ومستحقها من الصفات اللازمة والعارضة ونتعبّد بترقيق المرقق وتفخيم المفخّم وإدغام المدغم وإظهار المظهر وغير ذلك وكلّ يدخل في مقتضى قوله تعالى { ورتّل القرءان ترتيلاً } وقول ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى ( من لم يجوّد القرانَ آثمُ ).
وعلى هذا الأساس فلا يجوز أن نخالف القدامى في قراءة القرءان لأنّها توقيفية ولا مجال للاجتهاد فيها إلاّ عند الضرورة.

أتأسّف عندما يستدلّ بعض إخواننا الكرام بإجماع علماء الأصوات مقابل إجماع أهل الأداء في النطق بحرف الطاء. وهل إجماع علماء الأصوات صار حجة على أهل الأداء ؟ على أيّ أساس ؟ قراءة القرءان سنة وعبادة. وقد وصل بعض إخواننا إلى الاستدلال بالخطأ تقوية لخطإ آخر ، فيقول بهذه الصراحة : " يجوز لنا أن نخالف نصوص القدامى في الضاد ما دمنا قد خالفناها في مسألة الطاء. ". أقول : أن كان الأمر كذلك فلا داعي لدراسة علم التجويد والتلقي من المشايخ ولا أدري هل هو قصورٌ في فهمي للأشياء أم أنّ العلماء ما قدّروا خطورة هذا القول. فانظر يا شيخنا إلى أبعاد هذه المسائل التي أثارها علماء الأصوات.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
ملاحظات على المقدمة التي قررها أ.د.غانم الحمد حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أستاذنا الكريم :قلتم بارك الله فيكم: الذي ترجح عندي ، وأرجو ألا أكون مجانباً للصواب هو : وجوب الإفادة من وسائل الدرس الصوتي الحديث في دراسة علم التجويد ...
وقد وقع عندي في الذي قلتم أربعة إشكالات منهجية أولها:
1- أن كتب علم الأصوات لم تُدرّس مطلقا لأهل التجويد، فكيف يمكن الاستدلال بها عليهم قبل أن تدرس وتعرف؟
2- أن دروس التجويد لاتحفل اليوم بمعامل أصوات يمارسها القراء أنفسهم ويقيمون بها حروف الهجاء ونطق الجمل،وإلى اليوم لازال يشكل على الكثيرين بعض العبارات والمصطلحات المستخدمة في علم الأصوات.
3- لاتوجد دراسة تُحرّر الحروف المختلف فيها أو طرق النطق المحررة عند أهل العلمين أهل الأصوات والتجويد.
4- لاتوجد دراسة تعمل على إيجاد قواسم مشتركة بين أرآء المختصين من كلا العلمين.

ولهذه الإشكالات، أقترح على الملتقى أن يقوم أستاذنا الكريم بتحرير القول في هذه الأمور الأربعة،
من خلال تقارير يزود بها هذا الملتقى، وفيها مايستنتجه حفظه الله من مقاربات بين علم الاصوات والتجويد،
ثم حينئذ يمكن لأهل التجويد النظر في تلك التقارير بطريقة منهجية،
ومن خلال ذلك يمكنهم دراستها وقبولها كأحكام صوتية جديدة في علم التجويد.
أخيراً: أستغفر الله من كل خطل أو زلل ... واسأله أن يوفق الجميع.
 
أتأسّف عندما يستدلّ بعض إخواننا الكرام بإجماع علماء الأصوات مقابل إجماع أهل الأداء في النطق بحرف الطاء. وهل إجماع علماء الأصوات صار حجة على أهل الأداء ؟ على أيّ أساس ؟ قراءة القرءان سنة وعبادة. وقد وصل بعض إخواننا إلى الاستدلال بالخطأ تقوية لخطإ آخر ، فيقول بهذه الصراحة : " يجوز لنا أن نخالف نصوص القدامى في الضاد ما دمنا قد خالفناها في مسألة الطاء. ". أقول : أن كان الأمر كذلك فلا داعي لدراسة علم التجويد والتلقي من المشايخ ولا أدري هل هو قصورٌ في فهمي للأشياء أم أنّ العلماء ما قدّروا خطورة هذا القول. فانظر يا شيخنا إلى أبعاد هذه المسائل التي أثارها علماء الأصوات.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد يحيى شريف الجزائري.


السلام عليكم
أخي الحبيب الشيخ محمد يحيي شريف .
لعلك تقصدني بهذا القول لأني قائل به وما زلت .

أخي الكريم ليست المسألة خطبة ألقيها والسلام ، ولكن أدلة وأنا سأكتفي بإيراد أقوال علماء التجويد .

بداية أقول : نص سيبويه :" ولولا الإطباق لصارت الطاء دالا " ننظر ماذا يقول علماء التجويد .

قال مكي:" كذلك لولا الإطباق والاستعلاء اللذان في الطاء لكانت دالا .." الرعاية صـ99 فما الفرق بينه وبين قول سيبويه أم مكي ليس من علماء التجويد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قال عبد الوهاب القرطبي :" ولولا الإطباق الذي في الطاء لصارت دالا ولولا الجهر الذي في الدال لصارت تاء فأحسن تخليصها منهما " الموضح 76 فما الفرق بينه وبين قول سيبويه أم القرطبي ليس من علماء التجويد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قال المرعشي :" .. ويفترق الطاء عن الدال بالإطباق والاستعلاء والتفخيم ، فلولا هذه الثلاثة لكانت دالا ، ولولا أضدادها في الدال لكانت طاء .." جهد المقل صـ 57 ، فما الفرق بينه وبين قول سيبويه أم المرعشي ليس من علماء التجويد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قال المقدسي في بغية المرتاد :" أما الضاد الذي يشبه الدال المخمة والطاء المهملة الذي ينطق به أكثر المصريين ولنسمه بالضاد الطائية " من كتاب الدراسات الصوتية لغانم قدوري صـ209

قال ابن الجزري في التمهيدصـ 82 :" ومنهم من لا يوصلها غلي مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة لا يقدرون علي غير ذلك وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب.." فما الفرق بينه وبين قول سيبويه أم ابن الجزري ليس من علماء التجويد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أسألك : هل خالف سيبويه أحد من علماء التجويد واللغة وعلماء الأصوات ؟؟
أليست الطاء المنطوقة اليوم مخالفة لهذه الأقوال ؟؟
هل اتضح لك إجماع القدامي في الطاء ؟؟

ولماذا ترك القراء المعاصرون العمل بنصوص الضاد الظائية رغم وضوحها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أتمني أن تجيب عن الأدلة ، وألا يكون الكلام من جهة العقل .
والسلام عليكم
 
أخي احبيب عبد الرازق أفضّل الانتظار ما سيأتي به لنا شيخنا العلامة غانم حفظه الله تعالى فإنّ الحوار معه شيق للغاية والاستفادة منه لا تقتصر على المسألة بالذات بل إلى أمور كثيرة كالأدب في الحوار ، وطريقة طرح المسائل إلى غير ذلك أسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يوفقنا للاستفادة منه ومن غيره من أهل العلم والسلام عليكم

محمد يحيى شريف الجزائري
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة الثالثة : المنهج
إخواني السلام عليكم ، وشكراً لكم على تواصلكم ، وفق الله الجميع إلى الصواب في الرأي والسداد في القول .
إن التعليقات التي تتابعت حول موضوع الطاء ابتعدت قليلا عن البحث في أصل الموضوع إلى البحث عن الأسس التي يمكن أن يُستند إليها في معالجته ، إي المنهج الذي ينبغي اعتماده في معالجة المسألة ، ولعل في ذلك خيراً يؤدي إلى تقرير بعض الحقائق التي تمنع من الوقوع في اللبس .
وسوف أقف في هذه المقدمة عند قضية المنهج ، فقد ظهر من النقاش وجود منهجين يهيمنان على تفكير المتناقشين : منهج يتقيد بالقديم كله ، ومنهج يفتح نوافذ على الحديث لإضاءة بعض جوانب الدرس القديم .
وقد أظهر النقاش وجود تشكك كبير لدى كثير من الإخوة المشتغلين بعلم القراءة من فائدة دراسة علم الأصوات اللغوية واستخدام وسائله في دراسة الظواهر الصوتية في القراءات القرآنية ، وحمل ذلك كثيراً منهم على رفض فكرة إمكانية الجمع بين العلمين ، وقد عبر أخونا محمد الجزائري عن ذلك بقوله :"وحينئذ يمكننا الاستغناء عن الدراسات الصوتية ، كما استغنى أئمتنا القدامى ، إذن فلسنا ملزمين بهذه الدراسات لأننا لا نحتاجها ضرورة ، وإنما من باب التعزيز فقط".وهذه وجهة نظر تعبر عن اعتزاز شديد بتراثنا الصوتي ، لكن ذلك في رأيي لا يمنع من النظر في الوسائل الحديثة في دراسة الأصوات وتقليب النظر فيها لاكتشاف مقدار ما يمكن أن تستفيده دراستنا لعلم التجويد منها ، وعلينا أن نفرق بين ما يدخل في دائرة الوحي المعصوم ، وما يقع في دائرة الاجتهاد البشري القابل للأخذ والرد .
وأحسب أن ما أبداه الأخ أمين الشنقيطي من الإشكالات الأربعة يعبر عن رؤية علمية للموضوع ، ويعكس واقعاً يجب عدم التغاضي عنه ، ويتلخص في وجود فجوة بين الدرس الصوتي الحديث ودارسي علم التجويد اليوم ، فأكثر دارسي الأصوات اللغوية لا يبدون اهتماماً بدراسة موضوعات علم التجويد ومعالجة الظواهر الصوتية التي ينبني عليها ، لأن أكثر أصول دراستهم غربية الجذور ، وأكثر ما يعنون به هو تقرير حقائق النطق الإنسانية العامة .
ومن الناحية الأخرى نجد دارسي علم التجويد اليوم يعتمدون على المؤلفات هذا العلم المكتوبة في القرون السابقة ، خاصة مؤلفات القرون المتأخرة ، ولم تخرج الكتب الحديثة التأليف في علم التجويد عن منهج تلك الكتب ومادتها ، وأدى ذلك إلى ترسخ القطيعة بين الفريقين ، وترك انطباعاً أن علم الأصوات مغاير لعلم لتجويد ، وعمق هذا الشعور انقطاع الصلة بين المشتغلين في هذين العلمين ، وصارت أقسام اللغة العربية تختص بدراسة علم الأصوات ، وصارت أقسام العلوم الشرعية تختص بدراسة علم التجويد ، وسار كل فريق في طريق يبتعد عن الآخر ، فأهل التجويد متمسكون بتراثهم الأصيل ، وأهل الأصوات متمسكون بالدرس الحديث ووسائله المتجددة .
وهذه حالة غير صحيحة من الناحية العلمية ، ولابد من إعادة كلا الفريقين النظر في مواقفهم ومناهجهم ، فلا يمكن لدارسي الأصوات اللغوية أن يحققوا درساً أصيلاً لأصوات العربية من غير أن تكون دراسة القرآن الكريم جزءاً من اهتمامهم ومحوراً لدراستهم . وكذلك فإن دراسة علم التجويد لا يمكن أن تستغني عن الحقائق العلمية التي كشف عنها الدرس الحديث ، والوسائل التي يصطنعها في دراسة الصوت الإنساني والكشف عن دقائقه .
وقد يقول قائلون ، كما قال أخونا محمد الجزائري : إن علماء السلف قد حافظوا على قراءة القرآن الكريم بوسائلهم ومنهجهم المبني على التلقي والمشافهة ، وأن اعتماد ذلك المنهج كفيل أيضاً بتحقق تعليم القراءة الصحيحة في المستقبل ، من غير حاجة إلى علم الأصوات ، وهذا كلام صحيح في جملته ، لكن حرمان الدارسين للتجويد من الحقائق العلمية التي كشف عنها العلم ، والوسائل الحديثة التي يصطنعها أهله ، وبقاء عدد من مسائل هذا العلم عرضة للنقاش النظري غير المبني على الأدلة ، يعد تفريطاً لا يليق بأهل القرآن الوقوع فيه ، وقد يكون حالهم في ذلك حال من يقول بإمكاننا الاستغناء عن وسائل النقل والاتصال الحديثة ، والاكتفاء بوسائل النقل التي استخدمها أجدادنا ، وإنها كفيلة بإيصالنا إلى أهدافنا ، ولو بعد حين ، وقد يشبه قولهم من بعض الوجوه قول من يدعو إلى الاستغناء عن وسائل الطب الحديثة ، والاكتفاء بوسائل أجدادنا في التطبب والاستشفاء ، وهل سيجد أحداً يقره على ذلك أو يوافقه ؟!
وفي خاتمة هذه العجالة أقول لإخواني المشتغلين بعلم التجويد وإقراء القرآن عليكم المبادرة إلى دراسة علم الأصوات اللغوية ، في مصادره العربية في الأقل ، حتى تتبينوا بأنفسكم حقيقة هذا العلم ، والآفاق التي يمكن أن يفتحها في دراسة علم التجويد ، ولا تنتظروا من المشتغلين بعلم الأصوات أن يعرضوا بضاعتهم عليكم بالأسلوب الذي يقنعكم تماماً ، فقد يمضي وقت طويل قبل أن يتحقق ذلك ، ويمكن الاستئناس ببعض الأعمال الرائدة في هذا المجال كتبها أناس جمعوا بين العلمين ، وأحاطوا بالثقافتين ، فإذا وقف الدارس على حقائق علم الصوت ودقائقه فإنه سوف يجد متعة في إعادة قراءة كتب علم التجويد في ضوء هذه الحقائق من ناحيتين في الأقل ، الأولى : أنه سوف يكتشف مقدار ما حققه علماء التجويد وعلماء اللغة العربية في دراسة علم الأصوات بوسائلهم الذاتية ، والثانية : أنه سوف يجد في تلك الحقائق ما قد يصحح بعض الأفكار ، ويرجح بعض الأحكام ، ويوضح بعض ما يحيط به الغموض.
وإني إذ أقول ذلك فإني لا أنطلق من فراغ ، فلي في ذلك تجربة حاولت فيها أن أمحو ما بين العلمين من فجوة ، وإزالة ما بين المشتغلين بهما من جفوة ، بقدر ما تيسر لي ، وعسى أن تجد هذه الدعوة قبولاً ، فيتقدم شباب قد أتقنوا علم القراءات رواية ، وأحاطوا بها دراية ، فيدرسوا علم الأصوات اللغوية بأحدث مناهجه ، وأرقى وسائله ، لا من أجل أن يخبرونا بجدوى مثل هذه الدراسة ، ولكن ليعلمونا كم سيكون ذلك نافعاً ومفيداً وممتعاً ، ويطبقوا ما درسوه على ظواهر القراءة ومسائل علم التجويد ، ولا يبقى بعد ذلك حائل يفصل بين العلمين ، أو موقف يفرق جمع المشتغلين بهذين العلمين ، والمبادرة مطلوبة ، والهدف يستحق الجد والاجتهاد لخدمة هذا العلم الشريف .
وإذا لم يثقل عليكم حديثي ، ولقي بعض القبول منكم ، فإني سوف أعود إلى معالجة موضوع صوت الطاء ، إن شاء الله تعالى .
 
أشكر الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد على أجوبته العلمية الموفقة ، التي تدل على أدب علمي رفيع ، وبعد نظر في التعامل مع هذه المسألة وغيرها . وليت الإخوة الفضلاء يستجيبون لهذه الدعوة التي فتحتم بابها بدراساتكم القيمة يا أبا عبدالله وأهمها كتابكم الرائع (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد) وكتابكم الآخر (علم التجويد دراسة صوتية ميسرة) وكتابكم في (علم الأصوات) وغيرها من البحوث القيمة التي كتبتموها .
وقد قرأت بعض كتب الأصوات الحديثة للدكتور إبراهيم أنيس وغيره فلقيت فيها علماً جديراً بالعناية من قبل أهل القرآن ، وليت هذه الهوة بين العلمين تردم بإذن الله بجهود المخلصين من المتخصصين في العلمين ، وإني أفكر في إقامة دورة علمية في هذا يلتقي فيها المتخصصون في علم التجويد والأصوات معاً لطرح ما لديهم حول هذا . ولعلها تكون بإذن الله في هذا الملتقى في فرصة قادمة بإذن الله .

في 16/6/1428هـ
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

شيخنا العلامة بارك الله فيكم على هذا الكلام الراقي والمفيد وإن كان المدح لا يفيد إذا كان الممدوح في غنىً عن ذلك كما قيل :

على أنّه من كان شمساً مقامُه......فلا المدح يُعليه ولا الذمّ ضائرُ


اسمحلي يا شيخنا على هذه الوقفة اليسيرة والتي تتعلّق بتشبيهكم للدراسات الصوتية بوسائل النقل والطب الحديث لأهمّية ذلك عندي قبل الخوض في مسألة الطاء لأنّه كلّما كانت المقدّمات واضحة كان الموضوع كذلك لأنّ المقدّمات تكيّف الموضوع وتضبطه بدايةً مّما يجعلنا لا نحيد عنه. فأقول وبالله التوفيق :
إنّ وسائل النقل الحديثة هدفها الوصول إلى المكان المقصود في أقرب وقت ، ووسائل الطبّ الحديثة هدفها الاكتشاف السريع للأمراض ومعالجتها بطرق فعاّلة. وهذه النتائج لم تتوصّل إليها البشرية في العصور القديمة.
السؤال : ما هو الهدف من الدراسات الصوتية ؟ ومن المعنيون بهذه الدراسات ؟
المعنيون هم علماء التجويد وعلماء الأصوات.
فهدف علماء التجويد هو صيانة النطق الصحيح للقرءان الكريم. وهل وصلوا إلى هذه الغاية ؟ لا شكّ أنّهم وصلوا إلى تلكم الغاية وهذا لا يحتاج إلى أدلّة تثبت ذلك. وهذه الغاية هي التي حملت الأئمّة على التدوين في علم التجويد فبيّنوا مخارج الحروف والصفات وما ينشأ عن ذلك. فإن وصلوا إلى هذه الغاية فلا بدّ أن نقتفي آثارهم و نقتديَ بهم إن كان الهدف من التجويد صيانة القرءان من اللحن أي هدفاً شرعياً ، ونحن نعلم جميعاً أنّنا لن نسبقهم في هذا المجال ولو بالوسائل الحديثة. أمّا إذا أردنا أن نعطي للتجويد صبغة أخرى وهو التدقيق في أصوات الحروف ممّا يخرج عن الهدف الأساسيّ الذي حمل القدامى على التأليف أو توسيع دائرة البحوث لأهداف تتجاوز الهدف الشرعيّ الذي اقتصر عليه الأئمّة ، فحينئذ لا بدّ من فصل العلمين لاختلاف الأهداف ، وأخشى أن يتوسّع علماء التجويد فيما لا علاقة له بالهدف الشرعي. مثاله : إن كانت نصوص القدامى تكفي للحفاظ على النطق الصحيح لحرف من الحروف وتضمن بقاء هيئته الأصلية الصحيحة بالإضافة إلى التلقي من المشايخ ، فالغاية متحققة بالنسبة لعلماء التجويد. فإن كانت الغاية أوسع من ذلك فإنّها تخرج عن المجال الذي من أجله أُبْرِزَ علم التجويد في القرون المتقدّمة.
وللحفاظ على هذا الجوهر وهو الهدف الشرعي لا بدّ من من فصل العلمين في نظري وهو مجرّد رأي.
أعزّز كلامي هذا بما يلي فأقول : مخارج الحروف والصفات والقواعد التجويدية بُنيت على ما نطق به أفصح جيل في التاريخ الإسلامي فكلّما كان الكلام فصيحاً كانت القواعد التي ارتكزت على الكلام الفصيح في غاية الجودة. أمّا الدراسات الصوتية فهي بُنيت على نطق غير فصيح مقارنة بالنطق القديم لا سيما الأعاجم والعوام باختلاف لغاتهم ولهجاتهم. وعلى ما سبق لا يمكن مقارنة النتائج التي بُنيت على نطق المعاصرين بالنطق الفصيح الذي كان عند العرب خاصّة. ولا يمكننا ضبط الفصيح إلاّ بالنصوص القديمة.

شيخنا العلامة ، لكلّ علم تراثه ، ومهما مرّ الزمان فالعلماء مجبورون بالعودة إلى تراثهم ، لا أتوقع تجديد سنة من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام أو وجود مجدّد لهذه الأمّة من غير الاعتماد على التراث القديم. فكلّ من وصِف بالتجديد للعلوم الشرعية ووصل أعلى مراتب الدراية إلاّ وتجده منكباً على التراث القديم وما وصل ابن الجزري إلى مرتبته إلاّ باعتماده على المصادر القديمة التي نقل منها القراءات وما وصل غيره كالأزميري والمتولّي والضباع والمرعشي إلاّ بذلك. وحتّى المحققين في علم التجويد والقراءات لا يمكنهم الاستغناء عن ذلك التراث لتحقيق أيّ مسألة من المسائل. أقول : إنّ خلط علم التجويد بالدراسات الصوتية الحديثة يودّي إلى استعمال المصطلحات الجديدة ، وهي مع مرّ الزمان ستقوم مقام ما اصطلح عليه القدامى ويُتوقّع توسّع في هذه المصطلحات الذي يفضي إلى فصل علم التجويد في المستقبل عن التراث القديم حيث لو تغيّرت الاصطلاحات فإنّه من الصعب التأقلم من جديد مع التراث القديم ، وإذا وصل الأمر إلى هذا الحدّ فيصعب الرجوع إلى التراث القديم عند تحقيق أيّ مسألة من المسائل. والمتأمّل في جميع العلوم الشرعية يجد أنّ المعاصرين ما غيّروا اصطلاح من تقدّمهم من أهل العلم في علم الأصول والحديث والفقه واللغة فكيف بنا نريد تغيير هذه المصطلحات مّما لا تاتي بثمرة عملية ملموسة.

أكتفي بهذا القدر وأرجوا ألاّ يضيق صدركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد يحيى شريف الجزائري
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فخيراً سمعنا من أستاذنا الكريم الكبير الأستاذ الدكتور غانم الحمد حفظه الله وبارك في علمه،
وإننا في هذا الملتقى لفي شوق إلى سماع تفاصيل الفروق الدقيقة بين القراء وأهل الأصوات،
لذا أرجو من جميع الإخوة فتح صدورهم لهذه الفروق المستخلصة من هذه الدروس المهمة لأستاذنا الكريم.
وأتمنى على أستاذنا المبارك ان يراعي في ترتيب مايطرحه من الصفات أو المخارج ترتيب المقدمة الجزرية لتسهل المتابعة معه...
كما أذكر الإخوة بأن هذه الدروس الصوتية هي من الأساليب المفيدة جدا في تصحيح مخارج الحروف وصفاتها لدى الطلبة.
وأنا أقول بحسب تجربتي المتواضعة في تدريس الطلاب كنت أتناول هذا الموضوع بمقدمة بسيطة فأعرف المخرج:
بأنه المحل الذي يخرج منه الحرف أو الجهة التي يتجه إليها،
والصفة بأنها هي الكيفية التي نسمع بها الحروف الهجائية، كأن نسمع صوتا عاليا فنسميه تفخيما، أو ضعيفا فنسميه ترقيقا.
ثم اسرد بقية الصفات بحسب الكيفية التي تسمع بها ...
وكان قصدي من هذا التقريب البسيط أن يستفيد الطلبة من هذه الدروس المفيدة،وقد شعرت بقربهم من هذا العمل البسيط.
ونحن اليوم في حاجة إلى درس في المخارج والصفات من أستاذ كبير نقدره ونحترمه... والله الموفق...
 
السلام عليكم
الإخوة الأفاضل قبل الحديث علي التقارب بين العلمين نطرح مسائل الخلاف بين العلمين ثم ننظر :

هل من الممكن التقارب أم لا ؟

والقضايا الخلافية ـ بالنسبة للأحرف ـ هي :

1. قضية الهمزة : والخلاف في جهريتها ومن علماء الأصوات من يقولون بعدم وجود الهمزة القديمة
2. قضية القاف : وعلماء الأصوات يقولون : إن القراء اليوم ينطقونها مهموسة . وينكر القراء ذلك .
3. قضيتي الجيم والكاف : علماء الأصوات ينكرون هذين الحرفين الموجودين عند القراء وذهبوا مذاهب شتي
4. قضية الطاء : علماء الأصوات يقولون : الضاد الحالية (مفخم الدال ) هي الطاء القديمة ، والقراء ينكرون ذلك .
5. قضية الضاد الظائية : وهناك قلة من القراء يقولون بالضاد الظائية ، ويختلفون مع علماء الأصوات في وضع مقدمة اللسان .
علماء الأصوات : طرف اللسان فوق الثنايا .
والقراء يقولون : لا علاقة لطرف اللسان مع الثنايا .

وأكثر القراء يقولون ببطلان الصلاة لمن قرأ بضاد هؤلاء القراء ؟ أو بضاد علماء الأصوات ويسمونها ضادا ظائية ؟؟؟

هل يمكن التقارب في ظل هذا الخلاف ؟؟
هذا ما ننتظره من القراء وعلماء الحديث وسماع وجهات النظر من الطرفين .

فإن حدث تقارب نتحدث عن الخلاف بين الطرفين في الصفات
ونتمني من الإخوة التريث في قضايا التقارب .
والسلام عليكم
 
أصوات القلقلة

أصوات القلقلة

أساتذتي وشيوخي الأفاضل
لي بحث عن أصوات القلقلة كنت قد قدمته إلى الأستاذ الدكتور كمال بشر أثناء دراستي بالسنة التمهيدية للماجستير ، تناولت فيه الاختلاف الدائر بين علماء الأصوات المحدثين وعلماء التجويد أنصار البحث الصوتي القديم ، وذلك من خلال عرض أصوات القلقلة .
تناولت فيه :
- مفهوم الجهر والهمس بين سيبويه وعلماء الأصوات ، بما يثبت عبقرية سيبويه .
- تفسير القلقلة في أصوات (قطب جد) .
- الاختلاف حول مسألة الجهر والهمس في القاف والطاء والهمزة .
- ادعاء علماء الأصوات أن صوت الجيم الفصيحة صوت مركب (انفجاري - احتكاكي) ورمزهم له بالرمز [dj] .
- الفرق بين الطاء المجهورة التي تكلم عنها سيبويه ، والضاد الحديثة مطبق الدال .

وعدة أفكار أخرى ..
وأشتغل الآن بتهذيب هذا البحث وتأكيد بعض الحقائق الواردة فيه ، على أن أقوم بإرساله لمن أراد عن طريق البريد الإلكتروني ؛ لصعوبة عرضه كله في الملتقى لطوله (تجاوز 50 صفحة) .
 
السلام عليكم
أ.أحمد عطية
جزاك الله خيرا علي ما قدمت في هذه المسألة .

وهناك نقطة اختلاف أيضا ((بين القائلين بالضاد الظائية )) في مسألة وضع طرف اللسان ، فعلماء الأصوات يجعلون الطرف فوق الثنايا العيا .

والشيخ الجوهري كان يقول : إن طرف اللسان لا دخل له بالموضوع وابن الجزري لم يتحدث عن موضع الطرف .

أقول : هل هناك نص قديم يوضح وضع طرف اللسان عند النطق بالضاد الشبيهة بالظاء ؟؟

أم هو من مفهوم النص ـ بمعني أن القول باستطالة الضاد حتي اتصلت بمخرج اللام هو الذي دفعهم للقول إن وضع الطرف فوق الثنايا ؟؟

وهل الاستطالة استطالة صوت أم مخرج ؟؟

مع ملاحظة الاختلاف بينهما في النطق عمليا ، فقد قرئتُ علي الشيخ الجوهري أكثر من نصف القرآن بالضاد الظائية ،، وسمعت د/ جبل ينطقها بخلاف نطق الشيخ الجوهري ،، وسمعتُ أحد طلبة د/ رمضان عبد التواب ينطقها مثل نطق د/ جبل .

وشكر الله لكم وجزاكم خيرا
والسلام عليكم
 
أستاذي الفاضل عبد الحكيم
السلام عليكم

ما تناولته في بحثي هو كل ما له علاقة بالقلقلة فقط ، فتناولت الضاد لمناقشة ما إذا كانت تدخل تحت أصوات القلقلة أم لا ، ولم أتطرق للحديث عن الضاد الظائية وهل وردت القراءات القرآنية بها أم لا ..

لكن في رسالة لي أعدها قريبا إن شاء الله سأتناول بالتفصيل كل مواطن الخلاف بين القدامى والمحدثين في مخارج الحروف وصفاتها ، وهي على سبيل الإجمال :
1- المصطلحات : الهمس والجهر ، والشدة والرخاوة والتوسط والانفجارية والاحتكاكية .
2- الهاء .
3- الهمزة .
4- العين .
5- الغين والخاء .
6- القاف .
7- الجيم .
8- الضاد .
9- الطاء .

وليس الاختلاف بين القدامى والمحدثين مقتصرا على أصوات الهمزة والقاف والطاء والضاد فحسب ، بل إنهم مختلفون أيضا على الخاء والغين مثلا ، وبعض علماء الأصوات يجعلون مخرجهما بعد القاف لا قبلها ، وبعضهم يجعلهما بعد الكاف أيضا .... إلخ .


وبالنسبة للضاد الظائية فأستاذنا الدكتور عبد الصبور شاهين يرى أنها هي الضاد الفصيحة

لكن الأمر يحتاج إلى دراسة عميقة ، ويحتاج إلى مناقشة للأدلة التي استشهد بها أنصار الضاد الظائية
أسأل الله أن يوفقني في ذلك
والله المستعان
 
الإخوة الذين يكتبون في الفرق بين التجويد وعلم الأصوات:
هناك أسئلة حول موارد العلمين،هل هي واحدة، أو هناك اختلاف ...؟
وعن طريقة العمل بالأحكام هل هي واحدة لدى أهل العلمين....؟
أي هل أهل الأصوات لديهم كتب عملية خاصة للتطبيق عليها كما هو الحال بالنسبة لأهل التجويد...أقصد جلسات تطبيقية مقررة خلال فترات التعليم وبعدها؟
وهناك أمر هام أيضاً هل يطالب أهل الأصوات الناس بتجويد هذه الحروف في القرآن،أو غيره؟
ثم هل أهل الأصوات يعترفون بتجويد حروف القرآن على طريقة أهل التجويد؟؟ أو على طريقتهم؟
وفي انتظار الخروج إن شاء الله برؤية متكاملة في المسألة من الجميع.
تنبيه: من المهم جدا الإشارة إلى كتاب (أبحاث في علم التجويد للدكتور غانم قدوري حفظه الله)
الذي يتناول هذا الموضوع بطريقة منهجية فائقة، فهو يشتمل على ستة أبحاث مهمة حول: علم التجويد ونشأته،مناهج كتب تعليم قواعد التلاوة،إخفاء النون حقيقته الصوتية،وطريقة أدائه لدى القراء المعاصرين،إخفاء الميم في النطق العربي،قضية الضاد العربية،علم التجويدنشأته ومعالمه الأولى.
أخيراً هذه الكتاب الجميل مازالت في طور قراءته بتأن وتأمل ، للتعرف على هذه المباحث الستة التي يدرسها. والله أعلم.
 
إهداء إلى الدكتور أمين الشنقيطي

إهداء إلى الدكتور أمين الشنقيطي

السلام عليكم وبعد
فإني انقطعت عن متابعة الموضوع ، وليس ذلك بسبب عدم الرغبة في المتابعة أو بسبب نفاد ما في الجعبة ، ولكن بسبب مشاغل ملحة منعتني من ذلك ، وأرجو أن أتمكن من المتابعة المتواصلة في المستقبل القريب ، ولفت نظري ما عرضه الأخ الدكتور أمين حول العلاقة بين علم الأصوات وعلم التجويد ، وإشارته إلى كتابي : أبحاث في علم التجويد ، وأردت أن أعَجِّلَ في تلبية دعوته ، مع يقيني أن ما بدأته في الكتاب المذكور وغيره ليس نهاية الشوط ، بل هو بدايته ، وترسخت لدي القناعة أن أولى من يمكن أن يضطلع بهذه المهمة مَن جَمَعَ بين علم القراءات رواية ودراية ، وعلم الأصوات في مصادره الأصلية ووسائله الحديثة المتطورة ، وعسى أن يخرج من جيل الشباب رواد في الميدان . ولكني الآن أسهم في المناقشات وأعرض بضاعتي المزجاة ، والله الموفق .
وكنت قد كتبت مقالاً إجابة لسؤال عن العلاقة بين علم التجويد وعلم الأصوات ، أحاله عليَّ الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري المشرف العام ، من سائل قبل أكثر من سنة ، ولا أذكر أنه نشر على صفحات الملتقى ، وأجد من المناسب عرضه هنا ، وسوف ألبي رغبة الدكتور أمين في دراسة باب من مخارج الحروف على وفق ترتيب موضوعات الجزرية ، من خلال معطيات علم الأصوات اللغوية .
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين علم الأصوات وعلم التجويد
إن تدريس هذين العلمين في الجامعات العربية في زماننا يترك انطباعاً بأنهما علمان مختلفان ، فعلم الأصوات اللغوية يُدَرَّسُ في أقسام اللغة العربية في كليات الآداب والتربية ، وكذلك في أقسام اللغات الأجنبية ، بوصفه من علوم اللغة ، بينما يُدَرَّسُ علم التجويد في أقسام العلوم الإسلامية ، بوصفة من علوم القرآن ، وهناك شبه جفوة بين القائمين على تدريس هذين العلمين ، في المناهج والوسائل ، بسبب عوامل تاريخية أدت إلى هذه الحالة.
لكن هذه الصورة لا تعبر عن الحقيقة العلمية لهما ، ولا تعكس الأصول المشتركة التي تربطهما ، ولإيضاح العلاقة بين العلمين وبيان مدى اتفاقهما واختلافهما ينبغي التعريف بالعلمين ، وتاريخ كل منهما ، والموضوعات التي يتناولانها ، بقدر ما تسمح به هذه العجالة .
أما علم التجويد : فإنه ظهر علماً مستقلاً في تراثنا العربي الإسلامي في القرن الخامس الهجري ، حين تمكن علماء قراءة القرآن من استخلاص المباحث الصوتية من كتب علماء العربية ووضعها في إطار علم جديد ، أُطْلِقَ عليه هذا الاسم منذ ظهور المؤلفات الأولى فيه ، مثل كتاب ( الرعاية لتجويد القراءة ) لمكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة 437هـ ، وكتاب ( التحديد في الإتقان والتجويد ) لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى سنة 444هـ .
وتتابع التأليف في هذا العلم في الحقب اللاحقة لظهور مؤلفاته الأولى ، ولم ينقطع التأليف فيه حتى وقتنا الحاضر ، وقد تنوعت مناهج التأليف فيه وأساليبه بين النظم والنثر ، والإيجاز والتفصيل ، والابتكار والتقليد ، وكانت السمة الغالبة على تلك المؤلفات المحافظة على صورته الأولى ، مع إضافات متميزة لبعض علماء التجويد في بعض العصور ، لكن ذلك لم يغير من صورته التي استقر عليها .
أما علم الأصوات : فيُعَدُّ من العلوم اللغوية الحديثة في العربية ، وظهرت بوادر التأليف فيه في العربية على يد المستشرقين في النصف الأول من القرن العشرين ، لكن أول مؤلف كُتِبَ فيه بالعربية في العصر الحديث هو كتاب " الأصوات اللغوية " للدكتور إبراهيم أنيس ، الذي صدرت طبعته الأولى في القاهرة سنة (1947) ، وتوالت المؤلفات فيه وتكاثرت بعد ذلك ، وغلب على تلك المؤلفات الاعتماد على الدراسات الصوتية الغربية ، وترجمة نتائج تلك الدراسات إلى العربية ، مع الإشارة إلى جهود علماء العربية مثل الخليل وسيبويه وابن جني في ميدان دراسة الأصوات ، لكن جهود علماء التجويد على ضخامتها لم تحظ بالعناية منهم ، بل إنها تكاد تكون مجهولة في الكتابات الصوتية العربية الحديثة والمعاصرة .
وتقدمت دراسة الأصوات اللغوية في العقود الأخيرة لدى الغربيين ، واستفادت كثيراً من مختبرات الصوت والأجهزة الحديثة التي تستعمل في دراسة الصوت وتحليله ، وتنوعت مناهج تلك الدراسة ووسائلها وموضوعاتها ، وتمخض عن ذلك ثلاثة فروع لعلم الأصوات ، هي :
(1) علم الأصوات النطقي ، ويعنى بعملية إنتاج الصوت اللغوي .
(2) علم الصوت الفيزياوي ، ويعني بطبيعة الصوت الإنساني ، وكيفية انتقاله من مصدر التصويت إلى أذن السامع .
(3) علم الأصوات السمعي ، ويعنى بكيفية إدراك الإنسان للصوت اللغوي.
وانعكست آثار ذلك التقدم في دراسة الأصوات اللغوية على كتابات الأصواتيين العرب ، وظهر عدد من المؤلفات التي تستند إلى ما تحقق من تقدم في مجال دراسة الأصوات ، لكن دراسة علم التجويد ومؤلفاته في العصر الحديث ظلت في معزل عن ذلك كله ، ومن هنا صار يُنظر إلى العلمين كأنهما مختلفان موضوعاً ومنهجاً ، لكنهما في الحقيقة من وادٍ واحد ، ويؤولان إلى أصل واحد ، ولعل في النظر في تاريخ العلمين وطبيعة كل منهما والموضوعات التي يتناولانها ما يؤكد ذلك ، وهذه نظرة سريعة في تلك الجوانب :
(1) النشأة : إن "علم التجويد" أقدم نشأة من (علم الأصوات) بما يقرب من عشرة قرون ، فالمؤلفات الجامعة في علم التجويد ظهرت في منتصف القرن الخامس الهجري ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار سبق الغربيين إلى تأسيس علم الأصوات الحديث منذ القرن السابع عشر أو القرن الثامن عشر ، فإن علم التجويد يظل أقدم نشأة منه بستة قرون أو سبعة قرون .
(2) التسمية : إن مصطلح " علم التجويد " استعمل للدلالة على المباحث الصوتية المتعلقة بقراءة القرآن الكريم ، وكانت تلك المباحث مختلطة بالمباحث النحوية والصرفية لدى علماء اللغة العربية ، ولم يفردوها بمصطلح خاص أو علم مستقل ، وقد حاول ابن جني ذلك في كتابه ( سر صناعة الإعراب ) حين عبَّر عن موضوع الكتاب بـ ( علم الأصوات والحروف ) ، لكن من جاء بعده من علماء العربية لم يوفقوا في استثمار تلك اللمحة من ابن جني والبناء عليها ، حتى تمكن علماء قراءة القرآن بعده من استخلاص المباحث الصوتية من كتب علماء العربية ، وأفردوها في كتب خاصة ، واختاروا لها تسمية جديدة ، كانت في أول الأمر تتكون من عنصرين : الأول المخارج والصفات ، والثاني التجويد والإتقان ، فسمَّى مكي بن أبي طالب كتابه " الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة بعلم مراتب الحروف ومخارجها وصفاتها وألقابها " ، لكن معاصره أبا عمرو الداني سمى كتابه " التحديد في الإتقان والتجويد " ، ثم غلبت كلمة التجويد في عناوين الكتب التي ألفها العلماء في العلم من بعدهما .
أما مصطلح " علم الأصوات اللغوية " فإنه مصطلح جديد ، استعمله المتخصصون بعلم اللغة العربية في العصر الحديث ، وجاء ترجمة للمصطلح الغربي الدال على هذا العلم ، ودرسوا تحته مباحث صوتية قديمة سبق إلى دراستها علماء العربية والتجويد ، ومباحث صوتية جديدة نقلوها من الدرس الصوتي الغربي ، على نحو ما يتبين في الفقرة الآتية .
(3) الموضوعات : تتلخص موضوعات علم التجويد في ثلاثة أمور ، هي :
أ: معرفة مخارج الحروف .
ب: معرفة صفات الحروف .
ج: معرفة الأحكام الناشئة عن التركيب ، مثل الإدغام والإخفاء ، والترقيق و التفخيم ، والمد والقصر ، وغيرها من الموضوعات الصوتية المتعلقة بقراءة القرآن الكريم .
وتعد هذه الموضوعات من أهم موضوعات علم الأصوات اللغوية المعاصر ، لكن هذا العلم يدرس اليوم إلى جانب ذلك موضوعات أخرى بعضها يتعلق بعلم الأصوات النطقي ، مثل آلية إنتاج الصوت اللغوي ، والمقطع الصوتي ، والنبر والتنغيم ، وبعضها يتعلق بعلم الصوت الفيزياوي وعلم الصوت السمعي ، وبعض هذه الموضوعات الصوتية الحديثة مما يحتاج إليه دارس علم التجويد ، لو أتيح له الاطلاع عليها .
(4) المصطلحات : يستخدم علم أصوات العربية المعاصر معظم المصطلحات الصوتية التي استخدمها علماء العربية والتجويد ،وقد فضَّل بعض الدارسين مصطلحات عربية جديدة جاءت ترجمة للمصطلحات الصوتية الغربية ، ففي الوقت الذي استخدم فيه معظم المحدثين مصطلح المجهور والمهموس ، فإن بعضهم آثر مصطلح الانفجاري والاحتكاكي بدلاً من الشديد والرخو ، ولا يزال موضوع المصطلح الصوتي عند المحدثين من الموضوعات التي يكثر فيها الاختلاف والاضطراب ، لاسيما في التعبير عن المفاهيم الصوتية الحديثة ، وبعض ذلك راجع إلى عدم اطلاع الأصواتيين العرب المحدثين على كثير من التراث الصوتي عند علماء التجويد .
(4) وسائل الدراسة : اعتمد علماء العربية الأوائل وعلماء التجويد على الملاحظة الذاتية والتجربة الشخصية في دراسة الأصوات ، ولا تزال هذه الوسيلة من الوسائل المهمة في الدرس الصوتي الحديث ، لكن التقدم العلمي قد وضع في أيدي علماء الصوت وسائل جديدة تعتمد على الأجهزة الحديثة ، وتمكنوا من خلالها من إحراز تقدم هائل في فهم الصوت اللغوي والكشف عن أسراره ، ولا يستغني المشتغلون بعلم التجويد وتعليم قراءة القرآن من الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة ، إذا ما توفرت المستلزمات الضرورية لذلك .
ويبدو من خلال هذا العرض الموجز أن أصل العلمين واحد ، وأن الموضوعات التي يدرسانها واحدة ، سوى أن علم التجويد يركز على المباحث الصوتية التطبيقية المتعلقة بقراءة القرآن ، وأن علم الأصوات يعنى بكل المباحث المتصلة بأصوات اللغة ، وأحسب أن ما يبدو من اختلاف بين العلمين في بعض الموضوعات والمصطلحات والوسائل إنما هو خلاف شكلي سوف يتلاشى في المستقبل القريب ، إن شاء الله تعالى ، بسبب زوال الموانع بين المشتغلين في ميدان التجويد والمشتغلين بعلم الصوت الحديث ، وحرص الكثير منهم على خدمة القرآن الكريم بأحدث ما وصل إليه العلم ، مع عدم التفريط بثوابت القراءة القرآنية .
20/4/2006
 
السلام عليكم
جزاك الله خيرا استاذنا الجليل أحمد عطية ، ونسأل الله أن يتم لكم بحثكم

أما ما تسائل فيه البعض بقولهم : ((هل هي واحدة، أو هناك اختلاف ...؟
وعن طريقة العمل بالأحكام هل هي واحدة لدى أهل العلمين....؟
أي هل أهل الأصوات لديهم كتب عملية خاصة للتطبيق عليها كما هو الحال بالنسبة لأهل التجويد...أقصد جلسات تطبيقية مقررة خلال فترات التعليم وبعدها؟

وهناك أمر هام أيضاً هل يطالب أهل الأصوات الناس بتجويد هذه الحروف في القرآن،أو غيره؟
ثم هل أهل الأصوات يعترفون بتجويد حروف القرآن على طريقة أهل التجويد؟؟ أو على طريقتهم؟))

أقول ـ مستعينا بالله ـ : رغم أن المنبع واحد إلا أن علم الأصوات أوسع دائرة من علم التجويد ، حيث يهتم علماء الأصوات بحروف جميع اللهجات العربية وأحيانا يتطرقون لمقارنة أصوات الحروف العربية بالحروف الغير عربية ، ويقتصر علماء التجويد علي الحرف المقروء به في القرآن فقط .

وقد يغتر البعض بتشابه العلمين لأنهما يبحثان في الحروف العربية ، ولكن الحقيقة أن النتيجة التي توصل إليها الفريقان تعدّ مختلفة في الحروف التي ذكرناها ، وقد تحدثت مع دكتور في كلية علوم القرآن ـ ممن تأثروا بعلم الأصوات ـ يقول الدكتور: إن الجيم المصرية الني ينطقها العوام هي الجيم الفصحي . وكذا قال في الحروف السابقة .

فقلت له : فلم لم يقرأ بها القراء منذ القدم في مصر ؟ ثم إن عوام الناس يأتون بجيم قريبة من الشين ـ ويسمونها تعطيشا ـ بدلا من النطق بالجيم المصرية . وهذا دليل علي أن العوام في قرارة أنفسهم يشعرون بخطأ الجيم المصرية في القرآن.

وقلت له : إن القراء عندهم قاعدة ألا وهي (( ماعليه عمل القراء ، أو ما استقر عليه العمل )) حتي ولو كانت تخالف النصوص (وذكرت أدلتي ) . وقد قدمت الأدلة علي ذلك في مداخلات أخري .
فكان الجواب : سوف نبحث في هذا الأمر .

وكنتُ ممن تعجبوا بمناداة البعض بإنشاء معامل للأصوات ..... سبحان الله ـ وكيف قرأ أصحاب الجيل السابق علي الأقل ؟ وكيف قرأ قراؤنا ؟ وكيف قرأنا نحن ؟؟ هل احتجنا لمعامل ؟؟

بل الصحيح أن يعتمد علماء الأصوات علي ما عليه القراء ، لأن السلسة متصلة بين القراء وبين أصحاب اللسان العربي السليم ، بينما لم يتوفر ذلك لعلماء الأصوات حيث توجد فجوة بينهم وبين اللسان العربي السليم وقد أحسن ا.د عبد الصبور شاهين عند ما قال في كتابه ـ علم الأصوات ـ :" ...فإن صوتي الطاء والقاف يكونان قد تعرضا للهمس خلال القرون وصارا ينطقان بوصفهما الجديد مهموسين ،عند قراء القرآن وهم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحي "ا.هـ صـ112

ولسنا بصدد التحدث عن أوجه الاتفاق ، بل لا بد أن يكون الحديث عن أوجه الخلاف حتي نستطيع إنجاز الموضوع إما إيجابا أو سلبا ، فالنتيجة الحتمية التي سوف نصل إليها عاجلا أو آجلا ...مَن يتبع مَن في الأحرف المختلف فيها ؟؟؟

وقد علمت أن أ.د محمد حسن حسن جبل ـ من علماء الأصوات المشهوريين ويدرس في كلية القرآن الكريم حاليا ـ ذهب للشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف ـ تقريبا انتهت إله رئاسة الإقراء في مصر ـ ليحدثه عن الضاد الظائية ، فاحتج عليه الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف بأن هذه الضاد هي التي قرأ بها عن شيوخه . .. فانصرف د/ جبل غاضبا .

أقول : ماذا لو احتججنا بهذا علي علماء الأصوات في الحروف المختلف فيها بين القراء ؟؟؟
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي عبد الحكيم عبد الرازق .. جزاكم الله خيرا على هذا الأدب الجمّ ، ولستُ أستاذا لأحد ، فإنما أنا طالب علم في مبتدأ الطريق ولم أبلغ الرابعة والعشرين من عمري .


أولا :- من احتكاكي بالعديد من علماء الأصوات لم أجد - وللأسف - لدى بعضهم دراية بعلم التجويد والقراءات ، وهذا من أكبر ما يؤخذ على بعضهم .


ثانيا :- يجب أن يتذكر إخواننا العاملون في حقل التجويد أن علم التجويد في أساسه مبنيّ على ما قاله الخليل وسيبويه في علم الأصوات ، وهذا يؤكد ضرورة رجوعهم إلى اللغويين وكتبهم ، ولا فرق بين الخليل وسيبويه في القديم وعلماء الأصوات في الحديث إلا في المنهج - وهذه نقطة في غاية الأهمية - فمنهج سيبويه هو "المنهج المعياري" ويُعنى هذا المنهج بوضع القواعد وتحديد الصحيح وغير الصحيح ، وهذا واضح من تقسيم سيبويه الأصوات إلى : مستحسنة وغير مستحسنة ، والذي دعاه إلى اتباع هذا المنهج هو غرض المحافظة على أصوات اللغة العربية وعلى قراءة القرآن الكريم . أما علماء الأصوات المحدثون فيفضلون الاعتماد على "المنهج الوصفي" ويُعنى هذا المنهج بوصف الواقع فعلا ولا يُعنى بوضع القواعد ولا التمييز بين الصحيح وغير الصحيح .. وهذا هو أصل الاختلاف بين اللغويين القدامى والمحدثين ، فالمحدثون ينظرون إلى الأصوات كما هي ويرصدون صور النطق المختلفة للحرف الواحد ولا يلجئون إلى تحديد الفصيح وغير الفصيح كما فعل القدامى . وتبعا لهذا ارتضى بعض علماء الأصواتِ الأصواتَ المتطورة ولم يروا فيها إضعافا للصوت الأصلي قبل التطور .


ثالثا :- أما اعتماد علماء الأصوات المحدثين على الآلات والمعامل في دراستهم ، فإن المؤكد - باعترافهم - أن آلة عالم الأصوات ووسيلته الأولى هي الأذن .. الأذن المدربة .. أما الأجهزة المعملية فيلجأ إليها لتأكيد النتائج فحسب ، ولو توفرت هذه الأجهزة لسيبويه لما تأخر في الاعتماد عليها .


رابعا :- الهوة بين علم التجويد وعلم الأصوات : هي هوة مصطنعة ، وسببها :
* الظن بأن بين المصطلحات القديمة والحديثة تعارضا ، كالهمس والجهر مثلا ، وهذا ما يجب تحريره ليتبين لنا أنها شيء واحد اختلف التعبير عنه واختلفت طرق الاستدلال عليها .
* ظنُّ بعض علماء التجويد أن علم الأصوات شبح يهدد علم التجويد ، ويؤيد هذا لديهم الرغبةُ في التمسك بالقديم كما هو وإن كان به خطأ . ولكن اطمأنوا على التراث ، فالاختلاف بين المحدثين والقدامى لا يترتب عليه تطبيق في الغالب ، بل هو اختلاف نظري في معظمه كالاختلاف في جهر الهمزة وتوسط العين وطبقية الواو وشفويتها .
* ظن بعض علماء التجويد أن الأصوات ثابتة لا تتغير ، ومن ثم يستغربون إذا سمعوا عن قاف مهموسة أو طاء مهموسة .


خامسا :- أما قضية الجيم المصرية أو التي أطلق عليها "الجيم القاهرية" فإني أقتبس الفقرات الآتية من بحثي عن القلقلة لتوضيح المسألة :
 الجيم القاهرية :
ومخرج هذه الجيم من أقصى اللسان مع ما يليه من الحنك الأعلى ، وهو مخرج الكاف ، ولا فرق بينها وبين الكاف إلا الجهر فيها والهمس في الكاف ، فهي إذن صوت انفجاري (شديد) مجهور .
والذي يهمني في هذا البحث بخصوص هذه الجيم ما يلي :
أولا :- أن هذه الجيم ليست دخيلة على اللغة العربية كما قد يظن كثير من غير المتخصصين ، فنطقها من الناحية التاريخية صحيح ، بل قد أشارت بحوث اللهجات الحديثة إلى أنها الأصل في نطق الجيم ، فأهل جنوب الجزيرة العربية ينطقون بها ، وجنوب الجزيرة هو أصل اللغة العربية ، بالإضافة إلى أن جميع اللغات المسماة السامية لا تعرف سوى هذه الجيم ، ومن ثم فإن الجيم الفصيحة الشجرية حديثة بالنسبة إلى هذه الجيم القَصِيَّة .
ومن ثم فإني أرى أن مصطلح (الجيم القاهرية) الذي أُطلق عليها غيرُ دقيق ، حيث يُغفل قِدَم هذا النطق ووجوده في مناطق عدة سوى القاهرة ، ويُوهم غير المتخصصين بحداثة هذه الجيم واختصاصِ المصريين بها ، ولقد يَجهَد المتخصصون في إقناع غير المتخصصين بقِدَم هذه الجيم فضلا عن سبقها ؛ لذا أقترح تسميتها (الجيم القديمة) .
ثانيا :- أن أصالة هذه الجيم لا تعني فصاحتها ، فالمتفق عليه بيننا أن الجيم الفصيحة هي الشجرية ، وبها قرئ القرآن الكريم ؛ بل إن قدامى علمائنا قد عدَّ هذه الجيم (مجهور الكاف) من الحروف غير المستحسنة ؛ يقول سيبويه : "من الحروف غير المستحسنة ... والجيم التي كالكاف" ، ومثله قول ابن الجَزَري في معرض حديثه عن وجوب الاحتفاظ بمخرج الجيم : "وربما نَبَا بها اللسان فأخرجها ممزوجة بالكاف كما يفعله بعض الناس ، وهو موجود كثيرا في بوادي اليمن" .
ثالثا :- أن هذه الجيم صوت جمع بين الانفجارية (الشِّدَّة) والجهر ، فهو إذن واجب القلقلة حسب نظرية القلقلة ، بغض النظر عن عدم استحسانه ، فهذا البحث يجمع أصوات القلقلة في العربية وإن لم يُقرأ ببعضها القرآن الكريم .

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما !!
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

مشايخنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر الشيخ أحمد عطيّة على هذا التدخّل المفيد الذي بعث نفساً جديداً لهذا الموضوع ، والذي جعلني أزيد في طرح بعض الأمور المتعلّقة بالباب فأقول وبالله التوفيق.

أوّلاً : إنّ الكثير من أهل العلم يظنون أنّ الخلاف بين علماء التجويد وعلماء الأصوات هو مجرّد خلافٍ لفظيّ لا يترتّب عليه تغيير في الصوت وهذا كلام فيه نظر لأنّ الخلاف الموجود الآن في بعض الحروف لا سيماً الطاء والقاف وغيرهما ليس من هذا القبيل حيث لكلّ طرف يدّعي نطقاً معيّناً مغايراً للآخر.

ثانياً : ومما يعتقد بعض أهل العلم أنّ ما جاء به علماء الأصوات لن يغيّر من شكل علم التجويد ولا إلى تغيير قراءة القرءان وهيئة الحروف وإنّما هو من باب التدقيق والتأكيد لما توصّل إليه علماء التجويد. وهذا فيه نظرٌ أيضاً لأنّ ما نشاهده اليوم هو استدراك وليس تأكيد لما عليه علماء التجويد في بعض المسائل ، إذ القول بأنّ الطاء الصحيحة ما هي إلاّ الضاد الحديثة هو استدراك وليس تأكيداً لما عليه علماء التجويد وهذا يقال في حرف القاف وغيرها من الحروف.

ثالثاً : القول بأنّ التدقيق الذي جاء به علم الأصوات الحديث هو عين الدراية. وهذا فيه النظر كذلك لأنّ ظاهر هذا الكلام يؤدّي إلى الطعن في دراية القدامى أو أنّ درايتهم غير كافية لضبط النطق الصحيح لحروف القرءان الكريم.

رابعاً : إنّ قواعد التجويد من مخارج الحروف والصفات وما ينشأ عنها حال التركيب ارتكزت على شيئين مهمّين متينين يستبعد من خلالهما الوهم والخطأ وهما :
أ – الاعتماد على اللغة الفصيحة التي كان عليها العرب في وقت سيبويه. والذي جعل هذا العنصر متيناً هو الاعتماد على الأفشى من لغة العرب.
ب – الاعتماد على أئمّة القراءة الثقات الذي نقلوا القرءان مشافهة بالسند المتصل إلى رسول الله تعالى ولا نحتاج إلى أن نبيّن من كان من أئمّة القراءة في وقت سيبويه. فاعتماد أئمّة التجويد والقراءات لاسيما أصحاب القرن الخامس كالداني ومكي القيسي على علماء اللغة كان على هذا الأساس.
ولذلك أقول للشيخ أحمد عطية إنّ اعتماد علماء التجويد القدامى على أهل اللغة ليس كاعتماد المعاصرين المجوّدين على علماء الأصوات لسببين :
السبب الأوّل : أنّ أئمّة اللغة القدامى أعلم وأدرى بالفصيح من لغة العرب من علماء الأصوات المتأخرين.
السبب الثاني : اعتماد القدامى على أفصح جيل في التاريخ الإسلامي بخلاف علماء الأصوات الذين يعتمدون على نظرياّت الغرب والأجهزة الحديثة التي تقوم بترجمة ما يُعرض عليها من الأصوات بغض النظر عن فصاحة أو نوعيّة ما يُعرض عليها. فإن عُرض على هذه الأجهزة نطقاً فصيحاً لكانت النتائج حسنة وإن عرض عليها نطقاً غير فصيحٍ أو غير صحيح فتكون النتائج غير صحيحة ، فالجهاز يترجهم ما يُعرض عليه فقط . إذن فالعبرة بما عرض على الجهاز وليس بنتائجه بالذات ، فما بُنِيَ على باطل فهو باطل. لو يقوم سيبويه من قبره ويَعرض كلامه على الجهاز فلا شكّ أنّ النتائج تكون في غاية الصحة لأنّ الأصل متين بالفصاحة الصحيحة التي كان عليها العرب الأقحاح.
وعلى ما تقدّم هل يمكننا أن نقول أنّ ما وصل إليه علماء الأصوات هو تأكيد وإبراز للجهود التي وصل إليها القدامى مع أنّ المادّة الأوّلية تختلف اختلافاً شاسعاً. أمن خلال هذا الاختلاف يمكن لعلماء الأصوات الاستدراك على القدامى. أقول لا يمكن لاختلاف المادّة الأوليّة وهي نوعية النطق المعتمد عليه.

خامساً : نحن نتعبّد بتلاوة القرءان تلاوة صحيحة ، ونتعبّد بإخراج الحرف من مخرجه وإعطائه حقّه ومستحقّه من الصفات ولا شكّ أنّ القدامى أعلم وأعبد منّا في ذلك. إذا كان الأمر كذلك أيكون علماء الأصوات أعلم وأعبد من القدامى ما دام المسألة متعلّقة بالعبادة ؟ ولأجل هذا لا بدّ من فصل العلمين لتعلّق علم التجويد بتلاوة القرءان والتقرّب إلى الله بذلك بخلاف علم الأصوات الذي يبيّن كيفية حدوث الصوت مهما كانت كيفيته ونوعيته فهو علم دنياويّ كالطبّ والفزياء وغيرها حيث يعتمد على الحسّ.
ولأجل هذا ما أدخل العلماء علم الإعجاز العلمي ضمن العلوم الشرعية لأنّه يعتمد على الاكتشافات العلمية الحسية والمشرفون على هذه الأبحاث ليسوا بالضرورة من المتخصصين في علوم الشريعة وإن كان لعلماء الشريعة دورُ فعّال في الإعجاز العلمي.

سادساً : إن كان تغيير الاصطلاحات يؤدّي إلى زيادة قيمة إضافية للهدف الشرعي الذي من أجله أبرِز علم التجويد فلا شكّ أنّ ذلك محمود و إلاّ فما الفائدة ؟ إن قلت أنّ حرف الطاء انفجاري وهو عندنا شديد ومجهور ومقلقل يغنيني عن تسميته بالانفجاري. ما هي الفائدة العملية من هذا الاصطلاح ؟ قد يكون مفيداً وله قيمة أضافية عند علماء الأصوات ولكنّه قد لا يكون مفيداً عند علماء التجويد وحتّى إن كانت هناك فائدة فإنّها فائدة نظرية ولفظية فقط. ثمّ إنّ استعمال هذه الاصطلاحات يجرّنا إلى الابتعاد عن تراثنا القديم وقطع الأصول من الجذور في وقت تحتاج فيه الأمّة الإسلامية إلى التمسّك بجذورها وتراثها.

سابعاً : أقول لأخي الشيخ أحمد عطية أنّ علم الأصوات شبح يهدّد علم التجويد إذا كان :

1 - يعيد النظر في القواعد التي ارتكز عليها أئمّتنا في كيفية قراءة القرءان قراءة صحيحة بقصد التعبّد والتقرّب إلى الله.
2 – يستدرك على بعض القواعد التجويدية أو ما أجمع عليه القراء جميعاً على أساس أجهزة تقوم بتحليل كلّ ما يُعرض عليها بغضّ النظر عن نوعية المادّة الأوليّة.
3 – الجرأة على تخطئة ما عليه القراء اليوم قاطبة بالقطع واليقين.


أكتفي بما ذكرت ولا أدّعي الصحة فيما أقول بل هو رأي من بشر وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
دعاء، ومباركة لأستاذنا الكبير الدكتور غانم قدوري
في هذه المشاركة التي بعنوان (سؤال للدكتوري قدوري) تداخلت مع فضيلة السائل الشيخ المقرئ (عبد الحكيم) والفكرة التي سأل عنها حول موضوع " الطاء القديمة " ووجود مشكلة في نطقها، ثم توسع السؤال ليشمل حروفا أخرى غيرها.
وقد ارتأيت سؤال الدكتور غانم سلمه الله، عن مرئياته للتقريب بين المختلفين، ثم أطلعته على عثوري علىكتابه(أبحاث في علم التجويد)، ووعدت بقراءة متأنية له، وبعد قراءات ومطالعات فيه حمدت الله كثيراً على أن يسر لعلم التجويد علماء أفذاذا من أمثاله يبحثون مسائله ويوضحون دقائقه، راسمين لذلك منهجية علمية امتازت بها مناهج بحث علماء هذه الأمة الإسلامية العظيمة منذ القدم.
وفي الحق إنّ عرضه لهذه الأبحاث الستة بهذا الأسلوب الأنيق، والعرض الجميل، لايقلل مطلقا من دروس القراء المجودين ولا اللغويين، والصوتيين.
فقد كان أبرز ملامح عروضه في هذا الكتاب الطيب- الذي يشاكل كتبا أخرى مفيدة في الموضوع ويشاطرها الرأي ككتاب الدكتور مساعد الطيار(مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير ) وغيره.
أنه صرح بهدفه منه : وهو أن المتأمل في كتب تعليم قواعد التلاوة المؤلفة في السنين الأخيرة خاصة والمستمع لأداء المرتلين من جيل الشباب على وجه الخصوص تستوقفه ملاحظات وظواهر تتعلق بتلاوة القرآن،وبأحكام التلاوة المدونة في كتب علم التجويد فهناك تباين ظاهر بين أداء بعض الأحكام وطريقة وصفها في كتب التلاوة كما أن هناك اختلافا بين نطق عدد من الأصوات وطريقة وصفها في الكتب/5.
فهذا السبب وغيره جعل المؤلف حفظه الله يسعى لإيجاد مصادر مساندة لكتب التجويد المعروفة، على أن يضيف إليها المنهجية العلمية اللازمة لها كأي مشروع تأليفي ،أو عمل بحثي يتحتم أن تكون له مشكلة بحثية أو مسببات وجيهة.
كما قدعرض حفظه الله لعلم التجويد، مبينا تلك الفروق الدقيقة بين أهل التجويد وأهل الأصوات،بالرجوع إلى مصادرهما الأصيلة، ببيان أدلة الفريقين، ووجهتهم العملية التطبيقة الممكنة وغير الممكنة،مع توضيح الحقائق الصوتية التي تلقي ضوء على عدد من قضايا التلاوة القرآنية.
وفي طيات هذا الكتاب كذلك أرسل دعوة للمتخصصين في العلمين إلى التقابل والمحاورة على طاولة واحدة.
وإنه من هذا المنطلق الطيب فإن القارئ يجد نفسه في هذا الكتاب أمام حقائق واضحة، تمكنه بحكم دراسته وتخصصه في التلاوة والتجويد من أن يتعرف على الحكم الأكثر وضوحا ودقة دون تقليد أو تعصب، فيما يتعلق بـ(المخارج والصفات)حرفا حرفا ،ثم بقية الأحكام، بطريقة متفقة والنصوص القديمة والحديثة.
بناء على قول القائل : وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر..
على هذا الأساس كان هذا الطرح كله مفيدا، ونبيلا، ودروسا فوق العادة، والإجادة، فجزاه الله خيراً عن أبنائه الطلاب خير الجزاء، فهم مافتئوا يتساءلون عن كثير من المسائل التي وجدوها تختلف مع ما عهدوه في كتب التجويد، ودائما ما يطلبون الإجابة عنها بالتفصيل والتأليف،بأسلوب واضح مفيد، طلبا لمدارستها مع مشائخهم وزملائهم، على حد قول القائل:
فأدم للعلم مدارسة فحياة العلم مدراسته..
ومن المهم هنا بعد هذا العرض التنويه بأنه من الواجب الاتفاق على منع اللحن الجلي، الذي فيه تحريف واضح للحروف عن وجهتها الصحيحة بالكلية مع القصد، وكذلك كلّ ما فيه تشويه للصفة بكثرة التوصف المبالغ فيه وغير الدقيق،دون الرجوع إلى مصادر موثوقة في اللغة والتجويد، امتثالا لقولهم: للحرف ميزان فلا تك طاغيا...فالتزام ذلك يمنع من خلط الحابل بالنابل كما يقال..
وكذلك التنبيه على سرعة دراسة مسائل اللحن الخفي عند الطلبة والدارسين، فهي أحد أسباب كتابة هذا النوع من الأبحاث، (المستنبطة من التجويد واللغة والصوت)،
فقد يقع الوهم في ضبط مخرج الضاد،مثلا، أوالقلقلة،وضبطهما على خلاف ماهو في مصادر التلاوة والتجويد، أوغيرهما من المسائل الهامة التي ذكرها الإخوة في هذه المشاركة،ثم لانجد تفصلا إلا بالرجوع لمصادر اللغة والصوت توجيها وتوثيقا.
وأنوه هنا بقلّة البحث في هذه المسائل على استقلال، وفق ما يحتاج إليه الطلاب، كما صرح به الكثيرون،الذين يرون الحاجة إلى دروس متعمقة مدققة من القراء واللغويين والصوتين إذ هذه الشرائح هي التي يعنيها هذا الأمر.
أخيرا: صادف أن سمعت أحد أئمة المساجد في بعض البلاد يحاول قراءة الضاد الظائية، ويعيدها بوضوح دون وجل، ولم أجد لهذا الإصرار على النطق بالظاء، من جواب سوى أنه قد تأكد عنده صحة ماذهب إليه مع خلافه للأكثرين من مشايخي ممن سمعت منهم هذا الحرف ضادا،وقلت حينها مالفرق إذا عنده بين قراءة بضنين،وبظنين المتواترتين.
والحاصل: أنّ كلمة الفصل في هذه القضايا الشائكة إنّما هي للمنهجية العلمية، والرياضة العملية الدائمة بالحروف على المشايخ،والدراسة الصوتية الراصدة للفروق ..
على حد قول ابن الجزري: وليس بينه وبين تركه إلا رياضة بفكه.. والله أعلم.
ختاما: هذه بعض المصادر مما أحتفظ به في مكتبتي، تناولت بعض موضوعات علم التجويد، بالإضافة إلى ماسبق:
1-رسالة في كيفية النطق بالضاد ليوسف أفندي زاده 3 ق مخطوطة من الجامعة الإسلامية.
2-درةالقاري للفرق بين الضادوالظاء عزالدين عبدالرزاق
3- أخطاءالقارئ في تجويدكلام البارئ حسن بن أحمدهمام
4- الملاحظات الهامة عبد الرؤوف قاري .
5-الدروس المهمة في شرح الدقائق المحكمة لسيد لاشين .
6-الأصوات اللغوية لإبراهيم أنيس .
7-صويت الغنة في الأداء القرآني بين الكمية والمدة الزمنية د:يحي بن علي المباركي
وفق الله الجميع لمايحبه ويرضاه من الأقوال، والأفعال إنه سميع قريب.
 
الشيخ أمين
السلام عليكم

قةلكم : " صادف أن سمعت أحد أئمة المساجد في بعض البلاد يحاول قراءة الضاد الظائية، ويعيدها بوضوح دون وجل، ولم أجد لهذا الإصرار على النطق بالظاء، من جواب سوى أنه قد تأكد عنده صحة ماذهب إليه مع خلافه للأكثرين من مشايخي ممن سمعت منهم هذا الحرف ضادا،وقلت حينها مالفرق إذا عنده بين قراءة بضنين،وبظنين المتواترتين.
والحاصل: أنّ كلمة الفصل في هذه القضايا الشائكة إنّما هي للمنهجية العلمية، والرياضة العملية الدائمة بالحروف على المشايخ،والدراسة الصوتية الراصدة للفروق ..
على حد قول ابن الجزري: وليس بينه وبين تركه إلا رياضة بفكه.. والله أعلم."

الجواب : لماذا موضوع الضاد الآن ؟ أيّ منهجية علمية تُهمل ما أجمع عليه أئمّتنا ؟ أيّ منهجية علميّة ترتكزّ على التلقّي المجرّد عن النصّ وإهمال التراث الذي يعبّر عن الكيفية الصحيحة التي قرأ بها سلفنا الصالح ؟ ما الفائدة من رياضة اللسان فيما يخالف نصوص الأئمّة عليهم رحمة الله ؟ إن قرأ القدامى بتشابه الضاد والظاء في { بضنين } فما يسعنا إلاّ الاتّباع وليس لنا أيّ مبرّر يسوّغ لنا إهمال أيّ نص معتبر لا سيما المجمع عليه. بل إنّ المنهجية التي سلكها المحققون قديماً وحديثاً هو التلقّي الموافق لمضمون النصّ وهذه المنهجيّة مبنية على إعمال النصّ وعدم إهماله. وبالمناسبة فإنّي أطلب منكم لو سمحتم أن تبيّنوا لنا هذه المنهجية العلمية التي تعتمد على المشافهة مع إهمال النصوص.؟ أخي الشيخ ، إنّ الأطفال ليسهل عليهم النطق بالضاد الدالية وحتّى الأعاجم ، وعندما نرجع إلى قول مكّي القيسي في الرعاية بقوله " وقلّ من يقيم هذا الحرف من أهل الأداء " يجعلنا نعيد النظر في في المسألة.
إن كان كلام علماء الأصوات له وزن عندكم كما تفضّلتم فلم لم تأخذوا بعين الاعتبار أجماعهم على أنّ الضاد المنطوق بها اليوم تخالف نصوص أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى.؟ إذن لا يمكننا أن نتكلّم عن منهجية علمية بهذا الاضطراب. والسلام عليكم.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم

أظن أن د/ أمين يقصد أن الضاد الظائية مخالف لما عليه أكثر الناس أو أن القارئ ينطق ظاء صريحا .
وهذا في الاستدلال قويّ ، لأن ما عليه أكثرالناس ـ القراء ـ معتبر وابن الجزري استدل في تأييد أحد القراءات بما عليه أكثر الناس .

قال في النشر : واختلفوا) في (بمصرخي) فقرأ حمزة بكسر الياء وهي لغة بني يربوع، نص على ذلك قطرب وأجازها وهو الفراء وإمام اللغة والنحو والقراءة ........ وهذه اللغة باقية شائعة ذائعة في أفواه أكثر الناس إلى اليوم يقولون ما في كذا يطلقونها في كل ياآت الإضافة المدغم فيها فيقولون ما على منك ولا أمرك إلى بعضهم يبالغ في كسرتها حتى تصير ياء 0))ا.هـ


ثم يا أخي هذه الضاد سهلة علي ألسنة الناس وهل سهولتها عيب ؟؟

قال في النشر : ...نحو (همزة، ولمزة، وخليفة، وبصيرة) هي لغة الناس اليوم والجارية على ألسنتهم في أكثر البلاد شرقاً وغرباً وشاماً ومصراً لا يحسنون غيرها ولا ينطقن بسواها يرون ذلك أخف على لسانهم وأسهل في طباعهم وقد حكاها سيبويه عن العرب)).

والضاد الحالية لا يحسن الناس غيرها .

والسلام عليكم
 
السلام عليكم

المثال الذي ذكرت في إمالة هاء التأنيث وإن كان مشهوراً عند العرب إلاّ أنّ العبرة بما ثبت بالرواية نصاً وأداءً وبذلك صرّح الداني بإنّ العمدة في القراءة هو ثبوتها رواية وليس بما كان متفشّياً عند العرب ونصّه هذا معروف وإنّما نقلت العنى فقط ، وعلى هذا الأساس لا يمكن أنّ نحتجّ بهذه الضاد على ما اشتهر عند الناس لأنّ الحقّ لا يُعرف إلاّ بالحجة والبيان وليس بما عليه الناس ، وإن كان الناس لا يحسنون غيرها ، فهذا ليس سبباً معتبرأ للإثبات صحة الضاد الدالية.

والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذي الفاضل وشيخي الكريم محمد يحيى شريف

أولا :- بمناسبة الحديث عن الخلاف بين علماء الأصوات المحدثين والقدامى هل هو خلاف لفظي فقط أما يترتب عليه عمل ، فقد سبق أن قلتُ : الخلاف في الغالب لفظي . وأزيدها وضوحا فأقول : الخلاف الذي يترتب عليه عمل أو تغيير في النطق هو في أصوات القاف والطاء والجيم والضاد ، وهذه أربعة أصوات فقط ، أما الخلاف اللفظي والذي لا يترتب عليه تغيير في النطق فهو في أصوات الهمزة والهاء والعين والغين والخاء والكاف والأصوات الأسنانية (الثاء والذال والظاء) والواو (غير المدّية) وأصوات المد (الألف والواو والياء) ، وهذه ثلاثة عشر صوتا ولا يترتب على الخلاف في واحد منها عمل أو تغيير . وبهذا يتضح ما قلتُه : الخلاف في غالبه لفظي .
وحتى يطمئن إخواننا من أهل التجويد فإن الصواب في الأصوات الأربعة الأولى (القاف والطاء والجيم والضاد) إنما هو مع القدماء لا مع المحدثين - من وجهة نظري - وقد بيّنت ذلك في البحث الذي قدّمتُه إلى الدكتور كمال بشر والذي أشرتُ إليه في مشاركة سابقة .

ثانيا :- العلم في تطور ، وليس كل ما قاله قدماؤنا العظام صحيحا لأنه هو القديم والتراث ، وإلا فقد ادّعينا لهم العصمة ، ولا أحسبهم يرضون بذلك .
وماذا نقول إذا أثبتنا بالأدلة أن الهمزة مثلا ليست مجهورة ، وأن العين ليست متوسطة بين الشدة والرخاوة ، وأن الأصوات الأسنانية (ث – ذ – ظ) ليست لثوية ، وأن الكاف ليست لهوية ، وأن الهاء ليست من أدنى الحلق ، وأن الواو تخرج من الطبق - أي من ارتفاع آخر اللسان إلى الطبق - مع ضم الشفتين لا من الشفتين وحدهما ؟
إذا أثبتنا ذلك فهل يمكننا استبعاد الخطأ أو الوهم في بعض وصف سيبويه والخالفين له ، رغم اعتمادهم على العربية الفصحى في وصف الأصوات ؟

ثالثا :- أما أساس الاعتماد في وصف الأصوات لدى القدماء والمحدثين ، فإني أقتبس هذه الفقرات من بحثي المقدّم إلى الدكتور كمال بشر :
((( وقد جاء عمل علمائنا القدامى وتحديدهم لمخارج الأصوات وصفاتها ، مبنيًّا على التجربة الحية ، فهم أهل الفصحى ، والفصحى لغتهم ، فإنما يصفون أصوات اللغة بوصفها جزءا منهم لا يتجزأ . أما علماؤنا المحدثون فقد بَنَوْا تحديدهم لمخارج الأصوات وصفاتها على ما يمثل العربية الفصحى نطقا ، ألا وهو نطق قُرَّاء القرآن الكريم ، وهذا شيء جيد ؛ فلم يبق ما يمثل النطق الفصيح لأصوات العربية غيرُ أهل القرآن الكريم الذين تلقّوه سماعا وعَرْضا فيما يشبه سلاسل الإسناد لدى أهل الحديث النبوي الشريف .
وقد اعتمد علماؤنا المحدثون على نطق القُرَّاء المصريين فحسب ، ولا شك أنهم أبرز القُرَّاء على الساحة وأتقنهم وأعلمهم بالقراءة وأحكامها ، وقد قيل : أُنزِل القرآن بالجزيرة ، وكُتِب بإستانبول ، وقُرِئ بمصر ؛ فأهل مصر هم أعلم أهل الأرض بقراءة القرآن .
ولكن بالرغم من هذا فإن الاعتماد على القُرَّاء المصريين وَحْدَهم فيه خطر عظيم ؛ فإنهم - قراءَ مصر - قد تأثروا بنطق المصريين لبعض الأصوات ، وعددٌ من القُرَّاء - ليس قليلا - يعرف مخارج الحروف وصفاتها كما وصفها ابن الجَزَري ، ولكن يخالف معرفتَه نطقُه . والسبب في هذه المخالفة راجع إما إلى عدم معرفة بعضهم بمسألة تعرض الأصوات للتطور على مر الزمن ، فهو يظن أن الأصوات ثابتة وأن ما قال ابن الجَزَري إنه مجهور يظل مجهورا ، لذا يهمس بعضهم حرفا مجهورا عند ابن الجَزَري وتسأله : أمهموس هو أم مجهور ؟ فيقول : مجهور طبعا . وأحسب أن هذا النوع قليل ؛ وإما إلى غلبة نطق أهل بلدته على نطقه وإن كان على علم بخطئه ، فلهذا نوعُ عذرٍ .
وعلى أية حال فلا أحد فوق مستوى الخطأ ، ولكل صاحب خطأ عذره في ذلك . وكان أحرى بعلمائنا المحدثين أن يمثلوا الأقطار العربية جميعها في هذا الاعتماد ، ولا يخلو كل قطر عربي من قارئ جيد متقن لأحكام التلاوة عارف بمخارج الحروف وصفاتها .
أضف إلى ذلك أننا في حال اختلاف القُرَّاء في أداء معين ، علينا أن نرجح كِفَّة من وافق أداؤه كتبَ الأحكام والقراءات ؛ فإنه إن كان نطق القُرَّاء يمثل ما ورد في كتب الأحكام ، فإنها (كتب الأحكام) الضابطُ والمقوِّم لما اعوجَّ من نطق القُرَّاء وأدائهم ))) .

نعم .. قراء القرآن هم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحى ، ولكن : ما لم يحيدوا عن الأصل الفصيح .. وللأسف فإن الخلاف في أصوات (القاف والطاء والجيم والضاد) منشؤه هو قراء القرآن الكريم الذين اعتمد عليهم علماء الأصوات ، وعلى سبيل المثال : القراء المصريون بلا استثناء ينطقون القاف والطاء مهموستين وبعضهم لا يزال يحافظ على جهرهما في بعض المواطن ويخونه النطق أحيانا فيهمسهما أيضا . فماذا نقول حينئذ يا إخواني : هل الخطأ عند علماء الأصوات أم عند القراء ؟!!

رابعا :- وباختصار : العلم هو ما أدى بنا إلى خشية الله ، أيا ما كان نوعه وطبيعته ، ولم يعرف قدماؤنا هذا التفريق الحديث بين العلوم الدينية والدنيوية .


أستاذي وشيخي عبد الحكيم عبد الرازق : سبق سؤالكم :
هل الاستطالة في الضاد استطالة صوت أم مخرج ؟

استطالة المخرج غير استطالة الصوت ، فالاستطالة الأولى تعني اتساع المخرج ، والاستطالة الثانية تعني إمكانية مد الصوت على نحو ما في الأصوات الرخوة ، فكل الأصوات الرخوة أصوات مستطيلة استطالة صوت ، ولو كانت الاستطالة في الضاد مقصودا بها استطالة الصوت لما كان لتخصيصها بصفة الاستطالة داعٍ أو فائدة لأن كل الأصوات الرخوة أصوات مستطيلة ، فالمقصود بالاستطالة فيها إذن هو استطالة المخرج .

شيء آخر بهذا الصدد .. وهو أن هناك فرقا بين الوصف العضوي لوضع اللسان وبين الأثر المترتب على هذا الوضع ، فالفرق بين التفخيم والإطباق أن الإطباق هو الوصف العضوي للسان حيث يرتفع آخره جهة الطبق ، أما التفخيم فهو الأثر الصوتي الناتج عن هذه العملية . وكذلك صفة صوت الشين : (التفشي) فهي وصف لوضع اللسان حين النطق بالصوت ، أما الأثر الصوتي الناتج عن هذا التفشي فهو (الوشوشة) .
وهذا مما أدى إلى بعض الخلط في مصطلحات القدامى ، فقد سمّوا الصفة أحيانا تبعا لوضع اللسان وحركته كما في (التفشي) ، وسمّوها أحيانا تبعا للأثر الصوتي كما في (الصفير) ، وسمّوها أحيانا أخرى تبعا لوضع اللسان والأثر الصوتي معا كما في (التفخيم والإطباق) . والخلط الذي أقصده هو ما وقع في صفة (الاستطالة) في الضاد فقد اختلفت الأفهام في تحديد المقصود بها : هل هي استطالة المخرج (أي الوصف العضوي للسان) أم هي استطالة الصوت (أي الأثر الناتج عن وضع اللسان في الفم) ؟ والراجح عندي أن المقصود بالاستطالة هنا استطالة المخرج للسبب الذي بيّنته قبل .
 
السلام عليكم

أخي الشيخ أحمد عطية نحن لا نتكلّم عن المسائل التي لا يترتّب عليها تغيير في الصوت القرءاني ، وما كان من قبيل اللفظ فلا إشكال فيه

أمّا كون الهمزة مثلا ليست مجهورة ، وأن العين ليست متوسطة بين الشدة والرخاوة ، وأن الأصوات الأسنانية (ث، ذ، ظ) ليست لثوية ، وأن الكاف ليست لهوية ، وأن الهاء ليست من أدنى الحلق ، وأن الواو تخرج من الطبق - أي من ارتفاع آخر اللسان إلى الطبق - مع ضم الشفتين لا من الشفتين وحدهما . فلا شكّ أنّ الأجهزة الحديثة أدق بكثير إلاّ أنّ هذه الأجهزة ستبيّن بشكل دقيق هذه المخارج والصفات من غير أن يكون لذلك أثر في الصوت أو أن تعيد النظر فيما أجمع عليه القراء من الناحية العملية. ولا بدّ من وجود نفس الأرضية للمقارنة بين المنهجين ، مثال ذلك إذا اعتمد علماء الأصوات على اهتزاز الوترين للحكم على الحرف بالبشدة أوالرخاوة أو ما بينهما فالأمر لا يستقيم في نظري لأنّ القدامى عالجوا المسألة بانحباس الصوت وجريانه فإن أثبت علماء الأصوات أنّ العين ليست بينية على هذا الأساس وأنّها تماثل الظاء والفاء في الرخاوة إن كانت كذلك أوتماثل الكاف والتاء في الشدة إن كانت كذلك ، فتكون حينئذ قابلية من طرف علماء التجويد أن لم يؤدّي ذلك إلى تغيير الصوت. وإمّا أن أراد علماءالأصوات معالجة المسألة على طريقتهم خاصّة كاهتزاز الوترين وغير ذلك فلا أظنّ أن يكون هناك تقارب في ذلك لأنّ القدامى لم يعالجوا القضية إلاّ بالنحباس الصوت وجريانه. أظنّ أنّ كلامي واضح إن شاء الله تعالى.

وأشكرك على الفقرات التي نقلتها من بحثك فهو كلام صحيح ومفيد للغاية فيما بدا لي خاصة عند قولك : " علينا أن نرجح كِفَّة من وافق أداؤه كتبَ الأحكام والقراءات ؛ فإنه إن كان نطق القُرَّاء يمثل ما ورد في كتب الأحكام ، فإنها (كتب الأحكام) الضابطُ والمقوِّم لما اعوجَّ من نطق القُرَّاء وأدائهم" .وهذا الذي أدندن حوله منذ سنوات عدّة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
عودة
أعلى