سؤال في الآية (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ )

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
تستوقفني كثيراً هذه الآية الكريمة في سورة يوسف (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106)) فهل تتحفونا أيها الأفاضل بما فيها وما بين حروفها من معانٍ لا ينتبه إليها إلا متدبر متفكر في آيات الله تعالى.
كيف نفهم أن هناك من يؤمن بالله وهو مشرك؟
 
إيمانهم في اعترافهم بربوبية الله لهم خلقا ورزقا وتدبيرا الخ وشركهم في عبادتهم مع الله غيره ، فلم يكن إيمانهم الأول مثمرا للتوحيد الخالص فصاروا مؤمنين مشركين ، وإليك بعضا من النقول :
قال ابن كثير : وقوله: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قال ابن عباس: من إيمانهم، إذا قيل لهم: من خلق السموات؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: "الله"، وهم مشركون به. وكذا قال مجاهد، وعطاء وعكرمة، والشعبي، وقتادة، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وفي التفسير الميسر : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) }
وما يُقِرُّ هؤلاء المعرضون عن آيات الله بأن الله خالقهم ورازقهم وخالق كل شيء ومستحق للعبادة وحده إلا وهم مشركون في عبادتهم الأوثان والأصنام. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرا.
وفقك الله ورعاك وزيادة المطالعة لكتب التفسير تفيدك بإذن الله لكني اقتصرت من النقول على ما يحقق المقصود
 
جزاك الله خيراً أخي الفاضل أبو صفوت على إجابتك القيمة وقد قرأت هذه المعاني في كتب التفسير لكني كنت أبحث عما وراء هذه الآية من تنبيهات قد تكون موجهة لنا خاصة أنها جاءت في السياق بعد قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف) فخشيت أن نكون نحن المؤمنون -إن شاء الله تعالى- مقصودون بهذه الآية وبهذا التنبيه، وهل يمكن أن نكون نحن من هؤلاء؟ فربما هناك ما قد يؤثر في إيماننا فيدخلنا في زمرة الذين وصفتهم الآية الكريمة، وكيف نحفظ أنفسنا من أن نكون منهم؟
أسئلتي هذه هي للتدبر وليس لمجرد الاستفسار عن معنى الآية من كتب التفسير وفقك الله لكل خير.
بارك الله فيك
 
فهؤلاء يقرون ربوبية الخالق عز وجل ولكنهم أشركوا به وجعلوا له من عباده جزء.
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [المؤمنون/84-92]
قال ابن جرير رحمه الله:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُقِرّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ صِفَتَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } بِاللَّهِ , أَنَّهُ خَالِقه وَرَازِقه وَخَالِق كُلّ شَيْء , إِلَّا وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتهمْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَاتِّخَاذهمْ مِنْ دُونه أَرْبَابًا , وَزَعْمهمْ أَنَّهُ لَهُ وَلَد , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ .

وفي الأية فائدتان لأهل الإسلام تخصهم كل واحدة بخصوصية :
الأولى :التحذير من الشرك بالله بأنوعه ,من شرك العبادة الى شرك الرياء ,
الثانية إقتداء القول بالعمل : فعند خوفه على الررزق وفواته يتذكر الخالق الرزاق فلا يمد يده لحرام ولا يغش ,وعند خلوه بالظلمات يتذكر ربه ورب الظلمات ,وهلم جرا .
ويتعلق بهاتين الفادتين أمر مهم وهو أن القول يحكم على حقيقته بالعمل فمن ذلك ما ذكره عز وجل :
" وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " [المائدة/81]
,وكذلك عن التباين في الإيمان بالفعل فيكون العمل تصديقا وسواه كفرا به أو تركا له :
"ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة/85]
 
المعنى ما ذكره الإخوة من أن إقرارهم بتوحيد الربوبية ، وأن الله هو الخالق المالك المدبِّر لا ينفعهم ماداموا مشركين به في ألهيته .

ومن المفسرين من جعلها في نسبة النعم إلى غير الله تعالى، قال القرطبي عند هذه الآية : " وقيل معناها : أنهم يدعون الله ينجيهم من الهلكة، فإذا أنجاهم قال قائلهم : لولا فلان ما نجونا ، ولولا الكلب لدخل علينا اللص، ونحو هذا ؛ فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان ، ووقايته منسوبة إلى الكلب” وعلى هذا المعنى يمكن أن يدخل فيها المسلم بشرط أن يقر بقلبه أن النعم كلها من الله وحده، ولكنه يضيفها بلسانه. وهذا ما استشكلته د. سمر.

فائدة
أقسام نسبة النعم إلى غير الله :
نسبة النعم إلى غير الله ـ تعالى ـ لها ثلاثة أقسام : ـ
الأول : أن يضيفها إلى السبب نفسه ، مع عدم الاعتقاد بأنها من الله ـ تعالى ، فهذا شرك أكبر .
الثاني : أن يضيفها إلى سبب صحيح ظاهر ، مع اعتقاده بأنها من الله ، فهذا شرك أصغر .
الثالث : أن يضيفها إلى سبب صحيح ثابت ظاهر على وجه الإخبار ، مع اطمئنان قلبه بأن المنعم الحقيقي هو الله ـ تعالى ـ ، واستحضاره لذلك ، واعترافه بأن هذا السبب من فضل الله ونعمته فهذا جائز . و الله أعلم.
 
جزاكم الله خيراً أيها الأفاضل على تجاوبكم واهتمامكم وإجاباتكم أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين به حقاً رباً وإلهاً سبحانه وأن يعصمنا من الشرك ما خفي منه وما ظهر وأن يثبتنا على هذا الدين والحمد لله رب العالمين على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
 
عودة
أعلى