سؤال عن معنى آية

إنضم
20 نوفمبر 2013
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَعَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (الإسراء:18)
أود معرفة الفرق بين المشيئة والإرادة وما السر أنهالم تكن العكس: (عجلنا له فيها ما نريد لمن نشاء)؟

وجزاكم الله خيرا​
 
المفسرون والعلماء عموماً لا يكادون يفرقون بين الإرادة والمشيئة، فيفسرون كلاً منهما بالأخرى. ولكن التدقيق في تتبع دلالة كل منهما يظهر الفروق الدقيقة بينها.
وقد أجاد د.رضا زيدان في مقالة له في محاولة التفريق بين العبارتين، وهذا نص كلامه أنقله لكم للتأمل فيه والإفادة منه، وهو منشور في موقع (أثارة) :
** ** **​
عادةً ما يرادف أهل العلم بين المشيئة والإرادة، سواء في اللغة العربية أو في استعمال القرآن الكريم، لكن ذهب قلة من أهل العلم إلى إثبات أن هناك فرقاً دقيقاً بين كلمة “شاء” وكلمة “أراد”، وهذا المقال هو محاولة استقرائية لاستعمال القرآن الكريم للكلمتين، ونتيجته هو القول بعدم ترادف الكلمتين، رغم وجود مساحة دلالية كبيرة مشتركة بينهما، ووجود سياقات يمكن فيها بالكاد إيجاد فرق معتبر.

١- جاء في لسان العرب: “المشيئة: الإرادة. شئت الشيء أشاؤه شيئاً ومشيئة ومشاءة ومشاية: أردته”[SUP] . [/SUP]وهكذا لم تفرق معظم المعاجم بين المشيئة والإرادة، لكن نجد بعض المعاجم تشير إلى نوع ما من اختلاف الأصل، ففي تاج العروس: قال الجوهري: المشيئة: الإرادة. وأكثر المتكلمين لم يفرقوا بينهما، وإن كانتا في الأصل مختلفتين، فإن المشيئة في اللغة: الإيجاد؛ والإرادة: طلب. ويفصل ذلك الراغب الأصفهاني فيقول: والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم: المشيئة في الأصل: إيجاد الشيء وإصابته، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة، فالمشيئة من الله تعالى هي الإيجاد، ومن الناس هي الإصابة. قال: والمشيئة من الله تقتضي وجود الشيء، ولذلك قيل: (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن)، والإرادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال: ﴿يريدُ اللهُ بِكُمُ اليسرَ ولا يريدُ بِكُمُ العُسر﴾، ﴿وما الله ُيريدُ ظلماً للعباد﴾. ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله، فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت، ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئة الله، لقوله: ﴿وما تشاءونَ إلّا أنْ يشاءَ الله﴾[SUP].[/SUP] وظاهر تبويب البخاري “باب في المشيئة والإرادة” : ﴿وما تشاءونَ إلّا أنْ يشاءَ الله﴾ وقول الله تعالى: ﴿تُؤتِي الملكَ مَن تشاء﴾، ﴿ولا تقولنَّ لشيءٍ إنِّي فاعلٌ ذلكَ غداً إلا أنْ يشاءَ الله﴾، ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾. قال سعيد بن المسيب، عن أبيه: نزلت في أبي طالب ﴿يريدُ اللهُ بكمُ اليسرَ ولا يريدُ بكمُ العسر﴾ حيث إنه يفرق بين آيات المشيئة وآيات الإرادة. وحديثاً يقول الشيخ ابن عثيمين: “المشيئة معنى من معاني الإرادة وليست مرادفا لها. أي أن الإرادة تأتي بمعنى المشيئة”[SUP].[/SUP]

وفيما يلي تتبع استقرائي يصحح قول من قال بالفرق إجمالا، ويحاول أن يعبر وصفيا عن هذا الفرق.

٢- جاءت كلمة “شاء” ومشتقاتها في ما يقرب من مائتي موضع في القرآن الكريم، وبتتبع هذه المواضع، من خلال (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) يبدو أن الكلمة الأقرب لمعنى المشيئة هي :التقدير، والقدرة، والاستطاعة، والقضاء، والحكم. فهذه المعاني أساسية للكلمة. وهي كذلك في معظم القرآن الكريم. وفيما يلي أهم الأدلة على ذلك:

– آيات “لو شاء” لا يمكن فهمها إلا بمعنى القضاء والقدرة، مثل قوله تعالى ﴿ولو شاءَ لهداكُم أَجمَعين﴾، ﴿ولو شاءَ ربُّك لجعلَ الناسَ أمةً واحدة﴾، ﴿ولو شاءَ ربُّكَ لآمنَ مَن في الأرضِ كُلُّهم جميعا﴾.

– في تفسير قول الله عز وجل : ﴿وقالوا لو شاءَ الرحمنُ ما عَبدناهُم ما لهُم بذلكَ من علمٍ إن همْ إلا يخرُصُون﴾ يقول مجاهد: قوله ﴿إن هم إلا يخرصون﴾: ما يعلمون قدرة الله على ذلك. وهذا التفسير من أوضح الأدلة على أن احتجاجهم بالمشيئة لم يكن احتجاجا بـ “الرغبة”، وإنما بـ “القدرة” أو “القدر”. لذلك لا يمكن أن يكون معنى الآية: ﴿وقالوا لو أراد الرحمن..﴾، وإنما هو “لو قدّر الرحمن”، أو “لو قَدِر الرحمن”.

– هذا المعنى للمشيئة يتفق مع أصلها اللغوي، وهو الإيجاد كما نبه بعض أهل اللغة والكلام.

– ليس في القرآن الكريم استعمال واحد لكلمة شاء في ما ليس مقدورا عليه.

أما كلمة الإرادة فجميع هذه المعاني “التقدير، والقدرة، والاستطاعة، والقضاء، والحكم” ليست معاني أساسية للكلمة، فالإرادة في الاستعمال القرآني لا تستلزم القدرة أو التحقق، مهما كانت الإرادة قوية فيما يظهر من السلوك. وإنما المعنى الأساسي هو الرغبة (باختلاف درجاتها). والمثال الواضح جدا على كونها لا تستلزم القدرة هو إرادة فرعون استفزاز موسى عليه السلام وبني إسرائيل من الأرض، وهو لم ينجح بالطبع، قال تعالى: ﴿فأرادَ أنْ يستَفزَّهُم من الأرضِ فأغرقناهُ ومن معهُ جميعا﴾. بالمثل محاولة قوم إبراهيم إحراقه عليه السلام، قال تعالى: ﴿فأرادُوا به كيداً فجعلناهُمُ الأسفَلِين﴾. وبالمثل قول الله عن الكافرين: ﴿كلَّما أرَادوا أن يَخرُجُوا منها من غمٍ أعِيدوا فيها وذُوقوا عذابَ الحريق﴾. وقوله تعالى: ﴿يُريدونَ أن يطفِئوا نورَ اللهِ بأفواهِهم ويأبى اللهُ إلا أن يتمَّ نورَهُ وَلو كرهَ الكافرون﴾. وهذا ليس معناه أن كلمة الإرادة تنفي الاستطاعة أو التحقق (لكن لا تفيد وجوب أي منهما)، فمن الممكن أن نجد الكلمة مستعملة مع فاعل قادر مستطيع، مثل قول الله تعالى: ﴿ومن أرادَ الآخرةَ وسَعَى لها سَعْيها وهو مؤمنٌ فأولئكَ كانَ سَعيُهم مَشكُورا﴾. وقوله تعالى – وهو القادر على كل شيء – بعد أحكام الصيام ﴿يريدُ اللهُ بكمُ اليسرَ ولا يُريدُ بكمُ العُسر﴾، وقوله تعالى ﴿ولا يَحزُنك الذينَ يُسارعُونَ في الكفرِ إنَّهم لن يضرُّوا الله شيئاً يُريدُ اللهُ ألا يجعلَ لهم حظاً في الآخرةِ ولهم عذابٌ عظيم﴾، فالرغبة في هذه الأمثلة لا تنفي القدرة بالطبع.

إذن، المشيئة تستلزم القدرة والتحقق ولا تستلزم الرغبة، أما الإرادة فتستلزم الرضا لكن لا تستلزم القدرة والتحقق.

۳– نتائج :

١- من الممكن أن تختلف إرادة الله عن إرادة غيره، كما في قوله تعالى: ﴿والله يريدُ أن يتوبَ عليكمْ ويريدُ الذين يتبعونَ الشهواتِ أن تَميلوا ميلاً عظيما﴾، وقوله تعالى: ﴿ما كانَ لنبيٍّ أنْ يكونَ له أَسْرى حتى يُثخنَ في الأرضِ تُريدونَ عرضَ الدنيا واللهُ يُريدُ الآخرةَ واللهُ عزيزٌ حكيم﴾. لكن ما يشاءه (يقدره) غيره لا يكون إلا بفضل القدرة الإلهية وتحتها، أو بعبارة أخرى “بإذن الله”، أو “ما شاء الله ثم ما شاء غيره”. كما في قوله تعالى: ﴿وما تشاءُونَ إلّا أنْ يشاءَ الله إنَّ اللهَ كانَ عليماً حكيما﴾.

٢- لا يريد الله أبداً لعباده الكفر، لكنه يشاء (يقدّر، حقت كلمته) لعباده الكفر، وليس في القرآن الكريم استعمال للضلالة أو الهداية القدرية إلا بكلمة “يشاء”، مثل قوله تعالى﴿ولكنْ يُضلُّ من يشاءُ ويَهدِي من يَشاءُ ولتُسألُنَّ عما كنتُم تَعملُون﴾. لكن قد يُشكل على هذا قوله تعالى عن قوم نوح: ﴿ولا ينفعُكُم نُصْحِي إنْ أردتُّ أن أنصحَ لكمْ إنْ كانَ اللهُ يريدُ أنْ يُغويَكُم هو ربُّكم وإليه تُرجَعُون﴾، والجواب على هذا أن الإرادة هنا ليست مشيئة، وإنما هي – كما نقول – إرادة حقيقية (يصحبها رضا)، لأن الغواية هنا بمعنى العقاب، أو بعبارة الإمام الطبري “إن كان الله يريد أن يهلككم بعذابه” ومعاقبة الكافرين أمر يرضاه الله بلا شك.
وفي النقطتين السابقتين حل لإشكالات كثيرة نتجت عن استقرار المتكلمين على القول بالترادف بين الإرادة والمشيئة.

٣- عندما يكون الشيء أو الفعل مقدوراً عليه قطعاً ومرغوباً فيه يمكن استعمال المشيئة (أو مرادفاتها مثل القدر والقضاء) والإرادة بالتبادل، كما في قوله تعالى: ﴿إنَّما قولُنَا لشيءٍ إذا أردْناهُ أن نقولَ لهُ كُن فَيكُون﴾ وقوله تعالى: ﴿هوَ الذي يُحيي وَيُمِيتُ فإذا قضَى أمْراً فإنَّما يقولُ له كنْ فَيَكون﴾

٤- أقترح استخدام الزوج : (المشيئة/الإرادة) بدلاً من الزوج (الإرادة القدرية/الإرادة الشرعية)، لأن الزوج الأول استعمال قرآني كما تبين أعلاه.

المصدر : أثارة .
 
أحيانا عند قراءتي للقرآن أحتاج للاستفسارات عن بعض معاني الآيات
هل أضعهم في هذا الموضوع أم أضع كل استفسار في موضوع مستقل؟
 
السلام عليكم ورحمة الله زبركاته
اسمحوا لي أن أدلي بدلوي في هذه المسألة
قال تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَعَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (الإسراء:18)
لماذا لم يتبدل المكان بين الفعلين في الآية [نشاء] و [نريد]؟
مع احترامي وتقديري لما قدمه الدكتور رضا زيدان، فإن البيان الطويل الذي قدمه لم يفصل في المسألة فصلا، وكثير من المعاني متكررة فضلا عن الكلام
والمسألة يخشى على من يخوض فيها أن يخوض في الكلام والفلسفة، وإني لا أحب كليهما، فإني أحب الجلاء والوضوح، وأكره التعقيد والتفلسف.
وقد دفعني للرد على هذه المسألة شيء لفت نظري ألا وهو:

إن الفعل [شاء، يشاء ...] في أكثر مواضعه في القرآن ورد ورود الفعل اللازم، من غير مفعول به صريح، هذا رغم جواز أن يتعدى [شاء، يشاء، ..] بنفسه، والمرات القليلة التي ورد فيها متعديا صراحة ورد متعديا لمصدر مؤول من أن والفعل المضارع مثال:
قول الله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) الفرقان57
وقوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) المدثر37

أما الفعل [أراد، يريد ...] فإنه لابد متعد بنفسه، فلابد له من مفعول به.
ومن هنا نقرر:
أولا: لا يصح أن يحل هذا محل ذاك، لأنه وإن جاز تعدي الفعل [شاء] لكنه قليل الاستعمال متعديا تعديا صريحا نادر.
ثانيا: تأملوا مفعول الفعل [نريد] في الآية (مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ) إنه عاقل، المفعول عاقل، إننا يمكننا أنقبل قولك: أريد محمدا، أريد الطلاب، أريد زوجة، لكن قولك: أشاء محمدا، أشاء الطلاب، أشاء زوجة، قد يصح قاعديا لكنه ركيك المعنى.

وعلى ما تقدم فإنه لا يصح أن يحل أحدهما محل الآخر بدعوى أنهما مترادفان، فشتان بين معنى كل منهما، لذا لا يصح التبادل فيما بينهما في الآية أو في غيرها، لأن المعنى سيضطرب.
هذه لمحة رأيتها قد تخيب، فإن أصابت وصحت فمن الله والحمد لله له الفضل والمن، وإن خابت فمن نفسي ومن الشيطان، وأعوذ بالله من الزلل والخوض في كتاب الله عن هوى أو بغير علم.
وتقبلوا تحياتي
أخوكم
د. محمد الجبالي
 
السلام عليكم ورحمة الله زبركاته
اسمحوا لي أن أدلي بدلوي في هذه المسألة
قال تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَعَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (الإسراء:18)
لماذا لم يتبدل المكان بين الفعلين في الآية [نشاء] و [نريد]؟
مع احترامي وتقديري لما قدمه الدكتور رضا زيدان، فإن البيان الطويل الذي قدمه لم يفصل في المسألة فصلا، وكثير من المعاني متكررة فضلا عن الكلام
والمسألة يخشى على من يخوض فيها أن يخوض في الكلام والفلسفة، وإني لا أحب كليهما، فإني أحب الجلاء والوضوح، وأكره التعقيد والتفلسف.
وقد دفعني للرد على هذه المسألة شيء لفت نظري ألا وهو:
إن الفعل [شاء، يشاء ...] في أكثر مواضعه في القرآن ورد ورود الفعل اللازم، من غير مفعول به صريح، هذا رغم جواز أن يتعدى [شاء، يشاء، ..] بنفسه، والمرات القليلة التي ورد فيها متعديا صراحة ورد متعديا لمصدر مؤول من أن والفعل المضارع مثال:
قول الله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) الفرقان57
وقوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) المدثر37
أما الفعل [أراد، يريد ...] فإنه لابد متعد بنفسه، فلابد له من مفعول به.
ومن هنا نقرر:
أولا: لا يصح أن يحل هذا محل ذاك، لأنه وإن جاز تعدي الفعل [شاء] لكنه قليل الاستعمال متعديا تعديا صريحا نادر.
ثانيا: تأملوا مفعول الفعل [نريد] في الآية (مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ) إنه عاقل، المفعول عاقل، إننا يمكننا أنقبل قولك: أريد محمدا، أريد الطلاب، أريد زوجة، لكن قولك: أشاء محمدا، أشاء الطلاب، أشاء زوجة، قد يصح قاعديا لكنه ركيك المعنى.
وعلى ما تقدم فإنه لا يصح أن يحل أحدهما محل الآخر بدعوى أنهما مترادفان، فشتان بين معنى كل منهما، لذا لا يصح التبادل فيما بينهما في الآية أو في غيرها، لأن المعنى سيضطرب.
هذه لمحة رأيتها قد تخيب، فإن أصابت وصحت فمن الله والحمد لله له الفضل والمن، وإن خابت فمن نفسي ومن الشيطان، وأعوذ بالله من الزلل والخوض في كتاب الله عن هوى أو بغير علم.
وتقبلوا تحياتي
أخوكم
د. محمد الجبالي
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

من يعرف جزاه الله خيرا هل الذي جعل الله له جهنم يصلاها في الآية تعود على من يريد العاجلة أو تعود على لمن عجلت لهم العاجلة "لمن نريد"
 
(Untitled)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الوعيد المذكور في الآية لمن أراد العاجلة وآثرها على الآخرة. وهذا لا شك هو حال الكافر فإنه هو الذي يؤثر الدنيا العاجلة الفانية على الآخرة الباقية. فيكون كل كده لتحصيل دنياه. (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم).
اما قوله سبحانه (لمن نريد) اي ان الله تعالى يعطي من الدنيا ما شاء لمن شاء. فالكل تابع لمشيئته وحكمته جل جلاله.
 
جزاك خيرا الاخ ناصر، و لماذا لا يكون أن الذي لم يعجل لهم العاجلة كان خيرا لهم و بالتالي لن يدخلوا جهنم لأنهم قد يثوبوا قبل موتهم و لقد جعل الله إعطاء الدنيا لمن يريد العاجلة علامة لدخولهم النار و قد قال الله تعالى" وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَ ٰ⁠لُهُمۡ وَأَوۡلَـٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُعَذِّبَهُم بِهَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ﴾ [التوبة ٨٥]، و هناك من فسر، لمن نريد غير الآية ب لمن نريد إهلاكه.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إرادة الله:
إرادة الله العظمى بالعباد هي إرادة قائمة على الرحمة و اليسر و الهداية فهو الرحمن الرحيم فلهذا الله يريد الآخرة، رحمه اللهو له أيضا إرادة خاصة و هي إرادة الله الإهلاك لمن يريد غير ما أراده الله أي من يريد العاجلة و تلك الإرادة هي إرادة عدل فلهذا الجنة رحمته، قوله تعالى{ {{وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ } }} [ الأنفال:67] و النار عدله. قوله تعالى :{ مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحࣲ وَعَادࣲ وَثَمُودَ وَٱلَّذِینَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ یُرِیدُ ظُلۡمࣰا لِّلۡعِبَادِ ۝٣١﴾ [غافر ٣٠-٣١]{{ .

فمن أراد ما أراده الله حصل له ما سعى له و من خالف ما أراده الله، حصل له إرادة الإهلاك و هي إرادة عدل.
{
أمثلة إرادة الرحمة و اليسر و الهداية لمن أراد إرادته العظمى :

*{یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ}البقرة [١٨٥]
*{یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمۡ وَیَهۡدِیَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَیَتُوبَ عَلَیۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ ۝٢٦} سورة النساء
*{یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا }۝٢٨
*{ {وَقَرۡنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِینَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَیۡتِ وَیُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِیرࣰا﴾ [الأحزاب ٣٣]

أمثلة إرادة إهلاك و هي إرادة عدل لما خالف إرادته العظمى:

* و قوله تعالى :
{وَلَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِۚ إِنَّهُمۡ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ أَلَّا یَجۡعَلَ لَهُمۡ حَظࣰّا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمٌٌ}[المائدة:41]

* و قوله تعالى:
فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَ ٰ⁠لُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُعَذِّبَهُم بِهَا فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ ۝٥٥[التوبة]


بينما إرادة الشيطان للعباد هي إرادة قائمة على الإضلال،
{* {وَیُرِیدُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَن یُضِلَّهُمۡ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدࣰا ۝٦٠ [النساء] إِنَّمَا یُرِیدُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَن یُوقِعَ بَیۡنَكُمُ ٱلۡعَدَ ٰ⁠وَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ} }[المائدة:91]

ما نشاء
له علاقة بما قدر له ،ما روي في حديث{ {من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلّاماقُدِّرَلَهُ}}

و الله أعلم و أحكم
 
عودة
أعلى