تلك أمة قد خلت
تلك أمة قد خلت
رأيت هذا الرجل مرارا في مطبعته الكائنة بأرض شريف قرب العتبة بالقاهرة ،
وكان أهداني كثيرا من مطبوعاته القديمة ، ومنها هذا الكتاب : ( الفرقان )
وقصة كتاب الفرقان أن ابن الخطيب لما ألفه أودع فيه بعض الآراء التي تصطدم بأقوال علماء الأمة قديما وحديثا
وطبعه طبعة فاخرة في مطبعة دار الكتب المصرية ؛ ثم أراد أن يختبر كتابه قبل طرحه للبيع فوزع على كبار العلماء
نسخا منه ، فلما نظروا فيه كان منهم المهاجِم الذي يتهم المؤلف ،
ومنهم من ارتضى الكتاب للمناقشة دون تشدد أو تشنج ،
ولكن هيئة كبار العلماء أوصت بمصادرة الكتاب ،
وأمرت النيابة العامة بالمصادرة لحين الانتهاء من التحقيق مع المؤلف
وكان المحامي الذي تولى الدفاع عن الكتاب والكاتب امرأته ( مفيدة عبد الرحمن محمد )
وهي ابنة عبد الرحمن محمد صاحب أشهر دار لطباعة المصحف بالصنادقية بالأزهر ،
وانتهى التحقيق بتغليب رأي الأزهر لمنع الكتاب من التداول وكفى .
وبعد وفاة الرجل بنحو ثلاثين عاما ظهرت كميات ضخمة من نسخ الكتاب لدى تجار الكتب المستعملة ،
كانت في مستودعات مديرية أمن القاهرة _ هكذا زعموا _
ومن غرائب الأمور وعجائب المقدور أن الكتاب صار مشهورا ومطلوبا فارتفع سعره حتى نفدت نسخه ،
وكأن الذين تلقفوا رأي المهاجمين بالأمس يتلقفون الرأي الآخر اليوم بالرضا والقبول ؛
ولاسيما بعد أن تبنى بعض الناس بعض آراء ابن الخطيب في الرسم وغير ذلك .
واليوم نرى الكتاب معدودا من النوادر ؛ فسبحان ربك ! كيف صارت الأمور ؟
وكنت سمعت بعض مَن يعرفون ابن الخطيب يقولون : إنه ينتسب إلى أهل البيت
ولا أعرف ما صحة ذلك ؟ وبالله التوفيق .