جواب د . أنمار مبني على أن المراد بالحرف في حديث من قرأ حرفاً من كتاب الله هو الحرف الهجائي , وهو أحد الأقوال في المسألة , وهو رأي ابن قدامة ,إلا أنه خلاف ما عليه التحقيق وهو أن المراد به اسم ُالحَرْف أيْ الكلمة لا الحَرْف الهجائيّ , وهو اختيارُ شيخِ الإسلام ابنُ تيميةَ وابنُ مفلح وابنُ كثير وابنُ الجزريّ رحمهم الله
قال ابنُ تيميةَ رحمه الله :" ولَفْظُ الحرفِ يُرَادُ بهِ الاسمُ والفعلُ وحروفُ المعاني واسمُ حروفِ الهجاءِ ، ولهذا سَأَلَ الخليلُ أصحابَه : كيفَ تنطقونَ بالزَّايِ مِن زَيْدٍ ؟ فقالوا : زَاي . فقال : نطقتمْ بالاسمِ ،وإنّما الحرفُ " ز " .فبيّنَ الخليلُ أنّ هذه التي تُسمَّى حروف الهجاء هي أسماءٌ وكثيرًا ما يُوجد في كلام المتقدمينَ هذا " حَرْفٌ مِن الغريب " يُعَبِّرُونَ بذلك عن الاسم التّامِّ ، فَقَوْلُه صلى الله عليه وسلم: [ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ ] مَثَّلَهُ بِقَوْلِه : [ ولكنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، ولاَمٌ حَرْفٌ، ومِيمٌ حَرْفٌ وعلى نَهْجِ ذلكَ : وذلكَ حَرْفٌ ، والكتابُ حَرْفٌ ونحو ذلكَ .
وقد قيلَ : إنّ " ذلكَ " أَحْرُفٌ و " الكتاب " أحْرُفٌ ، وروي ذلكَ مُفسَّرًا في بعض الطُّرق ".المرجع :مجموع فتاوى ابن تيمية ( 12 / 107 )
وقالَ ابنُ مفلح :" واختارَ الشيخُ تقيُّ الدين – أيْ ابن تيمية – أنّ المرادَ بالحروفِ الكلمةَ سواء كانت اسمًا أو فعلاً أو حَرْفًا أو اصطلاحًا ، واحتجَّ بالخبر المذكور ، فلولا أن المرادَ بالحَرْفِ الكلمةَ لا حَرْفَ الهجاءِ : لكانَ في " أَلِفْ لامْ مِيمْ " تِسْعُونَ حَسَنة ، والخبرُ إنّما جعلَ فيه ثلاثين حَسَنة ،وهذا وإنْ كانَ خِلافَ المفهومِ والمعروفِ مِن إطلاقِ الحَرْفِ، فقد استعمله الشَّارِعُ هُنا والله أعلم ".المرجع :الآداب الشرعية ( 2 / 312 )
وقالَ ابنُ الجزريِّ :" وقد سألتُ شيخنا شيخَ الإسلام ابنَ كثير رحمه الله تعالى : ما المرادُ بالحَرْفِ في الحديثِ ؟ فقال : الكلمةُ ؛ لحديثِ ابن مسعودٍ رضي الله عنه مَنْ قَرَأَ القرآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ ... ]( ) الحديث . وهذا الذي ذَكَرَهُ هو الصحيحُ ؛ إذْ لو كانَ المرادُ بالحَرْفِ حَرْفَ الهجاءِ لكانَ أَلِفٌ بِثَلاثَةِ أَحْرُفٍ ولاَمٌ بِثَلاثَةٍ ومِيمٌ بِثَلاثَةٍ ، وقد يَعْسُرُ على فَهْمِ بعض الناس فينبغي أنْ يُتفطَّنَ لَهُ فكثيرٌ مِن الناسِ لا يعرفه . المرجع :النشر في القراءات العشر ( 2 / 453 – 454 ) .
ولذا ألا ترون أن تحرير مسألة الرسم هل هي توقيفية أم اصطلاحية هي مفتاح لمثل هذه الاختلافات , فإن كان توقيفاً فليس للعقول مدخل فيه فما ظهر لنا منه قلنا به لا على سبيل القطع ,وإلا وكلنا أمره إلى الله , وإن كان اصطلاحياً , فجوابه في دراسة هذا الاصطلاح والقواعد التي بني عليها وهنا في مثالنا تدرس قاعدة الزيادة والحذف اسأل الله أن يوفقنا جميعاً للفهم في كتابه .