سؤال عن صفة الترجيع في القراءة

إنضم
25/04/2003
المشاركات
264
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
السعودية
روى البخاري في صحيحه في باب الترجيع عن عبد الله بن مغفل قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو على ناقته أو جمله وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قراءة لينة يقرأ وهو يرجع .
والسؤال :
ما صفة الترجيع ؟ وهل تناول أحد هذه المسألة ببحث مستقل ؟
 
بسم الله
جاء في كتاب معجم علوم القرآن لإبراهيم الجرمي : ( الترجيع :

1: الترجيع في تلاوة القرآن الكريم :
له إطلاقات متعددة :

1- تحسين التلاوة والتأني بها ، فكأن في الترجيع قدراً زائداً من التأني والتؤدة والخشوع . ومنه حديث أم هانئ :
( كنت أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وأنا نائمة على فراشي يرجّع القرآن ) .
وعن علقمة قال : بت مع عبدالله بن مسعود في داره فنام ثم قام ، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حيه لا يرفع صوته ، ويسمع من حوله ، ويرتل ، ولا يرجع .

2- تمويج الصوت أثناء القراءة لا سيما المدود .
ومنه حديث عبد الله بن مغفل المزني : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح فرجع فيها .
قيل لمعاوية : كيف كان ترجيعه ؟ قال : آ آ آ _ ثلاث مرات _ ) .

2: الترجيع في الأذان .... ) ثم ذكر صفته المعروفة في كتب الفقه والحديث . ص91 .

وقد تعرض الدكتور عبدالعزيز القارئ لهذه المسألة في كتابه : سنن القراء ومناهج المجودين في مبحث : سنة التغني بالقرآن . وتكلم عنها فيما يقارب الأربع صفحات من 89-92 .

ولا أعلم هل بحثت بحثاً مستقلاً أم لا .

جاء في شرح صحيح مسلم للنووي : ( [‏ش ‏(‏فرجع في قراءته‏)‏ قال القاضي‏:‏ أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ والأحاديث الواردة في ذلك محمولة على التحزين والتشويق‏.‏ قال‏:‏ واختلفوا في القراءة بالألحان‏.‏ فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم‏.‏ وأباحهم أبو حنيفة وجماعة من السلف‏.‏ والترجيع ترديد الصوت في الحلق‏.‏ وقد حكى عبدالله بن مغفل ترجيعه عليه السلام بمد الصوت في القراءة‏.‏ نحو آ آ آ‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ وهذا إنما حصل منه، والله أعلم، يوم الفتح‏.‏ لأنه كان راكبا، فحدث الترجيع في صوته‏]‏‏.‏ ) وقد رد الشيخ عبدالعزيز القارئ على رأي ابن الأثير وذكر أنه تكلف في ضرب الاحتمالات .
 
الترجيع :
تقارب ضروب الحركات في الصوت ، نحوآ آ آ ، وهو نوع من التغني الجائز ، وهو نوع من الترتيل ، إلا أنه يزيد عليه بهذا القدر من التغني ، وحمله بعض العلماء على تكرار الآية أو بعضها.
وقد وردت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما جاء عن " شعبة ، عن معاوية بن قُرّة المُزني عن عبد الله بن المغفَّل المُزنيّ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح ، أو من سورة الفتح ، قال فرجّع فيها ، قال : ثم قرأ معاوية يحكي قراءة ابن مغفّل ، وقال لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل يحكي النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت لمعاوية كيف كان ترجيعه قال آ آ آ ثلاث مرات " أخرجه البخاري بهذا اللفظ في صحيحه ، في كتاب التوحيد ، " باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه " صـ 1301 رقم الحديث [ 7540 ] وروه مسلم بنحوه في صحيحه ، " باب كيف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة الفتح يوم فتح مكة " صـ 321 رقم الحديث [ 1853 ] .
وقيل إن الترجيع منه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كان بسبب هزّ الراحلة ، وقد أباه المحققون ، فقال ابن القيم (ت 751 هـ ) في زاد المعاد 1/ 483 بعد ذكر هذا الحديث " وإذا جمعت هذه الأحاديث إلى قوله : { زينوا القرآن بأصواتكم } وقوله : { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } وقوله : { ما أَذِن الله لشيء كأَذَنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن } علمت أن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة لما كان داخلا تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختيارا ليؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوته، ثم يقول كان يرجع في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة لم يكن منه فعل يسمى ترجيعا " . .
وورد عن أم هاني ـ رضي الله عنها ـ بنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أنها قالت : " كنت أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ – وأنا نائمة على فراشي ـ يرجع القرآن ".
وقد أبان الشيخ محمد أبو زهرة عن المعاني التي تضمنها الترجيع في قوله رحمه الله[مقال التغني بالقرآن الكريم في مجلة كنوز الفرقان ، العدد الثامن ، صـ 19. ] : " فهذه الآثار كلها تدل على أنه عليه السلام أباح التغني بالقرآن ، وأباح ترجيع الكلمات مترنمًا بمعانيها مردداً لها بترديد ألفاظها ، كما يفعل الأديب عند ترديد بيت من الشعر أدرك معناه واستطابه ، فردده استحسانا له ، ولجودة التعبير وسلامته ، وكما فعل عليه السلام عند ترجيعه ... فإن ترديد ذلك في عام الفتح إنما هو من شكر المنعم به ، وهو استذكار للانتقال من الضعف إلى القوة ، ومن الفتنة في الدين إلى جعل الكلمة العليا لدين رب العالمين .
وإذا كان الترجيع ليس إلا ترديدا ً للمعنى وتذوقا له واستطابه واعتباراً به ، فكذا يكون التغني الذي استحسنه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ أن العرب الذين كانوا يقرؤون القرآن كانوا على علم بأساليب البيان ، ومعاني الفرقان ، فكانوا يترنمون بالألفاظ ترجيعاً لمعناها ، وتذوقاً لجمالها ، واستحساناً لأسلوبها .
وعلى ذلك يكون تحسين القراءة بالصوت الجميل الغرض منه أن يسهل على السامع فهم المعنى وتذوقه ، وإدراك جمال الأسلوب ، وجمال الألفاظ" .
ولقد شدّد العلماء فيما يتعلق بترجيع القرآن الكريم والتغني به ، ووضعوا لذلك معايير دقيقة ، وهي عدم الخروج عن حدود التجويد ، وأن لا يكون التغني لمجرد النغم من غير نظر إلى المعاني ، وأن لا يكون مشابها لترجيع الغناء المنافي للخشوع الذي هو مقصود التلاوة، ولهذا نصّ العلماء – رحمهم الله – على منع القراءة بالترعيد والترقيص والتطريب ، أما الترعيد في القراءة فهو أن يأتي بالصوت إذا قرأ مضربا كأنه يرتعد من برد أو ألم ، وأما الترقيص فهو أن يروم السكوت على الساكن ثم ينفر مع الحركة كأنه في عدو وهرولة ، وأما التطريب فهو أن يتنغم بالقراءة ويترنّم بحيث يزيد في المد في موضع المد وغيره.
 
أحسن الله إليكم.
وبهذا اتضح لي أن النهيَ عن الترجيع إن كان لمجرد النغم دون النظر إالى لمعنى يكون منهيًا عنه، وإن كان لأجل استشعار المعنى يكون جائزًا.
 
عودة
أعلى