سؤال عن الفرق بين التعبير بـ (أَنْزَل) و (نَزَّلَ) ؟

إنضم
20/03/2006
المشاركات
14
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
قال تعالى {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة } آل عمران الآية:2 وقال تعالى {..وأنزل الفرقان...} آل عمران الآية 3 مالفرق بين أنزل ونزل يالآيات السابقة السابقة .
 
السلام عليكم
قال الاصفهاني في كتابه "مفردات القرآن الكريم" :النزول في الأصل هو انحطاط من علو. يقال: نزل عن دابته، ونزل في مكان كذا: حط رحله فيه، وأنزله غيره. قال تعالى: "أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين" [المؤمنون/29] ونزل بكذا، وأنزله بمعنى، وإنزال الله تعالى نعمه ونقمه على الخلق، وإعطاؤهم إياها، وذلك إما بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن، إما بإنزال أسبابه والهداية إليه، كإنزال الحديد واللباس، ونحو ذلك، قال تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب" [الكهف/1
وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل، لما روي: (أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجم فنجما) (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال: أنزل القرآن في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام الناس.
وقال القرطبي :يَعْنِي الْقُرْآن وَالْقُرْآن نُزِّلَ نُجُومًا : شَيْئًا بَعْد شَيْء ; فَلِذَلِكَ قَالَ " نَزَّلَ " وَالتَّنْزِيل مَرَّة بَعْد مَرَّة . وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل نَزَلَا دُفْعَة وَاحِدَة فَلِذَلِكَ قَالَ " أَنْزَلَ " .
 
السلام عليكم

يجدر بنا أن نضع الآية مع ما قبلها وما بعدها ثم نواصل

قال تعالى (الــم اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ)

فإذا كان الكتاب هو القرآن---والتوراة هي التوراة---والإنجيل هو الإنجيل---فما الفرقان؟؟

بانتظاركم لنتحاور
 
أخي الكريم الأستاذ ( جمال الشرباتي )
سلام الله عليكم
سؤالكم وجيه و طيب ،
و إن جاز لي أن أسبق إلى بيان ما تفضلتم بطرحه ، و ربما تكملون جوابه ،
فوجهه : أن الفرقان هنا غير الكتاب المذكور في أول الآية ، و إلا كان تكرارا بلا داع ،
فالكتاب المذكور هو القرآن ،
و الفرقان هنا :هو الفصل بين بين الحق و الباطل في أمر ما ،

و اختلف في محل هذا الفصل بين الحق و الباطل ،
قال الإمام الطبري في تفسيره :

( يعنـي جل ثناؤه بذلك: وأنزل الفصل بـين الـحقّ والبـاطل، فـيـما اختلفت فـيه الأحزاب وأهل الـملل فـي أمر عيسى وغيره. وقد بـينا فـيـما مضى أن الفُرقان إنـما هو الفُعلان من قولهم: فرق الله بـين الـحقّ والبـاطل يفصل بـينهما بنصره بـالـحق علـى البـاطل؛ إما بـالـحجة البـالغة، وإما بـالقهر والغلبة بـالأيدي والقوّة.

وبـما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل، غير أن بعضهم وجه تأويـله إلـى أنه فصل بـين الـحق والبـاطل فـي أمر عيسى، وبعضهم إلـى أنه فصل بـين الـحق والبـاطل فـي أحكام الشرائع. ذكر من قال: معناه: الفصل بـين الـحقّ والبـاطل فـي أمر عيسى والأحزاب:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ } أي الفصل بـين الـحقّ والبـاطل، فـيـما اختلف فـيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره.

ذكر من قال: معنى ذلك الفصل بـين الـحقّ والبـاطل فـي الأحكام وشرائع الإسلام:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ } هو القرآن أنزله علـى مـحمد وفرق به بـين الـحقّ والبـاطل، فأحلّ فـيه حلاله، وحرّم فـيه حرامه، وشرع فـيه شرائعه، وحدّ فـيه حدوده، وفرض فـيه فرائضه، وبـين فـيه بـيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: { وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ } قال: الفرقان: القرآن فرق بـين الـحقّ والبـاطل.

والتأويـل الذي ذكرناه عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير فـي ذلك، أولـى بـالصحة من التأويـل الذي ذكرناه عن قتادة والربـيع، وأن يكون معنى الفرقان فـي هذا الـموضع: فصل الله بـين نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم والذي حاجوه فـي أمر عيسى وفـي غير ذلك من أموره بـالـحجة البـالغة القاطعة عُذْرَهم وعُذْرَ نظرائهم من أهل الكفر بـالله.

وإنـما قلنا هذا القول أولـى بـالصواب، لأن إخبـار الله عن تنزيـله القرآن قبل إخبـاره عن تنزيـله التوراة والإنـجيـل فـي هذه الآية قد مضى بقوله: { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ولا شك أن ذلك الكتاب هو القرآن لا غيره، فلا وجه لتكريره مرّة أخرى، إذ لا فـائدة فـي تكريره، لـيست فـي ذكره إياه وخبره عنه ابتداء ) .
 
الأخ الدكتور أبو بكر الفاضل المحترم

أعجبني كلامك الطيّب والذي فحواه بما نقلت لنا من قول الطبري أنّ الفرقان غير القرآن

ولكنّي رأيت للرازي رحمه الله قولا فيها نصه ( والمختار عندي في تفسير هذه الآية وجه رابع، وهو أن المراد من هذا الفرقان المعجزات التي قرنها الله تعالى بإنزال هذه الكتب، وذلك لأنهم لما أتوا بهذه الكتب وادعوا أنها كتب نازلة عليهم من عند الله تعالى افتقروا في إثبات هذه الدعوى إلى دليل حتى يحصل الفرق بين دعواهم وبين دعوى الكذابين، فلما أظهر الله تعالى على وفق دعواهم تلك المعجزات حصلت المفارقة بين دعوى الصادق وبين دعوى الكاذب، فالمعجزة هي الفرقان، فلما ذكر الله تعالى أنه أنزل الكتاب بالحق، وأنه أنزل التوراة والإنجيل من قبل ذلك، بين أنه تعالى أنزل معها ما هو الفرقان الحق، وهو المعجز القاهر الذي يدل على صحتها، ويفيد الفرق بينها وبين سائر الكتب المختلفة، فهذا هو ما عندي في تفسير هذه الآية، )

فهل هو بالفعل قول رابع؟؟

أم أنّه من جنس قول الطبري الذي نصه

(وأن يكون معنى الفرقان فـي هذا الـموضع: فصل الله بـين نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم والذي حاجوه فـي أمر عيسى وفـي غير ذلك من أموره بـالـحجة البـالغة القاطعة عُذْرَهم وعُذْرَ نظرائهم من أهل الكفر بـالله.)

بالإنتظار
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده
الأخوة الكرام : سلام الله عليكم و رحمته وبركاته ، وجزاكم الله خيرا و أجزل لكم العطاء .
لقد كان السؤال الأصلى فى المشاركة هو الفرق بين التعبير القرآنى أنزل و نزل ، ولأن الكلام ذو شجون فقد تطرق بحثكم لمعنى كلمة الفرقان فى اية سورة آل عمران .
و عود على بدء ارجع للسؤال الأول و هو الفرق بين أنزل و نزل و الفرق بين أنزل و نزل يستتبعه التوسع بالحديث عن نزول القرآن و هو مبحث مهم فى علوم القرآن ، أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنى فى عرض هذا الموضوع .
ذكر العلماء فى الفرق بين أنزل و نزل أن أنزل تذكر مع تنزيل القرآن جملة إلى السماء الدنيا و استدلوا على ذلك بقول الله تبارك وتعالى (إنا أنزلناه فى ليلة القدر ) (إنا أنزلناه فى ليلة مباركة ) (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان )، ونزل تستخدم فى التنعبير على النزول المنجم المفرق خلال ثلاث و عشرين عاما ،واستدلوا على ذلك بقول الله تبارك وتعالى (و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا ).
و هنا يتبين لنا أن للعلماء فى هذه المسألة أقوال:
القول الأول : و هو أن للقرآن نزولان ؛ نزول جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا و هذا النزول إنزال كلى للقرآن الكريم ، و الثانى نزول منجم مفرق حسب الأحداث على النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى ثلاث و عشرين سنة ، ومن أصحاب هذا الفريق الصحابى الجليل عبدالله بن عباس رضى الله عنهما ، ولقد وردت أخبار صحيحة كثيرة عن ابن عباس فى هذا الشأن منها :
1-(أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر ، ثم أنزل بعد ذلك فى عشرين سنة ، ثم قرأ : (و لا يأتونك بمثل إلاجئناك بالحق و أحسن تفسيرا ) (و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) رواه الحاكم والبيهقى والنسائى .
2-( فصل القرآن من الذكر فوضع فى بيت العزة من السماء الدنيا ، فجعل جبريل ينزل به على النبى صلى الله عليه وسلم ) رواه الحاكم .
3-(أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ، وكان بمواقع النجوم ، وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه فى إثر بعض )رواه الحاكم و البيهقى .
4- (أنزل القرآن فى ليلة القدر فى شهر رمضان إلى سماء الدنيا جملة واحدة ، ثم أنزل نجوما ) رواه الطبرانى .

القول الثانى : وهو الذى روى عن الشعبى أن المراد من نزول القرآن فى الآيات الثلاث هو ابتداء نزوله فى ليلة القدر فى شهر رمضان و هى الليلة المباركة ، ثم تتابع نزوله متدرجا مع الوقائع و الاحداث فى قرابة ثلاث و عشرين سنة فليس للقرآن سوى نزول واحد و هو نزوله منجما على رسول الله لأن هذا هو الذى جاء به القرآن ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا )بل إنه ما اعترض الكفار إلا على نزول القرآن منجما فقالوا ( وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ) و يؤيد هذا ما عليه المحققون فى حديث بدء الوحى عن عائشة قالت :(أول ما بدىء به النبى من الوحى الرؤيا الصادقة فى النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتى حراء فيتحنث فيه الليالى ذوات العدد و يتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة رضى الله عنها فتزوده لمثلها ، حتى فاجأه الحق و هو فى غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ، قال رسول الله :فقلت ما أنا بقارىء ، فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال : اقرأ، فقلت : ما أنا بقارىء ، فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال : اقرأ، فقلت ما أنا بقارىء ، فغطنى الثالثة حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال : ( اقرأباسم ربك الذى خلق ..)
القول الثالث : يرى أن القرآن أنزل إلى السماء الدنيا فى ثلاث و عشرين ليلة قدر فى كل ليلة منها ما يقدر الله إنزاله فى كل السنة و هذا القدر الذى يخص السنة ينزل بعدها على النبى على مدار السنة ، وهذا الرأى مجرد اجتهاد من العلماء و لا دليل عليه .
القول الرابع : ومن العلماء من يرى أن القرآن نزل أولا جملة إلى اللوح المحفوظ مستدلا بقوله تعالى (بل هو قرآن مجيد * فى لوح محفوظ ) ثم أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا على النبى صلى الله عليه وسلم ، فهى بذلك تنزلات ثلاثة .
و الذى يترجح لنا بعد هذا العرض لأقوال أهل العلم ، أن القرآن الكريم مثبت فى اللوح المحفوظ - شأنه فى ذلك شأن سائر المغيبات المثبتة فيه - ونزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى السماء الدنيا فى ليلة القدر فى شهر رمضان - كما روى عن ابن عباس - ثم نزل منجما تبعا للحوادث و متطلبات التشريع - كما روى عن ابن عباس و الشعبى - ، و بهذا يتنافى التناقض و التعارض بين الأقوال كلها -إذا استثنينا القول الاجتهادى الثالث - و الحمد لله .
و معلوم أن الكتب السماوية قبل القرآن كانت تنزل جملة واحدة و يدل على هذا قول الله تبارك وتعالى ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا)و هذه الآية تدل على أن الكتب السماوية نزلت جملة واحدة ، وهو ما عليه جمهور العلماء ، ولو كان نزولها منجما لما كان هناك ما يدعو الكفار إلى التعجب من نزول القرآن منجما . و أسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننى لأكتب عن الحكمة من نزول القرآن الكريم منجما فى القريب .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ،
أما السؤال الثانى فى المشاركة فكان عن معنى كلمة الفرقان فى آية أل عمران (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه و أنزل التوراة و الإنجيل * من قبل هدى للناس و أنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد و الله عزيز ذو انتقام )صدق الله العظيم و أسوق إلى حضراتكم تفسير الامام ابن كثير لهذه الآية قال :
( و قوله تعالى ( نزل عليك الكتاب بالحق) يعنى نزل عليك القرآن يا محمد ( بالحق ) أى لا شك فيه و لا ريب ، بل هو منزل من عند الله ، أنزله بعلمه و الملائكة يشهدون ، وكفى بالله شهيدا ، وقوله ( مصدقا لما بين يديه ) أى من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله و الانبياء فهى تصدقه بما أخبرت به و بشرت فى قديم الزمان ، وهو يصدقها لأنه طابق ما أخبرت به و بشرت من الوعد من الله بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم و إنزال القرآن العظيم عليه . وقوله (و أنزل التوراة ) أى على موسى بن عمران ، ( و الإنجيل ) أى على عيسى بن مريم عليهما السلام ، ( من قبل ) أى من قبل هذا القرآن ، ( هدى للناس ) أى فى زمانهما ، ( و أنزل الفرقان ) و هو الفارق بين الهدى و الضلال و الحق والباطل و الغى و الرشاد بما يذكره الله تعالى من الحجج و البينات و الدلائل الواضحات و البراهين القاطعات و يبينه و يوضحه و يفسره و يقرره و يرشد إليه و ينبه عليه من ذلك ، وقال قتاده و الربيع بن أنس : الفرقان ههنا القرآن ، و اختار ابن جرير أنه مصدر ههنا لتقدم ذكر القرآن فى قوله ( نزل عليك الكتاب بالحق ) وهو القرآن . و أما ما رواه بن أبى حاتم عن أبى صالح أن المراد بالفرقان ههنا التوراة فضعيف جدا لتقدم ذكر التوراه و الله أعلم ) انتهى .

و من خلال عرض رأى الامام ابن كثير نرى أنه عرض ثلاث أراء :
1- أن الفرقان بمعنى الفارق بين الحق و الباطل و الهدى و الضلال و الرشد و الغى .
2-أن الفرقان بمعنى القرآن و نقله عن قتاده و الربيع بن أنس ، وسكت عليه و لم يعقب.
3- أن الفرقان بمعنى التوراة و نقله عن ابى صالح و قد ضعفه .

و ربما يكون المراد من المراد بالفرقان اى الفارق الذى يفرق بين هذه الكتب أو بين أتباع كل كتاب عن الكتب الأخرى ، أو بين أتباع الكتب ومخالفيها من أصحاب الديانة الواحدة .و الله تعالى أعلى و أعلم .
اللهم علمنا من القرآن ما جهلنا و ذكرنا منه ما نسينا و ارزقنا تلاوته آناء الليل و أطراف النهار على الوجه الذى يرضيك عنا .
 
الحكمة من نزول القرآن منجما

الحكمة من نزول القرآن منجما

الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لانبى بعده ،
أما عن الحكمة فى نزول القرآن منجما فقد ذكر العلماء منها حكما كثيرة لغل أهمها :

1- تثبيت فؤاد النبى صلى الله عليه و سلم :و هذا ما تدل عليه الآية الكريمة (و قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا)، وكان القرآن ينزل على قلب النبى صلى الله عليه و سلم فيجد و يجتهد فى إبلاغه للناس و كان يحزن و يشقى النبى بعناد القوم له و تكذيبهم إياه حتى قال الله (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا )فكان الوحى ينزل على النبى صلى الله عليه و سلم فترة بعد فترة بما يثبت قلبه على الحق و يشحذ عزمه للمضى قدما فى طريق دعوته .
و حينما يشتذ إيذاء قومه له و تكذيبهم إياه يتنزل عليه القرآن الكريم بقصص الرسل الذين سبقوه و يحكى له معاناة الرسل قبله و تكذيب قومهم لهم و أنه ليس بدعا فى هذا الأمر ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )(فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات و الزبر و الكتاب المنير ) و يأمره القرآن بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )بل صرح الله سبحانه و تعالى من حكمة قص قصص الأنبياء على النبى فقال جل شأنه (و كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ).
و هكذا كانت آيات القرآن الكريم تتنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم تباعا تسلية له بعد تسلية ، و عزاء له بعد عزاء ، حتى لا يأخذ منه الحزن مأخذه و لا يستبد به الأسى ، و لا يجد اليأس إلى نفسه سبيلا ، فله فى قصص الأنبياء أسوة ، و فى مصير المكذبين سلوى ، و فى العدة بالنصر بشرى ، وكلما عرض له شىء من الحزن بمقتضى الطبع البشرى تكررت التسلية ، فثبت قلبه على دعوته ، و اطمأن إلى النصر .

2- تيسير حفظه وفهمه : فلقد نزل القرآن فى أمة أمية لا تعرف القراءة و الكتابة - فى الغالب - بل سجلها فى تلك الذاكرة الحافظة التى أنعم الله عليهم بها ، فما كانت الأمة لتستطيع حفظ كتاب الله لو نزل جملة واحدة و ما كانت لتتدبر معانيه على الوجه الأكمل ، و لكن كانت الآيات تنزل على النبى فيحفظها الصحابة و يفهمونها و يتدبرون معانيها ، بل أصبح هذا هو أسلوب الصحابة فى تعليم التابعين ، فعن أبى نضرة قال : كان أبو سعيد الخدرى يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشى ، و يخبر أن جبريل كان ينزل بالقرآن خمس آبات خمس آيات ،و عن عمر قال : ( تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات ، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبى صلى الله عليه و سلم خمسا خمسا )رواه البيهقى فى شعب الإيمان .

3- مسايرة الحوادث و التدرج فى التشريع : فما كان الناس ليسلس قيادتهم للدين الجديد لولا أن القرآن عالجهم بحكمة ، فلم ينزل تحريم الزنا فقط بل نزل تحريم الخطوات الداعية له ، و لم ينزل تحريم الخمر مرة واحدة بل نزل على دفعات و هو الأمر الذى حبب القرآن إلى النفوس ، و فهمه لطبيعة البشر و كيفية اقتيادهم و جعلهم يقبلون على أحكام الدين بحب و لو عالجهم بقسوة لنفر الناس من هذا الدين الجديد لا سيما مع تأصل بعض الصفات الجاهلية فيهم كشرب الخمر مثلا و لكن انظر الى التدريج فى التشريع و أثره فى تحقيق الأغراض المنشودة .

4- التحدى و الإعجاز : وقد قال الله تبارك و تعالى ( و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا)أى و لا يأتونك بسؤال عجيب من أسئلتهم الباطلة إلا أتيناك نحن بالجواب الحق و بما هو أحسن معنى من اسئلتهم ، وتحدى الله تعالى العرب بالإتيان بمثله مع نزوله منجما أبلغ فى تحديهم فى الإتيان بمثله لو نزل جملة واحدة .

5- الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد:لعلك تتساءل كيف يكون نزول القرآن منجما دليلا على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد ؟ و سيكون ردى : انظر - يرحمك الله - إلى هذا القرآن الذى نزل على مدى ثلاث و عشرين سنة تنزل الآية تلو الآية بل تنزل على فترات متباعدة و مع ذلك تجده محكم النسج ، دقيق السبك ، مترابط المعانى ، رصين الأسلوب ، متناسق الآيات و السور كأنه عقد فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل فى كلام البشر (كتاب أحكمت أياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) و لو كان هذا القرآن من كلام البشر قيل على فترات متباعدة لوجدت فيه من الخلل ما لا يحصى و لوقع فيه التفكيك و الانفصام و خلى من التوافق و الانسجام ( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا ).

هذا و لا استطيع أن أحصى الحكمة من مراد الله تعالى بنزول القرآن منجما ، لكن هذا ما من الله تعالى على به ، فله الحمد و الشكر على نعمه التى لا تحصى و لا تعد ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ــــــــــــــــ
اعتذار : وقع منى خطأ فى المشاركة السابقة فى الصفحة نفسها فى كتابة الآية ( و قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن ) فأستغفر الله ، و أرجو من الأخوة التصويب ، و عفا الله عنى و عنكم .
ـــــــــــــــــــــ
* استفدت كثيرا فى المباحث السابقة من كتاب ( قراءات فى علوم القرآن والحديث ) للدكتور أحمد عبد الرحمن النقيب
 
السلام عليكم
هذا ما كان من شأن الفرق بين (أنزل )و(نزل) ومعنى الفرقان...ولكن ما الحكمة من ايراد الجعل في آية الزخرف 3,حيث يقول الله تعالى:"إِنَّا جَعلناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"؟
 
عودة
أعلى