[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
المقصود بالتنغيم في اللغة : جرس الصوت أثناء الكلام .
وهو فن عني به القدماء والمحدثون ، من أهل النحو واللغة ، وما قصة أبي الأسود الدؤلي مع ابنته التي قيل : إنها كانت من أسباب عزمه على وضع قواعد النحو ، إلا بداية للعناية بالتنغيم الصوتي أثناء الكلام ، حيث لم يفهم قصد ابنته لاختلاف الإعراب من جهة ، وربما لنغمة الصوت المصاحبة للكلام أيضاً ، بل إنني أرجح أن السبب في سوء الفهم كانت نغمة الصوت.
وقد وتعرض له المؤلفون في أداء القرآن الكريم ، وهو جانب ذو صلة قوية بعلم التجويد ، ويأتي مكملاً ومتمماً له .
ويُعنى به أيضاً النقاد في الأدب ، بحيث يتبين الناقد الأدبي المقصود من كثير من مقاصد الشعراء في أشعارهم ، بحسب اختلاف معنى البيت ، باختلاف النغمة الصوتية التي قيل بها ، ولذلك لما اختلف النقاد في شرح معنى قول المتنبي :
[align=center]عيد بأية حال عدت يا عيدُ * لما مضى أم لأمر فيك تجديدُ[/align]
هل هو استفهام ؟ أم تعجب ؟ أم غير ذلك .
قال أحدهم : لو كنا رأينا المتنبي وسمعناه وهو يلقي هذا البيت لعرفنا مقصده .
ويعنى به الباحثون في علم الأصوات اللغوية ، ومصطلح التنغيم صار أحد المصطلحات العلمية في علم الأصوات اللغوية الحديث .
وهو بحث يعنى به في أيامنا هذه الباحثون والمدربون في فن الإلقاء ، وتعليم الخطابة ، وكيف يجب على المخطيب والملقي للكلام أن ينوع درجات صوته ، لتناسب أغراض الكلام ، وبعض القراء للقرآن أقوم به من بعض ، ولذلك تفاوت تأثيرهم في المستمع .
وأول من نبه إلى التنغيم اللغوي من الباحثين المحدثين العرب ، هو الدكتور إبراهيم أنيس رحمه الله في كتابه (الأصوات اللغوية) ، حيث أشار إلى أن (البحث عن نظام درجات الصوت ، وتسلسله في الكلام العربي يحتاج إلى عون خاص من الموسيقيين عندنا ، ولسوء الحظ لم يهتد موسيقيونا إلى السلم الموسيقي في غنائنا ، أو بعبارة أخرى لم يتفقوا عليه ، ولهذا نؤثر ترك الحديث عن موسيقى الكلام العربي إلى مجال آخر ، عسى أن تكفل لنا البحوث المستقبلية القيام بهذا) [الأصوات اللغوية ص124]
وقد زادت بعد ذلك العناية بهذا الموضوع لدى الدراسين ، فتوسع في الإشارة إلى أهميتها الدكتور تمام حسان ، فعرف التنغيم بأنه :(ارتفاع الصوت وانخفاضه أثناء الكلام)[مناهج البحث في اللغة 164] ، وقال في موضع آخر عنه :(هو تغييرات تنتاب صوت المتكلم من صعود وهبوط لبيان مشاعر الفرح ، والغضب ، والإثبات ، والتهكم ، والاستهزاء ، والاستغراب).[ص164].
أنماط نغمات الصوت :
1- النغمة الصاعدة ، وتقابلها الهابطة .
2- النغمة الصاعدة جداً ، وتقابلها الهاطبة جداً .
3- النغمة الشيقة والمتسعة .
4- النغمة النهائية الصاعدة من الأدنى إلى الأعلى صعوداً يسيراً ، ثم المنخفضة.
وموضوع التنغيم اللغوي عني به الدارسون القدماء عناية تجدها متفرقة ومقتضبة في كتبهم في النحو واللغة والنقد الأدبي ، وقبل ذلك في كتب التجويد وأداء القرآن ، ومن الكتب التي عنيت بمواضع التنغيم اللغوي ، ولم أطلع عليه مفصلاً في جميع المواضع – كتاب (نجوم البيان في الوقوف وماءات القرآن) للسمرقندي ، الذي حقق مؤخراً في رسالة دكتوراه ولم يطبع بعدُ . حيث تعرض لمواضع تتعلق بالتنغيم ، ودلالة القارئ متى يرفع صوته ، ومتى يخفضه في أثناء تلاوته للقرآن الكريم.
ومن الدراسات الجيدة التي كتبت حول هذا الموضوع ، دراسة أصلها رسالة ماجستير للباحث سمير بن إبراهيم العزاوي ، بعنوان :(التنغيم اللغوي في القرآن الكريم) طبعته دار الضياء بالأردن ، عام 2000م . وأنصحك بالاطلاع عليه ، فقد حرص على استيفاء الجوانب المهمة للموضوع ، وعدد صفحاته 200 صفحة .
[align=center]
[/align]
وهناك بحث للدكتور كاصد ياسر حسين بعنوان (الجرس والإيقاع في تعبير القرآن) نشرته مجلة كلية الآداب بجامعة الموصل ، العدد 19 ، 1978م؟
وللباحث نعيم اليافي عناية بهذا الموضوع في مقالات متفرقة بعناوين (حروف القرآن دراسة دلالية في علم الأصوات والنغمات) نشرتها مجلة الفيصل السعودية عام 1985م ، وبحث بعنوان (قواعد تشكيل النغم في موسيقى القرآن) نشرته مجلة التراث العربي بدمشق عام 1984م . وغيرها.