سؤال حول الفواصل القرآنية:...

النجدية

New member
إنضم
15/06/2007
المشاركات
370
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
العالم الإسلامي
بسم الله...
الإخوة الأفاضل
وقفت كثيرا من خلال قراءتي لتفسير الإمام أبي السعود العمادي على قوله: "مراعاة للفواصل..."
وهذا مثال من سورة آل عمران، آية: 92؛ إذ علل تقديم الجار على المجرور في فاصلة الآية الكريمة: (فإن الله به عليم)-بقوله:
"وتقديم الجار على المجرور لرعاية الفواصل..."
سؤالي:
كيف أفهم هذا في ظل ما عُرِف عن الإمام العمادي من اهتمام بالسياق القرآني، ومراعاة له، واعتماد عليه في تفسيره؟؟
ألا يتعارض هذا التعليل مع السياق القرآني، وتماسك المعاني؟
أرجو التوضيح
نفع الرحمن بكم طلبة العلم، وجزاكم خيرا!!
 
لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله. وقد وقع في مثل هذا الخطأ عدد من الفضلاء من أهل التفسير.
يرجع مثل هذا الزعم إلى حقيقة عجز المفسر عن الربط ومراعاة السياق. فهو إذن إعلان واضح عن عدم إدراك الحكمة من ورود فاصلة بعينها.
لا شك أن الأمر يحتاج إلى توقف وتعمق في النظر.
كلام الله تعالى معجز في بلاغته وينبغي أن تكون هذه الحقيقة في ذهن المفسر وهو يتدبر النص الحكيم.
 
لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله. وقد وقع في مثل هذا الخطأ عدد من الفضلاء من أهل التفسير.
يرجع مثل هذا الزعم إلى حقيقة عجز المفسر عن الربط ومراعاة السياق. فهو إذن إعلان واضح عن عدم إدراك الحكمة من ورود فاصلة بعينها.
لا شك أن الأمر يحتاج إلى توقف وتعمق في النظر.
كلام الله تعالى معجز في بلاغته وينبغي أن تكون هذه الحقيقة في ذهن المفسر وهو يتدبر النص الحكيم.

بسم الله...
جزاكم الله خيرا
شيخنا الفاضل
قد يصدق هذا الكلام على غير الإمام أبي السعود؛ فلقد وجدته عَلَمٌ يقتدى به في ميدان الاعتماد على السياق القرآني، ومراعاته!
وجدته في كثير من الأحيان يعلل ورود الفواصل القرآنية بأروع التعليلات المرتكزة على السياق، ولكنه أحيانا يورد تلك العبارة التي لا أجد لها موقعا من منهجه الذي سار عليه، وعُرِفَ به.
لذلك سارعت لسؤال فضيلتكم؛ أعانكم الله على ما فيه نفع لطلاب العلم!
والله من وراء القصد!
 
الذين قالوا بهذه العلة لم يقولوها عجزا عن ادراك السياق كما ذهب اليه الفاضل السابق ولكنهم قالوا هذا عن قناعة بمذهب ادبي حمل مع المفسرين الى التفسير ولا شك ان هذا القول فاسد وقد رده الامام الجرجاني في دلائل الاعجاز وعرضت الى هذا في رسالتي للدكتوراه التي كانت بعنوان الدلالة المعنوية لفواصل الايات القرانية وهي غير مطبوعة للاسف وقد ردت هذا المذهب ايضا بنت الشاطيء في كتابها الاعجاز وكتابها التفسير البياني ولعل مما يفيد في ابطال هذه المذهب الادبي القراءة في كتب الاستاذين الفاضلين الاستاذ محمد ابي موسى والاستاذ فضل عباس ففي كتبهما ما يجريء الباحث الجريء على ابطال هذا المذهب والقول بغيره والله اعلم
 
الدكتور الفاضل جمال ..
هل يمكنكم أن تزيدونا تفصيلاً وبياناً حول هذا المذهب الأدبي الذي اتبعه المفسرون الذين قالوا بمراعاة الفواصل.
وجزاك الله خيرا
 
اما كون الرسالة غير مطبوعة فلان دور النشل " هكذا سماها شيخنا" تريد لمن يطبع كتابا ليس من ضمن مقررات دراسية تريد منه ان يدفع ثمن الطباعة وهذا ليس في مقدوري لا الان ولا بعد سنوات واما ما طلبه الاخ التالي فاني الان مشغول بامتحانات الجامعة ولعلي ان شاء الله ابين هذا بعد الامتحانات ان انسا الله تعالى في الاجل
 
بسم الله...
جزاكم الله الجنة!
وأعانكم الله على كل خير.
هلا بينتم لنا أي الكتب من كتب الأستاذين (أبو موسى) و(فضل عباس) التي تتناول الحديث عن هذا الموضوع؟؟
ودمتم في رضى الله
 
اما كون الرسالة غير مطبوعة فلان دور النشل " هكذا سماها شيخنا" تريد لمن يطبع كتابا ليس من ضمن مقررات دراسية تريد منه ان يدفع ثمن الطباعة وهذا ليس في مقدوري لا الان ولا بعد سنوات وأما ما طلبه الأخ التالي فإني الآن مشغول بامتحانات الجامعة ولعلي إن شاء الله أبين هذا بعد الامتحانات إن أنسا الله تعالى في الأجل

بسم الله...
نسأل الله تعالى أن يبارك في وقت فضيلتكم؛ لتتحفونا في عطلة الصيف هذه بما وعدتمونا به!
وفي رضى الله طبتم
 
يا إخوان مع احترامي لآراء الجميع ورغم أني أميل إلى أن الفاصلة ليست علة بلاغية مستقلة- بمعنى أنه لا بد من وجود علة أخرى معنوية مع علة الفاصلة اللفظية - إلا أني أود التذكير بأن بعض أئمة التفسير يميلون إلى القول بأن مراعاة الفاصلة كافية في توجيه الأيات ، ومنهم - فيما يحضرني -: الإمام الطبري والعلامة ابن عاشور الذي ينص على هذا بجلاء ويرى أن الحسن اللفظي الحاصل بمراعاة الفاصلة هو مما يراعيه البليغ وعليه فالخلاف في المسألة في ظني سائغ، خاصة مع عدم وجود الحجة القاطعة لأحد الفريقين وأن القول الآخر- محاولة القول بنكتة أخرى- قد يلجيء إلى التكلف ؛ فلا أظن أن من المناسب أن يقال : " لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله "
 
يا إخوان مع احترامي لآراء الجميع ورغم أني أميل إلى أن الفاصلة ليست علة بلاغية مستقلة- بمعنى أنه لا بد من وجود علة أخرى معنوية مع علة الفاصلة اللفظية - إلا أني أود التذكير بأن بعض أئمة التفسير يميلون إلى القول بأن مراعاة الفاصلة كافية في توجيه الأيات ، ومنهم - فيما يحضرني- : الإمام الطبري والعلامة ابن عاشور الذي ينص على هذا بجلاء ويرى أن الحسن اللفظي الحاصل بمراعاة الفاصلة هو مما يراعيه البليغ وعليه فالخلاف في المسألة في ظني سائغ، خاصة مع عدم وجود الحجة القاطعة لأحد الفريقين وأن القول الآخر- محاولة القول بنكتة أخرى- قد يلجيء إلى التكلف ؛ فلا أظن أن من المناسب أن يقال : " لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله "
 
هذا رابط لما تفضل به الدكتور فاضل صالح السامرائي بالحديث عنه في موضوع الفاصلة القرآنية في برنامج لمسات بيانية أرجو أن يكون نافعاً:

http://www.islamiyyat.com/lamasat/drfadel/lamasatfadel/1124-2009-01-24-12-40-41.html

وهذه أسئلة طُرحت على الدكتور في البرنامج وهو يتعلق بالتقديم والتأخير وأرى أن الإجابة يمكن أن نستفيد منها في سؤال الأخت النجدية

سؤال : يقول تعالى (بما تعملون بصير) وفي آية أخرى يقول (بصير بما تعملون) فهل للتقديم والتأخير لمسة بيانية؟

التقديم والتأخير يأتي لسبب والسياق قد يكون الحاكم والموضح للأمور. إذا كان سياق الكلام أو الآية في العمل يقدّم العمل وإذا لم يكن السياق في العمل أو إذا كان الكلام على الله سبحانه وتعالى وصفاته يقدّم صفته. من باب تقديم العمل على البصر: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) البقرة) بهذا العمل بصير، إذا كان السياق عن العمل يقدم العمل على البصر وإذا كان الكلام ليس في السيقا عن العمل أو الكلام على الله تعالى وصفاته يقدم صفته. (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) البقرة) هذا إنفاق، (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) البقرة) (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) البقرة) (وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) هود) (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) هود) الكلام على العمل فقدم العمل (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) سبأ) قدم العمل، (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) فصلت) هذا في القرآن كله إذا كان الكلام ليس على العمل أو على الله تعالى (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) البقرة) ليس فيها عمل، (وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) المائدة) لا يوجد عمل، (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحجرات) يتكلم عن الله تعالى فيقدم صفة من صفات الله تعالى.
هذا في العِلم والخبرة والعمل وليس فقط في العلم والبصر وهذا خط عام في القرآن. (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل فقدم العمل على الخبرة، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) الإنفاق عمل فقدم العمل، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) هذا عمل فقدم العمل. بصير وخبير تستعمل بحسب السياق. (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) ليس في الآية عمل فقدم الخبرة لأن الكلام ليس على عمل الإنسان ولكن على صنع الله الذي أتقن كل شيء.

سؤال : ختمت الآية بقوله تعالى (والله بما تعملون خبير) فما اللمسة البيانية في تقديم العمل على الخبرة هنا علماً أني في آيات أخرى يقدم الخبرة على العمل (خبير بما تعملون)؟

بالنسبة لهذه الآية واضحة لأن الكلام على هؤلاء، على عمل هؤلاء من الإنفاق والقتال فقدم العمل لكن نقول أمراً في العمل والخبرة: يقدم العمل على الخبرة أو الخبرة على العمل بحسب ما يقتضيه المقام: فإذا كان السياق في عمل الإنسان وليس في الإنسان، في عمل الإنسان - وهناك فرق بين الكلام على الإنسان عموماً وعمل الإنسان - قدّم العمل ، هذا أمر. وإذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب أو السياق في أمور قلبية أو في صفات الله عز وجل يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام. إذا كان السياق في عمل الإنسان يقدم العمل (والله بما تعملون خبير) يقدم العمل على الخبرة وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول (خبير بما تعملون). نضرب أمثلة حتى تتضح الصورة: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل فختم الآية (والله بما تعملون خبير)، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) الكلام على الانفاق والقتال فقدم العمل، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) الكلام على العمل (فعلن)، (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير (8) التغابن) ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان وعمله فقدم العمل. في حين قال تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة، (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) يتكلم عن الله سبحانه وتعالى فقدم الخبرة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحشر) التقوى أمر قلبي، هذه القاعدة العامة إذا كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبر وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.

سؤال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان) بحسب القاعدة التي ذكرها الدكتور بالنسبة لتقديم خبير على العلم نجد في الآية أن هذا عمل الله تعالى فلماذا أخّر خبير على العمل ولم يقل خبير بما تعملون؟

نقرأ الآية (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان) مسألة خبير بما تعملون وبما تعملون خبير هنالك قانون في القرآن أن الكلام إذا كان على الإنسان أو على عمله يقدم عمله وإذا لم يكن الكلام على الإنسان أو كان الكلام على الله أو على الأمور القلبية يقدم الخبرة (خبير بما تعملون). (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (88) النمل) الكلام عن الله وليس على الإنسان قال في ختامها (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذه أمور قلبية (قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذا أمر يعرفه الله. بينما (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) هذا كله عمل فقال (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إذن هذه القاعدة العامة ظاهرة. الآن نأتي للآية موضع السؤال، أولاً السياق في الإنسان قبل هذه الآية مباشرة قال (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) لقمان) الكلام في الآية عن البشر ثم الخطاب في الآية موجه للإنسان (أَلَمْ تَرَ) وبعدها للإنسان (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) لقمان) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان) السياق قبلها وبعدها في الإنسان إذن من هذه الناحية ناسب تقديم عمل الإنسان. في الآية قال (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى (29) لقمان) ما هو هذا الأجل؟ يوم القيامة. وهذا موعد النظر في الأعمال فقد العمل لأنه موعد النظر في الأعمال فقدم عمل الإنسان على الخبير فمن كل ناحية ناسب تقديم عمل الإنسان (وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

سؤال: ختمت الآية (وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فما دلالة تقديم العمل على الخبرة الإلهية؟
مر هذا السؤال معنا في سورة الحديد. هنالك قاعدة استنبطت مما ورد في القرآن الكريم: إذا كان السياق في عمل الإنسان قدم عمله (والله بما تعملون خبير) لو كان السياق في غير العمل أو كان في الأمور القلبية أو كان الكلام على الله سبحانه وتعالى قدّم صفة الله خبير (خبير بما تعملون). مثال: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل، لما ذكر عمل الإنسان قدّم عمله (بما تعملون خبير)، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) هذا عمل، قتال وإنفاق ختمها (والله بما تعملون خبير) لما ذكر عمل الإنسان قدّم عمله. (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) هذا عمل فقدّم (والله بما تعملون خبير). (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) التغابن) هذا عمل أيضاً. (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) هذا ليس عمل الإنسان فقدّم الخبرة على العمل وقال خبير بما تفعلون. أو لما يكون الأمر قلبياً غير ظاهر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحشر) فهذا على العموم أنه إذا كان الأمر في عمل الإنسان قدم العمل وإذا كان في غير عمل الإنسان أو في الأمور القلبية أو عن الكلام عن الله سبحانه وتعالى يقدم خبير. العرب كان تعي هذه المعاني والقواعد من حيث البلاغة، البليغ هو الذي يراعي، هذه أمور بلاغية فوق قصد الإفهام يتفنن في صوغ العبارة ومراعاة البلاغة. على سبيل المثال عندما تضيف إلى ياء المتكلم (هذا كتابي، أستاذي، قلمي) بدون نون، بالنسبة للفعل تقول أعطاني، أضاف نون الوقاية، عموم الكلمات نأتي بنون الوقاية مع الفعل مثل ضربني وظلمني أما مع الإسم فلا تأتي هذه قاعدة وعموم الناس يتكلمون بها دون أن يفطنوا إلى أن هذا إسم وهذا فعل، الناس يقولونها وهي قواعد أخذوها على السليقة. الناس يتفاوتون في البلاغة العرب كلهم كانوا يتكلمون كلاماً فصيحاً من حيث صحة الكلام ولذلك يؤخذ من كلام المجانين عندهم لأن المجانين يتكلمون بلغة قومهم ويستشهدون بأشعار المجانين لأن كلامهم يجري على نسق اللغة أما البلاغة فمتفاوتة ويقول : أنا أفصح من نطق بالضاد. صحة الكلام كل واحد يتكلم على لغة قومه أما من ناحية البلاغة فهناك تفاوت. الله تعالى تحداهم في البلاغة وفي طريقة النظم والتعبير وتحداهم بأن يأتوا بسورة والسورة تشمل قصار السور مثل العصر والكوثر سورة، الإخلاص سورة قبل التشريع وهناك إعجاز كثير في القرآن في الإخبار عن المغيبات والمستقبل وعندما تحداهم الله تعالى تحداهم بسورة ليس فيها تشريع وليس فيها إخبار عن الغائب أو عن الماضي.
 
عودة
أعلى