زاوية بأقلامهن...( عذراً ... أيتها التقنية ! )

إنضم
28/09/2010
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
" أريد الصمت كي أحيا * ولكن الذي ألقاه يُنطقني"
أحمد مطر ...



عذراً ... أيتها التقنية !

بقلم / فتاة الاستفهام ..

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ... وبعد ,,
الكثير منا يدرك أهمية التطورات التقنية التي يشهدها عصرنا الحاضر والتي توفر بدورها الوقت والجهد علينا في قضاء حوائجنا وتذيل بعض الصعوبات التي نواجهها في حياتنا . وهي بذلك لا تعتبر مشكلة لدى الكثير الكثير من الناس ، بل هي في مقامات الثناء والمدح الذي لا غبار عليه .
لكن المشكلة الحقيقية في هذا – الأمر الذي لا بد من الالتفات إليه - هي في مسألة " الكم والكيف " أي كيف نستخدم هذه التقنية ؟ وكم من الوقت الذي يقضى عليها سواء في الأمور النافعة أوالضارة ؟ .
كثيرا ما نسمع ونقرأ بأن استخدام التقنية الحديثة " سلاح ذو حدين " بمعنى أن نظرتنا وتقييمنا لهذه التقنية يتمركز حول النتائج التي تنتجها ، وبصورة أوضح إننا إذا استخدمنا التقنية في الأمور النافعة فإننا سنحكم عليها وبلا ريب بأنها تقنية ناجحة وفعالة ، وإذا كان استخدامنا لها في الاتجاه المعاكس فستكون نظرتنا لها نظرة المقت والكراهية . من هذا المحور انطلقت محاضراتنا وندواتنا وحتى برامجنا التلفازية لتقتصر حديثها فقط عن الآثار السلبية والايجابية التي تُحدثها هذه التقنية علينا وكيف بالامكان تعزيزها أو معالجتها . وكأنهم يريدون أن يرسلوا إلينا رسالة ويقولوا " يا قوم استخدموا التقنية فيما يفيدكم " . جميلة هذه العبارة وأنا أتفق معهم في قولها ، لكن لعلنا نلاحظ هنا أنهم قصروا اهتمامهم على تصحيح مسار استخدام التقنية . ومن هنا تكمن المشكلة .
إن مما يؤلم القلب حقيقة - وهو ما سأركز عليه حديثي - هو " تأثير استخدام التقنية الحديثة على العلاقات الاجتماعية أو بالأصح الإنسانية " سواء أحسنا الاستخدام أم أسأناه . والذي أرى وللأسف بأنه أمر قد غفل عنه الكثير من المربين والاستشاريين ، ولم يتجرع مرارته إلا من فقدنا علاقته . والذي أعتقد بأنه سبب معظم المشاكل الأسرية والاجتماعية التي نعاني منها اليوم .
سأبدأ حديثي بذكر قول الخبير الأمريكي ديفيد إيه ريتش في كتابه
How to click with everyone every time“"كيف تنسجم مع الآخرين في كل وقت " واصفا تأثير التكنولوجيا على علاقاتنا الاجتماعية فقال : " ... ولكن المشكلة تكمن في كيفية استخدامنا لها ، فهي الآن تحل محل العلاقات الإنسانية الحقيقية بدلا من النهوض بها ، وتركيزي هنا على العالم الحقيقي ، فنحن نظن أننا نتواصل مع الآخرين عندما نرسل لأحدهم رسالة إلكترونية أو نترك لهم رسالة صوتية ، ولكن في حالات كثيرة العكس هو الصحيح ..." إلى أن قال : " وبينما جعل البريد الالكتروني والصوتي عملية الاتصال أكثر سهولة وراحة ، إلا أنهما دمرا الألفة والتآلف الحقيقي بين الناس ..." سبحان الله أي نفثة سحرية نفثها هذا الخبير في تلك الكلمات والتي أخبرتنا بطريقة موجزة وبليغة عن سر ما نعاني منه من مشكلات . ستقول لي كيف ذلك ؟
دعنا نتأمل أولا حال أطفالنا اليوم ولننظر كيفية تأثير هذه التقنية عليهم ، تجده يمكث الساعات وهو ممسكا جهاز الآيبود او البلاستيشن يلعب عن طريقه ما شاء من الالعاب ، وما ان تحين ساعة النوم أو الذهاب إلى المدرسة حتى تجبره على التحرر منها ، هكذا ربما يقضي معظم أيام حياته في المنزل ولاحظ هنا هل تمت عملية تواصل بينه وبين أحد من أفراد المنزل ستكون الإجابة حتما بلا إلا في بعض الأمور التي يضطر إليها . ما المشكلة إذن هنا :
· بهذا الحال فقد أبنائنا قدرتهم على الحديث مع الآخرين فتجده يتلعثم ولا يحسن فن صياغة الألفاظ حينما يضطر إلى التحدث . ولا لوم عليه في ذلك فهو لم يزاول الحديث مع الآخرين ولم يتعلم كيفية ذلك بسبب صمته وسكوته مع هذه الأجهزة . فالتواصل والحديث الذي تعلمه هو مجرد حديث بين إنسان وآلة وهي اللغة التي أتقنوها .
· بهذا الحال فقد أبنائنا قدرتهم على التفكير ومن ثم الإبداع في صنع الألعاب المناسبة لأعمارهم ، وكما قيل " الحاجة أم الاختراع " وبوجود هذه التقنية فليس أبنائنا بحاجة للألعاب التي تعتمد على تفكيرهم في صنعها ، وهذا وبلا شك مصدر بلادة التفكير التي للأسف اكتسبها أبنائنا ، والضحية هما أساتذة الفصول الأولية والآباء لأنهم بذلك يجدون صعوبة في توصيل الرسالة العلمية.
· وبفقدهم لقدرتهم على التفكير فقد فقدوا علاقاتهم الانسانية مع غيرهم ممن هم في مثل أعمارهم وبذلك انعدم تبادل الخبرات بينهم .
· بهذا الحال اكتسب بعض أبنائنا سلوكيات تتعارض مع قيمنا الإسلامية . بالإضافة إلى اكتسابه بعض التصورات والمفاهيم التي تجسد الحياة من حوله بطريقة خاطئة .
فهل هؤلاء هم عتاد الأمة الذي نرجوه ؟!
أما بالنسبة لإخواني وأخواتي الشباب والفتيات فحدّث ولا حرج في ذلك ويكتفي بأن أقول أصبحت أجهزة الهاتف الخلوي - وأعني ما فيها من برامج الشات ومواقع التواصل الاجتماعي - قلوبهم النابضة فهم لا يجدون طعما للحياة إلا بها ، وهذا وللأسف انعكس سلبا على مستقبلهم ، فهي بذلك جرفتهم إلى تيار القيل والقال . يتقطع قلبي حسرة عندما أرى زميلاتي في الجامعة قد انشغلن بتبادل مايسطره هؤلاء السفهاء عبر حساباتهم الخاصة في تويتر والفيس بوك فأتساءل أين هن من قوله تعالى : " واللذين هم عن اللغو معرضون " ، يجدر بنا أن نقضي أعمارنا في تقصي الحقائق وقراءة الكتب النافعة المفيده حتى تتبلور لدينا قاعدة سليمة صحيحة مستقاة من قال الله وقال رسوله في بداية مشوار حياتنا فالطريق أمامنا طويل وبه عقبات كثيرة يكون العابر فيه بحاجة إلى رصيد علمي متين حتى يصبح بمثابة الدرع فيقي نفسه من أسهم التيارات الفكرية المنحرفة والمخالفة لعقيدتنا الإسلامية .
وما دور الأباء والمربين والذي أراه تجاه هذه التقنية إلا تعزيز الثقافة التقنية في نفوس من تحتهم بالاضافة إلى توضيح مبدأ الانصاف في التعامل مع الأشياء سواء التقنية أم غيرها .
بقي لي أن أقول بأن هذه التقنية أحدثت وللأسف فجوة كبيرة بين أفراد الأسر ، فمنازلنا أصبحت كالفنادق لا نأتي إليها إلا من أجل النوم والأكل بدلا من كونها ملتقى الأسر ، وأصبح الآباء والأمهات أشبه بكونهم خدما ، فالأم لا تُذْكَر إلا عند حاجتنا للوجبات الغذائية أو سؤالها أين وضعت هذا أو ذاك ، والأب المسكين أصبح ذكره عند الذهاب للجامعة أو المدرسة فقط من أجل أن يوصلنا أو عند الحاجة لبعض المال .
فهل التقنية الحديثة أصبحت أيضا سببا في عقوق الوالدين عن طريق التواصل والكلام ؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أختم الحديث بهذا الاقتباس من كتاب " كيف تنسجم مع الآخرين في كل وقت " والذي ذكرته آنفا في صدر هذا المقال : " توجد اشياء كثيرة تميز الانسان عن عالم الحيوان ، ولكن أهمها اننا نحتاج لبعضنا البعض ، فقد أصبح عالمنا يزداد تفككا كل يوم على الرغم من كل التقدم التكنولوجي ووسائل الراحة الحديثة ، كما يزداد عدد الناس الذين يتوقون إلى علاقات أفضل وأعمق . حيث نجد المقاهي ودور العبادة وغرف الدردشة عبر الانترنت مليئة بالناس الذين يتوقون إلى ملء فراغ حياتهم الذي تتسبب فيه العلاقات السطحية " .

هذا وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد ....


أشكر من دعوني للكتابة في هذه الزاوية /
شقيقاتي :
أمل الأمة ، فجر الأمة .


استفهام ؟
عندما أتأمل ما كتب في مواقع التواصل الاجتماعي – التويتر ، الفيسبوك -
أتساءل سؤالين – مجرد اثنين –
أين المروءة يا رجال ؟!
وأين الحياء يا نساء ؟!
فتــاة الاستفهام ..
 
بورك فيك أختي الكريمة وجزاك الله خيراً على هذه المشاركة القيمة والتي تصف الحال بالفعل برغم كل إيجابيات التقنية في عصرنا الحالي للأسف.
كثيرون سيقرأون هذه المشاركة وتعجبهم لكنهم لن يتمكنوا من تعديل طريقة استخدامهم أو استخدام أبنائهم وأفراد عائلاتهم لها لأنه ليس لهم قدرة على ذلك، هذه التقنيات أصبحت كالإدمان ترين مجموعات من الناس في الأسواق أو المطاعم هم قد خرجوا سوياً لكن كل واحد منهم يمسك جهازه وربما يكون يتواصل مع الشخص الذي يجلس بقربه لكن عن طريق الكتابة لا عن طريق الكلام! ويأتيك ضيوف لزيارتك وكل واحد معه جهاز أو جهازين ولا يتوقف عن التواصل مع من هم خارج الغرفة وليته كان في أمور مهمة! والأطفال إذا قررت سحب الأجهزة منهم ليهتموا بدراستهم على الأقل في فترة الاختبارات أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وقالوا هذا ظلم وتعسف وأطلقوا صيحات الاستغاثة بمؤسسات حقوق الطفل والحريات الشخصية!
هل فعلاً نعي خطورة دخول هذه التقنيات في مجتمعاتنا؟! أم أننا كالعادة سنكتشف هذه المخاطر بعد خراب البصرة كما يقولون؟!؟!!
والأسوأ من هذا كله أنه مع كثرة وسائل الاتصال والتواصل إلا أن عدد المتصلين قد نقص بشكل ملحوظ خاصة بين الأرحام فمستخدمي هذه التقنيات يتواصلون مع الأصحاب ويتركون الأرحام ويتواصلون مع الغريب البعيد ويتجاهلون الصديق القريب، فأين الخلل؟!!
 
بارك الله فيك أيتها الفتاة...
مقالك رائع وصادق وواقعي... ولي فيه وقفات وتعليقات في كل جزئية من جزئياته, إلا أنني سأكتفي بأهمها من وجهة نظري وهي:
كم أنا ممتنة لهذه الزاوية التي كشفت النقاب عن شخصية كشخصيتك بعقلية ناضجة كعقليتك قد يوهم اسمها المستعار إلى شيء دون ما هي عليه... فلك تحيتي وتمنياتي لك بالمزيد من الإبداع.
وفقك الله ورعاك.
 
عودة
أعلى