رقية باقيس
New member
بسم الله الرحمن الرحيم(أهمية الصحبة الصالحة في زمننا هذا...)
إننا نعيش اليوم فتنا كثيرة بعضها فوق بعض, لا يعرف لها أول من آخر, ولا ظاهر من باطن, ولا حق من باطل. وعند التأمل في أسبابها ومسبباتها نجد أن للصحبة السيئة دور فيها..
فهذا ولدٌ عاق أو منحرف أخلاقيا و سلوكيا!.. وهذه فتاة تخرج عن إطار التربية التي عُرفت بها أسرتها بين الناس!. وهنا خيانات زوجية تجري في الخفاء!.. وهناك تناحر وتباغض وأحقاد وقطع لأواصر الرحم يجري جهارا نهارا!.. وفي كل مكان تجد الكثير من الخداع والنفاق الاجتماعي الذي لا حدود له.
وكل ذلك له علاقة من قريب أو من بعيد بـالصحبة السيئة ..
وإذا نظرنا إلى الأسرة منبع الصحبة الأول بكل صورها نجد أن الابن نسي الحقوق الواجبة عليه تجاه والديه.. بل ونجد الآباء والأمهات هم أنفسهم تناسوا أو قصروا في الحقوق المطلوبة منهم تجاه أبنائهم..
فالأم التي هي مدرسة الأخلاق الأولى ومنبع الحنان مشغولة عن بيتها وأبنائها. وكنا قبل سنوات ننتقد انشغالها بالجري في الأسواق خلف آخر صيحات الموضة وصرعاتها.. لكنها اليوم أصبحت أكثر انشغالا حين أضافت لما سبق متابعة صويحباتها في كل أشكال التكنولوجيا ( منتديات .. واتس .. فيسبوك .. تويتر..وغيرها)..
وبالطبع فإنها تترك مسئولياتها الأساسية في تربية الأبناء للعاملات والخادمات, وللإعلام بشتى صوره, وكذلك للصحبة السيئة التي يحق لها أن تنشط في بيئة غابت عنها الأم.
فيا ترى أي جيل سيخرج لنا بدون أن يمر على مدرسة الأم؟!!..
وإذا نظرنا إلى الأب الذي هو القائد في هذه الأسرة, وهو ربان سفينتها... نراه يلهث خلف الأسهم والبورصات, وينشغل بجمع الأموال والدولارات. فلا يلتفت لأهل بيته إلا إذا طلبوا منه مالا!!..وحينها يعطي المال بسخاء دون أن يسأل : أين ستُصرف هذه الأموال ولماذا؟! .. ثم ينغمس في أوقات فراغه انغماسا كليا بالسهر أو السفر مع الأصدقاء.
فتأتي النتيجة: ابن مدلل سطحي لا يعرف دينا يردعه عن الحرام ويرشده إلى الحلال.. وفتاة مدللة منعمة لا تستطيع تحمل مسؤولية بيت و لا زوج و لا أبناء.. وأصدقاء سوء ناشطين قد تلقفوا هؤلاء الأبناء فاحتضنوهم.
وقد كان في يوم من الأيام ينحصر خطر هؤلاء الأصدقاء السيئين في تعريف الأبناء على شهوات الجسد وكيفية إشباعها.. لكن اليوم استفحل خطرهم, فأصبح خطرا فكريا يهدم الدين والثوابت والعقائد والقيم بشبهات لا يستطيع الشاب أو الفتاة مقاومتها للضعف المتأصل داخلهما..
وقد كان أصدقاء السوء في السابق أيضا معروفين ومنبوذين من المجتمع بأكمله .. ويمكن العثور عليهم ومحاسبتهم بتكاتف المجتمع ومؤسسات الأمن في الدولة. أما اليوم فقد أضحى هؤلاء الفاسدين مجهولون لا تعرف لهم أسماء ولا صور, فهم أشخاص وهميين ومزيفين تماما مثل أفكارهم التي يحاولون بثها في عقول أفراد المجتمع بأسره..
كما أننا لا نعرف أعمارهم, ولا أعمار من يطلبون الانضمام إليهم ولا ندري أهم رجال أم أشباه رجال, أم نساء أم أشباه نساء.
فإلى متى أيها الكرام سنترك أنفسنا وأبنائنا دون وقفة للتغيير والمراقبة والإصلاح؟؟
أخيرًا
همسة في أذنك يا أخي الكريم ويا أختي الكريمة:
علينا أن نصلح أنفسنا أولاً قبل أن ننتقد هؤلاء الشباب.. علينا أن نكون قدوة صالحة أمامهم.. علينا أن نصل أقاربنا وأرحامنا وعلى رأسهم والدينا فالأقرب والأقرب .. علينا أن نؤدي جميع الحقوق الواجبة علينا.. علينا أن نتعهد جميع من حولنا بالسؤال والعناية والنصيحة والدعاء .. لنطبق قول الحق تبارك وتعالى: {يَأَيُّهَا الذَّيِن ءَامَنُوا قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكم ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْها مَلآئِكةٌ غِلاَظٌ لاَّيَعْصُون الله مآ أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤْمُرونَ} [سورة التحريم:6]
ولنلزم أنفسنا بمتابعة الصالحين المعروفين بصلاح الدين والخلق من العلماء الربانيين والدعاة المجتهدين لأجل أن نتعلم منهم ..كما وصى بذلك الله جل جلاله رسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه بقوله: { وَاصْبِر نَفْسَكَ ﭓمَعَ الَّذﭕين يَدعُون رَبَّهُم بالغَدوِة والعَشِى يُريدُون وجههُ ولا تعدُ عَيناكَ عَنْهم تُريدُ زِينةَ الحياة الدنيا ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذِكرنا واتَّبعَ هَوَاه وَكان أَمرُهُ فُرطاً} [سورة الكهف:28]
حفظ الله عُلمائنا وطلبة العلم الذين أفنوا أعمارهم وسخروا أوقاتهم لخدمة دينهم وأمتهم, واستخدموا كل الوسائل المتاحة قديمها وحديثها لتعليم الناس الخير, ولإنقاذ المجتمع من شر الفتن وعلى رأسها (الصحبة السيئة). كما أسأل الله تبارك وتعالى أن يسخر لأبنائنا وفتياتنا صحبة صالحة طيبة تأخذ بأيديهم لكل خير.. وأن يجعلنا قدوة صالحة لهم, لا يناقض قولنا وفعلنا..
آمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.