زاوية أقلامهن: الجفاء في أوساط المتدينين

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أم يوسف
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

أم يوسف

New member
إنضم
18/11/2010
المشاركات
220
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الجزائر العاصمة
الجفاء..خلق ذميم، تنفر منه النفوس الطيبة، وتمجه طباع الأرواح النقية..غير أنه وجد إلى سلوك بعض من تلبس بلباس التدين سبيلا..
اختلطت عليهم المفاهيم...فجعلوا الوقاحة صراحة، والتعيير نصحا، والتشهير جرحا مشروعا للتحذير والتنوير، وعبوسة الوجه وقمطرته سكينة ووقارا.
وإن كنت أمقت التعمييم..ولا أدّعيه، غير أن مشاهد التنفير تتكرر تباعا، وفي أماكان وأزمنة متفرقة..حتى بدا لي الأمر مستفحلا، يحتاج منا إلى وقفة جادة تحول بين هؤلاء المنفرين وبين عموم الناس ممن أرسى الجفاء بين أيديهم حواجز، جعلتهم لا يقبلون الحق، بل لا يُرعونه سمعا أصلا!!
قد أتى علي حين من الدهر..وأنا حديثة عهد بالتزام وعلى شاكلتي كثير,,ونحن نخطو خطواتنا الأولى نحو التدين، في وسط لا نجد فيه على الخير معينا، فأسندنا ظهورنا لجماعة المتدينين ومن كنا نراهم اهل الخير فينا، تهفو أسماعنا لسماع حديثهم، ننهل من علمهم الذي سبقونا إليه..نُساق إليهم بدافع الشوق لكل ماهو من الله ولله، يحفُّ خطواتِنا حسنُ الظن بكل من حولنا...
فمابرحت مخالب الجفاء تنهشنا من كل جانب، تُلجم أفواهنا وتحاصر أفكارنا، وتجبرنا على الإنقياد وغض الطرف..
نخاف من نظرات اللوم...أو قرار الإقصاء، فأصبحنا أسرى خلف قضبان المراقبة والحجر..
وكم قتل الحجر من مواهب، وكم له في قلوب الطموحين من كُلْم....
فجنى أهل الجفاء على الوافدين الجدد إلى عالم التدين....
فمنهم من ثبته الله واستمر على التدين، وتحرر منهم من غير أن يتنصل من التزامه بأوامر الله..
ومنهم من بقي منقادا مذعنا له في كل مرة جرعة من الفظاظة تسقمه..
ومنهم من انتكس للأسف، والعالم من حولنا كله يردد مقولة ملك غسان لكعب ابن مالك رضي الله عنه: "قد بلغنا أن صاحبك قد جافاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك" !!!!
وجنى أهل الجفاء على عموم الناس..حتى بدت جماعة المتدينين جماعة منفصمة عن المجتمع ، يرددون أحاديث الغربة وحديث القابض على الجمر ...ومن جرب مخالطة الناس من أهل الدعوة يعلم أن كثيرا من عموم الناس ليس بينه وبين عودته إلى الله إلا ابتسامة مشرقة تشعره بالأمان، أو كلمة طيبة قد تقلب حياته من حياة معصية إلى حياة طاعة، او موقف نبيل أو خلق راقي...ولا يتأتى ذلك بهذا الإنفصام بين جماعة المتدينين وفئات المجتمع..
وعلى الرغم من جهود أهل العلم في بيان أخلاق الدعاة إلى الله..غير اني لازلت أرى بعض حلقات التحفيظ وحلق التعليم تتخذ من أساليب الفظاظة والغلظة والجفاء منهجا ..ولازال يصلني من اخبار ضحاياهم مايصلني...
وعلى الرغم من أنه كان لي مع هذا العالم تجربة مرة..غير أن الضربة التي لا تقصم الظهر لا تزده إلا قوة...
تحررت..وانا أمقت الجفاء والشدة..أحب أن ينعم من تحتي من الطالبات بوابل من الرفق والممازحة ومراعاة الشعور، والإهتمام بحديثات السن منهن ومشاكلهن، وإعانتهن على تفجير إبداعاتهن واستثمار أفكارهن لخدمة مجتمعاتهن..بتوجيه لطيف وليس بحجر وتعسف..
فلابد من تحطيم الحواجز بين معلمي الناس الخير وبين من حولهم..لا يعني أن لا يبقى للمعلم هيبة، لكن كذلك الهيبة لا تعني صد الطالب عن بث همومه وأفكاره بين يدي معلمه بأريحية..وبين هذا وهذا سبيل موازنة ترسي قواعدها الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء من عباده..
ولا بد من تحطيم الحواجز بيننا وبين عوام الناس...حتى لا يرون أننا تنظيم شارد...من جنس آخر، فنحن منهم وهم منا...ولا ندري أي الخطى ستسبق إلى الجنة، فرب عامي لا يفقه شيئا، له في قلبه من الخير مالم يُؤته أكثرنا علما...والله المستعان وعليه التكلان.
 
لا تسعفني الكلمات لأعبر عن مدى إعجابي بهذا المقال ؛ فإنه _ على قلة كلاماته_ تناول واقعا ملموسا ومُشاهدا على التغليب .
بارك الله فيكِ
 
أخي احمد نجاح..
أشكرك على ماتفضلت به..اختصرت الموضوع خشية الإطالة التي يمقتها الجميع..والتي قد تحملنا احيانا على العزوف عن قراءة الموضوع أصلا..لكن ملاحظتك جعلتني أضيف ما حذفته قبل نشري الموضوع، فأرجو أن أكون قد أصبت..
 
أخي احمد نجاح..
أشكرك على ماتفضلت به..اختصرت الموضوع خشية الإطالة التي يمقتها الجميع..والتي قد تحملنا احيانا على العزوف عن قراءة الموضوع أصلا..لكن ملاحظتك جعلتني أضيف ما حذفته قبل نشري الموضوع، فأرجو أن أكون قد أصبت..
من أفضل ما فيه قلة كلماته ، وليس تعريضي نقدا ، وقد أصبت فعلا ، فكثير من المواضيع المميزة النافعة يُعزف عنها بسبب الإطالة .
 
هل المتدينين من جنس اخر...ام هم بشر يتمتعون بالايجابيات ويعانون من السلبيات؟ اعتقد ان علينا ان نربي انفسنا على جعل قدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلم وتقبل الاخرين في نطاق بشريتهم دون افراط او تفريط
 
جزاكي الله خيرا أختنا أم يوسف وبارك الله فيكم
وللأسف هذا ما نحصد بعض ثماره المرة مرارة العلقم في بلادنا الحبيبة مصر في هذه الأيام
نسأل الله أن يردنا إلي الحق مردا جميلا ...وأن ينفعنا بتلك الكلمات المباركات
وألا يحرمكي اجرهــــــــــا
 
أختي الحبيبة أم يوسف ما أجمل ما كتبتي... وما أروع أسلوبك رعاك الله.
انتقاؤك للموضوع رائع جدا فهو يحكي عن واقع مرير.
وكم كنتُ أشكو من جفاء الملتزمين الذين كانوا سببا في نفرتي من الالتزام وأهله في صغري, ولا أزال أنفر وأتضايق حتى هذه اللحظة من الجفاء المتكلف الذي يتكلفه البعض منهم ـ هدانا الله وإياهم ـ باسم الالتزام, والالتزام من تكلفهم بريء.
ووالله إن نارا ملتهبة لتُشعل داخلي غضبا وغيرة على الدين وأهله من تلك التصرفات. فهم يشوهون الإسلام من حيث يظنون أنهم يزينونه للآخرين.
لكنني مؤخراً حاولت التعايش مع هذه المشكلة بشكل أو بآخر لكثرة تكررها في مجتمعي، وهذه بعض نصائحي لمن يتأذى مثلي من هذا السلوك الجاف المنفر من بعض الملتزمين:
أولا: أن نستحضر دوما أن الحكم على الإلتزام لا يكون بسلوك وعقليات أهله!. فالملتزمون وإن حسن التزامهم هم بشر, والبشر يصيبون ويخطئون.
ثانيا: علينا أن نحول غضبنا وغيرتنا تلك إلى طاقة إيجابية تدفعنا لكي نكون بأنفسنا نموذجا رائعا للإلتزام السمح المحبب الذي يتقبل الآخر على أخطاءه, بل ويحبه ويمازحه, ويبرز إيجابياته, وفي نفس الوقت ينصحه دون تشدد, أو ربما يرجح عدم مناصحته فيستمر في التلطف معه حتى يتحين فرصة مناسبة للنصيحة.
ثالثا: وهي الأهم (وفي الواقع لقد نضجت هذه النقطة بالذات داخلي مؤخرا جداً) وهي:
ألا نكثر من انتقاد هؤلاء المنفرين بذكر أسمائهم وأفعالهم أمام الآخرين, بل إذا أغضبنا سلوك أحدهم وأشعل غيرتنا كالعادة فعلينا ألا نجعل ذلك مبررا لانتقادنا له انتقادا حادا يستنقص من شخصه وفهمه للدين وفي نفس الوقت يمتدح من سلوكنا وأفهامنا ولو كان ذلك بيننا وبين أنفسنا. بل نحاول امتصاص غضبنا قدر المستطاع, ونناقش أنفسنا بقولنا: وما أدراني لعله أقرب وأحب إلى الله مني, وما أدراني لعل ما أنتقده عليه من سلوك هو ذنبه الوحيد الذي لا يقارن ببحار ذنوبي! ولربما كان جاهلا. فهلا غضضتُ الطرف عن أخطاءه وانشغلت بأخطائي... فوالله ما يحدث أحدنا نفسه بتلك الكلمات حتى تبرد الحرقة التي تكويه من سوء فعالهم.
فإن كانت تلك الحرقة وتلك الغيرة نارها لا تبرد فلنعلم أنها نار يتولى إشعالها شيطان رجيم. ومتى ما كانت كذلك فعلا فلا خير فيها.
وأخيرا سعدت باختيارك لموضوع مهم كهذا فجزاك الله خيرا.
أسأل الله أن يبارك فيك وفي قلمك وفكرك وعقلك... وألا يحرمنا من نصاحك وإبداعاتك.
 
اختي حفصة جزاك الله خيرا على نصائحك الطيبة..والتي تكون في محلها دائما..
لكن اختي...لو كان الأمر يتوقف فيما نجد في انفسنا نحن منهم..لكفانا ماتفضلت به..
لكن الأمر تعدى ..ليحول بين عموم الناس وتقبل هذا الدين السمح..لأن العوام للأسف يرون في المتدين الدين نفسه..ولا يفرقون بين التصرفات الشخصية للمتدين وبين ماهو من الدين حقيقة..فلذلك لابد من تكثيف الجهود لبيان الوجه المشرق من الرفق ودماثة الخلق..لنغطي نقص هؤلاء..هذه النقطة التي أردت التركيز عليها..وخاصة القائمون منا على التعليم، لابد من وضع هذا الهدف بين أعيننا، والعمل على إخراج عينات تبشر ولا تنفر..تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، تحتوي الناس بكل فئاتهم..
وفقنا الله في كل خير...وهدانا للصواب جميعا...آآآآمين .
 
بارك الله فيك أختنا أم يوسف، القيت الضوء على قضية أخلاقية مهمة، وجعلتنا نلتفت إلى أنفسنا فقد يكون ما نعيبه موجود عندنا ولا نلحظه إلا عندما يتجلى في غيرنا أعاذنا الله وإياكم من هذا الخلق الذميم، فالمؤمن يألف ويؤلف. إلا أن التفريق بين الجفاء والجدية في التعامل واجب، وللتبسط مقام وللجد مقام وقد وجدت من الشرعيين من تجاوز الحدود الشرعية بين النساء والرجال بحجة نبذ الجفاء .
 
أختي أم يوسف لقد أبدع قلمك في هذا الموضوع فالكلمات معبرة وجميلة .
ولكن لي تعقيب بسيط.
بما أنك ذكرتي هذه السلبية المنتشرة ،فلنذكر العلاج حتى نخفف من ظهورها
فالخطاء أختي من الطرفين، من إعتقاد العامة بعصمتهم من الخطاء والزلل
ورؤيتهم القاصرة أنهم يمثلون الدين ،وهذه النظرة من العامه حملتهم أمانه .
ورؤيت المبتدئين في الإلتزام أنفسهم أن الله إصطفاهم وأختارهم من بين
الخلق وغيرهم من غير الملتزمين لم يصطفيهم .
فهذه أختي إضافة لعل الله أن ينفع بها.
وأعتذر على هذه الإطالة.
 
اختي سهاد..أشكرك على التنبيه على نقطة مهمة، وهي مجاوزة الحدود الشرعية بحجة نبذ الجفاء..صحيح لابد من التفريق، فلذلك انا أشرت في مقالي إلى الحكمة التي يستطيع الإنسان بها الموازنة وعدم الخلط بين المفاهيم...نسأل الله ان يوفقنا لهذا.
أختي نوران الفجر..كذلك إضافتك في محلها، ولابد من العمل على نشر الوعي الصحيح بين العوام، وبيان ان البشر مهما علا شأنهم في العلم والتدين والقربات..هم في الأخير بشر يخطئون ..هذا من المهمات في تعليمه الناس بنظري..
جزاكم الله خيرا على ماتفضلتم..فنحن إذ نعيب واقعا فلا يعني هذا أن نبقى واقفين على عتبة النقد لا نتجازوه..بل لأجل ان نتعاون لإيجاد الحلول المناسبة في القضاء على هذا العيب ..أو على الأقل التقليل من تبعاته في واقع الدعوة,,
أسأل الله ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه...
 
بارك الله فيك أختي أم يوسف ..وإضافة إلى ما ذكره الإخوة والأخوات بارك الله فيهم..أضيف أن من يتخذ هذا الجفاء في التعامل هو غافل عن فقه الدين وفقه الدعوة..لأنه نسي أن هذا الدين دين معاملة دين ابتسامة دين خلق ، المؤمن داعية بكل حواسه وجوارحه..
ولو فطن لذلك لما وجد هذا الجفاء!..
 
عودة
أعلى