ركن التدبر والاستنباط من القرآن خلال شهر رمضان 1424-1426هـ

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,323
مستوى التفاعل
131
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
شهر رمضان هو شهر القرآن : نزولاً وتلاوة وتدبراً وعملاً ، من أجل ذلك تكثر الاستنباطات والأسئلة التي تمر على القارئ وهو يتلو كتاب الله ، وتتفاوت هذه الأسئلة والاستنباطات عمقاً ودقة بحسب حال القارئ ، ومبلغه من العلم بكتاب الله.
وقد تم وضع هذا الركن ليكون جامعاً لدقائق الأسئلة والاستنباطات التي تعن للإخوة الكرام أثناء هذا الشهر الكريم ، فربما تكون فكرة دقيقة تفتح باباً من العلم بكتاب الله ، أو توضح مستغلقاً على الأذهان ، فإن لله في شهر رمضان نفحات من الخير والبركة والرحمة ، فعسى أن نكون من المتعرضين لهذه النفحات.
إنها لحظات ، ولكن هذه اللحظات قد نقلت أناساً من حال إلى حال ، لقد سمع سورة طه كثيرون ولا يزالون ، ولكن لما سمعها عمر بن الخطاب تغير حاله ، وآية (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله..الآية) سمعها كثيرون ، ولكن لما سمعها مالك بن دينار تغير حاله ، وقرأ سورة التكاثر كثيرون ، ولكن لما قرأها (ليو بولد) تغير حاله وأصبح (محمد أسد) الذي كتب كتابه الثمين (الإسلام على مفترق الطرق).
إنها رحمات الله ، وبركاته إذا غشيت عباده ، وفقهم للتوبة والإنابة والتدبر والخشوع والخضوع. نسأل الله من فضله.
أرجو من الإخوة الكرام أن يتكرموا بوضع ما يرونه ، بعد تقييده أثناء التلاوة للقرآن الكريم في هذا الشهر كما سبق الإشارة إلى ذلك ، ثم تنقيحه ووضعه في هذه الزاوية رجاء الانتفاع بها ، ولا يعني وضعها هنا أنها قد اكتملت أو أنها صحيحة ، وإنما توضع هنا من باب المدارسة والتأمل والتدبر ومشاركة أهل العلم في التأمل والنظر ، فالفكرة لا تنضج إلا بتقليبها واختبارها. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، ورزقنا جميعاً حسن التلاوة والعمل والانتفاع بكتابه الكريم.
 
الأخ المبارك عبد الرحمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فشكر الله سعيك ، ووفقك لما يُحبُّ ويرضى ، ولقد أتحفت الملتقى بأفكارك ، وهذا منها ، وهو جميل جدًّا .
وإني أتمنى أن لا يبخل الأعضاء بطرح فوائدهم ، أو ما يعنُّ لهم خلال قراءتهم لكتاب ربهم سبحانه وتعالى .
وإنِّي أُلاحظ أنَّ بعض ألأعضاء في الملتقى قلَّ ورود اسمه ، فلا أدري ؛ أهي المشاغل والأعمال ، أم أن الملتقى صار لا يلبي طموحاتهم ؟
وأحبُّ أن أقول للإخوة الكرام الذين يشاركون في هذا الملتقى بأفكارهم وطروحاتهم : إنَّ الملتقى منكم وإليكم ، ولا تنتظروا فلانًا أو فلانًا أن يجيب على سؤال فتتركوه معلَّقًا ، بل لنشترك جميعًا في بثِّ الفائدة ، ولا يحقرنَّ أحدٌ منا ما عنده من العلم ، فلربَّ معلومة تقذفها لا تدري كم يكون نفعها ؟
وإني أتمنى أن يكون هناك تواصل أكبر وأكثر بين أعضاء الملتقى ، ولعله يتسنى طرح ذلك في وقت آخر ؛ وأرجو أن يكون التفكير من الأعضاء في ذلك جاريًا .
وقد كنت طرحت على الإخوة المشرفين فكرة إيجاد رابطة أعضاء المنتدى ، بحيث يكون للمنتدى في كل بقعة ممكنة من العالم من يمثِّله ويدعو المشتركين إليه ، وهذه إحدى الأفكار ، وأرجو أن يوفق الله إلى ما هو خير .
ثمَّ أعود فأُذكر بما طرحه الأخ الفاضل عبد الرحمن ، وأقول : إنه لو كان كل عالم أو طالب علمٍ كتب ما يقع له من فوائد حال قراءته لكتاب الله في رمضان بالذات ، لوجدت سيلاً من الفوائد والنفائس التي تساوي رحلة ، فأتمنى أن يوفقنا الله لعمل ذلك .
وأتذر إليكم عن الخروج عن مضمون ما طرحه أخي الحبيب عبد الرحمن ، وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى ، وجعلنا ممن يصوم هذا الشهر ويقومه ، وممن يوفق لليلة القدر إنه سميع مجيب .
محبكم أبو عبد الملك .
 
جزاك الله خيرا ياشيخنا الفاضل على هذه الفكرة الرائعة !

ولعل العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله من خيرمن طبق هذه الفكرة العظيمة التي أثمرت لنا كتابه النافع : " المواهب الربانية من الآيات القرآنية " حيث قيد بعض هذه الاستنباطات المفيدة أثناء قراءته لكتاب الله العزيز في شهر رمضان المبارك في عام 1347هـ .

(1) قال تعالى في سورة البقرة :
(( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {174} أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ {175} ))

تأمل معي رحمك الله أنواع العذاب في هاتين الآيتين !
أكل النار في البطون , وعدم التكليم , وعدم التزكية , والعذاب المرتب على الكتمان !
ثم تدبر قول الله سبحانه (( فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ )) ففيه موعظة بليغة لو تفكر فيها من يجتريء على الذنوب والمعاصي لكفته عن المواعظ التي تردعه وتزجره عن الفبائح !

وفي الآية أربعة أقوال كما في تفسير الماوردي ( 1/224 ) :

1- ما أجرأهم على النار ؟!
2- فما أصبرهم على عمل يؤدي بهم إلى النار ؟!
3- فما أبقاهم على النار ؟! من قولهم ماأصبر فلانا على الحبس , أي ماأبقاه فيه .
4- بمعنى أي شيء صبرهم على النار ؟!

وكل معنى من هذه المعاني تحته وعيد شديد يغني عن مئات المجلدات من الترهيب !
أي ما أشد صبرهم ؟!
تعجيب للمؤمنين ممن يرتكب موجبات النار من غير مبالاة !
 
فكرة طيبة وأفيد ايضا بأن السعدي ألف كتابه القواعد الحسان لتفسير القرآن عندما كان معتكفا في العشر الأواخر , ونفع الله به نفعاً عظيما .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ملخص لما ذكره الشيخ عبدالرحمن السعدي في كتابه :[ فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأخلاق المستنبطة من القرآن ] من أحكام الصيام المستنبطة من القرآن :
( يؤخذ من هذه الآيات الكريمات من أحكام الصيام شيء كثير :

- منها :أن شهر رمضان مكتوب على هذه الأمة ، وأن الصيام من الشرائع العامة التي شرعت على لسان كل نبي أرسله الله ، لعموم نفعه وكثرة مصالحه .
ويجمع مصالحه قوله :( لعلكم تتقون). أي : شرعنا لكم الصيام لتقوموا بتقوى الله التي بها النجاة والفلاح والسعادة ، فإن الصيام أعظم أركان التقوى ، وهو بنفسه يعين على تقوى الله في كل الأحوال ، فإنه يمرن النفوس على الصبر عما تهواه مما يلائمها ويوافق طبيعتها ، فمتى تمرنت النفس على ذلك بالصيام هان عليها ترك المحارم التي لا تتم التقوى إلا بتركها ، وأيضاً فنفس الصيام ترك للمفطرات المحرمة لخصوص الصيام ، وكذلك يدعو إلى رحمة الفقير ؛ فإن الإخلاص لله والإحسان لعباد الله هو جماع التقوى ،وكلاهما موجود معناه في الصيام).

وكان قد قال في تفسيره المشهور : تيسير الكريم الرحمن :
( فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.

فمما اشتمل عليه من التقوى:
- أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.
- ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه.
- ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان , فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي.
- ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى.
- ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع , أوجب له ذلك, مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى).

يتبع إن شاء الله تعالى ...
 
تتمة الأحكام المستنبطة من آيات الصيام

تتمة الأحكام المستنبطة من آيات الصيام

ثم قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه : فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأخلاق المستنبطة من القرآن :

(


ومنها : أنه يجب صيام رمضان برؤية هلاله على كل مقيم صحيح ، وبتمام الشهر الذي قبله من باب أولى ، وأن المريض مرضاً يرجى زواله والمسافر له الفطر ، ويقضي عدته من أيام أخر ، وعموم ذلك كل سفر طويل أو قصير ، وأنه يصح قضاء أيام قصار باردة على أيام طوال حارة ، وأن من فاته رمضان قضى عدد أيامه .

وأما المريض مرضاً لا يرجى زواله والكبير والكبيرة اللذان لا يستطيعان الصيام فيفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكيناً . وبهذا فسر ابن عباس وغيره : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ)(البقرة: من الآية184) أي : يتكلفونه بمشقة غير محتملة . وهذا أولى من القول بنسخها .
وعلل ذلك كله تعالى بقوله :( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة: من الآية185) .

ومنها : استحباب التكبير ليلة عيد الفطر ، والإكثار من ذكر الله وشكره على إتمام النعمة .

ومنها : حل الوقاع للزوجات ليالي الصيام ، وأن حله وحل الأكل والشرب ينتهي إلى طلوع الفجر ، ففيه جواز صيام الجنب ؛ لأن من لازم هذه الإباحة أن يدركه الفجر وهو جنب ، ومثله صيام الحائض إذا انقطع دمها .

ومنها : استحباب تأخير السحور لقوله : ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ)(البقرة: من الآية187) ، وأنه يجوز الأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر .

ومنها :استحباب الفطور وتعجيله.[ لم يظهر لي من أين استنبط هذا الحكم ]

ومنها : أن حد الصيام الشرعي هو الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .

ومنها : كراهة الوصال للصائم ؛ لأن الله لم يجعل الليل محلاً للصوم .

ومنها : أن جميع ما يؤكل ، وكل ما يشرب ، والجماع من أعظم مفطرات الصائم .

ومنها : مشروعية الاعتكاف حيث إن الله أضافه إلى المؤمنين ، وأنه لا بد أن يكون في المسجد ، وأن مباشرة النساء بالوطء ومقدماته ممنوع منها المعتكف .

وفيه إشارة إلى أن الاعتكاف في آخر رمضان أفضل من غيره لتواتر الأحاديث فيه ، لأن الله أتبع الاعتكاف لأحكام الصيام .
)
 
أخي الشيخ / محمد القحطاني
شكر الله لك ه>ه الفوائد
أقول لعل الشيخ ابن سعدي رحمه الله استنبط استحباب تعجيل الفطر من قوله تعالى ( إلى الليل ) وغروب الشمس هو أول الليل , والله أعلم

فائدة : سألت الشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع وقلت له : هل كان لكم دور في مساعدة الشيخ ابن سعدي في تصنيف تفسيره فتبسم شيخنا رحمه الله وقال لقد انتهى الشيخ من تأليفه قبل ولادتي .
ويتبين ه>ا من تأريخ التصنيف
 
بما أن الكفار أثبتوا أن الله
خلقهم _ أول مرة _
وخلق السماوات والأرض _ وهما اكبر من خلق الناس _
ونزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها
... الخ
فيلزمهم أن يثبتوا قدرة الله على إعادة خلقهم يوم القيامة


(( فإن أنكروا ذلك فقد أنكروا بربوبية الله التي زعموا إثباتها قبل ذلك ))

قال الله سبحانه :

اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ {2} وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {3} وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {4} وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ {5}‏
 
اتحفونا بالفوائد من ايتي الأنعام والإسراء..........

اتحفونا بالفوائد من ايتي الأنعام والإسراء..........

في تحريم قتل الاولاد جاء نصان

الأول في سورة الأنعام :
( ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم و إياهم ...) (الأنعام-151) .




والثاني في سورة الإسراء :
( ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم و إياكم ...) (الإسراء-31) .

ومعلوم : أن أهل الجاهلية لايورثون البنات , بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئلاّ تكثر عيلته , فنهى الله عن ذلك .<1> .

السؤال :
لماذا عطف رزق ا لأبناء على رزق الأباء في الموضع الأول(نرزقكم وإياهم)فبدأ برزق الأباء .
والعكس في الموضع الثاني ( نرزقهم وإياكم) .


اقول والله اعلم :
أنه في الموضع الأول قال الله تعالى ( من إملاق)
فتبين أن الأباء فقراء اصلا.
فقال الله تعالى : ( نرزقكم ) اي نغنيكم بعد فقركم ( وإياهم) اي ونأمن لهم رزقهم ايضاً تبعاً لتأمين رزقكم .

أما الموضع الثاني فقال الله تعالى : ( خشية إملاق )
فتبين أن الأباء أغنياء ولكن قتلهم الأبناء إنما هو خوفاً من الفقر .
فقال الله تعالى : ( نرزقهم) فليسوا محتاجين لكم ولن يتسببوا في فقركم لأن الله تكفل برزقهم .
بل ويكون رزق الله لهم سبب في زيادة رزقكم فقال الله تعالى : ( وإياكم ) .

ففي الموضع الأول كان الإهتمام برزق الأباء مقدم لانهم محتاجين ل -الرزق- وهو في مجال الإمتنان عليهم بهذا الرزق - وايضاً الأباء احياء والابناء لم يوجدوا بعد فقدم رزق الحي على من جاء بعده .

أما الموضع الثاني فالإهتمام برزق الأبناء مقدم لأن الأباء غير محتاجين للرزق بقدر ما هي حاجة الأبناء .

قد تكون العبارة خانتني في التعبير ولكن هذا ما كان بوسعي .

وإن كان لمشايخنا من توضيح افضل فجزاهم الله خيرا .

علماً أنني لم أطلع على غير تفسير ابن كثير وزاد المسير, ولم اجد فيهما تفصيل لهذه المسألة .
وأتوقع أن الطاهر بن عاشور سيذكرها في التحرير -ولكن للأسف فالتحرير ليس عندي الآن - , حيث أته يولي مثل هذه المسائل اهتمام مبارك .
ــــــــــــــــــــــــ
<1> ابن كثير (3-25)
 
الدروس والعبر من قصة ذبح بني اسرائيل للبقرة (منقول)

الدروس والعبر من قصة ذبح بني اسرائيل للبقرة (منقول)

الدروس والعبر من قصة ذبح بني اسرائيل للبقرة (منقول)
كاتب المقال / عمر مكي / المصدر http://www.basaernews.i8.com/study.htm
في كل قصة من قصص القرآن الكريم عبرة فما هي العبر في قصة البقرة؟ وقبل الجواب نذكر رائعة البيان:

قال الله تعالى:(( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ماهي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مُسَلّمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها والله مخرجٌ ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)) البقرة [66-73]

وتتجلى في هذه القصة انواع من العبر وهي:

1. معجزة من معجزات الرسول - صلى الله عليه و سلم - .

ودليل من دلائل نبوته بطريق الاخبار الصادقة عن بني إسرائيل.

2. ومنها أنه لا ينبغي مقابلة أمر الله تعالى بكثرة الأسئلة، بل يبادر إلى الامتثال فإنهم لما أمروا بذبح بقرة كان الواجب عليهم المبادرة إلى الامتثال بذبح أي بقرة كانت* فذبحوها وما كادوا يفعلون*

3. ومنها مقابلة الظالم الباغي بنقيض قصده فإن القاتل كان قصده ميراث المقتول ودفع القتل عن نفسه ففضحه الله تعالى وحرمه من الميراث قال ابن سيرين: أول قاتل منع الميراث كان صاحب البقرة.

4. ومنها الدليل على معاد الأبدان وقيام الموتى *وكذلك يحيي الله الموتى* وهذا أمر اتفقت عليه الرسل من أولهم إلى خاتمهم.

5. السخرية والاستهزاء من أفعال الجهل* قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين*

6. ذم الجهل والاستعاذة بالله تعالى منه.

7. ذكر مشيئة الله تعالى سبب من أسباب تحقق الأمر.

8. عدم تأدب بني إسرائيل مع أنبياء الله تعالى وقولهم لنبيهم موسى - رضي الله عنه - : *الآن جئت بالحق* لأنهم إن أرادوا أنك لم تأت بالحق قبل ذلك في أمر البقرة فتلك ردّة وكفر ظاهر وإن أرادوا أنك الآن بينت البيان التام في تعيين البقرة المأمور بذبحها فذلك جهل ظاهر فإن البيان قد حصل بقوله تعالى:*إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة*.

9. الدعاء وتكراره من أسباب البيان في طلب العلم وتيسيره *ادع لنا ربك* ثلاث مرات.

10. كل الفعال هي تحت مشيئة الله تعالى النافذة * وما تشاؤن إلا أن يشاء الله * ، * وإنا إن شاء الله لمهتدون*.

11. علم الله تعالى لكل ما يكتمه الناس وإظهاره * والله مخرج ما كنتم تكتمون*.

12. وفي هذه القصة ردّ على الفلاسفة الزاعمين أن الله لا يعلم الجزئيات وتفصيل الحوادث وإنما يعلم الكليات تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

13. اثبات الصفات لله تعالى من القدرة والكلام *القول* والفعل.

14. امتحان الله تعالى لنا بالأسباب وذلك عن طريق ذبح بقرة وهو قادر على إحيائه بدون ذلك إظهاراً لقدرته العظيمة وحجته البالغة.

15. فض النزاعات وترك الاختلاف يكون بمنهاج المرسلين ولا يكون بغيرهم.

16. إسناد الفعل الواقع من الواحد للجميع * وإذ قتلتم نفساً* والقاتل هو واحد لغرض بيان أن القتل من الواحد يتساوى مع القتل بالاشتراك.

17. إظهار الخوارق والمعجزات *الآيات* لغرض تعقلها وفهمها والانتفاع بها*ويريكم آياته لعلكم تعقلون*.

18. وفي هذه المجادلة من بني إسرائيل لنبيهم في البقرة درس لنا في ترك الجدل والخصومة في دين الله تعالى.

19. عدم تأدب بني إسرائيل مع الله تعالى فهم في كل مرة يقولون لموسى - رضي الله عنه - *ادع لنا ربك* فأضافوا الرب إلى موسى - رضي الله عنه - ولم يقولوا *ربنا* وكأنهم في غنىً عن ذلك وقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على تعنت بني إسرائيل مع أنبيائهم فعن أبي هريرة t عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: * دعوني ما تركتم فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم* رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
 
انظر بلاغة القران وإعجازه في آية الكهف

انظر بلاغة القران وإعجازه في آية الكهف


قال الله تعالى : ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا )<الكهف - 25>

لماذا قال الله سبحانه وتعالى في هذه الآية ( وازدادوا تسعا )
فلو جاء أحد حكماء اللغة والعارفين بها لقال أن هذا اسهاب لو اختصر بقول ( ثلاث مائة وتسع ) لكان ابلغ .

ولكن نقول : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا)<النساء - 82>

ففي هذا بلاغة وحكمة إلآهية :
فإن العلماء يقولون أن الثلاث مائة سنة شمسية تساوي 309 شمسية
فكل سنة شمسية تزيد فيها 3(ثلاث) سنين قمرية
فلكي لا يقول القائل : ثلاث مائة سنة لبثوا في كهفهم هل هي شمسية أم قمرية
فكان النص القرآني القاطع الصريح إن حَسِبتها بالشمسية فهي ثلاث مائة سنة , وإن حَسِبتها بالقمرية فتزيد تسعا .

ياله من كتاب محكم ونص رباني لا ممارات فيه
وإليك ما ذكره إبن كثير في تفسير هذه الأية :
( هذا خبر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم منذ أرقدهم إلى أن بعثهم الله وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان, وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية, وهي الثلثمائة سنة بالشمسية, فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين, فلهذا قال: بعد ثلثمائة وازدادوا تسعاً).

والله أعلم

يا إخوان الى مزيد من المشاركات بارك الله فيكم
احتسبوا الاجر في الوقت الذي تمضيه في الكتابة , فكلنا نمر بآيات فيهاعِبر وتدبر ولكن أين من يكتب .
 
أخي عادل التركي جزاك الله خيراً على نشاطك الملحوظ ، ونحن في انتظار المزيد من المشاركات المحررة .

أما ما أشرت إليه من الإعجاز في آية الكهف ؛ فهو محل نظر ، وقد نبه على ذلك الشيخ ابن عثيمين في تفسيره لسورة الكهف فليراجع .
وقد ذكر علماء الحساب أن الفرق بين السنين الشمسية والهلالية ليس تسع سنين ، والله أعلم .
وقد وافقك فيما ذهبت إليه الطاهر ابن عاشور ، وذكر قريباً مما ذكرت .
والمسألة تحتاج إلى بحث وتأني ، فلعلك تحررها لنا مشكوراً .
 
إن شاء الله سأبذل ما أستطيع في تحرير المسألة

إن شاء الله سأبذل ما أستطيع في تحرير المسألة

الأخ الكريم :أبومجاهدالعبيدي
إنما أردت من ذكري للآية وتوضيح ما جاء فيها زيادة التدبر في القرآن , وبيان إعجازه وبلاغته ولم أقصد من قولي التقول على الله ـ حاشى وكلاّـ وإنما أنا مجتهد فإن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .

ولكن انبه الى أني إعتمدت في قولي على ماذكره الإمام ابن كثير - وكفى به مرجع - وأيّده الطاهر ابن عاشور في التحرير.

وللأمانة أنقل ما قاله العلامة ابن عثيمين في تفسير هذه الأية حيث قال في تفسير سورة الكهف : (( وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين، قد يقول قائل: "لماذا لم يقل مائة وتسع سنين؟". فالجواب: هذا بمعنى هذا، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال: { ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً }، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية وازدادوا تسعاً بالقمرية، فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا، من الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا، لأن الحساب عند الله تعالى واحد، وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله؟ الجواب: هي الأهلَّة، ولهذا نقول: إن القول بأن "ثلاث مائة سنين" شمسية، "وازدادوا تسعاً" قمرية قول ضعيف. أولاً: لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا. ثانياً: أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة، قال تعالى: {هو الذى جعل الشمس صياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب } [البقرة: 189] وقال تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج ) )أ-هـ .
وسأضيف ما يتضح لي في المستقبل .
والله أعلم
 
احببت أن ازود إخواني بتفسير العلامة ابن عثيمين

احببت أن ازود إخواني بتفسير العلامة ابن عثيمين

غفرالله لنا وله ولوالدينا ولجميع المسلمين

ففي أثنا بحثي في هذا الموضوع وجدت نسخة إلكترونية لتفسير الشيخ لسورة الكهف فأحببت أن اضعها للإخوان لما فيها من الفائدة العظيمة .
علماً أني مازلت أبحث في الموضوع السابق.
وهذا هو رابط التحميل :

http://www.binothaimeen.com/soft/Tafseer-Alkahf.exe
 
ذكر ابن القيم فائدة نفيسة في
قوله تعالى" ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون "
تتلخص في أن : العبد يثاب على الطاعة ويثاب على ما تولد منها
وأترك الكلام له ليتحفكم بهذه الفائدة
قال رحمه الله " فأخبر الله سبحانه في الاية الاولى أن المتولد عن طاعتهم وأفعالهم يكتب لهم به عمل صالح وأخبر في الثانية أن أعمالهم الصالحة التي باشروها تكتب لهم أنفسها والفرق بينهما ان الاول ليس من فعلهم وإنما تولد عنه فكتب لهم به عمل صالح والثاني نفس أفعالهم فكتب لهم " بدائع التفسير 2/383
 
ومن الفوائد الجميلة التي ذكرها أيضا
أن أيسر شيء من رضوان الله أكبر من الجنات
قال رحمه الله " وتأمل قوله تعالى وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر" التوبة 72
كيف جاء بالرضوان مبتدأ منكرا مخبرا عنه بأنه أكبر من كل ما وعدوا به فأيسر شيء من رضوانه أكبر الجنات وما فيها من المساكن الطيبة وما حوته ولهذا لما يتجلى لأوليائه في جنات عدن ويمنيهم أي شيء يريدون فيقولون ربنا وأي شيء نريد أفضل مما أعطيتنا فيقول تبارك وتعالى إن لكم عندي أفضل من ذلك أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " بدائع التفسير 2/371
 
كلام ابن القيم على آية التوبة سبقه ـ وبتفصيل أروع وأوضح ـ شيخه ابن تيمية في مجموع الفتاوى 10/723 ـ في معرض حديثه عن أحوال النية ،وعلاقة الأفعال بها :
"ومنها ما يتولد عن فعل الإنسان : كالداعى إلى هدى أو إلى ضلالة ،والسانُ سنة حسنة وسنة سيئة ، كما ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شىء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص أوزارهم شىء) .
وثبت عنه فى الصحيحين أنه قال : (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شىء).

فالداعى إلى الهدى وإلى الضلالة هو طالب مريد ، كامل الطلب والإرادة لما دعا إليه ، لكن قدرته بالدعاء والأمر وقدرة الفاعل بالإتباع والقبول ،ولهذا قرن الله تعالى فى كتابه بين الأفعال المباشرة والمتولدة ، فقال :
(ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح أن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة و لايقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
فذكر فى الآية الأولى ما يحدث عن أفعالهم بغير قدرتهم المنفردة ـ وهو ما يصيبهم من العطش والجوع والتعب ، وما يحصل للكفار بهم من الغيظ وما ينالونه من العدو ـ وقال : (كتب لهم به عمل صالح ) ، فأخبر أن هذه الأمور التى تحدث وتتولد من فعلهم ،وفعل آخر منفصل عنهم يكتب لهم بها عمل صالح .

وذكر فى الآية الثانية نفس أعمالهم المباشرة التى باشروها بأنفسهم ـ ،وهي الإنفاق ،وقطع المسافة ، فلهذا قال فيها : (إلا كتب لهم ) فإن هذه نفسها عمل صالح .
وإرادتهم فى الموضعين جازمة على مطلوبهم ـ الذي هو أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هى العليا ـ فما حدث مع هذه الإرادة الجازمة من الأمور التي تعين فيها قدرتهم بعض الإعانة هى لهم عمل صالح ... الخ ).
 
استوقفني وصف الأرض بالمدّ يوم القيامة

استوقفني وصف الأرض بالمدّ يوم القيامة

[align=justify]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه ، أما بعد :

فقد بيّن ربّنا سبحانه وتعالى نعمه على عباده ليلزمهم شكرها ..
ومن نعمه التي لا تحصى تهيئة الأرض على الوجه الذي فيه منفعة للناس والأحياء ..
ولقد وصف الله تعالى الأرض بأوصاف متعدّدة في كتابه الحكيم :
وصفها بأنها مهاد ، وبأنها فراش ، وبأنها ذلول ، وبأنها مسطحة ..

فقد جعلها الله تعالى مهاداً ، في قوله سبحانه : " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا " (النبأ : 6) . فهي كالمهد للطفل يسكن فيه لينام ويرتاح ، أي جعلها ممهّدة ليست بالصلبة التي لا يستطيع الخلق حرثها ، ولا المشي عليها إلا بصعوبة ، وليست بالليّنة الرخوة التي لا ينتفعون بها ، ولا يستقرّون فيها ، ولكنها ممهّدة لهم على حسب مصالحهم وعلى حسب ما ينتفعون به .

وجعلها الله تعالى فراشاً ، في قوله سبحانه : " الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة : 22) . فهي كالفراش مسوّاة للأحياء إذا أرادوا الراحة عليها ، وموطّأة يستقرّ الإنسان عليها استقراراً كاملاً ، ليست نشزاً وليست مؤلمة عند النوم عليها .

وجعلها الله تعالى ذلولاً ، في قوله سبحانه : " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " (الملك : 15) . حيث استعير الذلول للأرض في تذليل الانتفاع بها مع صلابة خلقتها .

وجعلها الله تعالى مسطحة ، في قوله سبحانه : " وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ " (الغاشية : 20) حيث جعلها سبحانه سطحاً واسعاً ليتمكّن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغيرهما .

وهذه النعم التي أنعم الله بها على خلقه في الأرض اختلفت عن وصف الأرض يوم تقوم الساعة ..

ففي ذلك اليوم وصفها الله تعالى بأنها ممدودة ، في قوله سبحانه : " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق : 1-5) .

والأرض التي نحن عليها الآن غير ممدودة ، فهي كرة مدورة ، ثم هي أيضاً معرجة فيها الجبال والوديان ، وفيها السهول والرمال ، فهي غير مستوية . أما يوم القيامة فتُمدّ الأرض مدّاً واحداً كمدّ الأديم ، أي : كمدّ الجلد (مسند الإمام أحمد 375/1 ، وسنن ابن ماجه أبواب الفتن ، باب فتنة الدجال (4081)) . كأنما تفرش جلداً أو سماطاً ، حتى لا يكون فيها جبال، ولا أودية، ولا أشجار ، ولا بناء ، يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً . وإنها تُمدّ حتى إن الذين عليها ـ وهم الخلائق ـ يُسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، حتى يصير أقصاهم مثل أدناهم ، كما جاء في الحديث : « يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ، وينفُذُهُم البصر » ( أخرجه الخاري كتاب التفسير باب " ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ " (4712) ومسلم كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (194) (327)) .

فانظر إلى اختيار كلمة (مُدَّت) في وصف الأرض يوم القيامة في آية سورة الإنشقاق ..

فلم يقل هنا (سُطِحت) لأن التسطيح قد يكون فيه جبال وأودية ، كما هو الحال في الأرض .

ولم يقل (فُرشت) لأن الأرض قد انتهت وخرب العالم وما فيه .

ولم يقل (مُهدت) لأنه قد انتهى العالم وأزيل فلا راحة هنا ولا حنان ولا مهاد .

وإنما قال (مُدَّت) لأن الله سبحانه وتعالى يبدّل الأرض يوم القيامة بأرض أخرى ، فيمدّها مدّاً حتى لا يصبح فيها لا عوجاً ولا أمتاً ، فيحاكم عليها البشرية من أولها إلى آخرها ، ويقاضي عليها الإنسانية منذ أن خلقها إلى أن أفناها ، فنسأله سبحانه وتعالى أن نكون في ذلك اليوم من السعداء أصحاب الميمنة .

[/align]
 
ومن الآيات التي استوقفتني ..
في أوائل فصلت أخبر الله تعالى أن السماوات والأرض ـ في بداية خلقهما ـ "قالتا أتينا طائعين" ،وكذلك قالتا في نهاية الخلق ،عند قرب يوم القيامة : في قوله سبحانه : " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق : 1-5) ..

فتعجبت ،وقلت : ما أكفر ابن آدم هذا المخلوق الضعيف الذي لا يشكل إلا ذرة صغيرة جداً جداً !

ومع ذلك يعرض عن أمر ربه ،ويتجرأ على نواهيه ،وهو الذي ميزه الله بنعمة العقل ..
بينما السماوات والأرض ـ اللتان هما أكبر من خلق الناس بنص القرآن ـ تعلنان انصياعهما وانقيادهما لأمر ربهما في أول الخلق وآخره ..
فاللهم ارزقنا التسليم لأمرك ،والانقياد لحكمك ،وأعذنا من التمرد والكفر ..
 
ومن الآيات أيضاً ..
قوله تعالى :(ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان.. الآية) . فقد ربطت بين هذه الآية وحديث عدي بن حاتم - وكان نصرانياً قبل إسلامه - عندما سمع قول الله تعالى :(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ..) فقال للرسول صلى الله عليه وسلم : لم نعبدهم يا رسول الله !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(أليسوا إذا حرموا ما أحل الله حرمتموه ، وإذا أحلوا ما حرم الله أحللتموه ؟) قال : بلى . قال :(فتلك عبادتهم).
فعبادة الشيطان في الآية هي طاعته في معصية الله ، وهذا مفهوم واسع ، وقد رأيت يوماً مقالاً يتحدث عن قوم من المعاصرين يسمون (عَبَدَة الشيطان) ، ورأيت كاتب المقال يستدل بهذه الآية على أن المقصود بعبادة الشيطان هي ما يفعله هؤلاء المنحرفون دون غيرهم. وهذا التخصيص خطأ في فهم الآية ، ومفهوم العبادة أوسع من هذا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
 
عودة
أعلى