قاهر الفرسان
New member
- إنضم
- 25/02/2009
- المشاركات
- 7
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
قال الغرناطي :
الآية الثانية من سورة يوسف عليه السلام ، قوله تعالى : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( يوسف : 22 ) وفي سورة القصص : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( القصص : 14 ) ، للسائل أن يسأل عن ثبوت قوله : ( ( واستوى ) ) في سورة القصص ولم يثبت ذلك في سورة يوسف ؟ وهل كان يمكن ورود العكس في الآيتين ؟
والجواب عن ذلك : أن الأشد مختلف فيه من البلوغ إلى استكمال أربعين سنة ، وقد قيل بالزيادة على الأربعين ، وظاهر القرآن أن الأشد يقع على دون الأربعين لقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) ( الأحقاف : 15 ) ، فلو كان الأشد الأربعين لأدى إلى عطف الشيء على نفسه ، فإنما الكلام في قوة أن لو قيل : حتى إذا بلغ أشده واستكمل وتم بالزيادة ، والله أعلم ، وإذا كان وقوع الأشد على ما ذكرنا ، ولا يكون إلا على حال من العمر يحسن في الضبط والتدبير ، والإحكام للأمور ، والفهم للخطاب ، وتحقيق مقادير الأمور ، وهذا بجَرْي العادة إنما ابتداؤه عند البلوغ أو قبل البلوغ ، ثم يستحكم إلى الغاية التي إليها انتهاء تمام القوة واستحكام العقل ، وتلك الأربعون ، وعلى رأس الأربعين سنة بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ، ثم أن الله سبحانه قال في قصة يحيى بن زكريا ، عليه السلام : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ( مريم : 12 ) ، وهذا ولابد في غير ( سن ) الأربعين ، وقال تعالى في قصة يوسف ، عليه السلام ،( وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) وهذا حال ابتداء الوحي من الله سبحانه إنما يكون بعلم وحكمة , وموسى عليه إنما ابتدئ بالوحي وسماع الكلام بعد فراره خوفاً من فرعون ، قال تعالى : ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) ( الشعراء : 21 ) وأفصحت آي القرآن أن ذلك كان بعد رجوعه وإنكاح شعيب عليه السلام إياه ابنته ، ولم يخرج من مصر حتى ائتمر به للقتل وبعد وكز الذي كان من عدوه وقضائه عليه ، ومجموع هذا إنما هو بخروجه ، عليه السلام ، عن سن الابتداء إلى استكمال الأشد وهو الاستواء ، فقيل في قصته : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) ( القصص : 14 ) أي استكمل وانتهى إلى أحسن الحالات في السن ، وأما يوسف ، عليه السلام ، في الوحي إليه في الجب فحاله وإن بلغ ما يسمى أشداً غير حالة الاستواء ، فامتنع مجيء
الاستواء في قصته وورد في قصة موسى ، وكلام المفسرين إذا تؤمل وإن لم يكن إفصاحاً مشعر بهذا ، فجاء كل على ما يجب ، والله أعلم.
ملاك التأويل ( 2 / 676 ) للإمام أحمد بن إبراهيم الغرناطي طبعة : دار الغرب الإسلامي
الآية الثانية من سورة يوسف عليه السلام ، قوله تعالى : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( يوسف : 22 ) وفي سورة القصص : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( القصص : 14 ) ، للسائل أن يسأل عن ثبوت قوله : ( ( واستوى ) ) في سورة القصص ولم يثبت ذلك في سورة يوسف ؟ وهل كان يمكن ورود العكس في الآيتين ؟
والجواب عن ذلك : أن الأشد مختلف فيه من البلوغ إلى استكمال أربعين سنة ، وقد قيل بالزيادة على الأربعين ، وظاهر القرآن أن الأشد يقع على دون الأربعين لقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) ( الأحقاف : 15 ) ، فلو كان الأشد الأربعين لأدى إلى عطف الشيء على نفسه ، فإنما الكلام في قوة أن لو قيل : حتى إذا بلغ أشده واستكمل وتم بالزيادة ، والله أعلم ، وإذا كان وقوع الأشد على ما ذكرنا ، ولا يكون إلا على حال من العمر يحسن في الضبط والتدبير ، والإحكام للأمور ، والفهم للخطاب ، وتحقيق مقادير الأمور ، وهذا بجَرْي العادة إنما ابتداؤه عند البلوغ أو قبل البلوغ ، ثم يستحكم إلى الغاية التي إليها انتهاء تمام القوة واستحكام العقل ، وتلك الأربعون ، وعلى رأس الأربعين سنة بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ، ثم أن الله سبحانه قال في قصة يحيى بن زكريا ، عليه السلام : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ( مريم : 12 ) ، وهذا ولابد في غير ( سن ) الأربعين ، وقال تعالى في قصة يوسف ، عليه السلام ،( وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ) وهذا حال ابتداء الوحي من الله سبحانه إنما يكون بعلم وحكمة , وموسى عليه إنما ابتدئ بالوحي وسماع الكلام بعد فراره خوفاً من فرعون ، قال تعالى : ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) ( الشعراء : 21 ) وأفصحت آي القرآن أن ذلك كان بعد رجوعه وإنكاح شعيب عليه السلام إياه ابنته ، ولم يخرج من مصر حتى ائتمر به للقتل وبعد وكز الذي كان من عدوه وقضائه عليه ، ومجموع هذا إنما هو بخروجه ، عليه السلام ، عن سن الابتداء إلى استكمال الأشد وهو الاستواء ، فقيل في قصته : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) ( القصص : 14 ) أي استكمل وانتهى إلى أحسن الحالات في السن ، وأما يوسف ، عليه السلام ، في الوحي إليه في الجب فحاله وإن بلغ ما يسمى أشداً غير حالة الاستواء ، فامتنع مجيء
الاستواء في قصته وورد في قصة موسى ، وكلام المفسرين إذا تؤمل وإن لم يكن إفصاحاً مشعر بهذا ، فجاء كل على ما يجب ، والله أعلم.
ملاك التأويل ( 2 / 676 ) للإمام أحمد بن إبراهيم الغرناطي طبعة : دار الغرب الإسلامي