د.حسن حنفي وكتابه الجديد (علوم القرآن من المحمول إلى الحامل)

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,321
مستوى التفاعل
129
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png


ابتعتُ كتابَ (من النقل إلى العقل) في الجزء الأول منه الذي خصصه مؤلفه الأستاذ الدكتور حسن حنفي لعلوم القرآن، وكتب بخط صغير تحت العنوان (من المحمول إلى الحامل).
539.jpg

وكنت أريد التنويه بصدوره فحسب لعل راغباً في القراءة يشتريه، ولكنني آثرت قراءته قبل الإشارة إليه، فوجدت المؤلف - وهو غير المعروف بالكتابة في الدراسات القرآنية من قبل، شأنه في ذلك شأن الدكتور المغربي الراحل محمد عابد الجابري الذي ختم حياته العلمية بكتابة كتابه (المدخل إلى القرآن الكريم) الذي أثار جدلاً واسعاً بين الباحثين- يبالغ في انتقاد المؤلفات القديمة، ويدعو للتجديد . فقلت في نفسي : لعل الدكتور حسن حنفي وقد قارب الثمانين من العمر أراد أن يختم كتاباته بالحديث عن القرآن والتفسير أيضاً ، وذهبت بي الظنون مذهباً غير مطمئن لما كتبه في هذ الكتاب .
ولما شرعتُ في القراءة وجدت المؤلف بصدد مشروع سماه (من النقل إلى العقل) في خمسة أجزاء يستغرق منه خمس سنوات قادمة ، وتصدر تباعاً عن دار الأمير للثقافة والعلوم في بيروت ، وذلك بموجب اتفاق رسمي بين المؤلف والدار ، وتتضمن الكتب التالية :
الجزء الأول : علوم القرآن (من المحمول إلى الحامل) .
الجزء الثاني : علوم الحديث (من نقد السند إلى نقد المتن) .
الجزء الثالث : علوم السيرة (من الرسول إلى الرسالة) .
الجزء الرابع :علوم التفسير (من التفسير الطولي إلى التفسير الموضوعي) .
الجزء الخامس : علوم الفقه (من العبادات إلى المعاملات) .
وقد بدأ كتابه بنقد ذاتي لكتابه الذي أصدره مؤخراً بعنوان (من الفناء إلى البقاء) ، وقد اعتاد أن ينقد آخر أعماله في الكتاب الذي يليه وهي فكرة جيدة جديرة بالاحتذاء من المؤلفين المكثرين من التأليف ، أو يكون النقد الذاتي للكتاب في الطبعة الثانية بدل إعادة إصدار الكتاب دون أي إضافة ولا نقد .
وقد بدأ بالحديث عن أثر العلوم النقلية في الثقافة الشعبية وأنها أعمق المؤلفات أثراً في الثقافة الشعبية وهي الكتب (الموجودة بوفرة في المكتبات العامة والخاصة وفي المساجد والمعاهد الدينية ، والمتوافرة بطبعات عدة في معظم العواصم العربية بأزهى الألوان ، وأجمل الإخراج، وأفخر أنواع التجليد في عدة مجلدات) وكأني أفهم من كلامه هذا أنه يشكو قلة انتشار كتبه السابقة الفلسفية والنقدية ورغبة دور النشر عن طبعها بأفخر التجليد وأزهى الألوان ، وهذه سنة الله فيما ينفع الناس وفيما لا ينفعهم .
وهو يهدف من مشروعه (من النقل إلى العقل) إلى (إعمال العقل فيما تركه القدماء للنقل وحده، وجعل هذه العلوم الخمسة : القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه علوماً واقعية خالصة كما تحولت العلوم العقلية النقلية الأربعة التي تمت إعادة بنائها من قبل إلى علوم عقلية واقعية خالصة أخذاً بالتدرج في مهام الأجيال حتى يتعود الناس على إعمال النظر فيها) .
وهذا كلام مرسلٌ لا دليل عليه ، فالعلماء من السلف والخلف من خلال مناهجهم ومؤلفاتهم كانوا يجمعون بين النقل وإعمال العقل العلمي المنهجي في مؤلفاتهم، ولم يكن من منهجهم إلغاء العقل والاكتفاء بالنقل وحده كما يزعم الدكتور حسن حنفي .
وقد لاحظت أنَّ لديه جرأة غريبة في الجزم بنتائج علمية لا دليل عليها، بل الدليل على خلافها، ويمر بالقارئ عند قضايا علمية فيحسم الخلاف فيها بكلمتين بلا دليل ولا تعليل ، وإنما هكذا بكلام مرسل، ويبدو لي أن احتفاء القراء بكتاباته السابقة وطريقته هو وأمثاله في الكتابة أنهم تعودوا أن يكتبوا ما يريدون بدون دليل، ويتركون للناس البحث عن الأدلة وإثارة الردود على مؤلفاتهم لكي تنشط حركة نقدية حول كتبهم فحسب ، دون رغبة جادة في خدمة العلم والمعرفة لوجه الله وللارتقاء بالعقل العلمي الصحيح ، وهذه مشكلة أراها كثرت في زماننا ، فقد كثر الكتاب كثرة مَرَضيَّةً غير صحيَّةٍ ، وأصبحوا يكتبون لمجرد الكتابة فتتضخم الكتب وتخرج الكتب في عدة مجلدات ، وإذا أتعبت نفسك في قراءتها ألفيتها خالية من العلم الحقيقي النافع ، ومليئة بالآراء الخارجة عن منهج العلم والأدب أحياناً، فانشغل الكثير من الباحثين بالرد على ما امتلأت به هذه الكتب من الشبهات والخواطر المبعثرة ، وأصبح لهؤلاء في الناس ذكر وصيت بعد أن كثرت الردود عليهم، وشعروا أن لهم قيمة علمية حقيقة في المجتمع لكثرة النقد والردود ، وفي الناس من يعيش على مثل هذه السمعة التي لا يرتضيها العقلاء ، ولكننا في زمانٍ غريب . وأذكر أحد هؤلاء المشهورين خرج في لقاء تلفزيوني ذات يوم يتحدث عن مشروعه الثقافي فإذا به لا يكاد يبين عما يريد، وإذا بالمذيع يتحير في محاورته لضحالته وردءاة فكره، وهو بعدُ يدعو للتجديد والخروج من بوتقة القديم !

وقد أشار د. حسن حنفي إلى أن علوم القرآن هو العلم الوحيد الذي هو علوم بالجمع فقال :(القرآن وحده هو (علوم) بالجمع لاعتماده على علوم اللغة والتفسير والفقه وأصول الفقه، في حين أن باقي العلوم (علم) واحد ، الرواية في علم الحديث ، وفهم القرآن في علم التفسير ، وحياة الرسول في علم السيرة ، والشريعة في علم الفقه ...) الخ
وهذا كلامٌ مرسل كذلك لا قيمة له ، فعلم الحديث ليس علم رواية فحسب، وقل مثل ذلك في حكمه على بقية العلوم .
والشيئ الذي أدهشني حقاً في كتابه هو صَبْرُهُ وجُلَدُهُ في التأليف والكتابة، فهو يضع مشروعات يعمل لتحقيقها خلال عمره الذي قارب الثمانين(1)، في الوقت الذي ترى فيه كثيراً من الباحثين الجادين يتوقف عند بحث الدكتوراه، ويطوي كتبه ويجفف أقلامه وكأن المهمة قد انتهت في الوقت الذي تكون بدأت فيه، فكم خسرت الدراسات القرآنية والعلمية من الباحثين الجادين بسبب الانشغالات وعدم وجود مشروعات جادة تستهلك وقت الباحث المتميز ، ولعل في منهج د.حسن حنفي وأمثاله عِبْرَةً ومَثَلاً لهؤلاء .

علوم القرآن :
يسوق حسن حنفي النتائج سوقاً دون أدلة ، ويكتب وكأنه قد درس هذه المسائل دراسة عميقة ثم يعبر من عنده، والخلل والاضطراب في كتابته واضح للمتخصص ، ولكنه قد يمر على المثقف العادي بسهولة .
يقول حسن حنفي :(تعتمد علوم القرآن على الأدلة النقلية بمفردها دون الأدلة العقلية لأنها علوم نقلية خالصة، لذلك كثرت الآيات استدعاء من الذاكرة في غياب المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن كما هو حادث هذه الأيام. وكانت تستعمل حبات الشعير لعد الآيات بالمئات والكلمات بالآلاف والحروف بعشرات الآلاف...)
ثم يقول :(وتكثر الشواهد الشعرية بعد الآيات القرآنية، فالشعر ديوان العرب، والقرآن نزل بلغة العرب، وكثير من الاختلافات في التفسير يُمكن حلها بالعودة إلى الشواهد الشعرية ، ويُمكن دراسة التعبيرات الشعرية في القرآن وبيان كيفية استعماله لها لأن الشعر أسبق ، والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة ، فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي، والقرآن شعر لأنه حمل عليه. الإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني إعجاز أدبي يثير الخيال، لذلك كان تفسير القرآن بالشعر ضمان لغوي ، ولا يفسر الشعر بالقرآن لأن الشعر أسبق، الشعر حامل والقرآن محمول، لذلك عقدن فصول في الإعجاز لمقارنة أساليب البلاغة في القرآن والشعر ....) ص 22
وهذا كلامٌ مضطرب فيه حق قليل وجهل كثير، يدل على جرأته في ذكر النتائج لِمُجرَّد اعتماده على فهارس الآيات والأحدايث والشواهد الشعرية في كتب علوم القرآن وغريبه.
وقد لفت نظري في كتاب الدكتور حسن حنفي هذا أنه يعتمد في حكمه على المؤلفات في علوم القرآن على فهارس الكتاب ، فيتعرف على أبرز الأعلام الذين ذكروا في الكتاب من خلال فهرس الأعلام، فإذا وجد تكرر اسم عبدالله بن عباس يتكرر أكثر من غيره ، قال : وحضور عبدالله بن عباس طاغٍ في كتب علوم القرآن ثم يأتي بعده ابن مسعود وهكذا .. ويفعل مثل ذلك في الشواهد من القرآن والحديث والشعر وغيرها، دون أن يتوقف عند المؤلف نفسه والسياقات التي وردت فيها هذه الأعلام والشواهد ، والتي تبين منهج المؤلف على حقيقته، مما يجعلني أجزم بأنه لم يقرأ كتاباً من كتب علوم القرآن كاملاً ويعرف منهجيته الصحيحة ، ويتعرف على قيمته العلمية الحقيقية؛ ولذلك تتكرر عنده أخطاء هي عند أهل التخصص في القرآن وعلومه مُسلَّمات لا تحتاج إلى نقاش، وهو يطرحها على وجهٍ مُخالفٍ للواقع ، ويَمُرُّ عليها دون توقف.
ثم تعرض لكتابي الزركشي (البرهان في علوم القرآن) والسيوطي (الإتقان في علوم القرآن) فأثنى عليهما بأنهما قد أعملا العقل في علوم القرآن، وكانا أكثر جرأة في تناول حوامل الوحي اللغوية والمكانية والزمانية والاجتماعية والتاريخية والثقافية ! ووصفهما بأن لديهم قدرة على إبداع المصطلحات ووضع المناهج وتأسيس العلوم . ثم أشار إلى كتابات بعض المعاصرين في علوم القرآن من أمثال نصر حامد أبو زيد فقال : (وقد تعرَّضَ بعضُ المُحدَثِيْن لعلوم القرآن، منها الرصين العلمي، ومنها الفرقعة الإعلامية، ومنها ما بدأ رصيناً علمياً ثم تحول إلى زوبعة إعلامية . فعلوم القرآن للخاصة وليست للعامة، للجامعات ومراكز الأبحاث وليست للصحف وقنوات الفضاء) . ص 23
وكأنه هنا يتفق مع مثل كتابات نصر أبوزيد وأمثاله في أصلها، ولكنه يعترض على ما شابها بعد ذلك من خروج بها عن منهجها في نقد التراث إلى الفرقعات الإعلامية كما يقول، وفي الحقيقة إن منهجية نصر أبو زيد وأمثاله منهجية مردودة في التعامل مع القرآن وعلومه لجهلهم بما ينبغي على المتعامل مع القرآن من المعرفة بأصول التفسير وأصول التعامل مع القرآن، وضعف اطلاعهم على كتب المفسرين وعلوم القرآن ، واكتفائهم بالاطلاع المستعجل والنقد المشوه لتلك المؤلفات الرصينة .
ثُمَّ تحدث بعد ذلك عن العلوم المشتركة مع علوم القرآن بتوسع ، فقال :(وعلوم القرآن هي علوم تجميعية من علوم اللغة والنحو والبلاغة، معظم أبوابها وفصولها في اللغة ، فاللغة هي الحامل الأول للوحي قبل الزمان والمكان. لذلك هي (علوم) بالجمع ) وكلامه هذا فيه حق، فعلوم القرآن استفادت كثيراً من علم اللغة بفروعه استفادة ظاهرة، ومن علم أصول الفقه وغيره، ولكن تناولها في علوم القرآن له خصوصيته التي لم يتنبه لها في كلامه الطويل عن هذه المسألة.
وقد أشار إشارات مفيدة لبعض المسائل في علاقة علوم القرآن بالعلوم الأخرى جديرة بالنقاش من الباحثين ، وأنا هنا لن أتوقف عند كل ما قاله ، ولكنني أشوق الباحث المتخصص للاستفادة من بعض اللفتات التي ذكرها في كتابه، وأنبهه للحذر من مجازفاته التي ظهرت بشكل واضح في الكتاب .
ومِما قاله عن تدوين علوم القرآن :(ودونت علوم القرآن في عصر متأخر كانت الأشعرية في العقائد والشافعية في الفقه قد أصبحتا ثقافة شعبية عامة، للعامة والخاصة مما يفسر طغيان الغزالي والشافعي في (البرهان) للزركشي) وهو يلاحظ هذا الطغيان من خلال كثرة تكرار اسم الغزالي والشافعي في فهرس الأعلام فحسب .

حديثه عن تطور علوم القرآن :
تناول في فقرة مطولة موضوع تطور علوم القرآن ، فعرض لكتب مهمة فيه بشيء من الوصف المفصل المعتمد على فهارس الكتاب غالباً لا على قراءته قراءة متأنية ، فتكلم عن (المرشد الوجيز) لأبي شامة ووصف نقاش أبي شامة لحديث الأحرف السبعة بأنه قد خلط فيه بين (بين الحديث الموضوعي والحديث الخيالي بتدخل جبريل للتخفيف على الأمة والتيسير عليها) !!
كما تحدث عن كتاب (الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن وعلم البيان) الذي نسبه لابن القيم وهو لابن النقيب كما هو معلوم، ولكنه لم يتنبه لذلك وأستمر في نسبته لابن القيم .
ثم تحدث عن البرهان للزركشي وأطال الحديث عنه بناء على فهارس الأعلام والشواهد ، ومما قاله :(وطبقاً لأسماء الأعلام الواردة في البرهان يأتي الزمخشري أولاً مما يدل على أولوية علم التفسير ثم سيبويه وابن جني مما يدل على أهمية علم اللغة بعد علم التفسير ، ثم يأتي مؤسسو علوم القرآن مثل أبو علي الفارسي وأبو جعفر النحاس والواحدي ...) والخلط واضح في مثل هذه الاستنتاجات ، فكثرة تكرر اسم الزمخشري في الكتاب لجوانب بلاغية ولغوية موجودة في الكشاف الجديد والقديم ولآراء لغوية موجودة في المفصل له ، فليست المسألة متعلقة بالتفسير بدقة ، وأبو علي الفارسي ليس من مؤسسي علوم القرآن بمعناها الخاص وإن كانت له مشاركات في بعض علوم القرآن ، وقل مثل ذلك في الواحدي . وهو يستمر على مثل هذه الاستنتاجات المبنية على الاكتفاء بفهارس الكتاب .
ومن الوقفات المفيدة في عرضه للبرهان للزركشي قوله :
((ويقدم البرهان في علوم القرآن ) للزركشي سبعة وأربعين نوعاً يمكن ضمها في عدد أقل ، عشرة فقط . ويمكن تجميعها في عدد أقل ، تسعة أنواع مقسمة إلى ثلاثة). ص 47 وذكر في الحاشية تفاصيل هذه العشرة والتسعة . وهي نظرة مفيدة في تنظيم أنواع علوم القرآن وقد سبق نقاشها في أكثر من موضوع في الملتقى قديماً(2) ، وهذه التقسيمات التي ذكرها جديرة بالإفادة منها .
ثم تعرض للحديث عن كتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي) بتفصيل ككلامه عن كتاب الزركشي ، وقد وقع في أخطاء كالسابقة كقوله (لأن القرآن لا ينزل إلا في سبب، وإجابة على سؤال) وهذا غير صحيح، بل القرآن ينزل ابتداء وهو الأكثر .
هذا كله الذي تقدم ما هو إلا مقدمات بين يدي الكتاب الذي قام بتقسيمه إلى ثلاثة أبواب :
الباب الأول : الحوامل الموضوعية (التاريخ).
الفصل الأول : المكان .
الفصل الثاني : البيئة الاجتماعية .
الفصل الثالث : الزمان .
وقد تحدث في فصول الباب الأول حديثاً طويلاً نظرت فيه سريعاً ، عن أسباب النزول ومكان النزول وما يتصل ببيئة النزول من المؤثرات والمؤلفات .
الباب الثاني : الحوامل الموضوعية الذاتية (الرواية) .
الفصل الأول : الخبر .
الفصل الثاني : القراءة .
الفصل الثالث : التدوين .
تناول فيه الكلام عن حفظ القرآن وتدوينه ونقله .
الباب الثالث : الحوامل الذاتية (اللغة) .
الفصل الأول : اللفظ والمعنى .
الفصل الثاني : أساليب البلاغة .
الفصل الثالث : التفسير .
تناول فيه الحديث عن فهم القرآن والمؤلفات في التفسير والغريب والبلاغة .
والكتاب بعد هذا كله كتاب مليئ بالمجازفات في الصفحات التي اطلعت عليها وهي تقارب 150 صفحة ، وعدد صفحات الكتاب كاملاً 503 صفحات من القطع العادي ، ولكنني لم اشأ تأجيل نشر هذا التعريف حتى أفرغ من قراءة الكتاب كاملاً حتى لا يتأخر الأمر، ولكن الكتاب جدير بالقراءة النقدية المتأنية لإبراز جوانب الخلل فيه ، والأفكار الجيدة التي يمكن أن يفيد منها المتخصصون في القرآن وعلومه، وأما أنه يصلح ككتاب علمي يبني عليه قارئه ثقافته في علوم القرآن فلا .
وفقكم الله جميعاً للعلم النافع ، وهدانا إلى صراطه المستقيم .
الإثنين 6 صفر 1432هـ


ـــ الحواشي ـــ
(1) حيث يقول : (لم يبق في العمر الكثير ، ستة عشر عاماً في (من العقيدة إلى الثورة) وثلاثة عشر عاماً في (من النقل إلى الإبداع) وأربعة أعوام في من الفناء إلى البقاء وثلاثة أعوام في (من النص إلى الواقع) لأنه إعادة كتابة الرسالة الفرنسية الأولى (مناهج التأويل) التي استغرقت عشر سنوات بعد أربعين عاماً .
أما هذه المرة فالنية معقودة على ألا يزيد كل جزء من الأجزاء الخمسة عن عام واحد ، خاصة بعد التركيز على العلم دون المعلومات، وعلى خواطر النفس وخلجاتها دون التحليلات الكمية والإحصائية للعقل، وإبراز الجديد أكثر من تحليل القديم، وعلى الوليد أكثر من الأم) ثم أضاف في الحاشية :
(وبالتالي ينتهي من النقل إلى العقل في غضون خمس سنوات (2008-2012) ثم تبدأ الجبهة الثالثة (الموقف من الواقع) أو نظرية التفسير في (2012-2015) وأكون قد وصلت إلى سن الثمانين ، أعود بعدها إلى الجبهة الثانية (موقفنا من التراث الغربي) وأضع في قلادة (مقدمة في علم الاستغراب) أحجار كريمة عشرة بدأتها بثلاثة :( هوسرل في تأويل الظاهريات وظاهريات التأويل) وهي الرسالة الثانية التي كتبت منذ أكثر من أربعين عاماً .... ويتم ذلك في خمسة أعوام إن أنسأ الله في العمر كما يقول ابن سينا ، وأكون بذلك قد بلغت الخامسة والثمانين {لكل أجلٍ كتاب} أبدأ في كتابة سيرتي الذاتية بالرغم من خطورتها على مشروع (التراث والتجديد) بجبهاته الثلاث إذ سيترك الناس المشروع ويأخذون السيرة، ويقضون على موضوعية الفكر لصالح ذاتية التجربة ). (1/19-20)
(2) انظر موضوع : تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم القرآن للدكتور مساعد الطيار .
 
جزاك الله تعالى خيراً شيخنا أبا عبد الله وأمدك بالقوة والعافية وفتح عليك بما يرفع مقامك وينفع الأمة ويقيمك المقام الذي تكون به ممن ينفون عن هذا الدين وعلومه... انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين...ويجري فيك سنته في الخلف العدول لخير سلف من حملة هذا الدين القويم
ولعل هذه الثلة من المستغربين أبواق أساتذتهم المستشرقين- إنما يلتاكون أو يجترون هضيمهم وما ألقوه إليهم... وليقتاتوا عليه ويستصنعوهم ... فيسيروا في أمتنا بما ألقوه إليهم مشككين صادين عن جادة السبيل.. ويخرجوه بأثواب جديدة...وعبارات ودراسات... يظنها المثقف بادي الرأي علما ونقدا وفكرا ...وما هي إلا مزاحمات ومشوشات ومشككات ومضللات
وحسبنا الله ونعم الوكيل... وما هيأ لهذه الأمة من العلماء الأمناء اليقظين أمثالكم ...فبارك الله بكم ونفع بكم وحصن وأرشد وسدد
 
لما قرأت عنوان الموضوع أول مرة:


علوم القرآن للخاصة وليست للعامة ، للجامعات ومراكز الأبحاث وليست للصحف والقنوات [/QUOTE]

ظننت أنك تؤيد هذه العبارة، فشدني ذلك إلى قراءة الموضوع، فوجدت الأمر على العكس تماما
فأقترح يا شيخ أن تضيف بعض التعديلات للعنوان ، تجعل القارئ لا يفهم منه ما فهمتُه أولا، ليصل مرادك إلى القراء..
وبارك الله فيك
 
أخي العزيز الأستاذ طارق عبدالله وفقه الله : شكر الله لك اطلاعك وما دعوت به ، وكتب لك من الأجر والثواب أجزله وأوفاه، وجعلنا جميعاً من عباده المخلصين .

الأخت الكريمة رشا وفقها الله : أشكرك على تنبيهك وقد غيرت عنوان الموضوع كما اقترحتم بارك الله فيكم .

ليت أحد الإخوة يذكر لنا تعريفاً بالمؤلف الأستاذ الدكتور حسن حنفي ومنهجه باختصار ليكون قارئ هذا التعريف على معرفة بالمؤلف .
 
حسن حنفي (1935-) مفكر يساري مصري مثير للقلق والجدل ، يقيم في القاهرة . مارس التدريس تدريس الفلسفة في عدد من الجامعات العربية ، ورأس قسم الفلسفة في جامعة القاهرة. شغل منصب السكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية . حاز على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوبون عام 1966م. عمل مستشاراً علمياً في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو خلال الفترة من (1985-1987). وهو كذلك نائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية، والسكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية.
يصف نفسه بأنه يساري (على الطريقة الماركسية) أي من اليسار الإسلامي ، أو أنه مؤسس مشروع اليسار الإسلامي ، قائلاً أن ملفه في وزارة الداخلية مصنف تحت عنوان "إخواني شيوعي"، وأنه يدعو لما يسميه "إسلام يساري"، ويكرر : "الإخوان يعتبرونني شيوعيا، والشيوعيون يعتبرونني إخوانيا، أما الحكومة فتعاملني كشيوعي إخواني".. ويلتقي مع أفكار اليساريين من أمثال جورج طرابيشي ، وقال إن الكثير من الأتراك والماليزيين والإندونيسيين الإسلاميين استفادوا من أفكاره وأطروحاته.
عمل :
  • مدرس فلسفة - كلية الآداب - جامعة القاهرة 1967 - 1973
  • أستاذ مساعد فلسفة - كلية الآداب - جامعة القاهرة 1973 -1980
  • أستاذ الفلسفة - كلية الآداب - جامعة القاهرة 1981- 1995
  • رئيس قسم الفلسفة - كلية الآداب - جامعة القاهرة 1988-1994
  • أستاذ متفرغ كلية الآداب - جامعة القاهرة 1995 وحتى الآن.
وله عدد من المؤلفات في فلسفة الحضارة العربية الإسلامية:

  • سلسلة "موقفنا من التراث القديم:
  • التراث والتجديد (4 مجلدات)
  • من العقيدة إلى الثورة
  • حوار الأجيال
  • من النقل إلى الابداع (9 مجلدات)
  • موسوعة الحضارة العربية الإسلامية
  • مقدمة في علم الإستغراب
  • نيشته فيلسوف المقاومة
  • في فكرنا المعاصر
  • في الفكر الغربي المعاصر
  • حوار المشرق والمغرب
  • دراسات إسلامية
  • اليمين واليسار في الفكر الديني
  • من النص إلى الواقع
  • من الفناء إلى البقاء
  • من النقل إلى العقل
الجوائز

حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2009
 
شكر الله لكم يا دكتور عبد الرحمن هذا التعريف المفيد، وأمثال الدكتور حسن حنفي له أطروحات ظاهرة البطلان يروجها من خلال عناوين رنانة / من العقيدة إلى الثورة، من النقل إلى الإبداع، ونحوها.
وأحب أن أشير إلى أن الدكتور حسن حنفي سبق له أن تكلم على ثلاثة ابعاد لمشروعه الذي يسعى لتحقيقه في الحياة، وكان البعد الثالث منها له تعلق بالتفسير: يقول: " أما البعد الثالث في مشروعي أو المرحلة الأخيرة فسوف أخصصها لتفسير القرآن تفسيراً موضوعيا، ليس تفسيراً معتاداً طويلاً يبدأ بالفاتحة حتى سورة الناس، ولكن تفسيراً بحسب الموضوعات يجمع مثلاً كل الآيات التي تبحث في الإنسان، في الإرادة، في العقل، في المجتمع، في التاريخ...أقول إذن بأن المرحلة الأخيرة من مشروعي ستكون مخصصة للتفسير الموضوعي للقرآن الكريم واضعاً في اعتباري كل مشاكل العصر إن تفسيري سيكون نفسياً أدبياً اجتماعياً تاريخياً يحاول أن يعطي قدر الإمكان نظرية إسلامية" الدين والثورة في مصر (8/258 ).
 
جزاك الله خيراً يا دكتور عبدالرحمن.
توجد رسالة دكتوراه في قسم العقيدة بجامعة أم القرى عن " حسن حنفي وآراؤه الفكرية " للباحث المتميز الأخ العزيز فهد القرشي وهو مشترك معنا بالملتقى فليته يعلق على هذا الموضوع .
 
أشكر أخي العزيز المبدع عصام المجريسي وفقه الله على تعريفه المركز بالدكتور حسن حنفي ، وقد استفدت منه .

وأشكر أخي محمود البعداني على تعقيبه المفيد ، وأرجو أن تكون قد عثرت على الكتاب حيث وصفت لك ، وإلا فأبشر بنسختي فأنت أولى بها مني لقربها من بحثك .

وأشكر أخي الدكتور حاتم القرشي على تعقيبه وليته ينبه أخي فهد القرشي ليتحفنا بما لديه حول الموضوع ما دام متخصصاً في دراسة حسن حنفي .
 
جزاكم الله خيراً شيخنا عبد الرحمن الشهري
وقد حصلت على الكتاب حيث ذكرتم بارك الله فيكم.
 
لدي كتابه من الفناء إلى البقاء، وهو كتاب خصصه لنقد التصوف في أكثر من ألف وخمسمائة صفحة!
أكثر ما يُتعجب منه حقا -كما أشرتم- هو الجَلَد العجيب والهمة والدأب البالغين لأمثال هؤلاء، مشاريع وخطط وإنجازات ..
تُرى هل جعلهم الله لنا آية نعتبر بها؟

كلما اطلعت على مثل هذه الجهود أتذكر ( عجز الثقة ) .
 
تعليق حول ما كتبه بعض طلبة العلم عن حسن حنفي

تعليق حول ما كتبه بعض طلبة العلم عن حسن حنفي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:
فإني أشكر كل من أدلى بدلوه- فيما يتعلق بــ: د. حسن حنفي- من إخواني طلبة العلم، وأخص أخي وحبيبي الدكتور: حاتم بن عابد القرشي، على حسن ظنه بي، وأخشى أن يكون استسمن ورمًا عندما طلب مني التعليق حول هذا الموضوع. وأثمن للدكتور: عبدالرحمن الشهري تريثه في الإشارة إلى كتاب حسن حنفي: من النقل إلى العقل، حتى يقف على حقيقة ما فيه وما يدعو إليه حسن حنفي، وهكذا ينبغي أن يكون طالب العلم.
وقبل أن أدلي بدلوي فيما يتعلق بحسن حنفي، أقول: إن من سنن الله تعالى في خلقه الصراع بين الحق والباطل، ومنذ أن بعث الله- تعالى- نبيه محمدًا صل1 بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، وأعداء الدين يكيدون للإسلام وأهله بشتى الصور وعلى كافة الأصعدة، وهجماتهم المقيتة على الإسلام وأهل تتوالى على مر العصور وكر الدهور، ولا نزال نسمع فحيحها بين حين وآخر مصداقًا لقول الحق- تبارك وتعالى-: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)(البقرة: من الآية217))(البقرة: من الآية217).
ومع كل تلك الهجمات يدخل الناس في دين الله أفواجا، ويعودون إلى دينهم زرافات ووحدانا، ليس بقوة سلاح ولا بكثرة مال، مما جعل أعداء الدين يستغربون ذلك، ويتساءلون في دهشة: كيف أمكن لهذا الدين أن يستحوذ على عقول البشر بهذه الطريقة المدهشة؟!([1]).
عندها أدركت مراكز الدراسات والبحوث الغربية أنه لابد من مواجهة هذا الخطر القادم وهذا الرجوع إلى الإسلام، بإيجاد بدائل عن تلك الأفكار البالية (العلمانية واللبرالية والحداثة وما بعد الحداثة...إلخ)، فقام فئام من مفكريهم- ممن له نشاط مباشر بالحركات الفكرية ورموزها في العالم العربي- وغيرهم بزيارات لبعض العواصم العربية لسبر ورصد الحالة الفكرية هناك، وبيان مدى ظهور الصحوة الإسلامية فيها، فخرجت تلك المراكز البحثية ومفكروها بنتيجة مفادها: ضرورة نقل المعركة إلى داخل الدين الإسلامي وتراثه عن طريق بعض أبنائه، فعمدوا بمكرهم المعهود بجلب بعضهم للدراسة عندهم، فصاغوا فكره بما يتوافق مع أهدافهم ومقاصدهم في هدم الإسلام من داخله.
وقد ظهر صدى هذه النتيجة التي خلص إليها أولئك المفكرون الغربيون على يد تلميذ نجيب من تلاميذهم وهو علي بن سعيد أدونيس، فترجم هذه النتيجة إلى واقع عملي تطبيقي، حيث يقول: " إذا كان التغيير يفترض هدمًا للبنية القديمة التقليدية فإن هذا الهدم لا يجوز أن يكون بآلة من خارج التراث العربي، وإنما يجب أن يكون بآلة من داخله. إن هدم الأصل يُمارس بالأصل ذاته"([2]). فأخذها عنه تلاميذه من بعده وطبقوها واقعًا عمليًّا، يقول هشام جعيط- داعيًا إلى علمنة الإسلام بشكل مفضوح-: " وهكذا نقترح العلمانية بصورة من الصور، علمانية غير معادية للإسلام بحيث تستمد دافعها من شعور إسلامي"([3]).
فهذا وأمثاله أخذوا على عاتقهم القيام بتلك النتيجة الغربية، وتكييف الدين باسم التجديد بما يتوافق ويتواكب مع تطور هذا العصر وحاجاته ولا يتعارض مع شهوات الغرب وأفكاره، سواء كان ذلك في الأصول العقدية أو المحكمات الشرعية.
وتمكن أعداء الدين من استنفار بعض من أبناء المسلمين وتسخيرهم لنسف القلعة الإسلامية من تاريخها، وتولي محاربة الدين والقضاء عليه نيابة عنهم، فغذوا عقولهم الضحلة بأفكارهم البائدة وأظهروا أمامهم التباكي على التراث الإسلامي المفقود، وكنوزه الضائعة، واستحثوهم أن يشتغلوا بالتنقيب عنها ونشرها، فجاء هذا المخدوع أو ذاك ينبش رميم الباطنية والحلولية وينفض الغبار عن هرطقة الفلاسفة والمعتزلة ويحقق كتبهم تحت ستار إحياء التراث والتحقيق العلمي النزيه، والغرض الحقيقي هو هدم التراث الإسلامي والحيلولية بينه وبين عودة الناس إلى المنبع الصافي، وإذكاء القروح الميتة في كبد الأمة الجريحة.
فهؤلاء المفكرين يتباكون على وضع الأمة وأن أرضها محتلة وهم يفعلون في تراث الأمة ما هو أشد من ذلك كله، إذ إنهم يقدمون للأمة المسلمة مؤلفات تنسف عقيدتها وتهدم أركان إيمانها([4]).
فعاد أولئك المفكرون الذين انسلخ بعضهم من عقيدته وهويته وصيروا أنفسهم عبيدًا لشياطين الإنس والجن، إلى بلدانهم ليقوموا بالمهمة على أكمل وجه، فيأتي هذا المفكر الممسوخ أو ذاك بعد أن يعترف بالإسلام وانتمائه إليه وإعلانه عن الانضواء تحت لوائه والإيمان بأنه هو المخلص للشعوب مما هي فيه؛ لينقض بعد ذلك لهدمه من داخله باسم التجديد تارة وفتح باب الاجتهاد على مصراعيه تارة أخرى، بل إنهم لم يتركوا بابًا لهدم الدين إلا ولجوه وتسللوا إليه، ومن أخطر تلك المجالات ما كان متعلقًا بعقيدة الأمة وأركان إيمانها.
فأخذوا في نشر باطلهم وإلقاء شبهاتهم في كل مجال من مجالات الدين، دون مراعاة للأصول المنهجية العلمية وأصول الاستدلال وخصائص هذا الدين واختلاف بيئته مع تلك البيئات التي تربوا فيها. ووصل تجاسر هذه الفئة المسخرة إلى اتخاذ مواقف عدائية من الدين الإسلامي، وتطاولت على أركان الإيمان ومحكمات الشريعة بما لم يكن له مثيل من قبل.
وقد بليت الأمة الإسلامية في المشرق والمغرب بعدة مشاريع فكرية هدامة، يسمونها زورًا وبهتانًا: نهضوية، وهي في حقيقتها تخريبية، الهدف منها تقويض الدين وهدم أركانه وإزاحته من واقع المسلمين، وأنسنة الوحي وعقلنته وأرنخته، والإتيان بدين جديد تمدهم به القراءة التأويلية الجديدة لأصحاب هذه المشاريع، وإن اختلفت مسمياتها فحقيقتها واحدة وأهدافها واضحة، ومن هذه المشاريع على سبيل المثال لا الحصر:
أولًا: مشروع طيب تيزيني، وهو أستاذ جامعي سوري، وسم مشروعه بـ"مشروع رؤية جديدة للفكر العربي منذ بدايته حتى المرحلة المعاصرة"، وهو مشروع يعتمد الماركسية([5]) كمذهب والمادية التاريخية كمنهج، ينوي صاحبه إصداره في اثني عشر جزءًا، ثم جدده في " من التراث إلى الثورة" وكأن الفكر الإسلامي فكر تاريخي خالص ابتداء من حضارات الشرق القديم مرورًا بالجاهلية واستمرارًا في عصور الإسلام المختلفة، ويكتمل مشروعه في اثني عشر جزءًا، ليصل إلى نتيجة مفادها: أننا أمام حضارة تاريخية صرفة لا علاقة لها بالوحي، وهذه التاريخية في نظره هي المخلص للواقع العربي المعاصر من الماضوية والسلفية وغيرهما من النزعات التي تدفع الوجدان العربي المعاصر إلى الاتجاه نحو الماضي والسلف يعني الرجوع إلى الدين. وله أفكارٌ وآراء في قضية التراث العربي، لا يوافقه عليها عديد من الماركسيين العرب علاوة على غيرهم من مفكري المذاهب السياسية الأخرى.
ثانيًا: مشروع حسين مروّة، وهو باحث لبناني، وسم مشروعه بـــ" النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية" مجتزئًا التيار الطبائعي عند أصحاب الطبائع من المعتزلة، والطبيعيات من علوم الحكمة، ووحدة الوجود عند الصوفية، والبحث عن العلل المادية للأفعال في علم أصول الفقه من مجموع التراث الإسلامي ومن تفاعله مع الأشعرية والإلهيات والإشراقيات والفقه النظري. وقد اختار لمشروعه المنهج المادي الجدلي. وقد صدر في جزأين وهو موضوع رسالته للدكتوراه، تمت مناقشته في جامعة موسكو، وقد نشرت دار الحداثة للطباعة والنشر ببيروت كتابًا ضَمَّ أغلب المقالات والمناقشات التي تناولت مشروع طيب تيزيني ومشروع حسين مروة بالبحث والدراسة من قِبَل مثقفي اليسار أنفسهم، وعنوانه" الماركسية والتراث العربي الإسلامي"([6]).
ثالثًا: مشروع محمد عابد الجابري، وهو أستاذ جامعي مغربي، وقد بدأ مشروعه بكتابه" نحن والتراث" ثم أعقبه بمحاولته الأخيرة " نقد العقل العربي" وصف فيه بنية الثقافة العربية باعتبارها بنية للعقل نفسه الذي يتكون في التاريخ، وكما وصف في "تكوين العقل العربي" حتى ظهرت البنية في "بنية العقل العربي" وتطبيقها في الفكر السياسي في "نقد العقل السياسي"، فالتاريخ بنية، والبنية تاريخ. التاريخ تجسيد للبنية، والبنية تتحقق في التاريخ، وهي عنده بنية ثلاثية: البيان والعرفان والبرهان، أنماط ثلاثية في العقل العربي؛ الإنشائي أو الإشراقي أو الاستدلالي، وهي مراحل في التاريخ، البيان في القرنيين الأول والثاني، والعرفان في القرنيين الثالث والرابع، والبرهان في القرنيين الخامس والسادس. وهو مشروع ينطلق من منهجية مادية، لكن مختلفة عن منهجية طيب تيزيني أو حسين مروّة، ومعتمدة على أفكار المدارس الفكرية الفرنسية الحديثة في ميدان العلوم الإنسانية كالأبستمولوجيا والبنيوية وغيرهما.
رابعًا: مشروع محمد أركون في "نقد العقل الإسلامي" وقد حاول تطبيق مناهج اللسانيات الحديثة في فهم النص الديني (الوحي) وهو بهذا يريد أنسنة الوحي وفصله عن الله- تعالى-.
خامسًا: مشروع علي أحمد سعيد، المعروف بأدونيس، وأدونيس هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية، شاعر سوري، حاول إعادة تاريخ الحضارة الإسلامية داخلًا في ذلك من بوابة الأدب واللغة والكلام والفلسفة والتصوف ابتداء من مقولتي "الثابت والمتحول" لدراسة أصول الإبداع والإتباع عند العرب في ثلاثية أخرى "الأصول" و "تأصيل الأصول" و "صدمة الحداثة". فالتراث القديم عنده نوعان: تراث السلطة وتراث المعارضة، الأول يمثل الثابت، والثاني يمثل المتحول، الأول تمثله في نظره الأشعرية في العقائد، وفي النصية في الفقه وفي اللفظ في اللغة وفي الأصل في أصول الفقه. والثاني تمثله فرق المعارضة كالمعتزلة والخوارج والشيعة في العقائد، ولدى الحكماء في الفلسفة، وفي المصلحة في علم أصول الفقه، وفي الحب العذري في الأدب. وكأن هذا الدين ليس وحيًا ربانيًا. وسبب تأخر الأمة في نظره هو بسبب سيادة الثابت على المتحول([7]).
سادسًا: مشروع نصر حامد أبو زيد "مفهوم النص"، الذي خلص فيه إلى وجوب إخضاع القرآن الكريم للنقد كغيره من النصوص، وأن القرآن الكريم منتج ثقفي من صنع المجتمع، وغير ذلك من الأفكار التي ينادي بها ويدعو إليها. وقد صدر بحقه فتوى من الأزهر بكفره وطلب التفرقة بينه وبين زوجه إلا أنه هرب إلى هولوندا فوجد ملاذًا آمنًا هناك. وهذا المشروع امتداد لمشروع "التراث والتجديد" وتطوير له.
سابعًا: مشروع محمد شحرور، وهو تحريف القرآن الكريم، كما في كتابه"القصص القرأني قراءة معاصرة"([8]).
ثامنًا: مشروع عبد المجيد الشرفي، وهو المشروع التحديثي للإسلام، ويكمن مشروعه في النظرة النفعية البرجماتية للدين، محاولًا جعل الدين وسيلة ليس له غاية، وهو في هذا يسير خلف فلاسفة البرجماتية، حيث يصبح الدين وسيلة لتحقيق فوائد اجتماعية.
والحقيقة أن جلّ هؤلاء- إن لم يكن كلهم- يعملون وفق منظومة استشراقية وتحت إشرافها، تكيد للدين وتريد تقويض أركانه، ومما يدل على ذلك: -
1- تبني المستشرقين لبعضهم كحسن حنفي ونصر حامد أبو زيد ومحمد أركون، وصلاته المشبوهة- التي لا تخفى- بالاستشراق الفرنسي خصوصًا والأوربي عمومًا.
2- صلة عبدالمجيد الشرفي بالدوائر النصرانية في إيطاليا على وجه الخصوص، وكتابه "الإسلام بين الرسالة والتاريخ" قد أُنجز خلال إقامة متفرّغة بمعهد الدراسات المتقدمة ببرلين وكانت على حساب ذلك المعهد.
3- استقبال بعض تلك الدول الأوربية لأشخاص معروفين بتوجهاتهم العدائية للدين الإسلامي، كنصر حامد أبو زيد وأركون.
4- إن كتاب محمد الشرفي "الإسلام والحرية الالتباس التاريخي" قد أُنجز ضمن مشروع يُسمِّي نفسه بمشروع "الإسلام والإنسانية" وهو مشروع عالمي غير بيّن الأهداف، وقد نُشر بمساهمة القسم الثقافي للسفارة الفرنسية بالمغرب.
5- الخلفيات اليهودية لمحمد شحرور، كما ذكر ذلك محمد سعيد البوطي.
6- دعم بعض الدول الأوربية وخاصة قسم الدراسات الشرقية في جامعة السربون بفرنسا، وأمريكا لبعض المشاريع المشبوهة التي تُقام في العالم الإسلامي، كمشروع: التحديات التي تواجه المرأة العربية في نهاية القرن العشرين، الذي أقيم في القاهرة، في 1-3 سبتمبر 1986م، برئاسة نوال السعداوي، وكان الممول لهذا المؤتمر كل من: مؤسسة "فورد فونديشن الأمريكية"، ومؤسسة "أوكس فام" الإنجليزية. وكان من أبرز المتحدثين في ذلك المؤتمر فؤاد زكريا الذي قدم بحثًا بعنوان" الحركات الإسلامية المعاصرة"، فشن هجومًا عنيفًا على الإسلام.
وقيام مؤتمرات تبحث في قضية التطور الحضاري في الوطن العربي، وينحى عنها العلماء والمصلحون، وتكون حكرًا على الماركسيين والعلمانيين، وكأن الإسلام ليس جزءًا -على أقل تقدير- من حضارة العرب؛ كمؤتمر "أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي"، الذي أقيم في الكويت في عام 1974م، تحت رعاية جامعة الكويت، والذي يقف خلف هذا المؤتمر هم: جبهة علمانية([9]).
ومن أصحاب تلك المشاريع الهدّامة في مصر د. حسن حنفي زعيم اليسار الإسلامي([10]) العائد من معاقل الشيوعية الماركسية.
وعملًا بمضمون تلك النتيجة الغربية- التي تريد نقل المعركة إلى داخل التراث الديني بعد الانتساب إليه- فقد بادر حسن حنفي بإعلان انضوائه تحت راية الإسلام، ليس هذا فحسب بل عدّ نفسه متحدثًا رسميًّا باسمه وفقيهًا من فقهائه ومجددًا لهذه الأمة أمر دينها!، ثم أخذ في هدم تراثها من داخله وتقويض أركان إيمانها بما لم يحدث له مثيل من قبل وألف في ذلك المؤلفات الكثيرة جدًّا([11]) زاعمًا هذا الفقيه المصنوع: أن العلمانية هي أساس الوحي وأنها الأصل والأساس والدين طارئ. ثم أخذ في هدم الدين مبتدئًا بأركان الإيمان مما جعل "علي حرب"يثني على جهوده التقويضية تلك، حيث يقول: " بهذا يقوم حسن حنفي بإعادة النظر في كل شيء، ويسعى إلى قلب كل المفهومات، يثور وخاصة في كتابه (من العقيدة إلى الثورة)، من أجل إعادة البناء والتأسيس، وينسف! كل المقدمات والأصول ويزعزع أكثر البديهيات القارَّة في العقل العربي الإسلامي، والغريب أن يفعل كل هذا لا بوصفه ملحدًا أو مرتدًا أو محاربًا للدين بل يُقدم نفسه بوصفه فقيهًا من فقهاء المسلمين يُجدد لهم دينهم"([12]).
فصار من الواجب الديني على الباحثين وطلاب العلم الشرعي- السائرين على منهج أهل السنة والجماعة- التصدي لتلك الأفكار، وكشف عوارها، وبيان فساد قواعد أصحابها وتوجهاتهم، والكشف عن مرادهم وهو: تقويض الدين وهدم العقيدة الإسلامية باسم التجديد ونحوه.
وأما حسن حنفي فهو مفكر شيوعي ماركسي لا يؤمن بالغيب، بمعنى أنه لا يؤمن بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا اليوم الآخر ولا القدر،، وقد سار في مؤلفاته على أنسنة الدين وعقلنته، مقتديًا في ذلك بمجموعة من فلاسفة التنوير الملاحدة، من أمثال: فويرباخ، وسبينوزا، ولسنج، وبرجسون، وهيجل، وكيركجارد، وسارتر، وغيرهم.
واستجابة لطلب أخي الدكتور حاتم سأفرد بعض المقالات عن هذا المفكر كي يعرف طلبة العلم حقيقة ما عنده من أفكار وما يدعو إليه.

____________________
([1]) انظر: الحركات الإسلامية النشأة والمدلول وملابسات الواقع (ص13-17) عبدالوهاب الأفندي، ضمن كتاب: الحركات الإسلامية وأثرها في الاستقرار السياسي في العالم الإسلامي، لمجوعة من الباحثين، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبو ظبي، ط أولى 2002م.

([2]) الثابت والمتحول بحث في الإبداع والاتباع عند العرب (ص64) علي أدونيس، دار الساقي، بيروت، ط سابعة 1994م.

([3]) الإصلاح والتجديد في الدين (ص22) ضمن مجلة الاجتهاد، العدد 11-12.

([4]) انظر: منهج الأشاعرة في العقيدة (ص10-12) سفر بن عبد الرحمن الحوالي، دار طيبة الخضراء، مكة المكرمة، 1429هـ.

([5]) الماركسية في الأساس نظرية في الاقتصاد السياسي، وضعها كارل ماركس بمشاركة هامة من إنجلز في القرن التاسع عشر، وتقوم هذه النظرية التي اشتهرت بالشيوعية أو التفسير المادي للتاريخ على القناعة الأساسية بأن الأفراد في المجتمع الإنساني يدخلون في علاقات إنتاجية، وأن مجموع هذه العلاقات الإنتاجية يشكل البنية الاقتصادية للمجتمع، الأساس الحقيقي الذي تقوم عليه بنية قانونية وسياسية عليا تتوافق معها أشكال محددة من الوعي الاجتماعي. وهي نظرية علمية ثورية لا تقتصر على تفسير العالم وإنما تهدف إلى تغييره مستندة في ذلك إلى المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية. انظر: المعجم الفلسفي معجم المصطلحات الفلسفية (ص556) مراد وهبة، دار قباء الحديثة، القاهر، 2007م، ودليل الناقد الأدبي (ص323) ميجان الرويلي وسعد البازعي، المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء، ط رابعة 2005م.

([6]) ط أولى 1980م.

([7]) انظر: هموم الفكر والوطن (1/121-123) حسن حنفي، دار قباء عبده غريب، القاهرة، ط ثانية 1998م.

([8]) الناشر: دار الساقي بالاشتراك مع مؤسسة الدراسات الفكرية المعاصرة، بيروت، ط أولى 2010م.

([9]) انظر: القراءة الجديدة للنص الديني (ص22) عبد المجيد النجار، مركز الراية للتنمية الفكرية، دمشق، ط أولى 1427هـ، ومجلة نهج البلاغة، العدد (42) 1990م وهي مجلة تصدر عن وزارة الأوقاف السورية، وتجديد الفكر الإسلامي (ص36-39) جمال سلطان، دار الوطن للنشر، الرياض، ط أولى 1412هـ، وأزمة المعرفة الدينية (ص168) تهامي العبدولي، الأكاديمية الثقافية العربية الآسيوية ودار البلد، ط ثانية 2005م، وظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر دراسة إسلامية (ص52-54) خالد بن عبد العزيز السيف، مركز التأصيل للدراسات والبحوث، جدة، ط أولى 1431هـ.

([10]) يزعم حسن حنفي أنه ممثل اليسار الإسلامي، بينما اليساريون لا يعترفون له بذلك. انظر: خلاصة فكر حسن حنفي في: الذات الإلهية- والنبوات- ودين الإسلام، والقرآن والسنة والإجماع والأخلاق (ص64) جبهة علماء الأزهر، ط أولى 1997م.

([11]) الكتب التي وقفت عليها لحسن حنفي تجاوزت صفحاتها خمسًا وثلاثين ألف صفحة!.

([12]) نقد النص (ص17) علي حرب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط ثالثة 2000م. وانظر: الموقع الالكتروني لصحيفة الوطن العربي في عددها 1172، تحت عنوان: حوار مع فقيه الفلاسفة وفيلسوف الفقهاء.
 
جزاكم الله خيرا اخي الشيخ عبد الرحمن الشهري
و ان كثير ممن خدعته بعض كتابات حسن حنفي عن تطويق الغرب والدعوة الى علم الاستغراب وانصاف الحضارة الاسلامية في مواضع والحمل عليها في مواضع ، كثير ممن خدعته هذه الكتابات التي يكتب حنفي في نفس وقت كتابتها مايضادها تماما كما بين ذلك فؤاد ذكريا وطرابيشي وغيرهما وقد اظهرت ذلك بالنصوص من كلامهم في الاقطاب،كثير منهم -ممن خدعته كتابات حنفي من الاسلاميين وغيرهم-انتهى الى قناعة ان حنفي رجع الينا!
صدقوني ماكتبت الاقطاب -1- الا لأدمر هذا التلاعبات العلمانية
انظر الى حنفي في النص الذي اورده الشيخ الشهري من كتاب حنفي الجديد هذا ، انظر اليه يلعب ويتلاعب ومايزال ومازال يعلب ويتلاعب فيقول

لأن الشعر أسبق ، والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة ، فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي، والقرآن شعر لأنه حمل عليه. الإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني
جملة خطيرة موضوعه في سياق قد يظنه الظان سياق سلفي!، رجل يتكلم في علوم القرآن!، فاذا فككت مكر هذه الكلمات وارجعتها الى مفاهيم فلسفات ونظريات وطرق مكر وتلاعب لعلمت ان الرجل مازال يلعب ويتلاعب بنا!
لأن الشعر أسبق
،
والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة
،
فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي، والقرآن شعر لأنه حمل عليه
.
الإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني
اربع جمل في منظومة واحدة تكرر نفس المفهوم ولكن في صيغة مختلفة وتؤدي كلها للغرض نفسه
وكلها ترجع الى مايحاول العلمانيون ان يلصقوه بما اسموه او سموه " النص" الا وهو تاريخية النص!
كما ان نظرية ماركس والمادية الجدلية او التاريخية واضحة في النص -مع فلسفات اخرى-فالشعر والقرآن من نفس عملية الابداع! والمسافة بينهما(كلمة تبدو غامضة!) ليست بعيدة !
اي مسافة؟ يخبرنا انها مسافة الابداع (والابداع الواحد طبعا!) والقرآن شعر!
لانه حمل عليه(كلمة تبدو ايضا غامضة)وقال
الشعر حامل والقرآن محمول،
لعب في لعب
هذا يقول حمل ومحمول والجابري يقول كون وتكوين واخر يقول شعر وشعور وهلم جرا
-
اضافة اخيرة فنصر ابو زيد هو تلميذ حسن حنفي في الجامعة وقد كتب حنفي عن نصر بحث كامل في كتابه عن الاجيال والتلاميذ(اسم الكتاب حوار الاجيال) وكتب نصر عن حنفي بحث نقدي ايضا في كتاب له والنقد المتبادل هو لسبب اختلافهم في الاخذ عن بعض المذاهب التي اخذ كل منهما عنها!
 
من إذن؟

من إذن؟

تحياتي إلى كل الإخوة الفضلاء، وللأخ الأستاذ فهد شرفتنا في الملتقى، ولكن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
حين قال طه حسين :"لا ينبغي أن يكون رأينا في الصحابة أفضل من رأيهم في بعضهم" عدّ موجها سهما نافذا إلى إحدى قواعد أهل السنة ، لكنها تظل كلمة خالدة.
نلاحظ على الإخوة المدافعين عن طريقتهم المتوارثة في التفكير أنهم يحتجون على كل تفكير بعقلية حديثة في التراث، ويريدون أن يقصروا الحق على التفكير في مسائل التراث الإسلامي والعلوم الإسلامية على أناس شكّل التراث الإسلامي نفسه عقلياتهم.
بالضبط كما قال الجابري إنهم "التراث يكرر نفسه"، وقال نحن نريد أن نتحول من كائنات تراثية إلى كائنات لها تراث.

أتهم الإخوة المدافعين عن الدين والعلوم الشرعية بهذه الطريقة أنهم يؤدون بحسن نية إلى اغتيال كل محاولة عقلية في سبيل المحافظة على الإيمان، على حين أنهم لا يرضون أن نغتال العقل أبداً. والتهمة الثانية أنهم يحاولون مدفوعين بإخلاص لا نشك فيه أن يغلقوا المعنى على أن كل ما قرر ذات يوم ونسب إلى أهل السنة فهو فوق كل نقد حتى تزكية معاوية في تولية ابنه من بعده! فهي ليست سنة سئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة!
والمعنى مفتوح ولا ريب على أن أكرمكم ليس الملك ولا الشيخ ولا أهل السنة ولا المعتزلة ولا المتكلمون بل أتقاكم، والمعنى مفتوح على أن خير الناس انفعهم للناس في دينهم ودنياهم.

يستطيع الإخوة الفضلاء أن يعطونا اسما أو اسمين أو ثلاثا ممن هم لديهم مَرضّيو العقيدة نقرأ لهم ما يجعل مسألة من مسائل العلوم الشرعية ولا سيما أصول الدين أكثر وضوحا وأقرب فهما لنا. نريد فقط اسما لا ينسخ لنا ولا يلخص ما قاله ابن تيمية أو ابن القيم أو مصنف قديم؟

سنلقي بكل هؤلاء الأساتذة إذا كانوا فعلا أساتذة في البحر لأنهم ما داموا قد خالفوا طريقتنا في التفكير فلهم ولا ريب علاقات مشبوهة مع أعداء الأمة السياسيين والتاريخيين.
ما أظن أن الإبل تورد هكذا وإن أصر سعد المشتمل على طريقته في إيراد الإبل.

طريقة الرفض من الخارج دون بيان مقنع للأخطاء سواء بطريقة ابن رشد أو ابن خلدون أو حتى شيخ الإسلام ابن تيمية هي طريقة لا يقال فيها إلا أنها خارج التاريخ.
من اساطير العرب أن النعامة حين تهرب تدفن رأسها في الرمل، وشاء الله أن يقوم أحد إخوتنا في الإمارات بتربية حقل نعام فقال مارأينا لليوم من تدفن رأسها في الرمل.
لكن شيوخنا حماة السنة حين حرموا السينما ومنعونا باجتهادهم أن ننتج أفلاما تنقل فكرنا وقيمنا لم يستطيعوا أن يمنعوا ما انتجه الغير لنقل افكاره وقيمه من دخول بيوتنا.
شيخ لي ما افضله على أحد الإخوة الفضلاء كان فاضلا وكان يدرس الناس فيى المسجد ويحرم السينما وانتاج أي وسيلة إعلام حديثة، وأبناؤه في البيت يخاطبهم من انتجوا أفلاما تنتصر لأفكارهم وقيمهم. هل يقال عنه نائم وأرجله في الشمس، أم يقال إن الماء قد سال من تحت أقدامه.
بعقلية شيوخنا تركنا كل ما يجعلنا نستخدم وسائل وتقنيات نشر الفكر ، وصارت حكوماتنا تستورد افلاما حتى من إنتاج الفرس!
والله يا إخوة والله أفلام ومسلسلات تذاع لنشر فكر الفرس وتصورهم عن خيانة الصحابة لوصية نبيهم وما يسوغ لعن العرب تذاع عبر اقمارنا الصناعية التي اشتريناها بأموالنا وعبر محطات نحن نمتلك تمويلها.

يا أيها الإخوة هل يجوز أن يوضع ادونيس والجابري في خانة؟
وما الجامع بينهما؟
ما الجامع بين من ولد منتميا الى تراث نصيري مستقل عن الأمة ومناوئ لأسس مذهب الأمة وبين من ولد منتميا الى تارث سني مالكي ناصع؟
أها.. الجامع بينهما أنهما استخدما العقل الغربي المعاصر لفهم التراث
ليست العبرة بالعقل
العبرة بكيفية استخدامه
وبالأهداف منه
أنا أقول للإخوة الأفاضل وكلهم أعلم مني بل وأفضل

لم أقرأ لا لأدونيس ولا للشرفي ولا لمروة ولا لتزيني ولا لحنفي ولا لنصر ابو زيد وقد التقيت حسن حنفي في مركز زايد ولم أشأ أن أسلم عليه (أسلم عليه الآن إن وقعت عينه على هذه السطور)، ولكني استفدت من الأستاذ الجابري أكثر مما أستطيع أن أذكره هنا.
وأستطيع أن أقول هنا وفي أي مكان في الشرق والغرب لا يجوز ولا يمكن الاستغناء عن كتابات الجابري في السبعينات والثمانينات والتسعينات أبداً.

لا أتصور أن ذلك ممكن علماً أبداً.
لا يغني أحد كتب بالعربية في الأربعين سنة الأخيرة عن كتابات الجابري أبداً.
لا أستطيع وأنا أقرأ منذ أكثر من 30 سنة أن أصادر حق الناس في إضاءة جوانب التفكير في التراث الإسلامي بعقلية عالمية
بل لا أستطيع أن أسكت إلا لأسباب أخلاقية
ولا أظن الإخوة يمنعونني من إبداء ما أظنه رأيا سديداً.

كل ما يؤدي إلى تقوية الإيمان والعقل أو الإيمان وحده أو العقل وحده فأنا أدعو لقراءته.
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
كيف تصبح قويا في عصر العقلانيات دون أن تتسلح بعقلية حديثة؟
أحث الإخوة طلبة العلم الشرعي إلى قراءة كتب الجابري في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين
وأعوذ بالله أن يُظن أني لا أجزم بخطئه في كثير من الجزئيات ونقده علميا واجب وتخطئته واجبة ولكن المرفوض رفضه من الخارج بسبب كتابه الضعيف في تاريخ القرآن.
منتوجه في العقد الأخير بان فيه أثر المرض فليس بمهم.
وأي فكرة تبدو لأي قارئ تنال من ثوابت الدين فأنا مستعد لمحاكمتها وتفنيدها وتسفيهها على الملأ، إن وجدت وكيف توجد وعي ليست من موضوع الكتب أصلا. موضوع الكتب طريقة التفكير للمسلمين فقط. أوإنها لخطر علينا أن نقرأ من يحاول أن يبين لنا كيف كان المسلمون يفكرون فقط لأنه استفاد من ثورة الزجاج؟
لكن لا غنى عنه إلا لمن لا يريد أن يستفيد.
ــــــــــــــــ
ملحوظة إلى الأخ حاتم القرشي إذا أردت حذف المشاركة بذريعة أني بالغت في مخالفة الأستاذ فهد في أول مشاركة له ، فأنا أول المقبلين لكف الشيخ فهد والسائليه أن يدعو لهم، وهو عندي أكبر من أن يغيضه مخالف له في رؤية. لكن مع ذلك أرجو أن ترسل لي المشاركة على الأميل إذا ارتاى سيادتكم أنها تسعى إلى فتح معنى تريدونه أن يظل مغلقا.
 
لست مفتتنا او مفتونا بجورج طرابيشي فانا بصدد الرد على كتابه المعجزة او ثبات العقل" وهو كتاب يقوم فيه طرابيشي بتحريف معنى النبوة بتحريف كثير من معنى الآيات وصنع عملية تلفيقية كبرى في صنع تضارب بين الاحاديث والآيات وهو كتاب ينبغي على المهتمين بعلوم القرآن ان يسقطوه او ينقدوه، كما ان طرابيشي لايفتأ بعد خروجه من طور الماركسية ان يستخدم فكر فرويد في العصاب المرضي ويطبقه على بعض الاسلاميين وبعض العلمانيين ويعتبر ان هناك رضة او صدمة غربية ادت بهم الى مايكتبونه!
وعلى كل ليس هذا هو موضوعنا، وانما اردت ان اقدم هذه الكلمة بين يدي قولي ان افضل من كشف حنفي بعد قراءة مستفيضة له من الجانب العلماني هو طرابيشي اذ اظهر تناقضاته في القضايا الكبري فهو يقول القول ونقيضه بل انك لتشعر بدوار في رأسك من رقصة تناقضات حنفي كما عبر عن ذلك العلماني فؤاد ذكريا وقد ذكرت هذه النصوص في كتابي اقطاب العلمانية الصادر عام 2000م، اما الكتاب الذي ينبغي لكل ناقد مسلم ان يقراه عن نقد العلماني طرابيشي للعلماني حنفي فهو كتاب المثقفون العرب والتراث وهوكشف مطول جدا جدا لحقيقة حنفي وتناقضاته ومذاهبه الغربية وتحولاته فيها وتراجعه من بعضها الى بعضها الآخر
انه كتاب ممتع من هذا الجانب ويسهل عليك الطريق وكاتبه علماني وليس علماني تقليدي وانما علماني متمرس داخل الماركسية والفرويودية وغيرها من المذاهب الحديثة.
ورابطه على النت من هنا
المثقفون العرب و التراث..التحليل النفسى لعصاب جماعى
http://www.4shared.com/document/kKItc5-n/______.htm
فكلامه عن حنفي هو كلام من الداخل العلماني مفيد ومهم
ومثله كلام عبد الرزاق عيد في حيدر حيدر وروايته ورد حيدر حيدر على عبد الرازق عيد (في كتاب عيد ذهنية التحريم)وكذلك دخول طرابيشي على الخط في نقد عيد وهلم جرا لكن لنبقى هنا مع حنفي وجورج حتى نتعرف على طريقة عمل عقل حنفي وننظر اليه وهو يتراقص من الم العقل وشقاؤه وشطحاته وتضارباته.
الذي لايعرف مصادر حنفي في نحت افكاره وتلفيق نظريات غيره وتلبيسها للعقائد يظن ان حنفي اعمل عقله في الفكر الاسلامي بصورة ذاتية وانه شغل العقل بينما المتتبع لمصادر منحوتات حنفي سيرى ان حنفي تتبع اثر بعض الفلسفات الغربية -عن الشعور مثلا كما قال طرابيشي وتلميذه نصر ابو زيد- حذو القذة بالقذة.
ولقد نقلت كلام نصر ابو زيد من كتابه نقد الخطاب الديني،في الاقطاب-1- وكتاب نصر موجود على النت
(وهو هنا
http://www.4shared.com/document/oo5j9uCk/______.htm)

اخر الكتاب تحت عنوان اليسار الاسلامي واولويات الخطاب الديني حتى اخر الكتاب وهو بحث مهم لانه كاشف عن التحولات التي سعى بها حنفي لقلب الآلهيات الى انسانيات بل الى شعور!، ومن حلل ذلك، انه تلميذه!، ومع ذلك يقول الاستاذ والتلميذ وقت الزنقة: اننا مجتهدون! ومسلمون.
وعن هذه الادوات التي استعملها حنفي يمكنك مراجعة بحث طرابيشي فهو مكتمل جدا وقد ذكرت ذلك في الاقطاب-1- بصيغة سهلة لمن اراد ان يطلع على تلاعبات العلمانيين بعقائد الامة.
وهذا في نفسه رد على بعض الاسلاميين الذين يدعوننا للثقة بحنفي او الجابري او نصر او امثالهم.
لقد اعطيت حنفي نسخة من كتابي في محاضرة له قديمة في فندق في لاهاي وكان تلمذه حاضرا ايضا ، وبعد وقت قابلت صديق تونسي من الاسلاميين فقال لي يااخي لقد تراجع حنفي عن فكره وانصف الاسلام ووو فابتسمت وقلت ان هذه اللعبة ماانطلت على كبار العلمانيين اما بعضنا فهو سهل الانجذاب لخداعات تقلبات العلمانيين
وانا اتكلم هنا عن العلمانيين الخلص وليس عن الدكتور عمارة حفظه الله او هويدي اومنير شفيق او عبد الرحمن بدوي او ذكي نجيب محمود فهؤلاء قدموا للامة فكر رائع وان كان فيه بعض الآثار القديمة او المرفوضة الا انهم بلاشك من رجالات الامة فبدوي قدم دفاعا من فرنسا عن النبي والقرآن وهذا يكفينا منه وهو سلاح ضد تلامذته فضلا عن انه لم يجد الوقت لاضافات والقدر حكيم عليم، وكذلك عمارة قدم رائعته في الرد على العشماوي في كتاب سقوط الغلو العلماني وقدم رائعته الاخرى في كشف نصر ابو زيد في رائعته التفسير الماركسي للاسلام وله كتابات اخرة ممتازة وله امور تحتاج طبعا لمراجعة ومن منا ليس له ذلك خصوصا من يرجع الى الاسلام من العلمانيةاما منير شفيق فله كتب مهمة ايضا وقد كان في ماضيه ماركساويا او ماركسيا-لااعرف كيف اكتبها-ابتسامة
اما ذكي نجيب فقد انتقل بتاثير عمله في الكويت واطلاعه على التراث من التعبد للحضارة اليونانية الى الاشادة بالحضارة الاسلامية في نهاية حياته ماجعل احدهم يقول لقد اراد ذكي محمود ان يخترق التراث فاخترقه التراث!
الرجاء ان كانت الروابط لكتب حنفي وتلميذه مزعجة حذفها والا فهي لاطلاع البحاث
 
الخلاف مع الحداثيين بالعموم ليس لأنهم يحاولون الاجتهاد والتجديد ... ولكن لأنهم يستعملون لاجتهادهم وتجديدهم أدوات ووسائل غير منضبطة ولا منحصرة ولا قاطعة ولا منقحة ، وربما أثبتت فشلها مثل بعض الفلسفات الغربية ، ومن ثم ستأتي هذه الأدوات التجديدية مع الزمن على الثوابت والخصائص الإسلامية وتحولها إلى متغيرات قابلة للنقاش من كل أحد وفي كل مجلس فضلاً عن تغيرها مع الأجيال والأقطار ..
وهذه الثوابت القابلة للنقاش في برنامج هذا الاتجاه هي مثل : الله ، الإسلام ، النبوة ، الغيب ، البعث ، دور العقل ، دور الدين .
مثال : لفظ " الله " - وهو الاسم العلم الدال على الذات الإلهية تحديداً - عند حسن حنفي : هو اسم لمعان كثيرة ، تتغير من شخص إلى شخص ومن أمة إلى أمة ، ومن ثم يؤول الأمر إلى أن " الله " عند حسن حنفي : لفظ يدل على معنى مجازي هلامي : ويؤول في النهاية إلى أنه خرافة بشرية (أي أفيون).. وهذا هو التكذيب الصريح للوحي الصريح .
والعلمانية عند حنفي هي الفطرة ، فإذا عجزنا عن فهم النص لجأنا إلى الفطرة العلمانية التي تحكم العقل المجرد ، الفقيه بالواقع المعاش .....
وهذا التجديد أو التدمير المنقطع النظير يدركه من يميز أدنى تمييز بين التجديد المحكوم بأصول التفكير العربي الإسلامي (وهي الأطر المعروفة والحاكمة للاجتهاد والتي تعرف بالأصلين: أصول الدين وأصول الفقه) ، وبين اتباع سنن التفكير في الأمم الأخرى شبراً بشبر وذراعاً بذراع ..
هذا هو مصدر التخوف الذي يحذر منه الإسلاميون من قراءات الحداثيين المتعددة وغير المتناهية بالضرورة للدين الإسلامي وللتراث العربي .
نعم هناك من يبالغ في الطعن بكل من له أسلوب جديد في تناول الأمور ، ولكن هذا الخطأ من بعضهم لا يسوغ التغاضي عن هدم هؤلاء الحداثيين لأصول الدين والتراث .
لو تلاحظ إلى كتب حسن حنفي بنيت على التغيير الجذري : (من العقيدة إلى الثورة )، و(من الماضي إلى المستقبل)، ومن الحامل إلى المحمول ! ... ولماذا لا يكون عقيدة وثورة معاً ، وماض ومستقبل معاً ، وحامل ومحمول معاً ؟؟؟.
وهي بالعموم اجترار لأفكار غربية شاعت في أوربا في الستينات والسبعينات ، وتجاوزها العقل الغربي من زمان ، ووصل إلى أبعد وأبعد من حداثة الحداثة !! العقل الغربي المتقلب مع المصلحة دائماً .
ومع ذلك قد يكون في أفكارهم أشياء مفيدة ، كما قال د الصالح .
والله أعلم .
 
أشكر أخي العزيز الشيخ فهد على سرعة تفاعله وتميزه وعلى ما سطره من فوائد.

كما أعقب بالشكر لـ د. عبدالرحمن الصالح على تفاعله واهتمامه بالملتقى، وإن كانت ألومه في نظرته (الإقصائية) لشيوخ التراث ومدارسهم _ وهو لا يفتئ يذمهم بهذا _ وكأنهم في طرف مضاد للعقل كما يصوره !
أخي عبدالرحمن نحن نعتز بتراثنا ونفتخر به ونرجو أن نبقى على ما كان عليه أئمتنا حتى نلقى ربنا وهو عنا راض، ولئن نلقى الله بتراث الشافعي والبخاري وابن تيمية لهو أحب وخير من أن نلقاه بطعون وعقلية الجابري وأركون ... إلخ
ثم لماذا تتعمد إقحام تعامل مشايخنا الجِلَّة في بعض القضايا المعاصرة وتستنكر عليهم تحريمهم للسينما وهم أهل للفتيا والسينما جديرة بالتحريم، وقد كررتُ عليك في موضوع سابق أن هذا الملتقى متخصص في الدراسات القرآنية فحسب، وها أنت تعيد الكرَّة.
أخي عبدالرحمن كن مغرماً ومتيماً بالجابري كما تشاء، ولكن لا تصف شيوخنا بما ليس فيهم، أو على الأقل لا تذكر ما يلبس حالهم على القرآء.
وأما موضوع الحذف، فأنا أقولها أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي المشرفين نحن قد ارتضينا لأنفسنا سياسة في الملتقى وقد نُشرتْ، ونجتهد في تطبيقها، ولنا الحق في حذف ما خالف السياسة العامة للملتقى وقد نتجاوز عن بعضها _ مثل بعض مواضيعك _ لوقوعها في موضع اجتهاد وعدم وضوح مخالفتها لسياسة الملتقى، كما أننا نحرص على إبلاغ من حُذف موضوعه والتقصير في ذلك وارد، أما إرسال ما تكتبه لك فهذا ما لم نلزم به أنفسنا، واحتفظ أنت بما تريده لك مما هو عرضة للحذف، والأفضل أن تحفظ كل ما تكتبه.
وليس لدينا أي تحكم في كتابات الأعضاء أو أن ما نحذفه بسبب الهوى أو المبالغة في نقد فلان أو علان، فهذا ليس من شيم مشرفي الملتقى، ولكن فليكن الكاتب أولاً موضوعياً في نقده ثم فليعتب ثانياً ... !
وحقيقة لم أشأ أن أعقب على ما كتبته يا د. عبدالرحمن ولكن لأن كلامك احتوى تلميحاً وتصريحاً بما لا يُسْكت عنه ففضلت الكتابة، بالرغم أني قرأت ما كتبته وتركته ساعات _ لمعنى في نفسي _ ثم كتبت ما كتبته.
وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا .
 
د. عبدالرحمن الصالح ، والأخ الشهري

د. عبدالرحمن الصالح ، والأخ الشهري

د. عبدالرحمن الصالح أخيرا وجدتك أيها الصالح ، أخيرا علمت أني لست وحدي أخي الصالح، لقد وقعت مشاركتك مني موقعًا علم الله كيف كان ، بعد أن حذفت مشاركاتي من منتديات أحب أصحابها ولكني اختلفت في الرأي معهم ، نعم أخي الصالح إلى متى نظل ندور في فلك خمس أو ست من علماء معاصرين وأقل منهم من السالفين ، نعم أخي الصالح فلقد تفطر كبدي وأنا أقرأ بالحجم الكبير المتحرك لعنوان أحد المنتديات يعلن الحرب على إخوان له شهدوا أن إله إلا الله ، لقد سحرني الشهري بموضوعه فسرت معه للنهاية ، وما استفقت من سحر الشهري إلا على زكاء رائحة كلامك ، أما نستطيع أن نرفع شعار تعالوا إلى كلمة سواء ، حقًا إن د حسن حنفي يأخذ بلب قارئه وأخال أن من أبنائه الذين من صلبه من هم على منهج أهل السنة ، ولطالما اشتكى منهم لذويه ، ولكن في الساحة المعاصرة أصبح نقد الأخر والاختلاف معه والتحذير منه سهل على أصحابه ، لقد قرأت لبعض المستشرقين فاحتقرت نفسي أمام جلدهم وسعيهم بأناة خلف التراث الذي ضاع ، ومن المسلمين من يرى فيهم شرا علينا وبيلا واقرأ ما سطره العلامة شاكر رحمه الله بهذا الخصوص ،لقد وجدت في أطروحتي للدكتوراة من أعمال المستشرقين وغيرهم ما لم أجده عند من دعينا للاقتصار على الاكتفاء بهم وبما سطروه ..... الجعبة مليئة ولكن المعذرة على الإطالة
شكرًا د. الصالح ، شكرا لك الشهري الحبيب وشكرا لأهل الملتقى الكرام ولا عدمنا على طول الزمان خيركم
 
أرحب بأخي محمد أحمد عزب في ملتقى أهل التفسير ، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بما نكتبه في هذا الملتقى، ونحن أحرصُ ما نكون على سعة الصدر في هذا الملتقى ، وسعة الأفق أيضاً ، وفتح أبواب النقاش العلمي الهادي حول مسائل الدراسات القرآنية حتى نستفيد جميعاً، وكلنا في هذا الملتقى مشرفين وأعضاء نحرص على التزام الموضوعية والأدب بقدر استطاعتنا، فإن خرجنا عن ذلك فسبب تقصيرنا وليس منهجاً نرتضيه لأنفسنا ولا لإخواننا .
أرجو أن أقرأ مشاركاتك حول هذا الموضوع وغيره فالغاية هي الانتفاع بالعلم الذي تعلمنا جزءاً يسيراً منه، والتقرب بذلك إلى الله سبحانه لعله يغفر لنا ويتجاوز عنا .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليعذرني الدكتور عبد الرحمن الصالح إن قلت له أني وجدت تشابها كبيرا بين فكره وفكر حنفي، بل يبدو أنه تلميذه، ولعل ذلك ما يدفعه للمدافعة عن حنفي، فإن كان لا يوافق فليوسع صدره ويناقش فهذه الملتقتات للإفادة والإستفادة، وقد لاحظت التشابه القوي بين فكر حنفي وفكر الدكتور عبد الرحمن من خلال ما قرأته له في مشاركة تم حذفها في هذا الملتقى.
ثم من باب (دق رأس الأفعى بعد قتلها)، أنقل للأحبة هذا المقال لعله يفيد في موضوع حسن حنفي، وقد أخذته من موقع اسمه : سفهاء بلا حدود ،صفحة: سفهاء معاصرون.
فوجدت ممن في هذه الصفحة :

حسن حنفي زندقة اليسار الديني /بقلم عمر بن محمود بو عمر
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين.
والصلاة والسلام على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين..

- بعد نصر حامد أبوزيد والضجة التي رافقت قضية حكم الردة عليه والتفريق بينه وبين زوجته، الآن تدور الضجة حول حسن حنفي، وذلك بعد أن قدم فضيلة الشيخ يحيى أسماعيل حبلوش الأمين لجبهة علماء الأزهر دراسة حول مشروع حسن حنفي واعتبره مشروعا تدميريا، وقد دعا الدكتور الفاضل (حبلوش) لمعالجة هذا المشروع والوقوف ضده بكل قوة، وكالعادة وقفت الصحافة العلمانية الكافرة مطبلة مزمرة ضد الدكتور حبلوش، وبدأت جوقة الجهالة بالدفاع عن حسن حنفي وبإسباغ أوصاف التعظيم والتبجيل عليه، وقد آثرنا في هذه الصفحات أن نعرض فكر حسن حنفي كما هو ومعالجته ومواجهته كما ينبغي.

حنفي من مواليد القاهرة بمصر عام (1925) وهو أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة ورئيس القسم فيها وهو السكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية التي يرأسها وزير الأوقاف في الحكومة، كتب بالعربية: التراث والتجديد (صدرسنة1980)، ومن العقيدة إلى الثورة (صدر سنة 1988)، ومقدمة في علم الاستغراب (صدر سنة1990).

مجمل ما يريده حسن حنفي في مشروعه:

يقدم حسن حنفي نفسه مفكراً اسلامياً همه صياغة التقدم الحضاري في مجتمعاتنا من خلال التراث باعتباره عملا انسانياً لا دينياً يستند إلى المذاهب والفرق والاختيارات بينها، ولا يستدل بالنص المقدس، إذ أنه من خلال عنوان كتابه: (من العقيدة الى الثورة) يختزل كل ما يريد أن يقوله، فالعقيدة (تراث) والثورة (تجديد)، والعقيدة اهتمام بالله والرسول وهذا يجب تجاوزه، والثورة اهتمام بالإنسان وهذا الذي يجب أن ننشغل به ونركز اهتمامنا حوله.

فالنبوة عنده قد انتهت والعقل الإنساني قادر على الوصول إلى الحقائق وتحقيق الأهداف دون النظر إلى أي عامل خارجي، وأهم عامل خارجي يجب استبعاده هو الوحي.. يقول في هذا:- وهل تجب النبوة لحاجات عملية أي للتنفيذ والتحقيق وأداء الرسالة مادام الإنسان غير قادر على سن القوانين وتأسيس الشرائع وإقامة الدول أو تجنيد الجماهير وتوجيه الأمم وفتح البلدان، ألا يمكن للعقل قيادة المجتمعات مثل قيادة الإمام لها، هناك أيضا العقل الاجتماعي والعقل السياسي والعقل التاريخي لوضع القوانين وسن الشرائع.. إن العقل ليس بحاجة إلى عون، وليس هناك ما يند عن العقل.

هل استطاعت النبوة أن تخفف من نقائص الإنسان وهي أول من يعترف بها؟ (مستنكراً أن تكون النبوة قادرة على أن تملأ المجتمعات بالحركة والفاعلية) "من العقيدة إلى الثورة".

وهو يركز نقده على الأقدمين (السلف) لاحتمائهم بالوحي والرسالة والعلماء، وهذا عنده نوع من عبادة الأشخاص وتشخيص الأفكار.

ثم هو يربط هذه القضية مع تصوره لما حدث في التاريخ من اخضاع الناس لسلطان الله وسلطان الزمان، وهذا عنده قمة الإنحطاط، إذ يعتبر أن دعاء الله تعالى هو نوع تملق ونفاق وضعف لا يصح ويعادل التملق والنفاق للسلاطين.

وبالتالي مشروعه هو اسقاط هذين السلطانين إذ يمثلان العقيدة..ثم ارجاع هذا السلطان إلى الشعب أي الثورة.

يقول في هذا:

1- وأحيانا تختلط المقدمات الإيمانية التقليدية بين الحمد والثناء عليه (أي الرب سبحانه وتعالى) وبين الدعوة للسلطة والتزلف إليها.. فلا فرق بين الثناء على الله والثناء على السلطان كلاهما يصدران عن بناء نفسي واحد.. فالثناء على الله تدعيم للثناء على السلطان، والثناء على السلطان نابع من الثناء على الله. وكلاهما قضاء على الذاتية، ذاتية الأفراد وذاتية الشعوب.. (من العقيدة إلى الثورة).

2- وإذا كانت بعض المقدمات الإيمانية القديمة تبدأ فقط: (باسم الله الرحمن الرحيم)، فإننا نبدأ (باسم الأمة) فالله والأمة واجهتان لشىء واحد بنص القرآن..

ويقول:- إذن عبارات ؛ الله عالم، الله قادر، الله حي، الله سميع، الله بصير، الله متكلم، الله مريد، إنما تعكس مجتمعا جاهلاً عاجزاً ميتا لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم، مسلوب الإرادة، وبالتالي يكشف الفكر الديني الذي يجعل الله موضوعا في قضايا من هذا النوع عن الظروف الإجتماعية والسياسية التي يعيشها المجتمع الذي تطلق في أمثال هذه القضايا، فالله كموضوع في قضية خير مشجب لأماني البشر، وأصقل مرآة تعكس أحلامهم وأحباطاتهم (من العقيدة إلى الثورة).

قلت: وهو نص يعادل قولهم:- الدين أفيون الشعوب.

وهو في هدمه للعقيدة وانتصاره للأمة (كما يزعم) ينطلق في هذا كله من التراث ومن داخله لا بعيدا عنه (كذلك يزعم) مع رفضه أن يسمى هذا التراث دينا بل يعتبره نتاجا عقليا صرفا. ومن أمثلة هذا الاختيار من داخل التراث إليك هذا المثال:-

يقول تحت عنوان: إعادة الاختيار بين البدائل...
قضية (التراث والتجديد) هي أيضا قضية إعادة كل الاحتمالات في المسائل المطروحة، وإعادة الاختيار طبقا لحاجات العصر، فلم يعد الدفاع عن التوحيد بالطريقة القديمة مفيدا ولا مطلوبا، فكلنا موحدون منزهون، ولكن الدفاع عن التوحيد يأتي عن طريق ربطه بالأرض وهي أزمتنا المعاصرة. فالتجسيم (أي أن القول أن الله تعالى جسم سبحانه وتعالى) وهو الاختيار القديم المرفوض، قد يثير الأذهان حالياً في الربط بين الله وسيناء، بين التوحيد وفلسطين، فالفصل القديم بين الخالق والمخلوق كان دفاعا عن الخالق ضد ثقافات المخلوق القديمة، ولكن الحال قد تغير الآن، وأصبحت مأساتنا هي مكاسبنا القديمة، الفصل بين الخالق والمخلوق، ومطالبنا هو ما هاجمناه قديما، الربط بين الله والعالم، لقد ساد الاختيار الأشعري أكثر من عشرة قرون، وقد تكون هذه السيادة إحدى معوقات العصر لأنها تعطي الأولوية لله في الفعل وفي العلم وفي الحكم وفي التقييم، في حين أن وجداننا المعاصر يعاني من ضياع أخذ زمام المبادرة منه باسم الله مرة، وباسم السلطان مرة أخرى، ومن ثم فالاختيار البديل، الاختيار الاعتزالي.. هذا الاختيار قد يكون أكثر تعبيرا عن حاجات العصر، وأكثر تلبية لمطالبه، ما رفضناه قديما قد نقبله حديثا، وما قبلناه قديما قد نقبله حديثا، فكل الاحتمالات أمامنا متساوية. (التراث والتجديد).

وهو لا يعد هذا تراثا اسلاميا ولكنه يعده تراثا إنسانيا، فبالتالي نحن لسنا مسلمين، ولكننا إنسان كوني، يقول:- لذلك يكون من السخف البحث عن هوية فرعونية أو قبطية أو عربية أو إسلامية. (المرجع السابق).

هذا هو عماد مشروع حسن حنفي، وهو يعده يسارياً لأنه ينطلق من منطلق الرافض لسلطان السماء وسلطان الأرض، فهو رجل ثائر وكذلك اليسار معارض ثائر.

ومما يلاحظ أن قيام الثورة الإيرانية الشيعية قدم دعما عقديا للفكر اليساري/ الديني، وكذلك عمق كثير من المفكرين القادمين من الماركسية إلى الإسلام!! تنظيرات اليسار الديني من أمثال عادل حسين المصري/ حليف الإخوان المسلمين هذه الأيام في حزب العمل، ومنير شفيق الفلسطيني في الكثير من طروحاته وأفكاره التي بدت لأول وهلة سلفية الاتجاه، وسنرى فيما يأتي تأثر الثوريين في داخل صفوف الحركات الجهاديه بهذه الطروحات في خطابتهم.

وللذكر فإن حنفي لم يبدأ أفكاره بهذا الطرح إنما بدأها على قاعدة (أن نقد التراث الديني هو الشرط الضروري لنقد المجتمع وإن نقد الدين هو المقدمة الضرورية لتحريك الواقع وثورته).

هذا هو حسن حنفي خاليا من كل الحواشي التي ملأ بها كتبه، وتبجح فيها بكثرة معرفته بأسماء الكتب وأسماء المؤلفين ونقل الصفحات الكاملة منها، وادعائه معرفة الفرق والذاهب وأقوالهم في الربوبية والنبوة والشريعة، وهي معرفة وإن عدها صعالكة المثقفين وغمار الكتاب شيئا عجيبا أدت بهم إلى الإنبهار والدهشة لكنها في الحقيقة ليست من ذلك في شىء فصغار طلبة المدارس الدينية في آخر دولة بني عثمان يعرفون أكثر منها، ويحفظون أضعافها.

ولكن هل يعتبر حسن حنفي النص الديني (القرآن الكريم) إلهياً؟ وهل يعتبر النموذج النبوي صورة واقعية لهذا النص؟

حسن حنفي يعتبر أن القرآن نص إنساني (من خلال فذلكة معينة يطول شرحها كما هو قول عامة هذه الزمرة الخبيثة أمثال أركون ونصر حامد أبو زيد وغيرهم) يقول متسائلا مقررا:- ففي موضوع النبوة ما العيب في القول بأن نظم القرآن ليس بمعجز في ثقافة تقوم على الإبداع الشعري واللغوي؟؟ ليس القرآن كتاب تحليل وتحريم بل كتاب فكر وليس الغرض منه تغليف العالم بقوانين وتقييد السلوك الإنساني بقواعد بل مساعدة الطبيعة على الازدهار والحياة على النماء.. وما أسهل أن يولد الدفاع عن حق الله دفاعا مضاداً عن حق الإنسان (من العقيدة إلى الثورة)، بل ويتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم على صورة من السياسي الذي لا يقيم شأناً للمبادىء والقيم على حساب المصالح والنتائج، ولذلك عندما سئل عن حادثة الغرانيق (وهي قصة مكذوبة مفادها أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لأصنام قريش حتى يقربهم للإسلام) أقر هذه القضية وأيد ما قاله الزنديق سلمان رشدي في آياته الشيطانية، وصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل هذا العرض، وهذا ما دفع الشيوعي الأوقح عبارة (صادق جلال العظم) في كتابه (ذهنية التحريم) أن يثني على موقف حسن حنفي هذا واعتبره قمة العلم والموضوعية. (ألا لعنة الله على الظالممين).

يقول حنفي: وما ورد بخصوص (الآيات الشيطانية) صحيح. ومن بين أسباب النزول هو أن النبي محمداً كان يحمل هم الوحدة الوطنية للقبائل العربية وتكوين دولة في الجزيرة العربية، وكانت له مشاكل مع اليهود والنصارى (مع اليهود بصورة خاصة) ومع المشركين أيضا، فجاء المشركون إليه بعرض جيد -وأنا أتكلم عن الرسول كرجل سياسة وليس كنبي- وقالوا له: نعم أيها الأخ، ما المانع أن تذكر اللات والعزى لمدة سنة واحدة وقل أنهم ليسوا آلهة.. فقال بينه وبين نفسه: إن هذا العرض يشكل بالنسبة لي كزعيم سياسي شيئا جيدا لأنه يحقق لي مصالحة مؤقتة مع العدو، وماذا يعني لو أنني ذكرت اللات والعزى لمدة سنة واحدة ثم أغير بعدئذ؟ ثم إن الوحي يتغير طبقا للظروف. (الإسلام والحداثة/ندوة مواقف ص234).

فعماد أسس حنفي في مشروعه كما شأن بقية جوقة (القول على الله بغير علم) : هو الابتعاد عن مفهوم الدين والخضوع لديان وإله غيبي، له نعمل وبأمره نمتثل، ومن أجل رضاه نسعى ونحفد، ومن أجل جنته نموت ونحيا، إن بنينا الدنيا فمن أجل الآخرة، وإن خربت دنيانا فلأن مصلحة الدين أولى وأرفع، كل هذه المفاهيم والقواعد والتصورات التي امتلأ بها القرآن الكريم وحفلت بها السنة النبوية، كل هذا لا وزن له عند حسن حنفي وزنادقة هذا العصر، بل الأمر كل الأمر -إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر- ولذلك هو ينكر انتهاء الحياة الدنيا ووجود يوم آخر لها. (انظرج4 من العقيدة الى الثورة حيث جعل الحياة الدنيا خالدة لا نهاية لها).

اما ما يخص الشريعة وتبديلها وتعديلها لموافقة روح العصر (كما يزعم) فهو موقف ينطلق من منطلق التصورات والعقائد السابق، فأنه يرى أن الشريعة يجب أن تتبدل كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

هذا هو حسن حنفي، وهذه أفكاره وتقريراته وعقائده، وما تعظيمه وتبجيله إلا عمل جرى عليه العلمانيون مع كل رجل يريد سلب إيمان الأمة والتصاقها بدينها، وقد صار واضحا لكل ذي عينين مبصرتين أن تطبيل أزلام الفكر العلماني ما هو إلا من قبيل النفخ في رموز استمرأت الهجوم على مقدساتنا وديننا.

ومما يجدر التنبيه عليه أن الدراسات التي تقوم على تفسير ديننا وتراثنا على هذا النمط هى طريقة مستقاة من طريقة الشيوعين الأوائل في روسيا حيث دعا إمامهم الأكبرلينين الى التعامل مع التراث بالقضم والتأويل والإنتقاء لما يريد وهذا خلال مناقشات لينين مع الوطنيين الروس، حتى يكون الثوري تراثيا مع تقدميته ويكون هو -الحافظ للتراث والأكثر أمانة له- حسب تعبير لينين نفسه ، وهي كما نرى- أنجح طريقة لنبذ الدين والقضاء عليه، فإنه ليس هناك طريقة أعظم من القضاء على الدين بسيف الدين نفسه، كما يقول جمال الدين الأفغاني كما ينسب له مكسيم رودنسون.

منطلقات وأثار هذا الكفر والزندقة:

في الحقيقة ليس هناك خوف كبير من هؤلاء على مجتمعاتنا وشعوبنا لأسباب متعددة أهمها أنهم أبعد ما يكونون عن فطرة شعوبنا المسلمة، ولذلك فخطابهم في داخل المجتمعات المسلمة خطاب مرفوض مستنكر، وهم يزمزمون بكلماتهم هذه في كتب يتداولها الخاصة وطلبة الجامعات، وفي أنديتهم، وأفكارهم هذه هي عمل متأخر لما يقوم به حكام بلادنا، إذ أن حقيقة أفكارهم اسباغ لما تقوم به الدولة من تشريعات ومناهج ونظم، وما تعانيه الأمة من التطبيقات العملية لهذه الأفكار أشد وأعظم من هذه الأفكار، وما دور حنفي وأمثاله إلا دور السحرة مع فرعون، حيث يزينون له أفعاله، ويجابهون الخصوم بسيف القلم، كما تجابه السلطه هؤلاء الخصوم بسوط الأمن والمخابرات، وبقيد السجون والمعتقالات، ولذلك ادعاء حسن حنفي أنه مع الإنسان ضد الله كذب وزور، بل هو في الحقيقة مع السلطة ضد الرب جل في علاه أولا وضد الأمة المسلمة ثانيا.

ولكن يكمن خطرهم الأكبر في تلقي قادة العمل الإسلامي لمبادىء هذه الطروحات الكافرة أو دعوتهم إلى الأخذ بالأصول النظرية لهذه الزندقة.

إن أول مبدأ يرتكز عليه هؤلاء الزنادقة هو تعدد الحق ونسبيته، فعندهم كل مجتهد مصيب، وهذا المبدأ يؤمن به الكثير من المعممين وأصحاب الكلمة في داخل الجماعات الإسلامية، فهم يعتبرون أن كل قول قاله أحد في تاريخنا الإسلامي هو فقه وقول اسلامي، سواء كان هذا القول في مسائل التصور والتصديق أم في مسائل الفقه والعمل، فالمعتزلة والخوارج والمشبهة والشيعة بكل أقسامهم هم نتاج اسلامي صحيح
لأصل واحد تعددت فروعه على شكل متفق الأصول ولا اختلاف فيه، هذا في مسائل التصور، أما الإختلافات الفقهية فإن كل قول قاله عالم هو قول صحيح واسلامي ويجوز للمسلم أن يتعبد به، وهذا الإعتقاد عند هؤلاء القادة أفرز هذه الفتاوى الغريبة والمتضاربة وجعل هؤلاء الزنادقة يرتكزون عليه في بنائهم لهذه المقولات.

فعندما يسأل شيخ ما عن حكم الربا في ديار الكفر فيفتي بجوازه، وعندما يسأل عن الغناء فيفتي بجوازه، وعندما يفتي يجواز مشاركة الكفار في أعيادهم وبجواز دخول البرلمانات في دول الكفر بحجة أن هذه الأقوال قال بها بعض العلماء وهي فقه إسلامي، وحيث قالها بعض العلماء فيجوز لنا أن نأخذها ونتخير بينها، ولا نجد في ذلك حرجا، حين ترى تعرف حينئذ مرتكزات حسن حنفي في نظرية الإختيار بين البدائل، ولذلك إن ما وصل إليه حنفي مرتكز على هذا الأصل وهذا الإنحراف.

ولكن لنعلم أن هذه إحدى ركائز الزندقة التي حذر منها علماؤنا حين قالوا: من أخذ بزلة كل عالم تجمع فيه الشر كله، وكقولهم: من تتبع الرخص فقد تزندق. وهي ركائز حسن حنفي في تسمية ما يقوم به من زندقة أنها بناء من داخل التراث.

ثم هذا الإقرار لهذه الطوائف بأنهم أصحاب الإسلام الصحيح الذي نسمعه من هؤلاء المعممين والمفكرين من قادة الجماعات الإسلامية كالشييعة والخوارج والصوفية وأخيرا النصيريين، ماذا سيكون الفرق النظري بينهم وبين ما يقوله حسن حنفي من اعتبار تبني أي قول لهؤلاء لا يهدم التراث بل يختار منه؟!!

إنها في الحقيقة نفس المشكاة من الوجهة النظرية. . هذه واحدة ..

أما الثانية: فهو التعامل مع الأغيار من أجل المصلحة الدنيوية دون النظر الأخروي والرضا الإلهي. وبعبارة أوضح: الإسلام النافع لا الإسلام الصحيح.

حسن حنفي ومن لف لفه يريد أن يستخدم الموروث من أجل إصلاح الواقع والنهضة به كما يزعم، وهو يعتبر أن هذا الموروث هو الأصلح لهذه الإنطلاقة. وعلى ضوء هذا فهو لا يمنع من مشاركة الآخرين في تحقيق هذا المقصد. يقول: إن الذي يريد أن يحرر فلسطين باسم الله فليتفضل، والذي يريد أن يحرر فلسطين باسم الليبرالية أو الحرية أو باسم البروليتاريا العالمية أو باسم القومية العربية فليتفضل، أما أنا فيهمني تحرير فلسطين ولا أدخل في الأطر النظرية
(ندوة مواقف).

هذا الذي يقوله حسن حنفي هو عين ممارسة الكثير من الحركات الإسلامية على مستوى التطبيق العملي حينا وعلى مستوى الخطاب حينا آخر.

فما هذه التحالفات بين الحركات الإسلامية وبين ما يسمى بالوطنيين (وهوأكبر وأعظم ما وقعت فيه الحركات الإسلامية من موبقات وجرائم وللاسف قلما خلت من حركة إسلامية أو رمز إسلامي) إلا تطبيقا عملياً لما ينظر له حنفي وأمثاله.

الإخوان المسلمون في مصر، والرفاه في تركيا، والإخوان المسلمون في الأردن ومشروع الكتلة الواحدة في الإنتخابات البرلمانية، وحزب الإصلاح اليمني (إخوان وخلائط) والنهضة التونسية مع شخصيات المعارضة المهترئة، كل هذه التحالفات منطلقها تحقيق مصالح العباد دون النظر إلى قيمة الدين ومصلحته، وهو خلاف ما ورد في الشريعة أن مصلحة الدين مقدمة على كل مصالح الوجود من مال وعرض وعقل ونفس. فإن الأموال تنفق في سبيل هذا الدين، والنفوس تبذل في سبيل هذا الدين، كل هذا لا قيمة له عندهم ويرونه من التخلف الفكري والجمود السياسي والسلفية الجامدة فيا ضيعة هذا الدين على أيدي هؤلاء الورثة.

ولذلك نجدهم أبعد الناس عن مفهوم الولاء والبراء على أساس ما هو للغيب والآخرة وأبعد الناس عن قوله صلى الله عليه وسلم: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)،
بل إن الكثير منهم يقول عين ما يقوله حسن حنفي في هذا الباب: دعونا من الخصومات حول الله وصفاته والآخرة وأهميتها ولنرجع إلى همومنا السياسية والإقتصادية والاجتماعية.

هذا على مستوى التطبيق في العمل.

أما تأثر الإسلاميين بهذه العقيدة على مستوى الخطاب، فهو أمر قلما خلا منه تيار إسلامي سواء كان دعوياً أو سياسياً أو جهادياً (إلا من رحم ربي).

واختصار وصف هذه الظاهرة المبتدعة نقول:

النهضة بالأمة عندنا هي بتحقيق العبودية لله وذلك بالإيمان بالله تعالى وتصفية النفس من علائق الشهوات للوصول إلى الإخلاص الكلي للدار الآخرة ( الآخرة بمفهوم شرعي صحيح بعيد عن التأثر الصوفي الفاسد)، ومهمة الدعاة إلى الله بيان الأعمال الشرعية التي تحقق هذا الهدف، فما من عمل يطلبه الداعي من الأمة إلا وهو محتف بغلاف تحقيق الرضا الإلهي وبلوغ الجنة، وقد جعل الله الدنيا تبعا لهذا الأمر، وقد تفوت الدنيا، وفواتها لا يؤثر على إقبال المرء على العمل في شىء. وكلما ازداد المرء والشعب قربا من الله وأخلصوا أعمالهم لله وامتلأت قلوبهم بحب الدار الآخرة كلما حقق الداعي إلى الله وصاحب الكلمة هدفه. فليس المقصود ذات العمل فقط ولكن لب العمل وجوهره هو تحقق العبودية في قلب الإنسان.

على ضوء هذا فكل خطاب ينتسب إلى الإسلام ولا يملأ الأمة بهذا فهو خطاب ليس من الإسلام في شىء وإن إدعى صاحبه إسلاميته.

حين نطلب من الأمة أن ترتقي في درجات الوعي والعلم فهو من أجل هذا. وحين نطلب من الأمة أن تجاهد فهو من أجل هذا، وحين نطلب منها أن تثور على طواغيتها فهو من خلال هذا الإطار وهذا البعد.

فالداعي إلى الله لم يسق الناس إلى أهداف الإسلام وإلى تحقيق سلطان الله في الأرض من خلال شهوات زائلة، ومن أجل رغيف خبز، ولا من أجل أرض مغصوبة، لكننا نسوق الناس إلى أعمال البر والتقوى من أجل تحقيق رضا الله والدار الآخرة.

إن هناك فرقا كبيرا بين أن تدعو الناس بآية من كتاب الله تعالى فتملأ جوانحهم بالرغبة فيما عند الله تعالى وبين أن تقول لهم: إنك عاري وإنك جوعان فثر لبطنك وبدنك. وهذا الذي نقوله لا يعني أبدا أن لا نستخدم نتائج الجاهلية فيما يرى الناس ويعيشونه من أجل تبغيض الناس بها ومن أجل تنفير الناس عنها، ولكن هناك فرق بين أن يكون هذا تبعا أو أن يكون هذا الخطاب هو الأصل وفقط.

ونقطة أخرى في الفرق بين خطاب القرآن والسنة وخطاب السياسين المعاصرين، أو بمعنى آخر: الفارق بين الخطاب السلفي الصارم والخطاب السياسي المتميع، هو كشف خطاب كل واحد منهما لهمّ الداعي الداخلي، فالرجل الذي لا يثور ولا يتحرك عندما يرى الشرك في العبادات من عبادة قبور والتجاء إلى الأضرحة، ثم تثيره عندما يرى أعظم جرائم الوجود عنده هو اغتصاب السلطة عن طريق الغلبة والقوة، لهو دليل على أن سلم الأولويات لديه مختل جاهل بحساب الشرع والدين، ولذلك هو عدو لمعاوية رضي الله عنه،
صديق وولي للصوفية والمشعوذين والقبوريين، ثم يلتقي مع الإسلاميين الذين هم ضد السلطة حتى ولو كانوا من أفسد الناس نظرا لقضايا التوحيد والعبادة، أما الخطاب السلفي فإنه يكشف هم الرضى الإلهي والنظر الأخروي، وعلى ذلك تستطيع أن ترى الفارق بين الأمرين جلياً في الكثير من الأمور والقضايا والأحكام ونوع الخطاب.

إن هذا الخطاب له مقدمات في نفوس هؤلاء الدارسين والخطباء في الصف الإسلامي -لعلنا نأتي على بعضها يوما ما- لكن أهمها هو حالة الإعجاب والإنبهار بما وصل إليه الآخرون من بناء للدول والتنظيمات والإطلاع على كتبهم من أجل المعرفة والتعلم والتلقي، وأمر آخر هو أن هؤلاء هم من أجهل الناس بحقيقة هذا الدين، والعظيم فيهم من أخذ منه شيئاً يسيرا في صباه، ثم رأى في نفسه صلاحية الحديث عن روح الدين وقواعده العامة.

إن من أمانة هذا الدين وحقه علينا وفي أعناقنا هو أن نكشف نهايات وفروع هذه الأفكار المنحرفة في داخل صفوفنا، وهو أمر شاق وعسير لأنه متقنع بلباس الإسلام وراية السلفية ودعوى الثورية والجهاد.

وأخيرا إن الخطورة من أمثال هؤلاء الزنادقة من أمثال حسن حنفي هي كخطورة الفلاسفة في تاريخنا على الفقهاء والمتكلمون فلئن عجز الفلاسفة أن يقودوا الأمة وتياراتها فإنهم لم يعدموا الشر بأن يتنشق المتكلمون والفقهاء والمفكرون زمرمة هذه الفلسفة ويعيدوا صياغة الشريعة والدين على أساسها.

والله الحافظ لدينه وقرآنه.</SPAN>
 
رضي الله عنه
أتهم الإخوة المدافعين عن الدين والعلوم الشرعية بهذه الطريقة أنهم يؤدون بحسن نية إلى اغتيال كل محاولة عقلية في سبيل المحافظة على الإيمان، على حين أنهم لا يرضون أن نغتال العقل أبداً. والتهمة الثانية أنهم يحاولون مدفوعين بإخلاص لا نشك فيه أن يغلقوا المعنى على أن كل ما قرر ذات يوم ونسب إلى أهل السنة فهو فوق كل نقد حتى تزكية معاوية في تولية ابنه من بعده! فهي ليست سنة سئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة!
.
أنظروا إلى الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، فهل أستطيع السكوت.
 
رضي الله عنه
أنظروا إلى الطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، فهل أستطيع السكوت.

الأخ صلاح ليس موضوعنا الحديث عن معاوية ولا سواه. وهذا ليس طعنا في رجل بل إنكار لمنكر، وقد قال الحسن البصري جنى إثم هذه الأمة اثنان المغيرة حين أشار على معاوية بتولية يزيد من بعده وعمرو بن العاص برفع المصاحف على رؤوس الرماح ولولاهما لكانت شورى إلى قيام الساعة. فتعصبك لمصطلح لم تفهم معناه قادك الى المزج بين نقد الفعل وهو موقف الصالحين وبين الطعن وهو ما لا يطلق في مثل هذا الموضع.
وقد أجمع العلماء كما قال ابن قدامة في المغني على (السكوت عن معاوية) لا على السكوت عن أخطائه فقد انتقد صنيعه من هو خير منه إجماعا كعبدالله بن عمر وعمار بن ياسر، وليس عندي بحمد لله ما أخفيه بشأن معاوية فهو صحابي وفقا لتعريف المحدثين الذي يقبل من أجل الرواية فقط، وأحب أن تفكر فيما رواه مسلم في صحيحه من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله لخالد بن الوليد حين سب عبدالرحمن بن عوف لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم نفق مثل أحد ذهبا لما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، وخالد أسلم عام الحديبية مختارا لا مكرها، وخذ في حسبانك أن الحكم الشرعي لمشركي العرب يختلف عن أهل الكتاب ومن سن فيهم سنة أهل الكتاب فلمعاوية أبي سفيان وصفوان ابن أمية وهند بنت عتبة ومن أسلم يوم الفتح خياران لا ثالث لهما هما( الإسلام أو القتل)، أما أهل الكتاب فلهم خيار ثالث هو دفع الجزية. فمسلمة الفتح صحابة وفق تعريف المحدثين يعنون أنه مما يمكن أن يروي لا أن نقع في إسقاط فنسحب الآيات والأحاديث التي وردت في فضائل الصحابة الحقيقيين وهم أهل بيعة الرضوان وفي أوسع الأحوال من أسلم قبل خالد بن الوليد لتشمل من لم يساوهم الله تعالى بهم. فكما ترى أخي الكريم أني أعد صحابيا جليلا من عده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط صحابيا جليلا وهو من عناه بقوله لخالد بن الوليد لا تسبوا أصحابي.
وأما ما ذكرت من أنك فهمت من مقال كتبته ذات يوم وتم حذفه أني أحمل نفس فكر حسن حنفي فقد أسفت أن يُحذف مقال في ملتقى أهل التفسير بل تمنيت أن يفَند ما فيه إذا خالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو يصحح ما فيه وهذا المقصد من الملتقيات لا أن يُحذف.
وقد حذف موضوع آخر عنوانه أسباب تميز الجابري بحجة أنه لا يناسب ملتقى الانتصار للقرآن الكريم فهلا نقل إلى الملتقى المفتوح إذا كان هذا سبب حذفه؟ أم أن كيل السباب لرجل أفضى إلى ما قدم جائز مستحب وبيان أسباب تميزه غير جائز ولا مستحب؟
هذا وقد صرحت هنا وهناك أني لم أقرأ لحنفي فلا علم لي به .ومن خلال النقول التي أوردها عنه الأخوة الفضلاء الشهري والقرشي استحسنت أقل أقواله واستسمجت بعضها ولا أخالفه كثيرا في أن المسلم قد يكون ماديّ التفكير ويظل مسلما مع ذلك فهذا ما أعده لحنفي لا عليه. فالإسلام كما قال الأستاذ علي عزة بيغوفج طريقة في العيش أكثر منه طريقة في التفكير.
وهذه مواضيع كبيرة لا يحسن اجتزاء قسم منها والاختلاف فيه ، ولكنك اضطررتني إلى حوارك في قضية تظنها مهمة وهي ليست سوى مصطلحات ونسأل الله تعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.

ولو أطعت لأشرت على أهل الملتقى بحذف المشاركات الثلاثة الأخيرة كلها لأن ليس من مقاصد ملتقانا القص واللصق لكل ما يقوله الآخرون أو ما يستحسنه مشارك ما بل أن نتحاور حوارا علميا مثمرا يصحح فيه بعضنا بعضا على بصيرة وأرى أن مشاركات الأخ صلاح مع اعتزازي بوجوده قد نأت بنا عن مقاصد الملتقى .
 
ليعذرني الدكتور عبد الرحمن الصالح إن قلت له أني وجدت تشابها كبيرا بين فكره وفكر حنفي، بل يبدو أنه تلميذه، ولعل ذلك ما يدفعه للمدافعة عن حنفي، فإن كان لا يوافق فليوسع صدره ويناقش فهذه الملتقيات للإفادة والإستفادة، وقد لاحظت التشابه القوي بين فكر حنفي وفكر الدكتور عبد الرحمن من خلال ما قرأته له في مشاركة تم حذفها في هذا الملتقى.
.</SPAN>
أتراجع ما دام د عبدالرحمن لم يقرأ له وما دام يستسمج فكره لأن الله أمرنا بالعدل.
ولكن لماذا يسمي د عبدالرحمن نقد حنفي (رفض من الخارج) و (إغتيال للمحاولات)... أين هذا في كلام الإخوة؟
ثم إن أهل السنة في زمننا عرفوا فكره وقرؤوا كتبه قبل أن يتكلموا فيه، ولم يتكلموا من منطلق العقلية المتوارثة كما ذكر د عبدالرحمن.
ثم ليعلم د عبدالرحمن أني لم أتكلم من منطلق العقلية المتوارثة أو التقليد الأعمى بل قرأت قديما عن حنفي في كتاب:
الانحراف العقدي في ادب الحداثة وفكرها للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، الذي أصله رسالة دكتوراة مقدمة لكلية أصول الدين قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود لنيل درجة الدكتوراة.
أما القص واللصق فهو للإفادة وفي الصواب وغيرة على الحق واسترشادا بجهد أخّ.
 
وقد قال الحسن البصري جنى إثم هذه الأمة اثنان المغيرة حين أشار على معاوية بتولية يزيد من بعده وعمرو بن العاص برفع المصاحف على رؤوس الرماح ولولاهما لكانت شورى إلى قيام الساعة....

وقد أجمع العلماء كما قال ابن قدامة في المغني على (السكوت عن معاوية)
أرجو عزو القولين السابقين مع التوثيق، فقد بحثت في (المغني) فلم أجد ذكر ما عزوته، ولا أظنه في (المغني).
 
لم يعد ثم مشكلة في عزو الأقوال في العصر الرقمي

لم يعد ثم مشكلة في عزو الأقوال في العصر الرقمي

بعيد عن مكتبتي الآن ولكني جوجلت "السكوت عن معاوية" فوجدت من نقل الإجماع في ذلك وإن لم يعزه إلى المغني. إن لم تخني ذاكرتي فقد رأيته أنا في المغني. إن كان عندك محرك بحث في مكتبة شاملة كالجامع فبإمكانك تخريجه. المهم أنه نقل لإجماع من عالم موسوعي ، وإن لم تفعل فسوف أفعل حين تسنح الفرصة. دمتم بود
 
بحثت في (المغني) بصيغة الشاملة، عن اسم (معاوية) ثم كلمة(السكوت)، فلم أجد في جميع النتائج ما ذكرته، فأنتظر ردك.
كذلك أذكرك بعزو وتوثيق القول المنسوب للحسن البصري، أما التخريج فبعد ذلك أمره ميسر-إن شاء الله-.
والذي جعلني أبحث أني إستغربت مضمون القولين وصيغة الأول خصوصا أن (المغني) كتاب فقه بالأساس ،ولك عندي عذر إن لم تجده فالإنسان قد ينسى وقد يثق بضعيف غلط...
وللإفادة فأذكرك بقوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) }سورة الحديد، وقد ذكر الطبري رحمه اللهالخلاف في الفتح هل هو فتح مكة أو الحديبية ورجح الثاني، وعلى كلٍ فالآية تصلح للإحتجاج لفضل معاويةرضي الله عنه مع الإقرار بأفضلية السابقين، والله أعلم.

وقد قال الإمام أحمد بن حنبل في كتابه السّنّة: (( من السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صل1كلهم أجمعين، والكف عن الذي جرى بينهم، فمن سبَّ أصحاب رسول الله صل1أو واحداً منهم فهو مبتدع رافضي؛ حبهم سنّة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وقال: لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ثم يستتيبه، فإن تاب قبل منه؛ وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة، وخلده في الحبس حتى يتوب ويراجع )).
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتابه (عقيدة السلف وأصحاب الحديث): (( ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صل1وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم، أو نقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم، والموالاة لكافتهم )).
 
مرحبا بك
أقترح عليك إن أحببت فتح موضوع في (مصطلح صحابي بين الفقهاء والمحدثين والمتكلمين والتاريخ الحديث)، في غير هذا الموضع لأنه ربما ليس من حقنا على الأخ صاحب الموضوع أن نجره إلى نقاش جانبي. ولعله أن يكون موضوعا قيما يدلي فيه الإخوة الفضلاء بآرائهم.وأحسن من رأيته فصّل القول في وقوع كثير من اهل السنة في عيب (الفهم بمفهوم متأخر) في مصطلح صحابي فقادهم إلى موقف تزكية واعتقاد فضيلة كل من رأى النبي صل1أو سمعه[ليدخل الأعمى] وأسلم [ليخرج من رآه من الكفار عن التعريف]ومات على الإسلام[ليخرج المرتد]، أحسن من رأيته بيّن وقوع تلاميذ المحدثين[وواضح انك متأثر بهم] في إسقاط تعريفهم الذي يُقبل من أجل الرواية على الأخبار الواردة في تزكية "صحابي" لغةً ، هو الشيخ الجليل صالح المَقبَلي ت1108 هـ في كتابه (العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ). فالأمة اليوم ليست بحاجة إلى موافقة المحدّثين في فهومهم وإساءات فهومهم بل الأنفع هو الدوران حول الفكرة لا الشخص وهو طريقة ابن حزم في التفكير حين قال لو شهد عندي أبو بكر وعمر وعلي على رجل بالزنا ولم يأتوني برابع لجلدتهم حد القذف وأنا موقن أنهم صادقون ولكن الشريعة تسري أحكامها على الجميع.
بهذا المنطق أن يدان شرعا تولية معاوية لابنه من بعده وجعل رسالة الإسلام الإصلاحية في الإمامة كما سار عليها الخلفاء الراشدون "هرقلية" كما قال عبدالله بن عمر. لا أن يعد الانتصار للحكم الشرعي طعنا كما اعتادت مواقع تنسب نفسها ناطقة باسم أهل السنة.
ورب قائل يقول إن الموقف الورع وهو السكوت عن أخطاء من شملهم تعريف المحدثين بأنهم صحابة كمعاوية وغيره أسلم من أن نحاكمهم إلى فهمنا الشرعي واجتهادنا، قلنا إن الأورع ليس بالضرورة الأعلم. إذ ربما كان صواباً قول من قال "إن تصحيح أخطاء الماضي على صعيد النظرية يؤدي إلى تصحيح أخطاء الواقع على الصعيد العملي"
وهكذا نرى وسبحان الله أن كل قضية شغلت اوائل المتكلمين في القرن الثاني ما تزال تشغلنا بعد 1300 سنة وتجعل بعضنا يلوذ بمواقف جاهزة صدرت من بعض المتورعين فيظن أنها الأعلم والأصح، نسي هذا الظان أن من حق أي شخص أن يجادله بأن رأي عمار بن ياسر في معاوية يخالف رأي أحمد بن حنبل فأيهما سلف وأيهاما أحق أن يُتبع؟ ورأي النسائي فيه يخالف رأي أبي زرعة!

وقد كان أحد أصحابنا الظرفاء حين يرى من يتطرف في الدفاع عن معاوية يقول له "حشرك الله معه!" وبالتأكيد أن المؤمن يريد أن يحشره الله تعالى مع رسوله وأبي بكر وعمر لا مع من سن في الإسلام سنة سيئة ، ومن سن حروبا في الطلب بدم عثمان فلما ولي سكت عنهم ولم يطلب بدم، وقال رسول الله صل1 إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وفي تاريخ الطبري أنه جعل من نفسه خليفة قبل موت عليّ بشهرين وأن عليا قُتل وهو يعد العدة لحربه.
هذا ونحن نلتزم بما أجمعوا عليه من السكوت عنه ولا نؤيد أمير المؤمنين عبدالله المأمون بن هارون حين هم بلعنه على المنابر كما لا نؤيد من يحول ذنوبه إلى فضائل ممن وقع في الفهم بمفهوم متأخر كأبي زرعة الرازي وغيره من المحدثين.

والآراء التي تورد لأحمد بن حنبل وغيره من المحدثين أنت حرّ في تبنيها أو الضرب عنها صفحا، وهي لا تعني كثيرا لدى تلاميذ ابن حزم أو أصحاب العقليات التحليلية لأنهم يدورون حول الفكرة لا حول الشخص.
ويبدو أنك لم تقتنع بالتحليل الذي دعوتك للتفكر فيه فرحت تبحث عن أقوال تؤيد ما رُبيت عليه.
وبصدد القولين أعني قول الحسن وخبر إجماعهم على السكوت عن معاوية
وقلت إنك لم تجده في المغني فلعلك واجده فيما بعد، أما قول الحسن فهو مشهور عنه ولا يحضرني موقعه من كتب التاريخ
ولكن قد أورده السيوطي في تاريخ الخلفاء

وأعتذر أن لا أستطيع الاستمرار في الحوار معك في هذا الموضوع لما ذكرت لك من حيائي من الأخ الشهري أن أشارك في جر موضوعه من حسن حنفي إلى معاوية، ودمت بود
 
الاشكالية التي تواجه المشاركين عدم التفريق بين التيارات المذهبية والشخصيات الفكرية.
باختصار محمد عابد الجاري - رحمه الله تعالى - لا يساوي حسن حنفي فاقحامهما في خانة واحدة ظلم بل ليس من العدل في شيء وقد كان سلفنا يفريقون بين الفرق لان من مقتضيات العدل ان يفرق بين الفرق والمذاهب والاشخاص.
اما ما هي الفروق بين هاتين الشخصيتين الفكريتين؟ فهذا له مجال اخر!
هذا كلمات للاخ عبدالرحمن لاقحامه للجابري مع حسن حنفي من دقة في التفريق الفكري بينهما.
والسلام.
 
الاشكالية التي تواجه المشاركين عدم التفريق بين التيارات المذهبية والشخصيات الفكرية.
باختصار محمد عابد الجاري - رحمه الله تعالى - لا يساوي حسن حنفي فاقحامهما في خانة واحدة ظلم بل ليس من العدل في شيء وقد كان سلفنا يفريقون بين الفرق لان من مقتضيات العدل ان يفرق بين الفرق والمذاهب والاشخاص.
اما ما هي الفروق بين هاتين الشخصيتين الفكريتين؟ فهذا له مجال اخر!
هذا كلمات للاخ عبدالرحمن لاقحامه للجابري مع حسن حنفي من دقة في التفريق الفكري بينهما.
والسلام.
أخي الكريم أبو زيد وفقك الله
لم يَخفَ عليَّ الاختلاف بين الرجلين، وليس في كلامي ما يدلُّ على أنني أضعهما في مذهب فكري واحد، وإنما شبهتُ تصرف أحدهما بالآخر في بحثه عن الإثارة في آخر حياته بالتعرض للقرآن وعلومه بكتابٍ مثير للجدل فحسب. وقد راجعتُ عبارتي فوجدتها لا تدل على ما فهمتَه منه وفقك الله ورعاك .
 
دكتور عبد الرحمن الشهري وكل الإخوة الذين أغنو الموضوع بالتعليق والتساؤل والإضافة ....، جزاكم الله خيرا في كشف جعجعات هذه العناوين الحداثية التي يكشف مجرد فهرس الكتاب أنه لا طحن وراءها، وهو الشيء الذي لا يخفى على اهل القرآن، حسن حنفي مفكر لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا علاقة له بالدراسة القرآنية أو العلوم الشرعية عموما.
 
عودة
أعلى