عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 135
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
ابتعتُ كتابَ (من النقل إلى العقل) في الجزء الأول منه الذي خصصه مؤلفه الأستاذ الدكتور حسن حنفي لعلوم القرآن، وكتب بخط صغير تحت العنوان (من المحمول إلى الحامل).
وكنت أريد التنويه بصدوره فحسب لعل راغباً في القراءة يشتريه، ولكنني آثرت قراءته قبل الإشارة إليه، فوجدت المؤلف - وهو غير المعروف بالكتابة في الدراسات القرآنية من قبل، شأنه في ذلك شأن الدكتور المغربي الراحل محمد عابد الجابري الذي ختم حياته العلمية بكتابة كتابه (المدخل إلى القرآن الكريم) الذي أثار جدلاً واسعاً بين الباحثين- يبالغ في انتقاد المؤلفات القديمة، ويدعو للتجديد . فقلت في نفسي : لعل الدكتور حسن حنفي وقد قارب الثمانين من العمر أراد أن يختم كتاباته بالحديث عن القرآن والتفسير أيضاً ، وذهبت بي الظنون مذهباً غير مطمئن لما كتبه في هذ الكتاب .
ولما شرعتُ في القراءة وجدت المؤلف بصدد مشروع سماه (من النقل إلى العقل) في خمسة أجزاء يستغرق منه خمس سنوات قادمة ، وتصدر تباعاً عن دار الأمير للثقافة والعلوم في بيروت ، وذلك بموجب اتفاق رسمي بين المؤلف والدار ، وتتضمن الكتب التالية :
الجزء الأول : علوم القرآن (من المحمول إلى الحامل) .
الجزء الثاني : علوم الحديث (من نقد السند إلى نقد المتن) .
الجزء الثالث : علوم السيرة (من الرسول إلى الرسالة) .
الجزء الرابع :علوم التفسير (من التفسير الطولي إلى التفسير الموضوعي) .
الجزء الخامس : علوم الفقه (من العبادات إلى المعاملات) .
وقد بدأ كتابه بنقد ذاتي لكتابه الذي أصدره مؤخراً بعنوان (من الفناء إلى البقاء) ، وقد اعتاد أن ينقد آخر أعماله في الكتاب الذي يليه وهي فكرة جيدة جديرة بالاحتذاء من المؤلفين المكثرين من التأليف ، أو يكون النقد الذاتي للكتاب في الطبعة الثانية بدل إعادة إصدار الكتاب دون أي إضافة ولا نقد .
وقد بدأ بالحديث عن أثر العلوم النقلية في الثقافة الشعبية وأنها أعمق المؤلفات أثراً في الثقافة الشعبية وهي الكتب (الموجودة بوفرة في المكتبات العامة والخاصة وفي المساجد والمعاهد الدينية ، والمتوافرة بطبعات عدة في معظم العواصم العربية بأزهى الألوان ، وأجمل الإخراج، وأفخر أنواع التجليد في عدة مجلدات) وكأني أفهم من كلامه هذا أنه يشكو قلة انتشار كتبه السابقة الفلسفية والنقدية ورغبة دور النشر عن طبعها بأفخر التجليد وأزهى الألوان ، وهذه سنة الله فيما ينفع الناس وفيما لا ينفعهم .
وهو يهدف من مشروعه (من النقل إلى العقل) إلى (إعمال العقل فيما تركه القدماء للنقل وحده، وجعل هذه العلوم الخمسة : القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه علوماً واقعية خالصة كما تحولت العلوم العقلية النقلية الأربعة التي تمت إعادة بنائها من قبل إلى علوم عقلية واقعية خالصة أخذاً بالتدرج في مهام الأجيال حتى يتعود الناس على إعمال النظر فيها) .
وهذا كلام مرسلٌ لا دليل عليه ، فالعلماء من السلف والخلف من خلال مناهجهم ومؤلفاتهم كانوا يجمعون بين النقل وإعمال العقل العلمي المنهجي في مؤلفاتهم، ولم يكن من منهجهم إلغاء العقل والاكتفاء بالنقل وحده كما يزعم الدكتور حسن حنفي .
وقد لاحظت أنَّ لديه جرأة غريبة في الجزم بنتائج علمية لا دليل عليها، بل الدليل على خلافها، ويمر بالقارئ عند قضايا علمية فيحسم الخلاف فيها بكلمتين بلا دليل ولا تعليل ، وإنما هكذا بكلام مرسل، ويبدو لي أن احتفاء القراء بكتاباته السابقة وطريقته هو وأمثاله في الكتابة أنهم تعودوا أن يكتبوا ما يريدون بدون دليل، ويتركون للناس البحث عن الأدلة وإثارة الردود على مؤلفاتهم لكي تنشط حركة نقدية حول كتبهم فحسب ، دون رغبة جادة في خدمة العلم والمعرفة لوجه الله وللارتقاء بالعقل العلمي الصحيح ، وهذه مشكلة أراها كثرت في زماننا ، فقد كثر الكتاب كثرة مَرَضيَّةً غير صحيَّةٍ ، وأصبحوا يكتبون لمجرد الكتابة فتتضخم الكتب وتخرج الكتب في عدة مجلدات ، وإذا أتعبت نفسك في قراءتها ألفيتها خالية من العلم الحقيقي النافع ، ومليئة بالآراء الخارجة عن منهج العلم والأدب أحياناً، فانشغل الكثير من الباحثين بالرد على ما امتلأت به هذه الكتب من الشبهات والخواطر المبعثرة ، وأصبح لهؤلاء في الناس ذكر وصيت بعد أن كثرت الردود عليهم، وشعروا أن لهم قيمة علمية حقيقة في المجتمع لكثرة النقد والردود ، وفي الناس من يعيش على مثل هذه السمعة التي لا يرتضيها العقلاء ، ولكننا في زمانٍ غريب . وأذكر أحد هؤلاء المشهورين خرج في لقاء تلفزيوني ذات يوم يتحدث عن مشروعه الثقافي فإذا به لا يكاد يبين عما يريد، وإذا بالمذيع يتحير في محاورته لضحالته وردءاة فكره، وهو بعدُ يدعو للتجديد والخروج من بوتقة القديم !
وقد أشار د. حسن حنفي إلى أن علوم القرآن هو العلم الوحيد الذي هو علوم بالجمع فقال :(القرآن وحده هو (علوم) بالجمع لاعتماده على علوم اللغة والتفسير والفقه وأصول الفقه، في حين أن باقي العلوم (علم) واحد ، الرواية في علم الحديث ، وفهم القرآن في علم التفسير ، وحياة الرسول في علم السيرة ، والشريعة في علم الفقه ...) الخ
وهذا كلامٌ مرسل كذلك لا قيمة له ، فعلم الحديث ليس علم رواية فحسب، وقل مثل ذلك في حكمه على بقية العلوم .
والشيئ الذي أدهشني حقاً في كتابه هو صَبْرُهُ وجُلَدُهُ في التأليف والكتابة، فهو يضع مشروعات يعمل لتحقيقها خلال عمره الذي قارب الثمانين(1)، في الوقت الذي ترى فيه كثيراً من الباحثين الجادين يتوقف عند بحث الدكتوراه، ويطوي كتبه ويجفف أقلامه وكأن المهمة قد انتهت في الوقت الذي تكون بدأت فيه، فكم خسرت الدراسات القرآنية والعلمية من الباحثين الجادين بسبب الانشغالات وعدم وجود مشروعات جادة تستهلك وقت الباحث المتميز ، ولعل في منهج د.حسن حنفي وأمثاله عِبْرَةً ومَثَلاً لهؤلاء .
علوم القرآن :
يسوق حسن حنفي النتائج سوقاً دون أدلة ، ويكتب وكأنه قد درس هذه المسائل دراسة عميقة ثم يعبر من عنده، والخلل والاضطراب في كتابته واضح للمتخصص ، ولكنه قد يمر على المثقف العادي بسهولة .
يقول حسن حنفي :(تعتمد علوم القرآن على الأدلة النقلية بمفردها دون الأدلة العقلية لأنها علوم نقلية خالصة، لذلك كثرت الآيات استدعاء من الذاكرة في غياب المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن كما هو حادث هذه الأيام. وكانت تستعمل حبات الشعير لعد الآيات بالمئات والكلمات بالآلاف والحروف بعشرات الآلاف...)
ثم يقول :(وتكثر الشواهد الشعرية بعد الآيات القرآنية، فالشعر ديوان العرب، والقرآن نزل بلغة العرب، وكثير من الاختلافات في التفسير يُمكن حلها بالعودة إلى الشواهد الشعرية ، ويُمكن دراسة التعبيرات الشعرية في القرآن وبيان كيفية استعماله لها لأن الشعر أسبق ، والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة ، فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي، والقرآن شعر لأنه حمل عليه. الإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني إعجاز أدبي يثير الخيال، لذلك كان تفسير القرآن بالشعر ضمان لغوي ، ولا يفسر الشعر بالقرآن لأن الشعر أسبق، الشعر حامل والقرآن محمول، لذلك عقدن فصول في الإعجاز لمقارنة أساليب البلاغة في القرآن والشعر ....) ص 22
وهذا كلامٌ مضطرب فيه حق قليل وجهل كثير، يدل على جرأته في ذكر النتائج لِمُجرَّد اعتماده على فهارس الآيات والأحدايث والشواهد الشعرية في كتب علوم القرآن وغريبه.
وقد لفت نظري في كتاب الدكتور حسن حنفي هذا أنه يعتمد في حكمه على المؤلفات في علوم القرآن على فهارس الكتاب ، فيتعرف على أبرز الأعلام الذين ذكروا في الكتاب من خلال فهرس الأعلام، فإذا وجد تكرر اسم عبدالله بن عباس يتكرر أكثر من غيره ، قال : وحضور عبدالله بن عباس طاغٍ في كتب علوم القرآن ثم يأتي بعده ابن مسعود وهكذا .. ويفعل مثل ذلك في الشواهد من القرآن والحديث والشعر وغيرها، دون أن يتوقف عند المؤلف نفسه والسياقات التي وردت فيها هذه الأعلام والشواهد ، والتي تبين منهج المؤلف على حقيقته، مما يجعلني أجزم بأنه لم يقرأ كتاباً من كتب علوم القرآن كاملاً ويعرف منهجيته الصحيحة ، ويتعرف على قيمته العلمية الحقيقية؛ ولذلك تتكرر عنده أخطاء هي عند أهل التخصص في القرآن وعلومه مُسلَّمات لا تحتاج إلى نقاش، وهو يطرحها على وجهٍ مُخالفٍ للواقع ، ويَمُرُّ عليها دون توقف.
ثم تعرض لكتابي الزركشي (البرهان في علوم القرآن) والسيوطي (الإتقان في علوم القرآن) فأثنى عليهما بأنهما قد أعملا العقل في علوم القرآن، وكانا أكثر جرأة في تناول حوامل الوحي اللغوية والمكانية والزمانية والاجتماعية والتاريخية والثقافية ! ووصفهما بأن لديهم قدرة على إبداع المصطلحات ووضع المناهج وتأسيس العلوم . ثم أشار إلى كتابات بعض المعاصرين في علوم القرآن من أمثال نصر حامد أبو زيد فقال : (وقد تعرَّضَ بعضُ المُحدَثِيْن لعلوم القرآن، منها الرصين العلمي، ومنها الفرقعة الإعلامية، ومنها ما بدأ رصيناً علمياً ثم تحول إلى زوبعة إعلامية . فعلوم القرآن للخاصة وليست للعامة، للجامعات ومراكز الأبحاث وليست للصحف وقنوات الفضاء) . ص 23
وكأنه هنا يتفق مع مثل كتابات نصر أبوزيد وأمثاله في أصلها، ولكنه يعترض على ما شابها بعد ذلك من خروج بها عن منهجها في نقد التراث إلى الفرقعات الإعلامية كما يقول، وفي الحقيقة إن منهجية نصر أبو زيد وأمثاله منهجية مردودة في التعامل مع القرآن وعلومه لجهلهم بما ينبغي على المتعامل مع القرآن من المعرفة بأصول التفسير وأصول التعامل مع القرآن، وضعف اطلاعهم على كتب المفسرين وعلوم القرآن ، واكتفائهم بالاطلاع المستعجل والنقد المشوه لتلك المؤلفات الرصينة .
ثُمَّ تحدث بعد ذلك عن العلوم المشتركة مع علوم القرآن بتوسع ، فقال :(وعلوم القرآن هي علوم تجميعية من علوم اللغة والنحو والبلاغة، معظم أبوابها وفصولها في اللغة ، فاللغة هي الحامل الأول للوحي قبل الزمان والمكان. لذلك هي (علوم) بالجمع ) وكلامه هذا فيه حق، فعلوم القرآن استفادت كثيراً من علم اللغة بفروعه استفادة ظاهرة، ومن علم أصول الفقه وغيره، ولكن تناولها في علوم القرآن له خصوصيته التي لم يتنبه لها في كلامه الطويل عن هذه المسألة.
وقد أشار إشارات مفيدة لبعض المسائل في علاقة علوم القرآن بالعلوم الأخرى جديرة بالنقاش من الباحثين ، وأنا هنا لن أتوقف عند كل ما قاله ، ولكنني أشوق الباحث المتخصص للاستفادة من بعض اللفتات التي ذكرها في كتابه، وأنبهه للحذر من مجازفاته التي ظهرت بشكل واضح في الكتاب .
ومِما قاله عن تدوين علوم القرآن :(ودونت علوم القرآن في عصر متأخر كانت الأشعرية في العقائد والشافعية في الفقه قد أصبحتا ثقافة شعبية عامة، للعامة والخاصة مما يفسر طغيان الغزالي والشافعي في (البرهان) للزركشي) وهو يلاحظ هذا الطغيان من خلال كثرة تكرار اسم الغزالي والشافعي في فهرس الأعلام فحسب .
حديثه عن تطور علوم القرآن :
تناول في فقرة مطولة موضوع تطور علوم القرآن ، فعرض لكتب مهمة فيه بشيء من الوصف المفصل المعتمد على فهارس الكتاب غالباً لا على قراءته قراءة متأنية ، فتكلم عن (المرشد الوجيز) لأبي شامة ووصف نقاش أبي شامة لحديث الأحرف السبعة بأنه قد خلط فيه بين (بين الحديث الموضوعي والحديث الخيالي بتدخل جبريل للتخفيف على الأمة والتيسير عليها) !!
كما تحدث عن كتاب (الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن وعلم البيان) الذي نسبه لابن القيم وهو لابن النقيب كما هو معلوم، ولكنه لم يتنبه لذلك وأستمر في نسبته لابن القيم .
ثم تحدث عن البرهان للزركشي وأطال الحديث عنه بناء على فهارس الأعلام والشواهد ، ومما قاله :(وطبقاً لأسماء الأعلام الواردة في البرهان يأتي الزمخشري أولاً مما يدل على أولوية علم التفسير ثم سيبويه وابن جني مما يدل على أهمية علم اللغة بعد علم التفسير ، ثم يأتي مؤسسو علوم القرآن مثل أبو علي الفارسي وأبو جعفر النحاس والواحدي ...) والخلط واضح في مثل هذه الاستنتاجات ، فكثرة تكرر اسم الزمخشري في الكتاب لجوانب بلاغية ولغوية موجودة في الكشاف الجديد والقديم ولآراء لغوية موجودة في المفصل له ، فليست المسألة متعلقة بالتفسير بدقة ، وأبو علي الفارسي ليس من مؤسسي علوم القرآن بمعناها الخاص وإن كانت له مشاركات في بعض علوم القرآن ، وقل مثل ذلك في الواحدي . وهو يستمر على مثل هذه الاستنتاجات المبنية على الاكتفاء بفهارس الكتاب .
ومن الوقفات المفيدة في عرضه للبرهان للزركشي قوله :
((ويقدم البرهان في علوم القرآن ) للزركشي سبعة وأربعين نوعاً يمكن ضمها في عدد أقل ، عشرة فقط . ويمكن تجميعها في عدد أقل ، تسعة أنواع مقسمة إلى ثلاثة). ص 47 وذكر في الحاشية تفاصيل هذه العشرة والتسعة . وهي نظرة مفيدة في تنظيم أنواع علوم القرآن وقد سبق نقاشها في أكثر من موضوع في الملتقى قديماً(2) ، وهذه التقسيمات التي ذكرها جديرة بالإفادة منها .
ثم تعرض للحديث عن كتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي) بتفصيل ككلامه عن كتاب الزركشي ، وقد وقع في أخطاء كالسابقة كقوله (لأن القرآن لا ينزل إلا في سبب، وإجابة على سؤال) وهذا غير صحيح، بل القرآن ينزل ابتداء وهو الأكثر .
هذا كله الذي تقدم ما هو إلا مقدمات بين يدي الكتاب الذي قام بتقسيمه إلى ثلاثة أبواب :
الباب الأول : الحوامل الموضوعية (التاريخ).
الفصل الأول : المكان .
الفصل الثاني : البيئة الاجتماعية .
الفصل الثالث : الزمان .
وقد تحدث في فصول الباب الأول حديثاً طويلاً نظرت فيه سريعاً ، عن أسباب النزول ومكان النزول وما يتصل ببيئة النزول من المؤثرات والمؤلفات .
الباب الثاني : الحوامل الموضوعية الذاتية (الرواية) .
الفصل الأول : الخبر .
الفصل الثاني : القراءة .
الفصل الثالث : التدوين .
تناول فيه الكلام عن حفظ القرآن وتدوينه ونقله .
الباب الثالث : الحوامل الذاتية (اللغة) .
الفصل الأول : اللفظ والمعنى .
الفصل الثاني : أساليب البلاغة .
الفصل الثالث : التفسير .
تناول فيه الحديث عن فهم القرآن والمؤلفات في التفسير والغريب والبلاغة .
والكتاب بعد هذا كله كتاب مليئ بالمجازفات في الصفحات التي اطلعت عليها وهي تقارب 150 صفحة ، وعدد صفحات الكتاب كاملاً 503 صفحات من القطع العادي ، ولكنني لم اشأ تأجيل نشر هذا التعريف حتى أفرغ من قراءة الكتاب كاملاً حتى لا يتأخر الأمر، ولكن الكتاب جدير بالقراءة النقدية المتأنية لإبراز جوانب الخلل فيه ، والأفكار الجيدة التي يمكن أن يفيد منها المتخصصون في القرآن وعلومه، وأما أنه يصلح ككتاب علمي يبني عليه قارئه ثقافته في علوم القرآن فلا .
وفقكم الله جميعاً للعلم النافع ، وهدانا إلى صراطه المستقيم .
الإثنين 6 صفر 1432هـ ولما شرعتُ في القراءة وجدت المؤلف بصدد مشروع سماه (من النقل إلى العقل) في خمسة أجزاء يستغرق منه خمس سنوات قادمة ، وتصدر تباعاً عن دار الأمير للثقافة والعلوم في بيروت ، وذلك بموجب اتفاق رسمي بين المؤلف والدار ، وتتضمن الكتب التالية :
الجزء الأول : علوم القرآن (من المحمول إلى الحامل) .
الجزء الثاني : علوم الحديث (من نقد السند إلى نقد المتن) .
الجزء الثالث : علوم السيرة (من الرسول إلى الرسالة) .
الجزء الرابع :علوم التفسير (من التفسير الطولي إلى التفسير الموضوعي) .
الجزء الخامس : علوم الفقه (من العبادات إلى المعاملات) .
وقد بدأ كتابه بنقد ذاتي لكتابه الذي أصدره مؤخراً بعنوان (من الفناء إلى البقاء) ، وقد اعتاد أن ينقد آخر أعماله في الكتاب الذي يليه وهي فكرة جيدة جديرة بالاحتذاء من المؤلفين المكثرين من التأليف ، أو يكون النقد الذاتي للكتاب في الطبعة الثانية بدل إعادة إصدار الكتاب دون أي إضافة ولا نقد .
وقد بدأ بالحديث عن أثر العلوم النقلية في الثقافة الشعبية وأنها أعمق المؤلفات أثراً في الثقافة الشعبية وهي الكتب (الموجودة بوفرة في المكتبات العامة والخاصة وفي المساجد والمعاهد الدينية ، والمتوافرة بطبعات عدة في معظم العواصم العربية بأزهى الألوان ، وأجمل الإخراج، وأفخر أنواع التجليد في عدة مجلدات) وكأني أفهم من كلامه هذا أنه يشكو قلة انتشار كتبه السابقة الفلسفية والنقدية ورغبة دور النشر عن طبعها بأفخر التجليد وأزهى الألوان ، وهذه سنة الله فيما ينفع الناس وفيما لا ينفعهم .
وهو يهدف من مشروعه (من النقل إلى العقل) إلى (إعمال العقل فيما تركه القدماء للنقل وحده، وجعل هذه العلوم الخمسة : القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه علوماً واقعية خالصة كما تحولت العلوم العقلية النقلية الأربعة التي تمت إعادة بنائها من قبل إلى علوم عقلية واقعية خالصة أخذاً بالتدرج في مهام الأجيال حتى يتعود الناس على إعمال النظر فيها) .
وهذا كلام مرسلٌ لا دليل عليه ، فالعلماء من السلف والخلف من خلال مناهجهم ومؤلفاتهم كانوا يجمعون بين النقل وإعمال العقل العلمي المنهجي في مؤلفاتهم، ولم يكن من منهجهم إلغاء العقل والاكتفاء بالنقل وحده كما يزعم الدكتور حسن حنفي .
وقد لاحظت أنَّ لديه جرأة غريبة في الجزم بنتائج علمية لا دليل عليها، بل الدليل على خلافها، ويمر بالقارئ عند قضايا علمية فيحسم الخلاف فيها بكلمتين بلا دليل ولا تعليل ، وإنما هكذا بكلام مرسل، ويبدو لي أن احتفاء القراء بكتاباته السابقة وطريقته هو وأمثاله في الكتابة أنهم تعودوا أن يكتبوا ما يريدون بدون دليل، ويتركون للناس البحث عن الأدلة وإثارة الردود على مؤلفاتهم لكي تنشط حركة نقدية حول كتبهم فحسب ، دون رغبة جادة في خدمة العلم والمعرفة لوجه الله وللارتقاء بالعقل العلمي الصحيح ، وهذه مشكلة أراها كثرت في زماننا ، فقد كثر الكتاب كثرة مَرَضيَّةً غير صحيَّةٍ ، وأصبحوا يكتبون لمجرد الكتابة فتتضخم الكتب وتخرج الكتب في عدة مجلدات ، وإذا أتعبت نفسك في قراءتها ألفيتها خالية من العلم الحقيقي النافع ، ومليئة بالآراء الخارجة عن منهج العلم والأدب أحياناً، فانشغل الكثير من الباحثين بالرد على ما امتلأت به هذه الكتب من الشبهات والخواطر المبعثرة ، وأصبح لهؤلاء في الناس ذكر وصيت بعد أن كثرت الردود عليهم، وشعروا أن لهم قيمة علمية حقيقة في المجتمع لكثرة النقد والردود ، وفي الناس من يعيش على مثل هذه السمعة التي لا يرتضيها العقلاء ، ولكننا في زمانٍ غريب . وأذكر أحد هؤلاء المشهورين خرج في لقاء تلفزيوني ذات يوم يتحدث عن مشروعه الثقافي فإذا به لا يكاد يبين عما يريد، وإذا بالمذيع يتحير في محاورته لضحالته وردءاة فكره، وهو بعدُ يدعو للتجديد والخروج من بوتقة القديم !
وقد أشار د. حسن حنفي إلى أن علوم القرآن هو العلم الوحيد الذي هو علوم بالجمع فقال :(القرآن وحده هو (علوم) بالجمع لاعتماده على علوم اللغة والتفسير والفقه وأصول الفقه، في حين أن باقي العلوم (علم) واحد ، الرواية في علم الحديث ، وفهم القرآن في علم التفسير ، وحياة الرسول في علم السيرة ، والشريعة في علم الفقه ...) الخ
وهذا كلامٌ مرسل كذلك لا قيمة له ، فعلم الحديث ليس علم رواية فحسب، وقل مثل ذلك في حكمه على بقية العلوم .
والشيئ الذي أدهشني حقاً في كتابه هو صَبْرُهُ وجُلَدُهُ في التأليف والكتابة، فهو يضع مشروعات يعمل لتحقيقها خلال عمره الذي قارب الثمانين(1)، في الوقت الذي ترى فيه كثيراً من الباحثين الجادين يتوقف عند بحث الدكتوراه، ويطوي كتبه ويجفف أقلامه وكأن المهمة قد انتهت في الوقت الذي تكون بدأت فيه، فكم خسرت الدراسات القرآنية والعلمية من الباحثين الجادين بسبب الانشغالات وعدم وجود مشروعات جادة تستهلك وقت الباحث المتميز ، ولعل في منهج د.حسن حنفي وأمثاله عِبْرَةً ومَثَلاً لهؤلاء .
علوم القرآن :
يسوق حسن حنفي النتائج سوقاً دون أدلة ، ويكتب وكأنه قد درس هذه المسائل دراسة عميقة ثم يعبر من عنده، والخلل والاضطراب في كتابته واضح للمتخصص ، ولكنه قد يمر على المثقف العادي بسهولة .
يقول حسن حنفي :(تعتمد علوم القرآن على الأدلة النقلية بمفردها دون الأدلة العقلية لأنها علوم نقلية خالصة، لذلك كثرت الآيات استدعاء من الذاكرة في غياب المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن كما هو حادث هذه الأيام. وكانت تستعمل حبات الشعير لعد الآيات بالمئات والكلمات بالآلاف والحروف بعشرات الآلاف...)
ثم يقول :(وتكثر الشواهد الشعرية بعد الآيات القرآنية، فالشعر ديوان العرب، والقرآن نزل بلغة العرب، وكثير من الاختلافات في التفسير يُمكن حلها بالعودة إلى الشواهد الشعرية ، ويُمكن دراسة التعبيرات الشعرية في القرآن وبيان كيفية استعماله لها لأن الشعر أسبق ، والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة ، فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي، والقرآن شعر لأنه حمل عليه. الإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني إعجاز أدبي يثير الخيال، لذلك كان تفسير القرآن بالشعر ضمان لغوي ، ولا يفسر الشعر بالقرآن لأن الشعر أسبق، الشعر حامل والقرآن محمول، لذلك عقدن فصول في الإعجاز لمقارنة أساليب البلاغة في القرآن والشعر ....) ص 22
وهذا كلامٌ مضطرب فيه حق قليل وجهل كثير، يدل على جرأته في ذكر النتائج لِمُجرَّد اعتماده على فهارس الآيات والأحدايث والشواهد الشعرية في كتب علوم القرآن وغريبه.
وقد لفت نظري في كتاب الدكتور حسن حنفي هذا أنه يعتمد في حكمه على المؤلفات في علوم القرآن على فهارس الكتاب ، فيتعرف على أبرز الأعلام الذين ذكروا في الكتاب من خلال فهرس الأعلام، فإذا وجد تكرر اسم عبدالله بن عباس يتكرر أكثر من غيره ، قال : وحضور عبدالله بن عباس طاغٍ في كتب علوم القرآن ثم يأتي بعده ابن مسعود وهكذا .. ويفعل مثل ذلك في الشواهد من القرآن والحديث والشعر وغيرها، دون أن يتوقف عند المؤلف نفسه والسياقات التي وردت فيها هذه الأعلام والشواهد ، والتي تبين منهج المؤلف على حقيقته، مما يجعلني أجزم بأنه لم يقرأ كتاباً من كتب علوم القرآن كاملاً ويعرف منهجيته الصحيحة ، ويتعرف على قيمته العلمية الحقيقية؛ ولذلك تتكرر عنده أخطاء هي عند أهل التخصص في القرآن وعلومه مُسلَّمات لا تحتاج إلى نقاش، وهو يطرحها على وجهٍ مُخالفٍ للواقع ، ويَمُرُّ عليها دون توقف.
ثم تعرض لكتابي الزركشي (البرهان في علوم القرآن) والسيوطي (الإتقان في علوم القرآن) فأثنى عليهما بأنهما قد أعملا العقل في علوم القرآن، وكانا أكثر جرأة في تناول حوامل الوحي اللغوية والمكانية والزمانية والاجتماعية والتاريخية والثقافية ! ووصفهما بأن لديهم قدرة على إبداع المصطلحات ووضع المناهج وتأسيس العلوم . ثم أشار إلى كتابات بعض المعاصرين في علوم القرآن من أمثال نصر حامد أبو زيد فقال : (وقد تعرَّضَ بعضُ المُحدَثِيْن لعلوم القرآن، منها الرصين العلمي، ومنها الفرقعة الإعلامية، ومنها ما بدأ رصيناً علمياً ثم تحول إلى زوبعة إعلامية . فعلوم القرآن للخاصة وليست للعامة، للجامعات ومراكز الأبحاث وليست للصحف وقنوات الفضاء) . ص 23
وكأنه هنا يتفق مع مثل كتابات نصر أبوزيد وأمثاله في أصلها، ولكنه يعترض على ما شابها بعد ذلك من خروج بها عن منهجها في نقد التراث إلى الفرقعات الإعلامية كما يقول، وفي الحقيقة إن منهجية نصر أبو زيد وأمثاله منهجية مردودة في التعامل مع القرآن وعلومه لجهلهم بما ينبغي على المتعامل مع القرآن من المعرفة بأصول التفسير وأصول التعامل مع القرآن، وضعف اطلاعهم على كتب المفسرين وعلوم القرآن ، واكتفائهم بالاطلاع المستعجل والنقد المشوه لتلك المؤلفات الرصينة .
ثُمَّ تحدث بعد ذلك عن العلوم المشتركة مع علوم القرآن بتوسع ، فقال :(وعلوم القرآن هي علوم تجميعية من علوم اللغة والنحو والبلاغة، معظم أبوابها وفصولها في اللغة ، فاللغة هي الحامل الأول للوحي قبل الزمان والمكان. لذلك هي (علوم) بالجمع ) وكلامه هذا فيه حق، فعلوم القرآن استفادت كثيراً من علم اللغة بفروعه استفادة ظاهرة، ومن علم أصول الفقه وغيره، ولكن تناولها في علوم القرآن له خصوصيته التي لم يتنبه لها في كلامه الطويل عن هذه المسألة.
وقد أشار إشارات مفيدة لبعض المسائل في علاقة علوم القرآن بالعلوم الأخرى جديرة بالنقاش من الباحثين ، وأنا هنا لن أتوقف عند كل ما قاله ، ولكنني أشوق الباحث المتخصص للاستفادة من بعض اللفتات التي ذكرها في كتابه، وأنبهه للحذر من مجازفاته التي ظهرت بشكل واضح في الكتاب .
ومِما قاله عن تدوين علوم القرآن :(ودونت علوم القرآن في عصر متأخر كانت الأشعرية في العقائد والشافعية في الفقه قد أصبحتا ثقافة شعبية عامة، للعامة والخاصة مما يفسر طغيان الغزالي والشافعي في (البرهان) للزركشي) وهو يلاحظ هذا الطغيان من خلال كثرة تكرار اسم الغزالي والشافعي في فهرس الأعلام فحسب .
حديثه عن تطور علوم القرآن :
تناول في فقرة مطولة موضوع تطور علوم القرآن ، فعرض لكتب مهمة فيه بشيء من الوصف المفصل المعتمد على فهارس الكتاب غالباً لا على قراءته قراءة متأنية ، فتكلم عن (المرشد الوجيز) لأبي شامة ووصف نقاش أبي شامة لحديث الأحرف السبعة بأنه قد خلط فيه بين (بين الحديث الموضوعي والحديث الخيالي بتدخل جبريل للتخفيف على الأمة والتيسير عليها) !!
كما تحدث عن كتاب (الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن وعلم البيان) الذي نسبه لابن القيم وهو لابن النقيب كما هو معلوم، ولكنه لم يتنبه لذلك وأستمر في نسبته لابن القيم .
ثم تحدث عن البرهان للزركشي وأطال الحديث عنه بناء على فهارس الأعلام والشواهد ، ومما قاله :(وطبقاً لأسماء الأعلام الواردة في البرهان يأتي الزمخشري أولاً مما يدل على أولوية علم التفسير ثم سيبويه وابن جني مما يدل على أهمية علم اللغة بعد علم التفسير ، ثم يأتي مؤسسو علوم القرآن مثل أبو علي الفارسي وأبو جعفر النحاس والواحدي ...) والخلط واضح في مثل هذه الاستنتاجات ، فكثرة تكرر اسم الزمخشري في الكتاب لجوانب بلاغية ولغوية موجودة في الكشاف الجديد والقديم ولآراء لغوية موجودة في المفصل له ، فليست المسألة متعلقة بالتفسير بدقة ، وأبو علي الفارسي ليس من مؤسسي علوم القرآن بمعناها الخاص وإن كانت له مشاركات في بعض علوم القرآن ، وقل مثل ذلك في الواحدي . وهو يستمر على مثل هذه الاستنتاجات المبنية على الاكتفاء بفهارس الكتاب .
ومن الوقفات المفيدة في عرضه للبرهان للزركشي قوله :
((ويقدم البرهان في علوم القرآن ) للزركشي سبعة وأربعين نوعاً يمكن ضمها في عدد أقل ، عشرة فقط . ويمكن تجميعها في عدد أقل ، تسعة أنواع مقسمة إلى ثلاثة). ص 47 وذكر في الحاشية تفاصيل هذه العشرة والتسعة . وهي نظرة مفيدة في تنظيم أنواع علوم القرآن وقد سبق نقاشها في أكثر من موضوع في الملتقى قديماً(2) ، وهذه التقسيمات التي ذكرها جديرة بالإفادة منها .
ثم تعرض للحديث عن كتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي) بتفصيل ككلامه عن كتاب الزركشي ، وقد وقع في أخطاء كالسابقة كقوله (لأن القرآن لا ينزل إلا في سبب، وإجابة على سؤال) وهذا غير صحيح، بل القرآن ينزل ابتداء وهو الأكثر .
هذا كله الذي تقدم ما هو إلا مقدمات بين يدي الكتاب الذي قام بتقسيمه إلى ثلاثة أبواب :
الباب الأول : الحوامل الموضوعية (التاريخ).
الفصل الأول : المكان .
الفصل الثاني : البيئة الاجتماعية .
الفصل الثالث : الزمان .
وقد تحدث في فصول الباب الأول حديثاً طويلاً نظرت فيه سريعاً ، عن أسباب النزول ومكان النزول وما يتصل ببيئة النزول من المؤثرات والمؤلفات .
الباب الثاني : الحوامل الموضوعية الذاتية (الرواية) .
الفصل الأول : الخبر .
الفصل الثاني : القراءة .
الفصل الثالث : التدوين .
تناول فيه الكلام عن حفظ القرآن وتدوينه ونقله .
الباب الثالث : الحوامل الذاتية (اللغة) .
الفصل الأول : اللفظ والمعنى .
الفصل الثاني : أساليب البلاغة .
الفصل الثالث : التفسير .
تناول فيه الحديث عن فهم القرآن والمؤلفات في التفسير والغريب والبلاغة .
والكتاب بعد هذا كله كتاب مليئ بالمجازفات في الصفحات التي اطلعت عليها وهي تقارب 150 صفحة ، وعدد صفحات الكتاب كاملاً 503 صفحات من القطع العادي ، ولكنني لم اشأ تأجيل نشر هذا التعريف حتى أفرغ من قراءة الكتاب كاملاً حتى لا يتأخر الأمر، ولكن الكتاب جدير بالقراءة النقدية المتأنية لإبراز جوانب الخلل فيه ، والأفكار الجيدة التي يمكن أن يفيد منها المتخصصون في القرآن وعلومه، وأما أنه يصلح ككتاب علمي يبني عليه قارئه ثقافته في علوم القرآن فلا .
وفقكم الله جميعاً للعلم النافع ، وهدانا إلى صراطه المستقيم .
ـــ الحواشي ـــ
(1) حيث يقول : (لم يبق في العمر الكثير ، ستة عشر عاماً في (من العقيدة إلى الثورة) وثلاثة عشر عاماً في (من النقل إلى الإبداع) وأربعة أعوام في من الفناء إلى البقاء وثلاثة أعوام في (من النص إلى الواقع) لأنه إعادة كتابة الرسالة الفرنسية الأولى (مناهج التأويل) التي استغرقت عشر سنوات بعد أربعين عاماً .
أما هذه المرة فالنية معقودة على ألا يزيد كل جزء من الأجزاء الخمسة عن عام واحد ، خاصة بعد التركيز على العلم دون المعلومات، وعلى خواطر النفس وخلجاتها دون التحليلات الكمية والإحصائية للعقل، وإبراز الجديد أكثر من تحليل القديم، وعلى الوليد أكثر من الأم) ثم أضاف في الحاشية :
(وبالتالي ينتهي من النقل إلى العقل في غضون خمس سنوات (2008-2012) ثم تبدأ الجبهة الثالثة (الموقف من الواقع) أو نظرية التفسير في (2012-2015) وأكون قد وصلت إلى سن الثمانين ، أعود بعدها إلى الجبهة الثانية (موقفنا من التراث الغربي) وأضع في قلادة (مقدمة في علم الاستغراب) أحجار كريمة عشرة بدأتها بثلاثة :( هوسرل في تأويل الظاهريات وظاهريات التأويل) وهي الرسالة الثانية التي كتبت منذ أكثر من أربعين عاماً .... ويتم ذلك في خمسة أعوام إن أنسأ الله في العمر كما يقول ابن سينا ، وأكون بذلك قد بلغت الخامسة والثمانين {لكل أجلٍ كتاب} أبدأ في كتابة سيرتي الذاتية بالرغم من خطورتها على مشروع (التراث والتجديد) بجبهاته الثلاث إذ سيترك الناس المشروع ويأخذون السيرة، ويقضون على موضوعية الفكر لصالح ذاتية التجربة ). (1/19-20)
(2) انظر موضوع : تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم القرآن للدكتور مساعد الطيار .
(1) حيث يقول : (لم يبق في العمر الكثير ، ستة عشر عاماً في (من العقيدة إلى الثورة) وثلاثة عشر عاماً في (من النقل إلى الإبداع) وأربعة أعوام في من الفناء إلى البقاء وثلاثة أعوام في (من النص إلى الواقع) لأنه إعادة كتابة الرسالة الفرنسية الأولى (مناهج التأويل) التي استغرقت عشر سنوات بعد أربعين عاماً .
أما هذه المرة فالنية معقودة على ألا يزيد كل جزء من الأجزاء الخمسة عن عام واحد ، خاصة بعد التركيز على العلم دون المعلومات، وعلى خواطر النفس وخلجاتها دون التحليلات الكمية والإحصائية للعقل، وإبراز الجديد أكثر من تحليل القديم، وعلى الوليد أكثر من الأم) ثم أضاف في الحاشية :
(وبالتالي ينتهي من النقل إلى العقل في غضون خمس سنوات (2008-2012) ثم تبدأ الجبهة الثالثة (الموقف من الواقع) أو نظرية التفسير في (2012-2015) وأكون قد وصلت إلى سن الثمانين ، أعود بعدها إلى الجبهة الثانية (موقفنا من التراث الغربي) وأضع في قلادة (مقدمة في علم الاستغراب) أحجار كريمة عشرة بدأتها بثلاثة :( هوسرل في تأويل الظاهريات وظاهريات التأويل) وهي الرسالة الثانية التي كتبت منذ أكثر من أربعين عاماً .... ويتم ذلك في خمسة أعوام إن أنسأ الله في العمر كما يقول ابن سينا ، وأكون بذلك قد بلغت الخامسة والثمانين {لكل أجلٍ كتاب} أبدأ في كتابة سيرتي الذاتية بالرغم من خطورتها على مشروع (التراث والتجديد) بجبهاته الثلاث إذ سيترك الناس المشروع ويأخذون السيرة، ويقضون على موضوعية الفكر لصالح ذاتية التجربة ). (1/19-20)
(2) انظر موضوع : تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم القرآن للدكتور مساعد الطيار .