دقائق ولطائف

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ........

وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا وَأَسْوَأَهُمْ مَآبًا وَمَبَاءً مَنْ أَخَذَ مَعْنًى صَحِيحًا ، فَرَكَّبَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قِرَاءَةً أَوْ حَدِيثًا ، فَيَكُونُ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ ، كَاذِبًا عَلَى رَسُولِهِ ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا .
 
جَاء في مَباحِثِ فِي التَّفسيرِ المَوضُوعيِّ د. مُصطفى مُسلم................

إظهارُ حَيويَّةِ وَوَاقِعيَّةِ القُرآنِ الكَريمِ حَيثُ إنَّه يَصلُحُ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ فَلَا يَنظرُ البَاحثُونَ إلى مَوضُوعاتِ القُرآنِ علَى أنَّها مَوضوعَاتٌ قَديمةٌ نَزَلَت قبَلَ خَمسةَ عَشَرَ قَرنَا، وَإنَّمَا يَعرضُونَهَا فِي صُورةٍ عِلميَّةٍ وَاقِعيَّةٍ تُنَاقِشُ قَضَايَا وَمُشْكِلاتٍ حَيَّةً.
 
قَالَ فِي تَفْسيِرِ المَنَارِ............

لَعَمْرِي إِنَّ مَنْ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ مُسْتَقِلَّ الْفِكْرِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُثْبِتُ بِهِ كَوْنَ هِدَايَةِ الْقُرْآنِ حَقًّا وَصِدْقًا وَعَدْلًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَقَدْ أَثْبَتَتِ الْوَقَائِعُ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ لِإِدْرَاكِ حَقِّيَّةِ مَوْضُوعِهَا وَخَيْرِيَّتِهِ كَانُوا أَكْمَلَ النَّاسِ عَقْلًا وَنَظَرًا وَفَهْمًا وَفَضْلًا كَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . عَلَى أَنَّهُ أَرْشَدَ إِلَى الِاعْتِمَادِ فِيهِ عَلَى الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ، وَالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ ، وَمَتَى ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ حَقِّيَّةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَحُسْنُهُ وَنَفْعُهُ فَمِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ يُتْرَكَ الِاهْتِدَاءُ بِهِ لِأَجْلِ مُشَارَكَتِهِ لَنَا فِي الْبَشَرِيَّةِ ، أَوِ اسْتِبْعَادِ مَا فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ .
 
قَوْلُهُ تَعَالَى : {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)}

قال فِي تَفسِيرِ المَنَارِ رَحِمَهُ اللهُ..........

(سِيرَةُ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي السِّجْنِ) :

(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ ، أَيْ فَسَجَنُوهُ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ بِتَقْدِيرِ اللهِ الْخَفِيِّ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ جَاهِلُوهُ بِالْمُصَادَفَةِ وَالِاتِّفَاقِ .

يَقصِدُ رَحمَهُ اللهُ -- أنَّهُمَا دَخَلا لِيكُونَ أَحَدُهُمَا سَبَبَا فِي خُرُوجِهِ...

وهذا من خَفي تَقْديرِ اللهِ ...
.....
 
َولُهُ تَعَالَى :{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)}

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ..............

وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ مِنْ مُوسَى تَوْطِئَةٌ لِنُفُوسِهِمْ حَتَّى تُعَزَّزَ وَتَأْخُذَ الْأَمْرَ بِدُخُولِ أَرْضِ الْجَبَّارِينَ بِقُوَّةٍ، وَتَنْفُذَ فِي ذَلِكَ نُفُوذَ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ وَرَفَعَ مِنْ شَأْنِهِ.
 
قَولُه تَعَالَى :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)}

قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمِهُ اللهُ فِي تَفسِيرِهِ........

قَالَ الدَّارِمِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ قَوْمًا كَانُوا خَيْرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا سَأَلُوهُ إِلَّا عَنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً حَتَّى قُبِضَ، كُلُّهُنَّ فِي القُرْآنِ، مِنهُن" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ] البقرة: 217]،" وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ"] البقرة: 222] وَشِبْهُهُ مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ إِلَّا عَمَّا يَنْفَعُهُمْ.

قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمِهُ اللهُ فِي تَفسِيرِهِ........

- قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: السُّؤَالُ الْيَوْمَ لَا يُخَافُ مِنْهُ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ مِنْ أَجْلِهِ، فَمَنْ سَأَلَ مُسْتَفْهِمًا رَاغِبًا فِي الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْجَهْلِ عَنْ نَفْسِهِ، بَاحِثًا عَنْ مَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ فِي الدِّيَانَةِ عَلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَشِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، وَمَنْ سَأَلَ مُتَعَنِّتًا غَيْرَ مُتَفَقِّهٍ وَلَا مُتَعَلِّمٍ فَهُوَ الَّذِي لَا يَحِلُّ قَلِيلُ سُؤَالِهِ وَلَا كَثِيرُهُ.

قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمِهُ اللهُ فِي تَفسِيرِهِ........

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِ هُوَ بَسْطُ الْأَدِلَّةِ، وَإِيضَاحُ سُبُلِ النَّظَرِ، وَتَحْصِيلُ مُقَدِّمَاتِ الِاجْتِهَادِ، وَإِعْدَادُ الْآلَةِ الْمُعِينَةِ عَلَى الِاسْتِمْدَادِ، فَإِذَا عَرَضَتْ نَازِلَةٌ أُتِيَتْ مِنْ بَابِهَا، وَنُشِدَتْ فِي مَظَانِّهَا، وَاللَّهُ يَفْتَحُ فِي صَوَابِهَا.

قال في فَتحِ القَدِيرِ...................

وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ النَّهْيِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا لَا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَةٌ كَمَا قَدَّمْنَا، لِأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا قَدْ أَذِنَ اللَّهُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ فَقَالَ: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ» .
 
قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ .................

وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ أَنْ تَمُرَّ السُّنُونَ وَالْأَحْقَابُ وَتَكِرَّ الْقُرُونُ وَالْأَجْيَالُ ، وَتَتَّسِعَ دَوَائِرُ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ ، وَتَتَغَيَّرَ أَحْوَالُ الْعُمْرَانِ ، وَلَا تُنْقَضُ كَلِمَةٌ مِنْ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ ، لَا فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ ، وَلَا فِي أَحْوَالِ النَّاسِ وَشُئُونِ الْكَوْنِ ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُنُونِ الْقَوْلِ.
 
قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَدَارِجِ السَّالِكِينَ بَيْنَ مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ...

أَفَيَظُنُّ الْمُعْرِضُ عَنْ كِتَابِ رَبِّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ رَبِّهِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ؟ أَوْ يَتَخَلَّصَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ بِكَثْرَةِ الْبُحُوثِ وَالْجِدَالِ، وَضُرُوبِ الْأَقْيِسَةِ وَتَنَوُّعِ الْأَشْكَالِ؟ أَوْ بِالْإِشَارَاتِ وَالشَّطَحَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْخَيَالِ؟
 
جَاءَ في سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاءِ لِلْشَيْخِ الإِمَامِ الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بِشْرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
غَضَبُ اللهِ هُو الدَّاءُ الَّذِي لاَ دوَاءَ لَهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ، أَحْوَجَ اللهُ إِلَيْهِ النَّاسَ.
 
جَاءَ فِي جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللهُ..........
وَفِي «الْبَحْرِ الْمُحِيطِ فِي الْفِقْهِ » لِبَدْرِ الدِّينِ الزَّرْكَشِيِّ رَحِمَهُ اللهُ..........

مَسْأَلَةٌ حَاجَةِ الْكِتَابِ إلَى السُّنَّةِ.............

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الْكِتَابُ أَحْوَجُ إلَى السُّنَّةِ مِنْ السُّنَّةِ إلَى الْكِتَابِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللهُ: يُرِيدُ أَنَّهَا تَقْضِي عَلَيْهِ، وَتُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ. وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ: تَرَكَ الْكِتَابُ مَوْضِعًا لِلسُّنَّةِ، وَتَرَكَتِ السُّنَّةُ مَوْضِعًا لِلرَّأْيِ "

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ.

وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ رَحِمَهُ اللهُ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ: أَنَّ السُّنَّةَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ. فَقَالَ: مَا أَجْسُرُ عَلَى هَذَا أَنْ أَقُولَهُ وَلَكِنْ أَقُولُ: إنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ.
 
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)}

قَالَ ابْنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ................

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْن، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: جَاءْتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّل فَسَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ فَجَرت فَحَبَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ: مَا لَهَا؟ لَهَا النَّارُ! فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَبْكِي، فَدَعَاهَا ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَى أَمْرَكِ إِلَّا أَحَدَ أَمْرَيْنِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} قَالَ: فَمَسَحَتْ عَيْنَهَا، ثُمَّ مَضَتْ .
 
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي إِرْشَادِ الْفُحُولِ إِلَى تَحْقِيقِ الْحَقِّ مِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ:

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُبُوتَ حُجِّيَّةِ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ وَاسْتِقْلَالَهَا بِتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ ضَرُورَةٌ دِينِيَّةٌ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَا حَظَّ لَهُ
فِي دِينِ الْإِسْلَامِ.
 
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرَجُلا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِيَسْأَلَهُ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، نَقُولُ: هِيَ حَلالٌ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: فَإِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا..

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمْرُ أَبِي أَتَّبِعُ أَمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وفي رواية ......{
فَقُمْ لِشَأْنِكَ. }

أخرجَه الإمامُ التِّرْمذي في كتاب الحج ورواه أبو يَعْلَى في مُسنَدِه وابنُ عبد البر في التَّمهيد والطَّحاوي في شَرْحِ مَعَانِي الآثار وابنُ حَزْمٍ في حجَّة الوداع - قال الشَّيْخُ الألبانِيُّ في صحيح سُننِ التَّرمذي: "صحيحُ الإسناد".
 
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلاَّ الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

{ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ...........}
 
جَاءَ فِي كِتَابِ " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ " رَحِمَهُ اللَّهُ..

فَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ الْعَقْلِ عَلَى الشَّرْعِ، وَلَيْسَتِ الْعُقُولُ شَيْئًا وَاحِدًا بَيِّنَاً بِنَفْسِهِ، وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ مَعْلُومٌ لِلنَّاسِ، بَلْ فِيهَا هَذَا الِاخْتِلَافُ وَالِاضْطِرَابُ، لَوَجَبَ أَنْ يُحَالَ النَّاسُ عَلَي شَيءٍ لَا سَبِيلَ إِلَي ثُبُوتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَلَا اتِّفَاقَ لِلنَّاسِ عَلِيهِ.
وَأَمَّا الشَّرْعُ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ قَوْلُ الصَّادِقِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ لِازِمَةٌ لَهُ، لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوِالِ النَّاسِ، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ مُمْكِنٌ، وَرَدُّ النَّاسِ إِلِيهِ مُمْكِنٌ ، وَلِهَذَا جَاءَ التَّنْزِيلُ بِرَدِّ النَّاسِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَي { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى المُؤمِنِينَ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ، وَهَذَا يُوجِبُ تَقْدِيمُ السَّمْعَ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ إِذْ لَوْ رُدُّوا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ عُقُولِ الرِّجَالِ وَآرَائِهِم وَمَقَاييسَهَم وَبَرَاهِينِهِم لَمْ يَزِدْهُ هَذَا الرَّدُ إِلَّا اخْتِلَافَا وَاضْطِرَابَا، وَشَكَّاً وَارْتِيَابَا.
 
قَالَ ابْنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ................

قَالَ قَتَادَةُ: ابْنَ آدَمَ، وَاللَّهِ إِنَّ عَلَيْكَ لَشُهودًا غيرَ مُتَّهَمَةٍ مِنْ بَدَنِكَ، فَرَاقِبْهُمْ وَاتَّقِ اللَّهَ فِي سِرِّكَ وَعَلَانِيَتِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَالظُّلْمَةُ عِنْدَهُ ضَوْءٌ وَالسِّرُّ عِنْدَهُ عَلَانِيَةٌ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ بِاللَّهِ حَسَنُ الظَّنِّ، فَلْيَفْعَلْ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
 
جَاءَ فِي كِتَابِ الْإِفْصَاحِ عَنْ مَعَانِي الصِّحَاحِ- لِلْوَزِيرِ الْعَالِمِ ابْنِ هُبَيْرَةَ رَحِمَهُ اللهُ...

فَكَانَ مِنَ الْحَقِّ أّنَّ بِنِي آدَمَ يَكُونُونَ لِهَذَا الشَّيْطَانَ وَذُرِّيَتِهِ عَلَى أّشَدِّ عَدَاوَةٍ، وَأَعْظَمِ إرْغَامٍ؛ لِأَنَّ
للَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّمَا لَعَنَهُ وَطَرَدَهُ فِيهِم، وَلِأَجْلِهِم، فَلَمَّا اتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقَاً مِنْهُم كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغَضَبِ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا }.
 
قوله تعالى :{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)}

قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ الْوَجِيزِ :

{ فَلَا أَنْسَابَ } عَنْ قَتَادَةَ: لَيْسَ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَى الْإِنْسَانِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِمَّنْ يَعْرِفُ لِأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ,وَقَدْ وَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثُ .
 
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فُنُونِ الْأَفْنَانِ فِي عُيُونِ عُلُومِ الْقُرْآنِ (الْمُتَوَفَّى: 597هـ):

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِالتَّوْحِيدِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ ، وَأَنْزَلَ إِلَيْنَا أَشْرَفَ الْكُتَبِ وَأَحْسَنَ الْكَلَامِ، وَجَعَلَه مُعْجِزَاً فِي الْمَعْنَى وَالَّلفْظِ وَالنِّظَامِ.

مُشْتَمِلَاً عَلَى عُلُومٍ حَارَتْ فِيهَا عُقُولُ الْأَنَامِ، فَمِنْهُ مَا يُوضِّحُ الْحَلَالَ وَيُبيّنُ الْحَرَامَ، وَمِنْهُ وَعْدٌ عَلَى التُّقَى وَوَعِيدٌ عَلَى الْآثَامِ، وَمْنْهُ مَنْسُوخٌ لِلابْتِلَاءِ وَنَاسِخٌ للِإبْرَاِم، وَمِنْهُ مُجْمَلٌ يُنبِّهُ الْفِكْرَ وَمُفَصًّلٌ يَصِحُ لِلأَفْهَامِ، وَمِنْهُ نَصٌ صَرِيحٌ، وَمِنْهُ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَحْكَامِ، وَمِنْهُ مُتَشَابِهٌ يَجِبُ لَهُ التًّسْلِيمُ، وَمِنْهُ مَخْصُوصٌ بِالِإحْكَامِ، وَمِنْهُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ وَاسْتِخْبَارٌ إَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْسَامِ.
 
جَاءَ فِي كِتِابِ أَدَبِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِلمَاوَرْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ..........

حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ - وَأَعْرَابِيٌّ حَاضِرٌ - : مَا أَشَدَّ وَجَعَ الضِّرْسِ ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : كُلُّ دَاءٍ أَشَدُّ دَاءً .
وَكَذَلِكَ مَنْ عَمَّهُ الْأَمْنُ كَمَنْ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ الْعَافِيَةُ ، فَهُوَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ النِّعْمَةِ بِأَمْنِهِ حَتَّى يَخَافَ ، كَمَا لَا يَعْرِفُ الْمُعَافَى قَدْرَ النِّعْمَةِ حَتَّى يُصَابَ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : إنَّمَا يُعْرَفُ قَدْرُ النِّعْمَةِ بِمُقَاسَاةِ ضِدِّهَا .
 
جَاءَ فِي كِتَابِ : الْتَّبْصِرَةَ لِابْنِ الْجَّوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.....................

يَا غَافِلِينَ عَمَّا نَالُوا , مِلْتُمْ عَنِ التَّقْوَى وَمَا مَالُوا , مَا أَطْيَبَ لَيْلَهُم فِي الْمُنُاجُاةِ , وَمَا أَقْرَبَهُم مِنَ طَرِيقِ النَّجَاةِ.
كَانَ بِشْرٌ الْحَافِي طَوِيلَ السَّهَرِ يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَأَنَا نَائِمٌ.

" يَا غَافِلِينَ عَمَّا نَالُوا، لَقَدْ مِلْتُمْ عَنِ التُّقَى وَمَا مَالُوا، قَامُوا فِي غَفَلاتِ الرَّاقِدِينَ فَقُوبِلُوا بِجَزَاءٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْغَيْرُ غَيْرَةً لَهُمْ.......

مَا أَطْيَبَ أَمَلَهُمْ فِي الْمُنَاجَاةِ، مَا أَقْرَبَهُمْ مِنْ طَرِيقِ النَّجَاةِ، مَا أَقَلَّ مَا تَعِبُوا وَمَا أَيْسَرَ مَا نَصَبُوا، وَمَا كَانَ إِلا الْقَلِيلُ ثُمَّ نَالُوا مَا طَلَبُوا.
 
جَاءَ فِي سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاءِ لِلْشَيْخِ الإِمَامِ الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى...........

عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُعْتَزِّ بِاللهِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ....

أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبَهُم مِنَ السُّلْطَانِ، كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ الأَشيَاءِ مِنَ النَّارِ أَسْرَعُهَا احْتِرَاقاً.
مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عزِّ الدُّنْيَا، شَارَكَهُ فِي ذُلِّ الآخِرَةِ.
 
جَاءَ فِي سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاءِ لِلْشَيْخِ الإِمَامِ الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى...........

قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: كَانَ المُعَافَى بنَ عِمْرَانَ صَاحِبَ دُنْيَا وَاسِعَةٍ، وَضِيَاعٍ كَثِيْرَةٍ، قَالَ مَرَّةً رَجُلٌ: مَا أَشَدَّ البَرْدَ اليَوْمَ، فَالتَفَتَ إِلَيْهِ المُعَافَى، وَقَالَ:أَسْتَدْفَأْتَ الآنَ ؟ لَوْ سَكَتَّ، لَكَانَ خَيْراً لَكَ.
قُلْتُ: قَوْلُ مِثْلِ هَذَا جَائِزٌ، لَكِنَّهُم كَانُوا يَكْرَهُوْنَ فُضُولَ الكَلاَمِ، وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الكَلاَمِ المُبَاحِ، هَلْ يَكْتُبُهُ المَلَكَانِ، أَمْ لاَ يَكْتُبَانِ إِلاَّ المُسْتَحَبَّ الَّذِي فِيْهِ أَجْرٌ، وَالمَذْمُوْمَ الَّذِي فِيْهِ تَبِعَةٌ؟ وَالصَّحِيْحُ كِتَابَةُ الجَمِيْعِ، لِعُمُوْمِ النَّصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيْبٌ عَتِيْدٌ} [ق: 18]، ثُمَّ لَيْسَ إِلَى المَلَكَيْنِ اطِّلاَعٌ عَلَى النِّيَّاتِ وَالإِخْلاَصِ، بَلْ يَكْتُبَانِ النُّطْقَ، وَأَمَّا السَّرَائِرُ البَاعِثَةُ لِلنُّطْقِ، فَاللهُ يَتَوَلاَّهَا.
 
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشِّرْحِ :{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}

قَالَ أَبُو السُّعُودِ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ........................

وَفِي كَلِمَةِ مَعَ إِشْعَارٌ بِغَايَةِ سُرْعَةِ مَجِيءِ الْيُسْرِ كَأَنَّهُ مُقَارِنٌ لِلعُسْرِ.

{
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ عِدَةٌ مُسْتَأنَفَةٌ بِأنَّ الْعُسْرَ مَشْفُوعٌ بِيُسْرٍ آخَرَ كَثَوَابِ الآخِرَةِ - وَعَلَيهِ قَوْلُهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ» فَإنَّ المُعرَّفَ إِذَا أُعِيدَ يَكُونُ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ سَوَاءً كَانَ مَعْهُودَاً أَوْ جِنْسَاً ، وَأَمَّا الْمُنَكَّرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّانِي فَرْدٌ مُغَايِرٌ لِمَا أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ.
 
جَاءَ فِي كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ ..

قَالَ الْفُضَيْلُ رَحِمَه اللهُ :

«تُرِيدُ الْجَنَّةَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَتُرِيدُ أَنْ تَقِفَ الْمَوْقِفُ مَعَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِأَيِّ عَمَلٍ وَأَيُّ شَهْوَةٍ تَرَكْتَهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَأَيُّ قَرِيبٍ بَاعَدْتَهُ فِي اللهِ- وَأَيُّ بَعِيدٍ قَرَّبْتَهُ فِي اللهِ»
 
قَوْلُهُ تَعَالَى :{ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)}

قَالَ الرَّازِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ..........

يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ فِي الدُّنْيَا الَّتِي كَانَتْ حَيَاتِي فِيهَا مُنْقَطِعَةً، لِحَيَاتِي هَذِهِ الَّتِي هِيَ دَائِمَةٌ غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ.

وَإِنَّمَا قَالَ: لِحَياتِي وَلَمْ يَقُلْ: لِهَذِهِ الْحَيَاةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَيَاةَ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ إِلَّا الْحَيَاةَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ }[الْعَنْكَبُوتِ: 64] أَيْ لَهِيَ الْحَيَاةُ.
 
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ:

"
ثَلَاثَةٌ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِيهِنَّ سَوَاءٌ: مَنْ عَاهَدْتَهُ وَفِّ بِعَهْدِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، فَإِنَّمَا الْعَهْدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَحِمٌ فَصِلْهَا، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَمَنِ ائْتَمَنَكَ عَلَى أَمَانَةٍ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ " مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا.
 
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد رَشِيد رِضَا رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرِ المَنَارِ لَه .....

وَلَوْ فَقِهُوا أَقْصَرَ سُورَةٍ فِي التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ كَمَا يَجِبُ - وَهِيَ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ - لَمَا وَجَدَ الشِّرْكُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ سَبِيلًا .
 
قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ اجْتِمَاعُ الْجُيُوشِ الْإِسْلَامِيَّةِ على غَزْوِ الْمُعَطِّلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ ......


قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقُلْنَا لِلْجَهْمِيَّةِ حِينَ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ. . قُلْنَا: أَخْبِرُونَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] ، أَكَانَ فِي الْجَبَلِ بِزَعْمِكُمْ؟ فَلَوْ كَانَ فِيهِ كَمَا تَزْعُمُونَ لَمْ يَكُنْ تَجَلَّى لِشَيْءٍ هُوَ فِيهِ بَلْ كَانَ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعَرْشِ فَتَجَلَّى لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، وَرَأَى الْجَبَلَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ
رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقُلْنَا لِلْجَهْمِيَّةِ: اللَّهُ نُورٌ؟ فَقَالُوا: هُوَ نُورٌ كُلُّهُ، فَقُلْنَا لَهُمْ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا }، فَقَدْ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ لَهُ نُورًا، قُلْنَا لَهُمْ: أَخْبِرُونَا حِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهُوَ نُورٌ، فَلِمَ لَا يُضِيءُ الْبَيْتَ الْمُظْلِمَ بِلَا سِرَاجٍ؟ وَمَا بَالُ السِّرَاجُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ الْمُظْلِمَ يُضِيءُ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لِلنَّاسِ كَذِبُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
 
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى:

« لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إِلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتُ؛ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ، ثُمَّ يَعْرِفَ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ، فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيمٌ ».
 
مِن كِتَابِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ لابْنِ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيِّ الْحَنْبَلِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفُنُونِ :

وَمِنْ عَجِيبِ مَا نَقَدْت مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ كَثْرَةُ مَا نَاحُوا عَلَى خَرَابِ الدِّيَارِ ، وَمَوْتِ الْأَقَارِبِ وَالْأَسْلَافِ ، وَالتَّحَسُّر عَلَى الْأَرْزَاقِ بِذَمِّ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ وَذِكْرِ نَكَدِ الْعَيْشِ فِيهِ ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْ انْهِدَامِ الْإِسْلَامِ ، وَشَعَثِ الْأَدْيَانِ ، وَمَوْتِ السُّنَنِ ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ ، وَارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَقَضٍّ فِي الْفَارِغِ الَّذِي لَا يُجْدِي ، وَالْقَبِيحِ الَّذِي يُوبِقُ وَيُؤْذِي ، فَلَا أَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ نَاحَ عَلَى دِينِهِ ، وَلَا بَكَى عَلَى فَارِطِ عُمْرِهِ ، وَلَا آسَى عَلَى فَائِتِ دَهْرِهِ وَمَا أَرَى لِذَلِكَ سَبَبًا إلَّا قِلَّةَ مُبَالَاتِهِمْ بِالْأَدْيَانِ وَعِظَمَ الدُّنْيَا فِي عُيُونِهِمْ ضِدَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَرْضَوْنَ بِالْبَلَاغِ وَيَنُوحُونَ عَلَى الدِّينِ .
 
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد رَشِيد رِضَا رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرِ المَنَارِ لَه .....

وَيَا وَيْلَ مَنْ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ وَحَرَمَهُ تَوْفِيقَهُ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ..............

وَلَوْ وُكِلَ الْعَبْدُ إِلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَاخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ.
 
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد رَشِيد رِضَا رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرِ المَنَارِ لَه .....

وَالْبُعْدُ عَنِ الْقُرْآنِ هُوَ عَيْنُ الْبُعْدِ عَنِ اللهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ .
 
جَاءَ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ لِأَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - :

وَكَذَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكَعْبَةَ تَطُوفُ بِرِجَالٍ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا! ! فَهَلَّا خَرَجَتِ الْكَعْبَةُ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فَطَافَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُحْصِرَ عَنْهَا، وَهُوَ يَوَدُّ مِنْهَا نَظْرَةً؟ ! وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ شَبَهٌ بِالَّذِينِ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [الْمُدَّثِّرِ: 52] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
 
جَاءَ فِي كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ ..................

عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُإِيَّاكَ أَنْ تَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَإِنْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ أَنْ تَعَلِّمَهَا الْقُرْآنَ».
 
جَاءَ فِي كِتَابِ: الرَّقَّةِ وَالْبُكَاءِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا رَحِمَهُ اللهُ...............

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَالَ: كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ إِنْ دَخَلَ بَيْتَهُ بَكَى، وَإِنْ شَهِدَ جَنَازَةً بَكَى، وَإِنْ جَلَسَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ بَكَى وَأَبْكَاهُمْ. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَوْمًا: يَا أَبَهْ كَمْ تَبْكِي؟ وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ النَّارُ خُلِقَتْ لَكَ مَا زِدْتَ عَلَى هَذَا الْبُكَاءِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بُنَيَّ وَهَلْ خُلِقَتِ النَّارُ إِلَّا لِي، وَلِأَصْحَابِي، وَلِإِخْوَانِنِا مِنَ الْجِنِّ أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31] ؟ أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] ؟ فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] قَالَ: فَجَعَلَ يَجُولُ فِي الدَّارِ وَيَصْرُخُ وَيَبْكِي، حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ لِلْفَتَى أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا مِنْ أَبِيكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُهَوِّنَ عَلَيْهِ، لَمْ أُرِدْ أَنْ أَزِيدَهُ حَتَّى يَقْتُلَ نَفْسَهُ "
 
تدبر القرآن ، ذلك العمل الذي غفل عنه كثيرٌ من الناس في هذا الزمان ،وفاتتهم لذته ، لذلك يقرأون القرآن ولا يتأثرون به ، ولا يفقهون مقاصده ومعانيه ، فإذا أردت أن تدل إنساناً إلى سبل الهداية ، فدله على تدبر القرآن ، ليس على قراءته فحسب ، قال الله عز وجل : " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين " والمتقون هم الذين يقرأون القرآن ويتدبرونه كما هو حال الصحابة رضي الله عنهم فإن التدبر يعمل في القلب ليصلح ما أفسدته المعاصي والغفلة وقرناء السوء ، لذلك كثيراً من الناس اهتدى بسبب آية واحدة تدبرها ، أو لأن معناها جلي وبين ، إذا رأيت اهتمامات الناس في هذا الزمان على جميع الأصعدة ونحن في عام 1441 للهجرة من خلال متابعاتهم للقنوات والمعرفات ، ومن خلال مجالسهم ، وأحاديثهم تبين لك سبب ضعف الإيمان ، وقلة العلم ، وكثرة المعاصي ، وانغماس الناس في الشهوات ، والإقبال على الدنيا ، ونسيان الآخرة ، سبب ذلك كله أنهم لا يتدبرون القرآن ، ولهذا قال الله عز وجل : " كتاب أنزلناه إليك مباركٌ ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " . وتدبر القرآن فيه من الأنس واللذة في القلب ما يعجز عن وصفه من جربه ، فكيف بمن لم يجربه ، لهذا يكون أهل الإيمان في مجالسهم في أنس لا يجده أهل الغفلة في ملاهيهم وغفلاتهم ، وتمر الآية فيبكي منها رجلٌ ولا يتأثر بها من بجانبه ، والفرق هنا جلي بين من ذاق حلاوة الإيمان ، وبين من فقدها .
 
فائدة لطيفة سمعتها قديما وعلقت في ذهني، يقول الله تعالى: {إنّ ربّي لطيفٌ لما يشاء}،
لو كانت الاية لطيف لمن يشاء لكان هذا يدل أن لطف الله -جل وعلا- يكون لمن شاء الله لهم اللطف، ومن لم يشأ لهم اللطف فهم محرومون منه.
لكن الآية {لطيف لما يشاء} وهذا يدل أن (كلّ شيء) قد شاءه الله وأراده، ففيه اللطف، فليعلم كل مسلم أن ما أصابه من خير أو شر ففيه لطف من الله، ظهر هذا اللطف أم خفي، فما هو إلا لطف من اللطيف الخبير.
 
جَاءَ فِي كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ ..................

عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدَوِيِّ، فَكُنْتُ أَتَوَقَّى الطِّينَ قَالَ فَدَفَعَهُ إِنْسَانٌ فَوَقَعَتْ رِجْلَهُ فِي الطِّينِ فَخَاضَهُ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْبَابِ وَقَفَ فَقَالَ: «رَأَيْتَ يَا هِشَامُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ يَتَوَقَّى الذُّنُوبَ فَإِذَا وَقَعَ فِيهَا خَاضَهَا» .
 
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ..............

فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ فِيمَا يَكْرَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ قَضَائِهِ لَهُ فِيمَا يُحِبُّ.
 
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}


قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ ......

وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ لِتِلْمِيذِهِ: مَا تَصْنَعُ بِالشَّيْطَانِ إِذَا سَوَّلَ لَكَ الْخَطَايَا؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ. قَالَ: فَإِنْ عَادَ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ. قَالَ: فَإِنْ عَادَ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ. قَالَ: هَذَا يَطُولُ، أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِغَنَمٍ فنبحك كلبها ومنع مِنَ الْعُبُورِ مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أُكَابِدُهُ وَأَرُدُّهُ جَهْدِي. قَالَ: هَذَا يَطُولُ عَلَيْكَ، وَلَكِنِ اسْتَغِثْ بِصَاحِبِ الْغَنَمِ يَكُفُّهُ عَنْكَ.
 
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى........

وَمَنْ طَلَبَ مِنْ الْعِبَادِ الْعِوَضَ ثَنَاءً أَوْ دُعَاءً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُحْسِنًا إلَيْهِمْ لِلَّهِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ ......

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِذَا اصْطَنَعْتَ الْمَعْرُوفَ فَاسْتُرْهُ، وَإِذَا اصْطُنِعَ إِلَيْكَ فَانْشُرْهُ.

جَاءَ فِي كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ ..................

عَنْ يَحْيَى بْنِ الْفُرَاتِ قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: " لَا يَتِمُّ الْمَعْرُوفُ إِلَّا بِثَلَاثَةٍ: بِتَعْجِيلِهِ وَتَصْغِيرِهِ وَسَتْرِهِ "
 
- يَا طالبَ المَجدِ قُم وَاسهَر ... لتُدرِكَهُ فطَالبُ المَجُدِ لَم يقعُد وَلَم يَنَمِ

يَا طَالبَ المَجدِ دوُنَ المَجدِ مَلحَمةٌ ... فِي طَيِّها خُطَّة بالنَّفسِ وَالمَالِ

المَالُ تضبُط في يَديك حسابَهُ ... وَالعُمر تنفِقهُ بغَيرِ حسابِ
 
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَتْحِ.....................

قَوْلُهُ شِرَاكِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ النَّعْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْتَ أَقْرَبُ إِلَى الشَّخْص مِنْشِرَاكِ نَعْلِهِ لِرِجْلِهِ . وَأَنَّهُ السَّيْرُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ إِصْبَعُ الرَّجُلِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ سَيْرٍ وُقِيَ بِهِ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ..........

فِيهِ أَنَّ الطَّاعَةَ مُوصِلَةٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ مُقَرِّبَةٌ إِلَى النَّارِ وَأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ قَدْ تَكُونُ فِي أَيْسَرِ الْأَشْيَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ.
فَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَزْهَدَ فِي قَلِيلٍ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَلَا فِي قَلِيلٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَجْتَنِبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحَسَنَةَ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَلَا السَّيِّئَةَ الَّتِي يَسْخَطُ عَلَيْهِ بِهَا.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِحِمَهُ اللهُ في كَشْفِ المُشْكَلِ مْنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ..............

مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ تَحْصِيلَ الْجَنَّةِ سَهْلٌ بِتَصْحِيحِ الْقَصْدِ وَفِعْلِ الطَّاعَةِ وَالنَّارُ كَذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْهَوَى وَفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ .
 
قالَ في التَّحْرِيرِ وَالتَّنْوِيرِ:

إنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ لِيَكُونَ مَظْهَرَ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ.وَالْأَعْمَالُ إِذَا خَلَتْ عَنْ مُرَاعَاةِ الْمَقَاصِدِ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى اخْتَلَفَتْ مَشَارِبُ عَامِلِيهَا طَرَائِقَ قِدَدًا عَلَى اخْتِلَافِ الْهِمَمِ وَاجْتِلَابِ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ . ومَتَى أُرِيدَ بِهَا رِضَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَفْعِ عَبِيدِهِ كَانَتْ جَدِيرَةً بِالثَّنَاءِ عَاجِلًا وَالثَّوَابِ آجِلًا.
 
جاء في كتاب الزهد للإمام أحمد "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: «بِقَدْرِ مَا تَحْزَنُ لِلدُّنْيَا كَذَلِكَ يَخْرُجُ هَمُّ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ، وَبِقَدْرِ مَا تَحْزَنُ لِلْآخِرَةِ كَذَلِكَ يَخْرُجُ هَمُّ الدُّنْيَا مِنْ قَلْبِكَ».
جاء في كتاب: تسلية أهل المصائب للمنبجي (المتوفى: 785هـ) :
قال الحسن البصري: والذي نفسي بيده، لقد أدركت أقواماً، كانت الدنيا عليهم أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه.
وقال الحسن: رحم الله أقواماً كانت الدنيا عندهم وديعة فأدوها إلى من ائتمنهم عليها ثم راحوا خفافاً.
 
جَاءَ فِي كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ ..................
ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ بِاللهِ: مَنْ إِذَا رِضَيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي الْبَاطِلِ، وَإِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنَ الْحَقِّ، وَإِذَا قَدَرَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَا لَيْسَ لَهُ ".
 
عودة
أعلى