دعوة لاهتمام المفسرين بالبلاغة

إنضم
08/02/2009
المشاركات
614
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
في محاضرة بالجامعة الإسلامية مساء يوم الثلاثاء الماضي​

دعا الدكتور بكري شيخ أمين ( أستاذ البلاغة في جامعة حلب وجامعة الملك عبد العزيز سابقا) في محاضرته وعنوانها ( التذوق البلاغي) إلى اهتمام المفسرين بالبلاغة من خلال إدخال علم البلاغة بالتفسير والدراسات القرآنية فذلك كفيل بالتحليق بهذه العلوم.​

وأكد أن العرب يتذوقون الروائع البيانية منذ أن نزل القرآن الكريم فاستمعوا إليه وأعجبوا ببيانه، مستشهداً بقصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وموقف الوليد بن المغيرة مع النبي صلى الله عليه وسلم. مؤكداً أن ذلك حين لم يتلوث ذوق العرب بأمم شتى ولغات مختلفة فبدأ التحول واللحن في اللغة العربية، فسارع الغيورون إلى تأليف المعاجم وأولها ما تناول الإعجاز البلاغي القرآني، حيث حوت المكتبة السليمانية في اسطنبول أكثر من نصف مليون مخطوط في هذا المجال وجلها مصورة اليوم في مكتبة الملك عبدالعزيز.
وأوضح أن التطلع في العلوم البلاغية أولاً والعلوم الأخرى هي المساعدة على التلذذ بالشوارد. واستشهد بتشابه بعض آيات القرآن ظاهرياً واختلاف المعاني البلاغية فيها، موضحاًَ أن علماء البلاغة يفرقون بين الإيجاز والإسهاب، فكل منهما له وقته ومكانه ومجاله. واستشهد أيضاً بأمثلة شعرية للتلذذ بالذكر، في شعر أحمد شوقي وابن زيدون، والمؤمنون يتلذذون بالذكر من خلال التسبيح، فالبلاغة والقرآن متشابكان لا ينفكان.
مؤكدا أن متذوق الجمال في النصوص الأدبية لا بد أن يكون مرهف المشاعر ممتلكاً لأدوات البلاغة.
و أشار في نهاية المحاضرة إلى أن أدب العصر المملوكي مظلوم كل الظلم بوصفه بـ"عصر الانحطاط" وهي نظرة قاصرة سببها أنه حكم رأساً على هذا العصر بهذه الصفة التي ابتدأها المستشرق الألماني ميلر وتلقفها كثير من العرب.​

 
السلام عليكم
أود ذكر سؤال حيرني ألا وهو
ما علاقة علوم البلاغة (البيان والمعاني والبديع) بالتفسير؟ بمعنى هل يستعان بها على تفسير كلام الله أو أنها علوم للتذوق الجمالي في القرآن فقط؟ وأخص من بينها علم البديع حيث أنه علم محصور في الألفاظ لا في معانيها
وهل هي بمنزلة علم اللغة والإعراب؟
وهل الجهل بها يضر بعالم التفسير؟ خصوصا وأن فيها منافذ لأهل الأهواء لتحريف كلام الله.
ولو وُجدت رسالة علمية متخصصة في هذا الموضوع حبذا رفعها...
وأنا لكم شاكر مثني
والسلام عليكم.
 
إنها دعوة كريمة من شيخ كريم
وللبلاغة دورها العظيم في تفسير القرآن الكريم و أقول لأخي محمد قاسم اترك أهل الأهواء و اقرأ لأبي حيان وابن عطية و أبي السعود
وعندك كتب الشيخ الدكتور محمود توفيق سعد ففيها العلم المفيد وبيان أسرار الكتاب المجيد وأخبرني أخى د سعيد جمعة أنه كتب بحثا يتعلق بالاستفادة من علوم البلاغة في استنباط ا الأحكام الفقهية أو نحو ذلك و أعجب به د محمود توفيق
و الآن يقوم أساتذة جامعة الأزهر ببيان الصور البلاغية في القرآن الكريم
كل أستاذ يتقدم للترقية يكتب في ربع من القرآن وقد أكرمنى الله بكتابة بحث في ربع فلما أحس عيسى منهم الكفر
رقيت به لدرجة أستاذ والحمد لله نسأل ان ينفع به
ودونك بعض الرسائل والكتب منها
خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية للأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني
البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري و أثرها في الدراسات البلاغية أ.د/ محمد أبو موسى دار الفكر العربي
ومنها كتاب" ال حم" للدكتور العلامة محمد أبو موسى في مجلدين
والنبأ العظيم وغيرها كثير
ولابد من قراءة عدة كتب في البلاغة أولا حتى نعرف ماذا يريد أن يقول من يكتب في بيان البلاغة وعلاقتها بالقرآن بارك الله في أخي بلال الجزائري الذي نوه بتلك النصيحة ونفعنا بها
 
أحسنتم بارك الله فيكم
وهل هذه المحاضرة مسجلة أو مكتوبة كي نقرأها إن شاء الله ؟
جزاكم خيرا كثيرا
 
وللبلاغة دورها العظيم في تفسير القرآن الكريم و أقول لأخي محمد قاسم اترك أهل الأهواء و اقرأ لأبي حيان وابن عطية و أبي السعود
وعندك كتب الشيخ الدكتور محمود توفيق سعد ففيها العلم المفيد وبيان أسرار الكتاب المجيد وأخبرني أخى د سعيد جمعة أنه كتب بحثا يتعلق بالاستفادة من علوم البلاغة في استنباط ا الأحكام الفقهية أو نحو ذلك و أعجب به د محمود توفيق
و الآن يقوم أساتذة جامعة الأزهر ببيان الصور البلاغية في القرآن الكريم
بارك الله فيك أخي عبد الحميد
حبذا رفع هذه الكتب
وهل يدل خلو كتاب ابن جرير وكتاب ابن كثير وغيرهما من علوم البلاغة على قلة أهميتها في التفسير؟
وأن علوم البلاغة يؤخذ منها فقط الناحية الجمالية في القرآن؟
وهل تعتبر البلاغة من أدوات الترجيح بين الأقوال المتعارضة؟
وإن كان كلاً من ابن جرير وابن كثير قد تناولا علوم البلاغة في كتابيهما
فهل هناك رسائل علمية بحثت ما تناولاه من مسائلها؟

وشكر الله لكم.
 
بارك الله فيكما تعلمون أن الله تعالى قد فتح على أقوم بالمال وبعضهم بالذرية وبعضهم بالعلم وقد يجمع كل ذلك للبعض و يزيد من فضله
أما نعمة العلم فقد من على بعضهم بعلم السنن والآثار وعلى هؤلاء قد من بعضهم بعلم الرواية وبعضهم بالدراية وهكذا أهل التفسير بعضهم وهبه الله علم الإسناد وفقه الروايات وبعضهم علوم اللغة
و أهلها منهم من نال الحظ الأوفر في الإعراب وبعضهم في تحصيل المفردات والمترافدات وبعضهم بالبلاغة فاهتمام ابن جرير ببعض النواحي و تركه للبعض إنما لحاجة قومه فقد اختصر كتابه بعد أن شق على تلاميذه
ولعله لم يهتم بعلوم البلاغة لأنها لم تكن على المستوى الذي يشجع على الكتابة فيها فهو من طبقة تلاميذ سيدنا الإمام أحمد بن حنبل
وكلما بعد الزمن كلما احتاج الناس إلى بيان فضل العربية وبيان أسرارها كل بما فتح الله عليه فمثلا الواحي النيسابوري كتب ثلاثة تفاسير الوجيز والوسيط و أكبرها البسيط الذي أخبرني عنه أحد إخواني أن سبق الزمخشري في بيان بلاغة القرآن ولا أستبعد انتفاع الزمخشري واستفادته منه
لذا نجد أن التخصص بدأ يظهر في كتابات المفسرين منهم من يكثر من المسائل الفقهية ويفرع ويناقش... وبعضهم يخص تفسيره بيان الإعجاز وما خبر تفسير أبي السعود عنا ببعيد
هل تعلم أن عليه حاشية عدد صفحاته 3000 آلاف صفحة نعم المخطوطة ثلاثة آلاف صفحة يستعد الباحثون في جامعة الأزهر على دراستها كم تبلغ صفحات أبحاثهم؟
أما الحافظ ابن كثير رضى الله عنه فكان من أهل الحديث وجعل اهتمامه بالآثار وصنع مالم يقم به أحد لا قبله ولا بعده فكل ميسر لما خلق له وسوف أذكر بعض الأسرار البلاغية التي كتبته لعلها تصلح لمن يريد أن يتعرف على البلاغة
 
وهذه من مقدمة بحثي
وقد اهتم علماؤنا بهذا الفن وبالغوا في استقصاء المسائل البلاغية ليوضحوا إعجاز القرآن الكريم ولله در الإمام بدر الدين الزركشي الذي قال : وهو أرق من الشعر وأهول من البحر وأعجب من السحر وكيف لا يكون وهو المطلع على أسرار القرآن العظيم الكافل بإبراز إعجاز النظم المبين ما أودع من حسن التأليف وبراعة التركيب وما تضمنه في الحلاوة وجلله في رونق الطلاوة مع سهولة كلمه وجزالتها وعذوبتها وسلاستها ولا فرق بين ما يرجع الحسن إلى اللفظ أو المعنى...[1] وسوف نجمل القول في موضوع بحثنا و نأخذ تلك الصور البلاغية مسلمة من أئمة الفن,
لاشية فيها ونترك التعريفات والترجيحات والمناقشات فلكل مقام مقال وقد برع أئمة الدين في ذلك الفن وجعلوا تعلمه شرطا لمن تصدي للتفسير و ضمنوه علم التفسير, واستخرجوا منه كل جدير وأبدعوا في ذلك غاية الإبداع.
يقول الإمام عبد القاهر الجرجانيّ : وجملةُ الأمر أنك لن تعلمَ في شيءٍ منَ الصّناعات علماَ تُمِرُّ فيه وتُحلي حتى تكونَ ممن يعرفُ الخطأ فيها منَ الصَّواب ويفصلُ بينَ الإِساءةِ والإِحسانِ بل حتّى تُفاضِلَ بينَ الإِحسان والإِحسان وتعرفَ طبقاتِ المُحسِنين وإِذا كان هذا هكذا علمتَ أنه لا يكفي في علم الفصاحةِ أن تنصبَ لها قياساً وأن تصفَها وصفاً مُجملاً وتقولَ فيها قولاً مُرسَلاً . بل لا تكون من معرفتها في شَيْءٍ حتى تُفَصَّلَ القولَ وتُحَصَّلَ وتضعَ اليدَ على الخصائصِ التي تعرضُ في نظمِ الكلمِ وتعدَّها واحدةً واحدةً وتسمَّيَها شيئاً شيئاً . وتكون معرفتُك معرفةَ الصَّنَع الحاذقِ الذي يعلمُ علمَ كلَّ خيطٍ منَ الأبريسَم الذي في الدِّيباج وكلَّ قطعةٍ منَ القطع المَنْجورة في الباب المُقَطَّع وكلَّ آجُرَّةٍ منَ الآجُرِّ الذي في البناء البديع
وإِذا نظرتَ إلى الفصاحة هذا النظرَ وطلبْتَها هذا الطلبَ احتجتَ إلى صبرٍ على التأملِ ومُواظبةٍ على التدبُّر ...[2].
وإنه من المقرر لدينا أن من أعظم وجوه إعجاز القرآن الكريم أنه بنظمه وصحة معانيه ، وتوالى فصاحة ألفاظه ؛ وذلك أن الله أحاط بكل نشئ علماً وأحاط بالكلام كله علماً ، فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظه تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره . ونحن على يقين بأن كل كلمة من كتاب الله تعالى خالصة من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللغوي فلن نطيل في ذكر ذلك بالتفصيل بل نذكر ذلك إجمالاً أما بلاغة الكلام فهي مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته[3] وسوف نبين الصور البلاغية التي تبين إعجاز القرآن الكريم.

[1] البرهان في علوم القرآن للإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي 2/382تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم
الطبعة : الأولى ، 1376 هـ - 1957 م دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

[2] دلائل الإعجاز للإمام أبي بكر عبد القاهر بن عبدالرحمن بن محمد الجرجاني صـ48 دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الأولى ، 1995 تحقيق : د.محمد التنجي

[3] ومقتضى الحال مختلف فإن مقامات الكلام متفاوتة فمقام التنكير يباين مقام التعريف ومقام الإطلاق يباين مقام التقييد ومقام التقديم يباين مقام التأخير ومقام الذكر يباين مقام الحذف ومقام القصر يباين مقام خلافه ومقام الفصل يباين مقام الوصل ومقام الإيجاز يباين مقام الإطناب والمساواة وكذا خطاب الذكي يباين خطاب الغبي وكذا لكل كلمة مع صاحبتها مقام إلى غير ذلك " الإيضاح في علوم البلاغة للإمام جلال الدين أبي عبدالله محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني صـ13 دار إحياء العلوم – بيروت الطبعة الرابعة ، 1998
 
وهذا بيان لبعض الصور البلاغية في قوله:
قوله تعالى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) " فَلَمَّا " لفاء هي الفاء الفصيحة، إذ أفصحت عن جُمل محذوفة اعتماداً على تفصيلها في آيات أخر أو على فهم السامع أي أُرسل عيسى عليه الصلاة و السلام وبلغ الرسالة . وأراهم الآيات ودعاهم إلى الإيمان به وطاعته فكفروا به فلما أحس منهم الكفر قال ...[1] وداعي الحذف هنا الإيجاز والتخفيف لكثرة دوران مثل هذا الاستعمال,[2][3]. والذوق هنا قد أدرك بلاغة الإيجاز وروعة الإعجاز,الذوق والفهم يبين لنا أسرار هذا الحذف ولكل سامع أن يتخيل كيف كان حال سيدنا عيسى عندما أُرسل إلى قومه كيف بلغ؟ ماذا حدث له؟ طويت كل الأحداث وجيء بما لا يتوقع منهم.
" فَلَمَّآ أَحَسَّ " أي علم علماً ظاهراً كعلم ما يدرك بالحواس[4] ففيه استعارة تبعية[5] للعلم بلا شبهة حيث شُبه العلم الجلي الذي لا شُبهة فيه شَبهه بالعلم الحاصل بالإحساس فجعله إحساساً واشتق له لفظ أحس إذ الكفر أمر معنوى لا يحس[6] ففي هذا بيان أنه ظهر منهم الكفر ظهوراً بيناً لأصحاب الحواس فما بالك بأصحاب العقول والألباب مثل سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام؟.
" مِنْهُمُ الْكُفْرَ " ضمير" مِنْهُمُ" عائد إلى معلوم من المقام يفسره وصف الكفر. وتقديم الجار والمجرور" مِنْهُمُ" على المفعول الصريح-" الْكُفْرَ " - للاعتناء بالمقدم " مِنْهُمُ" وهم قومه من بني إسرائيل فقد كان الأولى بهم إتباعه ونُصرته لا تكذيبه و الغدر به ,وكنا نتوقع أن يرى منهم الإيمان و النُصرة, فأي قوم هؤلاء وأي فعل هذا الذي فعلوه!
ومِن في قوله " مِنْهُمُ " لابتداءِ الغاية، أي: ابتداءُ الإحساسِ صادر مِنْ جهتهم.
" قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ" جملة طلبية أُريد بها وجوب تحقيق ما طلب ، وإضافة الفاعل إلى المفعول بحذف مضاف أي أنصار دين الله , والمقول لهم الحواريون كما يشير إليه قوله تعالى في سورة الصف" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ:14"
و "أل" في " الْكُفْرَ ": للاستغراق أو للعهد هو كفرهم بالإعراض عن الحق والغدر برسول الله عيسى عليه السلام.
" قَالَ مَنْ أَنْصَارِي " " مَنْ " للسؤال عن التصور والجواب بالتصديق ولم يستفهم بما يفيد التصديق فلم يقل هل تنصروني ؟ وهم أجابوا بما يُفيد التصديق والجواب أن " مَنْ " وإن كان سؤلاً عن التصور فالسائل بها تارة يجزم بحصول منهم , ولكن يسأل عن تعينه فسيدنا عيسى قال ذلك راجياً من الله تعالى إقامة ناصر له, سائلاً عن عينه,فهو سؤال عن التصديق والتصور ولكن أخرجه مخرج التصور ثقة بالله وأدباً مع الله ومع السامعين, فكان الأكمل في حقه السؤال عن التصور وجعل السؤال عن التصديق مطلوباً فيه, والحواريون تفطنوا لذلك فأجابوا بالتصديق ليحصلوا المقصودين معاً فكأنهم قالوا من ينصرك هم نحن... [7]
"إِلَى اللَّهِ " النصر لا يتعدى بإلى ففيه أوجه
الأول : "إِلَى اللَّهِ " متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حال من الياء في "أنصاري" أي: مَنْ أنصاري ذاهباً إلى الله أي إلى تبليغ شريعته أو ملتجئاً إلى الله.
والثاني : التقدير : من أنصاري إلى أن أبين أمر الله تعالى ، وإلى أن أظهر دينه ويكون إلى ههنا غاية كأنه أراد من يَثبت على نصرتي إلى أن تتم دعوتي ، ويظهر أمر الله تعالى
الثالث : فيه تضمين[8] أي أن أنصاري مُضمناً معنى الإضافة والمعنى مَنْ أنصاري إلى الله، أي يضيفون نصرتهم إلى نصرة دين الله ومحاربة عدوه
الرابع : أن يكون المعنى من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه ،
الخامس : أن يكون " إِلَى "بمعنى اللام كأنه قال : من أنصاري لله.
السادس : تقدير الآية : من أنصاري في سبيل الله . و ( إلى ) بمعنى ( في ) جائز[9]. فهذه بلاغة القرآن وهذه هي اللغة العربية لغة القرآن فالقرآن حمَّال ذو وجوه وهذه وجوه ارتضاها علماء النحو ووافقت المعنى الصحيح فأي توجيه في هذه الأوجه تقبل ولم نجد تكلفاً في عرض تلك الأقوال بل كلها لها سرها وبلاغتها.
هذا وقد استشكل أن عيسى عليه السلام لم يكن مأموراً بقتال فما معنى طلبه الأنصار؟ فنقول إنه عليه الصلاة و السلام لما علم أن اليهود يريدون قتله و مكروا مكرهم استنصر للحماية منهم و منعهم من قتله فهولم يستنصر للقتال معهم على الإيمان بما جاء به وهذا هو الذى لم يُؤمر به لا ذلك بل ربما يدعى أن ذلك مأمور به لوجوب المحافظ على حفظ النفس[10]


[1] إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم للعلامة أبي السعود محمد بن محمد العمادي 2/41 دار إحياء التراث العربي بيروت

[2] وللإيجاز أهمية القصوى فمدرك الإعجاز كما يرى الإمام السكاكي هو الذوق وقد قيل: إيجاز الإيجاز نهاية الإعجاز. "مفتاح العلوم صـ 416 أصول التفسير للشيخ خالد العك صـ308 "

[3] هذا و الإيجاز نوعان : إيجاز بالحذف وإيجاز القصر[3] وهو ما ليس بحذف ولكن بسبب قصر العبارة مع كثرة المعنى فمن محاسن التنزيل الكريم وبلاغته الخارقة هو الإيجاز في الأنباء التي يقصها والإشارة منها إلى روحها وسرها حرصاً على الثمرة من أول الأمر واقتصار على موضع الفائدة وبعداً عن مشرب القصاص والمؤرخين لأن القصد من قصصه الاعتبار والذكرىمحاسن التأويل للإمام جمال الدين القاسمي 14/4999علق عليه محمد فؤاد عبد الباقي ط الحلبي .


[4] مستفاد من الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للإمام أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري 1/393 تحقيق عبد الرزاق المهدي الناشر دار إحياء التراث العربي بيروت.و التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور. 2/255 الدار التونسية للنشر - تونس 1984
والحواس الخمس هي وهى الذوق والشم واللمس والسمع والبصر

[5] الاستعارة هي اللّفظ المستعمل في غير ما وُضِع له لعلاقة المشابهة ".الاستعارة التبعيّة، وهي التي يكون اللفظ المستعار فيها فِعْلاً أو اسماً مشتقاً، أو حرفاً من حروف المعاني"البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها عبد الرحمن الميداني صـ642 .

[6] مستفاد من حاشية الشهاب 3/56 المسماة بـ"عناية القاضي وكفاية الراضي على تفسير البيضاوي" للعلامة شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي.الناشر دار الكتب العلمية بيروت.


[7] فتاوى السبكي للإمام تقي الدين على بن عبدالكافي السبكي 1/38 بتصرف دار المعرفة بيروت.

[8] هو تضمين كلمة معنى كلمة أُخْرى ، وجَعْلُ الكلام بعدها مَبْنيّاً على الكلمة غير المذكورة، كالتعدية بالحرف المناسب لمعناها...و هو فَنٌّ رَفيعٌ من فنون الإِيجاز في البيان " البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها صـ502"

[9] إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم للإمام أبي السعود محمد بن محمد العمادي 2/42 دار إحياء التراث العربي بيروت.حاشية القونوى على البيضاوي للإمام عصام الدين إسماعيل بن محمد الحنفي ومعه حاشية ابن التمجيد للإمام مصلح الدين مصطفي بن إبراهيم الرومي الحنفي 6/163 ,164 حققه عبد الله محمود محمد عمر الطبعة الأولى1422 هـ -2001 م .دار الكتب العلمية بيروت . مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي 8/56 الناشر دار الكتب العلمية سنة النشر 1421هـ - 2000م

[10] مستفاد من روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني.
للعلامة شهاب الدين محمود الألوسي 3/176 المنيرية الطبعـة الأولى – سنة 1985
 
وقلت في
الخاتمة
* أطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة وأن الاستعارة أبلغ من التصريح بالتشبيه وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة وأن الكناية أبلغ من الإفصاح بالذكر[1] .
والمقصود أن الجملة التي فيها مجاز أفضل منها نفسها إذا خلت من المجاز فلا يقارن بين آية فيها مجاز و آية أخري لا تشبهها بل نقول ولو فرضنا خلو تلك الجملة من المجاز لفات كذا وكذا فالقرآن الكريم قد جاء على أفصح أسلوب وأبلغ كلام. وهذا ما رأيناه في دراستنا تلك.
* فعلم المعاني وما اشتمل عليه ذلك الربع من فن علم المعاني أمر ظاهر البيان في بيان إعجاز القرآن فمثلاً الفصل والوصل ففصل لسر ووصل لسر و القصر باب واسع ، وما حصر في موضع دون حصره في موضع آخر إلا لنكتة بلاغية ودلالة معنوية يثبتها السياق في مضمونه وبين طياته.
* و الالتفات له أثره في جذب الانتباه وكذلك بقية الصور-والاظهار في مقام الإضمار والحذف والتكرار لها أهميتها في بيان القرآن الكريم كما مر بنا في حينه
* وعلم البديع له تأثيره في قلب السامع وله فضل في عقله أيضا فلا يخلو مثل مما رأيناه في بحسنة من المحسنات البديعية لم تخل من فائدة معنوية.
* من أجل وجوه إعجاز القرآن الكريم الإعجاز البلاغي فهو إعجاز فيّاض عظيم التدفّق لا يقع في حصر.. وسبيل التعرّض لأسراره لا يقف عند حد في كلمة أو جملة ، فقد بلغ القرآن الكريم في وضع الكلمات الوضع الذي تستحقه في مكانها المناسب. ولم يكتف القرآن الكريم الذي وضع اللفظة بمراعاة السياق الذي وردت فيه بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها في القرآن الكريم كله. فنرى التعبير متسقاً متناسقاً مع غيره من التعبيرات.وهذا ما رأيناه من خلال معرفة مراعاة الكلام لمقتضى الحال.

[1] الإيضاح في علوم البلاغة صـ310


*- مما شد انتباهي في هذه الدراسة أن أهل البلاغة وأهل التفسير قد تأدبوا بأدب رفيع عند الحديث عن ذي الجلال والكمال , فلم نجد لأحد منهم قد أجرى استعارة أو وضح كناية عند الحديث عن الصفات الخبرية التي أولها أهل التأويل فجل قولهم هذا مجاز عن كذا هذه كناية عن كذا فيه مجاز... وهذا درس لنا لنتعلم كيف نتحدث عن جلال الله جل الله في علاه.فكل ما خطر ببالك فالله أعظم من ذلك. فنحن نؤمن بالله وما جاء عن الله على مراد الله كما قال الشافعي ولم نجد أي تكلف في بيان عظمة الله العظيم لا يحيطون بشيئ من علمه سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
 
البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري و أثرها في الدراسات البلاغية أ.د/ محمد أبو موسى دار الفكر العربي
أخي الكريم عبد الحميد
هل توجد دراسة عن أثر البلاغة القرآنية في التفسير خصوصاً؟
وهل لو خلا تفسير الزمخشري من قضايا البلاغة سيُنقص ذلك من أهمية تفسيره؟
وهل علوم البلاغة كانت مرتعا خصبا لانحرافات الزمخشري في التفسير؟
وشكر الله لكم.
 
بارك الله فيكم وأثابكم وسددكم.

وعلم البلاغة من العلوم المهمة للمفسر، لكن من الخطر على من لم يعرف أصول التفسير وقواعده أن يتعاطى التفسير بما عرف من أبواب البلاغة فيقع في أنواع من الانحراف، ويقول في كتاب الله بغير علم، وأكثر ما يقع انحراف هؤلاء في التخريج البلاغي، وله أمثلة في بعض التفاسير.
 
عودة
أعلى