درّة قلّ أن تسمع ، للأب الناصح/محمد محمد المختار الشنقيطي .

إنضم
13/06/2008
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ورد إلى الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي في أحد دروسه هذا السؤال :


هنا اقتراح يقول: لو كان هناك بعض الأسئلة من قِـبَـل الشيخ في نهاية كل درس؛ وذلك لأمرين: حتى يعرف مدى فهم الطلاب وإدراكهم للدرس، ولتمرين الطلاب على المسائل وحلّها ومعرفتها، وجزاكم الله خيراً.

فأجاب رفع الله قدره ونفع به الأمّة :




أقول: جزاك الله خيراً على هذا، و-الاقتراحات- شيء طيب حقيقةً وإذا كان أحد يريد أن يرى رأياً في أمر فيه مصلحة للجميع فهذا لا شك أنه من النصيحة,وجزى الله الأخ الفاضل على هذا الاقتراح خيراً، لكن عسى الله أن يعيننا عليه.

هذا الاقتراح محل نظر.!
أولاً: تعرفون أن الدرس نصف شهري، والوقت ضيق جداً.
والأمر الثاني: أنا أمتنع من السؤال لأمور:
أولاً: أنه فتنة للمسئول، فقلَّ أن تجد طالباً يقوم يجيب أمام إخوانه، ويسلم من الرياء وحظوظ النفس ووساوس الشيطان، وأنا أقول: قلّ؛ لأن أكثر النفوس ضعيفة، ولعل أن يكون هناك نوادر، لكن هذا أمر آخر، أما الغالب: الفتنة، ولا يجيب أحد غالباً إلا ويفتن، فلو أن إنساناً سلم.
يبقى الإشكال في أمر آخر وهو: لو أني اخترت أحداً يجيب، فسألته فلم يستطع أن يجيب فماذا تتوقعون؟
قد تضعف همته، وتنكسر نفسيته، وقد يقول: الشيخ ينظر إليّ نظرة أخرى، ولن أحضر الدرس مرة أخرى، وقد وقع من ذلك شيء لزملاء أعرفهم.

الأمر الثالث: الطالب حينما تقيمه فيجيب، يحتاج عشر دقائق -الله المستعان- حتى يتهيأ للسؤال، فتصتك القدمان، ويتلعثم اللسان، ويبلع ريقه، ويجلس فترة حتى يستطيع مواجهة الجمهور، وهذا أمر صعب، وخاصة أن الإنسان قد يكون لأول مرة يجيب في محضر، ويضيع الوقت، ثم قد تكون إجابته ناقصة.

وأنا حقيقة أراعي ما كنا عليه على أيام مشايخنا، فقد كانوا يستحبون أن لا يتكلم الطالب في مجالس العلم؛ لأن ذلك أدعى للهيبة، وأحفظ لحرمة الدرس، ولكم عليّ -إن شاء الله- ما أخرج من هنا حتى أجيب آخر سائل.
وأنا أقول: هذه الطريقة اجتهاداً مني، وقد يكون العلماء والمشايخ والفضلاء لهم طريقة أخرى للمناقشة، لكن الذي أراه: أن نلقي الدروس ونلقي الفوائد، فيذهب الطالب إلى بيته مخلصاً لوجه الله عز وجل، يضع كتابه ودفتره أمامه ويراجع ويحرر، ويرى اثنين من طلاب العلم يسهر معهم أو يراجع معهم أسبوعياً، وإذا به بإذن الله عز وجل قد ضبط العلم وأتقنه.

أما أن يحُرَج أو يجيب أمام الناس فهي في الحقيقة تذهب الحرمة، وأنا أقول من باب الفائدة:
لا أذكر أني تكلمت خلال أكثر من عشر سنوات بين يدي أبي إلا مرة أو مرتين، سألت سؤالاً فقط، وأما غيره فلا ولله الحمد لأنه أدعى للحرمة وأدعى للهيبة، والإنسان الذي هو طالب علم يركز، ويتعود على الفهم بالإلقاء، ولذلك يقولون: درجات الفهم أعلاها وأرقاها: أن يكون الإنسان عنده استيعاب من نفسه، لا من خارج؛ لأن قضية المناقشات والحوار صحيح أنها تحرك الطالب، لكن تحركه متى ما كان الحوار موجوداً، لكن إذا كان طالب العلم الكامل تحركه العلوم وتحركه الفوائد والحكم، وكان متفاعلاً مع ذات العلم لا لمناقشة، فهذه أصالة في الفهم، وقوة في شخصية طالب العلم، وهذا رأي ووجهة نظر، وقد تختلف آراء العلماء، وكلٌ له وجهة نظر، وصحيح أن الحوار فيه فوائد؛ منها: أن الطالب يكمّل نقصه، كما يقولون: يتشجع على مواجهة الناس، وهذه عليها ملاحظة؛ لأن كل ما كان طالب العلم ينتظر من الله أن يفتح عليه فهذا أفضل، والله ما كنا نستطيع أن نقف أمام شخص أو شخصين، وكان يقال: المفروض أنك تتهيب أن تقف أمام الناس، وكان الوالد يقول لي كلمة واحدة، وأقول لكل طالب علم:
اصبر، فإن كان عندك علم يراد به وجه الله فسيخرجك الله ولو بعد حين، وسيقيض لك من يأخذ عنك العلم، ويقيض لك من ينتفع بك، ويقيض لك من يحبك ويصدق حتى في علمه وتعليمه والأخذ عنه هذا أمر يرجع إلى معاملة الإنسان مع الله عز وجل، وهي أسباب، قد تختلف فيها وجهات النظر، لكن أنا أرى الأخذ بالاحتياط والسلامة، هذا في وجهة نظري، خاصة أن الوقت ضيق جداً، وتصوروا لو أننا جلسنا نصف ساعة نناقش لذهب نصف وقت الدرس، وقد يكون الطالب في بعض الأحيان يحب أن يناقش، يعني تأتي تسأله وإذا هو الذي يسألك، وتأتي تستذكر معه -مثلاً- وإذا هو الذي يذاكرك، فقضية المناقشة لها سلبيات عديدة، وقالوا أيضاً عنها: إنها تجرئ بعض طلاب العلم الذين لا يحسنون وتبرزهم في الناس، فعندما يتعود الإنسان على الجرأة ويفتح له المجال في حلق العلم، قد يتجرأ على الفتوى، وقد يتجرأ على العلم، ولذلك تجد بعض النوعيات التي تكون بهذه المثابة تضر بنفسها وتضر بغيرها. على العموم: هذه وجهة نظر، لكن لو ترجح عندك أنك تناقش وتناظر، فكل له مشربه. ونسأل الله العظيم أن يرينا الصواب وأن يوفقنا له. والله تعالى أعلم.[/COLOR

كثّر الله من أمثاله

أحببت ذكرهـا ، لعم الفائدة ، وتوقظ القلوب ، وينبه الغافل !

وقد أرفقت ملفاً صوتياً للسؤال بصوت الشيخ .



أوصلنا الله لمقاماتهم وعلمنا ما ينفعنا .
 

اصبر، فإن كان عندك علم يراد به وجه الله فسيخرجك الله ولو بعد حين، وسيقيض لك من يأخذ عنك العلم، ويقيض لك من ينتفع بك، ويقيض لك من يحبك ويصدق حتى في علمه وتعليمه والأخذ عنه

تكتب بماء الذهب، جعلنا الله في إثرهم وزيادة، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل.
 
جزى الله الشيخ والناقل خيرا الجزاء
وأشير إلى أن طريقة طرح السؤال على المتعلمين من الطرق المفيدة في التعليم والمذاكرة، وهي قبل ذلك منهج نبوي كما جاء ذلك في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (أتدرون من المفلس؟ ، ما تعدون الرقوب فيكم؟ ، إن من الشجر شجرة مثلها مثل المسلم، أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ ..إلخ)، وقد أكد التربويون على ذلك وما تشتمل عليه من المزايا.
ولعل مما ميز الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله على كثير من معاصريه في حسن التعليم استعماله هذه الطريقة كثيرا مع طلابه، بل كان يتعدى ذلك إلى المحاضرات العامة في المساجد.
 
جزاك الله خيرا.

ملاحظة: لست ممن يهتمون كثيرا بالألقاب التي يطلقها التلاميذ على مشايخهم. غير أن استعمال لقب (الأب) يستفزني كثيرا رغم المعنى اللغوي السليم لهذه الصفة، وذلك بسبب استعمالها من قبل المسيحيين المشركين في حق الله سبحانه وتعالى عن ذلك.
 
ما شاء الله ..
نحن بحاجة لهذا الكلام المهم، وهذا التنبيهات الجديرة بالتأمل والاعتبار.
فكم ضاعت من الأوقات والنيات بسبب فتح باب الأسئلة على مصراعيه.
وما ذكره الشيخ خالد الباتلي تنبيه جيد، إلا أن لكل مقام مقالا، فالمعلم إذا كان يعرف تلاميذه واحدا واحدا فإنه يستطيع أن يختار الطريقة المناسبة لهم في إيصال المعلومة، والمنهجية الأنسب في حصول المقصود، أما مع طريقة الدروس العامة فيختلف الوضع، ويترجح -عندي- المنهجية التي سلكها العلامة محمد المختار -حفظه الله- .
 
عودة
أعلى