حسن الاسامي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم .
إشارة : ما يأتي تدبر أرجو أن أكون موفقا فيه. أسألكم النصح والدعاء.
لما أخبر الله سبحانه نبيه موسى عليه السلام أن قومه اتخذوا العجل من بعده رجع إلى قومه غضبان أسفا وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب ثم قال :
" قَالَ رَبِّ اغْفِرْلِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"(الاعراف - 151)
فوقفت عند هذه الآية طويلا وراجعت فيها أزيد من 50 تفسير كلهم أو جلهم يقول أن موسى استغفر لما وقع منه من الغضب ولأخيه إن كان منه تقصير في الإنكار على عبدة العجل ودفعاً للشماتة عنه. ولكنه عليه السلام، وهذا ما لم يشر إليه بعض المفسرين، لم يستغفر ويسأل الرحمة لقومه وهو الرسول صلى الله عليه و سلم. فكأنه سد باب المغفرة عما سواهما من قومه واستبعدهم من رحمة الله. وهذا ما استوقفني في الآية فقلت : إن كان هذا تقصيرا منه فلأنه دعا هو لا يزال غضبانا.
فحين ذهب موسى عليه السلام إلى ربه أضافه خير ضيافة، وأكرمه وقربه وكلمه، وأصغى إلى عبده يسأله أن ينظر إليه.. وفي كل هذا الوقت وهو يعلم ما صنع قوم موسى من بعده، ورغم ذلك لم يحس موسى عليه السلام بشيء ولم ير من ربه غضباً وهو الكريم سبحانه حتى أخبره بألطف عبارة : "فإنا قد فتنا قومك من بعدك و أضلهم السامري". ورغم صنيع القوم ورد نِعم الله بالكفر لم يُيَئسهم ربهم من رحمته وأرسل نبيه اليهم بالألواح "وفي نسختها هدًى ورحمةً". فانظر إلى موسى عليه السلام يحمل رحمة الله إلى قومه ثم لا يسألها إلا لنفسه وأخيه.. هذا كله من الغضب.. والله أعلم.
فبين الله لموسى ولنا في الايتين التاليتين أن مغفرته ورحمته لا تقتصر على موسى وأخيه :
"إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِالدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)"
فبين الله سبحانه عظم الذنب الذي جاءوا به، ولكن الذنب رغم عظمه يبقى سيئة، ومن تاب بعد ما أساء تاب الله عليه: "وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)". وتحتمل الآيتان معنى آخر: أي أن الله فصل في حكمه بين الذين اتخذوا العجل فلا مغفرة تنالهم ولا رحمة لما يعلم الله من إصرارهم وبين الذين أساءوا حين اتبعوهم أو لم يمنعوهم أولئك لهم المغفرة والرحمة إذا تابوا، وقد قالوا قبل ذلك :
"وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواقَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(149)".
لكن طلب الإستغفار والرحمة بقي معلقا حتى يستغفر لهم رسولهم، لأنهم خالفوه فيما أمرهم به والله أعلم. فهم عصوا الله حين عبدوا العجل وعصوا رسولهم حين أخلفوا موعده، والله يرسل رسله ليطاعوا بإذنه، كما قال الله عن المنافقين :"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا" (النساء-64)
ثم قال سبحانه :"وَلَمَّاسَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)".
هذه الآية تدل على أن ما صدر من موسى قبلها من إلقائه الألواح وأخذه برأس أخيه ودعائه كان في حال غضبه.
"وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّاأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَاوَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) "
فانظر إلى جلال هذا الكلام وعظمته، فكأن الله سبحانه لما بين لموسى أن رحمته لا تقتصر عليه وعلى أخيه امتحنه ليعلم هل تبين لموسى ذلك أم لا. فكانت الفتنة (أو الابتلاء) أن أخذت الرجفة سبعين رجلا من قوم موسى، وهؤلاء كانوا من خيار قومه. فلو ظل موسى عند سؤاله أن تقتصر الرحمة عليه وعلى أخيه، لم يكترث بما أصاب غيرهما. فقال عليه السلام:
"قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ(155)"
ومن المفسرين من فسر ما أصاب السبعين بالصاعقة التي أصابت قوم موسى لما قالوا له : "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ "(البقرة - 55) وهذا والله أعلم بعيد لأمرين :
الأول أن الصاعقة تكون من السماء والرجفة تكون من الأرض.
الثاني أن الصاعقة أصابتهم قبل اتخاذ العجل:"يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا"(النساء – 153).
"قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ" فاعترف موسى بالذنب منه ومن بني إسرائيل. فكل ابن ادم خطاء، وكل مخطئ منيب مستغفر يستحق مغفرة الله و رحمته.
"أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا" فكل من أذنب سفها بغير علم ثم تاب واستغفر استحق مغفرة الله ورحمته، لكن من عاند و كابر.
تم تحريره ... بواسطة المشرف عبدالرحمن الشهري
"فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ(155)"
فسأل موسى عليه السلام ربه أن يغفر له ولأخيه ولقومه وأن يرحمهم.
"وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَالَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)"
فانظر كيف يذكر الله نبيه موسى في هذا المقام أنه سيجعل رحمته لمن اتبع نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من قوم موسى رفعا لشأن نبينا صلى الله عليه وسلم. فهو الرحمة المهداة من الله سبحانه ليس لقريش وأمة موسى فقط، بل للعالمين. فالحمد لله الذي جعلنا من أمته. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم بأمته من موسى بقومه، بل هو أرحم بقوم موسى من موسى بهم و الله أرحم منهما بعباده و الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، الذي سبقت رحمته غضبه
إشارة : ما يأتي تدبر أرجو أن أكون موفقا فيه. أسألكم النصح والدعاء.
لما أخبر الله سبحانه نبيه موسى عليه السلام أن قومه اتخذوا العجل من بعده رجع إلى قومه غضبان أسفا وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب ثم قال :
" قَالَ رَبِّ اغْفِرْلِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"(الاعراف - 151)
فوقفت عند هذه الآية طويلا وراجعت فيها أزيد من 50 تفسير كلهم أو جلهم يقول أن موسى استغفر لما وقع منه من الغضب ولأخيه إن كان منه تقصير في الإنكار على عبدة العجل ودفعاً للشماتة عنه. ولكنه عليه السلام، وهذا ما لم يشر إليه بعض المفسرين، لم يستغفر ويسأل الرحمة لقومه وهو الرسول صلى الله عليه و سلم. فكأنه سد باب المغفرة عما سواهما من قومه واستبعدهم من رحمة الله. وهذا ما استوقفني في الآية فقلت : إن كان هذا تقصيرا منه فلأنه دعا هو لا يزال غضبانا.
فحين ذهب موسى عليه السلام إلى ربه أضافه خير ضيافة، وأكرمه وقربه وكلمه، وأصغى إلى عبده يسأله أن ينظر إليه.. وفي كل هذا الوقت وهو يعلم ما صنع قوم موسى من بعده، ورغم ذلك لم يحس موسى عليه السلام بشيء ولم ير من ربه غضباً وهو الكريم سبحانه حتى أخبره بألطف عبارة : "فإنا قد فتنا قومك من بعدك و أضلهم السامري". ورغم صنيع القوم ورد نِعم الله بالكفر لم يُيَئسهم ربهم من رحمته وأرسل نبيه اليهم بالألواح "وفي نسختها هدًى ورحمةً". فانظر إلى موسى عليه السلام يحمل رحمة الله إلى قومه ثم لا يسألها إلا لنفسه وأخيه.. هذا كله من الغضب.. والله أعلم.
فبين الله لموسى ولنا في الايتين التاليتين أن مغفرته ورحمته لا تقتصر على موسى وأخيه :
"إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِالدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)"
فبين الله سبحانه عظم الذنب الذي جاءوا به، ولكن الذنب رغم عظمه يبقى سيئة، ومن تاب بعد ما أساء تاب الله عليه: "وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)". وتحتمل الآيتان معنى آخر: أي أن الله فصل في حكمه بين الذين اتخذوا العجل فلا مغفرة تنالهم ولا رحمة لما يعلم الله من إصرارهم وبين الذين أساءوا حين اتبعوهم أو لم يمنعوهم أولئك لهم المغفرة والرحمة إذا تابوا، وقد قالوا قبل ذلك :
"وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواقَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(149)".
لكن طلب الإستغفار والرحمة بقي معلقا حتى يستغفر لهم رسولهم، لأنهم خالفوه فيما أمرهم به والله أعلم. فهم عصوا الله حين عبدوا العجل وعصوا رسولهم حين أخلفوا موعده، والله يرسل رسله ليطاعوا بإذنه، كما قال الله عن المنافقين :"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا" (النساء-64)
ثم قال سبحانه :"وَلَمَّاسَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)".
هذه الآية تدل على أن ما صدر من موسى قبلها من إلقائه الألواح وأخذه برأس أخيه ودعائه كان في حال غضبه.
"وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّاأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَاوَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) "
فانظر إلى جلال هذا الكلام وعظمته، فكأن الله سبحانه لما بين لموسى أن رحمته لا تقتصر عليه وعلى أخيه امتحنه ليعلم هل تبين لموسى ذلك أم لا. فكانت الفتنة (أو الابتلاء) أن أخذت الرجفة سبعين رجلا من قوم موسى، وهؤلاء كانوا من خيار قومه. فلو ظل موسى عند سؤاله أن تقتصر الرحمة عليه وعلى أخيه، لم يكترث بما أصاب غيرهما. فقال عليه السلام:
"قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ(155)"
ومن المفسرين من فسر ما أصاب السبعين بالصاعقة التي أصابت قوم موسى لما قالوا له : "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ "(البقرة - 55) وهذا والله أعلم بعيد لأمرين :
الأول أن الصاعقة تكون من السماء والرجفة تكون من الأرض.
الثاني أن الصاعقة أصابتهم قبل اتخاذ العجل:"يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا"(النساء – 153).
"قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ" فاعترف موسى بالذنب منه ومن بني إسرائيل. فكل ابن ادم خطاء، وكل مخطئ منيب مستغفر يستحق مغفرة الله و رحمته.
"أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا" فكل من أذنب سفها بغير علم ثم تاب واستغفر استحق مغفرة الله ورحمته، لكن من عاند و كابر.
تم تحريره ... بواسطة المشرف عبدالرحمن الشهري
"فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ(155)"
فسأل موسى عليه السلام ربه أن يغفر له ولأخيه ولقومه وأن يرحمهم.
"وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَالَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)"
فانظر كيف يذكر الله نبيه موسى في هذا المقام أنه سيجعل رحمته لمن اتبع نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من قوم موسى رفعا لشأن نبينا صلى الله عليه وسلم. فهو الرحمة المهداة من الله سبحانه ليس لقريش وأمة موسى فقط، بل للعالمين. فالحمد لله الذي جعلنا من أمته. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم بأمته من موسى بقومه، بل هو أرحم بقوم موسى من موسى بهم و الله أرحم منهما بعباده و الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، الذي سبقت رحمته غضبه