يونس السباح الطنجي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محد وعلى آله وصحبه وسام تسليما كثيرا
تقرير محاضرة علمية
إعداد: فريق البحث بمركز العمران الحضاري للثقافة والعلوم
نظم مركز العمران الحضاري للثقافة والعلوم بشراكة مع مركز أنجرة للدراسات والإبداع والتنمية، يوم الخميس 25 أبريل على الساعة 21.30 مساء بتوقيت المغرب عبر منصة زووم وصفحة المركز على الفايس بوك، محاضرة الشهر العلمية ضمن محور: التفسير والمفسرون على عهد الدولة العلوية الشريفة بعنوان: "درس التفسير بالحواضر العلمية، فاس، الرباط، مراكش، تطوان أنموذجا "، من تأطير الدكتور يونس السباح (متخصص في الدرسات القرآنية) وتسيير الأستاذ: هشام نوزري (باحث بسلك الدكتوراه...
استهل الأستاذ هشام هذه المحاضرة بديباجة عامة حاول من خلالها وضع المحاضرة في إطارها العام، قائلا: بعد أن جاب الإسلام أرض المشرق واستجاب له أهل الإسلام ورسّخ مختلف العلوم منها؛ علم التفسير الذي اعتنى به أهل المغرب عناية تامة ... فكان لملوك الدولة المغربية الشريفة قدم السبق في الاهتمام بعلم التفسير اهتماما منقطع النظير بما تميزا به احترام وتوقير لكتاب الله تعالى قراءة وتدبرا وتفسيرا...
بعد ذلك، افتتح الدكتور يونس محاضرته بلمحة عن الحواضر العلمية قائلا: إن البادية سابقة للحاضرة وهي الأصل، ويوجد بالحاضرة علماء ومساجد وكل ما يرتبط بالمنظومة العلمية ... ومن بين تلك الحواضر، مراكش؛ مكناس؛ طنجة، تطوان، امتدادا إلى الأندلس، باعتبار أن سائر العلوم كانت بدايتها من هناك، وما حصل في هذه الحواضر أنها كانت تهتم بتدريس علم التفسير وهو ما عرفت به مدارسها.
أولا: حاضرة مراكش
ثم بدأ -حفظه الله- الحديث عن حاضرة مراكش: وهي عاصمة الجنوب ومنها كان يدار الحكم في فترات في عهد المرابطين ثم الموحدين، وعلاقتها بالأندلس، فهي مدينة القاضي عياض والرجال السبعة وزارها الكثير من علماء الأندلس منهم ابن العربي، ويوجد فيها الكثير من المساجد التي لم ينقطع فيها العلم على امتداد قرون متعددة.
إضافة إلى أنه أعطى لمحة عن الحركة الفكرية في عهد الدولة العلوية، إلى أن جاء السلطان محمد عبدالله الذي أصلح نظام التعليم ثمّ تابعه نجله السلطان سليمان الذي كان له ولع بعلم التفسير، حيث كان يحضر مجالس التفسير بكثرة، على اعتبار أن هذا الأخير لم ينقطع بمراكش لأنّه كان فيها علماء ومجالس علم التي أقبل عليها الطلاب من كل فج عميق. لكن في فترة ما من الحكم امتنع التفسير بها وبغيرها من الحواضر، بعد أن عقدت فيها كثير من المجالس السلطانية؛ الأمر الذي جعل كرسي التفسير ينتعش من جديد، حيث تنوعت المصادر التي اعتمدت في تدريس علم التفسير وكان على رأسها تفسير الجلالين.
ومن هنا نستنتج أن درس التفسير بحاضرة مراكش بقي محافظا على طابعه التقليدي، ولم تبرز فيه مظاهر التجديد التي ظهرت في باقي الحواضر.
ثانيا: حاضرة سوس
هذه المدينة التي تحدث عنها العالم المختار السوسي وترجم لأعلامها وشرح الحركة التعليمية فيها ضمن مؤلفه "سوس العالمة "، وما نقوله في سوس نفسه الذي قيل في مراكش، حيث وجدت فيها مدارس عريقة تهتم بمختلف العلوم وخاصة علوم الآلة التي توارثها أهلها بعضهم عن بعض، إضافة إلى كون درس التفسير بقي محفوظا بطابعه في سوس إلى أن دخلت الكليات والمعاهد فأخذ درس التفسير منهج المواد المدرسة بها.
ثالثا: بلاد العدوتين
يوجد فيها الكثير من المساجد والزوايا، وقد ظهرت حركة العلم فيها مع الشيخ أبو شعيب الدكالي ( ت 1937م)، الذي سافر من المغرب إلى المشرق و التقى بزعماء النهضة ورأى الفرق بين المدرسة المغربية والمدرسة المشرقية، فكان يزرع أفكاره حتى تأثر به الكثير من طلاب العلم. ناهيك عن كونه أدخل في جامع القرويين الكثير من الكتب التي تدرس من طرف علماء النهضة، وذلك على أساس الربط بمسألة الإحياء والنهوض، من بينهم: الشّيخ المدني الحسني ( ت 1378ه) كان له مجلس في تفسير القرآن؛ إذ جلس على كرسي التلقين والتعليم رغبة منه في تنوير أذهان طلابه وتهذيب عقولهم، فقد درّس -رحمه الله- مدة أربعين سنة بالجامع الكبير وبمسجد السنة بالرباط، وأبو بكر بن الطاهر؛ وهو من المفسرين الذين تأثروا بعلماء النهضة خاصة مدرسة المنار وكانت له مجموعة من الكتب في هذا الشأن، إضافة إلى العالم خالد الناصري (ت513ه) الذي تحدث في كتاباته عن تقدم الحضارات الغربية، فالتفسير عنده تحرر من التقليد وسار في اتجاه التجديد والإبداع.
نستنتج أنّ الرباط وفاس من الحواضر المغربية التي تأثرت –إلى حد كبير- بالمدرسة المشرقية ودخلها التجديد و الإصلاح على خلاف سوس ومراكش.
رابعا: حاضرة طنجة
التي كانت على مر العصور قبلة لكثير من الأعلام الذين استقروا بها، فظهرت فيها مجموعة من الأسر العلمية التي نبغ أصحابها، من بينهم:
- درس الشيخ الخصاصي الذي كان بفاس (سنة 1908 ه) واستقر بها (طنجة)، فكان السلطان يحضر مجالسه، وكان له كتاب في التفسير يسمّى " تحفة الإخوان " اهتم فيه القراءات أكثر من غيرها من العلوم؛
- العلامة عبد الوهاب لوقش (ت 1341ه) الذي كان له تأثير بالدولة العثمانية والجامعة الإسلامية وما تبنته من مناهج مختلفة جعلته يتأثر بفكرهم، لكنه سيما أن هاجر من مدينة تطوان إلى طنجة كي لا يبقى تحت الاستعمار، وكانت يومئذ مدينة طنجة مفتوحة، فدخلها واستقر بها وألف تفسيرا سماه "نصرة الإسلام" وهو تفسير يدعو فيه إلى الجهاد مع الأتراك ومناصرتهم وكان يسقط تفسير القرآن على الواقع باعتباره عالما صوفيا مع كونه يعترض أحيانا عن وكان الإصلاح الاجتماعي وينتقد علماء النهضة في أفكارهم؛
- إضافة الأسرة الصديقية التي اهتمت بدرس التفسير، فكان من العلماء الذين درّسوا هذا العلم الشيخ محمد الصديق (ت 1935ه) والد الأشقاء الخمسة الذين درسوا التفسير وكتبوا فيه، وجاء بعده ولده أحمد الصديق الغماري ألف كتابا في التفسير وكان له صراع مع المقلدين لأنه سلك في التفسير منهجا مغايرا مكنه من التفنن في هذا العلم؛
- الشيخ عبدالله كنون (ت 1989م) الذي كان له تفسير كبير طبع ثلاث مرات، لكنه مع ذلك لم يتعرض لتفسير كتاب الله إلا مدة يسيره، لأن القاعدة عنده أن تفسير القرآن يتطلب جهدا ودربة واطلاعا واسعا بمختلف العلوم والفنون؛
- الفقيه محمد الترغي (ت 1600م) الذي تميز بمنهج علمي رصين، خرج فيه عن التفسير التقليدي مع كونه لا يتعرض للخلافات والاستطرادات إلا نادرا.
هذا ما تم ذكره في محاضرة التفسير والمفسرون، وهو غيض من فيض.
والحمد لله رب العالمين.