أمين الشنقيطي
New member
دراسة وتحقيق كتاب (تحفة الطلبة في مدات طريق الطّيّبة) للشيخ مصطفى بن حسن الإسلامبولي(الذي كان حيّاً سنة 1231هـ)
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد رسول الله، صفوة خلقه، وعلى آله، وصحبه أجمعين. أمّا بعد: فمن المعلوم اهتمام علماء القراءات(سلفاً وخلفاً) بـ(أصول القراءات)فقد قاموا بتدوينها،حتى تحفظ بكمالها، ولا يغيب عن الطالب منها شيء، ومن وجوه تلك العناية إفراد بعض أبوابها بالتأليف على حدة (كباب المدّ) مثلاً ليظهر في أجلى صوره وأبهى حلله، ويأتي كتاب (تحفة الطلبة في مدات طريق الطّيّبة) للشيخ مصطفى بن حسن الإسلامبولي(الذي كان حيّاً سنة 1231هـ) ضمن الكتب (التّركية المشرقيّة) التي خدمت بشمول ودقّة دروس القراءات العشر من طرق الطّيّبة، وجمعت بين دقّة التّأليف وحسن التّبويب وطرافة التّرتيب، وقد تجلّى ذلك في كتابه هذا الذي جمع فيه مؤلفه مراتب القرّاء العشرة، في مدّات طريق الطّيّبة، معتمداً على كتب الحافظ ابن الجزري في القراءات العشر الكبرى.
سبب اختيار الكتاب
الذي جعلني أتتبع مخطوطات هذا الكتاب، وأطبعه (طبعة جديدة) على أربع نسخ، حتى يستفيد منه الطلاب، فهو تأليف يعود إلى (القرن الثّالث عشر الهجري)، وينتمي إلى فترة متأخّرة نسبياً،لم يصلنا من مؤلّفاتها إلا القليل،خاصّة في القراءات وعلومها، ممّا جعل وصول الكتاب إلينا سالماً أمراً يستحقّ الجهد والتّثمين،وأيضاً ليكون ضمن دراسة علمية لإبراز تراث هذا المؤلف،كمؤلّف قدير ومقرئ كبير، وناسخ شهير،وصاحب نشاط متميّز في القراءات العشر ،كانت ترجمته إلى وقت قريب مفقودة، وكتابه هذا أيضاً كان منسوباً لغيره، ولـمّا تيسّر لي الحصول على نسختين أصليتين، ضمن محتويات دار الكتب القطرية، ووزارة الشؤون الإسلامية الكويتية، ومصوّرة النسخة الأزهرية بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أحييت في نفسي العزم على تحقيقه -بإذن الله- وتقديمه للقرّاء، والمقرئين، والطّلبة والدّارسين المتشوّقين لكتب القراءات المخطوطة.
الدّراسات السّابقة بعد أن كنت نسخت الكتاب على ثلاث نسخ مخطوطة مضيت في تحقيقه ، ثم وقفت على تحقيق آخر له أعدّه الباحث (محمد بن أحمد حَحود)،وقد طالعته فوجدته عملاً أقرب إلى العمل التّجاري منه إلى العمل العلميّ المنهجيّ، فقد نسب الكتاب إلى (الشّيخ يوسف أفندي (ت 1167هـ)وهو زعم لا يُسلّم له مطلقاً ،وأنه كذلك سيترجم لمصنّف الكتاب ترجمةً موجزةً،وهي ترجمةٌ مختصرةٌ للشّيخ (يوسف أفندي)، لم يأت فيها بجديدٍ حول صحّة نسبة هذا الكتاب له،كما وجدته لم يخدم تحقيق نصّ الكتاب كما يجب، فقد حقّقه على (نسخة خطّية) واحدةٍ مهداةٍ له، كُتِبَت بخطّ مُعْتاد،لم يَقِفْ على نسخةٍ أخرى غيرها،فخلا بذلك تحقيقه من أي فروق بين النّسخ، كما ذكر أنّه سيقابل نصّ الكتاب على (بعض المصادر) التي استقى منها (المؤلّف)مادّته، لكنه لم يوثق أيّاً من ذلك أثناء التّحقيق، ولا من مصادر التّحقيق التي وضعها في فهرس المصادر،وأيضاً ذكر أنّه سيصحّح بعض الأخطاء التي هي من قبيل (النّاسخ)،ولم أجده ذكر أيّاً من هذه الأخطاء في الحاشية،وأنه سيوضّح ترجمةً موجزةً للقرّاء والرّواة وأصحاب الطّرق،والأعلام الذين ذكرهم المصنّف، وهؤلاء تراجمهم معروفةٌ في كتب التراجم والقراءات.
كما وجدت كتاب (رسالة المدّات للعلّامة يوسف أفندي)، بتحقيق إبراهيم محمد الجُرْمي، يبحث في (بيان مراتب المدّ في قراءات الأئمّة العشرة،وتفصيل الرّوايات في ذلك مع تطبيق الطّرق المعتبرة)وهو نفس موضوع الكتاب الذي بين أيدينا، وممّا اشتملت عليه دراسته اسم هذا الكتاب، ونسبته إلى (الشيخ مصطفى حسن الإسلامبولي)، وليس للعلامة (يوسف أفندي).
وأيضاً وجدت (أرجوزة بيان طرق الطّيّبة ومراتب المدّات للقرّاء العشرة)،(للشّيخ سعيد العبد الله) تبحث في نفس موضوع الكتاب الذي بين أيدينا،وقد أفادنا ناظمها باسم (الشيخ مصطفى حسن الإسلامبولي)،وهو مؤلف هذا الكتاب،وبعرضه لمادّة الكتاب عرضاً شعرياً مع البيان والترتيب.
بناء على هذه الدّراسات السّابقة، وبما ظهر لي من خللٍ علميٍّ في نسبة الكتاب إلى مؤلفه،وتحقيق نصّه، في التّحقيق السابق، ولأنّ الضّرورة المنهجيّة تقتضي إعادة (التّحقيق) إذا لم تُرَاعَ فيه (القواعد العلميّة)، والعناية بما لم يَعْتَنِ به المحقّق السّابق، أعدت دراسة وتحقيق هذا الكتاب ثانية.
خطة البحث:
المقدّمة: وتشتمل على أهمية البحث،وسبب اختيار الكتاب،والدّراسات السّابقة،وخطّة البحث، ومنهج البحث في الدراسة والتحقيق.
التّمهيد، (التعريف بالمدّ وما يتعلّق به)، وفيه:( تعريف المدّ والقصر لغة، واصطلاحا، وأنواع المدّ، وبعض مصطلحات مراتب المد، ومذاهب القراء فيها من طرق الطّيّبة ، والتعريف بطرق الطّيّبة، وإحصاء الكتب المسندة، والتحريرات، والتعريف ببعض المؤلّفات في (المدّ).
*القسم الأول: (دراسة المؤلف، والكتاب)،وفيه فصلان:
الفصل الأول: (دراسة المؤلف)،وفيه: ( اسمه،ونسبه،وكنيته،ولقبه، ومولده ونشأته، الحياة العلمية في عصر المؤلّف، أعماله ومكانته العلمية، ومؤلّفاته،وشيوخـه، وأسانيده،وتلاميذه،:وفاته).
الفصل الثاني: (دراسة الكتاب)،وفيه: (اسم الكتاب، وتوثيق نسبته إلى المؤلف، وقيمة الكتاب العلمية،ومنهج المؤلف فيه، ومصادر الكتاب،ووصف النسخ المخطوطة، وأماكنها، ونماذج من المخطوطات).
*القسم الثاني: (النّص المحقق) لكتاب(تحفة الطّلبة في مدّات طريق الطّيّبة) للشّيخ مصطفى حسن الإسلامبولي).فالخاتمة، والفهارس اللازمة.
قيمة الكتاب العلمية
ظهرت لي القيمة العلمية لهذا الكتاب،ومكانته لدى العلماء من خلال:
موضوعه الذي يبحثه، فهو بشرح أحكام (المدّين المتّصل، والمنفصل،ومراتبهما من طرق الطّيّبة) ،وهي مسائل كثيرة ومتشعبة،ولاأعلمها مجموعة على حدة، سوى في (رسالة المدات ليوسف أفندي)و(أرجوزة بيان طرق طيّبة النّشر ومراتب المدّات للقرّاء العشرة) .
كذلك اهتمام العلماء بالكتاب في عصر المؤلّف كناسخ المخطوطة الكويتية،الحافظ حسن، وناسخ القطرية عبد الله وحيد،حيث نسخاه وعلّقا عليه، وكصاحب الأرجوزة، الشيخ المقرئ سعيد العبد الله الذي نظمه وفاء وعرفانا له،واعترافا بعلمه وعقله.
وكذلك مكانة مؤلفه وشهرته في القراءاتفهو-كما تثبت المصادر- مؤلّف قدير في بلده
تركيا، له شهرته الكبيرة فيها،مع علمه وقدرته وتمكّنه في علم القراءات.
وأيضاً تميّزه بمنهج علمي رصين ظهر في تنظيمه، وترتيب مراتب المدّ فيه بطريقة منّسقة مختلفة عن من سبقه، وكذلك في تحريراته القيّمة،وذكره لأسماء كتب مسندة للمدّ لاتوجد في كتاب(النشرلابن الجزري)،ولا(رسالة المدات ليوسف أفندي)،وغير ذلك ممّا سيأتي في بيانه منهجه في كتابه الآتي.
منهج المؤلّف في كتابه:
1- صرّح المؤلف في مقدمة كتابه، بسبب تأليفه له هو (بيان مراتب المد المنفصل والمتصل على شكل رسالة لمن يريد أن يتلو القرآن الكريم بطرق الطيبة).
2- صرّح فيها باعتماده على كتب ابن الجزري حيث قال: ((اعلم أسعدك الله أن محمّد بن الجزري رحمه الله لماذكر في كتبه الثلاثة))،أي( النّشر والتّقريب والطّيّبة)، وغير ذلك.
- ظهر من عمله في الكتاب اعتماده الكلّي على(منهج ابن الجزري في تقرير مراتب المد في كتابه النشر).
3- صرح فيها بمنهجه فيه فقال: ((جمعت هذه الرسالة وذكرت فيها الطرق الأربعة عن كل راو من العشرين فرداً فرداً، وبيّنت ماذكر أصحاب الكتب الحاوية لكل طريق من الأربعة...))الخ وقد ظهر من خلال عمله أنه التزم (المنهج التّحليلي الاستنباطي لما يذكره).
4- جمع (أسماء القراء العشرة ورواتهم وطرقهم)، في بداية كل باب (يذكر أسماء القرّاء، والرّواة،والطّرق الأربعة عن كلّ راو)، وفصّل الطرق في المنفصل أكثر من المتصل،وعزاها إلى طرق الطيبة، من ثمانين طريقاً.
5- رتب الكتاب على (عشرة أبوابٍ)، ترتيب طيّبة (النّشر) ، وابتدأه بـ(الباب الأول في بيان مراتب المد والمنفصل والمتصل في قراءة نافع من روايتي قالون وورش)، ثم ذكر بقية القراء العشرة على نفس المنوال، وقد تجوّز في (ترتيب طيبة النشر) فليس في الطيبة الترتيب الذي ذكره، ولعلّه كان يقصد أنه رتّب أبواب الكتاب على القراء العشرة المعروفين في الطيبة.
6- ذكر (مراتب المتّصل بعد إتمام مراتب المنفصل)، وفصّل القول على هذا الأساس في جميع الكتاب، إلاّ في قراءة حمزة ورواية ورشٍ من طريق الأزرق،فذكر مراتب (المتّصل، والمنفصل معاً) ،ولعله هذا بسبب اتفاقهما في (خمس ألفات) في المدّين معا.
7- ذكر (أسماء الكتب الحاويّةلكل طريقٍ) من الأربعة، فتارة يذكرها منسوبة لأصحابها(فيقول غاية ابن مهران)،وتارة غير منسوبة لأصحابها فيقول (الهداية).
8-نبّه على (أعداد الكتب) وكان يحصيها في بداية كل طريق،أو نهايتها ، وقد تصل أعدادها فيها إلى ثلاثين كتابا أحياناً ، وهذا العدد جاء نتيجة سعة علمه، إذ تارة ما يذكر مجموع بعض الكتب، ولو رجعنا إليها في مصدره (كتاب النشر)،فلن نجد أسماءها فيه نتيحة لاختصاره لها، مثل (قطع لقالون من طريق أبي نشيط بالقصر ...ثم قال: وجمهور العراقيين، ..وبعض المغاربة) ، أي من كتبهم، ولم يتبين من كلامه هذا عددها أو أسماءها ،أمّا في كتابه هذا فقد استطاع أن يتعرف عليها (فذكر قصر المنفصل من ستة عشر كتابا، ذكر أسماء ها فتبين به كتب العراقيين،والمغاربة المذكورة في النشر ). 9- نبّه على (مراتب المدّات المأخوذة عن القرّاء)، فذكر المرتبة للقارئ كـ(مرتبة القصر، أو ألفين، أو ثلاثة ألفات،أو التوسط، أو أربع ألفات أو خمس ألفات،أو الإشباع) ،ويستقصيها،ورتبّها كماهي في كتاب النشر،وذكر منها (الألفات المنضبطة، والقصر، والتوسط، والمد)فقط دون غيرهما.
10- نبّه على (بعض المسائل التي حررها)بعبارة (قلت)، وهي تنبيهات على مافي بعض الكتب المسندة ، قارنها بماقرأ به من كتب النشر، والطيبة لابن الجزري، وكتابه (مرشد الطلبة)، وعلى شيوخه، وهي (اثنتان وثلاثون) مسألة في هذا الكتاب،وسوف أقوم بوضعها في (فهرس)خاص بها، ضمن (فهرس موضوعات)في آخر هذا الكتاب.
لكن يلحظ عليه:
- اعتماده الكلي على ما وجده في كتابي(النشر والطيبة)، دون الرجوع،إلى أصولهما المتقدمة، وولا لمصادر أخرى من كتب القراءات،ربّما كانت موجودة في بلده آنذاك.
- عدم اهتمامه بتعريف مصطلحات المدّ،ومايتعلق به في كتابه، مع حاجة الطّلبة لها.
- لم يذكر بعض (الكتب المسندة للمد)مع أنّها مذكورة في كتاب النشر (ككتاب المبسوط لابن مهران)مثلاً وغيره، ولم يبد سببا لذلك.
- رجع إلى بعض (مصادر كتاب النشر)، والمصدر الذي ذكره لايوجد فيه (باب المد)أصلا، مثل: كتاب(غاية ابن مهران)فليس فيه (باب المد)فكان من الصّعب على الطّلبة والباحثين توثيقه منه.
- ذكر مرّة (عدد المراتب) بشكل غيردقيق فقال:((والمراتب الثلاثة من الطيبة))،ولم يذكر قبلها سوى مرتبتين فقط،فأدى ذلك إلى وقوع الشّك لدى من يقرأ الكتاب، كما وقع لناظم الأرجوزة مثلاً.
- أخّر مسألة (احتمال الزيادة في المنفصل)إلى مابعد كلامه على (مراتب المتصل)،وكان محلها عند (المنفصل).
- لم يتحقق من بعض (مسائل الباب)،فاستدركها عليه (ناسخ المخطوطة الكويتيّة)من كتاب(بدائع الإزميري)، وغير ذلك ممّا سيأتي في حواشي هذا (التحقيق).
د/أمين محمد أحمد الشنقيطي الجامعة الإسلامية- القراءات
مقـدّمة المحقّق
مقـدّمة المحقّق
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد رسول الله، صفوة خلقه، وعلى آله، وصحبه أجمعين. أمّا بعد: فمن المعلوم اهتمام علماء القراءات(سلفاً وخلفاً) بـ(أصول القراءات)فقد قاموا بتدوينها،حتى تحفظ بكمالها، ولا يغيب عن الطالب منها شيء، ومن وجوه تلك العناية إفراد بعض أبوابها بالتأليف على حدة (كباب المدّ) مثلاً ليظهر في أجلى صوره وأبهى حلله، ويأتي كتاب (تحفة الطلبة في مدات طريق الطّيّبة) للشيخ مصطفى بن حسن الإسلامبولي(الذي كان حيّاً سنة 1231هـ) ضمن الكتب (التّركية المشرقيّة) التي خدمت بشمول ودقّة دروس القراءات العشر من طرق الطّيّبة، وجمعت بين دقّة التّأليف وحسن التّبويب وطرافة التّرتيب، وقد تجلّى ذلك في كتابه هذا الذي جمع فيه مؤلفه مراتب القرّاء العشرة، في مدّات طريق الطّيّبة، معتمداً على كتب الحافظ ابن الجزري في القراءات العشر الكبرى.
سبب اختيار الكتاب
الذي جعلني أتتبع مخطوطات هذا الكتاب، وأطبعه (طبعة جديدة) على أربع نسخ، حتى يستفيد منه الطلاب، فهو تأليف يعود إلى (القرن الثّالث عشر الهجري)، وينتمي إلى فترة متأخّرة نسبياً،لم يصلنا من مؤلّفاتها إلا القليل،خاصّة في القراءات وعلومها، ممّا جعل وصول الكتاب إلينا سالماً أمراً يستحقّ الجهد والتّثمين،وأيضاً ليكون ضمن دراسة علمية لإبراز تراث هذا المؤلف،كمؤلّف قدير ومقرئ كبير، وناسخ شهير،وصاحب نشاط متميّز في القراءات العشر ،كانت ترجمته إلى وقت قريب مفقودة، وكتابه هذا أيضاً كان منسوباً لغيره، ولـمّا تيسّر لي الحصول على نسختين أصليتين، ضمن محتويات دار الكتب القطرية، ووزارة الشؤون الإسلامية الكويتية، ومصوّرة النسخة الأزهرية بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أحييت في نفسي العزم على تحقيقه -بإذن الله- وتقديمه للقرّاء، والمقرئين، والطّلبة والدّارسين المتشوّقين لكتب القراءات المخطوطة.
الدّراسات السّابقة بعد أن كنت نسخت الكتاب على ثلاث نسخ مخطوطة مضيت في تحقيقه ، ثم وقفت على تحقيق آخر له أعدّه الباحث (محمد بن أحمد حَحود)،وقد طالعته فوجدته عملاً أقرب إلى العمل التّجاري منه إلى العمل العلميّ المنهجيّ، فقد نسب الكتاب إلى (الشّيخ يوسف أفندي (ت 1167هـ)وهو زعم لا يُسلّم له مطلقاً ،وأنه كذلك سيترجم لمصنّف الكتاب ترجمةً موجزةً،وهي ترجمةٌ مختصرةٌ للشّيخ (يوسف أفندي)، لم يأت فيها بجديدٍ حول صحّة نسبة هذا الكتاب له،كما وجدته لم يخدم تحقيق نصّ الكتاب كما يجب، فقد حقّقه على (نسخة خطّية) واحدةٍ مهداةٍ له، كُتِبَت بخطّ مُعْتاد،لم يَقِفْ على نسخةٍ أخرى غيرها،فخلا بذلك تحقيقه من أي فروق بين النّسخ، كما ذكر أنّه سيقابل نصّ الكتاب على (بعض المصادر) التي استقى منها (المؤلّف)مادّته، لكنه لم يوثق أيّاً من ذلك أثناء التّحقيق، ولا من مصادر التّحقيق التي وضعها في فهرس المصادر،وأيضاً ذكر أنّه سيصحّح بعض الأخطاء التي هي من قبيل (النّاسخ)،ولم أجده ذكر أيّاً من هذه الأخطاء في الحاشية،وأنه سيوضّح ترجمةً موجزةً للقرّاء والرّواة وأصحاب الطّرق،والأعلام الذين ذكرهم المصنّف، وهؤلاء تراجمهم معروفةٌ في كتب التراجم والقراءات.
كما وجدت كتاب (رسالة المدّات للعلّامة يوسف أفندي)، بتحقيق إبراهيم محمد الجُرْمي، يبحث في (بيان مراتب المدّ في قراءات الأئمّة العشرة،وتفصيل الرّوايات في ذلك مع تطبيق الطّرق المعتبرة)وهو نفس موضوع الكتاب الذي بين أيدينا، وممّا اشتملت عليه دراسته اسم هذا الكتاب، ونسبته إلى (الشيخ مصطفى حسن الإسلامبولي)، وليس للعلامة (يوسف أفندي).
وأيضاً وجدت (أرجوزة بيان طرق الطّيّبة ومراتب المدّات للقرّاء العشرة)،(للشّيخ سعيد العبد الله) تبحث في نفس موضوع الكتاب الذي بين أيدينا،وقد أفادنا ناظمها باسم (الشيخ مصطفى حسن الإسلامبولي)،وهو مؤلف هذا الكتاب،وبعرضه لمادّة الكتاب عرضاً شعرياً مع البيان والترتيب.
بناء على هذه الدّراسات السّابقة، وبما ظهر لي من خللٍ علميٍّ في نسبة الكتاب إلى مؤلفه،وتحقيق نصّه، في التّحقيق السابق، ولأنّ الضّرورة المنهجيّة تقتضي إعادة (التّحقيق) إذا لم تُرَاعَ فيه (القواعد العلميّة)، والعناية بما لم يَعْتَنِ به المحقّق السّابق، أعدت دراسة وتحقيق هذا الكتاب ثانية.
خطة البحث:
المقدّمة: وتشتمل على أهمية البحث،وسبب اختيار الكتاب،والدّراسات السّابقة،وخطّة البحث، ومنهج البحث في الدراسة والتحقيق.
التّمهيد، (التعريف بالمدّ وما يتعلّق به)، وفيه:( تعريف المدّ والقصر لغة، واصطلاحا، وأنواع المدّ، وبعض مصطلحات مراتب المد، ومذاهب القراء فيها من طرق الطّيّبة ، والتعريف بطرق الطّيّبة، وإحصاء الكتب المسندة، والتحريرات، والتعريف ببعض المؤلّفات في (المدّ).
*القسم الأول: (دراسة المؤلف، والكتاب)،وفيه فصلان:
الفصل الأول: (دراسة المؤلف)،وفيه: ( اسمه،ونسبه،وكنيته،ولقبه، ومولده ونشأته، الحياة العلمية في عصر المؤلّف، أعماله ومكانته العلمية، ومؤلّفاته،وشيوخـه، وأسانيده،وتلاميذه،:وفاته).
الفصل الثاني: (دراسة الكتاب)،وفيه: (اسم الكتاب، وتوثيق نسبته إلى المؤلف، وقيمة الكتاب العلمية،ومنهج المؤلف فيه، ومصادر الكتاب،ووصف النسخ المخطوطة، وأماكنها، ونماذج من المخطوطات).
*القسم الثاني: (النّص المحقق) لكتاب(تحفة الطّلبة في مدّات طريق الطّيّبة) للشّيخ مصطفى حسن الإسلامبولي).فالخاتمة، والفهارس اللازمة.
قيمة الكتاب العلمية
ظهرت لي القيمة العلمية لهذا الكتاب،ومكانته لدى العلماء من خلال:
موضوعه الذي يبحثه، فهو بشرح أحكام (المدّين المتّصل، والمنفصل،ومراتبهما من طرق الطّيّبة) ،وهي مسائل كثيرة ومتشعبة،ولاأعلمها مجموعة على حدة، سوى في (رسالة المدات ليوسف أفندي)و(أرجوزة بيان طرق طيّبة النّشر ومراتب المدّات للقرّاء العشرة) .
كذلك اهتمام العلماء بالكتاب في عصر المؤلّف كناسخ المخطوطة الكويتية،الحافظ حسن، وناسخ القطرية عبد الله وحيد،حيث نسخاه وعلّقا عليه، وكصاحب الأرجوزة، الشيخ المقرئ سعيد العبد الله الذي نظمه وفاء وعرفانا له،واعترافا بعلمه وعقله.
وكذلك مكانة مؤلفه وشهرته في القراءاتفهو-كما تثبت المصادر- مؤلّف قدير في بلده
تركيا، له شهرته الكبيرة فيها،مع علمه وقدرته وتمكّنه في علم القراءات.
وأيضاً تميّزه بمنهج علمي رصين ظهر في تنظيمه، وترتيب مراتب المدّ فيه بطريقة منّسقة مختلفة عن من سبقه، وكذلك في تحريراته القيّمة،وذكره لأسماء كتب مسندة للمدّ لاتوجد في كتاب(النشرلابن الجزري)،ولا(رسالة المدات ليوسف أفندي)،وغير ذلك ممّا سيأتي في بيانه منهجه في كتابه الآتي.
منهج المؤلّف في كتابه:
1- صرّح المؤلف في مقدمة كتابه، بسبب تأليفه له هو (بيان مراتب المد المنفصل والمتصل على شكل رسالة لمن يريد أن يتلو القرآن الكريم بطرق الطيبة).
2- صرّح فيها باعتماده على كتب ابن الجزري حيث قال: ((اعلم أسعدك الله أن محمّد بن الجزري رحمه الله لماذكر في كتبه الثلاثة))،أي( النّشر والتّقريب والطّيّبة)، وغير ذلك.
- ظهر من عمله في الكتاب اعتماده الكلّي على(منهج ابن الجزري في تقرير مراتب المد في كتابه النشر).
3- صرح فيها بمنهجه فيه فقال: ((جمعت هذه الرسالة وذكرت فيها الطرق الأربعة عن كل راو من العشرين فرداً فرداً، وبيّنت ماذكر أصحاب الكتب الحاوية لكل طريق من الأربعة...))الخ وقد ظهر من خلال عمله أنه التزم (المنهج التّحليلي الاستنباطي لما يذكره).
4- جمع (أسماء القراء العشرة ورواتهم وطرقهم)، في بداية كل باب (يذكر أسماء القرّاء، والرّواة،والطّرق الأربعة عن كلّ راو)، وفصّل الطرق في المنفصل أكثر من المتصل،وعزاها إلى طرق الطيبة، من ثمانين طريقاً.
5- رتب الكتاب على (عشرة أبوابٍ)، ترتيب طيّبة (النّشر) ، وابتدأه بـ(الباب الأول في بيان مراتب المد والمنفصل والمتصل في قراءة نافع من روايتي قالون وورش)، ثم ذكر بقية القراء العشرة على نفس المنوال، وقد تجوّز في (ترتيب طيبة النشر) فليس في الطيبة الترتيب الذي ذكره، ولعلّه كان يقصد أنه رتّب أبواب الكتاب على القراء العشرة المعروفين في الطيبة.
6- ذكر (مراتب المتّصل بعد إتمام مراتب المنفصل)، وفصّل القول على هذا الأساس في جميع الكتاب، إلاّ في قراءة حمزة ورواية ورشٍ من طريق الأزرق،فذكر مراتب (المتّصل، والمنفصل معاً) ،ولعله هذا بسبب اتفاقهما في (خمس ألفات) في المدّين معا.
7- ذكر (أسماء الكتب الحاويّةلكل طريقٍ) من الأربعة، فتارة يذكرها منسوبة لأصحابها(فيقول غاية ابن مهران)،وتارة غير منسوبة لأصحابها فيقول (الهداية).
8-نبّه على (أعداد الكتب) وكان يحصيها في بداية كل طريق،أو نهايتها ، وقد تصل أعدادها فيها إلى ثلاثين كتابا أحياناً ، وهذا العدد جاء نتيجة سعة علمه، إذ تارة ما يذكر مجموع بعض الكتب، ولو رجعنا إليها في مصدره (كتاب النشر)،فلن نجد أسماءها فيه نتيحة لاختصاره لها، مثل (قطع لقالون من طريق أبي نشيط بالقصر ...ثم قال: وجمهور العراقيين، ..وبعض المغاربة) ، أي من كتبهم، ولم يتبين من كلامه هذا عددها أو أسماءها ،أمّا في كتابه هذا فقد استطاع أن يتعرف عليها (فذكر قصر المنفصل من ستة عشر كتابا، ذكر أسماء ها فتبين به كتب العراقيين،والمغاربة المذكورة في النشر ). 9- نبّه على (مراتب المدّات المأخوذة عن القرّاء)، فذكر المرتبة للقارئ كـ(مرتبة القصر، أو ألفين، أو ثلاثة ألفات،أو التوسط، أو أربع ألفات أو خمس ألفات،أو الإشباع) ،ويستقصيها،ورتبّها كماهي في كتاب النشر،وذكر منها (الألفات المنضبطة، والقصر، والتوسط، والمد)فقط دون غيرهما.
10- نبّه على (بعض المسائل التي حررها)بعبارة (قلت)، وهي تنبيهات على مافي بعض الكتب المسندة ، قارنها بماقرأ به من كتب النشر، والطيبة لابن الجزري، وكتابه (مرشد الطلبة)، وعلى شيوخه، وهي (اثنتان وثلاثون) مسألة في هذا الكتاب،وسوف أقوم بوضعها في (فهرس)خاص بها، ضمن (فهرس موضوعات)في آخر هذا الكتاب.
لكن يلحظ عليه:
- اعتماده الكلي على ما وجده في كتابي(النشر والطيبة)، دون الرجوع،إلى أصولهما المتقدمة، وولا لمصادر أخرى من كتب القراءات،ربّما كانت موجودة في بلده آنذاك.
- عدم اهتمامه بتعريف مصطلحات المدّ،ومايتعلق به في كتابه، مع حاجة الطّلبة لها.
- لم يذكر بعض (الكتب المسندة للمد)مع أنّها مذكورة في كتاب النشر (ككتاب المبسوط لابن مهران)مثلاً وغيره، ولم يبد سببا لذلك.
- رجع إلى بعض (مصادر كتاب النشر)، والمصدر الذي ذكره لايوجد فيه (باب المد)أصلا، مثل: كتاب(غاية ابن مهران)فليس فيه (باب المد)فكان من الصّعب على الطّلبة والباحثين توثيقه منه.
- ذكر مرّة (عدد المراتب) بشكل غيردقيق فقال:((والمراتب الثلاثة من الطيبة))،ولم يذكر قبلها سوى مرتبتين فقط،فأدى ذلك إلى وقوع الشّك لدى من يقرأ الكتاب، كما وقع لناظم الأرجوزة مثلاً.
- أخّر مسألة (احتمال الزيادة في المنفصل)إلى مابعد كلامه على (مراتب المتصل)،وكان محلها عند (المنفصل).
- لم يتحقق من بعض (مسائل الباب)،فاستدركها عليه (ناسخ المخطوطة الكويتيّة)من كتاب(بدائع الإزميري)، وغير ذلك ممّا سيأتي في حواشي هذا (التحقيق).