دراسة كتاب اللهجات العربية في القراءات القرآنية

إنضم
10/08/2010
المشاركات
295
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
اللهجات العربية في القراءات القرآنية


الدكتور عبده الراجحي

بيانات الكتاب :
· العنوان : اللهجات العربية في القراءات القرآنية
· صاحب الكتاب: الأستاذ الدكتور عبده علي إبراهيم الراجحي أستاذ العلوم اللغوية بجامعة الإسكندرية وعضو بمجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ 2003م
· الطبعة : الطبعة الأولى بدار المعارف بالرياض 1420هـ 1999م صدر الكتاب أوّل مرة بدار المعارف المصرية سنة 1968م
فهرس الكتاب :
· مقدمة بيّن فيها الكاتب منهجه وهدفه من هذه الدراسة
· الباب الأوّل عنونه بشبه الجزيرة العربية بدأه ببيان الحدود الطبيعية والسياسية لبلاد العرب الأصلية... لكن هدفه من هذا الباب والذي انتهى إليه هو دراسة الجغرافية اللغوية للجزيرة العربية وكيفية انتشار اللهجات في ربوعها
· الباب الثاني اللغة العربية ولهجاتها تناول فيه بيان المقصود باللهجة والفرق بينها وبين اللغة وأسباب نشأة اللهجات ومصادر دراسة اللهجات العربية
· الباب الثالث القراءات واللهجات : قرّر فيه الأهمية القصوى والعظمى للقراءات في دراسة اللهجات العربية كما تناول موضوع نشأة القراءات وتطورها وبيان مصادرها وردّ طعن النحاة في بعضها ...
· الباب الرابع خصّه لدراسة اللهجات العربية دراسة لغوية مرتبة وفق مستويات اللغة الأربعة الفصل الأوّل للمستوى الصوتي والثاني للإفرادي الصرفي والثالث للتركيبي النحوي والرابع للدلالي
التعريف بصاحب الكتاب :
نقلا [بتصرف واختصار]من كلمة الأستاذ الدكتور كمال بشر بمناسبة التحاق الدكتور عبده الراجحي بمجمع اللغة العربية بالقاهرة
ولد الدكتور عبده علي إبراهيم الرّاجحي في أكتوبر سنة 1937م، بمحافظة الدقهليّة.
حصل على درجة الليسانس في الآداب من جامعة الإسكندرية سنة 1959م ثم عيّن معيدًا بقسم اللغة العربية بكلية الآداب سنة 1961م، وخطا بعدُ خطواتٍ واثقةً في الدرس والتحصيل حتى نال درجَتي الماجستير والدكتوراه من هذه الجامعة، وتمّ له حصدُ هذه الدرجات العلمية جميعًا سنة 1967م. وفي هذا العام نفسه عمل مدرسًا بقسم اللغة العربية. وتدرج الرجل في سلم الصعود العلمي الأكاديمي إلى أستاذ مساعد سنة 1972م فأستاذ سنة 1977م. وآخر عمله أستاذًا متفرغًا للعلوم اللّغويّة كليّة الآداب - جامعة الإسكندريّة.
عمل رئيسًا لقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ثم وكيلاً للدراسات العليا والبحوث بالكلية نفسها، ومديرًا لمركز تعليم اللغة العربية للناطقين باللغات الأخرى، ومديرًا لمعهد الدراسات اللغوية والترجمة.
اختير عميدًا لكلية الآداب - جامعة بيروت العربية، ورئيسًا لقسم تأهيل معلمي اللغةالعربية للناطقين باللغات الأخرى، بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالسعودية.
أعير إلى جامعة بيروت العربية مرتين، كما أعير إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. ودُعي أستاذًا زائرًا إلى جامعة صنعاء، وجامعة "إرلانجن" بألمانيا.
بعض المؤتمرات والندوات التي شارك فيها :
- مؤتمر مشكلات تعليم اللغة العربية بالجامعات العربية - بالإسكندرية.
- مؤتمرتقنية الحاسوب واللغة العربية- الرياض بالسعودية.
- مؤتمر العلاقات الإسلامية البيزنطية- سالونيك اليونان.
- الندوة الأولى لتعليم اللغات - جامعة الكويت.
- الندوة الأولى للّسانيات - الرباط - المغرب.
- ندوة مشكلات تعليم اللغة العربية للناطقين باللغات الأخرى - كوالا لامبور (ماليزيا).
نماذج من أعماله اللغوية، مشفوعةً بأمثلة من مجالات الفكر الأخرى:
- النحوالعربي والدرس الحديث - النحو العربي وأرسطو - دروس في المذاهب النحوية - دروس فيشروح الألفية - فقه اللغة في الكتب العربية - النظريات اللغوية المعاصرة وموقفها من العربية - اللهجات في القراءات القرآنية - التطبيق الصرفي - التطبيق النحوي - علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية - أسس تعلّم اللغة وتعليمها (مترجم بالاشتراك) - مشكلة تعليم النحو لغير الناطقين بالعربية - كلام الأطفال - اللغة وعلوم المجتمع .
وفي الأدب والأسلوب: علم الأسلوب والمواءمة.
وفي الثقافة والمعارف العامة: الشخصية الإسرائيلية - هيراقليطس فيلسوف التغير - عبد الله بن مسعود.
توفي رحمه الله يوم الاثنين 26 إبريل 2010م، وشيّع جثمانه في اليوم التالي من مسجد المواساة بالإسكندريّة بعد صلاة الظّهر.
قال عنه الأستاذ كمال بشر: "الدكتور الراجحي علم نادر المثال، يرود ويقود ويرشد ويوجّه. ولم يقف هذا وذاك عند فترة من الزمان محدودة، أو موقع من المكان خاص، أو جانب من الدرس اللغوي دون آخر. لقد اتسعت جهوده وامتد فكره إلى مجمل مسارات الدرس اللغوي، في فلسفته واتجاهاتهومناهجه ورجاله على امتداد الزمان المتعاقبةِ خطواتُه واتساعِ المكان المتراميةِأطرافُه في القديم والحديث." اهـ
كلمة الأستاذ الدكتور كمال بشر كاملة
انظر ترجمته هنا أو هنا
Ø الفائدة والغاية العلمية المرجوة من دراسة هذا الكتاب - بالنسبة لصاحب هذا المختصر على الأقلّ - هي الوقوف على أكبر قدر ممكن من المظاهر الصوتية العربية عند وقبل نزول القرآن الكريم ومحاولة الإجابة بدقة على سؤال متداول معروف ومشهور ؛ هل في مباحث علم التجويد أو هل في المظاهر الصوتية الخاصة بالقراءات الثابتة الصحيحة ما يخالف المظاهر الصوتية العربية ؟ أو هل جاء القرآن بأحكام صوتية لا تعرفها العرب كالمدّ الفرعي أو الغنة الزائدة أو القلقة بأنواعها فيما يزعم البعض ؟
 
فوائد الكتاب ونكته

فوائد الكتاب ونكته

هل يعدّ هذا الكتاب فعلا أوّل محاولة لدراسة اللهجات العربية
1. إنّ هذا الكتاب كما يذكر صاحبه في المقدمة هو أوّل محاولة لبحث اللهجات العربية بحثا لغويا معتمدا على القراءات القرآنية (المقدمة ص3) ولعل وجه الجدّة فيه هو طريقة تناول الموضوع وإلاّ فإنّ الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس يعدّ بحقّ رائد هذه الدراسات وأوّل من وجّه أنظار اللغويين المعاصرين إلى اللهجات العربية من خلال كتابه (في اللهجات العربة) وقد عدّده الكاتب في قائمة المصادر والمراجع التي اعتمدها ص278 والكاتب هو في حقيقة الأمر أحد تلامذة الأستاذ إبراهيم أنيس والمتأثرين بمنهجه اللغوي التجديدي والله أعلم
ما المقصود باللهجات العربية وما الفرق بينها وبين اللغة الفصحى أو بينها وبين عاميات العربية
1. المقصود باللهجات ص2 هي " العناصر التي تتكون منها الفصحى , أو الخصائص اللهجية التي تنسب إلى قبائل بذاتها ثم دخلت الفصحى وصارت جزءا منها , أي صار لها مستوى من الفصاحة يقرأ به القرآن وينظم به الشعر " اهـ ويقول أيضا: "...فاللهجة مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة, ويشترك في هذه الصفات أفراد هذه البيئة..." ص43 (انظر اللهجات العربية للأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس ط الرسالة ص11)
يقرر في الصفحة 43 متابعا في ذلك الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس أنّ العلاقة بين اللهجة واللغة هي علاقة التي بين العام والخاص أما عن معناها في الكتب التراثية القديمة فيقول ص59 :"نحن نعلم أنّ ما بين اللهجة واللغة هو ما بين الخاص والعام أو ما بين الفرع والأصل لكن العرب القدماء حين كانوا يشيرون إلى تلك الفروق بين لهجات القبائل لم يستعملوا مصطلح (اللهجة) على النحو الذي نعرفه في الدرس اللغوي الحديث , بل إنّهم لم يستعملوه قط في كتبهم , وغاية ما وجدناه عندهم ما تردده معاجمهم من أنّ (اللهجة) هي اللسان أو طرفه أو جرس الكلام , ولهجة فلان لغته التي جبل عليها فاعتادها ونشأ عليها [الجمرة , اللسان , الصحاح مادة: ل ه ج ] وإنّما كانوا يطلقون على اللهجة (لغة) أو (لغية) , ولعل ذلك راجع إلى أنهم لم يتوفروا على دراسة لهجة كاملة من لهجات القبائل التي كان يتكلمها الناس في حياتهم العادية , بل كل ملاحظاتهم إنّما تنصب على هذه الفروق اللهجية التي دخلت الفصحى ..." اهـ
2. تفريق الكاتب بين اللهجات العربية والعامية العربية قال في الصفحة الأولى من المقدمة: "وجلي أننا لا نقصد من بحثنا درسا لعاميات ما قبل الإسلام , ذلك – أوّلا – لأننا لا نعرف شيئا عن هذه العاميات أو لا نكاد نعرف عنها شيئا, و –ثانيا- لأنّ عنوان البحث ينفيه, فالقراءات القرآنية لا تمثل شيئا من العامية..." اهـ السؤال المطروح هل كانت للعرب عاميات أصلا؟ لأنّ المعروف المشهور أنّ العرب كبارا وصغارا نساء ورجالا متعلمين وجهالا بدوا وحضرا... كانوا يتكلمون في حياتهم اليومية لغة عربية سليمة صحيحة لا بالتكلف والتعلم ولكن بالسليقة والطبع ...فلا مجال في كلامهم لشيء يسمى العامية والله أعلم , اللهمّ إلاّ إذا فرقنا بين لهجات القبائل العربية واعتبرنا بعضها أفصح من بعض إلى درجة أن نجعل لهجة كلهجة قريش في مقدمة الفصاحة وننزل ببعض اللهجات الأخرى إلى درجة العامية ...والله أعلم بالحق والصواب.
 
منهج الكاتب في دراسة اللهجات العربية

منهج الكاتب في دراسة اللهجات العربية

1. /منهج صاحب الكتاب قائم أساسا على دراسة اللهجات العربية في مستوياتها اللغوية الأربعة (الصوتي, الإفرادي لغة وصرفا, التركيبي والدلالي) وفق توزيعها الجغرافي والقبلي والاجتماعي معتمدا في كلّ ذلك على ما ثبت منها في القراءات القرآنية
 
أوصاف مناطق الجزيرة العربية التي سيعتمدها الكاتب في دراسة وتعليل المظاهر الصوتية

أوصاف مناطق الجزيرة العربية التي سيعتمدها الكاتب في دراسة وتعليل المظاهر الصوتية

1. أوصاف مناطق الجزيرة العربية ومميزاتها التي سيعتمدها الكاتب في دراسة وتعليل اختلاف اللهجات والمظاهر الصوتية
· الحجاز: "فالحجاز إذن تكفل لساكنيه الاستقرار والتحضر حيث توجد مدينة تجارية دينية مثل مكة أو مناطق زراعية مثل يثرب وغيرها من هذه الأودية." ص18
· اليمن: "واليمن من أخصب بقاع شبه الجزيرة لجودة أرضها وكثرة مياهها, وهي من هنا ليست منطقة بداوة بل مقر تحضر واستقرار, فقد (سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها) ويدلنا على ذلك كثرة مدنها التي يعددها الهمداني من نحو صنعاء وصعدة وخيوان وريدة وذمار وخبأ وعدن ولحج والحصيب وأم جحدم" ص19
· تهامة: وطبيعة أرضها وموقعها وخاصة في الجنوب تتيح لساكنيها الاستقرار حيث الخصوبة والماء, وكما أنّ وقوعها على ساحل البحر جعل أهلها يتجهون إلى الملاحة والنقل البحري على النحو الذي نعرفه عن الأزد النازلين هناك ويقول فيهم الشاعر: إذا أزدية ولدت غلاما فبشرها بملاح مجيد. " ص20-21
· العروض: فمنطقة العروض إذن واحدة متميزة تقع بين الحجاز ونجد واليمن والخليج الفارسي, ومعظم الأرضين فيها صحراء خاصة كلما ابتعدنا عن الساحل, لذلك كان أهلها بداة يرتحلون سعيا وراء الماء والرزق." ص22
· نجد: "وفي نجد مناطق تتوافر فيها المياه وبخاصة في الشمال في منطقة وادي الرمة ومنطقة الحرار. لكن معظم المنطقة صحراء وأهلها بدو رحل." ص22
· الخلاصة التي سيعتمدها في تصنيف المناطق البدوية من الحضرية : "ومن هذا العرض للبيئة الجغرافية لشبه الجزيرة من النصوص القديمة نستطيع أن نتصور مناطق التحضر والاستقرار على أنها توجد في اليمن وفي بعض تهامة والحجاز وأن مناطق التبدي توجد في نجد والعروض ..." ص22
 
1 مصطلحات أنساب العرب 2 أسباب ظهور اللهجات

1 مصطلحات أنساب العرب 2 أسباب ظهور اللهجات

1. مصطلحات تصنيف الأنساب كما ذكرها القلقشندي في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب (ط بغداد ص14)
· الشعب: وهو النسب الأبعد كعدنان
· القبيلة: وهي ما انقسم فيها الشعب كربيعة ومضر
· العمارة: وهي ما انقسم فيها أقسام القبيلة كقريش وكنانة
· البطن: وهو ما انقسم فيه أنساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم
· الفخذ: وهو مل انقسم فيه أنساب البطن كبني هاشم وبني أمية
· الفصيلة: وهي ما انقسم فيها أنساب الفخذ كبني العباس ( ص26 )
2. أسباب نشوء اللهجات وتمايزها: (ص43)
· أسباب جغرافية: فإنّ اختلاف البيئة الجغرافية "يؤدي مع الزمن إلى وجود لهجة تختلف عن لهجة ثانية تنتمي إلى نفس اللغة والذين يعيشون في بيئة زراعية يتكلمون لهجة غير التي يتكلمها الذين يعيشون في بيئة صحراوية بادية " ص43-44
· أسباب اجتماعية: "إنّ المجتمع الإنساني بطبقاته المختلفة يؤثر في وجود اللهجات, فالطبقة الأرستقراطية مثلا تتخذ لهجة غير لهجة الطبقة الوسطى أو الطبقة الدنيا من المجتمع, ويلتحق بذلك أيضا ما نلحظه من اختلافات لهجية بين الطبقات المهنية..." ص44
· احتكاك اللغات واختلاطها نتيجة غزو أو هجرات أو تجاور ص44-45
· أسباب فردية : ذكر الكاتب ها هنا قولا للعالم اللغوي فندريس في كتابه اللغة ترجمة الدواخلي والقصاص ط القاهرة 1950م ص348 (من الحقائق المقررة أنّ اللغة إذا "كانت واحدة فهي متعددة بتعدد الأفراد الذين يتكلمونها, ومن المسلم به أنه لا يتكلم شخصان بصورة واحدة لا تفترق واختلاف الأفراد في النطق يؤدي مع مرور الزمن إلى تطوير اللهجة أو إلى نشأة لهجات أخرى ..."
 
جزاكم الله خيرا على هذا التقديم الموفق للكتاب، وهل الكتاب مطبوع ومتداول عندنا في الجزائر أم لا؟ عندي رغبة في اقتنائه.
 
الأخت أم يوسف شكرا على التصفح والتعليق ... نعم الكتاب مطبوع - كما تقدم - بدار المعارف بالرياض لصاحبها سعد بن عبد الرحمان الراشد سنة 1420هـ 1999م أنا شخصيا اقتنيته في معرض الكتاب ...ولكن أظنّه موجودا في بعض مكتبات العاصمة ابحثي عنه في مكتبة رواق الكتب بباش جراح والله أعلم
 
ليس من المنهجية ولا الموضوعية العلمية دراسة أصل ونشأة اللغة العربية في ظل غياب مصادر صحيحة وواضحة يمكننا الاعتماد عليها ولهذا يرى الكاتب وجوب الابتعاد عن مثل هذه الدراسة (نشأة اللغة العربية وأصلها البعيد) والاشتغال بدراسة لغة الشعر الجاهلي التي وصلتنا ضافية نقية واضحة جلية حيث يقول : "...ليقل نُساب اليمانية إنّ أوّل من تكلم بها يعرب بن قحطان, ولتذهب النزارية إلى أنّ إسماعيل (عليه السلام) هو أوّل من نطق بها, فإنّ ذلك لا يعنينا في شيء. ذلك أننا لا نملك عن تاريخ هذه اللغة نصوصا توقفنا على طفولتها وتطور حياتها الأولى, بل لعلنا نظن أنّ هذا الماضي القديم للغتنا العربية قد أصبح في ذمة التاريخ ولا سبيل لنا الآن إلى أن نسترد منه شيئا ذا بال . الذي يعنينا فهو تلك اللغة التي تتمثل لنا واضحة المعالم في هذه النصوص الكثيرة التي تنتظم فيما تنتظم شعرا فيما تعارفوا على تسميته بالشعر الجاهلي, وأرخوا له بقرن ونصف قبل البعثة المحمدية, وتنتظم أيضا نثرا يتمثل في خطب وأمثال..وهي تلك اللغة التي تصورها القراءات القرآنية أصدق تصوير نحن إذن لن نوغل في التاريخ أبعد من هذه الفترة التي تحددها النصوص الجاهلية." ص46-47​
 
ما هي اللغة العربية الفصحى وكيف نشأت ؟

ما هي اللغة العربية الفصحى وكيف نشأت ؟

1. ما هي اللغة العربية الفصحى وكيف نشأت ؟
العرب على اختلاف لهجاتهم وتنوعها كانت لهم لهجة مشتركة "لغة مشتركة عامة يصطنعها أصحابها فيما يعن لهم من فن أو من جدل القول ..." ص47
ما هي هذه اللغة ؟ وكيف تكونت ؟ "...أمن كلّ تلك اللهجات المختلفة أم من لهجة واحدة تهيّأ لها من أسباب القوة والسلطان ما حقّق لها السيادة على ما عداها من لهجات ؟"
· رأي جمهور المتقدمين والمتأخرين والمحدثين والمعاصرين أنّها لغة قريش التي نزل بها القرآن الكريم وقد نالت هذا الشرف بما أتاها الله من أسباب القوة اللغوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية قبل الإسلام وبعده
يقول ابن فارس (ص47-48): "أجمع علماؤنا بكلام العرب , والرواة لأشعارهم العلماء بلغاتهم وأيامهم ومحلهم أنّ قريشا أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة وذلك أنّ الله جلّ ثناؤه اختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم فجعل قريشا قطان حرمه وجيران بيته الحرام وولاته وكانت قريش – مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها – إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى نحائزهم وسلائقهم التي طبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب." اهـ انظر الصاحبي لابن فارس(القاهرة 1910 ص23 ) الاقتراح في علم أصول النحو للسيوطي نقل كلاما قيّما في الموضوع للفرابي(حيدر آباد 310هـ ص22) المزهر في علوم اللغة للسيوطي نقل كلاما قيما لثعلب (القاهرة 1325هـ ص22) وكلاما للفراء (ص133 من نفس المرجع)
يقول طه حسين: "...لغة قريش إذن هي هذه اللغة العربية الفصحى فرضت على قبائل الحجاز فرضا لا يعتمد على السيف وإنما يعتمد على المنفعة وتبادل الحاجات الدينية والسياسية والاقتصادية وكانت هذه الأسواق التي يشار إليها في كتب الأدب كما كان الحج وسيلة من وسائل السيادة للغة قريش ..." اهـ ص53 انظر في الأدب الجاهلي لطه حسين (المعارف 1952 ص133-36) اللغة والنحو لطه حسين (الإسكندرية 1952 ص43-44) ومصطفى صادق الرافعي في تاريخ آداب العرب (القاهرة 1911 ج1 ص82-84) شوقي ضيف في تاريخ الأدب العربي , العصر الجاهلي (القاهرة 1961 ص133-134)
يقول الدكتور إبراهيم أنيس: " وهكذا نرى أنّ بيئة مكة قد هيّئت لها ظروف وفرص بعضها ديني وبعضها اقتصادي واجتماعي ممّا ساعد على أن تصبح المركز الذي تطلّعت إليه القبائل , وشدّت إليه الرحال قرونا عدة قبل الإسلام فكان أن نشأت بها لغة مشتركة أسست في كثير في صفاتها على لهجة مكة" اهـ ص54 من كتاب مستقبل اللغة العربية لإبراهيم أنيس (الجامعة العربية 1960 ص8-9)
· رأي الكاتب المنطلق من رفض الدرس اللغوي المعاصر مسألة المفاضلة بين اللغات : يقول الكاتب ص49 معقبا على رأي جماهير علماء الإسلام في القديم والحديث :"والذي لا شكّ فيه عندنا أنّ سببا واحدا [فحسب] هو الذي جعلهم يضعون لهجة قريش هذا الموضع, وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرشي أما أنّ قريشا لهم (نحائزهم وسلائقهم التي طبعوا عليها ) فتلك مسألة يرفضها الدرس اللغوي الصحيح إذ إنه – كما يقول سابير – (لا معنى لأن نقول إنّ هناك لغة – مهما تكن – أكثر فصاحة أو أكثر ارتباطا من لغة أخرى قد تكون أكثر تعقيدا أو أكثر صعوبة) ويذهب الأستاذ الخولي إلى أنّ تفضيل لغة على لغة (إنّما هو همهمة لاهوتية تخلب بعبارتها الفنية , فتنشر الظلال وتنثر البخور المخدر إلى غير حد معروف) وأما هذه العيوب التي خلت منها لهجة قريش والتي تنسب إلى كثير من القبائل العربية فمعرفتنا بها معرفة مبنية على نصوص قليلة مبتورة ومع أنها قد لا تخلو من بعض الحقيقة فإننا نظن أنّ بها نصيبا غير قليل من المبالغة بل لعلها دليل على طبيعة المجتمع العربي الذي كان يدفع كل قبيلة إلى أن تفتخر بلغتها وبشعرائها وهي في افتخارها هذا تعزو إلى غيرها من القبائل عيوبا لسانية قد لا يكون لها نصيب كبير من الواقع وذلك أمر تؤيده حوادث التاريخ إذ يذكر رابين أنّ كثير من الشعوب الألمانية قد دأبت على أن تنسب إلى بعضها مثل هذه العيوب اللغوية ...اهـ " انظر أمين الخولي مشكلات حياتنا اللغوية (الجامعة العربية 1958 ص63-64) Sapir (Edward): culture ,language and personality California 1960 p\6. Rabin (chaim) : Ancient West Arabia , London 1951 P.11
ثم يضيف قائلا: ص55 "...وهذه الأسباب كلها – في رأينا – لا تقوى دليلا على تمكين لهجة قريش من السيطرة والسيادة. ألم يكن في شبه الجزيرة أسواق غير عكاظ يلتقي الناس فيها للتجارة وأين ذهبت دومة الجندل والمشقر وهجر وعمان وصحار والشحر وغيرها من أسواقهم في الجاهلية وهل نستطيع أن نتصور أنّ العرب لم يكونوا يلتقون إلاّ في مكة أيام الحج وأيام عكاظ ؟ وأين كانت حروبهم التي كانت تستمر سنوات ذوات عدد ؟ وأين هجراتهم المستمرة بحثا عن الرزق ؟ وأين أحلافهم التي كانت تجمع بينهم ؟ ... ونحن لا نستطيع أن نتصور أنّ القبائل العربية كانت تعيش منعزلة تقبع كل قبيلة منها في منازلها ولا تبرحها إلاّ للحج أو لعكاظ(إذ من العسير حقا على عدد قليل من الناس الحياة في تلك البيئات الشديدة القيظ القليلة المياه المجدبة القفراء. ولكنهم حين يتعاونون ويكثر عددهم قد يستفيدون من خبرة بعضهم في شق الآبار وخبرة الآخرين في تقفي الآثار أو مواضع الرعي والكلأ في المواسم المتعددة , أو حتى في شنّ الغارات للنهب والسلب طلبا للقوت وما يكفل لهم الحياة ويصد عنهم الهلاك وقد دلت ملاحظات اللغويين من المحدثين على أنه حيث تقسو الطبيعة بالحر أو البرد يميل الناس إلى الاتصال بعضهم ببعض في صورة جماعات كثيرة العدد ولا يكاد ينفرد أو ينعزل في مثل تلك البيئة عدد قليل من الأفراد ويترتب على ذلك الاتصال أن تقلل الفروق بين اللهجات) . " انظر الدكتور أنيس مستقبل اللغة العربية المشتركة ص21
يواصل الكاتب كلامه قائلا: "...والرأي عندنا بعد هو ما نحسبه موافقا لطبيعة التطور اللغوي, وهو أنّ شبه الجزيرة العربية كانت بها لهجات كثيرة مختلفة تنسب كل لهجة منها إلى أصحابها وإلى جانب هذه اللهجات كانت هناك لغة عربية مشتركة تكونت على مرّ الزمن بطريقة لا سبيل لنا الآن إلى تبينها وهذه اللغة المشتركة لا تنسب إلى قبيلة بذاتها لكنها تنسب إلى العرب جميعا ما دامت النصوص الشعرية والنثرية لا تكاد تختلف فيما بينها, وهذه النصوص كما نعلم ليست قرشية أو تميمية أو هذلية فقط بل هي من قبائل مختلفة مما يدل على أن هذه اللغة المشتركة هي التي كان الأدباء يصطنعونها في فنهم القولي ونحن لا نستطيع أن نتصور أنهم كانوا يتحدثون في بيعهم وشرائهم وهزلهم باللغة ذاتها التي ينظمون بها شعرهم أو يضعون فيها خطبهم..." اهـ 57 انظر ص129
 
مصادر اللهجات القبلية في كتب العربية

مصادر اللهجات القبلية في كتب العربية

1. اللهجات العربية في الكتب التراثية القديمة أو مصادر اللهجات العربية :
تناول هذه المسألة في فصل خاص عنونه بلهجات القبائل في كتب العربية لعلّ أهم حكم بدأ به الفصل هو قوله59 : (نحن لا نعرف كتابا واحدا تخصّص في دراسة اللهجات العربية القديمة..." اهـ وقد رتب كتب ومصادر اللهجات العربية وفق الترتيب التالي:
· كتب اللغات : وهي فيما يبدو نوع من الكتب يتناول المواد اللغوية من حيث اشتقاقاتها ودلالاتها وهي أقرب إلى المعاجم اللغوية منها إلى كتبٍ تتناول اللهجات العربية بالدراسة والتحليل. من هذه الكتب ص60 :
ü كتاب اللغات ليونس بن حبيب (183هـ)
ü كتاب اللغات للفراء (207هـ)
ü كتاب اللغات لأبي عبيدة (210هـ)
ü كتاب اللغات للأصمعي (213هـ)
ü كتاب اللغات لأبي زيد (215هـ)
ü كتاب اللغات لابن دريد (321هـ)
ü كتاب السبب في حصر لغات العرب لحسين بن مهذب المصري (650هـ)[1]
قال الكاتب60:" ونحن لا نعرف شيئا عن هذه الكتب إذ لم يصلنا منها كتاب واحد لسوء الحظ, لكننا نستطيع أن نتبين بعض طرائقها مما نقله بعض اللغويين..." ثم ذكر بعضا ممّا نقله ابن دريد في الجمهرة عن كتاب اللغات لأبي زيد (ويقال النكر والنكر والفكر والفكر والفكرة ويقال سرقا وسرقا وسرقا) (ويقال انتُقع لونه وامتُقع واهتُقع والتُمع والتٌهم وانتُسف) (ويقولون مِتّ ومُتّ ودِمتُ ودُمتُ ...وأكثر ما يتكلم به طيء) [الجمهرة 3\472-484 قال الكاتب61: " واضح من هذه النصوص أنّ هذه الكتب كانت نوعا من المعاجم , وأنّ مؤلفيها لم يكونوا يهتمون –إلاّ في القليل – بعزو اللهجات إلى أصحابها ." اهـ
· كتب اللغات في القرآن :
ü لغات القرآن للفراء
ü لغات القرآن للأصمعي
ü لغات القرآن لأبي زيد (انظر الفهرست لابن النديم ص59)
ü ما ورد في القرآن من لغات القبائل لأبي عبيد القاسم بن سلام (214هـ)
ü اللغات في القرآن إسماعيل بن عمرو المقرئ (429هـ)
وصلنا من هذه الكتب الكتابان الأخيران وإن كان بعض أهل العلم (الدكتور أحمد علم الدين الجندي) يجعلهما كتابا واحدا والمصنف ها هنا يرى خلاف ذلك وقد حقق المسألة وبيّن وجهة نظره مستندا إلى مجموعة من الأدلة والقرائن ... ثم أصدر حكمه على هذا النوع من المصادر بقوله 63 : " ...وعلى كلٍّ فإنّ منهج الكتابين واحد وهما يتناولان اللهجات – في الأغلب الأعم – على المستوى الدلالي وليس فيهما إلاّ قليل جدا على المستوى الصوتي..."
· المعاجم : قال المصنف 63 : "وتعتبر المعاجم – بطبيعة مادتها – مصادر هامة للهجات, ولكن كثيرا منها لم يهتم بعزوها إلى قبائلها..." ثم يذكر أنّ أهم المعاجم التي تناول اللهجات العربية بالبيان والذكر هي: جمهرة ابن دريد "إذ تنتشر فيه ثلاث وعشرون لهجة أكثرها من اليمن" وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان بن سعيد الحميري قال 64: "وهو في رأينا أهم مصدر لدراسة اللهجات اليمنية إذ لا تكاد تخلو صفحة فيه من لهجة يمنية" اهـ يضاف إلى هذه المعاجم المعاجم الموضوعية الخاصة كنحو (النخل والكرم) للأصمعي وكتاب المطر لأبي زيد ...
· كتب المشترك والمترادف والأضداد : خاصة وأنّهم يعللون المشترك بأنّه يجيء (على لغتين متباينتين) وكذلك الترادف إنما يكون (من واضعين وهو الأكثر بأن تضع إحدى القبيلتين أحد الاسمين والأخرى الاسم الآخر للمسمى الواحد من غير أن تشعر إحداهما بالأخرى ثم يشتهر الوضعان ويخفى الواضعان" كما يعللون التضاد بنفس العلة (فإذا وقع الحرف على معنيين متضادين فمحال أن يكون العربي أوقعه عليما بمساواة منه بينهما ولكن أحد المعنيين لحي من العرب والمعنى الآخر لحي غيره ثم سمع بعضهم لغة بعض فأخذ هؤلاء عن هؤلاء وعن هؤلاء قالوا فالجون الأبيض في لغة حي من العرب والجون الأسود في لغة حي آخر ثم أخذ الفريقين من الآخر...) . في كتاب الأضداد لابن الأنباري ذكر للقبائل التالية : الحجاز قريش كنانة نصر هذيل طيء حمير تميم . وفي الأضداد للأصمعي الحجاز هذيل عقيل طيء بنو هلال وفي كتاب السجستاني الحجاز هذيل كنانو نصر خزاعة عقيل اليمن (انظر: ثلاثة كتب في الأضداد تحقيق أوجست هفنر بيروت 191 ص 5-39-40-43-44-52-75-81- 101-126-144 ) مثال: السدفة في لغة تميم الظلمة والسدفة في لغة قيس الضوء (المزهر1\230)
· كتب النوادر 66 : قال المصنف: "وهي مصدر طيب لدراسة اللهجات , وبين أيدينا كتاب النوادر لأبي زيد نجد فيه مادة خصبة لهذه الدراسة فهو كثيرا ما يعزو اللهجات إلى أصحابها"
· كتب الأمثال 67: قال المصنف: "أما الأمثال فإنّ دراستها تفيد الدرس اللهجي أيما فائدة لأنّ الأمثال لغة الشعب التي يطلقها فور الحدث دون تصنع وهي هنا تعتبر مرآة صادقة للهجة ويعتمد عليها دارس اللهحات العامية اعتمادا كبيرا وفي كتاب الميداني ذكر أمثال منسوبة إلى لهجاتها..." مثال قوله : أتى عليهم ذو أتى هذا مثل من كلام طيء
· الضرورات الشعرية كثير منها لا يعدو أن يكون لهجات مختلفو ومتنوعة قال المصنف 68: "والضرورة الشعرية كذلك في حاجة إلى دراسة جديدة تستقرئها وتردها إلى أصولها لأنّ هذه التي يسمونها ضرائر تلجئ (هكذا) إليها طبيعة الشعر ليست – في رأينا - إلاّ لهجات عربية وهي خاصة بالشعر ...وهي ليست كذلذ ضرورة إلاّ إذا كنا نقصد منها انتقال الشاعر من لهجة إلى أخرى خضوعا للوزن الشعري ..."
· كتب النحو : قال المصنف 69: "أما كتب النحو فلسنا نتوقع أن تقدم لنا من اللهجات أكثر مما قدمت, ذلك أنّ أصحابها يتناولون اللغة بالتقنين والتنظيم وشرط اللغة الاطراد لكن لو أنهم أعطوا اللهجات حقها من الدرس لأراحونا من كثير من تأويلاتهم النحوية التي تبعدهم عن الفهم الصحيح للظاهرة اللغوية على النحو الذي نعرفه في تخريجهم {إنّ هذان لساحران} مثلا." ثمّ مثل بكتاب سيبويه وبعض ما جاء فيه من ذكر للهجات والقبائل ومثله كتاب همع الهوامع...

[1] انظر بغية الوعاة للسيوطي (القاهرة 136هـ ص236) فهرست ابن النديم (ط الاستقامة ص69-104-85-88-78-97)
 
مكانة ابن جني ودوره في دراسة اللهجات العربية

مكانة ابن جني ودوره في دراسة اللهجات العربية

· مكانة ابن جني من دراسة اللهجات العربية : قال المصنف72 : "...ونحن نعتبر ابن جني أقرب اللغويين العرب إلى الفهم الصحيح للدرس اللغوي , فهو يعقد في خصائصه بابا بعنوان (باب اختلاف اللغات وكلها حجة) ويرى فيه أنه لا فرق في الاستعمال بين لهجة وأخرى , ويشعرك بذلك قوله (ألا ترى أنّ لغة التميميين في ترك إعمال (ما) يقبلها القياس , ولغة الحجازيين في إعمالها كذلك , لأنّ لكل واحد من القومين ضربا من القياس يؤخذ به ويخلد إلى مثله , وليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبهتا , لأنها ليست أحق بذلك من رسيلتها , ولكن غاية مالك في ذلك أن تتخير إحداهما على أختها وتعتقد أنّ أقوى القياسين أقبل لها , وأشدّ أنسا بها , فأما ردّ إحداها بالأخرى فلا) [الخصائص 2\10] ويقول (فإذا كان الأمر في اللغة المعول عليها هكذا وعلى هذا (أي قليلة) فيجب أن يقل استعمالها, وأن يتخير ما هو أقوى وأشيع منها, إلاّ أنّ إنسانا لو استعملها لم يكن مخطئا لكلام العرب, ولكنه يكون مخطئا لأجود اللغتين... وكيف تصرف الحال فالناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ وإن كان غير ما جاء به خيرا منه.)"
 
المصدر البشري للهجات العربية (The Informer)

المصدر البشري للهجات العربية (The Informer)

· المصدر البشري للهجات العربية The informer : فهو تبعا لابن جني يعتبره ذا (قيمة كبيرة في استقاء اللغة) كما أنّه (المصدر الذي يعتمد عليه دارسوا اللهجة في المقام الأوّل) وممّا قاله في هذا المعنى "...فرق كبير جدّاً بين أن تسمع الظاهرة اللغوية من أصحابها الناطقين بها وبين أن تروى لك الظاهرة رواية عن طريق غيره , إذ لا بدّ من معرفة الملابسات التي تحيط بالمتكلم عند الكلام وما قد يصحب ذلك من إشارات تضيف إلى طريقة النطق معاني أخرى لا تفيدها الرواية ..." وقد ذكر طريقتين لأخذ اللغة من المصدر البشري " أوّلهما الخروج إلى البادية والحياة بين البدو..." "وثانيهما الأعراب الذين عدوهم فصحاء, وهؤلاء الأعراب إلاّ أقلهم كانوا يقيمون بمدن العراق , يختلف إليهم اللغويون في البصرة والحيرة وبغداد..."
 
هل حقا لا يستطيع العربي العدول عن لسانه ولهجته ؟

هل حقا لا يستطيع العربي العدول عن لسانه ولهجته ؟

· هل حقا لا يستطيع العربي العدول عن لهجته إلى لهجة أخرى؟ يقول المصنف مناقشا هذه المسألة ص76 : "وهم يرددون لنا كثيرا أنّ العربي لا يستطيع أن يتزحزح عن لهجته , وهم يبالغون في ذلك مبالغة شديدة لا تتفق والواقع اللغوي بل ولا الوظيفة العضوية لجهاز النطق..." ثم أورد قصةً ذكرها ابن جني عن أعرابي عسر عليه التحول من الإمالة إلى الفتح وعلّق عليها ابن جني بقوله: ( أفلا ترى إلى هذا الأعرابي, وأنت تعتبره جافيا كزا , لا دمثا طيّعا, كيف نبا طبعه عن ثقل الواو إلى الياء فلم يؤثر فيه التلقين, ولا ثنى طبعه عن التماس الخفة هز ولا تمرين) [الخصائص1\76] قال المصنف متعقبا هذا الاتجاه ورادّاً عليه: "ولقد نستطيع أن نتصور ذلك لو أنّ لهجة هذا العربي تخلو تماما من حرف الواو بحيث يصعب عليه نطقها مع التلقين والتمرين ثم إنّ ابن جني نفسه يذكر نصوصا أخرى تناقض هذا الذي كانوا يذهبون إليه من استحالة انتقال العربي من لهجته إلى لهجة غيره, إذ يعقد في الخصائص بابا بعنوان (في الفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعدا) يؤيده بقول الشاعر: فطلت لدى البيت العتيق أخيلهو ومطواي مشتاقان لهْ أرقان ..." وينقل كلاما لابن جني يبين فيه وجه الجمع بين لهجتين اثنتين يقول فيه: (ووجه الحكمة في الجمع بين اللغتين القوية والضعيفة في كلام واحد هو أن يروك أنّ جميع كلامهم وإن تفاوتت أحواله فيما ذكرنا وغيره على ذكر منهم وثابت في نفوسهم) وقوله أيضا: (وذلك لأنّ العرب وإن كانوا كثيرا منتشرين وخلقا عظيما في أرض الله غير متحجرين ولا متضاغطين, فإنهم بتجاورهم وتلاقيهم وتزاورهم يجرون مجرى الجماعة في دار واحدة فبعضهم يلاحظ صاحبه ويراعي أمر لغته, كما يراعي ذلك من مهم أمره...)
تعليق: إنّ الذي ذكره المتقدمين هو صعوبة التحول من لهجة لأخرى لا استحالتها وخاصة إذا تعلق الأمر بصنف خاص من المتكلمين كالشيخ والمرأة ومن غلب عليه الطبع حتى لم يعد ينفع معه تعليم معلم ولا تلقين ملقن ...
 
القصة التي أوردها ابن جني، هي لأعرابي عجز عن نطق الواو في كلمة :"طوبى"، وليس الإنتقال من الإمالة إلى الفتح، وهذا يتناسب مع رد الراجحي، لما قال أن ذلك لا يمكن تصوره إلا في حالة خلو لغة الأعرابي من الواو!! وهذا رد قوي يجعلنا نشك في صحة القصة أصلا.،لأن نطق الواو مع وجوده أصلا في لغتهم، لا يُتصور استحالته ولا صعوبته ــ كما أوردتم في التعليق ــ بعد التلقين والتعليم...والله أعلم.
 
تعديل

تعديل

تعليق: إنّ الذي ذكره المتقدمون هو صعوبة التحول من لهجة لأخرى لا استحالتها وخاصة إذا تعلق الأمر بصنف خاص من المتكلمين كالشيخ والمرأة ومن غلب عليه الطبع حتى لم يعد ينفع معه تعليم معلم ولا تلقين ملقن ...
(معذرة على مثل هذه الأخطاء التي لا تغتفر ...)
 
اللهجات والقراءات القرآنية

اللهجات والقراءات القرآنية

1. اللهجات والقراءات القرآنية 80...110: اعتبر الكاتب في هذا الباب القراءات القرآنية أهم مصدر لمعرفة اللهجات العربية فتناول من أجل ذلك مسائل ومباحث متعلقة بالقراءات كأصل نشأة القراءات ومسار تطورها ومسألة توثيق النص القرآني وبيان القراءات الصحيحة والشاذة ومصادر القراءات في التراث الفكري القديم ولهجات القراءات والقراء ومسألة الخلاف بين النحاة والقراء
2. توثيق النص القرآني بدأ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم 81 "أوّل قارئ للقرآن" فقد "كان يعجل بقراءته حين تلقيه" من أجل حفظ النص وتثبيته فنزل قوله تعالى{لا تحرك به لسانك لتعجل به} كما "كان يعود إلى جبريل يدارسه القرآن ويعرضه عليه كل عام مرة حتى وفاته فعرضه عليه مرتين" 82 "وعلى هذا المنهج من توثيق النص – خلال التلقي والعرض – سار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته يقرأ عليهم ويقرأون عليه" "ولكن مع هذا المنهج الدقيق في توثيق النص اختلف الصحابة في قراءة القرآن والرسول بين ظهرانيهم والأخبار في ذلك كثيرة وأقرّ الرسول اختلافهم وكان الحديث الذي بلغ مرتبة التواتر (إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منها) ." فاختلاف الصحابة إذن يرجع إلى اختلاف أحرف القرآن لا غير كما هو ظاهر من الحديث لكن يبدو والله أعلم أنّ للكاتب رأي آخر سيأتي بيانه ...من مظاهر توثيق النص القرآني كذلك كتابته 84 سواء في زمنه صلى الله عليه وسلم أو في زمن خلفائه 87"ثم جاءت الفتوح الإسلامية وخرج الصحابة معها إلى الأمصار الإسلامية الجديدة يستقرون هناك . ونشط الخلفاء في إيفاد القراء من الصحابة إلى الأمصار ليعلموا الناس القرآن...88 "فكثر القراء الأئمة وتعددت القراءات المأخوذة عنهم ويبدو أنّ القراءات السبع لم تكن قد اشتهرت في الوقت الذي بدأ العلماء فيه يؤلفون في القراءات كأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي حاتم السجستاني وأبي جعفر الطبري وإسماعيل بن إسحاق القاضي فقد ذكروا 89 في كتبهم أضعاف تلك القراءات ثم جاء وقت بدأ الناس فيه يقبلون على قراءات بعض الأئمة دون بعض ..." فقبلوا بعض القراءات وردّوا بعضها الآخر كما قدّموا بعضها على بعض معتمدين في ذلك على قواعد محدّدة وأصول معيّنة لعل أهمّها ثلاثة 91 أن تكون القراءة موافقة للعربية ولو بوجه أن تكون القراءة موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا أن يصح سندها عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وبتطبيق هذا الضابط عرفت القراءة الصجيجة ... وبوجود هذا الضابط أيضا عرفت القراءات الشاذة ..."
3. ما هي القراءات الشاذة ؟ بعد أن ذكر مختلف أقوال أهل العلم في الشاذ والباطل والمردود والذي يقبل ولا يقرأ به والذي لا يجزم بقرآنيته أصلا وغيرها من الأقوال المعروفة والمبثوثة في كتب القراءات خلص الكاتب إلى أنّ "...القراءات الشاذة ...هي التي تفتقد موافقة المصاحف العثمانية" ثم تابع بقوله: "والذي يهمنا – في هذا البحث – هو أنّ هذه القراءات يتصل سندها بالرسول صلى الله عليه وسلم , وهو ما يجعلها مصدرا لدراسة اللهجات العربية " ثم ذكر نصوصا وأقوالا لابن جني يرى فيها أهمية الاستدلال بشواذ القراءات في مسائل ومباحث اللغة .
 
أصل القراءات ونشأتها هل هو الوحي أم اللهجات واللحن

أصل القراءات ونشأتها هل هو الوحي أم اللهجات واللحن

1. للكاتب فصل في بيان أصل ومنشأ القراءات فيه كثير من اللبس وقد يفهم منه – خطأ – أنّ اللحن في أداء النص القرآني أو على الأقلّ اختلاف اللهجات هو أصل نشأة القراءات ...وسأنقل نصه كاملا فقد قال معلقا على حديث (أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه) 83 "ومهما يختلف شراح هذا الحديث ومهما يكثر من حوله الجدل وتتعدد أوجه القول على ما نعرفه في مصادره فإنّ الجانب الذي يهمنا هنا هو أننا نرجح أنّ الحديث لم يقل إلاّ بعد الهجرة , يؤكد ذلك أنّ بعض الطرق التي روي بها الحديث تذكر أنّ الرسول كان (عند أحجار المراء بالمدينة) أو (عند أضاة بني غفار) وهما موضعان بالمدينة , وأنّ اختلاف الصحابة في القراءة كان يحدث في المسجد ومعنى ذلك أنّ المشكلة لم توجد حيث كان الرسول في مكة حيث كان عدد المسلمين قليلا وحين كان معظمهم من قريش يتحدثون بلهجة واحدة أما وقد انتقل الرسول إلى المدينة ودخل ناس كثيرون في الإسلام من قبائل مختلفة بلهجات متباينة ومنهم الطفل الذي لم يستقم لسانه والخادم الذي يجهل والشيخ والمرأة العجوز هنا وجدت المشكلة فاختلف الناس في القراءة تسامح الإسلام معهم فأقرهم الرسول على اختلافهم يوضح ذلك حديثه (إني بعثت إلى أمة أميين منهم الغلام والخادم 84 والشيخ العاني والعجوز ) ..." ولولا تصريحه في مواطن أخرى باشتراط القراء صحة سند القراءة لجزمنا بأنّ الكاتب قصد هذا الفهم السقيم وهو أنّ منشأ القراءات واختلاف الصحابة إنّما هو اختلاف اللهجات وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزد على أن أقرّ الجميع تخفيفا وتيسيرا على أمته لا غير ...وهذا باطل لأنّ أصل القراءات هو الوحي وأنّ التيسير متاح في حدود ما نزل به القرآن ثم إنّ لهجات العرب في زمن الوحي متعددة وكثيرة وأحرف القرآن أقلّ وأخصّ منها ثمّ لننظر في قصة الصحابة الذين اختلفوا في قراءاتهم وتحاكموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترى أنّه صلى الله عليه وسلم طلب منهم أن يعرضوا قراءتهم عليه ليسمعها وليعرضها بدوره على الوحي الذي أنزل عليه فلما وافق ما عنده أقرهم جميعا ولو كان أصل القراءات ومنشأها مطلق التخفيف كما يفهم من قول الكاتب لوافقهم وأقرهم دون أن يحتاج إلى السماع إليهم والله أعلم ...
 
لماذا تعدّ القراءات القرآنية أهمّ وآصل مصادر اللهجات العربية ؟

لماذا تعدّ القراءات القرآنية أهمّ وآصل مصادر اللهجات العربية ؟

1. القراءات القرآنية أهمّ وآصل مصادر اللهجات العربية لماذا؟
· أوّلاً [لوثاقتها وصحة ثبوتها بخلاف جميع المصادر الأخرى ] وقد خصّ الكاتب جلّ الفصل الأوّل (القراءات نشأتها وتطورها) من الباب الثاني (القراءات واللهجات) لبيان هذه المسألة
· [لتنوعها وكثرة مادتها ]
· القراءات على خلاف باقي المصادر لا تكتفي بمجرد نقل المسموع من كلام العرب بل تقرنه بصفة أدائه كذلك, يقول الكاتب في هذا الشأن: 101 "ونحن نعتبر القراءات آصل المصادر جميعا في معرفة اللهجات العربية, لأنّ منهج علم القراءات في طريقة نقلها يختلف عن كل الطرق التي نقلت بها المصادر الأخرى كالشعر والنثر بل يختلف عن طرق نقل الحديث ...فالقراءة ...لا تكتفي في النقل بالسماع بل لا بدّ من شرط التلقي والعرض وهما أصح الطرق في النقل اللغوي..." [نقل بتصرف غير مخلّ بمعنى الكاتب]
· علم أصحاب القراءات بعلوم العربية يقول الكاتب 102 "أضف إلى ذلك أنّ أصحاب القراءات كانوا – إلى شهرتهم بالضبط والدقة والإتقان – على معرفة واسعة بالعربية ووجوهها..." [غاية النهاية 1َ\443 – 1\346 - ... النشر 1\166...]
· [عدالة أئمة القراءة وتدينهم بخلاف أئمة اللغة فإنّ هذه الصفة لا تطّرد فيهم ]
 
موقف الكاتب من قدح طائفة من النحاة في بعض القراءات الصحيحة

موقف الكاتب من قدح طائفة من النحاة في بعض القراءات الصحيحة

1. قدح النحاة في بعض القراءات : يرجع الكاتب الخلاف بين النحاة والقراء إلى اختلاف منهج العلمين فأحدهما قائم على التقعيد والقياس والآخر قائم على مطلق الرواية والنقل حيث يقول: "فالنحاة أصحاب تقعيد وتنظيم وهذه الروايات التي تخرج على قواعدهم كانت تفجأهم فلا يكون منهم إلاّ تجريحا وإخراجها على التوهم والقراء أصحاب أداء وهم أهل تلق وعرض فهم - من هذه الناحية – أدق من النحاة في نقلهم للغة. " ثم يحسم الكاتب المسألة لصالح القراء بقوله : "نحسب أنّ الحق في جانب القراء حيث أنّ بحثنا في اللهجات يثبت أنه قد كانت هناك لهجات مستعملة تؤيد هذه القراءات ...ولو كان النحاة مهتمين بدراسة اللهجات العربية القديمة لما ردوا هذه القراءات ولما جرحوا أصحابها."
 
الاعتماد على القراءات الشاذة إلى جانب الصحيحة في معرفة اللهجات العربية

الاعتماد على القراءات الشاذة إلى جانب الصحيحة في معرفة اللهجات العربية

1. الاعتماد على القراءات الشاذة إلى جانب الصحيحة في معرفة اللهجات العربية : يقول الكاتب في هذا الشأن: 106 " نحن لا نستطيع أن نعوّل على القراءات الصحيحة وحدها في معرفة اللهجات العربية إذ أنّ العبرة في اختلاف القراءات إنما كانت لاختلاف اللهجات وهذه القراءات الصحيحة ليست كل القراءات التي كان يقرأ بها المسلمون الأولون لكنها اشتهرت على رأس الثلاثمائة حين سبّع ابن مجاهد القراءات السبع وشذذ ما عداها[1]..." ويقول أيضا: "وعلى أية حال فإنّ القراءات الشاذة جاءت منقولة مروية والرواية تبلغ بها عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأمر الذي يهمنا هنا إذ تعتبر بذلك صورة لاختلاف اللهجات..." ويختم بنقل للسيوطي رحمه الله 107 جاء فيه "كل ما ورد أنه قرئ به جاز الاحتجاج به في العربية سواء أكان متواترا أم آحادا أو شاذا وقد أطبق الناس على الاحتجاج بالقراءات الشاذة في العربية إذا لم تخالف قياسا معروفا بل ولو خالفته يحتج بها في مثل ذلك الحرف بعينه." (الاقتراح للسيوطي ص17)

[1] هل فعلا قال ابن مجاهد بشذوذ ما عدا السبعة التي اختارها ...لأنّ هذا القول غريب ولا يعلم عنه ولم ينقله عنه أحد
 
مصادر القراءات

مصادر القراءات

1. مصادر القراءات لبيان ومعرفة اللهجات 109:
· كتب القراءات صحيحها وشاذها
· كتب الاحتجاج للقراءات
· كتب التفسير
 
دراسة لغوية في اللهجات العربية المستوى الصوتي (منهجية الكاتب)

دراسة لغوية في اللهجات العربية المستوى الصوتي (منهجية الكاتب)

1. الباب الرابع : دراسة لغوية في اللهجات الفصل الأوّل المستوى الصوتي
· منهجه في دراسة الأصوات العربية :
أ‌. جعل هذا الفصل قسمين الأوّل خصّه للصوائت والصوامت درس فيه الهمز والصوامت الحلقية وكسر حرف المضارعة والصوائت القصيرة بينما خصّ القسم الثاني لدراسة الأصوات وتأثير بعضها في بعض درس فيه الإدغام والفتح والإمالة والتأثر بالجهر أو بالإطباق أو بالمخالفة أو بالإتباع والتأثر بالحذف
ب‌. يبدأ في جميع مباحثه أوّلا بتعريف الظاهرة الصوتية عند علماء العربية ثم من خلال الدرس الصوتي الحديث, والغريب في الأمر أنّه كلما وقع خلاف بين المذهبين سارع إلى تبني مذهب علماء الأصوات باعتباره قائم على المشاهدة والتجربة ...[وليس الأمر كذلك - والله أعلم - إذ كثير من مسائل ومباحث علم الأصوات الحديث قائم على مجرد التخمين أو اجتهاد في تأويل وفهم بعض الاستقراءات أو النتائج المخبرية ...فينبغي التفريق بين التجربة والاستقراء (وهذا هو الجانب العلمي الموضوعي )وبين ما نستنتجه ونستخلصه ونفهمه من التجربة والاستقراء (وهذا محل الاجتهاد قد يصيب فيه صاحبه وقد يخطئ وليس علماء الأصوات كفارا كانوا أو مسلمين بأعلم ولا أفقه من علماء العربية والتجويد في مطلف الفهم والاجتهاد والاستنتاج ...والله أعلم بالحق والصواب...]
ت‌. يدرس الصوت من خلال القراءات القرآنية الصحيحة منها والشاذة وينتهي ببعض التعليلات والتعليقات
ث‌. يدرس الصوت من خلال كتب العربية بنفس طريقة دراسته عند القراء
ج. ينتهي بتعليل التوزيع الجغرافي للصوت اللغوي أو تعليل الكثرة والقلة وغيرها من الفوائد
 
صوت الهمزة بين القراءات القرآنية واللهجات العربية

صوت الهمزة بين القراءات القرآنية واللهجات العربية

· الهمز : عدّد الكاتب في أوّل هذا المبحث أقسام الهمز وأنواعه باعتبار الإفراد والازدواج والتحريك والتسكين ...ثمّ تعرض لمذاهب القراء مستنتجا ما يلي :
أ‌. 118 "أنّ أبا جعفر قارئ المدينة كان أكثر القراء ميلا إلى تسهيل الهمزة أو حذفها وهو بذلك يمثل بيئته في هذه الظاهرة خير تمثيل ."
ب‌. "أنّ نافعا قارئ المدينة أيضا لم يرو عنه تسهيل الهمزة إلاّ في حروف قليلة "
ت‌. "أنّ ابن كثير قارئ مكة لم يرو عنه شيء من التسهيل في هذه القراءات كلها ومعنى ذلك أنّ قراءته من هذه الناحية لا تصور بيئته بحال "
ث‌. "أنّ هذه القراءات توضح لنا - بما لا يدع مجالا للشك – أنّ تحقيق الهمز كان أكثر انتشارا من تسهيلها " وانظر أيضا ص125
ج‌. أنّ بعض العرب كان يبالغ في تحقيق الهمز استدل الكاتب على هذا الاستنتاج بنحو سكت حمزة على السواكن قبل الهمز حيث قال: 119 "...ومعنى ذلك أنّ حمزة كان حريصا على إظهار تحقيق الهمزة , ولذلك يعلق أبو علي بأنّ حمزة (كان يقف هذه الوُقيفة قبل الهمزة توصلا إلى تحقيقها لأنه جعل الهمزة بهذه الوقيفة التي وقفها قبلها على صورة لا يجوز معها إلاّ التحقيق لأنّ الهمزة قد صارت بالوقيفة مضارعة للمبتدأ بها , والمبتدأ بها , لا يجوز تخفيفها) ." كما استدل بنحو قراءة {سأقيها, سؤقه, بالسؤق, ضئزة, ضئاء, يأجوج ومأجوج..} على ذات المعنى حيث قال: 120 "وهذه القراءات الأربع الأخيرة تدل على أنّ بعض اللهجات لم تكن تكتفي بتحقيق الهمزة بل تبدل [ الصوائت ] الطويلة (الألف والواو والياء) همزة..."
ح‌. لا تلازم بين لهجة القارئ التي يختارها وبين بيئته الصوتية واللهجية يقول الكاتب مستدلا بهمز ابن كثير 120 :"والذي يلفت النظر أنّ ابن كثير قرأ في أكثر هذه الحروف وحده بالهمز وابن كثير مكي ومكة منزل قريش من أجل ذلك قررنا من قبل أنّنا لا نستطيع أن نعتمد على بيئة القارئ في تحديد لهجته ."
ثم بيّن الكاتب مذاهب العرب ولهجاتهم في نطقهم بالهمز معتمدا في ذلك على نقول أهل اللغة مقررا ما يلي :
أ‌. التوزيع الجغرافي للهجات العربية بحسب تلفظها بالهمز قال الكاتب125: "تجمع كتب العربية على أنّ تحقيق الهمزة من لهجات تميم وقيس وبني أسد ومن جاورها, أي قبائل وسط شبه الجزيرة وشرقيها, وأنّ تسهيلها لهجة أهل الحجاز"
ب‌. يرى الكاتب أنّ هذا التنوع بين تحقيق الهمز وتسهيله قائم على تحضّر أو بداوة بيئتها مستدلا أوّلا بالتوزيع الجغرافي المتقدم حيث يقول: 126 "وهذه القبائل التي كانت تحقق الهمزة قبائل كانت تعيش في البادية , أما قبائل التسهيل فهي تلك التي كانت متحضرة في الحجاز وبخاصة قريش في مكة والأوس والخزرج في المدينة ..." كما استدل ثانيا بطبيعة صوت الهمز حيث يقول128 :"والذي عندنا أنّ تحقيق الهمز يناسب البيئة البدوية, إذ ثبت أنّها صوت شديد لأنّها صوت حنجر انفجاري لا هو بالمجهور ولا بالمهموس
ت‌. يؤكد الكاتب في آخر هذا المبحث على مذهبه ورأيه في كون اللغة العربية الفصحى ليست لهجة قريش 129 حيث يقول: "ومع ذلك فإنّ الهمزة التي نحاول أن نجد تعليلا لتخلص الحجازيين منها هي التي سادت اللغة العربية المشتركة كما يتّضح من القراءات القرآنية التي قدمناها, وهي دليل قاطع على أنّ هذه العربية المشتركة التي نعرفها في النصوص الجاهلية لم تقم على لهجة قريش وحدها, أو بعبارة أخرى ليست لهجة قريش هي هذه العربية المشتركة على ما ذهب إليه القدماء والمحدثون." اهـ
 
الصوامت الحلقية

الصوامت الحلقية

· الصوامت الحلقية : 129 وقد أخرج منها الغين والخاء واعتبرهما أصواتا حنكية لا حلقية زاعما أنّ "التجارب الحديثة" تثبت ذلك 130 وممّا استنتجه وذكره في هذا المبحث ما يلي:
أ‌. حدّد ابتداء طبيعة الخلاف القائم بين اللهجات العربية في الصوامت الحلقية قائلا : "وقد اختلفت اللهجات العربية في الصوامت الحلقية, بين إبقائها صامتة دون صائت قصير (حركة) وبين تحريكها بالفتحة, بل إنّ الصامت الحلقي يؤثر على الصامت الذي قبله فيحركه بالفتحة أيضا."
ب‌. بعد أن عرض لمذاهب القراء في الصوامت الحلقية يعلق الكاتب قائلاً:132 "وواضح من هذه القراءات أنّ كثيرين من القراء كانوا يقرأون الصامت الحلقي بفتحة, وبتحريك الصامت الذي قبله بفتحة كما في {شَطَأَه} و{قرَح}. ويبدو أنّ هذا التحريك كان شائعا حتى إنّ أبا علي يقول: (واتفاقهم على الفتح يدل أنه أوجه من الإسكان)"
ت‌. أما القبائل العربية التي تفتح الأصوات الحلقية فهي بنو عقيل 133فيما ذكر ابن جني وبنو بكر بن وائل 134فيما ذكره أبو حيان
ث‌. ثمّ يستنتج قائلاً : 135 "فإذا عرفنا أنّ بني عقيل كانوا يسكنون البحرين وأنّ بني بكر بن وائل كانوا يسكنون اليمامة إلى البحرين, أدركنا سرّ هذا التشابه في اللهجة بين القبيلتين والتفسير العلمي لهذه الظاهرة أنّ تحريك الصوت الحلقي أخف من تسكينه , إذ أنّ (كل أصوات الحلق بعد صدورها من مخرجها الحلقي تحتاج إلى اتساع في مجراها بالفم, فليس هناك ما يعوق هذا المجرى في زوايا الفم, ولهذا ناسبها من أصوات اللين أكثرها اتساعا, وتلك هي الفتحة)" [ما بين قوسين منقول من كتاب اللهجات العربية ص135 لإبراهيم أنيس]
 
حروف المضارعة

حروف المضارعة

· كسر حرف المضارعة : 135 "المعروف أنّ حرف المضارعة يحرك بالفتحة إلاّ إذا كان الماضي رباعيا فإنّه يضم . ولكن بعض القبائل كانت تجنح إلى تحريك حرف المضارعة بالكسرة دائما."
أ‌. يبدأ أوّلا بعرض القراءات في هذا الباب 136 ... فيلاحظ أنّ جميعها من الشواذ ومن أمثلة ما ذكر { نِستعين , تِبيض , تِسود , ألم إعهد , سنِفرغ لكم ...} ويستخلص أنّ حروف المضارعة التي يطالها الكسر ليست الياء من بينها , وأنّ يحيى بن ثوبان أحد القراء التابعين قد أكثر من كسر حروف المضارعة وهو كوفي من موالي بني أسد
ب‌. قارن الكاتب بين هذه الظاهرة الصوتية في القراءات واللهجات العربية وبين بعض اللغات السامية كالعبرية وبعض العاميات المعاصرة حيث يقول: 137 "والجدير بالملاحظة أنّ اللغة العبرية تكسر حرف المضارعة في معظم الأوزان فالفعل (Shamar) (شمر) مضارعه Yishmur (يِشمر) والفعل (Dibber) (دِبر) مضارعه (YIdabbir) كما أنّ لهجتنا العامية تميل إلى كسر حرف المضارعة نحو (يِلعب – يِنام – يِصلي – يِستغفر)."
ت‌. ينتقل بعد ذلك إلى دراسة الظاهرة في اللهجات العربية من خلال كتب علوم اللغة القديمة فيبدأ بذكر تسميتها عند القدماء وهي "التلتلة" ثم يحدد ويعيّن القبائل التي تكلمت بها فيذكر138 : بهراء, كلب, تميم, قيس, أسد, ربيعة, هذيل وعن مساكن هذه القبائل يقول : "أما بهراء وكلب فعمارتان من قضاعة, ونحن نعلم أنهم كانوا ينزلون الشام بالقرب من العراق وأما ربيعة فكانت تسكن الحيرة وأسد من ربيعة وكانت تنزل قبل الكوفة 139 بخمس مراحل. بقي لدينا تميم وهذيل, أما تميم فكانت تسكن شرقي شبه الجزيرة بالقرب من العراق, وأما هذيل فكانت تسكن الحجاز."
ث‌. ينقل الكاتب في خلاصة بحثه رأي الأستاذ إبراهيم أنيس حيث يقول: " ولذلك [أي انطلاقا من التوزيع الجغرافي للهجات الكسر القريبة من الشام والعراق] يحاول الدكتور أنيس أن يفسر هذه الظاهرة بأن (بعض القبائل التي تأثرت بحياة الحضر قذ آثرت صوت اللين الأمامي الذي نسميه الكسرة.) [اللهجات العربية 74] ثم يطبق ذلك على بهراء التي تأثرت بما في الشام من لغات كالآرامية والعبرية اللتين اطرد فيهما كسر حروف المضارعة." يعلق الكاتب على هذا الرأي بقوله: "ولقد يكون ذلك صحيحا لو أنّ الرواة لم ينسبوا هذه الظاهرة إلى تميم وإلى هذيل , فتميم من القبائل البادية كما نعلم, وهذيل من القبائل الحجازية, وعلى أية حال فإنّ اللغة لا تعرف الاطراد الدائم الذي لا يتخلف."
 
الصوائت القصيرة

الصوائت القصيرة

· الصوائت القصيرة أي الحركات العربية الثلاث , يرى الكاتب ابتداء 139 أنّ أخف الحركات العربية هي الفتحة ثم الكسرة فالضمة والمشهور المعروف عند القراء والله أعلم أنّ الضمة أخفّ من الكسرة وليس العكس . قسّم الكاتب مبحثه هذا إلى ثلاثة مطالب الأوّل لاختلاف القراءات القرآنية واللهجات العربية بين الفتح والكسر والثاني بين الفتح والضم والثالث بين الكسر والضم
أ‌. تحت عنوان جانبي (بين الفتح والكسر)140 بدأ الكاتب دراسة هذه الظاهرة كعادته بالقراءات فمثّل لها بنحو تحسَِب, يحسَِبهم , عسَِيتم, قَِرن, السَِلم, حَِج, الوَِتر... ثم انتقل للحديث عن الظاهرة في اللهجات العربية فنسب الفتح إلى قبائل الحجاز والكسر إلى قبائل قيس وتميم وأسد وأهل نجد ليستنتج 142"...أننا نستطيع أن نعزو الفتح – وهو أخف من الكسرة – إلى البيئة المتحضرة في الحجاز, وأن نعزو الكسر إلى تميم وأسد وأهل نجد وهي قبائل بادية لا تنفر طبائعهم من الخشونة."
ب‌. وفي مطلب (بين الفتح والضم) 143 مثّل لهذه الظاهرة ببعض ما جاء في القراءات القرآنية بنحو: قَُرح, كَُرها, الرَُهب, ضَُعف, سَُدا, غَُرفة, ميسَُرة... ثم علّق عليها بقوله: 144 "وواضح أنّ هذه القراءات تبين أنّ القراء لم يكن لهم مذهب واحد في القراءة بالفتح أو بالضم. لكننا نلحظ أنّ أكثرهم قراءة بالفتح نافع وابن كثير وقراءتهما تصور اللهجة التي كانت تسود بيئتهما, وأنّ أكثرهم قراءة بالضم هم الكوفيون." وعن جانب اللهجات يقول: 145 "أما لهجات القبائل في هذه الظاهرة فإنّهم ينسبون الفتح إلى أهل الحجاز, وينسبون الضم إلى أهل البادية من العالية ونجد وتميم" ثم ينتقل للاستنتاج بقوله: "والفتحة تلائم البيئة الحضرية لما فيها من خفة بينما تناسب الضمة أهل البادية لثقلها."
ت‌. وفي المطلب الثالث (بين الكسر والضم) 146 مثّل للقراءات بنحو: رُِضوان, خُِفية, جُِذوة, إُِسوة, الرُِجز, البُِيوت , العُِيون, الشُِيوخ, الغُِيوب ...يعزُِب, يطمُِثهن, يعكُِفون, فصُِرهن...وعن اللهجات يقول 149 "فإنهم ينسبون الكسر إلى أهل الحجاز لأنّه أخفّ..." ..."...إنّ قبائل تميم وقيس وأسد وبكر تذهب إلى الضم وهي من القبائل التي تسكن وسط شبه الجزيرة وشرقيها ومعظمها قبائل بادية والضم أنسب لها."
 
تأثر الأصوات بعضها ببعض: 1. الإدغام

تأثر الأصوات بعضها ببعض: 1. الإدغام

· تحت عنوان : الأصوات وتأثير بعضها في بعض تناول أولا ظاهرة الإدغام وقد بيّن في بداية هذا المبحث أنّ المحدثين يقسمون تأثر الأصوات إلى نوعين 1- تأثر رجعي Regressive وفيه يتأثر الصوت الأوّل بالثاني 2- تأثر تقدمي Progressive وفيه يتأثر الصوت الثاني بالأوّل
أ‌. بدأ الكاتب بتعريف الإدغام 150 وأنّه "ضرب من التأثير الذي يقع في الأصوات المتجاورة إذا كانت متماثلة أو متجانسة أو متقاربة" وقسّمه إلى كبير بين متحركين وصغير بين ساكن ومتحرك وأشار إلى قسمة ابن جني فالأكبر عنده هو القسمين المذكورين بينما الأصغر (هو تقريب الحرف من الحرف وإدناؤه منه من غير إدغام يكون هناك) ومن أمثلة الصغير الإمالة ثم بيّن علة الإدغام قائلا: 151 "والذين يذهبون إلى الإدغام يذهبون إليه طلبا للتخفيف"
ب‌. عرض الكاتب مذاهب القراء في الإدغام والإظهار ثم استخلص النتائج التالية:
1- "أنّ الإدغام في اللغة العربية يكاد ينحصر في هذا الضرب الذي يتأثر فيه الصوت الأول بالتالي أي تأثر رجعي فيما عدا هذه القراءات الأخيرة التي يظهر فيها تأثر الصوت الثاني بالأوّل ." 156
2- "أنّ القراء الذين اشتهر عنهم الإدغام هم أبو عمرو بن العلاء والكسائي وحمزة وابن عامر وهم قراء البيئة الكوفية والشامية, وأنّ الذين اشتهر عنهم الإظهار هم أبو جعفر ونافع وابن كثير وعاصم ويعقوب, وهم قراء البيئة الحجازية سوى عاصم ويعقوب فمن الكوفة والبصرة
3- أنّ القراءة بالإدغام كانت مشهورة وفاشية بين القراء حتى لا نكاد نجد واحدا إلاّ وقد شارك فيه ولو بقدر قليل, ومعنى ذلك إنّ الإدغام لم يكن يقل شيوعا في اللغة العربية عن الإظهار, إن لم يزد عليه حتى إنّ أبا عمرو بن العلاء يقول (الإدغام كلام العرب الذي يجري على ألسنتها ولا يحسنون غيره) "
ج. وبعد دراسته لظاهرة الإدغام في اللهجات العربية يقرر 157 أنّ كتب العربية متفقة على أنّ الإظهار لهجة الحجازيين وأنّ الإدغام هي لهجة تميم و159 أسد و غنى وعبد القيس وبكر بن وائل وكعب ونمير وهذيل ...ثم يخلص قائلاً : 160 "فنحن نستطيع إذن أن ننسب الإدغام إلى تلك القبائل التي تسكن وسط شبه الجزيرة وشرقها, ومعظمها قبائل بادية تميل إلى التخفيف والسرعة في الكلام, كما نستطيع أن ننسب الإظهار إلى بيئة الحجاز المتحضرة وهي تميل إلى التأني في الأداء بحيث تظهر كل صوت فيه..." ولأنّ هذيل من قبائل الحجاز وقد ذكرها الكاتب في الآخذين بالإدغام استدرك بقوله : "فلعلها ذهبت إلى الإدغام في هذه الظاهرة وحدها [إدغام ألف المقصور في ياء المتكلم] وعلى أية حال فإنّ الحجازيين كانوا يذهبون إلى بعض الإدغام كما رأينا."
 
جزاكم الله خيرا على هذا التقديم الوافي، والذي أفادني لدرجة أني لا أفكر الآن باقتناء الكتاب، لأنكم أفدتم وأجدتم...
غير أنني أريد أن أعرف كيف يمكن الجمع بين هاتين الجملتين المذكورتين في الكتاب:
"والفتحة تلائم البيئة الحضرية لما فيها من خفة بينما تناسب الضمة أهل البادية لثقلها."
" ومعظمها قبائل بادية تميل إلى التخفيف والسرعة في الكلام".
أليس التخفيف هو سمة أهل البيئة الحضرية؟
 
ابتداء أحب أن أشير إلى أنّ المصنف وقع في تناقضات عدّة – والله أعلم – أرجأت مناقشتها والحديث عنها إلى آخر الكتاب... ولعلّ هذه المسألة واحدة منها .
الجواب عن سؤالك أيّتها الأخت الكريمة أنّ الكاتب يفرّق بين ميزتين عند أهل البادية الأولى ميلهم للتخفيف وبها علّل الكثير من المظاهر الصوتية التي تمتاز بشيء من التيسير والتسهيل كالإمالة والإدغام ... الثانية طبيعتهم الخشنة التي تناسب بعض الظواهر الصوتية التي تتّصف بشيء من النبوة والشدّة كالهمز والمدّ ... (على أن أعود إلى هذه التعليلات في آخر هذه الدراسة إن شاء الله تعالى)
وهذه نسخة للكتاب مصورة من رفع الأخ الكريم (المساهم) على العناوين التالية 1 2 3 4
 
الفتح والإمالة

الفتح والإمالة

· الإمالة والفتح 160, المسألة الثانية من تأثير الأصوات بعضها في بعض بدأها بتعريف الظاهرة "فالإمالة ضرب من ضروب التأثر الذي تتعرض له الأصوات حين تتجاور أو تتقارب, وهي والفتح صائتان, وقد يكونان طويلين أو قصيرين" ونقل تعريف ابن الجزري " الفتح عبارة عن فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف وهو فيما بعده ألف أظهر ويقال له التفخيم وربما قيل له النصب وينقسم إلى فتح شديد وفتح متوسط ...والإمالة أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء 161 (كثيرا) وهو المحض, ويقال له الإضجاع , ويقال له البطح, وربما قيل له الكسر أيضا (وقليلا) وهو بين اللفظين ويقال له أيضا التقليل والتلطيف وبين بين, فهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى قسمين, إمالة شديدة وإمالة متوسطة وكلاهما جائز في القراءة جار في لغة العرب." ويضيف كل من ابن جني من القدماء وإبراهيم أنيس من المحدثين نوعا آخر هو إمالة الفتحة والألف نحو الواو [اللهجات العربية 46 سر الصناعة 1\55-56] ويسميها ابن جني ألف التفخيم ويذكر الكاتب في الهامش أننا نلاحظ وجودها في لهجاتنا العامية ويمثل لها بنحو : فوق , نوع , شوط ...تمال الفتحة قبل الواو إلى الضم كما ذكر نوعا آخر هو 162 (الكسرة المشوبة بالضمة نحو قيل وبيع وغيض وسيق , وكما أنّ الحركة قبل هذه الياء مشوبة بالضمة فالياء بعدها مشوبة بروائح الواو.)
· من أهمّ المسائل التي طرقها الكاتب في مبحث الفتح والإمالة مسألة الأصلية والفرعية وقد تناولها على طريقة القدماء من خلال ذكره نصوصا ونقولا لكل من ابن خالويه وابن يعيش وابن الجزري نكتفي ها هنا بنقل ابن الجزري حيث يقول:"ولقد اختلف أئمتنا في كون الإمالة فرعا عن الفتح أو كلا منهما أصل برأسه مع اتفاقهم على أنهما لغتان فصيحتان صحيحتان نزل بهما القرآن , فذهب جماعة إلى أصالة كل منها وعدم تقدمه عن الآخر ... وكما أنه لا يكون إمالة إلاّ بسبب فكذلك لا يكون فتح ولا تفخيم إلاّ بسبب قالوا ووجود السبب لا يقتضي الفرعية ولا الأصالة وقال آخرون إنّ الفتح هو الأصل 163 وإنّ الإمالة فرع بدليل أنّ الإمالة لا تكون إلاّ عند وجود سبب من الأسباب فإن فقد سبب منها لزم الفتح وإن وجد شيء منها جاز الفتح والإمالة , فما من كلمة تمال إلاّ وفي العرب من يفتحها ولا يقال كل كلمة تفتح ففي العرب من يميلها ...قلت ولكل من الرأيين وجه وليس هذا موضع الترجيح." [النشر 2\32] ثم يعالج مسألة الأصلية هذه بطريقة عصرية حديثة ناقلا كلام الأستاذ إبراهيم أنيس قائلاً: الذي يرى أنّ الإمالة في الألف التي أصلها ياء تطورت من صائت مركب diphthong إلى إمالة إلى الفتح [(بَيِْعَ).....إمالة.....فتح] . أما الإمالة بغير أصل من أصول الكلمة كإمالة الفتحة أو إمالة الألف غير المنقلبة عن أصل فليس هذا إلاّ نوعا من الانسجام بين الصوائت, وهذا الانسجام أقرب إلى السهولة والاقتصاد في الجهد العضلي, وعليه فإنّ الكلمة التي تشتمل على صوائت منسجمة أحدث من نظيرتها التي خلت صوائتها من الانسجام. وعلى ذلك فإنّ كلمة (كتاب) بالفتح أقدم منها بالإمالة" [اللهجات العربية 43-47]
· قال الكاتب في أسباب الإمالة :"أسباب الإمالة عندهم عشرة ترجع إلى شيئين أحدهما الكسرة والثاني الياء." [فكل من الكسرة والياء متقدمة أو متأخرة موجودة أو مقدرة وتامة أو ناقصة (الإمالة) ويمكننا إدراج أسباب أخرى كالتناسب الصوتي في نحو فواتح السور والألفات المنقلبة عن واو في رؤوس الآي والشبه في نحو ألف التأنيث في نحو الحسنى والقرى وما رسم ياء وجهل أصله كموسى ويحيى وعيسى وكثرة الاستعمال في نحو الناس]
· الإمالة تندرج تحت التأثر الرجعي والتقدمي كليهما 164"فالإمالة للكسرة والياء المتقدمتين تأثر تقدمي إذ يتأثر الصوت الثاني بالأول والإمالة للكسرة والياء المتأخرتين تأثر رجعي إذ يتأثر الأول بالثاني."
· الاستنتاجات التي يخلص إليها بعد دراسته للفتح والإمالة في كلّ من القراءات ومصادر العربية للهجات القبلية :
أ‌. "أنّ الإمالة كانت شائعة في قراءات أهل البصرة والكوفة أي في البيئة العراقية"
ب‌. يكاد القدماء يتفقون على أنّ الفتح لهجة أهل الحجاز وأنّ الإمالة لهجة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس ولهجة هوازن وسعد بن بكر وبكر بن وائل والقبائل اليمنية في مواضع قليلة 168 "أما تميم وأسد وقيس فقد ذكرنا أنّهم من ساكني وسط شبه الجزيرة وشرقيها وأما هوازن فبطن من قيس, وينتسب بنو سعد بن بكر إلى هوازن, وبكر بن وائل في جنوب العراق."
ت‌. والنتيجة : "فنحن نستطيع إذن أن ننسب الإمالة إلى القبائل البادية في وسط شبه الجزيرة وشرقيها والفتح إلى غربيها, ويبدو أنّ ذلك راجع إلى أنّ أهل البادية كانوا يميلون في كلامهم إلى الاقتصاد في المجهود العضلي, والإمالة تحقق لهم ذلك بما فيها من انسجام بين الأصوات."
ث‌. 168-169"هل كان الحجازيون يذهبون إلى الفتح دائما؟ يذكر سيبويه أنّ الحجازيين يميلون في مواضع قليلة, وذلك حيث يقول (وممّا يميلون ألفه كل شيء من بنات الياء والواو هما فيه عين إذا كان أول فعلت مكسورا نحواْ نحوَ الكسرة, كما نحواْ نحو الياء فيما كانت ألفه في موضع الياء وهي لغة لبعض أهل الحجاز, فأما العامة فلا يميلون, ولا يميلون ما كانت الواو فيه عينا إلاّ ما كان منكسر الأوّل وذلك خاف وطاب وهاب) [الكتاب 2\261][همع الهوامع 2\200 شرح الأشموني على الألفية 4\438]
· إمالة الكسر نحو الضم 169 "وهي توجد في الفعل الثلاثي الذي قلبت عينه ألفا في الماضي إذا بني للمجهول " في نحو {قيل غيض حيل سيء ...}ذكر أنّ للقراء خاصة وعموم العرب ثلاثة مذاهب إخلاص الكسر وإخلاص الضم وإمالة الكسر إلى الضم فأما الأوّل فلهجة قريش ومجاوريهم من بني كنانة وأما الضم فلهجة هذيل وأما الإمالة فلهجة قيس وعقيل ومن جاورهم وعامة بني أسد ثم استنتج قائلاً: "ومعنى ذلك أنّ إخلاص الكسر عند قريش ومجاوريهم من بني كنانة تناسب ما يذهبون إليه من الفتح, وهذه اللهجة نستطيع أن ننسبها إلى بيئة الحجاز, وإذا كانت هذيل قد اختلفت مع بيئتها الحجازية في هذه اللهجة فقد اختلفت معها كما ذكرنا من قبل من إدغامها ألف المقصور في ياء المتكلم, القبائل التي تذهب إلى إمالة الكسر نحو الضمة 170 هي نفسها القبائل التي اشتهرت بالإمالة, وهي قبائل وسط شبه الجزيرة وشرقيها, وإن كانت قد ذكرت هنا قبيلة عقيل دون أن تذكر في القبائل المميلة, فهي من قبائل المنطقة الشرقية حيث كانت البحرين على ما هو مذكور في موضعه."
 
التأثر بالجهر أو بالإطباق أو بالمخالفة أو بالإتباع

التأثر بالجهر أو بالإطباق أو بالمخالفة أو بالإتباع

· التأثر بالجهر أو بالإطباق أو بالمخالفة أو بالإتباع؛ المسألة الثالثة في مبحث تأثر الأصوات بعضها ببعض.
أ‌. بدأ بتعريف هذه المظاهر الصوتية وتصوير طبيعة وحقيقة التأثير بها, أما تأثير الجهر فيقول: 170 "حين يلتقي صوت مهموس بصوت مجهور, قد ينقلب أحدهما إلى نظير الآخر بحيث يتكون منهما صوتان مهموسان أو مجهوران" (الأصوات العربية إبراهيم أنيس ص117)وعن الإطباق يقول: "كما قد تؤثر الأصوات المطبقة فيما يجاورها [من الحروف المنفتحة] فتحوّلها إلى مطبقة" أمّا المخالفة 171 "فتحدث في الكلمات التي تشمل على صوتين متماثلين كل التماثل إذ تميل بعض اللهجات إلى قلب أحدهما إلى صوت آخر لتتم المخالفة بينهما, والغالب أن يتغير أحدهما إلى صائت طويل" (الأصوات العربية143) "والإتباع الذي نقصده هنا هو ما نجده من تأثر الصوائت القصيرة بعضها ببعض إذ يحدث أن يتجاور أو يتقارب صائتان قصيران في كلمة أو كلمتين فيتأثر أحدهما بالآخر وينقلب إلى جنسه"
ب‌. وعن فائدة هذا التأثير يقول: 171 " ويؤدي ذلك إلى انسجام في الأصوات, وهذا الانسجام كما ذكرنا يؤدي إلى السهولة والاقتصاد في الجهد العضلي عند الكلام . وهذا الضرب من التأثير قد يكون تأثرا رجعيا أو تقدميا على النحو الذي يظهر بعد."
ت‌. التأثر بالجهر : أمثلة من القراءات : قراءة الصراط بإشمام الصاد زايا ومثله {أصدق , يصدقون , تصدية ...} تعليقات الكاتب ونتائجه 174 " – أنّ الذين ذهبوا إلى الجهر هم القراء الذين ذهبوا إلى الإمالة ومنهم هنا حمزة والكسائي قارئا الكوفة" "- أنّ التأثر في (الصراط) و(أصدق) تأثر رجعي , حيث تأثر الصوت الأوّل بالثاني,فالصاد مهموس لثوي احتكاكي مطبق, والراء صوت مجهور لثوي مكرر, والدال صوت مجهور انفجاري, ومعنى ذلك أنّ الصاد المهموسة تجاورت 175 مع صوت مجهور فتأثرت به, وكان ما أسموه إشمامها زايا, وأغلب الظنّ أنّ هذا الإشمام لم يكن زايا خالصة, بل كان مطبق الزاي أي ما يشبه الظاء في لهجتنا العامية في مصر." "- برهنت التجارب الحديثة على أنّ الصوت المجهور أوضح في السمع من نظيره المهموس, فالمجهور يسمع من مسافة قد يخفى عندها المهموس. وحيث يتحدث اثنان بعدت بينهما المسافة يحس السامع منهما بوضوح صوت (الدال) حين يقارن بنظيره المهموس وهو (التاء). وعلى ذلك فإنّ الذي نتوقعه أن تنسب هذه الظاهرة من التأثر بالجهر إلى القبائل البادية حيث تتطلب البيئة الصحراوية التي تنتشر فيها الأصوات في مسافات شاسعة لا يعوقها عائق ولا يحول دونها حائل, توضيح الأصوات بطرق عدة من بينها الجهر بالصوت ليصبح أكثر وضوحا في أذن السامع" . 176 وفي نسبة هذه الظاهرة للقبائل العربية ولهجاتهم نقل كلاما لأبي حيان مفاده أنّ القبائل العربية التي اعتمدتها في لهجتها هي قيس وعذرة وكعب وبنو القين وهم من قبائل نجد والعروض قال الكاتب: "وعلى ذلك نستطيع أن نعزو الميل إلى الجهر إلى القبائل البادية في وسط شبه الجزيرة وشرقيها وأن ننسب الميل إلى الهمس إلى القبائل المتحضرة."
ث‌. التأثر بالهمس 172 نقل قراءة ليحيى بن واثب {ألم أحَّد إليكم} ثمّ قال معلقا عليها 177 - أنّ الذي رويت عنه هذه القراءة كوفي من موالي بني أسد "- أنّ الذي حدث في هذه الظاهرة عمليتان, الأولى نتيجة تجاور العين والهاء في {أعهد} فالعين صوت مجهور حلقي والهاء صوت مهموس حلقي فتأثر المجهور بالمهموس وقلب إلى نظير المهموس وهو الحاء (أحهد) وهو تأثر رجعي ثم تأثرت الهاء وفنيت فيها وهو تأثر تقدمي وقد جاء على هذه اللهجة قولهم (دحا محا) أي (دعها معها) ." "- والغريب حقا أن تنسب هذه اللهجة إلى تميم, ذلك أنّ الميل إلى الهمس مناقض لنظيره وهو الميل إلى الجهر , والجهر أنسب للقبائل البادية على ما ذكرنا آنفا, خاصة وأنّ تميما قد اشتهرت بالميل إلى الجهر أكثر من غيرها من القبائل حتى نسبوا إليها ما يسمونه بالعنعنة وهي قلب الهمزة عينا إذا اجتمعت مع همزة ثانية أو مع نون...178 وذلك يجعلنا نشكّ في نسبة هذه الظاهرة – أي التأثر بالهمس – إلى تميم , هذا بالإضافة إلى أننا لن نجد شاهدا آخر من القراءات أو غيرها عليها, ولعلها إن وجدت أن تكون لهجة لبعض من بني تميم دون أن تكون لهم جميع."
ج‌. التأثر بالإطباق: 172 أمثلة من القراءات: {الصراط و السراط} {يبسط بسطو المسيطرون بمسيطر في مقابل يبصط بصطة...} {أصبغ أسبغ} ما ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم «والنخل باسقات و باصقات» قال الكاتب معلقا على هذه الظاهرة 178 "انّ الذي حدث في (الصراط) هو تأثير رجعي, تأثر فيه الصوت الأوّل (السين) بالثاني الراء " ويرجع السبب إلى أنّ الراء المفخمة معدودة في حروف الإطباق 179 "أما الذي حدث في (باسقات وباصقات وأصبغ) فلأنهم كانوا يرون هذه الأصوات المجهورة استعلاء , والقاف عندهم صوت مجهور [والباء كذلك ولكن ما علاقة الجهر بالتأثر بالإطباق موضوع البحث ؟] يقول ابن جني معللا ومفسرا هذه الظاهرة: (الأصل السين وإنما الصاد بدل منها لاستعلاء القاف فأبدلت السين صادا لتقرب من القاف لما في الصاد من الاستعلاء ونحوه قولهم سقر وصقر وفي السقر والصقر ...) ينسب ابن حيان لهجة الصاد في الصراط لقريش ويعلق الكاتب على هذه النسبة بقوله: "...قد يكون ذلك صحيحا في الألفاظ التي يوجد فيها إطباق نحو (يبسط وبمسيطر) أما أنّ قريشا كانت تذهب إلى الإطباق في (باسقات) و (أسبغ) و (سقر) فذلك ما لا نظنه لأنّ البيئة الحضرية تميل إلى الأناة في الأداء بحيث تعطي كل صوت حقه فتنطقه بصفاته , ولعل هذه الظاهرة أن تنسب إلى أهل البادية أجدر, حيث عرفنا أنّ صوت الإطباق فيه من الوضوح ما يناسب البيئة الصحراوية."
ح‌. التأثر بالمخالفة 173 مثّل له من القراءات باختلافهم في تشديد وتخفيف {فذانك} وقراءة عكرمة {إيلا ولا ذمة} بياء بعد الهمزة المكسورة واللام خفيفة. قال معلقا على هذه الظاهرة 180: «أنّ الذي حدث في (فذانيك) و (إيلا) إنما هو نوع من المخالفة, حيث اجتمع صوتان متماثلان, فتغيرت النون الثانية من (فذانك) إلى صائت طويل وهو الياء[1], كما أبدلت اللام الأولى من (إلاّ) إلى صائت طويل وهو الياء أيضا» وقال أيضا : "أن هذه الظاهرة يقصد بها التخفيف من شيء يستثقلونه وهو التضعيف والذين يذهبون إلى هذا التخفيف هم القبائب البادية ذاتها التي تذهب إلى التضعيف..." نسبت هذه الظاهرة لبني قيس بطن من قبيلة أسد قال 181: " وكانوا يسكنون المنطقة الشرقية مجاورين لبني تميم وبكر بن وائل وعلى ذلك فإننا نستطيع أن نعزو هذه الظاهرة أيضا إلى القبائل البادية."
خ‌. التأثير بالإتباع : مثّل لها من القراءات 173... بنحو اختلافهم في {أنُِ اقتُلوا , أوُِ اخرُجوا...} وبنحو {قمَِ الَّيلَ , قلَِ الحَقَّ من ربّكم, المُحْصَُنات , الحمدُ لُله , الحمدِ لِله...ثمّ علّق على هذه الظاهرة بقوله 181 :" أنّ الذي حدث في {الحمدُ لُله} تأثر تقدمي, تأثر فيه الصوت الثاني بالأوّل وما حدث في {الحمدِ لِله} تأثر رجعي, تأثر فيه الصوت الأوّل بالثاني , ويلاحظ هنا أنّ الصائت القصير الضمة في الحمدُ له وظيفة إعرابية ومع ذلك تأثر بالصائت القصير الآخر الكسرة في لِله طلبا لهذا الانسجام بين الأصوات." وقد ذكر ابن جني في الخصائص 2\143وكذلك في المحتسب (مخطوط 81) أمثلة لهذه الظاهرة في لهجات العرب 182 "وقد عزا أبو حيان كثيرا من هذه الأمثلة إلى أزد شنوءة وهك من القبائل البادية التي كانت تسكن سروات الحجاز على ما ذكرنا من قبل." "...هذه الظاهرة كانت شائعة فيهم لما يكون فيها من انسجام صوتي تتحقق به السهولة والسرعة في الكلام ..."

[1] ما ذكره هنا من إبدال النون ياء مخالف لما قدم له في الصفحة 173 حيث ذكر أنّ الخلاف بين القراء حول تخفيف وتشديد النون وهذا هو المعروف فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس بالتشديد والجماعة بالتخفيف (جامع البيان للداني 662 تحقيق محمد صدوق الجزائري طبعة دار الكتب العلمية بيروت 2005م . إتحاف فضلاء البشر لشهاب الدين الدمياطي ص436 دار الكتب العلمية بيروت 1422هـ 2001م)
 
التأثر بالحذف

التأثر بالحذف

· التأثر بالحذف المسألة الرابعة في مبحث تأثر الأصوات بعضها ببعض . بدأ بتصوير المسألة وبيان حقيقة هذه الظاهرة بقوله 182 " حين تتجاور أصوات متماثلة أو متقاربة , تميل بعض اللهجات إلى حذف أحدها طلبا للتخفيف, وليس هذا الحذف مقصورا على الصوامت وحدها بل يشمل الصوائت أيضا وقد يكون الصائت جزءا من الشكل (Form) في بنية الكلمة, وقد يكون ذا وظيفة إعرابية على النحو الذي يظهر بعد." من نماذج وأمثلة القراءات التي ذكرها الكاتب من الصوامت {أتحاجونني أتحاجونّي , أتأمرونني أتأمرونّي, الخبْءَ الخبَ} ومن الصوائت {قدَْره, الدرَْك, خطُوات خطْوات, الأكُل الأكْل, مرَْض , لعِْنوا, ربحَْت, بارئِْكم, يأمرُْكم, ينصرُْكم ...} وعن نسبة هذه الظاهرة للهجات العربية يقول الكاتب:184 "... وينقل أبو علي أنّ هذه اللهجة لغطفان. وهي كما ذكرنا تنسب إلى قيس عيلان كما أنّها من القبائل البادية التي تسكن مجاورة لطيء والبدو يميلون إلى السهولة والسرعة في الكلام ومن هنا كان الحذف." ويذكر 187 أنّ أبا عمرو سُئل عن (يعلمهم الكتاب) فقال: أهل الحجاز يقولون يعلّمُهم ويلعَنُهم مثقلة ولغة تميم يعلِمْهم ويلعَنْهم. أما استنتاجات الكاتب وتعليقاته على هذه الظاهرة فيقول: 187 "...أنّ القراء اختلفوا في التحريك والتسكين بحيث لا يظهر لهم مذهب واحد ولكن أبا عمرو كان أكثرهم قراءة بالتسكين وهو من البيئة البصرية." "أنّ حذف الصائت جاء نتيجة توالي الصوائت, سواء كانت هذه الصوائت في اسم أم في فعل, وسواء كانت في كلمة أو في كلمتين وسواء كانت متماثلة نحو (الدَرَك- خُطُوات) أم مختلفة (رَجُل – فنَظِرة)" "أنّ هذا الحذف للصائت ان طلبا للتخفيف لاستثقالهم توالي الصائت حتى لو كان هذا الصائت ذا وظيفة إعرابية كما في قراءة أبي عمرو." 183 "...أنّ الذي حدث في القراءتين الأوليين (أتأمرونني أتحاجونني) هو اجتماع صوتين متماثلين (النون) نتج عنه إدغامهما في صوت واحد والإدغام بطبيعته مستثقل أضف إلى ذلك أنّ قبله صائتا طويلا وهو عندهم "حرف ساكن" والإدغام أوله ساكن, مما جعل بعضهم يقلب مثل هذا الصائت الطويل همزة على ما رأيت في قراءتهم (ولا الضألين و دأبة) وعلى ذلك فإنّ حذف النون الثانية إنما طلب به التخفيف..." لا أدري ما وجه تسمية الكاتب الإدغامَ ها هنا حذفا خاصة وأنّه عقد للإدغام مبحثا خاصا به ص150, ويواصل تعليله وتوجيهه لهذه الظاهرة بقوله 184 "...أنّ الذي حدث في (الخبء) هو وجود صوتين صامتين متجاورين وبينهما شيء من التشابه, فالباء صوت انفجاري والهمزة كذلك انفجاري فكان حذف الهمزة مؤديا إلى التخفيف." والحقّ والله أعلم أنّ الذي حدث ها هنا ليس حذفا مطلقا بل هو حذف للصامت ونقل للصائت المصاحب له لما قبله حتى يدلّ عليه وهو ما يسمى في اصطلاح علماء العربية والتجويد بنقل الحركة .
 
المستوى الصرفي

المستوى الصرفي

· الفصل الثاني المستوى الصرفي جعله ستّة مباحث هي: الضمير, المقصور والممدود, المصادر, صيغ المبالغة, بين فعل وأفعل, بين التفعيل والمفاعلة ...تناول هذه المباحث بنفس طريقته ومنهجه في دراسة المستوى الصوتي يبدأ كلّ مبحث بتعريف الظاهرة وتصويرها ثم ما جاء فيها من قراءات وما ثبت من لهجات لينتهي بتعليقات واستنتاجات يحاول من خلالها تعليل وتوجيه التوزيع الجغرافي لهذه اللهجات ...
أ‌. ولكن قبل ذلك كلّه قدّم بكلمة أبدا من خلالها رأيه في علاقة المستوى الصوتي بالصرفي حيث يقول 190 :"الحق أنه لا يزال هناك اختلاط كبير بين منهج الدرس الصوتي والصرف, فإذا كانت دراسة الأصوات بحثا في العناصر الأولى البسيطة التي تتكون منها اللغة, فإنّ كثيرا من الموضوعات التي يدور حولها الصرف إنما تنبني على قوانين صوتية مرجعها ذلك التأثر المتبادل بين الحروف حين تتألّف ويتصل بعضها ببعض, بل إنّ اللغويين المحدثين حين يحددون ميدان النحو يجعلونه مشتملا على (المورفولوجيا) و (النظم) " Bloomfield: Language, London (1950) p.184
ب‌. ولعل من مظاهر هذا التداخل بين المستويين الصوتي والصرفي مسألةَ الضمير, يقول الكاتب : "ولقد كنا نستطيع أن ندرس الضمير فيما عرضناه من الفروق اللهجية في الأصوات, كأن نجعل بعضه تحت اللهجات التي تميل إلى الضم, وبعضه الثاني تحت التي تميل إلى الكسر, وبعضه الثالث تحت التي تميل إلى الحذف... إلخ ولكننا آثرنا أن نضعه هنا في المستوى الصرفي لأننا – أولا – أردنا أن نلم شتاته, ولأننا – ثانيا – وجدنا أنّ عرضنا له على هذه الصورة يوضح لنا بنية الكلمة التي يتكون منها الضمير منفصلا أو متصلا مع غيره على النحو الذي يظهر بعد" يقصد اختلافهم في تحديد الضمير من الزوائد في كلمة أنا وإياك وإياهما وهم وهنّ ونحو ذلك ...
 
1 ألف أنا 2 ياء الإضافة 3 هاء الضمير أو الكناية 4 ضمير الغيبة في التثنية والجمع

1 ألف أنا 2 ياء الإضافة 3 هاء الضمير أو الكناية 4 ضمير الغيبة في التثنية والجمع

أ‌. (أنا) اختلف القراء في إثبات ألفها وحذفها في الوصل ... ويذكر الأشموني أنّ هذا الضمير فيه خمسة لهجات ...فأصحهنّ إثبات ألفه وقفا وحذفها وصلا, والثانية إثباتها وصلا ووقفا وهي لهجة تميم والثالثة (هَنا) بإبدال همزته هاء, والرابعة (آن) بمدّ الهمزة, والخامسة (أن) كعن" [حاشية الصبان 1\100] . من تعليقاته ها هنا قوله: 192 "...وغريب حقا أن تثبت تميم ويحذف الحجازيون, فالمشهور عن تميم أنها قبيلة بادية تميل إلى السرعة في الكلام حتى نسب إليها حذف بعضه على ما بينّا من فبل, لكننا إذا نظرنا إلى هذه الظاهرة من ناحية أخرى, وهي أنّ الروايات التي تثبت الألف في (أنا) وردت في قراءات بعدها همزة, فقد يكون محتملا أنّ تميما – وهي من القبائل المشهورة بالهمز – كانت تثبت هذه الألف توصلاً إلى تحقيق الهمزة إلاّ أنّه وردت على هذه اللهجة شواهد بثبوت ألف (أنا) في الوصل دون أن يكون بعدها همزة ..."
ب‌. ياء الإضافة : بدأ بذكر نماذج من اختلاف القراء في نحو {مصرخيَِ, عصايَِ...} وعن نسبة لهجة الكسر إلى القبائل العربية يقول " وهو يتفقون على نسبة هذه اللهجة إلى بني يربوع وهم ينتسبون إلى بني تميم ويذكرهم الهمداني فيمن كان يسكن بلاد تميم194, ويقول عنهم (وهم بادية)." ويختم الكاتب معلقا ومستنتجا 193 :"...ولقد كنا نستطيع أن نعلل هذه اللهجة [الكسر] بالإتباع في (مصرخي) لكن القراءة الأخرى تناقض ذلك. وعليه فإننا نقول إنّ هذه اللهجة كانت تحرك ياء المتكلم في حالة الإضافة بالكسر." ويقول أيضا: 194 "ويرجع ذلك عندنا أنّ اللهجة البادية تذهب إلى الكسر حيث تميل لهجات الحضر إلى الفتح..."
ت‌. هاء الضمير أو ضمير الغائب المفرد: من نماذج اختلاف القراء نقل {فألقه, يرضه, يؤده, ابنه...} 196 وعن اللهجات في هذا الضمير نقل نسبة أبي على ضم الهاء ووصلها لأهل الحجاز سواء أكان ما قبلها مفتوحا أم مكسورا بينما نسب ابن جني الإسكان لأهل أزد السراة ونسبه أبو حيان والكسائي لعقيل وكلاب . يقول الكاتب معلقا على هذه القراءات واللهجات :"أما أزد السراة فقد ذكرنا أنهم فرع من الأزد وأنها قبيلة بادية كانت تسكن سروات الحجاز, وأما عقيل فقد ذكرنا أيضا أنها كانت تسكن البحرين في المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة وأما كلاب فبطن من عامر بن صعصعة وكانت تسكن في جهات المدينة وفداك ثم انتقلت إلى الشام.... فنستطيع أن ننسب تحريك هائه إلى البيئة المتحضرة من الحجاز, وإسكان الهاء إلى تميم ومن يجاورهم في وسط شبه الجزيرة وشرقيها إذ أنّ هذا التسكين يندرج تحت ما عرضناه من التأثر بالحذف حين تتوالى مجموعة من الصوائت..."
ث‌. ضمير الغيبة في التثنية والجمع: ذكر اختلاف القراء "في ضم الهاء وكسرها من ضمير التثنية والجمع إذا وقعت بعد ياء ساكنة نحو عليهم وإليهم..." واختلافهم " في صلة ميم الجمع بواو وإسكانها إذا وقعت قبل متحرك نحو {أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم}..." واختلافهم "في كسر ميم الجمع وضمها وضم ما قبلها وكسره إذا كان بعد الميم ساكن وكان قبله كسرة أو ياء وذلك نحو { قلوبِهم العجل – بِهم الأسباب – يغنيهم الله ..." وفي تعليقه على هذه القراءات يقول الكاتب: 198 "وهذه القراءات تقدم لنا لهجتين تختلفان في هاء هذا الضمير, أما ضمها فلهجة قريش والحجازيين وهي توافق ما ذكرناه عن ضم هاء الضمير المفرد عندهم أيضا, وضم هذه الهاء في الجمع مع ضم الميم ووصلها بواو (همو) يعزوها أبو علي إلى قريش وأهل الحجاز ومن حولهم من فصحاء اليمن . واللهجة الثانية كسر الهاء ينقل أبو علي أنها لهجة بكر بن وائل... ونحن 199 نعلم أنّ هذه القبيلة كانت تسكن جنوب العراق ولعلّه قد كانت بينها وبين اللغات التي كانت تنتشر في هذه المنطقة كالآرامية والعبرية شيء من التأثر إذ من الملاحظ أنّ هذا الضمير في العبرية يقارب هذه اللهجة وإن كان لا يميل إلى الكسر الخالص Ham (هم) Hän (هن) aläkhem (عليخم)."
 
كتاب اللهجات العربية في القراءات القرآنية للدكتور الراجحي pdf

كتاب اللهجات العربية في القراءات القرآنية للدكتور الراجحي pdf

يمكن تحميل كتاب الدكتور الراجحي من هنا
أسبوعيات المساهم (79/2): اللهجات العربية في القراءات القرآنية (لأول مرة) Pdf - المجلس العلمي

من رفع المساهم - جزاه الله خيرًا
 
أ‌. المقصور والممدود: 200 "المقصور هو الاسم المتمكن الذي آخره ألف لازمة, والممدود هو الاسم المتمكن الذي آخره همزة بعد ألف زائدة ومعنى هذا التفريق أنّ آخر الاسم المقصور صائت طويل مفتوح, وأنّ كمية هذا الصائت تزداد في الممدود حتى تخلق [1]همزة." ... من نماذج اختلاف القراء ذكر الكاتب: {دكا دكاء – سنا برقه سناء...} ثمّ علّق قائلا 201 : "وواضح من القراءتين أنّ القراء أجازوا القصر والمدّ, والقرآن ليس شعرا ومن ثمّ فإنّ قصر الممدود أو مدّ المقصور ليسا من الضرورة الشعرية[2] وتتفق الروايات على أنّ الممدود من لهجات الحجاز حيث يذهب بنو تميم وقيس وربيعة وأسد إلى القصر [ البحر 1\138 شرح التصريح127] وذلك يناسب كلا من البيئتين, إذ إنّ الفرق بين المقصور والممدود إنّما هو في كمية الصائت الطويل الذي يقع في آخر الاسم, فإذا كانت القبائل الحجازية المتحضرة تذهب إلى التّأني وتحقيق الأصوات فتستوفي كمية هذا الصائت حتى تصل إلى الهمزة, فإنّ القبائل البادية من تميم وقيس وربيعة وأسد تميل إلى السرعة في النطق مما يؤدي بها إلى كثير من الحذف على ما رأينا سابقا."
ب‌. المصادر: بدأ بتقرير قاعدة مفادها أنّ مصادر الثلاثي سماعية وإن وضعوا لها أقيسة وهي في غير الثلاثي قياسية, ثمّ نقل نماذج من اختلاف القراء 202{براء, كِذَّابا, بِزُعمهم} ثمّ علّق قائلا: "وأهمية القراءتين الأوليين في أنه لا خلاف فيهما, وذلك دليل على خصائص لهجة من غير بيئة الحجاز قد كانت شائعة حتى إنه لا يظهر فيها خلاف بين القراء. أما القراءة الأولى فتقدم لنا مصدراً من الفعل الثلاثي, وينقل أبو حيان أنّ هذا المصدر (براء) لهجة لأهل العالية, أي عالية نجد, وهي من البيئة البدوية, وأما المصدر الثاني (كِذّابا) فمن فعل ثلاثي مضعّف العين, وقياسه في العربية على التفعيل, وينقل أبو حيان أيضا أنها لهجة يمانية ...[و] أنّ هذا المصدر (فِعّال) في باب (فعّل) كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره...أما القراءة الثالثة التي قرأ بها الكسائي وهي (بِزُعمهم) بالضم فقد قالوا إنها والفتح مصدران, وهو مصدر من الفعل الثلاثي, ويذكرون أنّ الضم فيه لهجة لبني أسد وقد يكون ذلك صحيحا لما علمناه من ميل هذه القبيلة البادية إلى الضم."

[1] كثيرا ما تستعمل مادة (خ ل ق ) ويقصد بها معنى الصنع والإبداع والجعل والكينونة وغيرها من المعاني المتقاربة, ولا ضير في ذلك والله أعلم إذا دلّ السياق أو الحال على المعنى المقصود, لكن المشكلة كلّ المشكلة في استعمال هذه المادة مع ألفاظ وحروف وكلمات القرآن الكريم لأنّها تشير إلى مذهب ضال وباطل هو مذهب خلق القرآن الذي قال به أهل الاعتزال فينبغي والله أعلم تجنب استعمال هذه المادة مع ألفاظ القرآن الكريم حتى ننزّهه من هذا القول الفاسد و لا ننصر ولا نعضد أصحاب هذا القول ولو بلفظة لم نقصد معناها الاصطلاحي العقدي ...

[2] يشير الكاتب إلى مقولة أصحاب الضرائر الذين يزعمون أنّ قصر الشعراء للممدود ومدّ المقصور إنما هو من باب الضرورات الشعرية انظر الضرائر للألوسي ص57
 
7 صيغ المبالغة. 8 بين فَعَل وأفْعَل. 9 بين التفعيل والمفاعلة

7 صيغ المبالغة. 8 بين فَعَل وأفْعَل. 9 بين التفعيل والمفاعلة

أ‌. صيغ المبالغة: 203 أوزان "صيغ المبالغة التي تحوّل من صيغة (فاعل) للدلالة على الكثرة والمبالغة في الحدث" فَعّال, مفعال, فعول, فَعيل, فَعِل, فِعّيل¸مِفْعيل, فُعَلة, فاعول. قال: "وتقد لنا القراءات وزنين آخرين تقول عنهما الروايت بأنهما ينتسبان إلى لهجات بعينها." {رَؤُف} على وزن فَعُل بدل رؤوف على وزن فَعول و{كُبّارا, عُجّاب} على وزن فُعّال نقل أبو علي أنّ وزن فَعُل لهجة أهل الحجاز وقال (هو الغالب على أهل الحجاز) يعلِّق الكاتب: 204 "أفلا يدلّ ذلك إذا كان الأمر هكذا – ونحن نعلم أنّ (فعولا) أكثر في الاستعمال – على أنّ لهجة الحجاز لم تكن المستوى الأعلى للعربية المشتركة؟ " من أمثلة ما ورد على هذا الوزن: رجلٌ قَذُر وفَطُن ونَجُد ويَقُظ وعَجُل وحَذُر وأشُر وفَرُح...أما وزن فُعّال فينقل أبو حيان أنّها لهجة يمنية منسوبة إلى أزد شنوءة, ولشاعر بني دبير (إحدى بطون قبيلة بني أسد) أبي صدقة الدبيرى أبيات ورد فيها هذا الوزن من صيغ المبالغة لدى يستنتج الكاتب ويعلق على هذه النسبة بقوله: 205 "فإذا كنا نعلم أنّ أزد شنوءة من القبائل البادية في جنوب الحجاز, وأنّ بني أسد من القبائل البادية وسط شبه الجزيرة وشرقيها 206, فلعل هذه الصيغة من المبالغة شائعة بين القبائل البادية في شبه الجزيرة, وليس ذلك غريبا على قبائل تميل إلى الضم أو تميل إلى التضعيف أيضا."
ب‌. فَعَل و أفْعَل : بدأ بتصوير المسألة وبيان حقيقة الخلاف بقوله: "الفعل الثلاثي المجرد قد يكون لازما وقد يكون متعديا, وهو حين يكون مجردا ويراد تعديته فإنّهم يجعلونه مزيدا والهمزة من بين الزيادات التي تلحق الفعل فتجعله متعديا, لكننا وجدنا بعض اللهجات تستعمل الفعل الثلاثي مزيدا بالهمزة حيث تستعمله لهجات أخرى غير مزيد, والمعنى في الوزنين واحد..." ومن نماذج القراءات على هذا {ما نَنسخ نُنسخ – يُحزِنك يَحزُنك – يُلحِدون يَلحَدون – فيَسحَتكم فيُسحِتكم...} 207 أما في اللهجات فيقول: "وقد نقلت كتب اللغة أمثلة كثيرة لهذين الوزنين بمعنى واحد, من نحو ما ينقل ابن دريد في الجمهرة 208 دنت الشمس للغروب وأدنت – وجنّ الليل عليه وأجن – وهجد وأهجد – وصليته النار وأصليته – وهدرت دمه وأهدرته ..." وفي نهاية بحثه يقول الكاتب: "وتكاد رواياتهم تتفق على أنه حين يتحد المثلان (فَعَلَ) و (أفْعَل) في المعنى فإنّ (فَعَلَ) لهجة أهل الحجاز, حيث يستعمل التميميون (أفعل) ويعزو أبو حيان 209مثال (أفعل) إلى تميم وربيعة وقيس كما ينقل ابن خالويه عن أبي زيد أنها لهجة بني كلب. وليس هناك فرق بين هذه القبائل إذ هي من القبائل البادية في وسط شبه الجزيرة وشرقيها, ونحسب أنّ ذلك يلائم البيئة البادية حيث تميل إلى السرعة في كلامها فلا فرق بين وزن ووزن, بينما تميل البيئة المتحضرة إلى التأني في النطق والتفريق في الاستعمال بين مثال وآخر."
ت‌. بين التفعيل والمفاعلة: الأكثر في التفعيل أنّه للتكثير وفي المفاعلة للمشاركة ولكن هذه المعاني لا تلزم هذه الصيغ ولا بدّ بل قد تنفك عنها فلا تفيدها كقولنا عافاه الله وقاتله الله ...ومن نماذج ذلك في القراءات 210{لا تُصاعِر و تُصَعِّر – باعِد وبعّد} يقول الكاتب معلّقا على هاتين القراءتين : "ومعنى ذلك أنّ أمامنا في هاتين القراءتين فعلا جاء على وزنين مختلفين (فعّل – فاعل) والاختلاف في البنية يؤدي إلى اختلاف في المعنى لكنهم ذكروا فيهما أنّ التفعيل والمفاعلة هنا بمعنى, ويذكر أبو علي أنّ هناك أفعالا جاءت على الوزنين من نحو ضعف وضاعف, وأنه إذا اختلف هذان الوزنان واتفق المعنى فإنّ المفاعلة هي لهجة الحجاز, والتفعيل لهجة بني تميم ولقد يكون ذلك صحيحا من حيث أنّ التميميين أكثر ميلا إلى التضعيف على النحو الذي رأيناه في حديثنا عن الإدغام وإذا كان ذلك صحيحا فإنّ لهجة بني تميم هنا تكون أقرب إلى دلالة البنية من لهجة الحجازيين, وذلك أنّ معنى الآيتين كما نرى لا يذهب إلى المفاعلة بل إلى التكثير."
 
المستوى النحوي: 1.الجنس 2.ما الحجازية والتميمية 3.ضمير الفصل 4.المثنى

المستوى النحوي: 1.الجنس 2.ما الحجازية والتميمية 3.ضمير الفصل 4.المثنى

· الفصل الثالث المستوى النحوي :211
أ‌. من الفصائل النحوية الجنس؛ بعد مقدمة بيّن فيها المقصود بالفصائل النحوية عموما وبالجنس خصوصا, كما بيّن فيها أهمية الجنس في التركيب واختلاف اللغات في تعداده وتحديده وعدم تلازم الجنس الحقيقي واللغوي فهو يقرر أنّ هذا الأخير اصطلاحي ولا يعني بالضرورة أنّه كذلك حقّاً فالذي جعل من القمر مذكرا ومن الشمس مؤنثا هو مطلق الاصطلاح لا غير . ويختم مقدمته هذه بتصوير موقع الجنس من اختلاف اللهجات والقراءات القرآنية بقوله 212 :"...ثم إنّ هناك أسماء اختُلف في جنسها فهي مذكرة مؤنثة, وأغلب الظنّ أنّ هذا الاختلاف في الجنس في اسم واحد نتج عن اختلاف اللهجات" . من نماذج القراءات التي يذكرها { لتستبين سبيلُ المجرمين , ليستبين سبيلَ المجرمين – إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا , قل هذه سبيلي.} ذكر قول أبي حيان تعليقا على قوله تعالى {اهدنا الصراط المستقيم} (والصراط يذكر ويؤنث) ونفس الكلام عن الفراء في لفظة (زوج) من قوله تعالى {لهم فيها أزواج مطهرة}. أما في اللهجات العربية فيذكرون أنّ السبيل والصراط مؤنثة عند لأهل الحجاز مذكرة عند بني تميم وكثير من قيس وأهل نجد والعكس في زوج وزوجة . وزبدة دراسته لهذا المطلب واستنتاجاته يلخصها فيما يلي: 213"والحق أنّنا لا نستطيع أن نعلل الجنس اللغوي في لهجة من اللهجات أو في لغة من اللغات, لأنّه كما قلنا يجري على منطق خاص, فنحن لا نعرف لماذا يؤنث الفرنسيون الباب La porte ويذكرون الشمس Le soleil كما لا نعرف لماذا كانت البنت Das Madchen في الألمانية محايدا. أضف إلى ذلك أنّ هناك قبائل من هذه المجموعة البادية نُسب إليها تأنيث أسماء مذكرة ومن ذلك (الهدى) يؤنث ويذكر قال أبو حاتم (الهدى) مذكر في جميع اللغات إلاّ أنّ بعض بني أسد يؤنث. ومن ذلك (السلاح) يذكر ويؤنث, قال الفراء: سمعت بعض بني دبير يقول, إنّما سمي جدنا دبيرا لأنّ السلاح أدبرته وبنو دبير هؤلاء من بني أسد فموضوع الجنس إذن لا يمكن تعليله بالبداوة أو بالتحضر, لكن هكذا كان (المنطق الخاص) للهجات على اختلافها."
ب‌. (ما) عند الحجازيين والتميميين 214 (ما) تدخل على الجملة الاسمية فتعمل في لهجة الحجاز ترفع الاسم وتنصب الخبر ولا تعمل شيئا في لهجة بني تميم. من نماذج القراءات على ذلك: {ما هنّ أمهاتَُهم, ما هنّ بأمهاتِهم (قراءة ابن مسعود), ما هذا بشرا, ما هذا بشرٌ (قراءة ابن مسعود)} يقول سيبويه معلّلا المذهبين: (...وأما بنو تميم فيجرونها مجرى أما وهل, وهو القياس لأنه ليس بفعل كليس ولا يكون فيه إضمار, وأما أهل الحجاز فيشبهونها بليس إذ كان معناها كمعناها) بل ويذهب الكوفيين إلى أنّ ما لا تعمل حتى في لغة أهل الحجاز وأنّ المرفوع بعده إنّما رفع على الأصل لا بها وأنّ النصب في الاسم الثاني إنما هو على إسقاط الباء لأنّ العرب لا تكاد تنطق بها إلاّ بالباء فإذا حذفوها عوضوا منها النصب كما هو معهود عند حذف حرف الجرّ, وليفرقوا بين الخبر المقدر فيه الباء وغيره , ورُدّ هذا التأويل والتقدير "بكثير من الحروف الجارة حذفت ولم ينصب ما بعدها" ... وخلاصة استنتاجات الكاتب يمكننا تسجيلها في نقطتين اثنتين :216 قلّة إعمال ما عمل ليس بالمقارنة مع إهمالها حتى نسب للأصمعي قوله:(ما سمعته في شيء من أشعار العرب) أنّ إهمال ليس تطورٌ صوتي من إعمالها, فهو ينطلق من نقل لأبي حيان عن الزمخشري أنه قال أنّ إعمال (ما) عمل ليس هي اللغة [القدمى]الحجازية وبها ورد القرآن يقول الكاتب معلقا على كلام الزمخشري: "فإذا كان يقول الكاتب معلقا على كلام الزمخشري: "فإذا كان ذلك صحيحا فإنّ هذه الظاهرة تكون قد تطوّرت من إعمال (ما) النصب في الخبر إلى الإهمال أو اقتران الخبر بالباء وهو الأكثر, ويكون معنى ذلك أيضا أنّ اللغة المشتركة لم تأخذ بلهجة الحجازيين في هذه الظاهرة."
ت‌. ضمير الفصل:217 "ضمير الفصل في اللغة العربية يأتي للتأكيد ولا يكون له محل من الإعراب, ولكن هناك لهجات تجعل له محلا من الإعراب, وقد وردت بهذه اللهجات قراءات" فمن نماذج ذلك قوله تعالى {إن كان هذت هو الحقَُّ من عندك} {لكنهم كانوا هم الظالمين (الظالمون)} {تجدوه عند الله هو خيراً وأعظمَ (خيرٌ وأعظمُ) أجرا} يقول الكاتب معلقا على مثل هذه القراءات: "وواضح من هذه القراءات أنّ إهمال ضمير الفصل كان أكثر شيوعا في العربية إذ لم يختلف فيه القراء السبعة, وأنّ الذين قرأوا بإعماله هم أصحاب القراءات الشاذة." وعن لهجات العرب في ضمير الفصل يذكر الكاتب أنّ أبا حيان نقل عن أبي عمرو الجرمي أنّ إعمال ضمير الفصل لهجة تميم وأما إهمالها فلا ينسبه الكاتب لبيئة لغوية معيّنة ولكنه يكتفي بالقول "كان شائعا عند غير بني تميم" ولهذا السبب اكتفي الكاتب بمجرد سرد نماذج من القراءات وما قيل من كون الإعمال لغة تميم دون استنتاج ولا تعقيب سوى كون الإهمال أكثر وأشهر...
ث‌. المثنى: 218 بدأ هذا المطلب بمقدمة هذا نصها: "تذكر الروايات أنّ المثنى لم يكن يرفع بالألف وينصب ويجرّ بالياء في كلّ اللهجات العربية, بل كانت هناك لهجات تلزمه الألف دائما, ولهجات أخرى تعربه بحركات على النون, وقد يكون محتملا ما ذهب إليه الدكتور حسن عون من أنّ الإعراب بالحركات أسبق طورا من الإعراب بالحروف بمثابة المركب وعلى أنّ النحاة يذكرون أنّ الإعراب بالحروف إنما هو نيابة عن الحركات." ثم يسرد نموذجين من القراءات قوله تعالى {إنّ هذان (هذين) لساحران} وقوله عزّ وجلّ: من الشاذ {فكان أبواه مؤمنين}. تنسب لهجة من يلزم المثنى الألف إلى قبائل كثيرة وهي كنانة وبلحارث بن كعب وبلعنبر وبنو الهجيم وبطون من ربيعة وبكر بن وائل وزبيد وخثعم وهمدان ومراد وعذرة قال الكاتب: "وإذا كان ذلك صحيحا فإنّ معناه أنّ هذه اللهجة كانت منتشرة انتشارا واسعا بين عدد غير قليل وفي مواطن مختلفة" "...كانت موجودة في شرقي شبه الجزيرة حيث توجد بطون بني تميم وبالقرب من مكة حيث كنانة وفي شمال اليمن حيث توجد هذه القبائل اليمنية" ولم يزد الكاتب على بيان انتشار هذه اللهجة وتعداد القبائل المنسوبة إليها دون استنتاج أو تعليق على خلاف عادته ومنهجه في باقي المطالب والمسائل
 
5.الفعل وفاعله أو نائبه 6.البدل التميمي 7.الممنوع من الصرف 8.رأي إبراهيم أنيس

5.الفعل وفاعله أو نائبه 6.البدل التميمي 7.الممنوع من الصرف 8.رأي إبراهيم أنيس

أ‌. الفعل والفاعل أو نائبه 221 "الفعل في العربية لا يتطابق مع فاعله أو نائبه إفرادا وتثنية وجمعا, وإنما هو مفرد في كل حال, إلاّ أنهم يذكرون أنّه كانت هناك لهجة تطابق بين الفعل وفاعله أو نائبه سموها (لغة أكلوني البراغيث)" نماذج من قراءات وردت بهذه اللهجة {وأسروا النجوى الذين ظلموا} {ثم عموا وصموا كثيرٌ منهم} باتفاق القراءات السبع واختصّ الحسن وعمرو بن عبيد بقوله تعالى {وأدخلوا الذين آمنوا} قال الكاتب معلقا على هذه القراءات: "وهذه القراءات تدل – بما لا يدع للشكّ – أنّ هذه اللهجة كانت معروفة ومعترفا بها في الفصحى إذ لم يختلف القراء جميعا في القراءتين الأوليين." ويقول أيضا 222 "وهم ينسبون هذه اللهحة إلى قبائل طيء وأزد شنوءة وبلحارث بن كعب أما طيء فقبيلة يمنية تنسب إلى كهلان, وقد ذكرنا أنها تسكن في شمال الحجاز حيث جبلاها المشهوران أجأ وسلمى وأما أزد شنوءة ففرع من الأزد اليمنية وكانت تنزل في سروات الحجاز الجنوبية, وبلحارث في شمال اليمن ." ثمّ يقول معلقا ومستنتجا "ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الظاهرة من مطابقة الفعل لفاعله أو نائبه هي القاعدة المطردة الآن في العبرية مثل kativa hyyiladiem (كتبوا الأولاد) ." فلعل الكاتب ذكر هذه المعلومة إشارة منه إلى أنّ التأثر بالعبرية غير بعيد خاصة وأنّهم كانوا متواجدين باليمن وشمال الحجاز؛ المناطق التي عرفت هذه اللهجة . ويقول أيضا: "وهذه اللهجة تعدّ مرحلة من مراحل التطور اللغوية في حياة العربية, ونحن نرجح ما ذهب إليه الدكتور حسن عون من أنّ هذه اللهجة أسبق من القاعدة العامة المعروفة الآن وهي إفراد الفعل عندما يتقدم الفاعل الجمع, فالمعقول أن يجمع الفعل مع الجمع ويفرد مع المفرد."
ب‌. البدل التميمي: 223 "البدل التميمي يطلق على الاسم الواقع بعد (إلاّ) فيما يسمونه بالاستثناء المنقطع وتتفق الروايات على أنّ لهجة الحجازيين نصب الاسم بعد (إلاّ) في الاستثناء المنقطع’ وأنّ بني تميم يتبعونه ما قبل (إلاّ)..." من نماذج القراءات التي ذكرها قوله تعالى {ما فعلوه إلاّ قليلٌ (قليلاً) منهم} {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلاّ ابتغاءَ (ابتغاءُ) وجه ربّه الأعلى}الرفع قراءة يحيى بن وثاب {ما لهم من علم إلاّ اتّباعَ (اتّباعُ) الظن} الرفع قراءة ابن عمير قال الكاتب 224 "وهذه القراءات تدل على أنّ القراء قد ذهبوا مرة إلى لهجة أهل الحجاز فنصبوا ومرة إلى لهجة بني تميم فأتبعوا" وقال أيضا225 "وإذا كان صحيحا أن تنسب هذه اللهجة إلى تميم, فإننا نظنّ أنها قد تدل على تطور نحوي في العربية, ولعلها أسبق من لهجة الحجازيين, إذ أنّ هذه اللهجة الأخيرة تفرق بين ما إذا كان ما بعد (إلاّ) داخلا فيما قبلها أو خارجا عنها, ونحسب أنّ مثل هذا التفريق يكون متأخرا عن عدمه في لهجة تميم, وعلى العموم فإنّ الإعراب عند النحاة إنما كان للتفريق بين المعاني, من هنا نرجح أنّ لهجة الحجاز في هذه الظاهرة تعدّ طورا متأخرا عن لهجة بني تميم."
ت‌. الممنوع من الصرف: "قد يصرف عندهم للضرورة أو للمناسبة. والراجح عندنا أنّ هذه (المناسبة) إنما كانت تعليلا لما وجدوه مصروفا في القراءات القرآنية, وأغلب الظنّ أنّ صرف الممنوع كان لهجة من اللهجات على ما تنقله بعض الكتب." من نماذج القراءات في هذا الباب قوله تعالى {إنا أعتدنا للكافرين سلاسلَ (سلاسلاً) وأغلالا وسعيرا} ومثله {كانت قواريرَ (قواريراً)} وفي الشاذ {ولا يغوثاً ويعوقاً} وعن الأخفش أنّها لغة الشعراء ثمّ كثرت حتى جرت في كلامهم ونقل عنه أنّها لهجة بني أسد قال الكاتب معلقا 226 "فإذا كان ذلك صحيحا فإننا نستطيع أن ننسب هذه اللهجة إلى البيئة البادية في وسط شبه الجزيرة, ولعل هذه أيضا كانت طورا سابقا من أطوار العربية, حيث لا تفرق اللهجة بين اسم وآخر والتفريق متأخر عن عدمه."
ث‌. موقف الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس من الظواهر اللغوية اللهجية على المستوى التركيبي النحوي , فهو يرى أنّها مجرد اختلاق من النحاة وأن لا علاقة للعرب بمثل هذا التصنع والتكلّف حيث يقول: "والحق أنّ هذا النوع من الاختلاف الإعرابي لا يمت للهجات العربية بصلة, وإنّما هو من صناعة النحاة حين اشتدّ الجدل بينهم, وحاول كل فريق أن يأتي بجديد في تلك القواعد الإعرابية التي ملكت عليهم مشاعرهم وصرفتهم عن كثير من البحوث القيمة في اللغة فلم تكن لهجات الكلام عند القبائل تلتزم الإعراب على الصورة التي رويت لنا في كتب النحاة وإنما التزم الإعراب على تلك الصورة في اللغة الأدبية التي نزل بها القرآن الكريم ونطق بها الشعر." اهـ [اللهجات العربية ص74] قال الكاتب معلقا على كلام أستاذه: "والحق عندنا أنّ نفي الصفة اللهجية عن هذه الاختلافات الإعرابية لا يقرّه القرآن الكريم ممثلا في قراءاته الصحيحة والشاذة, ولقد رأيت كيف اختلف القراء في الإعراب ...ونحن لا نظن أيضا أنّ هذا الاختلاف من صناعة النحاة لأنّ هؤلاء النحاة لو كانوا أوْلوا اللهجات العربية ما تستحق من اهتمام لما تعسّفوا في تأويل ما خرج على قواعدهم من شواهد..."
 
المستوى الدلالي

المستوى الدلالي

· الفصل الرابع المستوى الدلالي : 228 بدأ هذا الفصل بمقدمة قرّر فيها بعض الحقائق والفوائد لعلّ أهمها : 1 - "أنّ الدرس اللغوي على المستوى الدلالي هو غاية الدراسات السابقة عليه من صوتية وصرفية ونحوية" 2 – صعوبة الدراسة الدلالية للكلام "ذلك أنّ تحديد المعنى ليس أمرا سهلا" [لتعلقه بسياق الكلام وحال المتكلم وبالظروف الاجتماعية والجغرافية والتاريخية والدينية ... لبيئة الواضع...] "...إنّ دراسة النصوص القديمة على المستوى الدلالي أكثر صعوبة وأعظم مشقة وذلك أنه يخفى علينا من ظروف قولها أشياء كثيرة وقد نضطر إلى إعادة تصور بعض ما يمكن تصوره من هذه العناصر وقد لا نوفق فيه إلى درجة محدودة..." 3 – من أنواع التطورات الدلالية :229 التغير الانحطاطي , التغير المتسامي, التغير نحو التخصيص, التغير نحو التعميم, التغير نحو الضّد ...ولكن يبقى أهمّ أنواع التغيرات الدلالية في نظر الكاتب – أو على الأقلّ ما يهمه منها ها هنا – هو التغير المتعلق باختلاف اللهجات لهذا يقول: "ولكن إذا كانت تغيرات المعنى غالبا ما تكون صدى لتغير الميول الاجتماعية فإنّ أسباب هذا التغير اختلاف البيئات اللهجية للغة الواحدة, وهو ما نلحظ في لغتنا العربية حيث يكثر فيه (المترادف) و(المشترك) و(الأضداد) مما نرجح أن يكون سببه اختلاف القبائل في استعمال الألفاظ." بعد هذه الفوائد التي قدّم بها للموضوع يبدأ الكاتب ببحث المسألة من خلال القراءات القرآنية واللهجات العربية...
أ‌. يقرر الكاتب ابتداء "الحقّ أننا لا نجد من هذا الضرب إلاّ كلمات قليلة, وكلها من القراءات الشاذة, وذلك أمر طبيعي, إذ أنّ القراءات لم تكن تختلف في اللفظة ذاتها, بل كانت تختلف فيها من ناحية أدائها ومعظم هذه الاختلافات على ما رأيت اختلافات صوتية."
ب‌. بين (تلقاء) و (شطر) من قوله تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام} وقرئ في الشاذ {تلقاء} بدأ بالبحث في معاني ودلالات الكلمتين ثم تتبع ورودهما في القرآن الكريم ليقرر:231 "يبدو لنا من هذه الاستعمالات القرآنية أنّ لفظة (شطر) أخص من (تلقاء), إذ من الواضح أنّ الأولى مستعملة في المواضع كلها مع الفعل (ولّى) ومع (الوجه) (وجهك أو وجوهكم), بينما استعملت (تلقاء) استعمالات مختلفة بغير هذا التحديد, ولم نعثر في استعمال آخر على (شطر) مسبوقة بحرف جر كما استعملت (تلقاء) كذلك (من تلقاء نفسي) ." وقد أورد قول أبي عبيد من نسبة كلمة (تلقاء) بمعنى القصد والنحو إلى قبيلة كنانة الحجازية والقريبة من قريش...
ت‌. بين (الخمر) و(العنب) من قوله تعالى {إني أراني أعصر خمرا} وفي الشاذ {أعصر عنبا} وبعد انتهائه من نفس الطريقة والمنهج الذي استعمله في دراسة لفظتي (شطر وتلقاء) 233 يقرر أنّه "... يبدو أنّ كلا من اللفظتين كانت تدل على معنى الأخرى, فإذا كانت الخمر هي العنب في لهجة عمان على ما ذكره أبو عبيد فإنّ أبا حنيفة قال إنّ العنب هو الخمر وزعم أنها لهجة يمانية....ولكن الراجح عندنا أنّ استعمال (الخمر) بمعنى العنب, أو العنب بمعنى الخمر ليس إلاّ نوعا من الاستعمال المجازي."
ث‌. بين (الصدفين) و(الجبلين) من قوله تعالى {حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا} وفي الشاذ {بين الجبلين} يذكر أبو عبيد أنّ الصدفين في لهجة بني تميم تدل على الجبلين ويستنتج الكاتب: "ونحن نرجح أنّ اللفظة [يقصد الصدفين] أقرب إلى المعنى الذي تؤدي إليه الآية, فإذا كان الجبل اسما لكل وتد من أوتاد الأرض إذا عظم وطال من الأعلام والأطراد فإنّ الصدف أخص منه إذ الصدف (إقبال إحدى الركبتين على الأخرى) ففيه ... معنى الميل والالتقاء..."
ج‌. بين (حصب) و (حطب) من قوله تعالى {إنّكم وما تعبدون حصب جهنّم} وفي الشاذ {حطب} يقول مقررا ومستنتجا 235: "... يقول الفراء إنّ (الحصب) في لهجة أهل نجد ما رميت به في النار والذي نحسبه أنّ بين اللفظتين عموما وخصوصا, فالحصب كما تقول المعاجم الحجارة والحصى والحصب كل ما ألقيته في النار من حطب وغيره. ولعلها كلمة واحدة حدث فيها تغيير في أحد أصواتها, وأدى هذا التغيير إلى تخصيص المعنى في إحدى الكلمتين وتعميمه في الكلمة الأخرى."
ح‌. بين (ييأس) و(يتبين) من قوله تعالى {أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا} وفي الشاذ {أفلم يتبين} يذكر أبو عبيد أنّ يئس بمعنى عَلِم لهجة هوازن ويذكر ابن جني أنها لهجة لبني وهبيل. قال الكاتب: 237 "...ويخيل إلينا أنّ لفظة (اليأس) توحي بمعنى (التبيّن اليقيني) إذ لو كان عند (اليائس) نسبة معينة غير معلومة لما كان يائسا. ولعلها – إن صحّ ما قاله الفراء وابن جني[1] - كانت تستعمل بمعنى التبيّن والعلم عند القبيلتين اللتين ذكراهما."

[1] هكذا في الأصل بينما ذكر من قبل أبا عبيد وابن جني ...ينبغي التحقق من المصادر الأصلية
 
خاتمة الكاتب

خاتمة الكاتب

· الخاتمة 239 تناول فيها الكاتب مسائل أهمّها بيان الجديد الذي جاء به في هذه الدراسة ثمّ نتائج بحثه وختم باقتراحات يقدمها للباحثين والمهتمين بعلوم القرآن واللغة
أ‌. الجديد في هذه الدراسة؛ يقول المصنف: "لعل أهمّ ما في المحاولة من جديد أننا استطعنا أن نحدد كثيرا من الظواهر اللهجية قبل الإسلام وأن نعزوها إلى أصحابها وليس ذلك جديدا هينا لأنه يدل على طور من أطوار العربية, ولعله أهم أطوارها لأنه المستوى الذي صدرت عنه هذه اللغة في حياتها الآن, وإذا وجدت المحاولات الجادة في هذا الميدان فلقد نستطيع أن نصل يوما إلى تأريخ لهذه اللغة تأريخا يعتمد على المنهج العلمي بما يصلنا بتراثنا القديم من ناحية, وبما يعين – من ناحية أخرى – على جعل لغتنا مسايرة للحياة المتطورة وليس من شك في أنّ أولى خطوات التجديد قتل القديم بحثا."
ب‌. نتائج البحث في ميدان القراءات:
1. القراءات هي المرآة الصادقة لما كانت عليه ألسنة العرب قبل الإسلام ولا يمكن التعرض للهجات العربية دون المرور بها
2. القراءات هي أوثق المصادر اللغوية لدراسة اللهجات جمعت بين نقل النّص وكيفية أدائه في نفس الوقت
3. القراء لا يمثلون بيئاتهم اللهجية
4. تجريح النحاة للقراء إنّما كان بسبب مخالفتهم لما اصطلحوا عليه من القواعد والقوانين النحوية , وكان ينبغي أن يكون العكس لأنّ القرآن هو مصدر هذه القواعد
ت‌. نتائج البحث في الميدان اللغوي:
1. العربية الفصحى ليست لهجة قريش كما يرى الجمهور بل هي لغة "تكونت على مرّ الزمن بطريقة لا نستطيع أن نتبيّنها الآن وأنّ بعض الظواهر اللهجية القرشية ليست هي السائدة في الفصحى..."
2. إنّ دراسة اللهجات العربية ينبغي أن يقوم على أساس توزيعها الجغرافي من حيث التبدي والتحضر لا باعتبار أنساب القبائل
3. بعض الظواهر اللهجية يمكن إرجاعها للاحتكاك ببيئات لغوية مغايرة
4. أهم وأعظم الاختلاف اللهجي يعود للمستوى الصوتي ولكن هذا لا يمنع من وجوده في المستويات اللغوية الأخرى الصرفي النحوي والدلالي
ث‌. المقترحات
1. في ميدان القراءات: الدعوة إلى الاهتمام بها وتحقيق مخطوطاتها
2. في ميدان اللغة : أ. الاهتمام بالدرس اللهجي ضروري لأجل فهم التطور اللغوي للعربية ب. البحث عن اللهجات العربية في مصادر أخرى غير القراءات حتى يكتمل البحث . ج. دراسة اللهجات العربية من خلال التنقيب والكشف عن الحفريات والآثار العربية القديمة.
 
تعليقات وتعقيبات خاصة :

تعليقات وتعقيبات خاصة :

· مناقشة الكاتب في بعض ما ذهب إليه :
1. الجزم والقطع في كثير من المسائل الظنية الاجتهادية :فمن أمثلة ذلك استعماله لبعض الأساليب التي لا تدع للاجتهاد بعده مجالا وللراغب في مواصلة البحث أو إبداء رأي مكانا... ففي مسألة تحقيق الهمز يقول 118 : "أنّ هذه القراءات توضّح لنا – بما لا يدع مجالا للشكّ – أنّ تحقيق الهمزة كان أكثر انتشارا من تسهيلها." هذا مع العلم أنّ القراءات التي مثّل بها اختيارات متأخرة - بالنسبة لزمن الوحي – فهي لا تدلّ ( بما لا يدع مجالا للشكّ) على انتشار ظاهرة صوتية أكثر من أخرى إذ لا مانع من اختيار القراء أحرفا كانت أقل ذيوعا وانتشارا عند العرب لصحتها أو سهولتها ...ومثل هذا الجزم والقطع تكرر من الكاتب في مسائل عدّة ...
2. تعليل اختلاف اللهجات والمظاهر اللغوية بمجرد البيئة الجغرافية الحضرية والبدوية : يبدو - والله أعلم – أنّ الكاتب قد ضيّق واسعا من خلال هذا التحديد والتخصيص والحق أنّ لاختلاف أنساب القبائل ولو اتّحدت البيئات أثره في اختلاف اللهجات كما أنّ أسبابا عدّة تندرج ها هنا كالمجاورة, وتقليد القبيلة القوية ... وكلّ أسباب التطورات اللغوية السلبية منها والإيجابية والفردية منها والجماعية...
3. القبول شبه المطلق بكلّ ما نصّ عليه علم الأصوات الحديث معلّلا ذلك بـ 113(البحث التجريبي) 130و(التجارب الحديثة) ...والحقّ والله أعلم أنّ علم الأصوات الحديث ليس كلّه قائما على المنهج العلمي التجريبي (الاستقراء , التجربة , الحس ...) بل أكثره نظريات وتعليلات اجتهادية... نعم قد يبدأ العمل والبحث في المخبر بوسائله التجريبية الحديثة... قد ينطلق من الملاحظة الحسية أو من استقراء وتتبع واستطلاع... لكن قراءة نتائج هذه العمليات (العلمية التجريبية الحديثة) غالبا ما تخضع للفكر والاجتهاد للتحليل العقلي والاستنتاج البشري ما يعرّضه كجلّ العلوم الأخرى لمبدأ احتمال الصواب والخطأ... فلا ينبغي الأخذ بكل ما جاء به على أنّه حق أبدا وصواب دائما ومطلقا...
4. كثيرا ما استدلّ الكاتب بالقراءات على انتشار بعض الظواهر الصوتية واللغوية بين العرب 118 أو على تقدمها وفصاحتها 125-132 أو على مخالفتها لبيئة القارئ بها 120-125 -144 ...إلخ... والصواب والله أعلم أنّ القراءات لا تصوّر بالضرورة الحالة اللغوية واللهجية عند العرب فترةَ الوحي أو قبلها (باعتبار الانتشار والتفشي والتوزيع الجغرافي...) لأسباب عدّة لعلّ أهمّها كون اختيارات القراء قامت على أسس أخرى مغايرة لما اعتمده وبحثه الكاتب في هذه الدراسة وهي ثلاث أسس وشروط مشتركة بين جميع القراء : الصحة وموافقة رسم المصحف ولو احتمالا وموافقة وجه لغوي ولو لم يكن هو الأفصح ... هذا وقد اختصّ كل قارئ ببعض الأسس اعتمدها في اختياره كالتسهيل عند البعض والتحقيق عند آخرين أو كاعتماد رواية صحابي واحد أو قراءة أهل بلد مخصوص وهكذا...فأنت لا ترى في شيء من ذلك ذكرا لبيئة أو تقديما للهجة على أخرى. – كما أنّ التغيّر الذي طرأ على البيئات اللغوية بسبب الفترة الطويلة التي تفصل بين زمن نزول الوحي وزمن الاختيارات (أكثر من مائة سنة) يمنع من الاستدلال بالبيئات اللغوية الجديدة على وصف البيئات القديمة ...- الاختلاط الذي كثر في البيئات الجديدة بين مختلف القبائل ذات اللهجات المتغايرة فضلا عن الاختلاط بغير العرب من المسلمين الجدد كلّ ذلك من شأنه أن يؤثّر ويغيّر العرف اللغوي الأوّل ...والله أعلم بالحق والصواب...
5. يرى المصنف أنّ الكتابة في زمن النبوة إنّما كانت على حرف حيث يقول 85 : "...فإذا كانت هناك على ذلك نسخ مكتوبة من القرآن في عهد الرسول, فإنّ الذي نرجحه أنّ هذه الكتابة قد حفظت النص على حرف واحد, لأننا لا نستطيع أن يكون الرسم الواحد محتملا للأحرف السبعة جميعا." هذا الاستدلال والطرح غير مسلّم به ... فتعدد الكتابة والنسخ من شأنه أن يحفظ أكثر من حرف واحد ...ثم إنّ طبيعة الرسم في الزمن الأوّل(الكتابة دون شكل ولا نقط وبصور للحروف لا تتجاوز البضع عشر صورة) كان قابلا لاحتمال أكثر من حرف كذلك...
ملحوظة : تحتاج هذه التعقيبات والتعليقات إلى مناقشة واستطلاع رأي حتى أستطيع تقييمها أهي صواب وحقّ ألتزمه وأواصل عرضه أم خطأ وحياد عن الصواب ينبغي مراجعته ... وجزاكم الله خيرا.
 
عودة
أعلى