(دراسات في تأصيل بعض أصول القراءة بالتجويد)

إنضم
20/08/2003
المشاركات
611
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
المدينة النبوية
(دراسات في تأصيل بعض أصول القراءة بالتجويد)
بطرح السؤال التالي: هل تكون بالنص وحده أم بالمشافهة،أم بالاثنين؟
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أجمعين. أما بعد:
فقد تابعت في ملتقى (القراءات) مناقشات تتعلق بتأصيل القراءة بالتجويد، وكان من الأسئلة المطروحة، هل تكون القراءة بالتجويد بالنص وحده أم بالمشافهة،أم بالاثنين؟
ومن ذلك أيضاً ما طلبه الشيخ المقرئ محمد يحي شريف سلمه الله، في مشاركة (الخلاف عند علماء التجويد، والقراءات ) في هذا الملتقى،
حيث قرر أنّ السبب الرئيسي لهذا الاختلاف يرجع إلى الاختلاف والاضطراب في المنهجية المتمثلة في التعامل مع مصادر علم التجويد والقراءات والتي يمكن حصرها في ثلاثة أمور :
أوّلاً : المشافهة ، ثانياً : النصوص ، ثالثاً : القياس.
يختلف العلماء ومشايخ الإقراء في التعامل مع هذه المصادر الثلاثة ويمكن تقسيم هذا الخلاف إلى ثلاثة أقسام :
1 - فمن المشايخ من يعتمد على المشافهة مطلقاً ولو على حساب النصّ.
2 - ومن المشايخ من يقدّم النصّ على المشافهة.
3 - ومن المشايخ من يقدّم القياس في بعض المسائل على حساب النصّ والمشافهة ويصير ذلك القياس مع مرّ الزمان من المشافهة إذا تلقاه المشايخ بالقبول.
4 - ومن المشايخ من يخلط بين المناهج الثلاثة فتارة يتمسّكون بالمشافهة على حساب النصّ كما هو الحال في مسألة الضاد ، وتارة يتمسكون بالنصّ على حساب المشافهة كما هو الحال في التحريرات ، وتارة أخرى يقدّمون القياس على النصّ والمشافهة كمسألة الفرجة في الميم المخفاة وغيرها. وهذه الأمثلة ذكرتها من باب توضيح اختلاف المناهج واضطرابها وليس من باب إثارتها من جديد والله على ما أقول شهيد.
ويتابع فيقول: فمن الضروري أن يتفق المشايخ على منهجية معيّنة يتعاملون بها مع هذه المصادر في كلّ المسائل التي يختلفون فيها حتّى يضيق مجال الخلاف وتكون الأمور أكثر انضباطاً وتقعيداً ويزول الاضطراب الذي سبب الفرقة والتعصّب الذي نشاهده اليوم في بعض المسائل.
وللوصول إلى هذه المنهجية لا بدّ من مراحل وخطوات والتي تتمثّل فيما يلي :
أوّلا: بيان معنى المشافهة ومنزلتها اليوم في الحكم على صحة الوجه. وهل كلّ ما أُخذَ من المشايخ يستلزم الصحة ؟
ثانياً : بيان منزلة النصوص في الحكم على صحة الوجه وبيان المعتبر منها من غيره وما الذي يفيد القطع من غيره ومتّى يُحكم عليه أنّه يحتمل أكثر من وجه وغير ذلك.
ثالثاً : القياس وبيان معناه وحدوده وضوابطه في علم القراءة وهل يجوز العمل به الآن أم لا بدّ من غلق بابه مطلقاً أم يجوز في حالات معيّنة وما هي هذه الحالات ؟
رابعاً : بيان كيفية التعامل بين هذه المصادر الثلاثة عند التعارض فإذا تعارض النص مع المشافهة فأيّهما يقدّم ، وإذا تعارض النصّ مع القياس فأيهما يقدّم وإذا تعارضت المشافهة مع القياس فأيّهما يقدّم.
خامساً : معالجة كلّ المسائل الخلافية وفق المنهجية التي يتفق عليها المشايخ.انتهى كلام الشيخ محمد يحي.
وبعد تأمل فيما طرحه رأيت أن أقدم توضيحا لهذه التساؤلات عن الخلاف، والإشكالات المنهجية التي طرحها الشيخ الفاضل محمد يحي سلمه الله،وناقشه فيها الإخوة الكرام الشيخ المقرئ الدكتور أنمار،والشيخ المقرئ عبد الحكيم سلمهما الله،
وأن أضيف إلى هذه النقاشات الطيبة، بحثا مفيدا في هذا الموضوع ،وهوبعنوان: (أصوات القرآن الكريم منهج دراستها عند المرعشي في كتابيه جهد المقل وبيانه)، للدكتور أبو السعود أحمد الفخراني،
ففي هذا البحث الماتع الذي يحكي جهود الإمام المرعشي رحمه الله في كتابيه جهد المقل وبيانه، درس الباحث جملة كبيرة من مسائل التجويد ، التي دار حولها نقاش الإخوة الكرام، فعرض لها عند الإمام المرعشي رحمه الله،بطريقة منهجية رائعة،أحسبها مفقودة في كثير من كتب التجويد اليوم.
فقد تحدث عن منهج المرعشي العلمي فذكر أولا: طريقته في النقل،ثانيا: موقفه من النقول من خلال التامل في النص والرضا به وتوضيحه،ونقد النص وعدم التسليم به، ونقد النص والدفاع عنه،ونقد بعض النقول وتصويبها،والتوفيق بين النقول،وإظهار الخلاف بين العلماء،والمفاضلة بين الآراء واختيار أحدها،والاستدراك على بعض النقول،ويوازن بين الحالة التي يعيشها قراؤنا اليوم أثناء التطبيق ، ومطالعة النصوص في الكتب.وثالثا: مرجع المرعشي في فهم النقول،رابعا: طريقة المرعشي في تقرير المسائل،خامسا: المسلك الذي سلكه المرعشي والقراءة التي عني بتوضيحها،سادسا: انتقاده الخروج عن المعايير النطقية للأصوات بتبديل حرف بآخر،إخراج حرف من مخرج آخر، تطنين الغنة وإحداثها في غير حروفها،انتفاء القلقلة عن حروفها وإحداثها في غير حروفها،تفخيم المرقق، مد المقصور،تكرير الراء،سابعا إشارة المرعشي إلى مسائل لم يتطرق إليها غيره، ثامنا إشارته إلى صعوبة بعض المسائل ،تاسعا إحالته المسائل غير التجويدية إلى كتبها عاشرا الإحالة إلى ماسبق ذكره أو إلى ما سيذكره، حادي عشر: اعتناؤه ببيان العلة، ثاني عشر: اعتناؤه بالتلخيص بعد التفصيل، ثالث عشر: اعتناؤه بالضبط، رابع عشر: اعتناؤه بتفسير الألفاظ..
ثم عند عرضه لخاتمة البحث ونتائجه استخلص التالي: (وهي باختصار ليستوعبه القارئ):
استخلص أي الدكتور أبو السعود الفخراني مايلي:
-لقد تم تأمّل الكتابين وموضوعهما وغرض صاحبهما فيهما حتى وقفنا على عدة أمور لعل أهمها مايأتي:
-أن تخليص أداء القران الكريم عن العوج، وإهمال الناس في زمان المرعشي ...كان من دوافع تأليف المرعشي كتابيه.
- وقد أكثر المرعشي النقل عن سابقيه وتقيد في نصف ما نقله بحرفية المنقول ،تصرف في النصف الآخر إما بالاختصار أو التلخيص،أو الاستنتاج أو الإضافة،أو الحذف،أو التبديل.
- ولم يكن المرعشي مجرد ناقل للعلم وإنما كان مدققا بنظره مرجحا بعقله ....
- وقد اعتمد المرعشي في فهم النقول على مشافهة شيخه أحيانا، وملاحظته الذاتية أحيانا أخرى، (غيرأنّ اعتماده على ملاحظته كان أكثر من المشافهة).
- وتقيد المرعشي في أحيان كثيرة بخطة السؤال والجواب في تقرير المسائل جنبه كثيرا من العوارض التي تصيب البحث.
- وقد سلك مسلك جمهور علماء التجويد في كثير من مسائل كتابيه كما عني بتوضيح قراءة عاصم ورواية حفص عنه عندما يذكر مسألة خلافية لأنهما المأخوذ بهما في دياره..
- وقد ركز المرعشي على الفروق وجوانب المخالفة التي تجعل من كل صوت وحدة مستقلة في النظام اللغوي حين دعا إلى الحفاظ على المعايير النطقية للأصوات سواء على مستوى الأفراد أو السياق، خشية ذهاب الوظيفة المقصودة من الكلام،مذكرا ومشيرا في غالب أمره إلى النطق النمطي الصحيح الموروث لمعظم الأصوات..
- أن الخروج على المعايير المحددة للأصوات يترتب عليه عيوبا وتشوهات صوتية وقد استخلصت أهم مظاهرها ..أن من أهم أسبابها إما التساهل في النطق أو التكلف فيه أو اللجوء إلى الثقل.
- وقد أخذت عليه حكمه بالتشابه بين الضادوالظاء في التلفظ والسمع على الرغم مما بينهما من تمايز ...وحرصه على عدم الخلط بين صوت وآخر حتى لايدخل ذلك في دائرة اللحن.
-وقد أشار المرعشي إلى صعوبة بعض المسائل التجويدية وإلى أخرى لم يتطرق غيره إليها ...
-وقد اعتنى في إثبات أحكامه ببيان علة مايذكر ....
-وقد فصل المرعشي بين التجويد علما وممارسة من ناحية المضمون ....
-وقد رأى التجويد يكتسب بالمشافهة من الشيخ المجود الماهر الجامع بين الرواية والدراية ويسهل الأخذ بتلك المشافهة الإلمام بمسائل علم التجويد المدونة في الكتب.
- ونظرا لندرة الشيخ الماهر -كما رأى -فقد أوجب على طالب التجويد أن يقيس ما سمعه من شيخه على ما أودع في الكتب فما وافقه فهو الحق وماخالفه فالحق مافي الكتب وقد رددنا عليه في موضعه..الخ ماذكر الباحث جزاه الله خيراً.
وقد ختم الباحث هذه النتائج المفيدة بقوله: وقد رأيت الشيخ محمد مكي نصر من أكثر الذين نقلوا فكر المرعشي سواء في جهده وبيانه...
أخيرا: يستفاد من هذه العجالة المتأملة في أسئلة بعض الإخوة حول: تأصيل القراءة بالتجويد،هل تكون بالنص وحده أم بالمشافهة،أم بالاثنين؟، وفي كتاب الدكتور أبو السعود الفخراني الذي بعنوان (أصوات القرآن الكريم منهج دراستها عند المرعشي في كتابيه جهد المقل وبيانه)-حيث وقع اختياري عليه لكوني أتفق مع كثير مما عرض له في كثير من مباحثه-
أنه يمكن الوصول إلى (دراسات في تأصيل القراءة بالتجويد )، من خلال عرض المصادر العلمية التي تناولت ذلك بمنهجية واضحة، يمكنها أن تساهم مع جهود الباحثين والمؤلفين، في تكوين إجابات شافية للأسئلة المطروحة حولها من الإخوة في الملتقى، وفق رؤية علمية مأخوذة منها ومن علماء التجويد الممارسين له. والله أعلم .
تنبيه: هذه المشاركة تحت هذا العنوان لاتستقل عن غيرها من مشاركات الإخوة الهامة في مسائل وقضايا التجويد في هذا الملتقى،
وقد أفردتها بالعنونة ضمن المشاركات لتكون رافدا لبقية المشاركات المتخصصة في علم التجويد في هذا الملتقى. والله الموفق.
 
جزاك الله خيرا ويبدو أنه كتاب جدير بالاقتناء
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فجزاكم الله خيرا يادكتور أنمار على جهودكم، وتواضعكم مع إخوانكم، وتعلقكم الجميل ببحوث أهل الملتقى قليلها وكثيرها،
فكل ذلك في نظري مدرسة(قرآنية) لأهل الملتقى يجدون فيها مالايجدونه في مكان آخر.
وأفيدكم أن الكتاب أعلاه مطبوع ،وهو في مكتبتي ولامانع من تلخيص بعض النقاط الهامة فيه لمدراستهامعكم ومع أهل الملتقى، مع الاحتفاظ لمؤلفه بجهوده ونسبته. حفظكم الله ورعاكم.
 
عودة
أعلى