دحض مفتريات على الإمام أبي حامد الغزالي ، مجدد المائة الخامسة

إنضم
18 أغسطس 2005
المشاركات
506
مستوى التفاعل
10
النقاط
16
العمر
66
الإقامة
مصر
اختلف الناس في حكمهم على الإمام أبي حامد الغزالي ، و ذلك الاختلاف عائد إلى ما رمي به ذلك الإمام الجليل من مفتريات باطلة ، كان دافعها الحقد و الحسد ، أو الجهل و عدم التثبت ، أو الخلاف المذهبي و التعصب المذموم ، و يكفينا في تعديل الغزالي و توثيقه ما قاله الإمام الذهبي في ترجمته له في كتابه " سير أعلام النبلاء " ، قال :

" الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان ، زين الدين ، أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي ، صاحب التصانيف و الذكاء المفرط ، تفقه ببلده أولا ، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة ، فلازم إمام الحرمين ، فبرع في الفقه في مدة قريبة ، و مهر في الكلام و الجدل حتى صار عين المناظرين ، و أعاد للطلبة ، و شرع في التصنيف " . ( ج 19 / ص 322 و 323 ).

*******************

ومما دعاني للكتابة في شأنه - رضي الله عنه - ما قرأته في هذا الملتقى من سؤال عنه ، و ما رماه به بعض المبطلين من ضلال و كفر ، و العياذ بالله ، و قد رددت و دفعت عنه تلك الأباطيل و الأضاليل ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار " رواه أبو داود ، و أخرجه الترمذي و حسنه .

و إذا كان هذا في حق عامة المسلمين ، فهو في حق خاصتهم و أئمتهم أولى ، و إذا كان ذلك في أعراضهم فهو في دينهم و معتقدهم أولى و أعلى .

- و قد آثرت أن تكون هذه المقالة منفردة عن ردي و كلامي المتقدم ، لأذكر مثلا واحدا لبطلان ما رمي به الغزالي - رحمه الله - ثم نقله النقلة من غير تحقق و لا تثبت ، فظلموه و أساءوا إليه ، و توارث الناس ذلك الحط من قدره - بل و النيل من دينه و عقيدته - و ها كم ما نقله أبو المظفر يوسف في كتاب له ، و حكاه عنه الذهبي ، قال :

(( ولأبي المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في كتاب رياض الأفهام في مناقب أهل البيت " قال :
ذكر أبو حامد في كتابه " سر العالمين وكشف ما في الدارين " فقال في حديث { من كنت مولاه فعلي مولاه } : أن عمر قال لعلي بخ بخ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة ، قال أبو حامد : وهذا تسليم ورضى ، ثم بعد هذا غلب عليه الهوى حبا للرياسة وعقد البنود وأمر الخلافة ونهبها فحملهم على الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ،
وسرد كثيرا من هذا الكلام الفسل الذي تزعمه الإمامية ،
وما أدري ما عذره في هذا ؟
والظاهر أنه رجع عنه وتبع الحق فإن الرجل من بحور العلم والله أعلم .

هذا إن لم يكن هذا وضع هذا و ما ذاك ببعيد ، ففي هذا التأليف بلايا لا تطيب )) . (سيرأعلام النبلاء ، 19 / 328 )


********************

و هذا الرأي صحيح ، و لا يعقل صدوره عن إمام وصف بمجدد الإسلام في المائة الخامسة ، و ها كم دليل بطلان نسبته إليه ، و كذب عزوه له ، فقد صرح بنقيض ذلك في كتابه " إحياء علوم الدين " - و الكتاب بين يدي الآن ، و أنا أنقل منه ، و ليس من أسطوانة (c.d ) ، قال :

" و أن يعتقد فضل الصحابة - ي الله عنهم - و ترتيبهم ، و أن أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه و سلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، رضي الله عنهم ، و أن يحسن الظن بجميع الصحابة ، و يثني عليهم كما أثنى الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم و عليهم أجمعين .
فكل ذلك مما وردت به الأخبار ، و شهدت به الآثار ، فمن اعتقد جميع ذلك ، موقنا به ، كان من أهل الحق و عصابة السنة ، و فارق رهط الضلال و حزب البدعة ، فنسأل الله كمال اليقين ، و حسن الثبات في الدين لنا و لكافة المسلمين برحمته ، إنه أرحم الراحمين ، و صلى الله على سيدنا محمد و على كل عبد مصطفى " . انتهى كلام الإمام الغزالي هنا . ( إحياء علوم الدين ، الجزء الأول ، صفحة 161 ، طبعة دار الشعب ، القاهرة ) .

* فهل يستقيم كلامه الوضيء هذا مع ما نسب إليه من باطل مما نقله أبو المظفر آنفا ؟ اللهم لا، ثم لا ، ثم لا .

و قد أورد الإمام الغزالي كلامه المذكور في ( كتاب قواعد العقائد ) - في إحياء علوم الدين - قال : و فيه أربعة فصول ، و جعل الفصل الأول ( و الذي نقلنا منه ما تقدم ) : " في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة ، التي هي أحد مباني الإسلام " .(1 / 154 ) .

فهل يعقل عاقل لديه ذرة عقل أن من جعل عمر رضي الله عنه مقدما في الفضل و المرتبة علي علي كرم الله وجهه - و رضي الله عنهما و عن الصحابة أجمعين - أن يكون قد قال فيه أنه نهب الخلافة من سيدنا علي ؟
فهذا و الله كلام مدسوس عليه ، و منحول و متقول عليه ، و دليل ذلك ما أوردناه من كلامه ، بل من معتقده الذي هو معتقد كل مسلم صحيح الإيمان .

بل انظر ما قاله في ( الركن الرابع في السمعيات و تصديقه صلى الله عليه و سلم فيما أخبر عنه ) - قال : و مداره على عشرة أصول - قال في الأصل السابع :

" أن الإمام الحق - بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم - أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عنهم " . ( الإحياء ، 1 / 201 ).

و قال في الأصل الثامن :
" أن فضل الصحابة رضي اتلله عنهم على حسب ترتيبهم في الخلافة " ( 1/202 )

**********************

فهذا مثل لما افتروه من قول باطل تقولوه على الإمام الغزالي ، و زيفه واضح ، كما بيناه مما صرح هو بخلافه ، و الحال كذلك في بقية ما أنكر عليه من أقوال ظاهرة البطلان مما سنبين حقيقتها بعد إن شاء الله تعالي 0

و لاندعي لأحد عصمة من اتلخطأ ، و الأمر كما قال الإمام الذهبي :

" الغزالي إمام كبير ، و ما من شرط العالم أنه لا يخطئ " . ( شير أعلام النبلاء ، 19 / 339 )












فمام الغزالي هنا ،
 
احسنت اخي الفاضل واود التنبيه بأن عدد غير قليل من المؤلفات مطبوعة ومنتشرة باسم الامام الغزالي ودخل فيها الدس قبل وفاته
ويراجع في هذا كتاب مؤلفات الغزالي د.عبدالرحمن بدوي والملحق الخاص به ويمكن الاطلاع عليه وتنزيله من موقع الامام الغزالي.
 
د.أبو بكر خليل قال:
اختلف الناس في حكمهم على الإمام أبي حامد الغزالي ، و ذلك الاختلاف عائد إلى ما رمي به ذلك الإمام الجليل من مفتريات باطلة ، كان دافعها الحقد و الحسد ، أو الجهل و عدم التثبت ، أو الخلاف المذهبي و التعصب المذموم ، و يكفينا في تعديل الغزالي و توثيقه ما قاله الإمام الذهبي في ترجمته له في كتابه " سير أعلام النبلاء " ،

أخي الفاضل الدفاع عن أهل العلم بالحق عمل نبيل يؤجر عليه المسلم بلا شك .
لكن احذر أن تدافع عن عالم وتقع في عشرات ممن تكلموا فيه بحق ، وعدل .
ولا يكفي ما قال العلامة الذهبي في السير ؛ لأنه معارض بجرح من جرحه .. و لا بد للمدافع بحق أن يذكر ما قيل فيه ويجب عنه جوابا مقنعا .

وفق الله الجميع .
 
دفاع عمن وثقه و عدله كبار أئمة المسلمين كابن حجر و السيوطي ، و حسبك بهما .

دفاع عمن وثقه و عدله كبار أئمة المسلمين كابن حجر و السيوطي ، و حسبك بهما .

أخي الكريم

لقد دافع العبد الضعيف عن الإمام الغزالي - فيما رمي به من أباطيل - بما قاله هو و صرح به في كتابه " إحياء علوم الدين " ، المقطوع بنسبته إليه بشهادة الأئمة ابن حجر و النووي و غيرهما ، و ذكرت مثالا لذلك بما ادعي عليه من قول منكر في حق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، و أوردت كلامه هو فيه من كتابه المذكور - على ما بينته أعلاه - بما يقطع ببطلان ذلك الادعاء ، و لو راجعت - أخي الفاضل - المقالة بتأن لوجدتني قد التزمت بما أوردتموه من شرط محق ، و هو قولكم ( و لا بد للمدافع بحق أن يذكر ما قيل فيه ويجب عنه جوابا مقنعا ).
فما قاله الغزالي في فضل و أفضلية عمر رضي الله عنه ينفي صحة ما نسب إليه من الإساءة إليه ، فتأمله بعين العدل و الإنصاف ، و زن كلامه بميزان الحق و الاعتدال ، فسيتبين لك صدق ما قلت .

و لم أنقل من " السير " إلا ما اخترته مثالا لما ادعي عليه ،و أتبعته بما ينقضه من أقواله هو ، التي ذكر أنها من قواعد العقائد .

فما ظنك ياأخي برجل احتج بأقواله و آرائه الفقهية و الحديثية إمام ثقة ثبت عدل مثل الإمام الحافظ ابن حجر في كتابيه " فتح الباري " و " تلخيص الحبير " ؟
فهل كان يفعل ذلك لو كان صاحبها مجروحا في دينه و عقيدته ؟ اللهم لا ، و ألف لا

و إلا كان ابن حجر و النووي و السيوطي - و كثير غيرهم من الثقات المشاهير و الأئمة الأعلام من علماء الإسلام -متهمين في عدالتهم و ديانتهم ، حاشا لله ذلك

* و هل هناك فيصلا في الحكم على الإمام الغزالي أصدق و أحق من أقواله هو في موضوع النزاع؟
و أليس الإقرار سيد الأدلة ، كما هو معلوم شرعا و عقلا ،
فأي بينة أبين من أقواله في معتقده و معتقد كل مسلم من أهل السنة و الجماعة ؟

أليس كلامه أدل دليل و أوضح سبيل على دينه و عدالته ؟

** إن المرء ليتملكه الحزن و الأسى عندما يتهم من وصف ب " مجدد المائة الخامسة " بمثل تلك الافتراءات .
أيها الناس اتهموا أنفسكم قبل أن تتهموا أئمتكم . أليس ذلك أولى ؟
و حسبهم و حسبنا الله الوكيل .
0
**********************

و ما نقله بعض النقلة مما أنكرنا نسبنه للإمام الغزالي رحمه الله فهو راجع إلى عدم التثبت من العدول ، و إلى المناوأة و غيرها من غيرهم ، كما ذكر الإمام الذهبي في ترجمته له .
 
دفاع عن عرض و ديانة الإمام أبي حامد الغزالي

دفاع عن عرض و ديانة الإمام أبي حامد الغزالي

و هذا بيان آخر لبطلان ما رمي به الإمام أبو حامد الغزالي - مجدد المائة الخامسة - وجدته منشورا في هذا القسم من مدة للأخ الفاضل / علي الجاسم ، و ذلك ردا على من رمى الإمام بالسحر - حيث سأل أحدهم : مثلث الغزالي من رموز السحر عند المتصوفة هل اجد معلومة عنه عندكم ؟ - و قد وجدت أن إضافته هنا مكملة للسياق و مفيدة في الإيضاح .

قال :
--------------------------------------------------------------------------------

مثلث الغزالي و الخاتم و المرموز و حساب ابجد بعد الطرق التى يستخدمها كهنة المتصوفة و سحرتهم اريد معلومات تفصلية عنها فهل اجد عندكم المساعدة .
=================
و كان الرد الموفق و المشكور لأخي علي جاسم ، كما يلي :

( أخي المستعلم .. كان ابن القيم من أمر الغيب الذي ما جرى عليه أو فيه القلم بينما كان هنالك شيخ علم عالم عابد يذود عن الإسلام بعلمه ورد الفلاسسفة على أدبارهم ودحض حججهم وبين بهتان عقولهم بتحفته المسماة تهافت الفلاسفة كان اسم هذا الشيخ ( أبو حامد الغزالي ) .. ولا أحسبك قرأت هذا الكتاب .. على أنك لو قرأته لا أحسبك تفقه منه الكثير .. على أنك لوفقهت منه اليسير لما حدثتك نفسك بالخوض بسيرة هذا العلم فضلا عن جعله في زمرة السحرة .. أما بالنسبة للمقولة التي ذكرتها عن ابن القيم فلو أنك أكملتها لأدركت أن لديك خلطا كما كان لابن القيم خلطا في الأمور فابن القيم ينسب أفكار الغزالي للباطنية ولا أعرف والله من ألف كتاب فضائح الباطنية .. أليس هو الغزالي.. بل كيف يفضحهم هنا ليأخذ من فكرهم هناك .. ويقول ابن القيم أيضا في نفس الكتاب الموسوم " وأن الغزالي قد قصد التصوف لما ثبت في النفوس مدح الزهد " ويكأن الغزالي قد شغفته الدنيا حبا فراح يتنسك ويتصوف ليمدح بين الناس .. وهل هذا الوصف مما ينطبق على الغزالي .. على أن ابن القيم كان يسمي كتاب الإحياء للغزالي من أجل كتبه .. وارجع إن شئت لكتاب درء التعارض لابن تيمية وابت تيمية كما تعلم شيخ ابن القيم .. وانضر كيف كان ابن تيمية يرجع بل يستصوب فكر الغزالي في كثير من المسائل الفلسفية على وجه التخصيص .. وأخيرا أخي الفاضل إن أردت بسسؤالك هذا أن نجعل الغزالي في زمرة السحرة فلا أزيد على { عفا الله عنك } .. ) انتهى النقل

**************************

و انظره هنا بالضغط على هذا الرابط

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2200

* و جزى الله الخير لكل من دافع عن عرض أخيه ، بل معتقد أئمته الكبار بالغيب
 
1- سِرُّ العاَلَمين وَكَشْفُ مَافي الدَّارَين، ليس للغزالي :
هذا الكتاب ليس للغزالي بل هو منحول عليه وقد اتفق الباحثون قطعاً على انه منحول.
- يقول شاه عبد العزيز الدهلوي في كتابه "تحفة اثنا عشرية" ص 87 : "إن الكتاب منحول وليس للغزالي".
- وكذلك يرى بدوي، وكذلك يرى المستشرقون مثل: جولديستهر وبويج ومكدونالد. (بدوي ص 271).
واقول انه منحول على الغزالي من قبل الباطنية الإسماعيلية للأسباب الواضحة أدناه:
1 - قال الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" ج19 ص 328:
"ولأبي المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في كتاب "رياض الأفهام" في مناقب أهل البيت قال: ذكر أبو حامد في كتابه "سر العالمين وكشف مافي الدارين" ... وسرد كثيراً من هذا الكلام الفسل الذي تزعمه الإمامية وما أدري ما عذره في هذا؟ ... هذا إن لم يكن هذا وضع هذا، وما ذاك ببعيد، ففي هذا التأليف بلايا لاتتطبب."
وهذا يعني صراحة ان الإمام الذهبي يشك في نسبة الكتاب للإمام الغزالي، ويرى انه موضوع عليه ولايستبعد ان يكون سبط ابن الجوزي نفسه قد وضعه لقوله: "إن لم يكن هذا وضع هذا، وما ذاك ببعيد".
2 - يذكر المؤلف أبو العلاء المعري الشاعر ويقول: أنه أنشده لنفسه: "وانشدني المعري لنفسه وأنا شاب في صحبة يوسف بن علي شيخ الإسلام " (رسائل الغزالي ج6 ص 74 )، ثم يذكر بعض الأبيات الشعرية.
ومن الحقائق التاريخية المعروفة ان المعري توفي سنة 448 للهجرة والغزالي ولد سنة 450 للهجرة فكيف أنشده لنفسه، ولانعلم ان المعري قد بعث من قبره قبل يوم النشور. أنظر بدوي ص 272 .
3 - يذكر الكاتب أبو العلاء المعري الشاعر بقوله: "وأنشد الشيخ أبو العلاء المعري لنفسه رحمه الله:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا"
( رسائل الغزالي ج6 ص 84 )
ويلاحظ على هذا النص خطأين تاريخيين:
أولاً: أنه ذكر المعري بوصفه شيخاً ولايعقل أن فقيهاً كالغزالي يقول هذا، لاسيما وان المعري قد أُتّهِم بالزندقة وهو الذي قال :
هفت النصارى وحنيفة ما أهتدت ويهود حارت والمجوس مضللة
ثانياً: الأبيات الشعرية الثلاثة المذكورة أعلاه يدرك كل من له ثقافة عامة غير تخصصية وحتى الطالب في مرحلة الدراسة الثانوية أو التوجيهية أنها من شعر جرير وأنها ليست للمعري.
4 - يكرر المؤلف موضوع الإمامة وكل من الإمام علي ومعاوية رضي الله عنهما ويركز على النزاع بينهما وعدم أهلية معاوية للخلافة ، وهذا يقطع بأنها من دس الباطنية الأسماعيلية عليه . فالمؤلف يذكر على سبيل المثال في آخر الكتاب ما يلي: "وقد سمعت كلاماً لمعاوية إذ قال: هموا بمعالي الأمور لتنالوها ،فإني لم أكن للخلافة أهلاً فهممت بها فنلتها " (رسائل الغزالي ج6 ص 96)
وهذا هو نفسه الذي ذكره المؤلف في بداية الكتاب: "كما قال معاوية رضي الله عنه : همّوا بمعالي الأمور لتنالوها ، فإني لم أكن للخلافة أهلاً فهممت بها فنلتها " (رسائل الغزالي ج6 ص 5 )
وتكرار هذا القول في فاتحة الكتاب وفي خاتمة الكتاب لم يأت اعتباطاً وانما جاء مقصوداً ومبيتاً للتقرير في الأذهان أن معاوية لم يكن للخلافة أهل، وهو ذم وان جاء وكأنه في سياق المدح.
5 - والرسالة عموماً تغلب عليها المسحة الشيعية التي تمتاز بالغلو في علي كرَّم الله وجهه، خذ على سبيل المثال هذا النص السقيم :
"وأعجب من هذا الحديث حديث بلوقيا وعفان ، فحديثهما طويل، وإشارة منه كافية، فقد بلغ من سفرهما حتى وصلا إلى المكان الذي فيه سليمان، فتقدم بلوقيا ليأخذ الخاتم من أصبعه، فنفخ فيه التنين الموكل معه، فأحرقه فضربه عفان بقارورة فأحياه، ثم مد يده ثانية وثالثة فأحياه بعد ثلاث، فمد يده رابعة فاحترق وهلك فخرج عفان وهو يقول: أهلك الشيطان أهلك الشيطان، فناداه التنين: ادن أنت وجرب، فهذا الخاتم لا يقع في يد أحد إلا في يد محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث، فقل له إن أهل الملأ الأعلى قد اختلفوا في فضلك وفضل الأنبياء قبلك، فاختارك الله على الأنبياء، ثم أمرني فنزعت خاتم سليمان فجئتك به، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه عليّاً فوضعه في أصبعه، فحضر الطير والجان والناس يشاهدون ويشهدون، ثم دخل الدمرياط الجني، وحديثه طويل، فلما كانوا في صلاة الظهر تصور جبرائيل عليه السلام بصورة سائل طائف بين الصفوف، فبينا هم في الركوع إذ وقف السائل من وراء علي عليه السلام طالباً، فأشار علي بيده فطار الخاتم إلى السائل، فضجت الملائكة تعجباً، فجاء جبرائيل مهنياً وهو يقول أنتم أهل بيت أنعم الله عليكم "ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" فأخبر النبي بذلك علياً فقال علي عليه السلام: ما نصنع بنعيم زائل، وملك حائل، ودنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب؟ فإن اعترض المفتي وقال: كيف قاتل معاوية على الدنيا؟ فالجواب أنه قاتل على حق هو له يصل به إلى حق؛ وأما التحكيم فباطل غير صحيح؛ لأن التحكيم إنما يكون على موجود ومحدود ومعروف ومعلوم غير مجهول؛ هذا فقه وشرع؛ ثم قولوا ما تريدون، فمن أراد أن ينظر في كشف ما جرى فيطلع في كتاب صنفته وسميته " كتاب نسيم التسنيم "، وفي قصص ذي القرنين كفاية، وكتاب رياض النديم لابن أبي الدنيا وانظر في كتاب الأقاليم، وانظر في كتاب المسالك والممالك، وكتب الماوردي الموصلي." (رسائل الغزالي ج6 ص 92 - 93 )
6 - إن الكتاب مليء بالخرافات وماهو اخطر من ذلك ان الكتاب يحتوي على شرك واضح وعبادة للكواكب خذ مثالاً على ذلك :
" المقالة الثامنة عشرة : في عزائم التسخير
تقف أول ساعة من يوم السبت مستقبل الغرب بثياب سوداء وزرق بأبخرة مذكورة مثل اللبان والحرمل وقشور الرمان والخردل البري، ثم تقول في وقت سعيد من تثليث أو تسديس مناط إلى شرف فتقول: "أيها السلطان الأعظم والملك العرمرم، مالك الفلك التابعة له النجوم، الخاسف المزلزل: زحل أنت أشرف الكواكب وسيدها وقائدها ومؤيدها، أسألك أن تعطيني وأن تمنحني ما يصلح منك لي " وتقول يوم الأحد عند طلوع الشمس وأنت مستقبلها بهمة مصروفة إليها: " أيتها السيدة الرفيعة والملائكية المطيعة والمدبرة الكبيرة التي جادت بفيضها على الظلام فصارت نوراً، ذاتها طاهرة وسلطنتها قاهرة، أسألك أن تعطيني ما يصلح منك لي، واصرفي همتك إليَّ وأنت الملكة العزيزة .." (رسائل الغزالي ج6 ص 62 )

ثم يستمر الكاتب الى نهاية أيام الإسبوع لكل يوم كوكب يسأله بدل أن يسأل الله سبحانه وتعالى. وحاشا لعلماء المسلمين أن يخوضوا في مثل هذا .
7 - والرسالة فيها أثر كلام اخوان الصفاء وخلان الوفاء من مسحة افلوطينية فيضية ومسحة شيعية اسماعيلية:
"والسعادة الكلية هي من الفيض الأول، ثم يفيض من طريق التحري إلى كل محل بما يقبله. والفيض الأول من العلة الأولى يتناشى بطريق الفيض الوهمي الذي عجزت العقول عن تحصيل كنهه. والذي صدر عن علة العلل من الفيض الأول هو العقل الفعال الصادر بالكلية عنه، والنفس الكلية هي التي تفيض النفوس عنها، والذي يتجلى للخلق من العقل هو بقدر نزول الشعاع للشمس في النوافذ والنور. ومثل تجلي العقل للأنبياء كمثل الشمس المنخرقة في الأرض الفلاة."ص30 .
ومن له دراية بالفلسفة يعلم ان هذه الترهات هي من أقوال المجموعة الباطنية التي سمت نفسها "إخوان الصفا"، ومن المعلوم ان اخوان الصفاء مجموعة حركية اسماعيلية. فالرسالة قطعاً منحولة من الشيعة الإسماعيلية على الإمام الغزالي، سيما وان الإمام الغزالي قد كتب في الباطنية كتباً ورسائل أعيتهم وكشفت حقيقتهم فحاولوا الطعن فيه ماأستطاعوا ولكنهم لم يفلحوا.
8 - يذكر المؤلف عدداً كبيراً من الكتب على أنها له (للغزالي) مثل: " وإن أردت سلوك طريق السلف الصالح فعليك بكتاب "نجاة الأبرار" وهو آخر ما صنفناه في أصول الدين." (رسائل الغزالي ج6 ص 91 ) ومن المعلوم قطعاً أنه ليس للغزالي على الإطلاق كتاباً تحت هذا العنوان في أصول الدين.
وكذلك يذكر المؤلف الكتب الآتية على أنها من مؤلفاته (أي ان الغزالي كتبها) :
"كتاب عين الحياة" ، "كتاب السبيل" ، "كتاب نسيم التسنيم" و "كتاب مغايب المذاهب"، ومعلوم قطعاً قديماً وحديثاً أن الغزالي لم يؤلف أياً من الكتب اعلاه فكيف يذكرها الغزالي والكاتب أعلم الناس بما كتب وصنَّف.
ويقول بدوي ان عنوانات هذه الكتب لم ترد إلا في "سر العالمين" ولاتوجد في غيره. (بدوي ص 40).

كُتُب الإمام الغزالي الثَّابت مِنها والمنحول
 
الإمام الغزالي إمام كبير ومجدد في عصره وأخطاءه لا تستطيع أن تنال من مكانته، رحمه الله.
من إتهمه بالباطنية مجتهد غير محقق (فيما نُسب إليه) أو لا يستطيع التمييز بين الباطنية الإشراقية والتصوف.
أما ضعفه في علوم الحديث فهذا ما إعترف به هو نفسه، وأظهرته سيرته إذ أنه إنحاز للقراءة في هذا الفن في أواخر أيامه.

ما يحزنني هو أنه رحمه الله لم يوظف عقلانيّته على نطاق أوسع، إنتقد كثير من سفسطات الفلاسفة في عهده ولكن لم يقتحم الأساس وهو المنطق كما كان معروفا آنذاك، وهو نفس خطأ الإمام إبن حزم رحمه الله. كان من المفروض أن ينقلب على المنطق بتدشين منطق جديد أو على الأقل التشكيك فيه بأسلوب معقول علمي ويُترك الجدال حوله حرّا يمكن أن ينتج في المراحل اللاحقة منطقا "يوسع العقل" ويرسخ العقلية التجريبية - في إطارها الإسلامي - كما حدث مع مسلمات وفرضيات الرياضيات التي لولا التشكيك في لبها لما كانت الفيزياء النظرية قادرة على الإنطلاق إلى الإمام ولما كانت الفيزياء التطبيقية نفسها تجد "لغة رياضياتية" قادرة على التعبير عنها.
لو حدث ذلك لكان أفضل خاصة وأن الإمام الغزالي ذاعت شهرته في هذا الميدان، وهذا ما لم يتحقق للإمام إبن تيمية للأسف الشديد بسبب ما تعرض له من تضييق وتهميش ثم لتلاميذه وأنصاره الذين قلّدوه جزئيا أو، بعضهم، رأوا في نقده للمنطق نقضا له على شاكلة من يرفضه بلا حجة ولا بحث علمي إلا التقليد، وما كان هذا منهاج شيخ الإسلام رحمه الله. [راجع اهتمام الفلاسفة المسلمين بالمنطق سبب تخلف العلوم التجريبية في العالم العربي و تميز ابن تيمية في نقد المنطق قراءة موضوعية].

لا أكون متجاوزا إن قلت أن الحضارة الإسلامية تعرضت لنكبتين الأولى سياسية في توريث الحكم، والثانية معرفية في الحول دون توسيع العقل (السير في اثر إبن تيمية وابن الهيثم) رغم ذاك التراكم المعرفي بعد عصر التدوين إلا أن هذا التراكم يعني توسيع المعرفة لا توسيع العقل.
 
صدقا..فلو كان حجة الاسلام لقي الحديث وأهله من أول يوم ووصل الى التحرر العقلاني السلفي النبوي الحنيفي السمح الناضج و المبثوث في نظام السنن على ما تتذوق بعض أثره في آخر كتبه كالاملاء و الالجام ...في ظني أنه ما كان لأحد من بعده أن يصل لطبقته الا ما يشاء الله في المستأنف..لا ابن تيمية و لا ابن حزم فضلا عمن هو دونهما ..فمن خالط اعمال الثلاثة علم أنه لم يأت بعد ائمة المذاهب المتبوعة أكثر منهم صدقا و تفننا وذكاءا..الا أن الغزالي أكثر الثلاثة تحررا و عمقا في نظري و الله أعلم
 
عودة
أعلى