د.أبو بكر خليل
Member
اختلف الناس في حكمهم على الإمام أبي حامد الغزالي ، و ذلك الاختلاف عائد إلى ما رمي به ذلك الإمام الجليل من مفتريات باطلة ، كان دافعها الحقد و الحسد ، أو الجهل و عدم التثبت ، أو الخلاف المذهبي و التعصب المذموم ، و يكفينا في تعديل الغزالي و توثيقه ما قاله الإمام الذهبي في ترجمته له في كتابه " سير أعلام النبلاء " ، قال :
" الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان ، زين الدين ، أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي ، صاحب التصانيف و الذكاء المفرط ، تفقه ببلده أولا ، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة ، فلازم إمام الحرمين ، فبرع في الفقه في مدة قريبة ، و مهر في الكلام و الجدل حتى صار عين المناظرين ، و أعاد للطلبة ، و شرع في التصنيف " . ( ج 19 / ص 322 و 323 ).
*******************
ومما دعاني للكتابة في شأنه - رضي الله عنه - ما قرأته في هذا الملتقى من سؤال عنه ، و ما رماه به بعض المبطلين من ضلال و كفر ، و العياذ بالله ، و قد رددت و دفعت عنه تلك الأباطيل و الأضاليل ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار " رواه أبو داود ، و أخرجه الترمذي و حسنه .
و إذا كان هذا في حق عامة المسلمين ، فهو في حق خاصتهم و أئمتهم أولى ، و إذا كان ذلك في أعراضهم فهو في دينهم و معتقدهم أولى و أعلى .
- و قد آثرت أن تكون هذه المقالة منفردة عن ردي و كلامي المتقدم ، لأذكر مثلا واحدا لبطلان ما رمي به الغزالي - رحمه الله - ثم نقله النقلة من غير تحقق و لا تثبت ، فظلموه و أساءوا إليه ، و توارث الناس ذلك الحط من قدره - بل و النيل من دينه و عقيدته - و ها كم ما نقله أبو المظفر يوسف في كتاب له ، و حكاه عنه الذهبي ، قال :
(( ولأبي المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في كتاب رياض الأفهام في مناقب أهل البيت " قال :
ذكر أبو حامد في كتابه " سر العالمين وكشف ما في الدارين " فقال في حديث { من كنت مولاه فعلي مولاه } : أن عمر قال لعلي بخ بخ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة ، قال أبو حامد : وهذا تسليم ورضى ، ثم بعد هذا غلب عليه الهوى حبا للرياسة وعقد البنود وأمر الخلافة ونهبها فحملهم على الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ،
وسرد كثيرا من هذا الكلام الفسل الذي تزعمه الإمامية ،
وما أدري ما عذره في هذا ؟
والظاهر أنه رجع عنه وتبع الحق فإن الرجل من بحور العلم والله أعلم .
هذا إن لم يكن هذا وضع هذا و ما ذاك ببعيد ، ففي هذا التأليف بلايا لا تطيب )) . (سيرأعلام النبلاء ، 19 / 328 )
********************
و هذا الرأي صحيح ، و لا يعقل صدوره عن إمام وصف بمجدد الإسلام في المائة الخامسة ، و ها كم دليل بطلان نسبته إليه ، و كذب عزوه له ، فقد صرح بنقيض ذلك في كتابه " إحياء علوم الدين " - و الكتاب بين يدي الآن ، و أنا أنقل منه ، و ليس من أسطوانة (c.d ) ، قال :
" و أن يعتقد فضل الصحابة - ي الله عنهم - و ترتيبهم ، و أن أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه و سلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، رضي الله عنهم ، و أن يحسن الظن بجميع الصحابة ، و يثني عليهم كما أثنى الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم و عليهم أجمعين .
فكل ذلك مما وردت به الأخبار ، و شهدت به الآثار ، فمن اعتقد جميع ذلك ، موقنا به ، كان من أهل الحق و عصابة السنة ، و فارق رهط الضلال و حزب البدعة ، فنسأل الله كمال اليقين ، و حسن الثبات في الدين لنا و لكافة المسلمين برحمته ، إنه أرحم الراحمين ، و صلى الله على سيدنا محمد و على كل عبد مصطفى " . انتهى كلام الإمام الغزالي هنا . ( إحياء علوم الدين ، الجزء الأول ، صفحة 161 ، طبعة دار الشعب ، القاهرة ) .
* فهل يستقيم كلامه الوضيء هذا مع ما نسب إليه من باطل مما نقله أبو المظفر آنفا ؟ اللهم لا، ثم لا ، ثم لا .
و قد أورد الإمام الغزالي كلامه المذكور في ( كتاب قواعد العقائد ) - في إحياء علوم الدين - قال : و فيه أربعة فصول ، و جعل الفصل الأول ( و الذي نقلنا منه ما تقدم ) : " في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة ، التي هي أحد مباني الإسلام " .(1 / 154 ) .
فهل يعقل عاقل لديه ذرة عقل أن من جعل عمر رضي الله عنه مقدما في الفضل و المرتبة علي علي كرم الله وجهه - و رضي الله عنهما و عن الصحابة أجمعين - أن يكون قد قال فيه أنه نهب الخلافة من سيدنا علي ؟
فهذا و الله كلام مدسوس عليه ، و منحول و متقول عليه ، و دليل ذلك ما أوردناه من كلامه ، بل من معتقده الذي هو معتقد كل مسلم صحيح الإيمان .
بل انظر ما قاله في ( الركن الرابع في السمعيات و تصديقه صلى الله عليه و سلم فيما أخبر عنه ) - قال : و مداره على عشرة أصول - قال في الأصل السابع :
" أن الإمام الحق - بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم - أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عنهم " . ( الإحياء ، 1 / 201 ).
و قال في الأصل الثامن :
" أن فضل الصحابة رضي اتلله عنهم على حسب ترتيبهم في الخلافة " ( 1/202 )
**********************
فهذا مثل لما افتروه من قول باطل تقولوه على الإمام الغزالي ، و زيفه واضح ، كما بيناه مما صرح هو بخلافه ، و الحال كذلك في بقية ما أنكر عليه من أقوال ظاهرة البطلان مما سنبين حقيقتها بعد إن شاء الله تعالي 0
و لاندعي لأحد عصمة من اتلخطأ ، و الأمر كما قال الإمام الذهبي :
" الغزالي إمام كبير ، و ما من شرط العالم أنه لا يخطئ " . ( شير أعلام النبلاء ، 19 / 339 )
فمام الغزالي هنا ،
" الشيخ الإمام البحر ، حجة الإسلام ، أعجوبة الزمان ، زين الدين ، أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي ، صاحب التصانيف و الذكاء المفرط ، تفقه ببلده أولا ، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة ، فلازم إمام الحرمين ، فبرع في الفقه في مدة قريبة ، و مهر في الكلام و الجدل حتى صار عين المناظرين ، و أعاد للطلبة ، و شرع في التصنيف " . ( ج 19 / ص 322 و 323 ).
*******************
ومما دعاني للكتابة في شأنه - رضي الله عنه - ما قرأته في هذا الملتقى من سؤال عنه ، و ما رماه به بعض المبطلين من ضلال و كفر ، و العياذ بالله ، و قد رددت و دفعت عنه تلك الأباطيل و الأضاليل ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار " رواه أبو داود ، و أخرجه الترمذي و حسنه .
و إذا كان هذا في حق عامة المسلمين ، فهو في حق خاصتهم و أئمتهم أولى ، و إذا كان ذلك في أعراضهم فهو في دينهم و معتقدهم أولى و أعلى .
- و قد آثرت أن تكون هذه المقالة منفردة عن ردي و كلامي المتقدم ، لأذكر مثلا واحدا لبطلان ما رمي به الغزالي - رحمه الله - ثم نقله النقلة من غير تحقق و لا تثبت ، فظلموه و أساءوا إليه ، و توارث الناس ذلك الحط من قدره - بل و النيل من دينه و عقيدته - و ها كم ما نقله أبو المظفر يوسف في كتاب له ، و حكاه عنه الذهبي ، قال :
(( ولأبي المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في كتاب رياض الأفهام في مناقب أهل البيت " قال :
ذكر أبو حامد في كتابه " سر العالمين وكشف ما في الدارين " فقال في حديث { من كنت مولاه فعلي مولاه } : أن عمر قال لعلي بخ بخ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة ، قال أبو حامد : وهذا تسليم ورضى ، ثم بعد هذا غلب عليه الهوى حبا للرياسة وعقد البنود وأمر الخلافة ونهبها فحملهم على الخلاف فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ،
وسرد كثيرا من هذا الكلام الفسل الذي تزعمه الإمامية ،
وما أدري ما عذره في هذا ؟
والظاهر أنه رجع عنه وتبع الحق فإن الرجل من بحور العلم والله أعلم .
هذا إن لم يكن هذا وضع هذا و ما ذاك ببعيد ، ففي هذا التأليف بلايا لا تطيب )) . (سيرأعلام النبلاء ، 19 / 328 )
********************
و هذا الرأي صحيح ، و لا يعقل صدوره عن إمام وصف بمجدد الإسلام في المائة الخامسة ، و ها كم دليل بطلان نسبته إليه ، و كذب عزوه له ، فقد صرح بنقيض ذلك في كتابه " إحياء علوم الدين " - و الكتاب بين يدي الآن ، و أنا أنقل منه ، و ليس من أسطوانة (c.d ) ، قال :
" و أن يعتقد فضل الصحابة - ي الله عنهم - و ترتيبهم ، و أن أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه و سلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، رضي الله عنهم ، و أن يحسن الظن بجميع الصحابة ، و يثني عليهم كما أثنى الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم و عليهم أجمعين .
فكل ذلك مما وردت به الأخبار ، و شهدت به الآثار ، فمن اعتقد جميع ذلك ، موقنا به ، كان من أهل الحق و عصابة السنة ، و فارق رهط الضلال و حزب البدعة ، فنسأل الله كمال اليقين ، و حسن الثبات في الدين لنا و لكافة المسلمين برحمته ، إنه أرحم الراحمين ، و صلى الله على سيدنا محمد و على كل عبد مصطفى " . انتهى كلام الإمام الغزالي هنا . ( إحياء علوم الدين ، الجزء الأول ، صفحة 161 ، طبعة دار الشعب ، القاهرة ) .
* فهل يستقيم كلامه الوضيء هذا مع ما نسب إليه من باطل مما نقله أبو المظفر آنفا ؟ اللهم لا، ثم لا ، ثم لا .
و قد أورد الإمام الغزالي كلامه المذكور في ( كتاب قواعد العقائد ) - في إحياء علوم الدين - قال : و فيه أربعة فصول ، و جعل الفصل الأول ( و الذي نقلنا منه ما تقدم ) : " في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة ، التي هي أحد مباني الإسلام " .(1 / 154 ) .
فهل يعقل عاقل لديه ذرة عقل أن من جعل عمر رضي الله عنه مقدما في الفضل و المرتبة علي علي كرم الله وجهه - و رضي الله عنهما و عن الصحابة أجمعين - أن يكون قد قال فيه أنه نهب الخلافة من سيدنا علي ؟
فهذا و الله كلام مدسوس عليه ، و منحول و متقول عليه ، و دليل ذلك ما أوردناه من كلامه ، بل من معتقده الذي هو معتقد كل مسلم صحيح الإيمان .
بل انظر ما قاله في ( الركن الرابع في السمعيات و تصديقه صلى الله عليه و سلم فيما أخبر عنه ) - قال : و مداره على عشرة أصول - قال في الأصل السابع :
" أن الإمام الحق - بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم - أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عنهم " . ( الإحياء ، 1 / 201 ).
و قال في الأصل الثامن :
" أن فضل الصحابة رضي اتلله عنهم على حسب ترتيبهم في الخلافة " ( 1/202 )
**********************
فهذا مثل لما افتروه من قول باطل تقولوه على الإمام الغزالي ، و زيفه واضح ، كما بيناه مما صرح هو بخلافه ، و الحال كذلك في بقية ما أنكر عليه من أقوال ظاهرة البطلان مما سنبين حقيقتها بعد إن شاء الله تعالي 0
و لاندعي لأحد عصمة من اتلخطأ ، و الأمر كما قال الإمام الذهبي :
" الغزالي إمام كبير ، و ما من شرط العالم أنه لا يخطئ " . ( شير أعلام النبلاء ، 19 / 339 )
فمام الغزالي هنا ،