خلاصة القول في أصول ومصادر الشاطبية لورش عن نافع

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله وبعد

إنّ ما ذكرته في البحث : "أصول ومصادر الشاطبية لورش عن نافع" يخضع لبعض الضوابط والأسس التي بُنيت عليها هذه التحريرات ، وهذه الضوابط هي :

أوّلاً : حصر طرق الشاطبية بما رواه الداني عن مشايخه الثلاثة : ابن خاقان وأبو الحسن وأبو الفتح ، وذلك من التيسير وجامع البيان والمفردات. والشاهد في ذلك ما ذكره الشيخ سلطان مزاحي رحمه الله تعالى حيث قال : "فإن قلت : من أين يعلم أنّ مكياً وابن بليمة ليسا من طرق الشاطبي ؟ قلت : لأنّ الشاطبي ينتهي سنده للداني لأنّه أخذ القراءة عن أبي الحسن عن ابن هذيل عن أبي داود الأموتي عن الداني وكلّ ما كان من طريق الداني سواء كان في التيسير أو جامع البيان أم المفردات فهو طريق له ، وما خرج عن ذلك ليس من طريقه ، ومكي وابن بليمة ليسا من طريق الداني. أمّا مكي فإنّه كان معاصراً للداني وتوفي قبله بستّ سنين وأشهر لأنّ مكياً توفي ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، والداني توفي في نصف شوال سنة أربعة وأربعين ، ولا يكون من طريقه إلاّ إن كان شيخاً له ، ولا نعلم أحداً ذكره من مشايخه ، إذ مشايخ الداني الذي أسند قراءة ورش عنهم : أبو القاسم خلف بن إبراهيم بن محمد بن خاقان ، وأبو الفتح فارس بن أحمد ، وأبو الحسن طاهر بن غلبون كما يعلم ذلك من مراجعة النشر ، وأمّا ابن بليمة فتأخرت وفاته عن الداني بثمانية وستين سنة ، فهو إن كان موجوداً عند وفاة الداني لم يكن متأهّلاً لأن يأخذ القراءة عنه حتى يكون رواية الأكابر عن الأصاغر إذ لو كان كذلك لذكره في مشايخه ، فاتضح أنّهما ليسا من طرقه ، ومن هنا يعلم أنّ كلّ من تأخرت وفاته كصاحب التجريد والإعلان والمبهج وأبي العز القلانسي والغرناطي صاحب الإقناع والشهروزري صاحب المصباح وصاحب الكامل والمفيد أو كان معاصراً له لم يُعد من مشايخه ليس من طريقه.(رسالة الشيخ سلطان مزاحي في أجوبة المسائل العشرين ص24).

ثانياً : طول البدل للداني من جامع البيان خاصّ بما قرأه على شيخه أبي الفتح وهو مذهب الشيخ سلطان المزاحي كذلك في رسالته (انظر ص 21إلى ص29). ووجه تخصيص طول البدل للداني عن شيخه أبي الفتح ثبوت وجه التوسط في البدل عن ابن خاقان من التيسير مع عدم ثبوت الخلاف عنه في تمكين البدل دلّ ذلك على أنّ طول البدل هو من قراءة الداني على أبي الفتح من جامع البيان والله أعلم.

ثالثاً : قصر البدل مع الفتح من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، ولا يختلف واحد منّا على أنّ كتاب التذكرة هو من طرق الداني.

رابعاً : قراءة الداني بالتقليل في ذوات الياء على ابن خاقان وأبي الفتح كما هو ظاهر في النشر والتيسير وجامع البيان وكلام المحققين.


ومن لاحظ منهاج الشيخ سلطان رحمه الله تعالى في حصره لطرق الشاطبية لورش يجد تناقضاً فيه ، وهذا التناقض يتمثّل في حصره لطرق الشاطبية بما رواه الداني دون غيره من جهة ، وإثباته لبعض الأوجه من الشاطبية التي ما قرأ بها الداني ولا رواها عن مشايخهه الثلاثة ولم يذكرها في أمهات كتبه أي التيسير وجامع البيان والمفردات من جهة أخرى. مثاله : وجه الطول في البدل مع الفتح في الذات وكذا وجه الطول في اللين المهموز نحو {شيء} وغير ذلك مما لم يثبت عن الداني ، ومع ذلك فقد أثبتها الشيخ سلطان في رسالته. إضافة إلى ذلك لا يمكن القطع بأنّ الشاطبي قرأ بجميع ما رواه الداني عن مشايخه الثلاثة بمضمون كتبه الثلاثة ودليل ذلك ما نقله السخاوي في فتح الوصيد من أسانيد للشاطبيّ عليه رحمة الله والتي تتضمن كتاب التيسير والكتاب الاقتصاد للداني دون غيرهما. قال النفزي شيخ الشاطبيّ : " إنّ صاحبنا أبا محمد قاسم بن فيرّه بن أبي القاسم الرعيني حفظه الله وأكرمه قرأ عليّ القرءان كمه مكرّراً ومردداً ، مفرداً لمذهب القرأة السبعة أئمّة الأمصار رحمهم الله من رواياتهم المشهورة وطرقهم المعروفة التي تضمنها كتاب التيسير والاقتصاد للحافظ أبي عمرو المقرئ " ثمّ قال " قراءة نافع من رواية ورش فقرأت بها القرءان كلّه وبغيرها من الروايات والطرق المتضمنة في الكتابين المذكورين على الفقيه الأجلّ...". (فتح الوصيد 1/116،117).
أقول : طريق كتاب التيسير معروف وهو قراءة الداني على أبن خاقان ، أمّا كتاب الاقتصاد فلا ندري هل مضمونه هو من قراءة الداني على ابن خاقان أم هو من قراءته على أبي الفتح أم هي على أبي الحسن أم هي عليهم جميعاً أم على بعضهم. وبالتالي فلا يمكننا القطع بأنّ الشاطبيّ قرأ بمضمون جميع مرويات الداني عن أبي يعقوب الأزرق.


كلام العلامة المتولي في طرق الشاطبية ومصادرها :

قد وجدتّ كلاماً للعلامة المتولي عليه رحمة الله تعالى يشير إلى أنّ زيادات الشاطبية على التيسير مجهوله وليست من طرق الطيّبة. وهذا كلام في غاية الأهمّية لا أدرى كيف غفل عنه المعتنون بكتاب روض النضير حفظاً ودراسة : قال العلامة المتولي عليه رحمة الله تعالى : " وكذلك منع الشيخ سلطان وتابعوه – أي ترقيق ذكراً- على التوسط – أي توسط البدل- من الشاطبية ، ولا أدري ما علّة ذلك لأنّ الترقيق من زيادات القصيدة على التيسير وطرقها مجهولة ، وليس في كلامهم ما يُعيّنها وغاية ما في النشر أنّه أوصل سند الشاطبي عن النفزي إلى صاحب التيسير من قراءته على ابن خاقان فقط وسكت عن ما وراء ذلك له في طريق الأزرق ، وقد أقرّ بذلك حيث قال- أي ابن الجزري- "مع أنّا لم نعد للشاطبي – رحمه الله – وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف ، وهذا علمٌ أُهمل وباب أُغلق وهو السبب الأعظم في ترك الكثير من القراءات والله تعالى يحفظ ما بقي " . ومن تأمّل قوله : " فلو عددنا طرقنا وطرقهم " قطع بأنّ ما زاده الشاطبي على التيسير ليس من طرق النشر ، فلا يُقال :" الترقيق مثلاً للنشر من الشاطبية " وهذه دقيقة لم أر من نبّه عليها ، فمن زعم بعد ذلك أنّ تحرير هذه الزيادة يؤخذ من النشر لم يدر حقيقة ما يقول " (روض النضير ص 268 و269).
وقال عند تعرّضه لتحرير أوجه اللين المهموز لورش ، فقال عليه رحمة الله تعالى : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبية فكما ذكرنا ، فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرق الشاطبية التي زادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّر أحد ممن قال بذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253 طبعة دار الصحابة).

أقول : من خلال ما ذكره العلامة المتولي عليه رحمة الله تعالى يظهر ما يلي :

أوّلاً : إنّ ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى اقتصر على طريق واحد من الشاطبية وهي قراءة الداني على ابن خاقان اختصاراً وليس اختياراً لأنّه أثبت جميع ما تضمنته الشاطبية من الأحكام في كتابه النشر وأسنده من طريق واحد ، ومن هنا نشأ الإشكال وصارت الطرق الأخرى للشاطبية مبهمة ومجهولة بالنسبة لنا ، وهذه هي العلّة التي من أجلها ما استطاع المحققون حصر طرق الشاطبية وضبطها ، قيُحتمل أن يكون الشاطبيّ رحمه الله تعالى قرأ بقصر البدل مع الفتح من غير طريق الداني والتذكرة ، ويُحتمل أن يكون قد قرأ بالطول مع الفتح وهكذا. أمّا طرق الداني من طريق أبي الحسن وأبي الفتح فهي ثابتة في النشر ولكن مع غير طريق الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى.

ثانياً : إذا كانت بعض الطرق من الشاطبية مجهولة فعلى أيّ أساس يقوم المحققون بتحرير أوجه الشاطبية ؟ وعلى أيّ أساس يُحكَم على الوجه أنّه خارج من طرق الشاطبية ومصادرها إذ يُحتمل أن يكون ذلك الوجه من الطرق المجهولة.

ثالثاً : كيف يُقال أنّ طرق الشاطبية هي جزء من طرق الطيّبة في الجملة أو أنّ طرق الطيّبة زادت على ما الشاطبية مع أنّ البعض منها مجهول ولم تثبت من الطيّبة كما ذكر المتولي رحمه الله ، وحتّى ابن الجزريّ نفسه صرّح بذلك ؟ أمّا من حيث المضمون فالشاطبية هي جزء من مضمون الطيّبة ، إلاّ أنّ الإشكال يكمل في المصادر والطرق والأسانيد وليس في المضمون.

رابعاً : زيادات القصيدة على التيسير انقطع سندها من وقت ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى حيث اقتصر على إسناد الداني عن ابن خاقان اختصاراً وأهمل الأسانيد التي تضمنتها تلك الزيادات. وأعتقد أنّ السبب الذي حمل ابن الجزريّ عليه رحمة الله الاقتصار على إسناد واحد للشاطبية هو انتشارها في الأمصار وتواتر ما تضمنته من القراءات والروايات والطرق والأوجه إضافة أنّ الأمّة قد تلقتها بالقبول في سائر الأعصار والأمصار واعتنى بها أهل الأداء حفظاً و رواية وشرحاً حتّى قال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى " ولا أعلم كتاباً حُفِظ وعُرِض في مجلس واحد وتسلسل بالعرض إلى مصنّفه كذلك إلاّ هو ".

خامساً : الظاهر والله أعلم أنّ الأسانيد التي حكم عليها المتولي بأنّها مجهولة هي التي ذكرها السخاوي في فتح الوصيد وسأنقلها فيما يلي :

قال السخاوي : " يقول محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي المقرئ وفقه الله- شيخ الشاطبي- : إنّ صاحبنا أبا محمد قاسم بن فيرّه بن أبي القاسم الرعيني حفظه الله وأكرمه قرأ عليّ القرءان كله مكرّراً ومردّداً ، مفرداً لمذاهب القرأة السبعة أئمّة الأمصار رحمهم الله من رواياتهم المشهورة وطرقهم المعروفة التي تضمنها كتاب التيسير والاقتصاد للحافظ أبي عمرو المقرئ وغيرهما وهم ............." ثم قال " فأمّا قراءة نافع من رواية ورش عنه : فقرأت بها القرءان كلّه وبغيرها من الروايات والطرق المتضمنة في الكتابين المذكورين على الفقيه الأجلّ الشيخ المقرئ الإمام الأوحد أبي عبد الله محمد بن الحسن بن سعيد رحمه الله. قال قرأت بها القرءان كلّه أيضاً على الفقهاء الأجلّة الشيوخ المقرئين الأئمّة : أبي الحسن علي عبد الرحمن الأنصاري المعروف بابن الدوش وأبي داود سليمان بن أبي القاسم العموي ، وأبي الحسن يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد رحمه الله عليهم. قال أخبروني بها عن الإمام الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ ، مؤلّف الكتابين المذكورين تلاوةً منهم عليه رضي الله عنه بالأسانيد المذكورة فيهما عن الأئمّة السبعة الموصولة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأغني ذلك عن ذكرها هاهنا.
وقال لي : قرأت أنا أيضاً برواية ورش على الشيخ أبي الحسن يحيى بن أبي زيد المذكور على الفقيه الفاضل الإمام المقرئ أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيه رضي الله عنهما ، قال أبو الحسن : حدثنا بها الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب المقري عن أبي عدي عبد العزيز بن علي ،
وقال أبو الحسن : قرأت بها على الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل المقرئ ، وأخذ عليّ بالتحقيق ، وأخبرني أنّه قرأ بهما على أبي القاسم عبد الجبار ابن أحمد الطرسوسي بمصر ، وتلقاها أبو القاسم من أبي عدي المذكور ، وتلقاها أبو عدي من أبي بكر عبد الله بن سيف ، وتلقاها أبو بكر من أبي يعقوب يوسف بن عمرو الأزرق.... " اتنهى كلامه.(فتح الوصيد 1/118 إلى 120).

من خلال ما نقل السخاوي من كلام شيخ النفزي الشاطبي يتبيّن أن للشاطبي ثلاثة أسانيد

الأول : إسناده إلى الداني : من كتاب التيسير والاقتصاد لأبي عمرو الداني دون غيرهما .

الثاني : طريق مكي القيسي بصيغة التحديث وهذه في حدّ ذاتها علّة ، وهو ليس من طرق الشاطبي على ما في النشر ، ولا ندري أي الزيادات على التيسير تختصّ بهذا الطريق خاصّة أنّ مكي القيسي قرأ لورش على أبي عدي وعلى أبي الطيّب بن غلبون صاحب الإرشاد وعلى أبي بكر بن علي الأذفوي كما في التبصرة ، وطريقته في كتابه التبصرة ألاّ يعزُوَ الوجه إلى واحد أو إلى بعض مشايخه الثلاثة ، وبالتالي فلا ندري أي الزيادات على التيسير التي قرأها مكي القيسي على أبي عدي ، وحينئذ لا يمكننا حصر تلك الزيادات من طريق مكي القيسي من جهة. إضافة إلى ذلك فقد أهمل الشاطبي الكثير من الأوجه التي رواها مكي القيسي في كتابه التبصرة من غير خلاف عنه كالتقليل في ها {طه} مع أنّ الشاطبيّ لم يذكر إلاّ وجه الإمالة فيها ، فلو كان كتاب التبصرة لمكي القيسي من طرق الشاطبية فلماذا أهمل الشاطبيّ وجه التقليل في هاء {طه} ، اللهمّ إلاّ إذا وُجد طريق آخر لمكي القيسي خارج من طريق كتاب التبصرة فتكون جهالة الطريق آكدة.

الثالث : طريق الطرسوسي عن أبي عدي عن بن سيف : قال ابن الجزري : الثانية : طريق الطرسوسي من طريقي العنوان والمجتبى قرأ بها أبو طاهر بن خلف على أبي القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي. أقول : وليس هو من طرق الشاطبية على ما في النشر ولا ندري أي الزيادات على التيسير تختصّ بهذا الطريق ، فيبقى المضمون مجهولاً وإن اتضح الطريق.


فنخلص مما سبق أنّ طريق الشاطبيّ من النشر هو من قراءة الداني على ابن خاقان. وأمّا زيادات القصيد فهي وإن كانت معلومة الطريق والإسناد على ما نقله السخاوي في فتح الوصيد إلاّ أنّ مضمون تلك الزيادات ببقى مجهولاً لعدم إمكان عزوها إلى مصادرها الأصلية جزئية جزئية.

وبهذا يتضح ولله الحمد لماذا عجز المحققون من أهل الأداء على حصر طرق ومصادر الشاطبية وعزو زيادات القصيد إلى مصادرها جزئية جزيئة ، وبالتالي فالأولى لنا أن نأخذ بما قرره إمام الفنّ في مسائله التبريزية من إثبات الأوجه الأربعة من الشاطبية وهي قصر البدل مع الفتح في الذوات ، وتوسطه مع التقليل ، وطوله مع الوجهين. ولا بدّ من التحفظ من كلّ ما يُحكم عليه أنّه خارج من طرق الشاطبية إذ لا يمكن إثبات ذلك ما دامت الطرق والمصادر غير واضحة.
وما دام الأمر غير واضح فما لنا إلاّ أن نتّبع إمام الفنّ بلا منازع الإمام ابن الجزريّ عليه رحمة الله ، نسأل الله تعالى أن يرفعه في الدرجات العلى


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فتحية للشيخ الفاضل محمد يحي شريف على جهده الطيب في تحرير أصول ومصادر الشاطبية،
وتقديم خلاصة ماتوصل إليه باسلوب علمي منطقي،
وأحب أن أحيط فضيلته بالحاجة إلى فك معنى الأصل أو الأصول ومعناهاعند القراءوفق المنهجية السابقة التي نهجها،
ولعل فضيلته يلحظ المشابهة بين أصول الشاطبية، أوالنشر، واصول التفسيرمثلا، فحبذا لوتأمل في ذلك ويجلب لنا معنى قريبا من الذهن تتضح به صورة هذا المصطلح للجميع.وفق الله الجميع.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا أمين ، أشكرك على مداخلتك المبارك واهتمامك بهذا الموضوع.

و فيما يخصّ عبارة " أصول الشاطبية " فهي عبارة جامعة لكلّ الكتب والطرق والأسانيد التي من خلالها أُسند ما تضمنته الشاطبية من أصول وفرش وأوجه وغير ذلك. فهي بمثابة ينابيع المياه التي ينبثق منها الماء إلى المستنقعات والبِرك ثمّ ينصبّ جميعها أو بعضها على البُحيرة عبر القنوات.
فإذا اعتبرنا مثلاً أنّ طرق الشاطبية لورش هو ما رواه الداني في كتابه التيسير عن الأزرق فالأصول حينئذ هي كلّ الوسائط التي مرّت بها التلاوة بين أبي يعقوب الأزرق إلى الداني ومنه إلى الشاطبيّ عليهم رحمة الله تعالى من أسانيد وطرق وكتب.

فالطريق هو أعمّ من الإسناد والكتاب : فيُطلق على ما يُنسب إلى واحد من سلسلة الإسناد فيقال طريق الأزرق أو طريق النحاس عن الأزرق أو من دونهما كطريق طريق الداني عن ابن خاقان ، وهكذا ، وقد يُطلق على الكتاب الذي هو من أصول الشاطبية مثلاً فيُقال "من طريق التيسير " ، وقد يطلق على الإسناد نفسه من الشاطبي إلى الأزرق فيقال هذا الإسناد من طرق الشاطبية.

ولفظ الأصل هنا يرادف معنى الطريق إذ يمكن أن نقول هذا الإسناد من أصول الشاطبية ، أو هذا الكتاب من أصول الشاطبية ، أو هذا الطريق من أصول الشاطبية

والعلم عند الله تعالى.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فأرجو من أخي الشيخ محمد يحي سلمه الله
ان يحاول تقييد هذا المصطلح، بالكتب التي أسندت الرواية ،وثبت إسنادها بها،
فنضمن عدم دخول المصادر، التي ليست أصلا،إذ لاتحتوي على الأسانيد او الطرق الموصلة .
علما بأن لي ملاحظات على تسمية هذه الكتب بالأصول، فكلمة أصول تختلط بأصول القراءات المعروفة،وأصول التحريرات، فحبذا لو قيدنا هذا المصطلح بقيد محدد،وهو الكتب التي أسندت الرواية، ونتوقف عن إطلاق مصطلح أصول عليها.
ولعل الشيخ محمد شريف سلمه الله يأتي لنا بنقل من القدماء يبرر تسمية هذه الكتب بالأصول.
وأحيط الشيخ محمد يحي بأن شيئا كثيرا مماطرحه ،أجاب عنه الشيخ إيهاب فكري حفظه الله، وهي إجابات تحتاج إلى خلاصة، يتضح منها الاستشكالات المطروحة في هذه المشاركة.والله الموفق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا أمين ، ليستُ بصدد الدفاع عن استعمالي للفظ الأصول وإنّما هو فهمي للمصطلح على ضوء ما كتبه المحررون في الباب ، ولا أدّعي الإصابة فيه ، وليس همّي الآن اختيار المصطلحات لا سيما فيما يقع فيه الالتباس وتتقارب فيه المعاني ، وإنّما همّي الآن هو مضمون الموضوع بأن يكون مفهوماً لدى المتخصصين.

وإنّي لمستعدّ لتغيير المصطلح في الحين إن كان استعمالي لمصطلح "الأصول" يُفضي إلى الخروج عن المقصود ، فالأولوية الآن في نظري ليست في المصطلحات كما هو الحال في المضمون.

أمّا إجابات الشيخ إيهاب فكري فلم أطلع عليها ، فأرجوا أن يقوم أحد إخواننا في هذا المنتدي المبارك بنقل خلاصة كلام الشيخ حفظه الله تعالى لتعمّ الفائدة.

والسلام عليكم.
 
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته أما بعد

تحياتي إلى المشايخ المشاركين في هذا المنتدى المبارك و تحية خاصة إلى الأخ الشيخ محمد يحي شريف على جهوده المبذولة في خدمة القرآن الكريم و رواية ورش خاصة و أسأل الله عزوجل التوفيق و السداد للجميع .
فبعض المسائل التى طرحتها في المنتدى أجاب عليها شيخنا إيهاب فكري حفظه الله
في آخر كتابه تقريب الشاطبية بملحق سماه ( إنصاف الإمام الشاطبي ) .
الكتاب يباع في بعض المكتبات . و الله الموفق
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى

أخي الكريم ، أشكرك على ما تفضلت به من عبارات تثلج الصدر خاصّة من طرف إخواني الجزائريين بعد أن ألِفت الاعتراض والقسوة في العبارات من بعضهم.

وأشكرك عن إخباري بوجود كتاب "تقريب الشاطبية" لصاحب الفضيلة الشيخ إيهاب فكري في بعض المكتبات بالعاصمة ، وهو كما أخبرت أخي الكريم.
 
[align=center]بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.

كل الشكر و التقدير و الإمتنان للأخ الأستاذ الشيخ محمد يحي شريف الجزائري ، على هذا العرض المفصل لرواية ورش عن نافع ، و ذكر خصوصياتها و شرحها و تبسيطها وتقريبها لأفهام القراء المهتمين بهذه الرواية ، بالعالم الإسلامي عامة ، و بالمغرب العربي خاصة ...

بارك الله فيكم و في علمكم ، و جزاكم عن القرآن و أهله خير الجزاء و أوفره.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
.[/align]
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أخي الشيخ لحسن بنلفقيه جزاكم الله خيراً على ما تفضلتم به من الكلمات الطيّبة المشجّعة ، وأسأل الله تعالى أن يزيدنا علماً ، وأن يوفقنا للعمل بالقرءان الكريم وإقامة حدوده وحروفه.

وبالمناسبة ، أقدّم لكم كلّ الشكر وتقدير لما تقدّمونه من جهود عظيمة في العلم الفواصل ، وإحصاء لمواضع الوقف عند إمامنا الهبطي عليه رحمة الله تعالى حيث قلّ من يهتمّ بذلك في وقتنا الحالي.

أسأل الله تعالى أن يزيدكم علماً وأن يوفقكم لما فيه الخير والصلاح وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فلي سؤال للشيخ محمد يحي شريف سلمه الله،بعد هذا التطواف الممتع في هذه المسالة الشيقة، التي تعد من بنات افكار الشيخ محمد يحي الإبداعية، وهو عن عدد اصول الشاطبية، وعن عدد مصادرها؟ وهل بينهما فرق؟كما هو الحال في اصول ومصادر النشر؟
والله الموفق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا أمين ، جزاكم الله خيراً على ما تفضلتم به من العبارات الطيّبة المشجعة.

الإجابة على السؤال المطروح يتوقّف على معرفة الطرق والأسانيد بالنسبة لجميع ما تضمنته الشاطبية من أصول وفرش وأوجه ، وهذا متعذر كما قال المتولي عليه رحمة الله تعالى : " لأنّ طرق الشاطبية التي زادها على التيسير مجهولة ، وهذا أمرٌ متوقف على معرفتها ، ولم يُبرّز أحد ممن قال بذلك شيئاً منها " (روض النضير ص253). أقول : وحتّى إن ذكر السخاوي أسانيد الإمام الشاطبي في كتابه فتح الوصيد فلا ندري هل هي على سبيل الحصر أم على سبيل الاختصار ، وقد أسند رواية ورش إلى الداني من طريق التيسير والاقتصاد ، ولا ندري مضمون كتاب الاقتصاد ولا الطريق الذي سلكه الداني فيه – أي هل هو من قراءته على جميع مشايخه أم على بعضهم -. وهذا بالنسبة لرواية ورش وقد يكون كذلك في غيرها من الروايات ، وهذا خلاف بعض الروايات التي طرقها ومصادرها واضحة كما هو الحال بالنسبة لرواية حفص التي مصادرها كتاب التيسير وكتاب التذكرة لابن غلبون من قراءة الداني على أبي الحسن بإسناده إلى عبيد ابن الصباح عن حفص. فيمكن حصر الطرق والمصادر لبعض الروايات دون البعض.

أمّا بالنسبة حصر مصادر الشاطبية فهو متعذّر كذلك فلو اتضح طريق الداني في كتابه الاقتصاد يمكن معرفة بعض المصادر : فإن كانت قراءته على أبي الفتح فالمصدر هو جامع البيان ، وإن كانت قراءته على أبي الحسن فمصدره كتاب التذكرة. وإن كانت قراءته على مشايخه الثلاثة فالمصادر حينئذ هي التيسير وجامع البيان والمفردات من طريق الأزرق وهكذا.

أمّا بالنسبة لطرق الطيّبة فالأمر واضح بالنسبة للمصادر الأخرى من غير الشاطبية ، والتي اختار منها ابن الجزري بعض الطرق ، وهي واضحة ومحصورة في كتابه النشر خلافاً للشاطبية التي أدرج مضمونها كليّة واقتصر على بعض أسانيدها اختصاراً ، وهذا هو السبب الذي من أجله يتعذّر حصر جميع طرقها ومصادرها إذ ولو قام ابن الجزري بحصر جميع طرق الشاطبية في نشره لزال الإشكال ولتجاوزت طرق الطيّبة الألف طريق كما قال عليه رحمة الله تعالى " وإلاّ فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف".

فعلى ضوء ما سبق من البيان لا يمكن الآن حصر عدد الطرق والمصادر للشاطبية والعلم عند الله تعالى.
 
أخي الشيخ محمد يحي شريف حفظك الله ورعاك،
أقدم لك كل التقدير والتكريم على ماجدت به من معلومات واضحات، فقد استمتعت بهذه الدراسة الممتعة الجميلة، والتي تؤصل لطلبة القراءات هذه الجزئية المهمة من تاريخ تدوين الشاطبية بأسانيدها من مؤلفها الإمام الشاطبي رحمه الله،
وفي نظري أن المسألة تحتاج من فضيلتكم إلى متابعة هذا التأصيل،
يكون والله أعلم بتوزيع مقبول تقترحونه لهذه الطرق من الأصول التي ثبت سندها من المصادر الموجودة،أو بالطريقة التي ترونها فالحاجة ماسة إلى هذا التوزيع وبشكل مؤقت.
كما يمكن الاستعانة بالتأصيل العلمي الذي وضعه الشيخ أيمن سويد حفظه الله في كتابه السلاسل الذهبية في الأسانيد النشرية،
ثم يكون هذا التأصيل نواة لدراسات مستقبلية من الباحثين في مجال القراءات،
أشكرك مرة أخر جزيل الشكر، على ماتقدمه في كل مرة من تأصيل فائق دقيق لمسائل القراءات في هذا الملتقى العلمي المبارك. والله الموفق.
 
أخي الشيخ محمد يحي شريف وفقه الله
أذكركم بطريقة جمع الشيخ أيمن سويد في كتابه السلاسل الذهبية لأسانيد القراءات العشر الكبرى اي القراءات التي أودعها إمام القراء..محمد بن الجزري ..في كتابه ..النشر...وذلك على شكل جداول شجرية توضح الأسانيد وتبرزها.
يقول الشيخ أيمن : (ولسهولة العرض فقد قسمتها إلى أربعة اقسام:
1- أسانيد عن شيوخي الذين قرأت عليهم إلى الإمام ابن الجزري.
2- اسانيد الإمام ابن الجزري إلى المصنفين من القراء الذين تلقى رحمه الله كتبهم،وقرأ القرآن العظيم بما تضمنته تلك الكتب من قراءات ثم انتقى منها الطرق الألف التي أودعها في كتابه النشر.
3- أسانيد هؤلاء المصنفين إلى القراء العشرة المشهورين.
4-أسانيد القراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال فبمجموع هذه الاقسام الاربعة ينشا عندنا اسناد متصل بلاانقطاع من شيوخي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم.السلاسل الذهبية/5.
واسأل الشيخ محمد إن كانت طريقة الشيخ أيمن في تأصيل (الأصول، والأسانيد الموصلة من وإلى المصدر(النشر )،يمكن أن يصاغ على غرارها مشروع من شأنه أن يقيد المسألة في اصول الشاطبية بضوابط محددة،تزيل الشبهات الحاصلة فيها؟
وأسأله كذلك ألا تفيد الإجازات المعمول بها اليوم الموصلة إلى الشاطبي في هذا الأمر؟
وكذلك شروح الشاطبيةهل هي الأخرى لاتفيد في حل هذه المشكلات؟
والله الموفق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

شيخنا أمين ، أنّ المشكلة تكمل في القسم الثاني الذي نقل فيه صاحب الفضيلة ، الشيخ أيمن سويد أسانيد الإمام ابن الجزري إلى المصنفين من القراء الذين تلقى رحمه الله كتبهم وقرأ القرءان العظيم بما تضمنته تلك الكتب من قراءات ثمّ انتقى منها الطرق الألف التي أودعها في كتابه النشر. فإن قام الشيخ أيمن بنقل أسانيد النشر كما هي مبسوطة فيه ، فإنّ الإشكال يبقى مطروحاُ بالنسبة لأسانيد ومصادر زيادات القصيد ، حيث اقتصر ابن الجزري لورش على طريق واحدة وهي طريق الداني عن ابن خاقان من كتابه التيسير وأهمل الباقي اختصاراً وبذلك تكون زيادات القصيد على التيسير مجهولة المصدر ، ولا يمكننا القطع بأنّ طريق قصر البدل مثلاً هو طريق التذكرة أي قراءة الداني على أبي الحسن لأنّ الإمام الشاطبي أهمل وخالف الكثير من الأوجه الواردة في كتاب التذكرة كترقيق الراء في { إرم} وترقيق اللام في نحو { الطلاق } و {مطلع } وغيرها مع ثبوتها في النشر. وقد أسند السخاوي قراءة الشاطبي إلى أبي عمرو الداني من كتاب التيسير وكتاب الاقتصاد ولا ندري هل طريق التذكرة من طرق كتاب الاقتصاد للداني. وهذا يقال لطرق طول البدل ، وكذا الأوجه التي لم تثبت عن الداني مطلقاً كوجه الطول في اللين المهموز في نحو { شيء} و { كهيئة }. وبالتالي فإنّ طرق وأسانيد زيادات القصيد على التيسير تبقى مجهولة ومنقطعة السند من جميع المشايخ المعاصرين إلى ابن الجزري. أمّا أسانيد تلك الزيادات من صاحب النشر إلى الشاطبي فهي معلومة لدى ابن الجزري وإنما اقتصر على إسناد كتاب التيسير من قراءة الداني عن ابن خاقان اختصاراً والدليل على ذلك قوله رحمه الله تعالى :"مع أنّا لم نعد للشاطبي – رحمه الله – وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلو عددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف". وهذه الجهالة لا تضرّ فيما اشتهر وتواتر وتلقته الأمّة بالقبول حيث قطع ابن الجزري في كتابه منجد المقرئين أنّ جميع ما تضمنته الشاطبية مقطوع بصحة وأنّها من الأحرف السبعة المنزلة على رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال عليه رحمة الله تعالى : "فإن قلت : قد وجدنا في الكتب المشهورة المتلقاة بالقبول تبايناً في بعض الأصول والفرش ، كما في الشاطبية نحو قراءة ابن ذكوان { تتبعان} بتخفيف النون ، وقراءة هشام {أفئدة} بياء بعد الهمزة ، وكقراءة قنبل { على سوقه} بواو بعد الهمزة ، وغير ذلك من التسهيلات والإمالات التي لا توجد في غيرها في الكتب إلاّ في كتاب أو اثنين وهذا لا يثبت به التواتر. قلت – أي ابن الجزري- هذا وشبهه وإن لم يبلغ مبلغ التواتر صحيح مقطوع به ، نعتقد أنّه من القرءان ، وأنّه من الأحرف السبعة التي نزل بها القرءان "(منجد المقرئين ص90).

أمّا قول الشيخ أيمن حفظه الله تعالى : " فبمجموع هذه الاقسام الاربعة ينشا عندنا اسناد متصل بلا انقطاع من شيوخي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ففيه نظر لسقوط أسانيد زيادات القصيد من النشر بالنسبة للقسم الثاني اختصاراً كما صرّح بذلك ابن الجزريّ عليه رحمه الله ، بل الأمر يتعدّى إلى بعض المصادر الأخرى لمن تأمّل كلامه.
أمّا أسانيد الإجازات فهي تمرّ جميعاً على ابن الجزري ومنه إلى الإمام الشاطبي من طريق التيسير للداني دون باقي مصادر الزيادات ، وعليه فإنّ الإشكال يبقى مطروحا.

وأمّا شروحات الشاطبية المطبوعة لحدّ الآن فهي تُعنى بالنظم وشرحه دون التعريج على حصر الطرق والأسانيد ، اللهمّ إلاّ فتح الوصيد للإمام السخاوي الذي أدرج فيه أسانيد الإمام الشاطبيّ إلى القراء السبعة ولا ندري هل هي على سبيل الحصر أم على سبيل الاختصار.

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل محمد يحي شريف حفظك الله ورعاك،
لقد استفدت من كلماتكم الكثير من المسائل المشكلة المتعلقة باصول الشاطبية والنشر،
وقد استكملت بارك الله فيك أجوبة ماسألتكم إياه،
فتقرر لديكم أن بعض أصول زيادات القصيدة على التيسير مفقودة،أوصعبة التمييز لأن لهذه الزيادات أصولاغير التيسير .
وأن ابن الجزري أجمل هذه الأصول مع علمه بها، وأسقط هذه الأصول من النشر إذ لاتوجد فيه نصا.
وأسألكم ياشيخنا الكريم عن طريقة مقبولة للحصول على أسانيد لهذه الزيادات؟
وعن الكتب والمخطوطات التي تحدثت عن زيادات القصيد على التيسير لعل فيها إجابة على بعض هذه الإشكالات؟
كما أشير عليكم كذلك بتأصيل معنى الزيادات على التيسيرمن كلام العلماء؟ وبالبحث عن مامدى ضروة وجود إسنادها واصولها في كتب العلماء ؟

والله الموفق.
 
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.

بارك الله فيك أستاذنا الفاضل الدكتور أمين الشنقيطي :

أسئلتكم الوجيهة و الدقيقة دروس لنا ... نستفيد منها و نتعلـم.

و كل الشكر و التقدير للشيخ الأستاذ محمد يحي شريف الجزائري على كل هذه التوضيحات و التأصيلات ...

بارك الله فيك و حفظك و رعاك ... و نفع بك و بعلمك.
تبارك الله و ما شاء الله و الحمد لله.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا أمين أشكرك على اهتمامك بهذا الموضوع وتواصلك في طرح ما ينبغي طرحه فيه ممّا يدلّ أنّكم قد عرفتم له قدّر أهمّيته و ضرورة معرفة طرق ومصادر الشاطبية التي بها اتصلت قراءة ابن الجزري بالإمام الشاطبي بمقتضى ما تضمنته القصيدة من أصول وفرش وأوجه وغير ذلك.

الإشكالية في الموضوع فيما يظهر لي هي من ناحيتين :

الأولي : حصر الطرق والأسانيد التي اتصلت بها قراءة ابن الجزري بالإمام الشاطبي بمقتضى جميع ما تضمنته الشاطبية ، لأهمّيّة اتصال السند الذي يتوقّف على معرفته الطرق والأسانيد خلافاً ما إذا كان بعضها مجهولاً فإنّ ذلك يُعدّ نقصاً ولو كان المضمون متواتراً و مشهوراً. إذ لا شكّ أنّ ما تواتر واتضح إسناده أفضل بكثير مما تواتر ولم يتضح إسناده.

الثانية : عزو كلّ ما تضمنته الشاطبية من أصول وفرش وأوجه إلى مصادرها وطرقها جزئية جزئية ليتسنّى للعلماء تحرير الأوجه درءً للتلفيق والخلط بين الطرق. ولايمكننا تقرير أيّ مسألة في تحرير أوجه الشاطبية ما دامت الأمور غير واضحة إلاّ ما قرّره ابن الجزري في ذلك لعلمه ودرايته بطرقه التي قرأ من خلالها القرءان بمضمون الشاطبية. وهذا ما يجعلنا نعيد النظر فيما قرره المحررون المتأخرون في تحرير أوجه الشاطبية خاصّة أذا اتضحت هذه الطرق والمصادر في المستقبل. إذ لا يمكننا أن نحرر الأوجه التي تترتّب على قصر البدل لورش مثلاً إلاّ بمعرفة مصدره وما تضمنه ذلك المصدر من أحكام و أوجه لإلحاقها به في التلاوة ، وهذا يقال بالنسبة لوجه التوسط والطول في البدل وهكذا.

إذن فالضرورة في إحصاء مصادر الشاطبية وطرقها تتمثل في شيئين :

الأوّل : رفع الإبهام والمجهول عن مصادر الشاطبية وطرقها وأسانيدها من ابن الجزريّ إلى الإمام الشاطبيّ ، لأنّ الجهالة علّة قادحة تنافي شرطاً من شروط صحّة القراءة وهو اتصال السند ، بغضّ النظر عن تواتر المتن والمضمون ، وحتّى إن كانت هذه العلّة منتفية عند ابن الجزري لمعرفته بأسانيده إلى الإمام الشاطبية إلاّ أنّ ذلك يختلف بالنسبة للمتأخرين لجهلهم بها فيبقى الإبهام مطروحاً. ولا شكّ أنّ إزالة المبهم غاية عظيمة عند أهل العلم.

ثانياً : إذا بقي الأمر مُبهماً ، فيتعذّر حينئذ عزو الأوجه إلى مصادرها وإمكانية تحرير الأوجه فنقع في التلفيق والخلط بين الطرق الذي حذّر منه علماؤنا والمحققون من أهل الأداء.



وبما أنّ الإشكال متعلّق بالأسانيد التي اتصلت بها قراءة ابن الجزري إلى الإمام الشاطبيّ فينبغي في نظري :

- البحث في مؤلفات ابن الجزري التي لم تطبع لحدّ الآن.
- البحث في مؤلفات تلامذة ابن الجزري المخطوطة لعلّهم نقلوا شيئاً من ذلك عنه.
- البحث في شروح الشاطبية المخطوط منها والتي ألّفت بعد وفاة ابن الجزري بقليل.

إذا تعذّر ذلك فما لنا إلاّ اتباع ما تلقيناه عن مشايخنا وإعمال ما قرّره ابن الجزري في :

- تحرير بعض ما ورد عنه كأوجه البدل مع الذات ، و تحريركلمة {سوءات} وغير ذلك.

- إعمال جميع ما حكم عليه ابن الجزري بأنّه خارج من طرق الشاطبية ومصادرها.

أمّا المراد من زيادات القصيد هو كلّ ما زاده الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله في قصيدته على ما تضمنه كتاب التيسير لأبي عمرو الداني ، وذلك في قوله :

وفي يُسرها التيسيرُ رُمتُ اختصاره ....فأجنت بعون الله منه مؤمّلاً
وألفافها زادت بنشر فوائد...............فلفّت حياءً وجْهها أن تُفضّلا

قال الفاسي (ت656) في شرحه على الشاطبية : "وقوله :(زادت بنشر فوائد) أي زادت على التيسير بفوائد منشورة مبثوثة ليست فيه ". (اللئالي الفريدة ص1/168).

وقال أبو العباس الحلبي (ت753) :" وعنى بقوله (زادت بنشر فوائد) : أي زادت أبياتها مع اختصارها على التيسير ببسط فوائد لم تكن فيه : منها باب كامل أودعها إيّاه ، وهو باب مخارج الحروف وصفاتها ، ومنها الثناء على القراءة ، ومنها التعليل لوجوه القراءة ، وما تضمنته من اللغة وصناعة الأدب ، وزيادات وجوه في القراءات ، كما ستقف على ذلك كلّه إن شاء الله تعالى "العقد النضيد(1/79).

وقال الجعبري (ت665) :" ...فتلك الألفاف نشرت فوائد زيادة على ما في كتاب التيسير من زيادة وجوه أو إشارة إلى تعليل وزيادة أحكام وغير ذلك مما يذكره في مواضعه...."(إبراز المعاني ص51).

أقول من خلال ما سبق من أقوال الأئمّة يظهر أنّ كلّ ما زاده الإمام الشاطبيّ على التيسير فهو من زيادات القصيدة من مخارج الحروف والصفات والثناء على القراءة والأئمّة ، وتوجيه القراءات ، وزيادات الأوجه الأدائية كقصر البدل وطوله لورش وفتح الذوات وغير ذلك. وهذا لا يحتاج إلى بسط وبحث لجلائه ووضوحه لذا أكتفي بما ذكرت.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

قد أفادني الشيخ الجنيد لله بمعلومة مهمّة وهي أنّ ما نقله السخاوي في فتح الوصيد هو جزء من أسانيد الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى اعتماداً على ترجمة الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى حيث روى القراءة بالأندلس على أبي الحسن بن هذيل ، وأبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي ، وأبي عبد الله بم سعادة ، وأبي محمد بن عاشر ، وأبي الحسن بن نعمة ، وأبي الحسن عليم.
وبالتالي فهناك طرق للشاطبيّ لم تذكر في النشر ولا في فتح الوصيد فتبقى مجهولة مما يجعل الأمر صعباً بل مستحيلاً لعزو أوجه الشاطبية على مصادرها وتحرير أوجهها.

ويستفاد مما سبق أنّ ما حرره المحققون في هذا المجال لا يُبن على أصل متين إذ لا يمكنهم الاستدلال على ما حرروه ما دامت المصادر والطرق مجهولة.

والعلم عند الله تعالى.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم محمد يحي شريف سلمك الله
ما العلاقة بين الشروح، بالأسانيد،بكتب التراجم، بكتب القراءات الأصيلة؟
وأحسب أنه لو تم تحديد هذه العلاقة بدقة لأمكن معرفة ما تحرر عند المحررين ،
وبهذا لعله تعرفنا بالأوجه والزيادات،وبعض طرق الجمع والآداء جديرة باهتمام الباحثين لتحديد المصدرأولا ثم الربط بين المصدر وبين الإسناد والوجه والزيادة.والله الموفق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ويعد

شيخنا أمين أعتذر عن تأخّري في الرد بسبب انشغالي وسفري في هذه الأيام.

وبالنسبة للمسألة التي طرحتموها وهو إمكان حصر طرق الشاطبية بحصر مشايخ الإمام الشاطبي ومشايخ مشايخه في الإسناد عن طريق كتب التراجم ثمّ حصر المصادر التي ألّفها مشايخ الشاطبي في الإسناد مع إمكانية عزو كلّ وجه إلى أصله.

أقول : هذا ممكن إذا توفرت المعلومة ، ولكن للأسف لايمكننا معرفة :

- هل مضمون الشاطبية يشمل جميع ما قرأ به الإمام الشاطبيّ على جميع مشايخه أم على بعضهم.
- هل مضمون الشاطبية يشمل جميع ما قرأ به مشايخ الشاطبيّ على جميع مشايخهم أم على بعض مشايخهم ، وهكذا إلى منتهى السلسلة.
- أصل كلّ وجه وعزوه إلى مصدره عن طريق شروح الشاطبية التي تكتفي بشرح المضمون ، ولا عن طريق كتب التراجم لأنّ الإشكالية ليست في حصر الرجال والأسانيد بل الأمر أصعب من ذلك بكثير وهو عزو كلّ وجه في الشاطبية إلى مصدره وأصله وراويه كما فعل ابن الجزري في نشره في باقي المصادر. فطول البدل مع الفتح لا ندري مصدره لحدّ الآن ، وطوله مع التقليل أيضاً إذ لا يمكن القطع بأنّه من طريق جامع البيان لأنّ ابن الجزري لم يعزه للداني وما قرأ به من طريقه وإن قال به شيخ سلطان والأزميري اعتماداً على ظاهر جامع البيان فالمسألة تحتاج إلى نظر دقيق والخروج من الخلاف ممكن بالاكتفاء بما قرأ به ابن الجزري. وقصر البدل مع الفتح كذلك إذ لا يمكن القطع بأنّه من طريق التذكرة لمخالفة الشاطبيّ لكثير مما ورد في كتاب التذكرة كما نبّهت عليه مسبقاً. والتوسط مع التقليل من التيسير كما يظهر من إسناد الشاطبي في النشر ولكن لا يمكننا أن نجزم بأنّه هو الطريق الوحيد فقد يحتمل أن يكون قد قرأ به من طريق أخرى. أمّا التوسط مع الفتح والقصر مع التقليل فقد نفى ابن الجزري أن يكونا من طرق القصيدة في مسائله التبريزية ، فينبغي اتّباعه في ذلك لأنّه الأدرى بطرق الشاطبيّة من غيره.


شيخنا أمين ، إنّ الذي تريد الوصول إليه متوقّف على حصر أسانيد الإمام الشاطبي من بين مشايخه ومشايخ مشايخه إلى الرواة والقراء السبع ، ثمّ عزو كلّ وجه مما تضمنته الشاطبية إلى مصدره وراويه ليتسنّى بذلك تحرير الطرق والأوجه ، وهذا أمرٌ متعذّر في الوقت الحالي وليس مستحيلاً لاحتمال وجود هذه المعلومات في المخطوط.

ولا علاقة بين الشروح والأسانيد فيما يظهر لاكتفاء معظم الشروح بشرح المضمون دون التعرّض إلى المصادر والأسانيد اللهمّ إلاّ ما فعله الأمام السخاوي الذي اكتفى بذكر أسانيد الشاطبيّ عن النفزي دون غيره ، وشرحه هو من أقدم الشروح للقصيدة ، فيُستبعد أن نجد ذلك عند غيره. وأمّا كتب التراجم فلها علاقة مباشرة برجال الأسانيد ولا يمكن من خلالها حصر أسانيد الإمام الشاطبي ، فقد يكون مضمون الشاطبية مقتصراً على ما رواه الشاطبيّ على بعض مشايخه دون البعض ، ورواية بعض شيوخ شيوخه على بعض شيوخهم دون البعض وهكذا. وأمّا كتب القراءات فلا يمكننا الاعتماد عليها ما دامت الأسانيد غير محصورة ، فلا ندري لحدّ الآن هل كتاب التذكرة مثلاً من طرق الشاطبية لورش عن نافع ، إذ معرفة ذلك يتوقف على شرطين :
الأوّل : أن يكون الإسناد ثابتاً من الشاطبيّ إلى أبي الحسن صاحب التذكرة سواء كان من طريق الداني أو غيره.
الثاني : وأن يكون مضمون الشاطبية موافقاً لمضمون التذكرة في تلك الرواية جملة. وبما أنّ إسناد الشاطبيّ إلى صاحب التذكرة غير ثابت مع اختلاف المضمون بين المصدرين في رواية ورش فلا يمكننا أن نعتبر الآن أنّ كتاب التذكرة من طرق الشاطبية في رواية ورش إلاّ بالدليل والدليل منتف لحدّ الآن.

أكتفي بما ذكرت ، وأرجوا أن أكون وفقت للردّ.
 
- ..... فطول البدل مع الفتح لا ندري مصدره لحدّ الآن ، وطوله مع التقليل أيضاً إذ لا يمكن القطع بأنّه من طريق جامع البيان لأنّ ابن الجزري لم يعزه للداني وما قرأ به من طريقه وإن قال به شيخ سلطان والأزميري اعتماداً على ظاهر جامع البيان فالمسألة تحتاج إلى نظر دقيق والخروج من الخلاف ممكن بالاكتفاء بما قرأ به ابن الجزري. ،.

السلام عليكم
أحسنت هذا هو الصواب في مسألة طول البدل
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للشيخين الفاضلين على ماتوصلا اليه في بعض الأحكام الآدائية الواردة في متن الشاطبية من أصولها ومصادرها
واعتذر للاخوين عن تاخير المشاركة لسفري في دورة علمية خارج المدينة،
وأثني مرة اخرى على ماحاوله الشيخ محمد يحي شريف سلمه الله فهو جدير بالاهتمام من الناحية العلمية الموضوعية
وفي نظري أن التدقيق في هذه المسالة يبقى قائما خاصة المسائل الادائية
ولعل في اعطاء الباحثين من محققي كتب القراءات فرصة لتناول هذه المسائل أمر مطلوب،
وكذلك من بعض المشايخ المهتمين بتتبع تحريرات الشاطبية
فالموضوع لايمكن التوصل فيه الى نتيجة حتى يتم الجمع بين النص الكتب والمصادر والآداء من خلال تحريرات القراء،
وكذلك كتب التراجم ، وكذلك بمعرفة ماحقق من المصادر ومالم يحقق،
فهذا كله يحتاج لمنهج موحد لاستبيان محل المشكلات وتحريرها في هذا الأمر.
والله الموفق.
 
السلام عليكم
لا يلزمنا معرفة الطرق التي زادها الشاطبي على التيسير كما لم يلزمنا رد كل حرف اختاره الإمام نافع إلى شيخه الذي قرأ عليه وقد علمنا أنه قرأ على سبعين من التابعين، وكما لم يلزمنا عزو كل حرف اختاره أبو عمرو البصري مخالفا به شيخه ابن كثير المكي، وكما لم يلزمنا عزو كل حرف اختاره الكسائي مخالفا به شيخه حمزة، ولم يقدح ذلك في قراءاتهم شيئا، بل تلقيت بالقبول، فما يقال في اختيارات هؤلاء الأئمة يقال في اختيارات الشاطبي إذ لا فرق.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

يُفهم من كلامكم أنّ كلّ اختيارات نافع مقبوله ؟ وهذا خطأ ، لأنّ المشكلة ليست في قراءة الإمام نافع إذ هي على العين والرأس ، وإنّما في صحّة روايات الرواة عنه ؟؟؟ إذ ليسوا في نفس الدرجة من الإتقان والضبط ، وحتّى رواته المتقنين كالمسيّبي وغيره ، فالرواية عن نافع من طريقهم لا تصحّ من الشاطبية و الطيّبة لانقطاع السند وهذا يقال فيمن كان من أقران المسيّبي عن نافع أو من هو دونهم في الطبقة. وبالتالي فقراءة الإمام نافع من الشاطبية والطيّبة لا تصحّ إلاّ عن ورش وقالون. ولا يصحّ عن ورش إلاّ من طريق الأزرق والأصبهاني ، وعن قالون إلاّ من طريق أبي نشيط والحلواني ، وليس كلّ ما يثبت عن هؤلاء المختارين صحيح ومقروء به اليوم إلاّ ما اختاره ابن الجزري من الطرق والمصادر التي أُسندت من طريقهم رواية الإمام نافع وبالتالي فالتمييز بين الطرق والمصادر ضروريّ لا يمكن الاستغناء عنه إذ قراءة الإمام نافع نشأت من روايات واختيارات هؤلاء الأئمّة عنه بكلّ طبقاتهم وأسانيدهم إليه.
واختيارات الإمام نافع وغيره من القراء العشرة لا ينبغي أن تقاس باختيارات من كان دونهم في الطبقة لأنّه إمام دار الهجرة في القراءة وكان عدلاً ثقة مرجعاً في الأداء وقد أخذ عنه الإمام ملك وقال : قراءة نافع سنة وكان من أتباع التابعين وفي عهد القرون المشهود لها بالخيرية كما قال النبيّ عليه الصلاة والسلام من حديث عبد الله ابن مسعود : خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمينه شهادته. رواه البخاري في صحيحه. ومن كان في هذه المنزلة كغيره من القراء العشرة فهو في غنىً عن إسناد مرويّاته رواية رواية إلى النبيّ عليه الصلاة والسلام لتواتر قراءته في المدينة وتلقّيهم لها بالقبول بلا منازع ولا معارض ، خلافاً لرواته و من كان دونهم في الطبقة حيث كثر عددهم وتفاوتت منازلهم في العلم والضبط والإتقان فأُخضعوا للاختيار والتمييز.

أمّا اختيارات الإمام الشاطبي فإنّها أُخضعت للنقد والتحرير من طرف ابن الجزريّ في كتابه النشر حيث حكم على عدد من الأوجه أنّها ليست من طرق الشاطبية وإن صحّت من طرق أخرى بل ضعّف بعضها وإن قلّ كما في تمكين البدل في {يواخذ} ونحوه لورش.
وقد صعُب على العلماء تحرير طرق الشاطبية لكون طرقها مجهوله حيث اقتصر ابن الجزري على بعض الأسانيد اختصاراً وقد أكدّ ذلك المتولّي في روضه ، وكلامه منقول في هذا البحث. وهذا السبب الذي حمل العلماء على الاكتفاء بتقليد ابن الجزري في تحرير أوجه الشاطبية. خلافاً لو كانت مصادر الشاطبية معلومة ومحصورة لأُخضعت الشاطبية للتحرير والتنقيب كما أُخضعت الطيّبة لابن الجزري.
فتحرير القراءات تطوّر بتطوّر علم القراءات ، ففي عهد نافع وغيره من القراء العشرة كان أهل الأداء في غنى عن إسناد مروّياتهم رواية رواية فكان تحرير الروايات معدوماً ثمّ بعد هذه الطبقة اضطرّ الرواة إلى إسناد مرواتهم إلى هؤلاء القراء فاحتاجت الرواية إلى الإسناد واحتاجت أوّل مصادر القراءات إلى العزو رواية رواية فنشأ علم التحريرات عملياً من هذا الوقت. ثمّ جاءت المرحلة الثالثة وهو ظهور عهد جمع القراءات في ختمة واحدة وهو عصر الداني أي من بداية القرن الخامس فاحتاجت تصانيفهم إلى تمييز القراءات والروايات أصولاً وفرشاً وإسناداً ، فكانت الحاجة إلى تحرير الطرق وتمييز بعضها عن بعض بالعزو أكثر مقارنة مع المرحلة الثانية. ثمّ جاءت المرحلة الرابعة وهو تأليف كتاب النشر الجامع للكثير من مصادر القراءات والروايات التي تُقر أ بالجمع أو بالإفراد ممّا ازدادت الحاجة إلى التحرير والتفريع تفادياً لخلط المرويّات بعضها في بعض وحرصاً على تمييزها من بعض ، ولا يُعقل أن نقارن تحريرات النشر أو اختيارات الشاطبية باختيارات الإمام نافع إذ لكلّ مرحلة مقالها وخصوصيّاتها ، وهذه المقارنة وللأسف ليست متوازنة ومتوازية من جهة وتؤدّي إلى طمس جهود المحررين من كل عصر ومصر والتقليل من أهمّية التحريرات مع أنّ كتاب النشر كلّه مبنيّ على العزو التمييز والتحرير.
أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
الشيخ/محمد يحيي شريف
ما فائدة طرح هذا الموضع ، لاسيما أنه موجود في بطون كتب القراءات، واستقر العمل عند القراء والمقرئين.
أرجو أن يكون ردك مقنعاً.
 
ما فائدة طرح هذا الموضع ، لاسيما أنه موجود في بطون كتب القراءات، واستقر العمل عند القراء والمقرئين.
أرجو أن يكون ردك مقنعاً.
عذراً.
اعتراضك غير مفهوم أرجو التوضيح.
 
جزاكم الله خيرا شيخنا استفدت كثيرا من مناقشتكم ...عزو الطرق أكثر ما يتيه فيه طلبة علم القراءات المبتدئين وصدقا نحتاج لرسائل
مختصرة وميسرة ..وعن نفسي أحتاج كثيرا لمعرفة مصادر الشاطبية لقراءتي حمزة ونافع والأوجه الراجحة .
 
عودة
أعلى