خطورة التفسير من غير أهله

إنضم
24 مارس 2020
المشاركات
109
مستوى التفاعل
11
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه أما بعد: فقد استمعت قبل مدة لإحدى البرامج السياسية في قناة إخبارية، وكان عنوان موضوع تلك الحلقة: هل تعدد الزوجات ضرورة، وبدأ القوم في النقاش والأخذ والرد، إلى أن قالت إحدى الحاضرات في البرنامج وكانت نائبة في البرلمان، - وليت شعري ما علاقة هؤلاء بتفسير كلام الرحمن -: بأن التعدد محرم بنص القرآن الكريم، كيف ذلك ؟ قالت: لأن الله تعالى قد اشترط في جواز التعدد العدل بين الزوجات، فقال تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) النساء: 129. ومادام الشرط منفيا فقد تم إلغاء التعدد على حد تعبيرها.
أقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ليس في الآية نفي المقدرة على العدل بين الزوجات مطلقا، بل العدل المنفي في الآية المقصود به هو العدل في الميل القلبي بين الزوجات، وهو معفوّ عنه في الشريعة وغير مؤاخذ به صاحبُه، كما أن في الآية الأمر بالعدل بينهن وذلك بالنهي عن الميل إلى إحداهن، يقول الإمام البغوي في تفسير قوله تعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء، أي: لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب وميل القلب، ولو حرصتم على العدل، فلا تميلوا، أي: إلى التي تحبونها كل الميل في القسْم والنفقة، أي: لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم، فتذروها كالمعلقة، أي فتدعوا الأخرى كالمعلقة لا أيِّمًا ولا ذات بعل. تفسير البغوي: 709/1. فأين هو نفي إمكانية تحقيق العدل مطلقا بين النساء ممن أراد التعدد، ألا إنه الهوى وسوء الفهم والتّدخل فيما لا يعني، وقد صدق من قال: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
 
عودة
أعلى