خطأ حذف كلمة "بن" الواقعة بين الأسماء العربية. الشيخ د/ ذياب بن سعد الغامدي.

إنضم
11/08/2014
المشاركات
95
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المملكه العربية
خطأ حذف كلمة "بن" الواقعة بين الأسماء العربية

حَذْفُ كَلِمَةِ «ابْنٍ» الإضَافِيَّةِ أو الوَصْفِيَّةِ
هُنَاكَ مُجَارَاةٌ دَبَّتْ خَلْفَ التَّشَبُّهِ بِمَسَالِكِ الغَرْبِ في حَذْفِهِم لِكَلِمَةِ «ابْنٍ» الَّتِي تَأتِي بَيْنَ الأسْمَاءِ تَمْيِيزًا لِسِلْسِةِ النَّسَبِ، الأمْرُ الَّذِي يَتَمَيَّزُ مِنْ خِلالِهَا الابْنُ عَنِ الأبِ وعَنِ الجَدِّ وهَكَذَا، الأمْرُ الَّذِي لا تُقِرُّهُ الحَيَاةُ الغَرْبِيَّةُ ولا تَعْتَرِفُ بِهِ؛ لِكَوْنِهَا لا تَقْطَعُ بِحَقِيقَةِ الأُبُوَّةِ والبُنُوَّةِ فِيمَا بَيْنِهِم، مِمَّا هُوَ ذَائِعٌ شَائِعٌ بَيْنَهُم، لأنَّهُم يَعِيشُونَ حَيَاةً بَهِيْمِيَّةً؛ فالابْنُ لا يَسْتَطِيْعُ أنْ يَتَحَقَّقَ مِنْ طُهْرِ نَسَبِهِ، والزَّوْجُ لا يَسْتَطِيْعُ أنْ يَصُوْنَ فِرَاشَهُ، والبِنْتُ لا تَسْتَطِيْعُ أنْ تَحْفَظَ عِفَّتَها في عُقْرِ دَارِهَا؛ فَضْلًا عَنْ خَارِجِهِ، فالكُلُّ يَحْكُمُهُ نِظَامٌ وقَانُونٌ يَحْفَظُ لَهُمُ التَّمرُّدَ على الأدْيَانِ والأخْلاقِ، وغَيْر ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ذِكْرُهُ!
لأجْلِ هَذَا؛ نَجِدُ المُسْلِمِيْنَ في تَارِيخِهِم المُسْتَمِرِّ وفي لِسَانِهِم الدَّارِجِ جِيْلًا بَعْدَ جِيْلٍ؛ لا يَعْرِفُونَ حَذْفَ «ابْنٍ» مِنْ بَيْنَ أسْمَاءِ النَّسَبِ، لا قَدِيمًا ولا حَدِيثًا؛ إلَّا مَا جَاءَ عِنْدَ بَعْضِ المُعَاصِرِينَ مِمَّنْ مَسَّتْهُم تَشَبُّهَاتٌ مَمْقُوتَةٌ إثْرَ تَأثُّرِهِم بِالغَرْبِ، ولاسِيَّمَا بَعْدَ الغَزْوِ الصَّلِيبِيِّ لِبَعْضَ بِلادِ المُسْلِمِيْنَ!
* * *
مَسْألَةٌ :
هَنَاكَ فُروْقٌ لُغَوِيَّةٌ بَيْنَ كَلِمَةِ : «بْنٍ»، و«ابْنٍ» مِنَ النَّاحِيَةِ اللُّغَوِيَّةِ، والصَّرْفِيَّةِ، والإمْلائِيَّةِ :
1ـ فكَلِمَةُ «بْنٍ» : مَعْنَاهَا : وَلَدٌ .
كَمَا اتَّفَقَ اللُّغَوِيُّونَ على أنَّهَا تُذْكَرُ بَيْنَ اسْمِ الوَلَدِ واسْمِ أبِيهِ، دُونَ اسْمِ الجَدِّ والأُمِّ، فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ﷺ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَطَّلِبِ .
ولا يُقَالُ أيْضًا : مُحَمَّدُ بْنُ آمِنَةَ، بَلْ : مُحَمَّدُ ابْنُ آمِنَةَ .
2ـ وكَلِمَةُ «ابْنٍ» : هِيَ بِمَعْنَى «بْنٍ»، أيْ : وَلَدٌ .
وقَدْ اتَّفَقَ اللُّغَوِيُّونَ أيْضًا على أنَّهَا لا تَأتي إلَّا في المَوَاضِعِ الآتِيَةِ :
أ ـ تَأتي بَيْنَ الاسْمِ واسْمِ الجَدِّ، وإنْ عَلا : فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ .
ب ـ وتَأتي بَيْنَ الاسْمِ واسْمِ الأمِّ : فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ .
ج ـ وتَأتي إذَا كَانَتْ في أوَّلِ السَّطْرِ : أيْ أنَّهَا إذَا جَاءَتْ كَلِمَةُ «بْنٍ» في أوَّلِ السَّطْرِ؛ فَإنَّهُ يَجِبُ أنْ تَكُونَ «ابْنٌ»، بَدَلًا مِنْ «بْنٍ»؛ لأنَّ العَرَبَ لا تَبْدَأُ بِحَرْفٍ سَاكِنٍ، ولا تَقِفُ على حَرْفٍ مُتَحَرِكٍ، واللهُ تَعَالَى أعْلَمُ .
د ـ وتَأتي بَيْنَ الاسْمِ وبَيْنَ صِفَةِ أوْ لَقَبِ أحَدِ الآبَاءِ، وإنْ عَلا : فُيُقَالُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، ولا يُقَالُ : يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، ويُقَالُ : يَا ابْنَ الكِرَامِ، ولا يُقَالُ : يَا بْنَ الكِرَامِ .
هـ ـ وتَأتي في بَعْضِ الاسْتِخْدَامَاتِ البَلاغِيَّةِ، مِثْلُ : يَا ابْنَ عَمِّي، يَا ابْنَ أخِي، يَا ابْنَ أُمِّي، يَا ابْنَ الإسْلامِ ... إلخ .
وـ وتَأتي إذَا وَرَدَتْ كَلِمَةُ «بْنٍ» في وَسَطِ الكَلامِ، والحَرْفُ الَّذِي قَبْلَهَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، فَتُكْتَبُ وُجُوبًا «ابْنُ»، مِثَالُ : «نَبِيُّنَا ابْنُ عبدِ اللهِ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ» .
وهَمْزَةُ الوَصْلِ في كَلِمَةِ «بْنٍ» : هِيَ هَمْزَةُ وَصَلٍ زَائِدَةٍ لَيْسَتْ مِنْ بِنْيَةِ الكَلِمَةِ، يُؤْتَى بِهَا لِلتَّوَصُّلِ إلى نُطْقِ الحَرْفِ الصَّحِيحِ السَّاكِنِ في الكَلِمَةِ .
وهَذِهِ الفُرُوقُ بَيْنَ الكَلِمَتَيْنِ : هِيَ مِنَ النَّاحِيَةِ الصَّرْفِيَّةِ والإمْلائِيَّةِ، ولا عِلاقَةَ لِمَعْنَى الكَلِمَةِ أوْ دِلالَتِهَا على مُسَمَّاهَا بِهَذِهِ المَسْألَةِ .
* * *
وهُنَا فَائِدَةٌ نَفِيْسَةٌ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا بَكْرٌ أبُو زَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ «تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ» (14) : «الْتِزَامُ وَصْلَةِ النَّسَبِ (لَفْظَةِ : ابْنٍ) بَيْنَ الأعْلامِ .
وهُنَا أذْكُرُ دَقِيقَةً تَارِيخِيَّةً مُهِمَّةً، هِيَ : أنَّ الْتِزَامَ لَفْظَةِ «ابْنٍ» بَيْنَ اسْمِ الابْنِ وأبِيهِ مَثَلًا، كَانَتْ لا يُعْرَفُ سِوَاهَا على اخْتِلافِ الأُمَمِ، ثَمَّ لِظَاهِرَةِ تَبَنِّي غَيْرَ الرَّشَدَةِ في أُوْرُوبَّا صَارَ المَتَبَنِّي يُفَرِّقُ بَيْنَ ابْنِهِ لِصُلْبِهِ، فَيَقُولُ : «فُلانُ ابْنُ فٌلانٍ»، وبَيْنَ ابْنِهِ لِغَيْرِ صُلْبِهِ، فَيَقُولُ : «فُلانُ فُلانُ»، بِإسْقَاطِ لَفْظَةِ «ابْنٍ»، ثُمَّ أٌسْقِطَتْ في الجَمِيعِ، ثُمَّ سَرَى هَذَا الإسْقَاطُ إلى المُسْلِمِيْنَ في القَرْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ الهِجْرِيِّ، فَصَارُوا يَقُولُونُ مَثَلًا : «مُحَمَّدُ عَبْدُ اللهِ»!
وهَذَا أُسْلُوبٌ مُوَلَّدٌ، دَخِيلٌ، لا تَعْرِفُهُ العَرَبُ، ولا يُقِرُّهُ لِسَانُهَا، فَلا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعْرَابِ عِنْدَهَا .
وهَلْ سَمِعَتِ الدُّنْيَا فِيمَنْ يَذْكُرُ نَسَبَ النَّبِيِّ ﷺ، فَيَقُولُ : «مُحَمَّدُ عَبْدُ اللهِ»! ولَوْ قَالَهَا قَائِلٌ لَهُجِّنَ وأُدِّبَ، فَلِمَاذَا نَعْدِلُ عَنِ الاقْتِدَاءِ، وهُوَ أهْدَى طَرِيقًا وأعْدَلُ سَبِيلًا وأقْوَمُ قِيلًا؟!
وانْظُرْ إلى هَذَا الإسْقَاطِ كَيْفَ كَانَ دَاعِيَةَ الاشْتِبَاهِ عِنْدَ اشْتِرَاكِ الاسْمِ بَيْنَ الذُّكُورِ والإنَاثِ، مِثْلُ : أسْمَاءَ وخَارِجَةَ، فَلا يَتَبَيَّنُ على الوَرَقِ إلَّا بِذِكْرِ وَصْلَةِ النَّسَبِ : «ابْنِ» فُلانٍ أوْ «بْنَتِ» فُلانٍ»
انْتَهَى .
ومِنْ خِلالِ مَا مَضَى؛ كَانَ وَاجِبًا على الكُتَّابِ والمُؤَلِّفِينَ أنْ يُدْرِجُوا كَلِمَةَ «بْنٍ» بَيْنَ سِلْسِلَةِ أنْسَابِهِم على أغْلِفَةِ الكُتُبِ وغَيْرِهَا، واللهُ هُوَ المُوَفِّقُ .

الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي
صيانة الكتاب
ص 384
 
خطأ حذف كلمة "بن" الواقعة بين الأسماء العربية

حَذْفُ كَلِمَةِ «ابْنٍ» الإضَافِيَّةِ أو الوَصْفِيَّةِ
هُنَاكَ مُجَارَاةٌ دَبَّتْ خَلْفَ التَّشَبُّهِ بِمَسَالِكِ الغَرْبِ في حَذْفِهِم لِكَلِمَةِ «ابْنٍ» الَّتِي تَأتِي بَيْنَ الأسْمَاءِ تَمْيِيزًا لِسِلْسِةِ النَّسَبِ، الأمْرُ الَّذِي يَتَمَيَّزُ مِنْ خِلالِهَا الابْنُ عَنِ الأبِ وعَنِ الجَدِّ وهَكَذَا، الأمْرُ الَّذِي لا تُقِرُّهُ الحَيَاةُ الغَرْبِيَّةُ ولا تَعْتَرِفُ بِهِ؛ لِكَوْنِهَا لا تَقْطَعُ بِحَقِيقَةِ الأُبُوَّةِ والبُنُوَّةِ فِيمَا بَيْنِهِم، مِمَّا هُوَ ذَائِعٌ شَائِعٌ بَيْنَهُم، لأنَّهُم يَعِيشُونَ حَيَاةً بَهِيْمِيَّةً؛ فالابْنُ لا يَسْتَطِيْعُ أنْ يَتَحَقَّقَ مِنْ طُهْرِ نَسَبِهِ، والزَّوْجُ لا يَسْتَطِيْعُ أنْ يَصُوْنَ فِرَاشَهُ، والبِنْتُ لا تَسْتَطِيْعُ أنْ تَحْفَظَ عِفَّتَها في عُقْرِ دَارِهَا؛ فَضْلًا عَنْ خَارِجِهِ، فالكُلُّ يَحْكُمُهُ نِظَامٌ وقَانُونٌ يَحْفَظُ لَهُمُ التَّمرُّدَ على الأدْيَانِ والأخْلاقِ، وغَيْر ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ذِكْرُهُ!
لأجْلِ هَذَا؛ نَجِدُ المُسْلِمِيْنَ في تَارِيخِهِم المُسْتَمِرِّ وفي لِسَانِهِم الدَّارِجِ جِيْلًا بَعْدَ جِيْلٍ؛ لا يَعْرِفُونَ حَذْفَ «ابْنٍ» مِنْ بَيْنَ أسْمَاءِ النَّسَبِ، لا قَدِيمًا ولا حَدِيثًا؛ إلَّا مَا جَاءَ عِنْدَ بَعْضِ المُعَاصِرِينَ مِمَّنْ مَسَّتْهُم تَشَبُّهَاتٌ مَمْقُوتَةٌ إثْرَ تَأثُّرِهِم بِالغَرْبِ، ولاسِيَّمَا بَعْدَ الغَزْوِ الصَّلِيبِيِّ لِبَعْضَ بِلادِ المُسْلِمِيْنَ!
* * *
مَسْألَةٌ :
هَنَاكَ فُروْقٌ لُغَوِيَّةٌ بَيْنَ كَلِمَةِ : «بْنٍ»، و«ابْنٍ» مِنَ النَّاحِيَةِ اللُّغَوِيَّةِ، والصَّرْفِيَّةِ، والإمْلائِيَّةِ :
1ـ فكَلِمَةُ «بْنٍ» : مَعْنَاهَا : وَلَدٌ .
كَمَا اتَّفَقَ اللُّغَوِيُّونَ على أنَّهَا تُذْكَرُ بَيْنَ اسْمِ الوَلَدِ واسْمِ أبِيهِ، دُونَ اسْمِ الجَدِّ والأُمِّ، فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ﷺ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَطَّلِبِ .
ولا يُقَالُ أيْضًا : مُحَمَّدُ بْنُ آمِنَةَ، بَلْ : مُحَمَّدُ ابْنُ آمِنَةَ .
2ـ وكَلِمَةُ «ابْنٍ» : هِيَ بِمَعْنَى «بْنٍ»، أيْ : وَلَدٌ .
وقَدْ اتَّفَقَ اللُّغَوِيُّونَ أيْضًا على أنَّهَا لا تَأتي إلَّا في المَوَاضِعِ الآتِيَةِ :
أ ـ تَأتي بَيْنَ الاسْمِ واسْمِ الجَدِّ، وإنْ عَلا : فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ .
ب ـ وتَأتي بَيْنَ الاسْمِ واسْمِ الأمِّ : فَيُقَالُ : مُحَمَّدُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، ولا يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ .
ج ـ وتَأتي إذَا كَانَتْ في أوَّلِ السَّطْرِ : أيْ أنَّهَا إذَا جَاءَتْ كَلِمَةُ «بْنٍ» في أوَّلِ السَّطْرِ؛ فَإنَّهُ يَجِبُ أنْ تَكُونَ «ابْنٌ»، بَدَلًا مِنْ «بْنٍ»؛ لأنَّ العَرَبَ لا تَبْدَأُ بِحَرْفٍ سَاكِنٍ، ولا تَقِفُ على حَرْفٍ مُتَحَرِكٍ، واللهُ تَعَالَى أعْلَمُ .
د ـ وتَأتي بَيْنَ الاسْمِ وبَيْنَ صِفَةِ أوْ لَقَبِ أحَدِ الآبَاءِ، وإنْ عَلا : فُيُقَالُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، ولا يُقَالُ : يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، ويُقَالُ : يَا ابْنَ الكِرَامِ، ولا يُقَالُ : يَا بْنَ الكِرَامِ .
هـ ـ وتَأتي في بَعْضِ الاسْتِخْدَامَاتِ البَلاغِيَّةِ، مِثْلُ : يَا ابْنَ عَمِّي، يَا ابْنَ أخِي، يَا ابْنَ أُمِّي، يَا ابْنَ الإسْلامِ ... إلخ .
وـ وتَأتي إذَا وَرَدَتْ كَلِمَةُ «بْنٍ» في وَسَطِ الكَلامِ، والحَرْفُ الَّذِي قَبْلَهَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، فَتُكْتَبُ وُجُوبًا «ابْنُ»، مِثَالُ : «نَبِيُّنَا ابْنُ عبدِ اللهِ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ» .
وهَمْزَةُ الوَصْلِ في كَلِمَةِ «بْنٍ» : هِيَ هَمْزَةُ وَصَلٍ زَائِدَةٍ لَيْسَتْ مِنْ بِنْيَةِ الكَلِمَةِ، يُؤْتَى بِهَا لِلتَّوَصُّلِ إلى نُطْقِ الحَرْفِ الصَّحِيحِ السَّاكِنِ في الكَلِمَةِ .
وهَذِهِ الفُرُوقُ بَيْنَ الكَلِمَتَيْنِ : هِيَ مِنَ النَّاحِيَةِ الصَّرْفِيَّةِ والإمْلائِيَّةِ، ولا عِلاقَةَ لِمَعْنَى الكَلِمَةِ أوْ دِلالَتِهَا على مُسَمَّاهَا بِهَذِهِ المَسْألَةِ .
* * *
وهُنَا فَائِدَةٌ نَفِيْسَةٌ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا بَكْرٌ أبُو زَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ «تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ» (14) : «الْتِزَامُ وَصْلَةِ النَّسَبِ (لَفْظَةِ : ابْنٍ) بَيْنَ الأعْلامِ .
وهُنَا أذْكُرُ دَقِيقَةً تَارِيخِيَّةً مُهِمَّةً، هِيَ : أنَّ الْتِزَامَ لَفْظَةِ «ابْنٍ» بَيْنَ اسْمِ الابْنِ وأبِيهِ مَثَلًا، كَانَتْ لا يُعْرَفُ سِوَاهَا على اخْتِلافِ الأُمَمِ، ثَمَّ لِظَاهِرَةِ تَبَنِّي غَيْرَ الرَّشَدَةِ في أُوْرُوبَّا صَارَ المَتَبَنِّي يُفَرِّقُ بَيْنَ ابْنِهِ لِصُلْبِهِ، فَيَقُولُ : «فُلانُ ابْنُ فٌلانٍ»، وبَيْنَ ابْنِهِ لِغَيْرِ صُلْبِهِ، فَيَقُولُ : «فُلانُ فُلانُ»، بِإسْقَاطِ لَفْظَةِ «ابْنٍ»، ثُمَّ أٌسْقِطَتْ في الجَمِيعِ، ثُمَّ سَرَى هَذَا الإسْقَاطُ إلى المُسْلِمِيْنَ في القَرْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ الهِجْرِيِّ، فَصَارُوا يَقُولُونُ مَثَلًا : «مُحَمَّدُ عَبْدُ اللهِ»!
وهَذَا أُسْلُوبٌ مُوَلَّدٌ، دَخِيلٌ، لا تَعْرِفُهُ العَرَبُ، ولا يُقِرُّهُ لِسَانُهَا، فَلا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإعْرَابِ عِنْدَهَا .
وهَلْ سَمِعَتِ الدُّنْيَا فِيمَنْ يَذْكُرُ نَسَبَ النَّبِيِّ ﷺ، فَيَقُولُ : «مُحَمَّدُ عَبْدُ اللهِ»! ولَوْ قَالَهَا قَائِلٌ لَهُجِّنَ وأُدِّبَ، فَلِمَاذَا نَعْدِلُ عَنِ الاقْتِدَاءِ، وهُوَ أهْدَى طَرِيقًا وأعْدَلُ سَبِيلًا وأقْوَمُ قِيلًا؟!
وانْظُرْ إلى هَذَا الإسْقَاطِ كَيْفَ كَانَ دَاعِيَةَ الاشْتِبَاهِ عِنْدَ اشْتِرَاكِ الاسْمِ بَيْنَ الذُّكُورِ والإنَاثِ، مِثْلُ : أسْمَاءَ وخَارِجَةَ، فَلا يَتَبَيَّنُ على الوَرَقِ إلَّا بِذِكْرِ وَصْلَةِ النَّسَبِ : «ابْنِ» فُلانٍ أوْ «بْنَتِ» فُلانٍ»
انْتَهَى .
ومِنْ خِلالِ مَا مَضَى؛ كَانَ وَاجِبًا على الكُتَّابِ والمُؤَلِّفِينَ أنْ يُدْرِجُوا كَلِمَةَ «بْنٍ» بَيْنَ سِلْسِلَةِ أنْسَابِهِم على أغْلِفَةِ الكُتُبِ وغَيْرِهَا، واللهُ هُوَ المُوَفِّقُ .

الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي
صيانة الكتاب
ص 384
 
عودة
أعلى