محمد الشاوي
New member
- بسم1
قد فات كل من ألّف في الإعجاز العددي في القرآن الكريم وعدّه أمرًا علميًا أنّ من سيقرأ ما كتبه عن الحوادث المستقبليّة سيجد أنّ ما وصلوا إليه في حساباتهم من تواريخ قد مرّ ولم يكن ما سطروه من حوادث، فسيتبادر في ذهنه بعد أن رأى تأكيدات القوم واستدلالاتهم أنّ الغلط إنّما هو في القرآن الكريم أو على الأقل في ترتيبه، فإن سأل فكيف سيجيبونه؟ وإن اعتقد فما سيجيرهم من عقاب حساب سيلاقونه؟
"فما أدى إلى فاسد فهو فاسد"
سيقول ناصرٌ لهم: ماذا لو حدث ما يقولون؟ أو سيقول: إنّهم نفوا الجزم بالنتائج تبرُّأً؟
فأقول: هب ذلك، وستجد أنّ ما سيتبادر في نفس القارئ من الزمن الذي يلي ما سطروه من تواريخ أنّ القرآن لم يعد له قيمة علمية أو على الأقل الآيات التي اعتمدوها، مبرّرا ذلك بأنّ ما فيها من إعلام قد تمّ فلم يعد التعرّف عليه مهمًا.
بل قد ينشأ قوم يقولون: نقرأ المعدود ونعتقده فالظاهر غير مراد فهو كخرزات آلة الحساب الصينيّة.
وأمر آخر: أنّ كل من وصل منهم إلى عدد معيّن فسيطابقه على ما تهوى نفسه من تواريخ لا غير، فإنّ كان قد حدّد المراد مسبقا جعل يطرح ما وصل إليه من أرقام بعضها من بعض أو يجمعها أو يضاعفها أو يحوّل تاريخها راجيا أن يوافق هواه، والعجب أنّه إن وجد الرقم الناتج يزيد برقم عما يريد قال: "تاريخ نهاية الحدث." وإن كان ينقص برقم قال: "انطلاق مشروعنا.".
ثم ما الدليل على أنّ ما وصلوا إليه من أرقام يُعبّر عن عدد أعوام أو تاريخ أو أيّا كان؟
على أنّ القوم ليس لهم منهجا واضحا في طريقتهم، فالعشوائية زينتها.
بل مجرّد كون أوّل ما يسطّرونه هو المراد إثباته يجعل من منهجهم مقلوبُ طلب الحق، فالمنهج الحق هو نتيجةٌ لاستدلال صحيح، لا استدلالٌ لنتيجة مُسطّرة مسبقًا. "إستدلّ ثم اعتقد ولا تعتقد ثم تستدلّ فتضل"
وفي نفي الجزم في أقوالهم إثبات للظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً، فكلّ ظنّ استند على منهج استدلاليّ غير قويم نتائجه مُلغات وقائله عن محيط الاجتهاد خارج، فقد استدلّ المشروكون على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالكثير فهل نفعهم ذلك؟ فالركيزة من هوى ومن اتبع النتيجة قد غوى.
- إعتمادهم في كلّ حساباتهم تقريباً على أعداد بعينها كرقم تسعة عشر وسبعة وغيرها، مستدلين لميزتها بمجرّد كثرة الورود وتعدّد الذكر.
- فصيّروا القرآن كلعبة ألغاز وأحاجي، أو قل كمسطرة علاماتها الحروف والوقف والآيات، يعدّون أسنان المشط فإن تعثّر هواهم في سِنٍّ شرعوا يضربون الأسير ويطرحون الجثث ويجمعون الغنائم ويقسمون الكنوز، وقد علموا أنّ الله سبحانه وتعالى بيّن أنّ كتابه يحوي آيات بيّنات يعقلها العاقلون.
- ضف إلى ذلك أنّ الوقف وفواصل الآيات ما كان لها وجود في القرون الخيّرة، فهي حادثة بعدهم، بل ولم يكن للناس اتفاق فيها. سيقولون غاب عن الناس ولم يغب على رب الناس. قلنا: عِلْم في الدين حرَم الله منه خير القرون لجدير ألا تقوم له قائمة.
- ويقولون استقرأنا فأتينا بما رفع هِمَما أنزَلَها واقع أليم. فقلنا: مرفوعٌ فوق الضباب يوشك أن يكون ساقطاً مكسورا.
والله أعلم.