حول قوله تعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا

Amara

New member
إنضم
03/02/2009
المشاركات
576
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

قال تعالى : إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ..
وإني سائلكم لماذا قال تعالى تشيع ولم يقل تنتشر..
ذلك دلالة على سرعة انتشاره وسرعة افوله
فالتشييع عادة لا يكون الا للميت
والفاحشة عند اهل الايمان ميتة.. فهو يشيعها كما يشيع الميت فينظرها الناس لكنها تدفن سريعا فهذا اول عذابهم في الدنيا ان لا يصلوا الى نتيجة أبدا.. والله تعالى أعلم
والثاني ان يدور عليهم اهل الايمان..
وقد يتالم المؤمنون حين يرون اهل الفساد يشهرون الرذيلة بين الناس حتى يقول الواحد من لهؤلاء كيف نصدهم ؟ وصدهم يكون من صميم فعلهم.. قال تعالى : وانتم لا تعلمون..
والله أعلم

يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
 
جاء في المفردات للراغب الأصفهاني (ت:502ه) " الشِّيَاعُ : الانتشار والتّقوية. يقال : شاع الخبر ، أي : كثر وقوي ، وشَاعَ القوم : انتشروا وكثروا ، وشَيَّعْتُ النّار بالحطب : قوّيتها ، والشِّيعَةُ : من يتقوّى بهم الإنسان وينتشرون عنه ، ومنه قيل للشّجاع : مَشِيعٌ ، يقال : شِيعَةٌ وشِيَعٌ وأَشْيَاعٌ ، قال تعالى : {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ}[الصافات:83] ، {هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص:15] ، {وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً} [القصص:4] ، {فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} [الحجر:10] ، وقال تعالى : {وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ}[القمر:51]."
 
ثم لنتأمل قوله تعالى ( يحبون ) فمجرد الحب وهو عمل قلبى قد لا يظهر على الجوارح أو هو بداية الفعل أن يظهر فى القلب أولا وهذه إشارة للمؤمنين أن يطهرو قلوبهم من هذه الفعلة وهى بداية النجاة من الرذيلة أن تزرع الكره والبعد فى قلبك عن هذه الفاحشة فإذا تمكنت من القلب نضحت على الجوارح ولذلك قال تعالى ( ولا تقربو الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) فتأمل ..
 
شكر الله لك اخي الفاضل ولمن تفضل بالتعقيب ونضيف:
(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة) : محبتهم لشيوع الفاحشة هي حصول السرور في نفوسهم عند تفشي الفواحش وذيوعها واستمرائها وكثرة مرتكبيها في المجتمع المؤمن ، وعندما يحصل هذا السرور فقد لا يلحظه المؤمنين ولا يعلمونه لان أولئك يضمرونه ولا يظهرونه لنكارته ولكن كيف لهم ان يخفون سرورهم فإن (الله يعلم ) بما يخفون (وانتم لا تعلمون) ولا تطلعون على ما في قلوبهم.
ولقد صنفهم الله في هذه الآية بغير المؤمنين حين تحدث عنهم كفئة أخرى وهم بالتأكيد المنافقين فنفى عنهم الإيمان ضمناً ووضعهم في جانب المنافقين ضمناً حين وصفهم بإبطان مالا يظهرون وسرورهم بشيوع الفاحشة في المجتمع المؤمن ، وهذا السياق له دلالات خطيرة وعميقة تتمثل في الآتي:
- للسرائر والضمائر عند الله منزلة عظيمة فقد قيد صلاح العمل وقبوله بصلاح النية وثبوتها فالظاهر للناس والباطن بين العبد وربه.
- ان العقوبة لا تقتصر على من يشيع الفاحشة في المؤمنين ويشجع مرتكبيها ويوفر اوكارها وادواتها بل تشمل من يعجبه ذلك ويدخله السرور لحصولها فكيف إذن بإولئك الذين يفرغون جهدهم لبثها واشاعتها ؟
- ان الله جل وعلا يرسل رسالة خاصة عامة ، فالمنافقين المقصودين بهذه الآية يستمعون لها فتقع في قلوبهم موقع المخاطب فكان تحذيراً مباشراً وتهديداً لهم لعلهم اما ينتبهون مما هم عليه من نفاق وإما يعاندون فتتراكم عليهم الحجج وتقوم عليهم البراهين فيختلطون في الجرم حتى لا يكون لهم من عذاب الله ملجأ ولا منجى.
- ويرسل جلت قدرته للمؤمنين رسالة تحثهم على استئصال تلك الفواحش وبغضها اسراراً ومحاربتها اعلاناً فهي المنكر بذاته وتنبه المؤمنين لخطورة الاعمال القلبية ومنزلة النيات والمشاعر عند الله جلت قدرته.
ولا شك ان القضية العدائية الكبرى في حياة البشرية هي الحرب بين ابليس وجنده وبني آدم كلهم وطرفي هذا الصراع لا يتعدى كيده وحربه الوسوسة التي هي عمل قلبي يترتب عليه ثواب وعقاب فحق لنا أن نستنبط خطورة النية والضمير في اعمال الانسان عموما.
وصلى الله على سيدنا محمد الطاهر المطهر صاحب الحوض والكوثر وعلى آله وصحبه وسلم
 
عودة
أعلى