حول الوقف والابتداء خاطرة رمضانية د/ سعد بن مطر

إنضم
08/02/2009
المشاركات
614
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
خاطرة رمضانية حول علم الوقف والابتداء
د/ سعد بن مطر العتيبي​

كم لشيوخنا علينا بعد الله تعالى من أفضال .. وكم للمربين منهم من آثار باقية ! فجزاهم الله عنا خيرا .. تذكرت هذه الخاطرة وأنا أراجع في بعض كتب الوقف والابتداء . فرأيت تدوين خاطرة للتنويه بهذا العلم .

علم الوقف والابتداء من أجل العلوم المتعلقة بأجل الكتب وأعظمها : القرآن الكريم ، وقليل مِن المعتنين بالقرآن من يعتني به .

وفي المرحلة الثانوية ، وفقنا الله تعالى لشيوخ فضلاء كانوا يربوننا على تدبر القرآن ، وكان لكل منهم طريقة في التربية والتعليم :

- فمنهم من كان يمارس التربية بالبيان والتنبيه والتوجيه ، كشيخنا الجليل - صديق الوالد رحمة الله عليه - الشيخ / محمود عمر سكر بارك الله في علمه وعمره فنعم المربي هو !

- ومنهم من كان يعلمنا بالتطبيق المباشر وتأكيد مشاركتنا له فيه ، كالشيخ / يوسف عبد الدائم البلبيسي - له منظومات في القراءات منها منظومة في قراءة (أهل سما) تنتظم ثلاث قراءات من القراءات السبع - فقد كان يلزمنا بتعليم أماكن الوقف غير المرقومة في المصحف بالقلم الأحمر ، لنتعلم مواضع الوقف المعينة على التدبر وفهم معاني القرآن الكريم ، ويطبق الوقف بقراءته التي كان صداها يملأ الصف جلالا بتلاوته الرائعة .

- ومنهم من كان يرشدنا للمصادر والمراجع المهمة في العناية بالقرآن الكريم ، كشيخنا الأستاذ الدكتور المقريء الشيخ / إبراهيم بن سعيد الدوسري سلمه الله ؛ فمع قصر مدة وجوده في المدرسة إلا أن أثره يفوق تلك المدة أضعافا ؛ فقد كان يزودنا بكتب القراءات ، ويرشدنا إلى كتب الوقف والابتداء ، ومن تلك الكتب : المكتفى في الوقف والابتداء ، لأبي عمرو الداني (ق4-5ت/444) ، و : منار الهدى في الوقف والابتداء ، للأشموني (ق11) .

وعلم الوقف والابتداء من العلوم المهمة جدا في فهم القرآن الكريم ، وتفكيك معانيه أثناء التلاوة . وهو مهم أكثر بالنسبة لأئمة المساجد ، ليكون لقراءتهم أثر أكثر في تبليغ معاني القرآن للمأمومين ، ولكي يحذروا الوقف غير المناسب ، فلا يحرفوا المعاني بسوء الوقف والابتداء ، ولا سيما عند البدء وعند الوقف للركوع..
وهنا أذكِّر بأنَّ لعلم الوقف والابتداء قواعد وضوابط وتفاصيل ذكرها أهل العلم بالقرآن وعلومه ؛ غير أنني سأكتفي هنا بذكر ثلاث آليات نافعة في الانتفاع بهذا العلم . وهي كالتالي :

أولاً : الإفادة من علامات الوقف الموجودة في المصحف والوقف على ما يناسب الوقف وعدم الوقف على ما لا يناسبه . فلا يخلو مصحف مطبوع من وضع علامات للوقف بمختلف أنواعه ، ويتم شرحها عادة بعد الانتهاء من نص القرآن الكريم ، في التعريف بالطبعة .

وينبغي التنبه إلى أن رموز الوقف في المصاحف لم توضع على جميع مواضع الوقف ، وإنما وضعت على مواضع منتقاة ، للتنبيه إليها أو لحاجتها الماسة إلى بيان حكم الوقف فيها ، فوجودها لا يعني أن ما لا رمز عليه من مواضع الوقف لا وقف عليها ، بل يوقف عليها عند من أدرك فواصل المعاني وتمرس في ذلك ، كما يقول الشيخ عبد العزيز القاريء حفظه الله .

ثانياً : الإفادة من التقسيم الموضوعي للمصاحف التي تعتني بهذا النوع من التقسيم للمقاطع القرآنية ؛ فقد أرشدني شيخنا عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله إلى تقسيم مصحفي [طبعة الشمرلي] ، على نحو تقسيم ما يعرف بـ(المصحف الباكستاني[قرآن مجيد]) الذي يرسم بالحرف الأردي ؛ لأنَّ كلّ ربع حزبٍ (ثمن جزء) منه يتضمن قسمين يطلق على كلٍ منها ركوعا ، فالربع فيه ركوعان ، وبيّن لي رحمه الله أنَّ هذا التقسيم أقرب إلى التقسيم الموضوعي الذي يفيد في التدبّر ، كما يقول رحمه الله! وأنه مقسّم للسير عليه في إمامة الناس في الصلاة الجهرية .

وهذا النوع مهم ونافع جداً لأئمة المساجد ، فبعضهم يلتزم الوقف على الأثمان ، فربما ركع إمام الركعة الثانية عند ( والمحصنات من النساء ...) مع أنها ضمن تعداد المحرمات !

ثالثاً : الإفادة من الكتب التي سبقت الإشارة إليها أعني كتابي الداني والأشموني ، في بيان قواعد الوقف والابتداء وضوابطها الكلية ، ومواضعها التفصيلية .

ومن الكتب التي اعتنت ببيان القواعد والضوابط مع جملة من الفوائد المتلقاة عن الشيوخ المعاصرين ، كتاب لطيف بعنوان : "أضواء البيان في معرفة الوقف والابتداء" ، لعبد الرحمن جمال بن إبراهيم القرش . وقدم له عدد من المتخصصين في القرآن الكريم وعلومه . وطبع ضمن سلسلة رسائل زاد المقرئين .

فمن قواعد الوقف التام : الابتداء بالاستفهام . والفصل بين آيتي رحمة وعذاب . وبين الصفتين المتضادتين .

ومن قواعد الوقف القبيح : الوقف على المنفي الذي بعده حرف الإيجاب . مثل : الوقف على (لا إله)! من قول الله تعالى : (لا إله إلا الله ) ؛ ومثله الوقف على (وما أرسلنا من رسول ) من قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ) ؛ ومثله الوقف على ( ما خلق الله ذلك ) من قوله تعالى : ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) ، وهكذا .

وأخيرا تأمل أثر الوقوف في الآية التالية في وضوح المعنى وجماله :(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ ؟!/مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ/إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدرونا .. اللهم علمنا منه ما جهلنا ، وذكرنا منه ما أُنسينا ، وارزقنا تلاوته عى الوجه الذي يرضيك عنا ..

سعد بن مطر العتيبي
2/9/1432
 
ومن قواعد الوقف القبيح : الوقف على المنفي الذي بعده حرف الإيجاب . مثل : الوقف على (لا إله)! من قول الله تعالى : (لا إله إلا الله ) ؛ ومثله الوقف على (وما أرسلنا من رسول ) من قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ) ؛ ومثله الوقف على ( ما خلق الله ذلك ) من قوله تعالى : ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) ، وهكذا .وهناك وقف قبيح لا أذكر أني صليت خلف إمام إلا ويقع فيه . وهو الوقف على (حملته) في قوله تبارك وتعالى {ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} .
 
من الكتب المفيدة في قواعد الوقف والابتداء:
1. معالم الاهتداء للشيخ محمود الحصري رحمه الله.
2. قواعد في الوقف والابتداء للشيخ أسامة حجازي رحمه الله.
 
عودة
أعلى