حول إسقاط البسملة أول التوبة ـ جواب السؤال

مرهف

New member
إنضم
27/04/2003
المشاركات
511
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ـ سوريا
الموقع الالكتروني
www.kantakji.org
حول إسقاط البسملة أول التوبة ـ جواب السؤال

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فأتقدم بالشكر أولاً للأخ محمد يوسف على طرحه لسؤال: هل البسملة بين الأنفال والتوبة من باب الاجتهاد ، وقد أثارني جداً وأحببت أن أفرده بمشاركة خاصة لطول البحث ودقته وأسأل الله التوفيق والعون وأطلب منكم النصح والتسديد وسأورد أولاً نص السؤال ثم الجواب .
نص السؤال :
هل كان عثمان رضي الله عنه يعتبر سورة الأنفال و سورة براءة سورة واحدة لذلك لم يفصل بينهما بالبسملة ؟
و إذا كان كذلك فكيف نقول بأن سقوط البسملة من بين السورتين توقيفي ؟
و ما دامت المسألة خلافية وتتفرع على مسألة ترتيب سور القران ، فهل لأحد أن يضع البسملة بين السورتين ، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة ؟
و على قول عثمان ـ رضي الله عنه ـ هل نعتبرهما نحن سورة واحدة ؟

الجواب :
الناظر في النصوص الواردة في هذا الأمر يجد أن سيدنا عثمان رضي الله عنه لم يكن يعتبر أن سورة الأنفال و التوبة كانت سورة واحدة بل كان يظن أنهما سورة واحدة ، وهناك فرق بين العبارتين ، وهذا الظن تغير لسيدنا عثمان لما علم أن الأنفال ليست من التوبة والوارد في ذلك هو ما أخرجه أحمد وأبو داود ( 786 ) والترمذي ( 3086 ) وقال : حسن صحيح ، والنسائي في الكبرى ( 8007 ) وابن حبان ( 1/ 230 ) والحاكم ( 2/221 ) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وابن جرير ( 1 / 69 )عن ابن عباس قال قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول فقال عثمان كان رسول الله تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطول . الإتقان 1/167.
فظن عثمان رضي الله عنه كان سببه :
أولاً :وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لعثمان أهما سورة واحدة أم اثنتان ؟
ثانياً : ووجود الشبه بينهما، ووجه الشبه في أن الأنفال بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة ، والتوبة بينت ما وقع له صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ولأن في كل منهما تعاهداً ونبذاً للعهد ، وفيهما الأمر بالقتال . وهذا لا يعني أن عثمان كان يرى أنهما سورة واحدة .
ودليل علمه بأنهما سورتان هو فصلهما عن بعضهما .
وأما عدم كتابة البسملة في أول براءة فقد تعددت الآراء في ذلك ، يقول الزركشي في البرهان 1/ 360 ) : ( سبب سقوط البسملة أول براءة :اختلف في السبب في سقوط البسملة أول براءة فقيل كان من شأن العرب في الجاهلية إذا كان بينهم وبين قوم عهد وأرادوا نقضه كتبوا لهم كتابا ولم يكتبوا فيه البسملة فلما نزلت براءة بنقص العهد الذي كان للكفار قرأها عليهم علي ولم يبسمل على ما جرت به عادتهم .... .
وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة .
وقد قيل إنها كانت تعدل البقرة لطولها.
وقيل لأنه لما كتبوا المصاحف في زمن عثمان اختلفوا هل هما سورتان أو الأنفال سورة وبراءة سورة تركت البسملة بينهما.
وفى مستدرك الحاكم [ 2/320 ] أيضا عن ابن عباس سألت عليا عن ذلك فقال لأن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان.
قال القشيرى والصحيح أن البسملة لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها فيها ) .
أما الأثر الذي ذكره الزركشي عن مالك فهو غريب ؟ اللهم إلا أن يكون المراد النسخ وهذا لا دليل عليه ،وقد ورد عن مالك ما يرده قال السيوطي في الإتقان 1/ 63 : ( وأخرج [ لعله ابن أبي داود كما يدل عليه السياق ]عن ابن وهب قال سمعت مالكا يقول إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي ) .
وأما ما ذكره من عادة العرب عند إرادتها نقض العهد عدم كتابتها البسملة فهذا بعيد في كونه العلة في هذا الشأن ، ثم عدم قراءة سيدنا علي لها لا يعني عدمها في نفس الأمر ، وهذا الأثر أشبه ما يكون بالحكمة منه بالعلة ، ولذلك استدرك عليه الزركشي رحمه الله بالحديث السابق عن ابن عباس فقال : ( ولكن في صحيح الحاكم أن عثمان ... وذكر الحديثَ ) ، وكذلك ما ذكره الزركشي عن سيدنا علي رضي الله عنه في أن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف .. هو حكمة عدم ذكر البسملة لا علتها .وأما كونها كانت تعدل البقرة في طولها فيكفي في رده ذكر الزركشي له بالتضعيف ،وكذلك القول في اختلاف كتبة المصاحف في زمن عثمان هل هما سورتان أم كل واحدة سورة ، فلو صحّ ذلك لورد إلينا مستفيضاً كما ورد إلينا تحريهم في كتابة قوله تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128) . [ انظر البرهان 1/326 ، 329 و 333 ] .
فبقي معنا قول القشيري أن البسملة لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها فيها ،و هذا القول يؤيده بالمعنى ما نقله السيوطي قال : ( وقال مكي وغيره ترتيب الآيات في السور بأمر من النبي ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة ) الإتقان 1 /62 .
ولعل المسألة تتفرع عن أمرين :
الأول : الخلاف في كون ترتيب سور القرآن توقيفي أم اجتهادي ،فجمهور العلماء على الثاني منهم مالك والقاضي أبو بكر في أحد قوليه [ الإتقان 1/63] ، ويميل العبد الفقير لقول البيهقي الذي نقله السيوطي في إتقانه 1/ 64: ( قال البيهقي في المدخل كان القرآن على عهد النبي مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق ) . وهو الذي رجحه السيوطي في الإتقان 1/65 قال : ( قلت ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم ترتب المسبحات ولاء بل فصل بين سورها وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص، والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي إلا براءة والأنفال ولا ينبغي أن يستدل بقراءته سورا ولاء على أن ترتيبها كذلك وحينئذ فلا يرد حديث قراءته النساء قبل آل عمران لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب فلعله فعل ذلك لبيان الجواز ) .فيكون سيدنا عثمان اجتهد في وضعهما معاً لوجود الشبه بينهما ، من باب مراعاة مناسبة الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم ، لا لأنه يقول بأنهما سورة واحدة والله أعلم .
الأمر الثاني :ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك والأدلة كثيرة وعليه الإجماع ، ولكن هل البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة ؟ أكثر العلماء على أنها آية [ انظر : التبيان في آداب حملة القرآن للنووي صـ 81،82 ، والمجموع للنووي أيضاً 3/280 ، 284 ، ففيه بسـط الأدلـة بمـا يغني ويشفي ] ، ومن أدلتهم على ذلك وجودها في المصاحف مع حرص سيدنا عثمان على نفي ما ليس من القرآن من القرآن ، فلما لم يكتب البسملة دل ذلك على أنها لم تنزل مع التوبة بالوحي ، فقد أخرج أبو داود ( 788 ) والحاكم ( 1/231 ) وصححه ووافقه الذهبي عن ابن عباس قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السور حتى ينزل عليه : بسم الله الرحمن الرحيم .) وفي رواية عند الحاكم ( 1/231 ) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ؛ علم أنها سورة . ) .
فهذه الأدلة وغيرها بينت أن البسملة لم تسقط اجتهاداً من أحد من الصحابة ، ولو كان الأمر كذلك لورد إلينا من طرق القراءات ما يدل عليه ، ثم إن إجماع الصحابة قام على ما فعله عثمان رضي الله عنه وفيهم الحفظة ومنهم من نقل عنه القول بأن البسملة آية من كل سورة كعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس ... .ولا يجوز لهم أن يسكتوا عن إسقاط آية ولم يفعلوا .
قال في الإتقان 1/ 63 ط دار الفكر : ( قال البغوي في شرح السنة: الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا أو نقصوا منه شيئا خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته فكتبوه كما سمعوا من رسول الله من غير أن قدموا شيئا أو أخروا أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله وكان رسول الله يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب أنزله الله جملة إلى السماء الدنيا ثم كان ينزله مفرقا عند الحاجة وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة .
وقال ابن الحصار ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي كان رسول الله يقول ضعوا آية كذا في موضع كذا وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف ) .
وعليه فلا يجوز لأحد أن يضع البسملة بين السورتين ،متعللاً بما ورد في السؤال (، بناءا على مخالفته لعثمان في ذلك وأنهما سورة واحدة ) . والله أعلم .
ملاحظة : ورد عن بعض الأئمة أنهم قالوا بأن الأنفال والتوبة سورة واحدة كمجاهد وسفيان وابن لهيعة، وحجتهم عدم وجود البسملة ، وقد مر الكلام على ضعف هذه الحجة عداك عن صحة النسبة إليهم ، وكذلك ورد أن ابن مسعود أثبت البسملة في مصحفه ، وقد رد الطيبي هذا النقل وقال : لا يعول عليه ، انظر عون المعبود شرح سنن أبي داوود 8/ 380 ، 381 .وأردتها هنا للأمانة العلمية في ذكر اللآراء ولم أضمنها في البحث لضعفه وعدم ثبوتها والله أعلم
المراجع :
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ط دار الفكر بيروت .
البرهان في علوم القرآن للزركشي ، ت المرعشلي ، ط دار المعرفة .
التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ت محمد الحجار ط دار ابن حزم .
تفسير ابن جرير ت صدقي جميل العطار ط دار الفكر بيروت .
المجموع شرح المهذب للإمام النووي ت : د. محمد مطرحي ، ط دار الفكر بيروت .
سنن أبي داوود ، ط دار الحديث .
جامع الترمذي ت أحمد شاكر ، ط دار الفكر بيروت
السنن الكبرى للنسائي ت عبد الغفار سليمان البنداري ، سيد كسروي حسن ط دار الكتب العلمية .
مستدرك الحاكم ط دار المعرفة .
صحيح ابن حبان ت شعيب أرناؤوط ، ط مؤسسة الرسالة .
عون المعبود شرح سنن أبي داوود ، للمباركفوري ط دار الكتب العلمية .
 
الأخ الكريم مرهف
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه ، أما بعد :
فقد اطلعت على جوابكم على سؤال الأخ محمد يوسف ، فجزاك الله خيرًا ، وإن كان عند بعض الأعضاء تأييد أو استدراك ، فإنه مما يتمناه الإخوة المشرفون ، لكي يظهر أثر التجاوب والمناقشة العلمية الهادفة ، لكن العذر لهم أولى من العتب ، ولعل بعضهم يهمُّ بطرح تأييد أو استدراك.
وأما ما طرحته في الرد ، فهو اجتهاد تشكر عليه ، مع ملاحظة أن حديث ابن عباس وعثمان فيه ضعف ، ولا يصلح الاحتجاج به ، ثمَّ إن ترتيب السور توقيفي على الصحيح ، وأخيرًا فإن ترك البسملة كما قال القشيري أنه لم ينزل بها جبريل ، وهذه هي العلة الصحيحة في تركها ، ثمَّ يأتي بعد ذلك تعليل عدم نزولها ، وهي جملة الأقوال التي ذكرتها في سبب ترك البسملة .
أما جواز مخالفة عثمان في وضع البسملة ـ لو كان كما يقال : اجتهاد منه ـ فذلك لا يجوز ؛ لأنَّ هذا لو كان كذلك ، فإنه قد حظي بإجماع الصحابة ، وإجماعهم حجة لا يجوز خلافه .
واعلم أنه ليس للصحابة في أمر القرآن سوى جمعه ، وجمعوه على ما ثبت في العرضة الأخيرة ، لم ينقصوا في ذلك ولم يزيدوا على ما ثبتت قراءته على النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العرضة ، والله الموفق .
 
جزاكم الله خيراً

جزاكم الله خيراً

بسم الله
فضيلة الأستاذ الدكتور مساعد نفع الله بكم إنه لمن دواعي سروري أن يكون التعقيب الأول من فضيلتكم ، وأشكركم على هذا الاستدراك المفيد ، وكنت أحاول مراراً إرسال بريد إلكتروني إليكم عن طريق المنتدى ولكن لم أستطع ولم أعرف بريدكم الالكتروني وذلك لاستشارتكم في موضوع الإعجاز العلمي والتفسير العلمي ومنهجهما وما يتعلق بهما لأني أقدم رسالة علمية فيهما فحبذا لو تفضلتم بإرسال بريدكم الإلكتروني لأتصل بكم ، وأما بخصوص طلب المشاركة فإني ممن يحب تبادل الأفكار ومجالس العلم والمناظرات لما لها من أثر في إغناء العقل ونمائه وتحفيز النفس على البحث والاجتهاد وإظهار الجديد والاستفادة من الغير، وأما حديث ابن عباس وعثمان فقد صححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي ، وسكت عنه أبو داود ، وعليه فهو حجة ، وإلا فما علة ضعفه . وجزاكم الله خيراً أما بريدي فهو [email protected]
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله …. كلامك أخي يدل على سعة اطلاعك بالمسألة ، وأنها جاءت بعد دراسة مسبقة و مستفيضة ، وأنا ما كنت أهمل الرد أو التعليق ، و لكني في هذا الملتقى مستفيد فقط ، فكنت أطالع ما يجري من النقاشات حتى أخلص الى أكبر فائدة ممكنة ، فقد أخبرت من قبل أن دراستي في مناهل العرفان ـ للزرقاني ـ هي أول دراسة لي في هذا الفن ـ أول دراسة على الحقيقة ـ ولذلك فستجدني أطرح أسئلة ساذجة أحياناً.
الان نرتب الأقوال : الدكتور / مساعد ، ذهب الى القول بأن ترتيب السور توقيفي ، خلافا للأخ / مرهف الذي ذهب الى قول الجمهور بأن الترتيب اجتهادي ، وهنا ملاحظتان :
الأولى / للأخ / مرهف ، وهي أن الزرقاني قال في المناهل [[ و ينسب هذا القول الى جمهور العلماء ]]، و الشاهد قوله ( ينسب ) وأنا لا أدري هل الزرقاني ممن يعتني بمسائل الاصطلاح النقلية أم لا ، و لكني أوردت ذلك للاحتياط ، فلو كان ممن يعتني بالاصطلاح ، فنسبة القول الى الجمهور تحتاج الى بحث ، ويغلب على ظني صحة النسبة ، لسكوت الدكتور / مساعد على نقلك ، رغم مخالفته للقول .
الثانية / للدكتور / مساعد ، من الحجج التي يحتج بها على كون الترتيب توقيفي ، الاجماع على فعل عثمان و الذي يشمل الترتيب ، و لكن ألا يصح أن يقال بأن الصحابة صحة كون الفعل صحيح لدرء الفتنة ، دون أن يتركوا أقوالهم ، فيكونون قد أجمعوا على صحة الفعل لا على القول ؟
 
أحسنت أخي محمد

أحسنت أخي محمد

بسم الله والحمد لله والصلاة على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
أشكرك أخي محمد على هذه الملاحظة ولكن قبل الإجابة عليها أود تصحيح أمر نسبته إلي فأنا لم أرجح بأن ترتيب السور اجتهادي وإنما رجحت كون ترتيب السور توقيفي عدا ترتيب الأنفال والتوبة كما رجح السيوطي ذلك أيضاً والنص الذي كتبته مازال .
أما بالنسبة لعبارة الزرقاني في المناهل ( ينسب ) فقد أحسنت صنعاً أخي محمد ، لأن الزرقاني تبع في نقل مذهب الجمهور عن السيوطي ، والسيوطي اعتمد في نقل مذهب الجمهور عن الزركشي في البرهان ( انظر 1/354 )وقد فصل الزركشي القول في ترتيب السور إلى ثلاثة مذاهب الثالث أن أكثر السور كان ترتيبها معلوم لدى الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده .
ثم وجدت فضيلة الأستاذ الدكتور نور الدين عتر حفظه الله في كتابه ( علوم القرآن الكريم ) يقول صـ 42 :لكن جماهير العلماء على أن ترتيب سور القرآن توقيفي وليس باجتهاد من الصحابة وإن كانوا اختلفوا هل كل ذلك الترتيب بتوقيف قولي صريح من النبي صلى الله عليه وسلم ينص على كل سورة أنها بعد سورة كذا أو أن بعض هذا الترتيب قد استند فيه الصحابة إلى مستند فعلي من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً ) ثم قال حفظه الله صـ 43 : ( والأدلة على أن ترتيب السور كلها توقيفي كثيرة جداً من السنة نجد فيها ترتيب السور على وفق مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه .. ) ثم ذكر بعض هذه الأدلة .
وكذلك الدكتور عدنان زرزور في كتابه ( مدخل إلى تفسير القرآن ) صـ 136 قال : ( أما ترتيب السور في المصحف على ما هو عليه فقد ذهب جمهور العلماء إلى أ،ه توقيفي كترتيب الآيات سواء بسواء .. )ثم ينقل الدكتور ما قاله السيوطي من أن مذهب الجمهور أن ترتيب السور اجتهادي وينتقده قائلاً صـ 139 : ( ولكن هذا الإطلاق فيما يورده السيوطي ـ جمهور العلماء ـ يتعارض بشكل حاد مع الروايات الصحيحة الدالة على أن سوراً قرآنية كانت مرتبة على هذا النحو زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما ترتيب الصحابة لمصاحفهم فلم يكن أكثر من اختيار وقتي ، أو مطلق جمع القرآن ولهذا فإنهم لم يلتزموا الدفاع عنه .... ) .وأشير عليك أخي الكريم أن تبدأ بكتاب مختصر قبل مناهل العرفان ، لأن الزرقاني يسرد في الكلام ويطنب ويكثر في سرد الأقوال والشبه وهذا لا يفيد كثيراً من كانت أول قراءته في علوم القرآن والله أعلم . وأترك الملاحظة الثانية يجيب عنها الدكتور مساعد نفع الله به
 
بسم1
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، أما بعد: فإن حديث ابن عباس المذكور عمدة من قال بعدم توقيف الترتيب كلا أو جزءًا، فإنه يجاب عليه من جهتين:
الجهة الأولى: السند، قال الشيخ أحمد شاكر: هو عندي ضعيف جداً، بل هو حديث لا أصل له وقد فصل ذلك بإسهاب في حاشية المسند مستفيضا في تقرير ماذهب إليه من أنه لا أصل له، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف ومتنه منكر، وخلاصة ماذهبوا إليه أنه حديث غريب يدور الإسناد على يزيد الفارسي، الذي ضعفه أكثر المحدثين، وقد فُصِّل ذلك بإسهاب في حاشية المسند[3].
والجهة الثانية: المتن:
التناقض والاضطراب: حيث أثبت لكل سورة اسم فدل على أنهما سورتين قال الباقلاني: ((هذا يُوجِبُ أنّهما سورتانِ منفصلتانِ تُعرَفُ كل واحدة منهما بغير التي تُعرَفُ بها الأخرى))، والقول بأنهما سورة واحدة يناقض عدد سور القرآن المجمع عليه وهو مائة وأربع عشرة سورة كما هي في المصحف العثماني أولها الفاتحة وآخرها الناس[5]، قوله: (فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتها في السبع الطول) ينص على أن الأنفال وبراءة ـ التوبة ـ قد جعلها سورة واحدة، وما في المصحف العثماني يناقض ذلك، ثم أن الحديث قد بين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأصحابه موضع كل سورة إلا الأنفال وبراءة، وهو يحمل اتهامًا للنبي صلى الله عليه وسلم بعدم البلاغ والبيان الكامل للقرآن الكريم، حاشاه صلى الله عليه وسلم ، فهو المعصوم المجتبى[6].
هذا جزء من بحث سأتمه قريبا بإذنه تعالى. والحمد لله رب العالمين.

[3] ينظر: مسند أحمد: 1/459-461، في الحاشية دراسة للحديث من جهة السند.

[5] ينظر: البرهان في علوم القرآن:1/251؛ الاتقان في علوم القران: 1/225.

[6] ينظر: ترتيب سور القرآن الكريم: لطه عابدين طه،62-64، وقد توسع واستفاض في بحث متن وسند حديث ابن عباس.
 
وأما حديث ابن عباس وعثمان فقد صححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي ، وسكت عنه أبو داود ، وعليه فهو حجة ، وإلا فما علة ضعفه .

أما تصحيح الحاكم فإنه عند المحدِّثين من المتساهلين، وأما موافقة الذهبي فإنها من الموافقات التي قال عنها العلماء أنه لم يوفق فيها وفي ذلك سجالات كثيرة منها ما هو مطروق في ملتقى أهل الحديث ينظر هذا ((الرابط))، وأما حكم الترمذي فلعلك توهمت فقد قال الترمذي في سننه: حديث حسن،272 /5، وقال الشيخ أحمد شاكر المسند: لا أصل له، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف ومتنه منكر،1/459-461، وعليه فإنه ليس بحجة.
 
جزاك الله خيراً أخي مظفر الحسني على ما تفضلت به، والحقيقة أني قمت بدراسة لحديث ابن عباس مرة أخرة ووسعت البحث في المسألة بعد ذلك وأنا الآن على قناعة علمية تامة في رد هذا الحديث لنكارة متنه حتى على فرض صحة سنده.
 
عودة
أعلى