حوار: علوم مهمة للقائم بالانتصار للقرآن العظيم

إنضم
09/06/2005
المشاركات
1,295
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
الطائف
بسم1

الحمد لله الذي بنمعته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فتماشيا مع الخطة الاستراتيجية المرسومة لمتلقى الانتصار للقرآن الكريم في مرحلة الثانية [هنا] فإننا نطرح هذا الموضوع للحوار، وفي البداية أود توضيح أهمية العنوان المرقوم بعاليه.
إن المتصدي لتفسير القرآن هو بحاجة ماسة لعُدَّة يدخرها عند تعاطيه وآيات الكتاب المبين، ليقوم بتيين المعنى واستخراج كنوز معاني الآيات للوصول إلى مراد الله بهداية الخلق، وهي مدونة في مظانها .
ولا شك أن التصدي للانتصار للقرآن الكريم ضد الطاعنين فيه بشتى مللهم ونحلهم وتوجهاتهم هو أخص مما سبق وأضيق نطاقاً.
وعليه فإن الطامح للانتصار للقرآن هو بحاجة لعلوم المفسر بالإضافة إلى علوم أخرى هي كالذخيرة الأساسية له في دَكِّ حصون الشبه الملقاة على كتاب الله، ودون تلك العلوم سيقع الخلل والخطل في دفع الشبه ولذلك مآلات لا تخفى وقد يأتي الحديث عنها لاحقاً.
كما أن هذه العلوم بعضها محل نزاع فمن الناس من يرفضها مطلقاً ومنهم من يُقْبِل عليها قلباً وقالباً ومنهم دون ذلك كالفلسفة مثلاً، فما الموقف الأمثل في ذلك والذي يأخذ بزمام الانتصار للمهيع الأليق .
وإننا في هذا الموضوع نطمع في الإجابة عن الأسئلة التالية:

السؤال الأول/ ما ضرورة اطلاع طالب العلم على ثقافة العصر ولغته ؟

السؤال الثاني / ما أهمية اطلاع المنتصر للقرآن الكريم على المناهج البحثية الجديدة ؟

السؤال الثالث / ما هي العلوم والفنون والمناهج التي يجب أنْ يَتترَّس بها الراغب في الانتصار للقرآن الكريم ؟


وفي تضاعيف هذا الحوار سيُلْقى الضوء على تجارب إسلامية ناجحة جمعت بين تأصيل العلوم الشرعية والاطلاع على ثقافة العصر ولم تتزاحم لديها ولم تتضار، وقامت بواجب النصرة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأكمل وجه .

وسيكون معنا في هذا الحوار الأخ العزيز والدكتور الفاضل محمد زين العابدين رستم .

علماً أن الدكتور سيكتب ما يفتح الله عليه في السؤال الأول ومن ثَمَّ يكون نقاش الأعضاء لذات المحور، وبعده نتظرق للمحور الثاني وهكذا، لنخرج في نهاية الحوار برؤية نقية حول العلوم والمناهج المهمة للذي يروم الانتصار لكتاب الله عز وجل .
والله الموفق،،،
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه
أما بعد فلقد رغب إليَّ الدكتور ُالفاضلُ حاتم القرشي في أن أدلي بدلوي في هذا الحوار العلمي المبارك الذي تكثر فائدُته وتغزر عائدتُه بالنسبة إلى المتصدي للإنتصار للقرآن الكريم في هذا العصر...فشكرَ الله له وبارك فيه...وما أنا إلا مستفيدٌ من هذا الملتقى العلمي المبارك..ومنه آخذُ وإليه أرجع فيما قد يُشكل عليَّ من علوم القرآن الكريم وتفسيره...بيْد أنه لما تعينت الإفادة...وجب الإسعاف بالرغبة...والإجابة إلى الطلْبة..عسى أن يكون ذلك في ميزان حسنات من أخذ زمام المبادرة...وطرحَ هذا الضرب من الحوار في هذه الآونة الحرجة من تاريخ الأمة الإسلامية...
إن هذه الأمة الإسلامية اليومَ تمرَُّ بمنعطف فكري خطير..إذْ نجَمَ أقوامٌ منها يتكلمون بلسانها...ويصدرون ـ زعموا ـ عن مرجعيتها...قرآنا وسنة وفقها وأصولا وهديا وسلوكا.!!!!..فقالوا نحن أُساةٌ نداوي جراح هذه الأمة...نريد أن نُلحقها بركْب الحضارة الغربية التي نبذت الدين ظهريا ...وتخلصت من ربقة الميتافيزيقا الغيبية...ومن سلطة الكنيسة ورجال الدين..ومن أجل ذلك تقدمت وأخذ نجمها يسطع بين الأمم ،وكتبت لها الهيمنة والسيطرة على العالم...وأصبحت هي المركزَ وسواها تابع لها...واللبابَ وغيرها ما حوله من قشر..فلا سبيل للأمة الإسلامية إذن من أجل التقدم إلا أن تسير بسيْر أوروبا وأمريكا تأخذ كما قد قال طه حسين من خيرها وشرها وتَغْرفُ من حُلْوها ومُرَّّّها...فعْلَ التلميذ المقلّد أو التابع المطيع، أو المغلوب المنْكسر...لقد تنادى هؤلاء المهزومون حضاريا...الذين اشتهروا برقة الدين..والضعف في العربية وعاء هذا الدين)...والريبة في الوطنية والإنتماء..أنه لابد من حل فكري جذري لمعضلة تخلف هذه الأمة عن الركب الحضاري...فاجتمع رأيُ كبرائهم من الشرق والغرب على أنه يجب:" تثوير النص" الذي يمثل دين هذه الأمة قرآنا وسنةً، و" الخروج عليه"وذلك بـ:" قراءته" قراءةً جديدة....بأعين المفكرين الجُدد لا بأعين الفقهاء من أصحاب الأنوف المزكومة بتراب الماضي ورائحة الموتى كما يقول حداثي معروف!!!
لقد سعت هذه الطائفة من المفكرين الجدد ـ الذين مُهَّدت لهم سُبل التحكم في الساحة الثقافية في كثير في البلاد العربية والإسلامية، فاكتسحوا الجامعات والمنتديات وووصلوا أحيانا إلى مراكز اتخاذ القرار الثقافي أو الفكري ـ إلى أن توظّف علوم العصر ومبتكرات الإنسان الغربي في هذه العلوم في فهم ما تسميه:" الظاهرة الدينية " ...لتصفوَ لها " القراءة الحداثية"، وليصحَّ لديها كما تزعم الإجتهاد في قضايا العصر!!! فتَخرُج بقرآن ليس هو القرآنُ المنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وبحديث ليس هو الحديث الذي نطق به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وبفقه ليس هو فقه الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة المهديين من سلف وخلَف هذه الأمة... بل إن كلَّ ذلك عندها تراثٌ ينبغي تجاوزه أو إحداث قطيعة معه ، ويجب التمرد عليه ورفضه وهدمه كما يقول أدونيس...وأملى الله عز وجل لهؤلاء...وأمهلهم ومدّ لهم الشيطان مدا...فما يزالون يقذفون ذات اليمين وذات الشمال بكُتُب ومقالات يقولون إنها محاولات أو اجتهادات أو مقاربات أو نظريات لحلول جذرية تُطرح في سبيل البحث عن الهوية الضائعة بين سلطة الله وسلطة الفقهاء !!!!
وبعدُ فلقد كان التحدي كبيرا أمام المتصدي للإنتصار لكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم...وطُرح السؤال كيف يكون التصدي لدعاوى هؤلاء ؟؟وما هي شروطه وآدابه وآلياته؟؟ ومن يندب نفسه للتصدي فيكون منتصرا؟؟؟وهل الإنتصار لله ورسوله في هذا العصر علم وفن ومهارة؟؟؟
كلُّ ذلك نعرض له في الجولة الثانية من الجواب عن السؤال الأول قريبا إن شاء الله...
 
إن ظاهرة الإنتصار لدين وثوابت الأمة ظاهرة مؤصل لها من كتاب الله وسنة رسول الله...ألم يرغب الله عز وجل في النكير على المغير المبدّل؟؟...ألم تكن رسالة النبي العدنان في جوهرها دعوة إلى التغيير والنكير على قريش وما كانت فيه من انحراف في العقيدة والسلوك.؟؟..إن الإنكار لما يقوله من يفهم القرآن أو السنة فهما جديدا، أو يستعمل التأويل أو يوظف منهجا غربيا شاذا لا يصح تنزيله في البيئة الإسلامية ، في قراءة الأصلين العظيمين واجبٌ ديني يدعو إليه النقل والعقل...فأما النقل فواضحة أدلته من الكتاب والسنة...واما العقل فأقرب ما قد يقال ههنا: أي عظيم أعظم في الإنكار والتشهير والدفع في الصدر من قول من يقول: إننا يجب علينا أن نحفظ الناس من الوقوع في ايدي رجال الدين قلت/ يريد ما يردده رجال الدين من أحكام القرآن والسنة...إنه حسن حنفي القائل بهذا في كتابه من العقيدة إلى الثورة...أليس هذا قولا يوجب الإنتصار لدين الله الذي يرى حسن حنفي رجالَ الدين عندنا عليه أوصياء؟؟؟؟ أليس يوجب العقل السليم أن ندفع ما يردده هذا الرجل في كتابه من النقل إلى العقل من أن المرحلة الفكرية التي تمر بها الأمة اليوم توجب طرح ما تعتمده الثقافة العربية الإسلامية حجة عندما يقول قائل الفتيان فيها:" قال الله وقال رسوله" ، وأن نستبدل ذلك كله بأن نقول:" ماذا يقول العقل، ماذا يقول الواقع؟؟؟؟ قال حسن حنفي موضحا ماذا تكون الثمرة وكيف يكون قطافها:"...حتى نقلل من حجة القول وحجة النص"!!!
يتبع
 
فالإنتصار لله ولرسوله فريضة إسلامية، وواجب إيماني يفرضه على المسلم حبه لله ولرسوله، وقطعه الجازم أن ما عداهما ليس يكون فوقهما..وما كان أسفل منهما فلا يعلو عليهما...وهو أي الإنتصار تؤيده مقولات العقل الصريح، إذ رُكز في الفطر السليمة الدفاع عن المحبوب...والموتُ دونه....والدفع في صدر من يريده بشر..
والإنتصار لله ورسوله بعدُ نتيجة حتمية للتجاسر على الله ورسوله في زمن تُكُلَّم فيه في كل شيء، ولم يقدَّر ويحترم الدين وثوابته، إذ أصبح الحمى مستباحا...وكلأً حلالا..فأهونُ الخلق ممن سمي مفكرا، أو مستشرقا أو حداثيا،أو أديبا قصصيا أو روائيا أو شاعرا، أو كاتبا، أو صحفيا، أو فيلسوفا...أو مؤرخا أو عالم إجتماع أو عالم نفس أو حتى مهندسا أو متطببا...كل هؤلاء تطاولوا على القرآن الكريم وسنة النبي الأمين، وسولت لهم أنفسهم أن يقولوا بقول عظيم في أقدس كتاب، وأطهر سنة..كل ذلك بدعوى الإجتهاد أو التجديد..أو ممارسة حرية الفكر أوحرية الإبداع أو حرية الصحافة والنشر..أو حرية الكلمة!!!!
يتبع
 
إن ما سبق مضمن فيه جواب السؤال الأول الذي تفضل بطرحه د/ حاتم القرشي، وإن بدا بادي الراي أن هذه تقدمة طويلة ..للجواب، وأنا جامع لك أيها القارئ الكريم محتوى ذلك في كلمات وجيزات تكون بعدها الكلمةُ لك في حوار صريح مفيد، لتكون النُّقلة إلى السؤال الثاني بإذن الله تعالى:
× هناك ضرورة ماسة بطالب العلم الشرعي اليومَ في أن يعرف علوم العصر من مناهج تحليل الخطاب لسانيات وبنيوية وتفكيكية ، والفلسفة والمنطق والمنهاج العقلي القائم على الحجاج وغير ذلك مما يؤهله لكي يكون محاورا جيدا للفكر الوافد، سواء أكان هذا الفكر غربي المنزع، أو حداثي المنحى، أو عدائي الإتجاه.
× من مبررات قولنا إن طالب العلم الشرعي لابد له أن يطلع على علوم العصر لكي يسلم له الإنتصار لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، أن الآخر حداثيا كان أم استشراقيا أم غير ذلك يوظف هذه العلوم في قراءة تاريخ وفكر وحضارة الإسلام قراءة مشوهةً يحسبها جديدة، ومحرفةً يظنها حديثة..
× طالب العلم الشرعي اليوم مطالب بأن يتقن لغة العصر من معرفة باللغات الحية المعروفة، ومن إتقان لتقنية الإتصال من استعمال جيد للإنترنيت وما فيه من اساليب التواصل الإجتماعي كالفيسبوك والتويتر وغير ذلك، لأن الخصم مهما كان انتماؤه واتجاهه وظف لغات العصر كالفرنسية والإنجليزية فقرأ بها فكر الغرب وتشبع به ومن ثمَّ حاول أن يُسقطه على تاريخ وحضارة الإسلام...فكانت القطيعة وكان الصراع بين القديم والجديد...كما أن هذا الخصم ماهر حاذق لوسائل الإتصال الحديثة يعرف كيف يوظف كل ذلك من أجل تمرير رسالته التي تنادي بالخصومة بين العلم ـ أي علم كان ـ والدين ، وبين القلب والعقل!!.
والحمد لله أولا وأخيرا..
 
أشكر الأخ الكريم د. محمد زين العابدين على تجاوبه المثمر ودوره الفاعل في الملتقى منذ اشتراكه حتى اللحظة وهو شيء لا يستغرب من أمثاله فهو محدِّث وواسع الاطلاع على الثقافة المختلفة ولديه الهمة العالية، فبارك الله فيك .

وبخصوص هذا الحوار:

فقد شرع د. محمد في تمهيد ثم الإجابة عن السؤال الأول، وخلصنا في التمهيد بالنقاط التالية:
* الأمة تمر بمنعطف فكري خطير وذلك متمثل بما يلي :
ظهور أقوام من أبناء جلدتنا يطعنون في مرجعية الأمة الكتاب والسنة
الضعف أما قوة البريق الزائف للحضارة الغربية هو أحد أسباب انهزام أبناء جلدتنا
استبدال المصطلحات الشرعية بمصطلحات حديثة وما تتضمنه من حمولة فكرية دسيسة على تراث الأمة
* ضرورة الانتصار لمرجعية الأمة الكتاب والسنة .
* الانتصار لثوابت الدين هي ظاهرة مؤصلة في الكتاب والسنة .
* الإنكار على من يفهم نصوص الوحيين وفق تطبيق المناهج البحثية الغربية غير الصالحة للبيئة الإسلامية هو واجب ديني ودليله النقل والعقل .
* الانتصار لله ولرسوله فريضة إسلامية، يفرضه على المسلم حبه لله ولرسوله، وقطعه الجازم أن ما عداهما ليس يكون فوقهما وما كان أسفل منهما فلا يعلو عليهما.

وجواباً على السؤال الأول وهو المحور الأول (ما ضرورة اطلاع طالب العلم على ثقافة العصر ولغته ؟ )

ذكر د. محمد النقاط التالية:

* لمقارعة الفكر الوافد لابد من التسلح بعلومه ومناهجه البحثية .

* المستشرق أو الحداثي وغيرهما إنما يطبق مناهج بحثية سلكها لتشويه نصوص الوحيين، وللرد عليه لابد من إتقان آلته أولاً .

* ضرورة التمكن من اللغات الحية للتمكن من الاطلاع على النتاج الوافد للفكر الحديث.

ويبقى المجال لمن كان لديه أي مداخلة أو تعقيب على الكلام السابق، ومن ثم يشرع الدكتور في المحور الثاني .
 
تمهيد

تمهيد

أشكر أولاً الدكتور حاتم القرشي على فتح هذا الموضوع الهام ، حيث الاستفادة منه تهم كل مسلم غيور على هذا الدين العظيم الذي تكفل الله تعالى بحفظه الى يوم القيامة لقوله سبحانه:( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
ولا يسعني أن اشكر أيضاً وبكل إجلال على ما قدمه الدكتور محمد من عرض تحليلي موضوعي للمسألة .
وإن سمح لي الأخوة ان ازاحمهم الرأي فأضع بعض النقاط التي تجيب على السؤال الأول وتعرّج على بعض أسباب ومسببات جعلت من بعض بني جلدتنا لقمة سائغة للسيل الغربي العرم الذي لم يجلب للحضارة الإنسانية سوى الخسارة والزبد الرابي الرخيص:
*- سلامة الإعتقاد والمعتقد.
ولعل هذه النقطة تكون السبب السلبي لجذب بعض من بني جلدتنا الى مرابض القوم. ومثبتة في آن واحد للفئة المسلمة التي انبرت تدافع وتنافح عن دين الله تعالى. ففساد المعتقد وهبوطه لدى بعض المنهزمين سبب في إيجاد تلك الخشب المسندة التي تنبض بها دماء العروبة على استحياء منها وانبهار بما تراه من زيف وعمىً للألوان.
*- إن النقاشات حول الإسلام والشبهات التي تُدار حوله من المغرضين لم ترتق بعد الى مرتبة الجديّة في الطرح واستخلاص النتائج. بل إن المحاورات التي تحدث ما زالت تسير بطريق عشوائي غوغائي مقصدها الإساءة أكثر من نيّة الوصول الى الحق باستخدام قواعد العقل والمنطق السليم. فلم نر مناظرة علميّة أمامها جمهور منصف تدار بطريقة حواريّة حضارية وعلى قدر أهمية الموضوع وخطورته . ولم نسمع بمن يطالب بقواعد وأصول الحوار المبني على الإلتقاء على ما لا نزاع فيه ولا جدال.ولم نر في الواقع إلا مماحكات وسخافات يدلي بعضهم بها بين الحين والآخر بعيدة كل البعد عن النقاش البناء المثمر الذي يوصل الى الحق الأبلج .
*- ومع كل ذلك فإن على طالب العلم أن يتمترس بكل ما أوتي من عزم وقوة ويستعد لأي معركة كانت ولو كانت على ذلك النمط الرخيص مما نرى ونشاهد.
*- وقد يكون الأقدر في الرد على هؤلاء هم العلماء وطلاب العلم الذين يعيشون بين ظهرانيهم وضمن مناطقهم الجغرافية وأحوالهم الاجتماعية لأنه يعلم مكامن أوجاعهم واصول علّاتهم فيقلع الضرس من وجعه دفعة واحدة ومن غير أية ضربات ترجيحية ولا ينبئك مثل خبير.
*- أما أولئك المنبرين من بني جلتنا ممن ساقهم الشيطان الى محشر الشر وأتاهم ابليس من الطريق أضيقه فمنهم من قضى نحبه خاسئاً منكسراً يلعنه تراب قبره . ومنهم من ينتظر العذاب والثبور والهلاك سواء كان من أهل الباطن والرافضة أو من أولئك المأجورين الذين يتكلمون من اجل شهوات بطونهم من أهل الزعيق والنعيق . الكل يعرفهم ويُشار اليهم بأصابع الأيدي والأقدام وسوف يندثرون عما قريب كما اندثر إمامهم الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب وغداً لناظره قريب.
 
أشكر الأستاذ الفاضل والأخ العزيز تيسير الغول على سرعة تفاعله وتجاوبه مع الموضوع وهذا ما عهدناه عنه في الملتقى فهو حيثما حل نفع .
كما أن النقاط التي أشار إليه هي من الأهمية بمكان، ويبدو أن في جعبت الأستاذ الكريم الكثير والكثير حول هذا الموضوع وسننتظر نثره في مثاني هذا الموضوع .
 
جزاكم الله خيرا استاذ محمد ، وأظن أنه من اللازم أن يكون الذي ينتصر للقرآن قد مر ،ايضا(اي بعد ماشرحتموه واضافه الاخ تيسير)، بمرحلة القراءة المعمقة -مثلا- لكتب الحوار مع النصارى والرد عليهم والإرث الكبير في هذا المجال بداية من رسالة الجاحظ في الرد على النصارى إلى الدفاع عن القرآن للدكتور بدوي،مثلا، وكتب من اسلم من النصارى والكتب التي أُلفت في الأندلس ردا على نصراني او يهودي مثلا، وكذلك كتب الرد على الإستشراق وكل ماجد فيها(أي يتابع الجديد) وزيادة على ذلك أن يقرأ التاريخ الأوروبي على الأقل من موسوعة جامعة كقصة الحضارة لويل ديورانت فهي مهمة ، وتعتبر مقدمة لابد منها لفهم التطور في الفكر الأوروبي وكيف وصل القوم لما هم عليه اليوم من منهجيات ، وقصدي هنا هو الإطلاع على التاريخ الغربي وظروفه القديمة وذلك، ايضا، كان، وقت الإنتاج الرائع لحضارتنا الإسلامية، (كما عرضه ديورانت في موسوعته)فذلك مادة تاريخية وعلمية مهمة لأنها ستُسقط حجج كثيرة جدا يكررها العلمانيون كثيرا وكأنها حقائق وبديهيات!، وتعمل على إسقاط حجج منهجيات القصور المابعد حداثي بمجرد تذكر ها(وإن افضل معين فكري حديث في هذه النقطة الأخيرة هي كتب الدكتور عماد الدين خليل خصوصا الأخيرة منها عن الحضارة الإسلامية)، ثم يدلف المنتصر للقرآن بعد ذلك أي بعد الإطلاع على أدبياتنا في الرد على الإستشراق والفلاسفة والمتفلسفة والمتصوفة المنحرفة كما في مجموع الفتاوي وغيرها من كتب شيخ الإسلام، ثم كتاب منهاج السنة له ايضا، للإطلاع على نشأة الفكر الشيعي وتوابعه وتناقضه وتهافته واصوله( ومنهجية اركون مثلا تلعب كثيرا على وتر الفرق والسيعة والسنة وتستعين بكتابات كوربان وماسينيون ومالم تقرأ ماسينيون وهنري كوربان وغيرهما لاتعرف ابعاد مايرمي إليه اركون بله قصوره!، ومصادره!!، ،يدلف، بعد قراءة التاريخ الغربي ومواقيت ظهور نظرياته ومناهجه المختلفة ، يدلف إلى المنهجيات الحديثة للتعرف على مكامن الخلل فيها -ومقدماتها-وظروف نشأتها في المناخ المادي الغربي والصراعات التي ساهمت في إخراج كل منهجية منها ، بل والدافع لظهورها، كحل لمشكلة فكرية مأزومة، أو كمخرج لنظرية او منهجية ثبت فشلها وقصورها المنهجي.
القواعد العلمية والمباديء الضرورية والخبرة بمادة الردود القديمة كلها مفيدة جدا في أولا تثبيت المنتصر للقرآن وهو يقوم بتفكيك هذه المنهجيات من منبعها الرئيس بحيث اذا قرأها لم تهز له او فيه شعرة لو صح التعبير.
فليس المهم هو التسرع بالرد ولكن المهم هو التباطيء فيه حتى يظن المواجه للمنهجيات الحديثة أنه قادر فعلا على قراءة هذه المنهجيات وهو مطمئن إلى براهينه التي جرت في عروقه مجرى الدم ، فإذا ظن أنه قادر وعنده مبادئه التي لايمكن لأي منهجية علمانية مادية ايا كانت أن تهزه، فحينذاك يمكنه التوغل في القراءة والرد والإنتصار الكامل للقرآن مع مداومة ومعاودة القراءة من كتبنا وردودنا.
وليس قبل ذلك يكون الرد او الإطلاع الذي سُئل عنه .
وهذا يعني ان منهجية الدراسة في الجامعات الإسلامية الخاصة بمناهج المقارنات لابد أن تتدرج في عملية تهيئة المنتصر للقرآن بحيث تجعل ذهنية المنتصر لبراهين الإسلام عبارة عن طبقات من الوعي بالتاريخ القديم(كتاريخ الاستشراق الأول فالثاني مثلا ومناهجه عن القرآن والحديث والسيرة مثلا) ثم مايليه،ثم الذي يليه وهكذا بالتتابع، وبالردود القديمة ثم ماجاء بعدها.. وهكذا دواليك حتى يصل الطالب إلى الإلمام ولو البسيط بالمنهجيات الحديثة.. ثم يمكن للطالب بعد الإنتهاء من الدراسة أن يتعمق في كافة المواد التي درسها في كل مراحل دراسته، ويبني نفسه دائما ويدور في دائرة واسعة تبدأ من القرآن والتفاسير وأحاديث النبي وتمر ببعض كتب الحديث وشروحها ثم بعض كتب الردود او التأصيل ككتاب شفاء العليل لابن القيم ويرى كيف صنع ابن القيم-مثلا- مواجهة بين قدري وجبرى ومنه يتعلم مثلا طريقة الإلمام بفكر معين ومواجهته بفكر آخر، ثم يبطي قليلا ليقرأ في كتب الطريق إلى الله مثل طريق الهجرتين أو كتب ابن رجب الحنبلي أو ابن الجوزي حتى لايتحجر قلبه وهو يقرأ منهجيات القلوب المتحجرة، ثم يرجع لكتب في التاريخ او السيرة ..وهكذا دواليك، فيمتن منطلقاته ويتذكر ادواته ويرهف سمعه ووجدانه، ويطري عن قلبه، ويمتع عينيه وبصيرته بكتب الردود فاذا جاء دوره في الرد دخل معتركه وهو يعلم أن له رواد سابقون، وأنه رائد مثلهم، مع تواضع وفناء في الحق وبالحق مع شهود الأحداث والوقائع الفكرية وكلها مع ظروفها المختلفة..هنا يمكننا أن نقول وبعد ان مر بما ذكرنا، بضرورة الإطلاع على المناهج المعاصرة ، أما قبل ذلك فلاضرورة بل ولاحاجة لنا فيه، فهو أولا قبل القراءة!،أي المسلم أولا ، وتهيئته وهو أهم من القراءة للمنهجيات الحديثة، فمادام لم يمر بمراحل التربية العقلية والعقدية والنفسية فلاضرورة لإطلاعه على المنهجيات المتصدية للقرآن.
فماذكرته انا هنا هو مقدمات ضرورية للقراءة المعاصرة.
وبلامقدمات لايستطيع الإنسان أن يفهم إلا مجردات مع العلم أن المنهجيات الغربية القديمة والحديثة ليست أفكارا ذهنية مجردة وإنما هي نتاج لظروف معقدة، بل بالغة التعقيد، وقبلها كانت هناك مراحل تقدمتها وتصارعت فيها أفكار وعوالم مادية.. وهكذا على طول الخط، فالإطلاع على منهجية بدون الرجوع لسبب خروجها في ظرفها يحول بين القاريءو فهمها على ماهي عليه كما أن عملية نقدها قد لاتكون ناجعة بالشكل الكافي اذا فهمت بشكل تجريدي بدون سياقها الزمني والتاريخي والوقائعي والله تعالى أعلم.
هذه مشاركة كتبتها بعد رجوعي من العمل بعد يوم شاق فإن أصابت كبد الحقيقة فقد نجوت من الثرثرة ودخلت في عداد من يتكلم بحق والا فإنها جعجعة بلاطحن، والله من وراء القصد.
 
شكراً

شكراً

سبحان الله أخي الاستاذ طارق كنت أفكر أن أدعوك للمشاركة في هذا الموضوع بعد إذن الدكتور حاتم بصفتكم من أهل الإغتراب أولاً ولما لديكم من باع طويل بما يخص هذا الباب . وقد أحسن فضيلة الدكتور حاتم جزاه الله تعالى كل الخير أن فتح باب النقاش لهذا الموضوع. ويا حبذا يا أخي طارق لو تذكر لنا بعض الشخصيات الإسلامية في الإغتراب الذين انبروا في الدفاع عن الكتاب والسنة سواء كان من خلال المحاضرات التعريفية بالإسلام وبيان عظمته. أو من خلال المناظرات الفكرية التي لا نعرف عن أكثرها .أو تذكر لنا بعض النشاطات التي تغطي هذا الجانب المهم . جزاك الله تعالى كل الخير وبارك بك وبقلمك الذي افتقدناه في صحيفة السبيل.
 
جزاكم الله خيرا اخي تيسير بارك الله في قلمك
يااخي الحبيب لقد رأيت من حضور العلمانيين الكبار في المكتبات المناطقية ،في احياء هولندا، خصوصا في اماكن الجيتو العربي او اماكن تجمعهم، رأيت حضورهم اكثر من حضور اي احد اخر او مناظرة ما، رأيت صاحبة كتاب" الله يكره النساء" وهي مصرية تعيش في هولندا، ،ولم اتركها تستغفل الحاضرين فقلت لها -امام الحضور -انت بقية من ابو زيد والعشماوي واركون وغيرهم!
ورأيت نصر ابو زيد ورأيت صادق جلال العظم وغيره كثير، هؤلاء يحضرون في مكتبات الأحياء الغربية -في لاهاي-واحيانا تعلن عنهم نشرة الاخبار التي يراها كافة الناس في توقيت مهم مثل السادسة مساء والهولنديون يتغدون تماما في السادسة!وهم يستمعون للاخبار!
وممن قدم له دعاية مجانية ،للإعلان عن حضوره، هو محمد اركون ووقتها اتخذت موقف للنقد
وحضر هاشم صالح الفيلسوف مترجم كتب اركون وقد ذكر هو نفسه في كتابه (الإنسداد التاريخي) أنه استُقبل بصورة ممتازة في هولندا وذكر من ذكر ممن اعرفهم من العلمانيين ممن يمهدون الطريق لمحاضرات من يأتي منهم من الخارج.
في ظني ان ماتشير اليه يوجد في فرنسا وانجلترا اما هولندا فأغلب اهل الإسلام من العوام ، على عكس من يسكن انجلترا خصوصا من حملة الشهادات
وجزى الله اخي حاتم القرشي على هذا النشاط وهذا الرابط واتحافنا بالتعرف على قلم الشيخ الاستاذ الدكتور محمد زين العابدين من قريب فلله الحمد والمنة
 
جزى الله الجميع خيراً،وأشكر الملتقى على فتحه باب الحوار في هذا الموضوع المهم ،إلا أن الكلام فيه طويل وذو شجون وأخشى إن بدأت وتشعبت ان أشرق وأغرب لهذا سأقيد نفسي بالمحور الأول وهو: ضرورة إطلاع طالب العلم على ثقافة العصر ولغته.
-إن الذب عن كتاب الله فرض كفاية إن أداه البعض سقط عن الآخرين .
-لا يتم الانتصار لله وكتابه إلا بمعرفة منطلقات القوم وقراءة كتاباتهم بلغتهم،ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب،وعليه
فاطلاع طالب العلم على ثقافة العصر ولغته من فروض الكفاية.
-تعددت مناهج وأساليب أعداء الله في الهجوم على كتاب الله وسنة نبيه،إلا أنهم جميعاً استندوا على الفكر الغربي ،وهذا الفكر شديد التعقيد والتشابك ومن تجربتي الخاصة فالإلمام بهذا الفكر يحتاج لجهد مؤسسي لا فردي ولحين توفر هذا الجهد المؤسسي أقترح أن يقوم طالب العلم بالتخصص في كاتب معين ليقوم بالرد عليه، أو جزئية معينة ويردها.
-ارتبط المشروع الفكري الغربي منذ بداياته بمشروع الغرب السياسي ،وتعد فلسفات الغرب غطاءاً نظرياً للمذاهب السياسية وهذا أمر لا ينبغي إغفاله ،على سبيل المثال لا يمكن فصل الفلسفة البنيوية عن الماركسية وعن الشيوعية ،وهذا يعيدنا إلى أهمية إلمام طالب العلم بثقافة العصر.
-أنا شخصياً تعرفت على الفكر الغربي بعمومه لا بتفصيله قبل أن أتعرف على أذنابه الحداثيين وبعدها قرأت لأركون ،وعندها فهمت لماذا يقولون أن كتاباته ومصطلحاته صعبة ،الحق أن أركون وغيره يستخدمون مصطلحات تنتمي لحقل معرفي مختلف عن الحقل المعرفي لطالب العلم الشرعي وهو الحقل الفلسفي (هذا بالإضافة للعبة فصل الدال عن المدلول التي أرستها التفكيكية مما جعل هؤلاء يبتكرون مصطلحاتهم الخاصة) ولهذا العلم بمصطلحات هذا العلم مهمة جداًومن هذه المصطلحات :القراءة،النص المفتوح،التناص،التاريخية ،التاريخانية...وهذه المصطلحات انتقلت إلى حقل العلم الشرعي المعرفي دون الحذر من الخلفية المعرفية التي تقبع وراءها وقام باستخدامها الأساتذة والطلاب على حد سواء مما ساهم في إحداث خلط مصطلحي ستظهر آثاره المدمرة على الأجيال القادمة.
-بقيت في جعبتي قضية أخيرة وهي الإلمام باللغة التي كتب فيها الكتاب المردود عليه ،وأنا لا أنكر أهمية هذا إلا أن وجود ترجمة للكتاب تعني وجوب الرد على الكتاب المترجم للعربية ،وهذا الرد لا يمكن اعتباره بأي حال رد على الكتاب الأصلي، فالكتاب الفرنسي يرد عليه بالفرنسية،والكتاب الانجليزي يرد عليه بالانجليزية وهكذا، عل سبيل المثال كنت أنوي الرد على كتاب فاطمة المرنيسي (الحريم السياسي)،ووجدت ترجمتين للكتاب تختلفان اختلافات جوهرية ،ولهذا توقعت أن الكتاب بالفرنسية يختلف أيضاً عن الترجمات،وبسبب عدم إلمامي بالفرنسية اعتبرت ردي هو رد على طبعة معينة من الترجمة العربية للكتاب.
 
شكر الله لك الاستاذة سهاد على ما تفضلت وتناولت من عمق حول هذا الموضوع . وقد ذكرت أن لك تجربة خاصة حول الفكر الغربي حبذا لو تحدثينا عنها إن كانت تخدم الموضوع ولا حرج في الإطالة ما دمنا لم نخرج عن حيّز الموضوع وأفرعه .
يبدو لي من خلال كلام الأخت سهاد أن تجربتها كانت عبر الإتصال المباشر مع الغرب أي أنها كانت مغتربة فإن كان ذلك صواباً فيا حبذا لو تذكر لنا أختنا بعضاً من هذا الجانب لأجل الفائدة.
أشكرك حقاً على جزالة لفظك وقوّة طرحك وزخامة معلوماتك . وبارك الله بك أختنا الفاضلة والفضل بعد الله يعود لفضيلة الدكتور حاتم في تخصيص هذا الموضوع جزاه الله تعالى خير الجزاء. .
 
شكر الله لك قصدت بتجربتي الخاصة :خوضي في أوحال الفكر الغربي الإلحادي وكان هذا من مستلزمات رسالتي في الماجستير.
 
أشكر أخي الحبيب طارق على كتابته المتينة والدسمة رغم أنها تناولت المحور الأول وما بعده، ولكنها بحق كلامات رآئعة وهي بحاجة لبسط وإسهاب في بعض القضايا المذكورة ضمنها لعل الأستاذ طارق يبسط مراده في باقي المحاور .

كما أشكر أختنا سهاد قنبر على تفاعلها مع الموضوع وعلى ما أتحفتنا به من فوائد جمة ومما أعجبني دقتها والتزامها بالحديث حول المحر الأول، وهذا يعني أننا سننتظر كتباتها في باقي المحاور .
لقد ذكرت الأستاذة سهاد مسائل هامة بحاجة للتوسع والتمثيل ومن أهمها : إتقان لغة الكتاب المردود عليه، وهذه نقطة تحتاج موضوعاً مستقلاً فهي نقطة مهمة والبعض لا يشترط ذلك متى ما توفرت الترجمة الدقيقة التي يرتضيها مؤلف الكتاب مثل ترجمة هشام صالح لكتب أركون، والبعض يخالف في ذلك، عموماً لن نتشعب في هذا الموضوع ونبقى على في محورنا الأول .
والموضوع نثريه بالحوار والنقاش كما رأينا، فجزاكم الله خيراً .
 
أشكر السادة الأكارم الذين شرفوني بقراءة كلامي والتعليق عليه، ولقد سعدت سعادة عظيمة بذلك لأن دليل تأثير كلام المرء أن يعلق عليه، ويتعقب، فشكر الله لمن قرأ وعلق واستفاد...وبعد:
ذكرتني كلمة الأستاذ تيسير الغول بخصوص الإعتقاد وسلامته عند المنهزمين بما نقله إليَّ الثقاتُ المأمونون من أهل تونس الخضراء وأنا في الجزائر من أن عبد المجيد الشرفي الذي يقال إنه متخصص في الدراسات الإسلامية..ودكتور فيها...ما كان يكتب فيها إلا والكاس في يده ..يشربها ..يستحلها جهارا نهارا...متأولا أنها تفتح العقل وتطرد النعاس؟؟؟ إن هؤلاء المهزومون فكريا من أهل الملة والشركاء في الأرض والجلدة ليسوا في دينهم على شيء...وكم رأينا منهم نفرا يؤذن للصلاة فيكونون معنا...فنذهب نحن نستريح فيها نصلي...وترى الواحد منهم واقفا على بضعة خطوات ممسكا سيجارة لو أن إبليس كان بشرا ما قام لها...من ثقلها ونفوذ رائحتها؟؟؟
وذكرتني كلمة الأستاذ تيسير في قوله إن نقاشات الآخر ليست فيها جدية ...ونعم هي كذلك بيْد أنها محضورة مشاهَدة محببة متابَعة مذكورة...يتابعها الملايين على الفضائيات المشهورة...ويطالعها الملايين على صفحات الجرائد والمجلات السيارة المذكورة...ويحبها الشباب ويهش لها الأغمار منهم ممن يطرب لسماع كل جديد شاذ مخالف أخاذ؟؟؟
وذكّرتني كلمة الأستاذ طارق منينة ـ وكنت أقرأ له في غير ما منتدى وملتقى ويشدني كلامه لأنّ فيه روح المدافعة والمجابهة والتحدي..وأنا أزعم أن فيَّ من ذلك غُبَّراتٍ...لقد وصف الأستاذ الفاضل حفاوة الغرب بمثل هذا الضرب من المفكرين التغريبيين ..وذكَّرني ذلك بكلمة كنتُ سمعتها قديما من شيخ كبير طاعن في السن أرسلها حكمةً يمكن أن تذهب مثلا..قال الملفوظ عندنا مقبولٌ عندهم...وسبحان الله أين نوال السعداوي ؟ وأين توفي الصادق النيهوم؟ وأين مرض نصر حامدابو زيد وعاش ودرج في أخريات حياته؟؟ وأين كان طه حسين ييمّم وجهه صيفا وشتاء...فكتب من وحي ذلك كتابه رحلة الصيف والشتاء.؟؟؟وأين أمضى أركون أغلب حياته؟؟؟ واين كُرّم الطاهر بن جلون الروائي المغربي الحداثي المعروف صاحب الرواية الفاضحة المستهزِئة بالله وبالقرآن المسماة:" ليلة القدْر"؟؟ أليس كلُّ ذلك كان عندهم وفي ديارهم وبين ظهرانيهم ؟؟؟ومازالت تأتينا أخبار عن وجود بعض فلذات الأكباد الصغار يربَّون في الغرب على كراهية الإسلام وتأويل تعاليمه وتحديث شرائعه وعلمنة أحكامه؟؟؟
وذكّرتني الكلمات النيرات للأستاذة سهاد في قولها إن الإطلاع على الفكر الغربي يحتاج إلى جهد مؤسسي لا فردي، بشيء أنا مترفقٌ في رده والتعليق عليه..و لذلك أهمس في أذن الأستاذة الفاضلة قائلا متى نشأ هذا الفكر الغربي الذي يقال لنا خافوا منه..وهل هو ممتد في أزمنة غابرة...ألم يكن هذا الفكر نتيجة ثورة التنوير في فرنسا..وكان ذلك في زمن قريب ليس يجيء في آلاف السنين وعشرات القرون.؟؟.وإذن بإمكان الفرد الواحد أن يطلع لوحده من خلال كتب أو محاضرات أو قلْ قراءات شخصية على هذا الفكر لأنه في الواقع لا يوجد له تاريخ ممتد في الزمان كما هو حال فكرنا، وكما هي صفحات حضارتنا الناصعة المشرقة بإذن الله...وهذا العقاد محمودٌ أليس يقال بأنه قارئ ممتاز لهذاالفكر وكتب فيه...وما أدرك منه ما قد أدرك إلا لوحْده..فلم يعلم أن ذلك كان بفضل مؤسسة أو جهة فيها جماعة يقع فيها التنسيق والتعاون...
وذكّرني قول الأستاذة سهاد فيما ذكرته عن المصطلحات التي يقذف بها هؤلاء الكَتبة من المفكرين العلمانيين فيما يكتبون أو يقولون...وتكون هذه المصطلحات ذاتَ حمولة معرفية معينة لا يمكن بحال من الأحوال أن تُسقط على الواقع الإسلامي ولا على الثقافة العربية المنشأ والمنتهى ..الإسلامية المنزع والمحتد...بما كتبه كثير من المفكرين الإسلاميين اليومَ في كتب في وصف آثار معركة المصطلح، واستقر رأي أكثرهم على أنه جائز استعمال المصطلح الغربي في البيئة الإسلامية إن احتيج إليه بشرط تفريغه من محتواه..وأسلمته ...وتعريبه ..وعندها يكون مصطلحا إسلاميا باعتبار المآل...والحمد لله رب العالمين..
 
أشكر د. محمد على تعقيبه على المعلقين، وسيبقى من حق الأعضاء نقاشه فيما ذكر.
والآن ننتقل للمحور الثاني :
ما أهمية اطلاع المنتصر للقرآن الكريم على المناهج البحثية الجديدة ؟
ونلاحظ أن هذا السؤال دائرته أضيق من الذي قبله، وننتظر د. محمد رستم فيما سيفيدنا به حول هذا المحور، وبعدها يتاح التعقيب للقراء الكرام .

 
والآن ننتقل للمحور الثاني :
ما أهمية اطلاع المنتصر للقرآن الكريم على المناهج البحثية الجديدة ؟.
أظن أن د محمد قد قد انتقل فعلاً للمحور الثاني وقد قرأت ما قاله وكان بنيتي أن أعقب على كلامه . ولكني تفاجأت بحذفه . فما الخطب؟؟
 
قبل الانتقال للمحور الثاني من هذا الحوار أقول والله المستعان :
-إن إطلاع طالب العلم على ثقافة العصر تعينه على تكوين نظرة شمولية تساعده على وضع كل حدث في مكانه الطبيعي ولا ينظر له كجزئية مبتورة دفع بها سوء الطالع أو المصادفة.
-على سبيل المثال القراءة في الفكر الغربي والاطلاع على تاريخ القوم سيسهم في تشكيل فكرة شمولية عن موضوع الشبهات التي تثار على الإسلام وأهله ،فالاستشراق وليد ظروف معينة وكذلك الحداثة فهي عرض لأزمة تاريخية تختص بالحضارة الأوروبية نفسها ،لهذا يرى بعض المفكرين في الغرب أن الحداثة ستنزوي في أركان الحضارة الغربية أو يكون لها نتائج وجودية مدمرة على العالم غير الأوروبي.
-الإطلاع على ثقافة العصر سيسهم في التعرف على دور اليهود في مشروع الحداثة الغربي،ويسهم في التعرف على التوجهات السياسية للملاحدة العرب ،على سبيل المثال كانت أول مرة أسمع فيها إسم أركون في مركزدراسات الشرق الأوسط في كاليفورنيا وهو مركز يقع تحت سيطرة اليهود ،وقد كانت صورة أركون هناك مع المحامي السويسري ليونارد بيندر المسؤول عن الدراسات الإسرائيلية في نفس المركز ،وقد كرم أركون في المركز وفاز بجائزة المركز(لفي ديلا فيدا )في 2002م،ومن الأسماء الذين أعرفهم وحصلوا على هذه الجائزة المستشرق شاخت ،مونتجمري واط،جوزيف فان إيس،الحداثي فضل الرحمن ،وألبرت الحوراني ،واسم أخير ويلفرد مودلينغ الذي فاز بالجائزة في 2007م،أركون ومودلينغ من كبار الباحثين في معهد الدراسات الإسماعيلية ،وأركون عضو في هيئة أمناء المعهد الإسماعيلي،ومحاضر في برنامج الدراسات العليا للمعهد وفي الدورات الصيفية عن الإسلام في نفس المعهد،ولمن لا يعلم فإن العقيدة الإسماعلية تقوم على إمكانية تغيير الشريعة بتغير الأزمنة والظروف،وتغلب العقل حال اصطدامه بالنص القرآني،وعندهم كتاب مقدس بالإضافة للقرآن يسمى كتاب الجنان،ويؤمنون بأن للقرآن ظاهر وباطن ،الكلام طويل كما ذكرت سابقاً،فالجابري له باع طويل بالسياسة وشغل منصباً كبيراً لسنوات طويلة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قبل أن يتفرغ للبحث العلمي ،وحزب الاتحاد من الأحزاب الموالية لفرنسا وهذا ليس جديداً على أعداء الأمة ،ألا يذكرن هذا بالمستغربين السابقين لهم في مصر المنتمين لحزب الأمة الموالي للا ستعمار في الحقبة الماضية مثل لطفي السيد سلامة موسى وغيرهم والأمثلة أكثر من ان تحصى ،وإذا أردنا العودة للوراء قليلاً المطلع على ثقافة العصر يعلم كيف قام الطهطاوي(1801-1873) الذي نادى بتأسي المرأة المصرية بالمرأة الفرنسية في العلم والعمل والمدنية ،قام هذا الرجل بالتعتيم المقصود أو غير المقصود على وضع المرأة الفرنسية التي أعلنتها الثورة الفرنسية كشخص فاقد للأهلية ولا يحق لها أية استقلالية مالية ،وكانت المرأة المسلمة كاملة الأهلية تبيع وتشتري وتتملك وترفع قضايا طلاق وخلع ولها حق الحضانة لأبنائها وغيرها من الحريات والمرأة الغربية محرومة من كل هذا .
-أشكر الدكتور رستم على كلامه القيم إلا أنني لازلت على كلامي وهو الحاجة للجهد المؤسسي وإلا سيبقى عملنا في مهب الريح ،والفكر الغربي ليس وليد الثورة الفرنسية إذ ان وضع فواصل حدية للفكر ليس ممكناً ألا يعد بيكون، وديكارت ،واسبينوزا ،وكانط وجون لوك، وديفيد هيوم، من الفكر الغربي ؟ألم يقم الفكر الحداثي على فلسفاتهم ؟ألا يعد مصطلح العقد الاجتماعي الذي بلورته الثورة الفرنسية موجوداً في فلسفة سقراط وأفلاطون ؟
-لن أعلق على كلام الدكتور رستم على المحور الثاني لأنه حذف فسأنتظر لأرى ما الخطب؟
 
ما زلنا ننتظر الدكتور محمد لمناقشة المحور الثاني.وهو :ما أهمية اطلاع المنتصر للقرآن الكريم على المناهج البحثية الجديدة ؟.
عسى أن يكون الدكتور بصحة وعافية.
 
أنا بخير وعافية إلا أنني بين جبال غمارة في شمال المغرب حيث العلم والحديث والحفظ ، وحيث لا تغطية كافية للإتصالات، بيد أنني متى ما تيسر لي الإتصال سأقول برأيي فيما تبقى من هذا الحوار الماتع...
 
أنا بخير وعافية إلا أنني بين جبال غمارة في شمال المغرب حيث العلم والحديث والحفظ ، وحيث لا تغطية كافية للإتصالات، بيد أنني متى ما تيسر لي الإتصال سأقول برأيي فيما تبقى من هذا الحوار الماتع...
متعك الله في الدارين. ولكنني لحين فراغك أكون انا أيضاً بين جبال الحجاز وتهامة . فقد عزمت الى شد الرحال لأداء مناسك العمرة والإنطلاق هنا من الأردن فجر يوم الأربعاء القادم بإذن الله . فإن قدر الله تعالى لي فسوف أتابع ما استجد من حوار. وإلا سيكون الى حين عودتي إن شاء الله. .
 
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فلقد رغب إلي الإخوة في أن أكرر ما ذكرته من جواب عن السؤال الثاني من هذا الحوار المبارك، لأن جوابي قد حذف مع الإختراق الذي تعرض له الملتقى، فأجبت طِلبتهم مع أني بعيد عن كتبي وداري، مسافرا في مصيف تارغة في جبال غمارة في شمال المغرب حيث الهواء النقي والجبال الراسيات والبحر الساحر الخلاب مقابلَ مالقة من أرض أندلس الحبيبة...فأقول وبالله التوفيق.
تظهر أهمية معرفة المنتصر لكتاب الله وسنة نبي الله صلى الله عليه وسلم بالمناهج الموظفة من قبل المعاصرين أيا كانت نحلتهم في الآتي:
الكشف عن زيغ من وظف هذه المناهج الغريبة عن التربة الإسلامية لقراءة القرآن والسنة قراءة جديدة، وبيان عُوار المنهج لأنه أسقط على غير محل لائق.
التفطن للمنهج الموظف من قبل الخصم، وكشف ذلك للمطلعين الواقفين على المحاولات الجديدة في التجديد والإجتهاد والقراءة المعاصرة..
حمايةُ الشباب الأغمار من الوقوع فريسة هذه الدراسات الموجهة توجيها مقصودا إليهم، وبيان أن ما قد حُشي فيها مجرد محاولات يائسة وبائسة في متابعة السيد الغالب..وليس ينال ذلك من الإسلام قرآنا وسنة شيئا.
تنبيه لطيف إلى كل ذي لب أريب:
بقي من الجواب شذرة أكملها غدا إن شاء الله لأن الإتصال بين هذه الجبال بالنت ينقطع مرارا..
 
تبدو حاجة علم الإنتصار لكتاب الله وسنة رسول الله إلى ثقافة العصر ومناهج البحث فيه ملحة وضرورية للمشتغل به، لأن القارئين الجدد للأصليْن العظيمين لم يتورعوا عن إسقاط كل منهج بحث جديد طارئ على القرآن والسنة بدعوى التجديد والتنفيس قلت بل التحريف والتبخيس...
فمن هذه المناهج الغربية الموظفة توظيفا شائنا في قراءة القرآن وعلومه والسنة وعلومها المنهاج المادي الماركسي الذي تولى كبر استعماله في المغرب مثلا عبد الله العروي الذي حصل على الدكتوراه في باريس، والف الإديولوجية العربية المعاصرة ، والعرب والفكر التاريخي والسنة والإصلاح وغير ذلك قارئا تاريخ وثقافة الإسلام قراءة مادية جدلية تعلي من شأن الواقع وتحكمه في حركة الفكر والتاريخ والدين...
ومن المناهج الموظفة في القراءة الجديدة للقرآن والسنة منهاج تحليل الخطاب القائم على المعرفة باللسانيات العلم الوليد حديثا في أوروبا مع دوسوسير وغيره، والذي أفرز عدة مناهج فرعية تقوم على التفكيك ودراسة البنية والجزء...وهكذا تبنى البنيوية جماعة من القارئين الجدد للنص القرآني من بينهم محمد أركون الذي درس في السربون ودرس فيه، وأغدقت عليه فرنسا مالا وفيرا...وكان نظر أركون للقرآن الكريم على أنه نص ديني ذو حمولة طقوسية فيها رموز وعلامات ودلالات وإشارات ينبغي أن تدرس بُناهاأو بنيتها أو بنيويا...أو قل ما شئت من الألفاظ والمصطلحات التي يحذق هؤلاء اختراعها وكأنهم أهل لغة واشتقاق؟؟
وقد يلحق بعضُ علماء المناهج ـ بمناهج تحليل الخطاب الوجودية والسريالية والرمزية والحداثة وما بعد الحداثة وإن كنت أعدها مذاهب في الأدب ـ في سلسلة من المناهج تكثر مسمياتها ولا طائل تحتها اللهم إلا التكثر والتعالم ...بيد أنها تفضي في الغالب إلى القول بلذة النص وأنه أهم من منشئه أو قائله أو مؤلفه...ولذلك قال المتبنون لهذه المناهج بموت صاحب النص وأن النص لا دلالة له نهائية في ذاته، فكل قراءة تفضي إلى قراءة وهكذا إلى ما لانهاية...تأمل معي لو قال قائل هذا في القرآن الكريم أو يحكم بموت ...تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا...ولقد فضح أصحاب هذه النظريات والمناهج في القراءة د/ عبد العزيز حمودة من مصر وهو المطلع الخريت على الفكر الغربي وعلى هذه المناهج في كتبه السيارة المرايا المحدبة والمرايا المقعرة والخروج من التيه، ود/ عبد الرزاق هرماس من المغرب فيما كتبه في عدد من أعداد مجلة كلية الشريعة في جامعة قطر...
ومن المناهج الموظفة في القراءة الجديدة للقرآن والسنة في هذا العصر المنهاج العقلي القائم على تحكيم مقولات العقل المجرد فيما نقل من روايات وأخبار في القرآن والحديث، ودفع ما قد ورد في صحيح المنقول ومعارضته زعموا بصريح المعقول...وكلا إنما هو التشهي والهوى فما رجحه الرأي والهوى فهو معقول في نظر من تبنى هذا المنهاج، ومالم يرجحه الرأي والهوى فهو من الأساطير والخرافات التي يرويها رجال الدين الذين يجب أن ننقذ الشباب من ألاعيبهم ونسكِت أصواتهم كما يقول حداثي معروف...وممن وظف هذا المنهاج محمد عابد الجابري الذي يقال إنه حفظ القرآن الكريم صغيرا وحرفه كبيرا...وقال بقول عظيم بخصوص نبينا محمد بن عبد الله إذ افترى عليه فرية شرب الخمر قبل نزول تحريمها، فيما كتبه في كتيبات صغيرة كان يخرجها تباع عندنا في المغرب بأبخس الأثمان ترويجا لها سماها سلسلة فكر ونقد...
وأختم جوابي عن السؤال الثاني بعرض نموذج لفكر قارئ معروف،وأرغب إلى من آنس في نفسه قابلية لأن يكون منتصرا للقرآن الكريم أن ينظر فيه محللا دارسا مستخرجا المنهاج الذي وظفه صاحبه فيه، محاولا الرد والإنتصار...
هذا النموذج للدكتور حسن حنفي يقول فيه:" كل آيات الوحي نزلت في حوادث بعينها ولا توجد آيات أو سور لم تنزل بلا أسباب، والسبب هو الظرف أو الحادثة أو البيئة التي نزلت فيها الآية وإذا كان لفظ النزول يعني الهبوط من أعلى إلى أسفل فلفظ السبب إنما يعني الصعود من اسفل إلى أعلى، ولما كانت الآية لا تنزل إلا بعد وقوع السبب كان الأدنى شرط الأعلى، وإن كثرة الحديث الخطابي عن واقعية الإسلام إنما نشأ من هذا الموضوع وهو أسباب النزول، أسبقية الواقع على الفكر وأولوية الحادثة على الآية ، المجتمع أولا والوحي ثانيا، الناس أولا، والقرآن ثانيا الحياة أولا والفكر ثانيا".
انتهى من مشاركة لحسن حنفي في ندوة عن الإسلام والحداثة أقامتها مجلة مواقف الحداثية في لندن ودعي إليها أدونيس فمن هو دونه وأسفل منه...وأيسر منه وأشأم...وطبعت أعمالها في دار الساقي عام 1990م ص 135 و .136
انتهى جوابي عن السؤال الثاني..وفيه بعض الجواب عن الثالث..ذلك لأن الموضوع آخذ بعضه بأعناق بعض فلا ملامة ولا عتاب بل محبة ووئام وتفاهم وانسجام والله المستعان...
 
-اعتبر الدارسون أن استخدام مناهج غربية وافدة لتفسير كتاب الله سابقة خطيرة تحدث للمرة الأولى في تاريخ الإسلام وحتى يمكن الحكم على جدوى هذه المناهج في تفسير كتاب الله لا بد لطالب العلم أن يكون على دراية بهذه المناهج والظروف التاريخية لنشأتها .
-الدارس لنشأة هذه المناهج يلحظ استحالة فصل المنهج عن الفلسفة التي أنتجته إذ أن مناهج الغرب متحيزة لظروف وأهداف نشاتها .
-تجاهل الحداثيون والعلمانيون العرب عمداً الأنساق الحضارية التي انتجت المناهج واعتبروا ان المنهج أداة إجرائية لتحليل النص لا علاقة له بالغطاء النظري للمنهج،وبهذا انعكس الحال بين النص والمنهج فبدل أن يكون المنهج وسيلة للكشف عن النص أصبح النص يستخدم كدلالة على كفاءة المنهج .
-إن جهل المنتصر لكتاب الله بالمناهج الغربية والمنظومة الفكرية القابعة وراءها تجعل الردود لشبهات الملاحدة جزئية مبتورة تغرق في الجزئيات وتغفل الأسس والكليات .
-يعد العلم بالمناهج الغربية ضرورة للمنتصر لكتاب الله لان هذا يكفيه مؤونة رد المنهج ،لأن الردود ونقض أسس كافة المناهج موجودة في كتب الغرب أنفسهم فهذه المناهج ليست محل اتفاق عندهم.
-يكشف العلم بالمناهج الغربية عوار الحداثيين العرب في استخدام مناهج متضاربة في سبيل إسقاطاتهم الأيديولوجية مستغلين جهل القارئ العربي .
-بقيت قضية أخيرة الفصل بين هذه المناهج حقيقة ليس ممكناً فلا يمكن أن نقول أن الكاتب العربي البنيوي يفترق عن المادي الماركسي عن التفكيكي فقد قام الحداثيون العرب بخلطها ،مع انه لا يمكن خلطها بسبب التضار ب بينها ،وإن كانت التفكيكية تظهر عند أركون أكثر من غيرها من المناهج لا كما ذكر الدكتور رستم أنه بنيوي.
-سمعت الكثيرين يتحدثون عن صعوبة كتب أركون وقد كنت قد قرأت عن مناهج الغرب وفلسفاته قبل ان أقرأ لأركون وسأقول لكم شعوري تماماً ،لم تواجهني كلمة واحدة أو فكرة لم أفهمها مع اني سمعت عن صعوبة كتاباته،شعرت بأني أقرأ كتاباً مغرقاً في الخيال ويخلو من أدنى درجات العلمية والمصداقية .
-بقي أن اعطي مثالأ عملياً عن أهمية العلم بالمناهج الغربية :يعد منهج (هيرش المفكر الأمريكي)منهجاً يعتد بمقاصد النص والمؤلف ،وهذا المنهج جاء رداً على أصحاب المنهج القائل بانفتاح النص على قارئه واستحالة الوصول إلى قصد المؤلف لأن أية قراءة هي قراءة سياقية تاريخية وهذا المنهج أرساه غاداميير ،ومن خلال قراءتي لكتابات العلمانيات وجدت انهن يستخدمن المنهجين في أماكن متفرقة ويقمن بلي عنق النصوص لإسقاط أفكار ومعتقدات مسبقة.
 
ما ذكرته الأستاذة وما أدري أأقول الدكتورة ـ ولذلك لابد أن تُعرف السيرة الذاتية للمحاور أو المعلق ولابد لإدارة الملتقيات من أن تكون عندهم هذه البيانات، ولذلك كنت أعرض دائما عن الكتابة في مثل هذه الملتقيات، وأعرضت فعلا ولبثت على ذلك دهرا حتى رغب إلي القائمون على هذا الملتقى في الكتابة وشددوا علي وقالوا إنه دين وإنها نصيحة وأقول و نعم بيْد إن لذلك شروطا وآدابا وأولها وأعظمها أن أعرف محاوري والمعلق علي، وأن أتأدب في التعليق عليه وأن يعاملني بالمثل، وأما أن يعلق مستفزا أو موردا اسم المناقَش جافا على جهة المذمة فذاك ما يتنافى مع آداب طالب العلم الشرعي التي وردت مفصلة عند أهل الحديث ـ والحاصلُ أن ما تفضلت به سهاد من الإنتقاد هو موضع أخذ ورد بين المشتغلين بمحمد أركون مذ سنين فالدكتور الشيخ الفاضل عبد الرزاق هرماس وقد أفنى عمره في أركون وتراثه وناقش فيه الماجستير وتابع التخصص فيه فيما بعد مرحلة الدكتوراه فكتب فيه وفي غيره ـ أقول الذي خلص إليه الدكتور الفاضل أن أركون يخلط بين عدة مناهج غربية فتراه مفككا بنيويا عقلانيا...ولا يستطاع القول بأن هذا المنهاج أظهر فيه من غيره... وإن كان الدكتور سلمه الله مال وجنح ـ لاحظْ كيف يكون التعبير الشرعي المصطلحي المنضبط الذي يستعمله علماء القرآن والحديث ـ إلى أن أركون يستعمل البنيوية منهجا في القراءة، وما سبق مني ليس يدل بحال من الأحوال على نفي أن يكون الرجل ما ذكرته الأستاذة... وقصدي التمثيل على من استعمل البنيوية لا على جهة الإقتصار والتخصص بل على جهة الجمع بينها وبين غيرها، ثم هؤلاء المفكرون متنقلون بين منهاج وآخر فاليوم منهاج وغدا آخر وبعد غد هوى ورأي...المهم عندهم ليس المنهاج ، بل المهم النكير على المقلدة من أصحاب التفسير التقليدي ...والنظر الجامد على القالب الجاهز...وما البنيوية ولا التفكيكية والحداثة وما بعدَ بعد :ـ كذا ـ الحداثة إلا وسائل للهدم ولا شيء غير الهدم...أرجو أن نرقى بأسلوب الحوار إلى لغة أهل العلم الشرعي فنحن تعلمنا القرآن والحديث والفكر والأدب العربي واللسانيات والحداثة وما بعد الحداثة بيْد أن ذلك أعني ما بعد القرآن والحديث لم ينسنا مصطلحات أهل هذا الشأن في الحوار والنقاش الذي وسموه تعقبا لا تعقيبا فافهم علمك الله وفتح عليك وأرشدك إلى ما فيه الخير...وسلمك وحفظك ...
 
الدكتور رستم الفاضل أنا طالبة علم أنهيت الماجستير في التفسير وعلومه ،وأنا أقرأ كلامك تذكرت ما تبادر في ذهني عندما سجلت في هذا الملتقى (العلم رحم بين أهله)وهو حقيقة ما يشعره المرء في هذا الملتقى ،إلا أنني لم أفهم تعليقك على كلامي فماذا قصدت حفظك الله (بأن اسم المناقش ورد جافاً على جهة المذمة)؟؟
الأمر الآخر ما ذكرته أنا عن منهج أركون ليس انتقاداً وإنما لإثراء الحوار ،فأنا لست متخصصة بأركون تحديداً ،وإنما نقلت ما صرح به أركون في كتبه نفسها عن اعتماده التفكيكية.
أما ما ذكرت بشأن التزام أهل الملتقى بأدب الحوار الشرعي فلله الفضل والمنة هم جميعاً اهل الله وخاصته ولا أخالهم إلا كذلك، وأنا منهم ولا ضير أن تقرأ كلامي مرة أخرى .
 
قد يكون من الأليق أن نرجع الى صلب الموضوع والعودة الى النقطة الحوارية التي تخص البند الثاني من هذا الحوار. ولذلك كان لزاماً علي أن أُدخل بعض النقاط التالية لعلها تكون ذات نفع للمادة التي نتحاور من جلها .
*- المناهج البحثية سواء الاستنباطية منها أو الاستقرائية أو الوصفية يحتاج طالب العلم الى متابعتها والوقوف عليها ودراسة ما فيها بعمق من اجل أن يكون لدية مرجعية بحثية في الصد عن عوامل الهدم القائمة على صراع الحضارات.
أما الأبحاث الوصفية فهي تلك الأبحاث التي تعطي وصفاً اجتماعياً وصورة تعبيرية لحضارة ما . بغض النظر عن صواب هذا الوصف أو انحيازه للعداوة والبغضاء. ومثال ذلك. ما يعطيه المجتمع الغربي عن صورة الرجل العربي الذي يسكن الخيمة وحوله أربع نساء ويقود جملاً عبر الصحراء القاحلة. هذا الوصف هو الغالب في الإعلام الغربي عن المجتمع العربي.وقد لا تستغرب لو قلت لك أن المجتمع الغربي لا يصدق أن العرب لديهم أدنى مقومات الحضارة أو التطور الإنساني. وقد عايشت ذلك ولامسته من خلال تجربتي الخاصة التي عشتها معهم ردحاً من الزمن في أميركا.
*- ثمة حرب فكرية قائمة لا يمكن اغفالها في العالم وخاصة بعد سقوط المدرسة الماركسية وبطلانها وبعد أن استدركت الشيوعية بما لا يدع للشك بأن البقرة التي يملكها الفرد تحلب أضعاف البقرة التي تتبناها وترعاها الحكومة الشيوعية.
إن متابعة المستجدات البحثية في الغرب وتتبع ما فيها من سموم يجعل من الحرب الثقافية الدائرة بين الاسلام وبين غيره من فقاعات أكثر وضوحاً وأشد تمكيناً في حسم المعركة والتي تكون دائماً لصالح الأقوى حجة والأقوم قيلاً.
*- ورغم ذلك كله فإن نقص المنابر الإعلامية في الدول الإسلامية وسيطرة الإعلام الغربي على الساحة العالمية يجعل من صوت الحق خافتاً . مما يجعلنا نفكر بإعادة النظر في اولويات الإعلام وتطويره في العالم العربي الى الحد الذي يضاهي اعلام الغرب ومنابره وأبواقه القوية.
*- إن الإطلاع على المناهج البحثية المتجددة في الغرب لا يُقصد منها تلك الأبحاث المطبوعة فحسب بل الوسائل الإعلامية الأخرى من مسموع ومرئي والتي تختلف من حيث الإقبال والإدبار عن المطبوع بين دفتي كتاب . ولا نغفل أيضاً ما تنتجه الصحافة الألكترونية والشبكة العنكبوتية على كافة أصنافها ووسائلها مثل الفيس بوك واليوتيوب وغيرها من وسائل المرئي والمسموع والتي أصبحت أشد فتكاً وضراوة وانتشاراً مما يستدعي من طالب العلم مواكبتها ومتابعتها والرد عليها وباللغة التي وردت فيها. أو من خلال الفضائيات الموجهة للغرب التي تتكلم لغتهم وتناقشهم في عقر دارهم بالحجة والبرهان.
*- إن الرد على السموم التي تصدر من أعداء الإسلام يستدعي وقفة شمولية مدروسة لا يمكن لها أن ترى نور النجاح من خلال الجهود الفردية المتخبطة. بل لا بد من خطة مدروسة توضع لها موازنة خاصة وإدارة ناجحة من خلال جهد اسلامي عالمي يشبه في طموحاته وأهدافه اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على المشهد الإعلامي ليس في الغرب فحسب بل في جميع مفاصل دول العالم التي تطالها أجنحته وأذرعه الممتدة.
*- وقد لا نغفل بعض الفضائيات والترجمات التي تعمل بهدوء وبطء سلحفاوي فإنه رغم ذلك حق لنا أن نتسائل : أين هي الفضائيات الإسلامية التي تتكلم اللغات المختلفة لتصدير مفاهيم الإسلام الى العالم؟؟.
أين هي المنشورات والدوريات والكتب المترجمة التي تنشر الفكر الإسلامي وتوزع على الدول المعنيّة؟
أين هي الموازنات التي تنفقها الدول الإسلامية من أجل هذا الهدف الخطير والذي ضاع بسبب اهمالنا له الكثير من الدول الإسلامية التي لا تعرف عن الإسلام إلا رسمه ولا عن الدين إلا اسمه؟؟ .
 
شكر الله لك أخي الفاضل تيسير الغول وقد أصبت كبد الحقيقة في الحاجة لخطط مدروسة ذات موازنة خاصة وإدارة ناجحة للتصدي لكتاب الله .
-عودة مني للمحور الثاني من ضرورات اطلاع طالب العلم على المناهج البحثية الغربية الحديثة ؛هومحاولة هذا الطالب التأصيل لهذا المنهج وعدم مقابلة كل منهج وافد بالتشكيك والتحفظ لمجرد انه وافد أو جديد ،إنما يحاول طالب العلم فهم المنهج الوافد وعرضه على أصوله وثوابته ،ثم يعالج طالب العلم هذا المنهج معالجة علمية فيبقي على ماهو حق ويسقط ما هو باطل ،ثم تأتي المرحلة القادمة لتأصيل ماهو حق لتتم حمايته من عبث العابثين .وسأمثل لما أقول لعلي أزيده وضوحاً على سبيل المثال تعد دعوة أمين الخولي أول دعوة لتفسير المصحف على غير ترتيبه التوقيفي،وقد أتت هذه الدعوة بعد محاولات المستشرقين لترتيب القرآن حسب موضوعاته لفهم ما استغلق عليهم من فهمه،ظهر جلياً تأثر مدرسة أمين الخولي بالفلسفة البنيوية الغربية وما أفرزته من مناهج النقد الأدبي مثل منهج النقد الموضوعي،بعد هذه الدعوة الصريحة انبرى علماء الأزهر لدراسة منهج التفسير الموضوعي والتأصيل والتقعيد له من أمثال حجازي ،الكومي،وعلي خليل ،وعبد الحي فرماوي ،وأصل علماؤنا للتفسير الموضوعي بربطه بتفسير القرآن بالقرآن،وتوالت جهود علمائنا في التأكيد على أهمية المنهج الموضوعي في التفسير لإثبات عظمة القرآن واتصال موضوعاته بكل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،وللدكتور عبد الرحمن حللي محاولة لتأصيل منهج (إيزوتسو) الياباني في رسالته ،وإن كانت دراسته على حد اجتهادي المتواضع تحتاج إلى إنضاج ودراسة .
-من أمثلة ضرورة إطلاع طالب العلم على المناهج البحثية الغربية ،نحن نعلم أن أمين الخولي اختط لنفسه في منهجه ترتيب الآيات حسب ترتيب النزول ومعرفة أسباب النزول والمناسبات في الآيات المفسرة ،إلا أن أصحاب مدرسة الأمناء لم يلتزموا بما خطوه نظرياً ولم أعلم من بحث في هذا الموضوع إلا أنني وجدت جواباً للمسألة بعد أن اطلعت على منهج النقد الموضوعي أحد مناهج البنيوية ،وهذا المنهج الغربي يعتبر أن العوامل الخارجية عن النص من أسباب نزول وغيرها معتبرة ولها أثر في تشكيل النص ،إلا أنها لا أهمية لها في دراسة النص لأنها لا تنبثق من داخل النص فهي موجودة نظرياً مختفية عملياً.
-بالاطلاع على المنهج البنيوي يتمكن طالب العلم من فهم الجملة الأشهر في مدرسة الأمناء:(القرآن كتاب العربية الأكبر)فقد تابع الخولي البنيوية الغربية في تأليه اللغة وجعلها مركز للكون وكأن القرآن خادم للغة وليس العكس ،ولهذا اعتبر المقصد الأسمى لتفسير القرآن أدبي،هذا غيض من فيض فالقارئ لأركون يلمس في كل كتبه محاولاته لفك العلاقة بين الدال والمدلول وإثبات تعدد المعنى كما في تفكيكية دريدا،وبهذا اعتنق أركون نظرية استحالة التأصيل للمعرفة بسبب الطفرة المعرفية التي أرساها المنهج التفكيكي وبهذا يكون أراكون قد اعتمد مقاربة كتاب الله بمنهج اسمه اللا منهج وهو الذي أرسته التفكيكية
- الوحي مثلاً عند حسن حنفي هو الشعور،والنص القرآني استجابة لضغط الواقع ،ولا يمانع حنفي بالاعتراف بأن هذا الرأي هو عينه الكوجيتو الديكارتي.
-إذا أردنا العودة قليلاً للوراء فإن الاطلاع على الحركة اللوثرية ومناهج عصر الأنوار الغربية يجيب على كثير من الأسئلة التي حيرت الدارسين لمدرسة محمد عبده وأتباعه من أصحاب المدرسة العقلية الحديثة .
-أرجو أن لا أكون أطلت إلا ان هذا ما جال بخاطري عن المحور الثاني وننتظر الدكتور رستم لإفادتنا بالمحور الثالث جزاه الله خيراً
 
أختم هذا الحوار بالجواب عن السؤال الثالث الذي ختم به د/ حاتم ، فأقول بالله والتوفيق: إن المتأمل لتاريخ الإنتصار لكتاب الله وسنة رسول الله يجد أن من آنس من نفسه قابلية لهذا الشأن من السلف، تسلح بجملة من العلوم والفنون والمناهج الغريبة المستوردة، ولم يجد غضاضة في أن يقبل على هذه العلوم وإن كانت ليست من الثقافة الإسلامية الأصيلة، بل هي علوم طارئة مستوردة وفنون دخيلة، ومناهج غيرنا...بيْد أن الحاجةَ قد دعتْ إلى تعلم هذه العلوم والفنون والمناهج قصد الإنتصار المنشود، والبيان المرغوب فيه..ومن الأمثلة الناصعة في هذا الباب من تاريخنا المُشرق الأنور، والمبهج الأبهر، ابن قتيبة الدينوري فقيه الأدباء وأديب الفقهاء، وصاحب كتاب مختلف الحديث الذي فضح فيه الفرق الضالة، والطوائف الزائغة، التي تشبعت بالفكر الوافد، والثقافة اليونانية الدخيلة..فكان الرد العلمي الموضوعي الرصين، الذي بقي بقاء الدهر الطويل...وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية العالم بالسنة والمجادل الأكبر، والمنافح عن الإسلام..والمناقش للفرق والفلاسفة والمناطقة ـ من ذا الذي لا يعرفه في كتبه المؤلفة في هذا الشأن..." منهاج السنة"، و" موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول" و" الرد على المناطقة " وغير ذلك مما هو مشهور...وكان الرجل الكبير والإمام الحجة النحرير مطلعا على مناهج الخصوم..عارفا بها..كمعرفة أهلها بها أو أكثر ...يعلمُ ذلك من قرأ كتب الشيخ وعرفها وألم َّ بها أدنى إلمام.... وهذا ابن حزم القرطبي إمام أهل الظاهر في الغرب الإسلامي وناصر المذهب فيه، قد احتفل في كتابه الفصل في الملل والنحل في الرد على عقائد الأقدمين والإنتصار للأصلين العظيمين والموردين الأكرمين بما لا مزيد عليه، مع إتقانه لمناهج النصارة واليهود والملل الأخرى التي كانت الأندلس أرض التسامح والفكر الحر تضمهم بين جنباتها، وتحت راية الإسلام...فلنا فيمن مضى قدوة وأسوة...مع شدة البلاء في هذا العصر...وافتنان الشباب بهذه النظريات....
يتبع في حلقة قادمة أخيرة...
 
لقد تهيأ لنا القول فيما قد مضى بأن الإطلاع على معارف العصر وعلومه الجديدة القديمة ضرورة شرعية وفريضة بحثية، لتكوين وتخريج الباحث المسلم الحاذق بطرق الإنتصار للأصلين العظيمين: الكتاب والسنة..لكن ماهي هذه المعارف التي يجب أن يتسلح بها المنتصر المنافح عن حياض الإسلام؟؟ وكيف يتهيأ سبيل تحصيلها أعن طريق التكوين التعليمي الرسمي في الجامعات؟؟ أم يكون التكوين ذاتيا، والطلب شخصيا؟؟؟
إن الذي صح عندي من العلوم التي ينبغي للمنتصر أن يطلع عليها ما يلي:
1/ الفلسفة: ولسنا ههنا نروم ذكْر العلم أو الفن حسب درجة الحاجة إليه، أو الميل إليه والترغيب فيه...وكلا...فإن المقصود ذكر العلم كيفما اتفق وفتح به المولى وجاد فافهم سلمك الله...والفلسفة ـ وأُخبرُ عما هو موجود عندنا في المغرب، وليتفضل الإخوة في المشرق بإخبارنا عما هو معمول به عندهم ـ تدرس في مراحل الثانوية قبل الباكليوس بسنتين، ويطلع الطالب على ماهيتها وتاريخها وأبرز نظرياتها والمشتغلين بها في اليونان...ثم يُسار ـ بالسين ـ بعدُ إلى ما يسمى عندهم بالفلسفة الإسلامية مع الفارابي وابن سينا وابن رشد القرطبي وغيرهم ممن له ميل إلى التفلسف كابن عربي الحاتمي صاحب الفصوص والفتوحات المكية وغير ذلك، ثم يُصار ـ هذه بالصاد دون الأولى ـ إلى الفلسفة الحديثة مع نهوض أوربا وثورتها على الكنيسة وتأليهها للإنسان...مع ديكارت وهيغل وكانط وغيرهم ممن هو فوقهم أو أدون منهم حتى يوصل إلى العصر الحديث مع الفلسفة المعاصرة مع رموزها وأعلامها وأقطابها في المشرق والمغرب والغرب...ثم إذا صار الطالب إلى الجامعة في كليات الآداب وتخصص في الدراسات الإسلامية ، أطلتْ الفلسفة من مواد ليست تعطى اسمها تحرزا من أن يقال طالب شرعي يدرس الفلسفة؟؟؟ إذ يدرس الطالب الشرعي عندنا : مادة الفكر الإسلامي التي تقابل ـ كما أظن ولست أحقق هذا ـ في المشرق مادة الثقافة الإسلامية...ثم مادة علم الإجتماع ومادة علم النفس ومادة تاريخ الفكر وهي ألصق بالفلسفة وأدخل فيها من هاتين اللتين سبقتا قبلُ...
2/ اللسانيات: وهو الذي قد يقال له علم اللغة...ولعل بوادره كانت مع دوسوسير، ثم تطورت مع غيره من علماء اللغة في الغرب ، وقد يلحق بها التفكيكية والبنيوية والصوتيات، والطالب الجامعي عندنا ـ في المغرب ـ المتخصص في الدراسات الإسلامية يدرس هذه المادة في ساعتين كل أسبوع ويختبر فيها وقد يرسب إذا نقص معدله فيها،وفي هذا العلم قد يطلع الطالب على مناهج تحليل الخطاب التي سبقت الدلالة عليها، وقد لا يطلع عليها بصورة مفصلة إلا في مادةِ:
3/ الأدب العربي: وتعنى هذه المادة بدراسة الظواهر الأدبية ومذاهب الأدب، والتيارات القديمة والمعاصرة في النقد في مجالات فن القول المعروفة، كالشعر والرواية والمسرحية والخطبة والنثر عموما وغير ذلك من فنون القول، والطالب عندنا في الدراسات الإسلامية يدرس هذه المادة في سنوات التخصص جميعا، وقد يختتم مساره فيها بدراسة مادة الأدب الإسلامي الحديث الطارئ الجديد الذي فرحنا له ...وأهمية اطلاع المنتصر على الأدب العربي واتجاهاته وتياراته تكمن في معرفة المناهج الموظفة حاليا في قراءة النصوص ومعرفة مذاهب الأدب من وجودية وسريالية ورمزية وحداثة وما بعد الحداثة وعبثية ورومانسية وغيرذلك...
4/ علوم مختلفة تؤهل المنتصر لكي يخوض في كل شيء يمكن أن يكون سبيله لرد الإعتبار وتحقيق الإنتصار: ومنها: العلم بالتاريخ القديم والحديث والجغرافية وكنا درسناها في تخصص الدراسات الإسلامية درسنا منها ما يتعلق بجغرافية العالم الإسلامي واستفدنا من ذلك فائدة عظيمة ـ والعلم باللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية وهما أهم لغات العصر، وكان مقررا علينا في تخصص الدراسات الإسلامية إحدى اللغتين فاخترنا الفرنسية لذيوعها في شمال إفريقيا...والعلم بتاريخ الحضارة الإسلامية في عمرانها وطبها وهندستها وتاريخ العلوم فيها..
وسبيل تحصيل هذه العلوم:
1 التعليم الرسمي في الثانوية أو الجامعة، وهو كائن معمول به كثير من البلاد العربية والإسلامية، وهو أضبط في التكوين والطلب والتعلم، لأنه نظامي ممنهج وفيه اختبارات ورسوب ونجاح وتقهقر وفوز وتفوق،..وله مناهج وكتب وأساتذة من أهل التخصص والدربة والكفاءة العلمية..
2/ التثقيف الذاتي: وهو متاح لكل من له همة عالية،بشرط المعرفة بطرق التثقيف ووسائله من كتب مقررات، ومحاور لكل علم لابد من الإطلاع عليها..ولقد هيئ ذلك في هذا العصر وأتيح ما لم يتح في العصر الماضي، وذلك من خلال الدروس الإضافية المؤدى عنها، والدروس عبر وسائل الإتصال الحديثة من إعلام مرئي في قنوات متخصصة، أو عبر النت، أو في حلقات ومجالس خاصة أو عامة قد تعقد في الدور، أو المساجد أو المنتديات أو غير ذلك...أو عبر الكتب لمن ابتلي بالقراءة والمتابعة لكل جديد في عالم المطبوعات والمنشورات وقليلٌ ماهم..
وجماع الأمر في هذه الوسيلة الهمة العالية والعزم الماضي والإرادة النافذة..وكم رأينا من عالم منتصر وصل إلى أعلى الغايات وصار موسوعيا لنفسه أو لوحده ولم يعرف جامعة ولا امتحانا ولا شهادة ولا عصا أستاذ أو شيخ؟؟؟
ثم مِلاكُ ذلك كله وأصله وأُسُّه تقوى الله تعالى والعمل بالعلم، والتواضع فمن اتقى وتواضع بعد أن علِم رأى العجائب..
وبعدُ/ فهذا الذي فتح به الفتاح العليم، وعندى جملة من المقترحات بها يكون مسك الختام وتمام التمام بالصلاة والسلام على النبي محمد ولد عنان، فمن ذلك:
1 تأسيس مركز أو هيئة أو مؤسسة تعنى بالإنتصار لكتاب الله وسنة رسول الله...
2 تأصيل هذا العلم والتعريف به والكلام على دقائقه وتفاصيله وجزئياته، وما ينبغي أن يكون عليه الداخل فيه والمتخرج به.
3 انتداب جماعة من المتخصصين ممن أفنى في ذلك عمره وأبلى فيه بلاء حسنا للكتابة فيما نسميه علم الإنتصار للأصلين" الكتاب والسنة...
4 إدراج هذا العلم في مقررات الدراسة في الجامعات العربية والإسلامية والدولية في أقسام الدراسات الإسلامية، وتدرسيه مادة قائمة الذات كتبا ومناهج...
5 وأقترح أخيرا دعوة أولي الفضل من المشايخ لعرض تجاربهم في الإنتصار للكتاب والسنة، وقص ذلك وحكايته فلعل في ذلك ما يعضد هذا العلم ويساهم في توضيح موضوعه ومقاصده وعناصره...ولعلي أفعل حكايةً لتجربتي في الإنتصار لأبي هريرة وللبخاري فيما كتبتُه قديما ونشرته في كتابي:" المعركة تحت راية البخاري"...كما أني عازم على إخراج كتاب في تأصيل هذا العلم وبيان مقاصده وعناصره ومناهج القول فيه، والحمد لله أولا واخيرا وأصلي على الهادي البشير والسراج المنير محمد الأمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...
 
مازلنا ننتظر تدخل د/ حاتم الذي افتقدنا صوته وكتابته مذ حين، فما أدري أمسافر هو فهذا موسم الأسفار ، أرجو أن يكون بخير...وتدخله مهم لإنهاء الحوار واستخلاص الخلاصات والفوائد...
 
بداية أود الاعتذار بشدة عن فترة الانقطاع الماضية بسبب ظروف طارئة خارجة عن الإرادة لم أتمكن خلالها من النظر في الملتقى ككل، والحمد لله أن الموضوع استمر بتفاعل _ وهذا المتوقع من المشاركين _ وأشكر هنا الأستاذ تيسير الغول الذي أشار إلى ضرورة إعادة الحوار إلى الموضوع الأساسي وأشكره على إضافاته المفيدة.

كما أشكر جميع الإخوة وعلى رأسهم الدكتور الحبيب محمد رستم فقد أفاد وأجاد وأشكره على سؤاله عني، وأشكر الأخت الكريمة سهاد قنبر على مشاركاتها المثمرة والنافعة.
وأود أن أوضح أن محاور الموضوع متداخلة وسأقوم في نهاية الموضوع بإذن الله بتلخيص كل ما ذُكر ليسهل على القارئ فيما بعد .

كما أشير إلى نقاط على عجل وهي خارجة عن صلب الموضوع وتصب في أسلوب الحوار _ ولا ضير من إيرادها هنا _:
الأولى/ إن النقاش العلمي والخلاف حول قضية جوهري أو جزئية هي ثمرة من ثمرات الحوارات الجيدة المثمرة، ولا يلزم أن نخرج برأي واحد متفق عليه في كل صغيرة وكبيرة، فمثلاً: من رأى أن أركون اعتمد على مناهج متعددة وخلط بينها، أو من قال أنه اعتمد البنوية ... فهذا بابه النقاش العلمي بالبرهان والدليل، وإن كان هذا النقاش ليس محله هذا الحوار .

الثانية/ صياغة النقد العلمي :
لا بد من التزام الآداب العلمية التي سار عليها علماؤنا وسلفنا الصالح وهي مدونة في بطون الكتب، وهي التي ينشدها القائمون على ملتقى أهل التفسير، فنحن نختلف ولكن برحمة فيما بيننا وحسن أدب مع المخالف طالما أننا في دائرة أهل السنة والجماعة .
ومع هذا فقد يزل البعض بكلمة أو عبارة _ قد تُفهم بغير قصد قائله _ فالواجب أنْ نُنَبِّه بعضنا البعض _ وهذا من فوائد مثل هذه الحوارات والنقاشات _ والأليق بنا عند تنبيهنا لزلة في كلمة أو بعارة أن نتنبه .
كما أن التعريف بالشخصية العلمية المحاوَِرَة هو جيد حسن ولذا فقد وضع د. عبدالرحمن الشهري موضوعاً بعنوان: عرفنا بنفسك، ليتمكن الجميع من كتابة أسطر تعرفنا به، وعلى فرض أن أحداً لم يعرف بنفسه فيكفينا أنه يكتب باسمه الصريح ويطرح المسائل بحججها، والأخت سهاد قنبر تكتب باسمها الصريح وهي طالبة علم متميزة وأحسبها _ وكلنا كذلك _ تستفيد من كلام د. محمد رستم. والحقيقة أن الجميع كان بخلق وأدب في هذا الحوار الماتع .
والآن نعود إليه:
قد شرع د. محمد في المحور الثالث وهو :
ما هي العلوم والفنون والمناهج التي يجب أنْ يَتترَّس بها الراغب في الانتصار للقرآن الكريم ؟
ذكر الدكتور مقدمة حسنة ثم فصَّل في ذكر بعض العلوم الهامة، سأعود لقراءتها بتأمل، لنتمكن _ مع باقي الأعضاء _من محاورته فيما هو مفيد .. والله الموفق،،،
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على مولانا رسول الله و على آله و صحبه .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الإخوة الكرام ،كان بودي أن تكون أول مشاركة لي في هذا الملتقى المبارك عبارة عن موضوع ، غير أن هذا الحوار - الذي قرأته منذ بدايته والذي ينم عن هدف الملتقى و هو تبادل الآراء و طرح مواضيع الساعة للنقاش - دفع بي إلى المشاركة فيه ، و الإدلاء فيه برأيي .
لذلك سأدلي ببعض الملاحظات المتعلقة بما سبق الحديث عنه في هذا النقاش :
1 - في رأيي المتواضع لابد من الاطلاع الواسع على أفكار أقطاب القراءات المعاصرة للقرآن الكريم حتى يكون من يرد عليها متمكنا من آليات الرد ، وليس سلاحه فقط حماسه وحبه لدين الله ،لأن هؤلاء لايفهمون هذه اللغة . فلابد من مخاطبتهم بلغتهم و بمصطلحاتهم التي يروجون لها و تقويضها من اساسها .أما أن نكون نحن في واد وهم في واد آخر فلاسبيل إلى إقناعهم خاصة أنهم لديهم حساسية من كل ما هو ديني .
2 - من قال إن تأويل هؤلاء للنص القرآني بما يخدم توجهاتهم وإيديولوجياتهم و خلفياتهم الماكرة أمر بسيط ويستطيع شخص واحد فقط أن يرده و يثبطه ؟؟؟ إن هناك مخططا مدروسا جهزت له جميع الإمكانيات البشرية و المالية و....وبالتالي لا بد أن نقوم نحن كذلك بالأمر نفسه و ألا نستهين بما يقومون به ، خاصة ما يتعلق بتأثيرهم على الشباب في غياب الوعي الديني وانتشار الفراغ الفكري لدى أغلبهم .
3 - أسلافنا رضوان الله عليهم عبر التاريخ لم تكن لديهم حساسية من أي علم .فقدذ كان العالم المسلم عالما موسوعيا يدرس الحديث و الفقه و التفسير و علوم اللغة و الفلك و الفيزياء و الطب والرياضيات و الفيزياءو الفلسفة و...ولم ينكر عليهم أحد ذلك لسببين أساسيين وهما:
- إن المسلم أولى بتلك العلوم من غيره حيث أمر بتعلمها و بالبحث في الآفاق و في الأنفس ، قالجل وعلا:(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) فصلت/53
- إن المسلم الحق إذا أتقن تلك العلوم المحضة سيوجهها توجيها صحيحا و سيجعلها سبيلا إلى معرفة الله تعالى عكس من يكيد للدين فإنه سيوظف هذه العلوم لمحاربة الله و رسوله .فأيهما أولى أن نخوض غمار تلك العلوم وندافع من خلالها على دين الله أم أن نترك الساحة فارغة لهؤلاء يعيثون فيها فسادا و نفتصر نحن على ما أصبحنا نطلق عليه "العلوم الدينية أو الشرعية " في مقابل " العلوم الدنيوية ".إن أسلافنا لم يفرقوا بين علم ديني و دنيوي لأن ديننا أصلا يسير فيه الدين و الدنيا معا لا يفترقان . وهذا التقسيم كنسي في الأصل لأن العلوم الكنسية في جانب و العلوم الدنيوية التي يحتاجها الإنسان في جانب أخر .لا بد أن يكون لدينا المفكر و الأديب و الروائي و الشاعر و الكاتب و الصحفي و الفيلسوف و المؤرخ و عالم الإجتماع وعالم النفس و المهندس و الطبيب و عالم اللسانيات و...المسلم .فلم يُعادِ أسلافنا علما لمجرد أنه ليس" علما شرعيا" ،فليست هناك علوم حلال و علوم حرام إلا ما نهى الله و رسوله عنه من البحث في ذات الله عز و جل و التطاول على كل ما هو غيبي استأتر الله تعالى به في علم الغيب عنده .أما ما عدا ذلك فهو حلال شرط توظيفه في الوصول إلى معرفة الله ، و في الذود عن دين الله .
 
أرحب بالأستاذة الدكتورة خديجة إيكر في أول مشاركة لها وفي هذا الموضوع بالذات، وإن وجود مثلها مما يفرحنا في الملتقى عموماً، ويزيد ملتقى الانتصار للقرآن قوة وحجة على وجه الخصوص .
كما أشكرها على كلماتها النافعة المضيئة في هذا الحوار .
والدكتوره خديجة ممن رزقها الله سعة في العلوم وتنوعاً، وإدراكاً واسعاً في علوم اللسانيات وغيرها مع خبرة واسعة في الرد على الحداثين وغيرهم فمرحباً بها.
 
كنت قد ذكرت ان الرجوع لكتبنا للنهل من علومها الشاملة الادراك للظواهر ، والتعرف على تحديداتها العلمية ونظرتها إلى المفاهيم المستحدثة من قبل المتكلمين والمتفلسفة والفلاسفة وخوضهم فيها بحيث بينوا لنا من خلال النقد العلمي ، الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر.
وذكرت فيما ذكرت ايضا الإشارة إلى الحوار الذي بلوره ابن القيم رحمه الله عن مفاهيم رجل قدري ورجل جبري لإظهار الناقص عنهما كما واظهار الخلل فيهما، وكذلك الرد على الافكار القديمة وثوابت المعارف العقلية البديهية الاسلامية التي هي اساس كل حركة فكرية في القيام بنقد علمي اسلامي متين، لأنها في غالبها مستخلصة من أصول وثوابت الإسلام.
وبمناسبة الاطلاع الدقيق على مذاهب العلمانيين او المذاهب المتعددة التي يستعملونها، خصوصا من يستخدم مناهج متعددة بصورة فوضوية كأركون، أُورد هنا كلام اركون عن قضية المجاز، القضية التي وسعها اركون بإستخدامه لأدواته المعرفية الغربية المختلفة، فأركون يذكر ان المعركة حول المجاز كانت حامية في القرون الوسطى، وقد جاء اركون ليثيرها من جديد ولكن (وضع لكن بين قوسين)بإضافات جديدة تبعا للمذاهب الكثيرة التي يستخدمها وكلها من انتاج أزمة العقل الغربي الحديث، أو مايسمى"أزمة الحداثة"أو ظرفها الحالي الذي قد ينتج ظرف آخر تحت ظروف جديدة، مذاهب أخرى تنقض او تبني عليها!، وغالبها ينقض!، يقول اركون:" ومن المعلوم أن هذا النقص لايزال مستمرا منذ أن كانت الصراعات القروسطية قد دارت حول قبول المجاز أو رفضه كليا فيما يخص كلام الله. كان ابن القيم الجوزية الذي مات عام(1350) قد كرس كتابا لهذه المناقشات بعنوان شديد الايحاء والدلالة:الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة. إن العنوان بحد ذاته يعبر بكل وضوح عن رهانات هذه المناقشة وعلاقتها بلاهوت الوحي"(الفكر الأصولي واستحالة التأصيل لاركون ص 61)
قلت ينقض او يبني او قد يكون الامر نقض وبناء كما فعل اركون بمذاهبه عن الدين وبتحويله وتوسعته واستخدامه لقضية المجاز الديني فقد نقد الفلسفات الوضعية مثل فلسفة دور كاييم في رفض الدين ليقول بأن الدين موجود لايمكن نفيه لأنه مجاز في النفس وخيال في الروح وشوق ابدي لمثل اعلى!، حتى لو كان ليس له وجود الا في الأذهان والنصوص والحضارات والاساطير!(هكذا يفكر اركون!)، فاخذ منه(اي من دوركاييم والفلسفات الوضعية للقرن التاسع عشر) امور ورفض منه موقفه من الدين الذي اعتبره دوركاييم مرحلة انتهت، ونتيجة ازمة الحداثة تطورت امور ومذاهب قالت في النهاية: لا الدين موجود بوجود الروح البشري والابداع(!) فاتركوا له مساحة وحاولوا تغيير مسلماته ودوغمائياته!!!
قالت الدكتورة خديجة إيكر:
في رأيي المتواضع لابد من الاطلاع الواسع على أفكار أقطاب القراءات المعاصرة للقرآن الكريم حتى يكون من يرد عليها متمكنا من آليات الرد ، وليس سلاحه فقط حماسه وحبه لدين الله ،لأن هؤلاء لايفهمون هذه اللغة . فلابد من مخاطبتهم بلغتهم و بمصطلحاتهم التي يروجون لها و تقويضها من اساسها .أما أن نكون نحن في واد وهم في واد آخر فلاسبيل إلى إقناعهم خاصة أنهم لديهم حساسية من كل ما هو ديني .
فانه ينبغي ان نعلم مثلا ان قضية المجاز التي دار حولها النقاش في الماضي قد توسعت جدا حتى خرج المجاز القديم وقضاياه إلى مجاز جديد كليا،وقضايا من نوع جديد كليا، لارتباطها بتحولات غربية لأمور تجري في ارض الواقع (وكأن الأمر موضات تظهر لظهور تطور في علوم الأخلاق والجنسانية والحرية إلخ) أي إلى مجاز يحيل كل شيء إلى مجاز تخييلي مرتبط بأساطير ومخيال العالم القديم كله ، خصوصا مايسمى الشرق الأوسط القديم، كما يقول اركون.
فمن لايعرف أبعاد النقد العلماني- وقد ضربت مثلا بقضية المجاز- والمذاهب المستخدمة في توسعة دائرته بحيث يدخلون فيها المخيال الاسطوري القديم وكل اللاهوت القديم بوثنياته واساطيره وملاحمه الخيالية واحلامه وهلوساته، ويعكسون ذلك كله على القرآن بإعتبار انه مجاز يحمل مستويات هذا المخيال ورموزه المجازية، او بالأحرى، يُسقطون هذا المجاز ويصبونه صبا في القرآن بحيث ترى فيه مجازات وأوهام وخيالات القرون الماضية مع القول بأن المؤلف له ابداعه الخاص في صك نص مبدع!، وهنا يستعملون مذاهب أخرى إستُخدمت من قبل في مذاهب التلقي والرواية ويدخلونها تحت جماليات الرواية والملتقي.
ان بذرة التحويل البدائي القديم للحقيقة إلى المجاز في بعض المسائل القديمة، تحولت عند اركون وأمثاله إلى مقطع أمكن البدء منه-هكذا يقولون- لتوسعة الأمر بصورة اكثر ونفي ماعلق به من النظرة اللاهوتية، فحتى القدماء الذي خاضوا بالباطل في المجاز في امور ليس فيها مجاز، كانوا يؤمنون بالوحي والقرآن، أما اليوم فمن يستخدم الصراع القديم وبعض مصطلحاته فإنه يستخدمه في محالة للتبيس والايحاء، أولا، بأنه ينتمي إلى طائفة عقلانية متحررة، نوعا ما، من الإنغلاق، وثانيا، كمحاولة عملية لتوسعة مصطلح قديم والخروج به إلى فضاء معاصر ، اعتبر الدين مجاز وخيال ، يمكن اتاحة الفرصة له ليعيش في عالمه الخاص"رطوبة الخيال وعبق الاوهام (واللفظ لهاشم صالح في تعليقه على كلام اركون في الكتاب المشار اليه ص63)
وكما اشار الدكتور محمد ابن زين العابدين رستم فان علم اللغة تطور وتوسع ولابد من دراسته في صورته النولدكية-نسبة الى نولكده- بل ومن قبله، وفي صورة علم اللسانيات او الألسنيات وفي محاولات تطبيقها (القسري)المفرد او المتشابك مع مذاهب أخرى كما فعل اركون جنبا إلى جنب مع انتاج نولدكه ومذاهب علوم الانسان والمجتمع وعلم النفس التاريخي وغيره
هذا يعني كما قلت اننا بحاجة الى الرجوع للحوارات القديمة ومعرفة ابعادها ومعرفة حدودها وماطرأ في عصرنا من حدود اوسع، وهجوم عنيف استُخدم له كافة الأسلحة المعرفية، القاصرة في الحقيقة، مهما بلغت من تعدديتها وتخصصاتها، وتنوعها في كافة مجالاتها وتخومها.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم أخي طارق منينة ، لا بد من صد هذا المد الجارف ولن يتأتى ذلك بالحماس ولكن بامتلاك الوسائل الممكنة لذلك وأولاها معرفة فكر هؤلاء و دراستهم جيدا لأن جهل هذا الأمر يوقعنا في الخلط بين المفاهيم و المصطلحات .فعلى سبيل المثال سبق الحديث عن مصطلح "تثوير النص القرآني " و اعتبر خروجا عن القرآن و هجوما عليه و..و..بينما معنى هذا المصطلح بعيد عن ذلك كل البعد :يقول عبد الله بن مسعودرضي الله عنه:( من أرادعلم الأولين والآخرين فليثور القرآن ) أخرجه سعيد بن منصور ،وابن أبي شيبة ،وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد ،وابن الضريس في فضائل القرآن ،والطبراني و البيهقي في شعب الإيمان . ومعنى تثوير القرآن كما جاء في تفسير القرطبي :"قراءته و مفاتشة العلماء به " ،وشرح ابن الأثير هذا المصطلح بقوله في النهاية في غريب الأثر:"تثوير القرآن :لبنقر عنه و يفكر في معانيه و تفسيره و قراءته " باب الثاء مع الواو ،ج1/"352 .وكلنا يعرف أن مقصد قراءة القرآن ليس منحصرا في الوقوف على مراد اللهعز وجلبقدر ما هو التعبد بمقتضى المراد المستفاد منه .
 
من المفاهيم كذلك التي وقع فيها خلط ذكر التفكيكية و البنيوية واللسانيات إلى جانب الصوتيات على اعتبار أنها كلها مناهج ؟!! إن الصوتيات أو علم الأصوات أو الفوناتيك ليس منهجا بل هو أحد مستويات اللغة ، فإذا كانت اللغة مكونة من صوت (حروف ) و صرف (اشتقاق ) و تركيب (نحو ) و دلالة (معجم ) فإن علم الأصوات يدرس الجانب الصوتي من اللغة . فلا علاقة لعلم الأصوات بالمناهج الأخرى المذكورة لأنه - بكل بساطة - ليس منهجا لغويا أو فكريا .
وبه وجب الإعلام و السلام عليكم .
 
أما اليوم فمن يستخدم الصراع القديم وبعض مصطلحاته فإنه يستخدمه في مجاله للتلبيس والايحاء، أولا، بأنه ينتمي إلى طائفة عقلانية متحررة، نوعا ما، من الإنغلاق،(اقصد الإيحاء انه عقلاني!) وثانيا، كمحاولة عملية لتوسعة مصطلح قديم والخروج به إلى فضاء معاصر ، اعتبر الدين مجاز وخيال ، يمكن اتاحة الفرصة له ليعيش في عالمه الخاص"رطوبة الخيال وعبق الاوهام (واللفظ لهاشم صالح في تعليقه على كلام اركون في الكتاب المشار اليه ص63)
انتهى التعديل
جملة قلتها فيما تقدم وهنا صححت الخطأ فيها، اما ماقلته عن صب تفسيراتهم للمجاز في النص التالي
فمن لايعرف أبعاد النقد العلماني- وقد ضربت مثلا بقضية المجاز- والمذاهب المستخدمة في توسعة دائرته بحيث يدخلون فيها المخيال الاسطوري القديم وكل اللاهوت القديم بوثنياته واساطيره وملاحمه الخيالية واحلامه وهلوساته، ويعكسون ذلك كله على القرآن بإعتبار انه مجاز يحمل مستويات هذا المخيال ورموزه المجازية، او بالأحرى، يُسقطون هذا المجاز ويصبونه صبا في القرآن بحيث ترى فيه مجازات وأوهام وخيالات القرون الماضية مع القول بأن المؤلف له ابداعه الخاص في صك نص مبدع!
، اقصد تفسيرهم للقرآن وقراءتهم العلمانية والمابعد حداثية له، فعل ذلك نصر ابو زيد في مفهوم النص فقد ادخل الرموز والمستويات المادية بحسب تفسير الهرومنيوطيقا الجدلية ومذاهب اخر، ادخلها ، المأخوذ بالناصية!،في المجاز، واركون فعل ذلك بمذاهب زائدة عن مااستعمله نصر ابو زيد
ماقلته قصدي به وبعملية الصب انها تبدأ وتخرج وتمر وتقع في اذهانهم-ومخيالهم الضعيف الرؤية، القاصر في تفسير الحوادث والوقائع والتاريخ، بل تفسير الوحي القرآني نفسه، وليس صب حقيقي في القرآن، واظن ان هذا مفهوم،(اقول ذلك حتى لايحدث التباس) لكن العبارة خرجت لبيان انهم يحاولون رؤية القرآن في مجرى مصباتهم وانهارهم المسمومة، مصبات اذهانهم الخائرة القوى وهي عملية(أي الصب أو الإسقاط) ذهنية لااكثر ولااقل واقعة تحت تأثير التحولات البطيئة في عالم الغرب ، أوالعنيفة المتسارعة سمها ماشئت، وعلى كل فان مايخبرون به انما هو خيالاتهم عن التاريخ والوحي القرآني وهو من تخرصاتهم المختلفة التي قال عنها النص الأعلى المهيمن على الأدمغة والأذهان والكلمات واللسانيات:
فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
هذه هي لغة القرآن وحروفه والفاظه والسنياته ولسانياته-لو صح التعبير ونقول لهم ذلك الزاما!- وهيمنته التاريخية وكشفه وهو أعلى من علم النفس التاريخي الذي يظن اركون انه حق واغلبه باطل خصوصا اذا طبقه على ماهو أعلى منه واكمل منه واصدق منه
انها اللغة المهيمنة بألفاظها، وحقائقها التاريخية والعلمية، (نفس، اجتماع، تاريخ، فردي وجماعي،إلخ)،ألفاظ القرآن التي يدخل تحت سلطانها الماضي والحاضر والمستقبل.
 
بادرت إلى التعليق قبل أن يأذن لي د/ حاتم لأمرين اثنين:
الأول: أني مسافر موجود بين جبال في شمال المغرب لايدرى متى يكون الإتصال فيها بالنت قويا ، فمتى ما تهيأ لي الاتصال اتصلت.
الثاني: المسارعة إلى رفع وهَم من وهِم عليَّ، ففهم من جوابي غيرَ ما قصدت.
وبعد فإن من شأن العالم المنتهي والباحث الذاكر الحاذق لهذا الشأن، أن لا يناقش متصيدا أدنى ما يظهر له من عيب المناقَش، بل إن من شأنه كما تعلمنا من علمائنا الأفاضل وبينه علماء المناظرة والجدال العلمي المثمر، أن ينوه أولا بكلام المناقش، وأن يبدي محاسنه وإيجابياته، ثم يقول إنْ هو بدا له ما قد يوجب نقاشا وتعقبا وملاحظة :" وبعد فإن لكل جواد كبوة، ولكل سيف نبوة، ولكل كبير سقطة ومن ذا الذي لايهِم، وجلَّ من لا ينسى ولا يزلُّ" ، على أن المجال هنا ليس لذلك، فنحن هنا لسنا في مناقشة رسالة علمية ولا كتاب مقدم لنيل درجة معينة...بل إننا ههنا نتحاور...والحوار كما أفهمه لا يوجب تعقبا ولا ملاحظة ولا نقاشا..بل يوجب متابعة للموضوع المتحاوَر فيه ...ويوجب المساهمة في إضاءة ما قد أغفله المحاور الأول وتركه غفلة عنه ونسيانا لا جهلا ودفعا ووهما، ويكون كل ذلك من غير إشعار المحاور الأول بأنه ترك أشياء للمتعقب تأدبا وتلطفا وتحببا إليه...لأن هذا الحوار ليس يساق للمنتهين بل هو أصلا موجه للمبتدئين الشادين المتعلمين ...فكيف يناقش أستاذ أستاذا ودكتور دكتورا ...ويتفرج علينا الطلبة والشادون الذين يريدون أن نقذف إليهم بعصارة تجربتنا وبما أفاءه الله علينا ...الحوار ليس ساحة لإبداء العضلات ولا لاستعراض المهارات بل إنه ساحة للتعاون المثمر البناء على إيجاد جواب كاف شاف للسؤال المطروح من قبل من افتتح الحوار...ولا يمكن بحال من الأحوال أن يضطلع بذلك الأستاذ الضيف الذي يعد المحاور الرئيسي ...هذا هو مفهوم الحوار عندي ولديَّ...وقد أُخالَف في ذلك والمخالِف قد يحتج ويستدل على وجهة نظره...وهي وجهة محترمة عندي بيد أني لا آخذ بها...وإذا تنزلنا فقلنا إن الحوار يوجب النقد للمحاور الرئيسي...يأتي السؤال كيف يُساق النقد إليه وإلى غيره؟؟؟ وعلامَ يتنزل النقد من كلامه...أعَلَى كلام صريح في رد نقد من انتقد، أم على كلام يحتمل وجوها من المعاني فوجِّه إليه النقد، فكان الأمر قريبا من تصحيح وجهة نظر المنتقِد...
سقتُ هذه المقدمة بين يدي تعليقي على نقد دة/ خديجة إيكر التي أعرفها وقد تعقبتها في ندوة الجديدة في تدخلها بما يقتضي النظرُ والحجى...فتعقبتني لما جاء دوري في مداخلتي، فتعقبتها رادا ما تفضلت به تعليقا على مشاركتي...
قالت دة/ هنا إن ذكر الصوتيات في جملة سياق ذكر المناهج فيه ما فيه، ثم ساقت وجهة نظرها....وأقول للدكتورة اللسانية الفاضلة التي استفدت من تعليقاتها على محاور على الحوار، وودت أن لو كان تدخلها مبكرا في أوائله ـ عبارتي وإن كان فيها سياق للمناهج والعلوم سياقا واحدا، فليس فيها خلط بين السبيليْن ـ وكنت أود أنْ لو ترفقت الدكتورة فكستْ معانيها أحسن الألفاظ ولم تذكر خلطا ولا تخليطا ولا مزجا ولا دمجا...ودليل عدم خلطي قولي أولا:إن الذي صح عندي من العلوم التي ينبغي للمنتصر أن يطلع عليها ما يلي:ثم ذكرت الفلسفة إلى أن جئت إلى ذكر اللسانيات فلم أستعمل لفظ المناهج، ثم قلت:وقد يلحق بها أي عند ذكر اللسانيات التفكيكية والبنيوية والصوتيات، وقد لا تفيد تحقيقا ولا جزما بل إنها تفيد ظنا واحتمالا...
أكرر شكري للأستاذة وأكرر للإخوة وجهة نظري بخصوص من أراد أن يسهم في الحوار، أن يسهم ومعنى أن يسهم أن يدلي بسهم أريد ههنا المعنى اللغوي للسهم الذي يكون موجها إلى نحر العلمانيين والحداثين واللادينين...حتى إذا جمعنا حوار خاص بين منتهين ودكاترة في غرف مغلقة تحاسبنا على النقير والقطمير، أدعو الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن لا يجعل بأسنا بيننا...وأن يوفقنا لما فيه الخير...ومرحبا بالدكتورة بيننا في الملتقى..
 
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله و على آله و صحبه
في البداية أوضح أن عدم ردي في حينه ليس انتقاصا من شخص د/ زين العابدين رستم أو إهمالا مني للأمر وإنما لظروف شخصية طارئة .
أما عن رد فعل د/زين العابدين رستم فإني استغربت له أيما استغراب لأن الأمر لا يستوجب كل هذا التحامل و عدم التقبل و تعجبي و استغرابي مرده إلى الأسباب التالية :
- هذا الموقع موقع علمي يرتاده طلبة العلم ، فمن واجبنا عليهم ألا نزودهم بمعلومات خاطئة خاصة أن القضية التي نناقشها قضية خطيرة وهي الانتصار لكتاب الله . فمن حقهم علينا أن تستقي المعلومة من مظانها و نكون متأكدين من صحتها خاصة أنهم ينقلون عنا ما نكتبه .فهذه هي الأمانة التي طوق الله بها العلماء .
- إذا ناقشنا هذه القضية بمعلومات غير علمية و بمنهج غير علمي فإننا نعطي الفرصة للخصوم ليقيموا علينا الحجة يتهافت دعوانا وعدم قيامها على أسس علمية متينة .و بالتالي بدل الانتصار للقرآن الكريم نكون قد أثبتنا لهم أن حججنا واهية .
- المناظرة العلمية لا تدخل فيها المراتب العلمية أو هذا أعلم من هذا ،بل الخطأ خطأ مهما كان و ممن كان . وكل منا يجب أن يتقبل الانتقاد أو الرأي الآخر بصدر رحب ودون حساسيات لأننا هنا يتعلم بعضنا من البعض ، و يصحح بعضنا للبعض .وإن لم نتقبل ذلك كنا ننتصر لأنفسنا و ليس للقرآن الكريم .
- لقد تعلمنا من أساتذتنا في مناهج البحث أن المشكل لا يكمن في الخطأ فالكل يخطئ و لكن المشكل هو الإصرار على الخطأ و عدم تقبله .
- في علم المناظرة و الجدل تناقش القضية في صلبها و مضمونها و لا يُهْتم بالشكل وبطريقة صياغة النقد ، لأن الغرض الأساس هو القضية المُتناقش حولها ولا شيء سواها .
- إن البحث العلمي يقتضي الوضوح وليس اللعب بالألفاظ .
- لسنا هنا لاستعراض العضلات لأن المقام مقام نصرة كتاب الله ، و العمل الجاد على تحقيق ذلك .
و تحية طيبة للدكتور زين العابدين رستم .
 
الإعراض عن الجواب أحجى.
الدكتور الفاضل محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
منذ بداية هذا الموضوع المهم وأنا متابع لما يكتب بعد أن طلب مني أخونا الفاضل الدكتور حاتم المشاركة في النقاش ، وفي الحقيقة كنت سعيدا بما يكتب واستفدت كثيرا ، ورأيت أنه ليس لدي ما أضيفه ولهذا أكتفيت بالشكر لكل من ساهم في هذا الموضوع ، وكلها مساهمات مفيدة ونافعة وفي مقدمتها ما كتبه فضيلتكم يا دكتور محمد.
ولكني تفاجأت بتغير نبرة كلامك بعد مشاركة الأخت الفاضلة سهاد قنبر والتي لم ألحظ فيها ما ينكر.
ثم تفاجأت بردكم أيضا على الأستاذة الدكتورة خديجة ولا أدري ما هو السبب لأني لم أرى في كلامها ما يستوجب ما سطرتم حفظكم الله وبارك في علمكم.
فلا أدري حفظكم الله ما الذي أثار حفيظتكم ؟ إذا كان شيئا لم ندركه أو لم نتنبه له فأرجو التكرم بتوضيحه حتى يزول اللبس حفظكم الله وسدد أقوالكم وأعمالكم.
 
الذي قاله شيخنا سعيد الغامدي حفظه الله كان في نفسي أيضاً . بل وقد لاحظت من خلال كلام الدكتور أول مرّة أنه يريد أن يعرف المحاور قبل أن يرد عليه ويعلم تمام سيرته العلمية وخبرته العلاجية . مخافة أن يرد الدكتور على أحد ليس أهلاً للرد فيكتب له ما كتب لأختنا الفاضلة : (الإعراض عن الجواب أحجى) .
ولا أدري هل هذه الجملة هي من ظوابط الحوار الملتزم الذي شرفنا الدكتور بسرده لنا أم أن في القضية أحجية لا يعرفها إلا أهل الجبال المغاربيّة؟.
 
أيها الفضلاء نود أن يبقى الحوار حول الموضوع الأساس ولا نريد الخروج عنه لا سيما بنقاش قد تغير فيه الأسلوب .. !
 
في المحور الثالث أردنا أن نتعرف على العلوم المهمة التي يحتاجها من يتصدى للانتصار للقرآن الكريم بحيث تكتمل شخصيته العلمية وتكون بصيرته في النقد أقوى تأثيراً في دحر حجج المخالف .
وقد تفضل د. محمد رستم بذكر عدد من العلوم وهي:
الفلسفة
اللسانيات
الأدب العربي
التاريخ القديم والحديث
الجغرافيا
وذكر بعض الوسائل النافعة في ذلك ومنها تعلم اللغات _ وسنفرد عنها حديثاً لاحقاً بعون الله وضرورتها للانتصار للقرآن الكريم _، وفيما سبق ذكره من علوم تقصد الدكتور محمد بعض الإجمال فيه وسنحاول التفصيل معه لاحقاً .
وقبل التفصيل فيما سبق أود ذكر هذا السؤال:
هل ثمة علوم علوم أخرى يحتاجها المنتصر للقرآن الكريم ؟
وقبل الشروع في الإجابة أود أن أشير إلى اتساع موقف الانتصار للقرآن الكريم، فالقائم بالانتصار للقرآن يواجه فِرَقاً مختلفة وتوجهات متنوعة ... فهو يرد على النصارى أو الرافضة أو الحداثيين وغيرهم .
 
قلنا من ذي بل بأن المنتصر للقرآن الكريم لا بد له أن يكون ضمن جماعة التصدي المتخصصة لتلك المهمة إذ ان من الصعب أن يحوز المتصدي المتطوّع جميع لغات العالم وفلسفات الأولين وآداب العالم وأديان الدنيا وخاصة أن المعركة مفتوحة في أركان الدنيا فتارة تكون حامية الوطيس في الدنمارك وتارة في السويد وتارة أخرى تقفز الى استراليا ثم تعود الى أفريقيا لتستقر في أمريكا اللاتينية.فهل يمكن أن تتحقق النتائج المرجوّة من خلال جهد فردي ؟ وهل من المنطق أن يجابه المنتصر للقرآن الكريم كل تلك الجبهات والطعنات بعزيمة قوّية ؟. ولكن الجهد إن وُزع ونُظّم وأصبح الأمر على شاكلة مدرسة مجنّدة لهذا الخصوص فإن الأكل سيثمر بإذن الله . ولذلك فإن أسئلتنا يجب أن تكون ضمن المنطوق الجماعي إذا أسلمنا في ضرورة العمل الجماعي لهذه المهمة الخطيرة, لأننا إذا بقينا على اصراررنا في توجيه الأسئلة على هذه الشاكلة الفرديّة فلا أظن أن البحث سيفلح أو أن يُؤتى الغرض الذي حُدد له.
أما إذا كان المتصدي ضمن منطقته الجغرافيّة التي خُصصت له فإن عليه أن يتسلّح بكافة علوم تلك المنطقة علّامة بكل تفاصيل حياتها وثقافتها وتاريخها . بل أكاد أجزم أنه لا يستغني عن أي علم من علومها سواء كان ذلك في المعتقد والفلسفة أو اللغة والأدب أو التاريخ والجغرافيا أو الوضع الإجتماعي بكافة أنواعه وأبعاده.
 
حقيقة الموضوع شيق وممتع ومهم وخطير وواسع ومتشعب
وأعتقد أن أول من طرق هذا الموضع "موضوع الانتصار للقرآن" ووضع أسسه وقواعده هو القرآن الكريم
والذين تصدوا من بعد للدفاع عن القرآن والانتصار له كان كثير منهم على إطلاع واسع بثقافات عصرهم ، بل وعلى الثقافة الإنسانية المدونة ، وقد تفضل الأساتذة الأفاضل بالإشارة إلى أسماء بعضهم.
ولكن العجيب في الأمر أن الردود على شبه أعداء القرآن والانتصار له كانت تعتمد إعتمادا شبه كلي على القرآن نفسه وهذا ما نلمسه في مؤلفات شيخ الإسلام بن تيمة رحمه الله تعالى.
ومن هنا أقول إن الواجب على من يتصدى للدفاع عن القرآن والانتصار له أن يكون على فهم تام للقرآن وعلومه.
الأمر الثاني الذي أود التأكيد عليه هو قضية العمل الجماعي الذي أشار إليه الإخوة الأفاضل وعلى وجه الخصوص أخونا الفاضل تيسر وأختنا الفاضلة الدكتور خديجة ، فموضوعنا يحتاج إلى عمل مؤسسي يضع الأهداف والخطط ومن ثم يقوم بالمتابعة.
وأعتقد أن العمل في هذا المجال ذو شقين:
العمل الأكاديمي
والعمل الدعوي
وكل واحد منهما يحتاج إلى تنسيق وتنظيم وخطط بعيدة المدى.
أيضا أحب أن أضيف شيئا وهو:
إعداد دراسة تقوم بتصنيف الجهات التي تهاجم القرآن وأساليبها في ذلك وأثرها في المجتمع الإسلامي وكذلك المجتمعات غير الإسلامية ، لأنه من خلالها يمكن توزيع الجهد بحسب التخصص وأيضا الأهمية.
أرجو أن أكون قد أضفت نافعا فإن كان فالحمد لله ، وإلا فحسبي المشاركة مع قوم لا يشقى بهم جليسهم.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
عودة
أعلى