حوار علمي في تفسير آية ؛ فهل من حكم يفصل الخطاب ؟

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
بسم الله

هذا حوار علمي دار بيني وبين أحد طلبة العلم ، أنقله لكم بنصه ، راغباً التعقيب بما يثري هذا الحوار :

قال السائل :

قوله تعالى: "لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"
هل محادَّة الله ورسوله في هذه الآية الكريمة شيء زائد على مجرد الكفر كالمحاربة مثلا ؟
أو هي الكفر نفسه؟
وكيف يمكن الجمع بين الآيات الناهية عن موادة الكفار، وبين قوله تعالى في شأن الأزواج: "وجعل بينكم مودة ورحمة" في حال زواج المسلم من كتابية؟
وهل قوله تعالى: "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى" فيه إثبات مشروعية نوع موادة بين المسلم والكافر النصرانيّ؟
سامحونا على التطويل، ولا بأس أن تتوسعوا في الإجابة إذا شئتم.. سددكم الله للصواب ، ونفعنا بكم، ووفقنا وإياكم لكل خير .


فأجبت :

بسم الله الرحمن الرحيم

(وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )

أولاً - معنى المحادة لله ولرسوله :

بعد قراءة وتأمل ما ذكره بعض العلماء من المفسرين واللغويين وغيرهم في معنى المحادة ظهر لي أنهم على قسمين :

القسم الأول : يرى أن المحادة تكون بمجرد المخالفة بأن يكون في حدٍّ والطرف الآخر في حدٍّ آخر ، والحد هو الطرف . وعلى هذا فكل الكفار داخلون فيمن حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

القسم الثاني : يرى أن المحادة أمر زائد على مجرد الكفر ، فالمحادون لله ولرسوله هم الكفار المحاربون لله ولرسوله ، الصادون عن سبيله ، المجاهرون بالعداوة والبغضاء . بخلاف المسالمين لنا من أهل الذمة وغيرهم . وقد صرح القاسمي في تفسيره محاسن التأويل بهذا في تفسيره لآية المجادلة التي سألت عنها .

والذي يظهر لي - والله أعلم - بعد التأمل والسؤال أن المحادة تشمل الأمرين ، وأنها درجات مختلفة ؛ فالكافر محاد لله ورسوله بكفره ، ومن حارب المسلمين وأظهر عداوتهم وصد عن سبيل الله فهو موغل في المحادة .وبين هذا وذاك مراتب متعددة كما هو الواقع .
وعليه فإن موادتهم جميعاً لا تجوز بحال من الأحوال ، لأن الموادة هي المحبة ، والمحبة لا تكون للكفار بحال من الأحوال ، لأن الله أخبر في آية المجادلة بأنه لا يمكن أن يوجد من يؤمن بالله واليوم الآخر ويواد من حاد الله ورسوله ؛ لأن المؤمن الحقيقي لا يمكن أن يحمله إيمانه على موادة هؤلاء .

ثانياً - إذا تقرر ما سبق فما القول في آية الروم ، وهي قوله تعالى في شأن الزوجين : ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) إذا كانت الزوجة كتابية كافرة ؟

الجواب من وجوه :
الأول : أن هذا من حيث الأصل في الزواج ، وهو أن يكون بين المسلمين .

الثاني : إذا كانت الزوجة كافرة فالأصل عدم مودتها لكفرها ؛ ولكن لو حصل ميل طبيعي إليها وفيه نوع مودة لها من أجل إحسانها إليه ولما بينهما من العشرة والأولاد فهذا يدخل في الحب الطبيعي والمودة الطبيعية التي لا يلام عليها الإنسان ، ومع ذلك فيجب عليه أن يبغضها لما فيها من الكفر .

ثالثاً- وأما سؤالك أخي عن قول الله تعاى عن النصارى: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى...) فالجواب عنها واضح والحمد لله فلو قرأت أخي تكملة الآية والآيتين اللتين بعدها لتبين لك أن المراد بالنصارى هنا : من آمن منهم كالنجاشي وغيره ممن آمن منهم .
وأما النصارى الكفار فقد قال الله في شأنهم : ( يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ...) الآية

رابعاً - إتماماً لما ذكرته سابقاً ؛ أقول : روى الإمام النسائي في تفسيره لقوله تعالى : (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ...) المائدة 83 بسنده عن عبدالله بن الزبير قال : نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه . وقرأ الآية .[قال محققا الكتاب : إسناده صحيح .
والأثر أخرجه ابن جرير أيضاً في تفسيره .
فهذا الأثر يدل على ما ذكرته سابقاً أن المقصود بالنصارى الذين هم أقرب مودة للمؤمنين من آمن منهم .

ثم وجدت كلاماً صريحاً للجصاص في أحكام القرآن حول هذه المسألة يؤيد ما ذكرت ، قال ما نصه :

(قَوْله تَعَالَى { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى } الْآيَةَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ : " نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا أَسْلَمُوا " . وَقَالَ قَتَادَةُ : " قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ مُتَمَسِّكِينَ بِشَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنُوا بِهِ " . وَمِنْ الْجُهَّالِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَدْحًا لِلنَّصَارَى وَإِخْبَارًا بِأَنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْيَهُودِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ صِفَةُ قَوْمٍ قَدْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَبِالرَّسُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ مِنْ إخْبَارِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَبِالرَّسُولِ . وَمَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ ذِي فِطْنَةٍ صَحِيحَةٍ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي مَقَالَتَيْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّ مَقَالَةَ النَّصَارَى أَقْبَحُ وَأَشَدُّ اسْتِحَالَةً وَأَظْهَرُ فَسَادًا مِنْ مَقَالَةِ الْيَهُودِ ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ تُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُشَبِّهَةٌ تُنْقِصُ مَا أَعْطَتْهُ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ التَّوْحِيدِ بِالتَّشْبِيهِ . انتهى

وكلامه هنا واضح - مع أن هناك من المفسرين من تعقبه في ذلك - والآثار التي أشار إلها في أول كلامه تؤيده ، مع ما تدل عليه أيضاً الآيات الأخرى ، إضافة إلى دلالة الواقع وأحداث التأريخ التي أثبتت شدة عداوة النصارى الكافرين للمسلمين ، قاتلهم الله أنى يؤفكون .

وممن قال بأنها نزلت في المؤمنين منهم كذلك الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله حيث قال بعد تفسيره لها : ( وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم كالنجاشي وغيره ممن آمن منهم .) انتهى من تفسير السعدي .

والله أعلم وأحكم ، وهو الموفق للصواب .


فقال السائل :

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على جواباتكم المفيدة ونسأل الله أن يتقبل منكم ويزيدكم علما وتوفيقا آمين. وبعد:
فاسمح لي بمناقشة ما استشكلتـُهٌ في جوابكم وفقكم الله:
فإني ما زلت أستشكل تفسير قوله تعالى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) بالذين آمنوا منهم دون عموم النصارى أو جنس النصارى، رغم ما تفضلتم به من التتميم وما تضمنه من النقل.. وذلك لوجوه:
منها:
أن هذا يجعل معنى الآية كالآتي: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ، ولتجدن أقرب الناس مودة للذين آمنوا المؤمنين ممن كانوا نصارى ثم أسلموا وآمنوا بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم..!
وواضح أن هذا يقلل فائدة الآية جدا ، بل هو معنى ركيك لا يليق بكلام الباري عز وجل.. إذ كيف يقال إن المؤمنين أقرب مودة للذين آمنوا من اليهود والذين أشركوا؟! وحينئذ ما مزية كونهم كانوا من النصارى أو من غيرهم مادموا قد أسلموا؟ والله أعلم وأعز وأحكم سبحانه وتعالى.
ومنها:
قوله تعالى في الآية: "الذين قالوا إنا نصارى"
ومنها:
أن الآية مسوقة للمقارنة بين صلف وشدة عداوة اليهود والمشركين وكبرهم وعنادهم وجفائهم ، وبين رقة النصارى ولينهم وقربهم (بالنسبة لأولئك) من الهداية.
وكل الذين يشرحون الآية ويفسرونها ويستدلون بها من أهل العلم يوردونها هذا المورد.
ومنها:
أن الله تعالى قال: (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا الذين اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى)) ثم علل ذلك أي كون هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى أقرب إلينا مودة بقوله: ((ذلك بأن...الخ))

والحق أن الآثار المروية في تفسير الآية عن ابن عباس وابن الزبير وقتادة وسعيد بن جبير وغيرهم كما ذكرت بعضها -حفظك الله- فيها نوع إشكال على الكلام الذي سبق، ولعله يزول بحمل كلامهم على ما بعد التعليل، أي على قوله(منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ...)الخ خاصة إذا علمنا أن الآية مدنية بل من أواخر القرآن ، وقصة النجاشي وقعت قبل الهجرة كما أشار ابن كثير إلى هذا الوجه، وقد تقرر أن الصحابي قد يقول إن الآية نزلت في كذا يريد أنها تشمل هذا المعنى أو هذا الصنف مما يذكره من الأفراد فيدخلون في عموم لفظها.. ولهذا اختار ابن جرير –بعد سرد الروايات عنهم- أن هذه الآيات نزلت في صفة أقوام بهذه المثابة.

وبالتأمل في أقوال بعض المفسرين يظهر المعنى الذين ذكرناه:
قال ابن كثير: "واختار ابن جرير أن هذه الآيات نزلت في صفة أقوام بهذه المثابة سواء كانوا من الحبشة أو غيرها . فقوله تعالى " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " وما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود ومباهتة للحق وغمط للناس وتنقص بحملة العلم ولهذا قتلوا كثيرا من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وسموه وسحروه وألبوا عليه أشباههم من المشركين عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة".
قال: "وقوله تعالى " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى " أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة كما قال تعالى " وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية " وفي كتابهم : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر وليس القتال مشروعا في ملتهم ولهذا قال تعالى " ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون " أي يوجد فيهم القسيسون وهم خطباؤهم وعلماؤهم" اهـ المقصود منه.

وفي الجلالين: "(ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك) أي قرب مودتهم للمؤمنين (بأن) بسبب أن (منهم قسيسين) علماء (ورهبانا) عبادا (وأنهم لا يستكبرون) عن اتباع الحق كما يستكبر اليهود وأهل مكة"
ثم قال: "نزلت في وفد النجاشي القادمين عليه من الحبشة قرأ صلى الله عليه وسلم سورة يس فبكوا وأسلموا وقالوا ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى"اهـ

وأما الشيخ عبد الرحمن السعدي فقال في تفسيره: "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا صارى) وذكر تعالى لذلك عدة أسباب : منها أن (منهم قسيسين ورهبانا) أي علماء متزهدين، وعبادا في الصوامع متعبدين، والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود وشدة المشركين. ومنها: (أنهم لا يستكبرون) أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد للحق، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم، فإن المتواضع أقرب إلى الحق من المستكبر.اهـ
ثم ذكر تمام الآيات ثم قال: "وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم كالنجاشي وغيره، ممن آمن منهم ، وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام ويتبين له بطلان ما كانوا عليه، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام" اهـ
فكلامهم في معنى الآية واضح مع قولهم بعد تقرير المعنى الذي أشرنا إليه إن هذه الآيات نزلت في النجاشي الخ ، ولذلك فقد يتعين حمله على المحمل الذي ذكرناه. والله أعلم.
وأما كلام الجصاص رحمه الله فلا يظهر رجحانه ويرده كلام أكثر المفسرين.
وأما أن الواقع وأحداث التأريخ أثبتت شدة عداوة النصارى الكافرين للمسلمين في القديم كالحملات الصليبية والحديث كالاستكبار الانجليزي والفرنسي والإيطالي وغيره والمعاصر كالطغيان الأمريكي، فهذا كله لا ينافي المعنى المذكور، فهما معنيان غير متناقضين.. فتأمل.
بقي إشكال آخر على ما ذكرنا من جهة تركيبب الأية الكريمة: حاصله أنه تعالى قال: {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا} فالضمير المجرور في "منهم" راجع إلى النصارى بلا إشكال، ثم قال: {وأنهم لا يستكبرون} فهذا الضمير إما راجع إلى القسيسين وما عطف عليهم ، أو هو راجع إلى النصارى (الذين قالوا إنا نصارى) ..
وأما الضمير في قوله: {وإذا سمعوا} وما بعده من الضمائر في قوله "أعينهم" و "عرفوا" و"يقولون" فلا بد أن ترجع إلى الذين أسلموا منهم.. فكيف ولم يسبق لهم ذكر؟؟!
وفي ذهني الآن ما يمكن أن يكون جوابا، وهو أن الضمير في قوله: {وإذا سمعوا} راجع إلى النصارى أو إلى القسيسين باعتبار البعض، فالمعنى : وإذا سمع بعضهم ما أنزل إلى الرسول ترى ...الخ
فقوله "سمعوا" صادق بالبعض وهم الذين أسلموا وكتب الله لهم الهداية إلى الإسلام والإيمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
ولها نظائر في القرآن فيما أظن (لا تحضرني الآن)
يؤيده أن جملة "وإذا سمعوا" الخ كما يحتمل أن تكون معطوفة على خبر "أَنَّ" يحتمل أيضا أن تكون مستأنفة مبتدأة، فعلى هذا الوجه جعلها مبتدأ أولى ، والله تعالى أعلم.

نسأل الله أن يفتح علينا وعليكم وأن يعلمنا ما جهلنا ويفقهنا في دينه وكتابه..
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وأحزاننا يا رب العالمين.
أخي الشيخ أبو مجاهد/ ما أردت إلا المناقشة والمذاكرة معكم لعلي أستفيد علما نافعا ، وأنتم والله أعرف بما ذكرنا وغيره.. ويعلم الله كم أنا مستفيد من مقالاتكم وحلقاتكم في منتدانا بارك الله فيكم وفي أهل هذا المنتدى الطيب.
والسلام عليكم


فرددت على مذاكرة الأخ السائل بما يلي :

بسم الله الرحمن الرحيم

جزى الله الأخ السائل الكريم خيراً على هذا الإيضاح والتفصيل وأشكره على حسن مناقشته وأدبه في الرد .
وقد راجعت تفسير الآية في أكثر التفاسير التي تيسر لي الإطلاع عليها وبعد قراءة ما ذكروه وبعد التأمل فيما أورده أخي السائل خلصت إلى هذه النتيجة وهي :
المراد بالذين قالوا إنا نصارى في قوله تعالى : ( ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى ) النصارى الذين لا زالوا على نصرانيتهم ولما يؤمنوا بعد .

قال الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير : (والمراد بالنصارى هنا الباقون على دين النصرانية لا محالة ، لقوله : (أقربهم مودة للذين ءامنوا) . فأما من آمن من النصارى فقد صار من المسلمين .) انتهى

قال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد في تفسيره تهذيب التفسير وتجريد التأويل مما ألحق به من الأباطيل وردئ الأقاويل ك ( وليس هذا مدحاً للذين قالوا إنا نصارى من حيث كونهم نصارى وهم يقولون : إن الله هو المسيح البن مريم ، وما داموا يقولون : إن الله ثالث ثلاثة ؛ والمعلوم أن المدح في الجملة لا يقتضي كون كل واحد من أفراد هذه الجملة ممدوحاً ، بل إنما ينصرف المدح لمن يستحقه منهم )

وإخبار الله عن الذين قالوا إنا نصارى بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا ليس دليلاً على أنهم يوادون المؤمنين ؛ وإنما هو إخبار بأنهم أفضل وأقرب من اليهود والذين أشركوا في المودة للمؤمنين .

فهذا من باب قول القائل : فلان أصدق الكاذبين !

ثم علل كونهم أقرب مودة للذين ءامنوا بأن منهم قسيسن ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ...إلى آخر ما ورد في صفاتهم .

فدل هذا على أن الموصوفين بالصفات التي جاءت في الثلاث الآيات التي بعد هذه تحولوا إلى الإسلام وءامنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم
وهذا من أسباب تفضيل النصارى على اليهود ؛ فالذين يدخلون في الإسلام من النصارى أكثر من الداخلين فيه من اليهود .

ولذلك قال ابن كثير في آخر تفسيره لهذه الآيات : (" وَهَذَا الصِّنْف مِنْ النَّصَارَى هُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى " وَإِنَّ مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَمَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً ... " الْآيَة [آل عمران : 199]
وَهُمْ الَّذِينَ قَالَ اللَّه فِيهِمْ " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ" إِلَى قَوْله " لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " .[القصص : 52-55])انتهى
فالأوصاف الأخيرة من قوله : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ...) إلى آخر الآيات لمن آمن منهم .
وعليه تحمل أقوال السلف المذكورة في الجواب السابق . والله أعلم .


فهل من مناقش لما دار في هذا الحوار ؟ وهل من مبين للصواب في هذه المسألة ؟
أرجو من مشايخنا الكرام في هذا الملتقى ، ومن الإخوة طلبة العلم المشاركة والتفاعل مع المسألة التي دار النقاش حولها .
 
كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى:

كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فإني أحمد الله أن يوجد في المنتدى أصحاب هذا النفس الرحب ، والخلق الحميد، وقبول المخالف، بتلك السماحة التي تعطر بها جو الحوار بين الشيخ أبي مجاهد وصاحبه، مما يحمل من لديه إضافة أو رأي أن يشارك قرير العين
وعليه
فلو أذنتما لي بالمشاركة في هذا الحوار فإني أقول رأيي في أسئلة الأخ المحاور
أما سؤاله الأول
فإن الكفر فيه أعظم المحادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو في أصل لغة العرب يعني المخالفة ، والمشاقة،
وأما الجمع بينها وبين قوله تعالى،
وجعل بينكم مودة ورحمة،
فظاهر
فهذا خبر وامتنان من الله عز وجل ، كما أنعم بنعمة محبة الوالد لولده والووالدة لولدها
وليس فيها إنشاء للأمر بالمودة كما هو واضح
فكما إن له المنة حاصلة بمحبة الوالد لولده
فإن الأمر واقع بمنع موادته في حال كفره كما هو صريح الآية

وأما الخبر عن قرب مودة النصارىفإني أصير إلى ماصرتما إليه من أن المراد النصارى وليس من آمن منهم وقد نقلت عن ابن تيمية كلاما نفيسا في الآية وفي عود الضمير ستراه بعد قليل
لكن أقول ليس فيها كذلك إثبات مشروعية مودتهم إذ الكفر سبب البراءة والمعاداة
فليس الحكم معلق بما بعمل الكافر او بقلبه
فلو وجدت طائفة من المشركين تكون عيبة نصح كما كانت خزاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن ذلك مسوغا لاستثنائهم من عموم الأمر بالبراءة منهم
نعم يمكن في السياسة الشرعية ، تقدير الضرر من قوم دون قوم ، وإظهار العداوة لطائفة دون طائفة، لكن البراءة القلبية عامة منهم جميعا
فالمودة والتولي والمولاة تشترك في معنى المحبة، فلا تجوز للمشركين ولا لليهود ولا للنصارى،
نعم فرقت الشريعة في الصلة
كما قال تعالى ، لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
وهذا عام للمشركين وغيرهم
وقد أمرنا الله عز وجل بأن نجعل الغاية التي ينتهي عندها البغض الإيمان بالله وحده وذلك حين أمرنا بالائتساء بإبراهيم الخليل
قال تعالى : إذا قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده،
وأما النصارى فالنص فيهم واضح
في قوله تعالى
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إنه الله لا يهدي القوم الظالمين،
فالنصارى عام في المحاربين وغيرهم فكونهم نصارى بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يلزم منه بغضهم وعدم موادتهم،
وأردف بكلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
فصل في بطلان الاستدلال بالمتشابه
دقائق التفسير ج: 2 ص: 66
وهو في الجواب الصحيح أيضا بنصه،
قال رحمه الله برحمته الواسعة:
وأما قوله في أول الآية لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى فهو كما أخبر سبحانه وتعالى فإن عداوة المشركين واليهود للمؤمنين أشد من عداوة النصارى والنصارى أقرب مودة لهم وهذا معروف من أخلاق اليهود فإن اليهود فيهم من البغض والحسد والعداوة ما ليس في النصارى وفي النصارى من الرحمة والمودة ما ليس في اليهود والعداوة أصلها البغض فاليهود كانوا يبغضون أنبياءهم فكيف ببغضهم للمؤمنين واما النصارى فليس في الدين الذي يدينون به عداوة ولا بغض لأعداء الله الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا فكيف بعداوتهم وبغضهم للمؤمنين المعتدلين أهل ملة إبراهيم المؤمنين بجميع الكتب والرسل وليس في هذا مدح للنصارى بالإيمان بالله ولا وعد لهم بالنجاة من العذاب واستحقاق الثواب وإنما فيه أنهم أقرب مودة وقوله تعالى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون أي بسبب هؤلاء وسبب ترك الاستكبار يصير فيهم من المودة ما يصيرهم بذلك خيرا من المشركين وأقرب مودة من اليهود والمشركين ثم قال تعالى وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق فهؤلاء الذين مدحهم بالإيمان ووعدهم بثواب الآخرة والضمير وإن عاد إلى المتقدمين فالمراد به جنس المتقدمين لا كل واحد منهم كقوله تعالى والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل وكان جنس الناس قالوا لهم إن جنس الناس قد جمعوا ويمتنع العموم فإن القائل من الناس والمقول له عنه من الناس والمقول عنه من الناس ويمتنع أن يكون جميع الناس قال لجميع الناس إنه قد جمع لكم جميع الناس ومثل هذا قوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله أي جنس اليهود قال هذا لم يقل هذا كل يهودي ومن هذا أن في النصارى من رقة القلوب التي توجب لهم الإيمان ما ليس في اليهود وهذا حق وأما قولهم ونفى عنا اسم الشرك فلا ريب أن الله فرق بين المشركين وأهل الكتاب في عدة مواضع ووصف من أشرك منهم في بعض المواضع بل قد ميز بين الصابئين والمجوس وبين المشركين في عدة مواضع وكلا الأمرين حق فالأول كقوله
تعالى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين وقوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا وقال تعالى لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا وأما وصفهم بالشرك ففي قوله اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون فنزه نفسه عن شركهم وذلك أن أصل دينهم ليس فيه شرك فإن الله إنما بعث رسله بالتوحيد والنهي عن الشرك كما قال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون فالمسيح صلوات الله عليه وسلامه ومن قبله من الرسل إنما دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وفي التوراة من ذلك ما يعظم وصفه لم يأمر أحد من الأنبياء بأن يعبد ملك ولا نبي ولا كواكب ولا وثن ولا أن تسأل الشفاعة إلى الله من ميت ولا غائب ولا نبي ولا ملك فلم يأمر أحد من الرسل بأن يدعو الملائكة ويقول اشفعوا لنا إلى الله ولا يدعو الأنبياء والصالحين الموتى والغائبين ويقول اشفعوا لنا إلى الله ولا تصور تماثيلهم لا مجسدة ذات ظل ولا مصورة في الحيطان ولا يجعل دعاء تماثيلهم وتعظيمها قربة وطاعة سواء قصدوا دعاء أصحاب التماثيل أو تعظيمهم والاستشفاع بهم وطلبوا منهم أن يسألوا الله تعالى وجعلوا تلك التماثيل تذكرة بأصحابها وقصدوا دعاء التماثيل ولم يستشعروا أن المقصود دعاء أصحابها كما فعله جهال المشركين وإن كان في هذا جميعه إنما يعبدون الشيطان وإن كانوا لا يقصدون عبادته فإنه يتصور لهم في صورة ما يظنون أنها صورة الذي يعظمونه ويقول أنا الخضر أنا المسيح أنا جرجس أنا الشيخ فلان كما قد وقع هذا لغير واحد من المنتسبين إلى المسلمين والنصارى وقد يدخل الشيطان في
بعض التماثيل فيخاطبهم وقد يقضي بعض حاجاتهم فبهذا السبب وأمثاله ظهر الشرك قديما وحديثا وفعل النصارى وأشباههم ما فعلوه من الشرك وأما الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه فنهوا عن هذا كله ولم يشرع أحد منهم شيئا من ذلك فالنصارى لا يأمرون بتعظيم الأوثان المجسدة ولكن بتعظيم التماثيل المصورة فليسوا على التوحيد المحض وليسوا كالمشركين الذين يعبدون الأوثان ويكذبون الرسل فلهذا جعلهم الله نوعا غير المشركين تارة وذمهم على ما أحدثوه من الشرك تارة وإذا أطلق لفظ الشرك فطائفة من المسلمين تدخل فيه جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم كقوله تعالى ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن فمن الناس من يجعل اللفظ عاما لجميع الكفار لا سيما النصارى ثم من هؤلاء من ينهى عن نكاح هؤلاء كما كان عبد الله بن عمر ينهي عن نكاح هؤلاء ويقول لاأعظم شركا من أن يقول عيسى ربنا وهذا قول طائفة من الشيعة وغيرهم وأما جمهور السلف والخلف فيجوزون نكاح الكتابيات ويبيحون ذبائحهم لكن إذا قالوا لفظ المشركين عام قالوا هذه الآية مخصوصة أو منسوخة بآية المائدة وهو قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان وطائفة أخرى تجعل لفظ المشركين إذا أطلق لا يدخل فيه أهل الكتاب وأما كون النصارى فيهم شرك كما ذكره الله فهذا متفق عليه بين المسلمين كما نطق به القرآن كما أن المسلمين متفقون على أن قوله لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى لأن النصارى لم يدخلوا في لفظ الذين أشركوا كما لم يدخلوا في لفظ اليهود وكذلك قوله لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ونحو ذلك وهذا لأن لفظ الواحد تتنوع دلالته بالإفراد والاقتران فيدخل فيه مع الأفراد والتجريد ما لا يدخل فيه عند الاقتران كلفظ المعروف والمنكر في قوله تعالى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فإنه يتناول جميع ما أمر الله به فإنه معروف وجميع ما نهى عنه فإنه منكر وفي قوله لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فهنا قرن الصدقة بالمعروف والإصلاح بين الناس وكذلك المنكر في قوله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قرن الفحشاء بالمنكر وقوله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون قرن الفحشاء بالمنكر والبغي وكذلك لفظ البر والإيمان وإذا أفرده دخل فيه الأعمال والتقوى كقوله ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وقال إن الأبرار لفي نعيم وقوله إنما المؤمنون ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري وقال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون وقد يقرنه بغيره كقوله وتعاونوا على البر والتقوى وقوله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وكذلك لفظ الفقير والمسكين إذا أفرد أحدهما دخل فيه لفظ الآخر وقد يجمع بينهما في قوله إنما الصدقات للفقراء والمساكين فيكونان هنا صنفين وفي تلك المواضع صنف واحد فكذلك لفظ الشرك في مثل قوله إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا يدخل فيه جميع الكفار
أهل الكتاب وغيرهم عند عامة العلماء لأنه أفرده وجرده وإن كانوا إذا قرن بأهل الكتاب كانا صنفين وفي صحيح مسلم عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أرسل أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال لهم اغزوا بسم الله في سبيل الله في دعة قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلال ثلاث فإنهم ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم إلى الإسلام فإن أجابوك إلى ذلك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فإن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم فإن أبوا أن يتحولوا عنها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المسلمين وليس لهم في الغنيمة والفيء نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فاسألهم الجزية فإن هم أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم وهذا الحديث كان بعد نزول آية الجزية وهي إنما نزلت عام تبوك لما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم النصارى بالشام واليهود باليمن وهذا الحكم ثابت في أهل الكتاب باتفاق المسلمين كما دل عليه الكتاب والسنة ولكن تنازعوا في الجزية هل تؤخذ من غير أهل الكتاب وهذا مبسوط في موضعه اهـ
وصلى الله وسلم علىنبينا محمد
كتبه : عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله
النماص ليلة الجمعة، 26/4/1424هـ
 
قال السائل وهل قوله تعالى: "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا
نصارى" فيه إثبات مشروعية نوع موادة بين المسلم والكافر النصرانيّ؟الجواب الاية خبر عن كون النصاى اقرب الناس لمودة المسلمين وليس فيها اثبات لمودتهم لنا على الكمال كما ان ليس فيها تعرض لموقف المسلم منهم فيطلب بيان موقفه من الادلة الاخرى كقوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم و إخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون): قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) إلى قوله: (ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) .
 
أخي في الله / أبو مجاهد العبيدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحمد الله سبحانه أن هداني إلى هذا المنتدى القيّم الذي أختص بأهم العلوم وهو علوم القرآن الكريم
لا سيما وحاجة كثير من الناس إلى فهم آيات الله فهم صحيحاً

لقد ظهر لنا من يدعى العلم ويفسر لنا كتاب الله على حد فهمه . بل ويتعصب على رأيه
دون الرجوع إلى أهل العلم والإختصاص وما أكثرهم هذا اليوم وخاصة في المنتديات على الشبكه

أسأل الله جل وعلى أن يجزي القائمين على هذا المنتدى خير الجزاء ...آمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الأخ الفاضل أبا مجاهد ليس عندي رد على هذه الأسئلة القيمة التي تدل على سعة العلم زادك الله من فضله ولكن أحب أن أشغلك قليلاً بمسألة وهي القيد الذي في قوله تعالى : (( ..... والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .......... ، الآية
القيد (( من قبلكم )) هذا القيد يدل على أن نكاح نساء أهل الكتاب لا يجوز إلا بشروط وهي
1- أن تكون يهودية أو نصرانية من قبل البعثة أي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أما إن كانت يهودية أو نصرانية بعد البعثة فهي كافرة وبتالي لايحل نكاحها ولا أكل ذبائحهم ولا ينطبق عليها أحكام أهل الكتاب وإنما الحكم لمن بقي على يهوديته أو نصرانيته بعد البعثة وهذه فائدة قوله (( من قبلكم )) أي أنهم يهود أو نصارى من قبلكم أما من بعدكم ممن تهود أو تنصر فلا حكم له ولهذا اختلف العلماء في جواز أكل ذبائح بني تغلب لأنهم تهودوا بعد البعثة .
2- أن تكون محصنة شرط أساسي وفي هذا الزمن من يدري وأنت لبيب
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد
 
اخي الشيخ ابا مجاهد العبيدي
جزاكم الله خيرا
نسال الله ان يبارك فيكم وفي هذا المنتدى.. امين
 
فيما يتعلق بعود الضمير فقد وجدت له الان مثالا اخر وهو قوله تعالى :
(وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب)
فالصمير في (عمره) يرجع من ناحية اللفط والصناعة الي (معمر) ومن ناحية المعنى هو عائد علي الجنس
وبتعبير اخر : عاد عليه باعتبار الجنس .
قال ابن كثير عند هذه الاية -بواسطة اختصار الصابوني- : الضمير عائد على الجنس لان الطويل العمر في
الكتاب وفي علم الله تعالى لا ينقص من عمره وانما عاد الضمير على الجنس . قال ابن جرير : وهذا كقولهم
عندي ثوب ونصفه اي ونصف ثوب اخر. اهـ

وبالمناسبة فان موضوع مرجع الضمير في القران الكريم حري بان يكون محل دراسة الباحثين والرسائل العلمية
وفيه مباحث ممتعة وفوائد .
والله ولي التوفيق
 
السلام عليكم ورحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله

أستاذنا العزيز أبو مجاهد حفظك الله

أود هنا أن أؤكد على قولك في المحاداة

وأورد مثالا لذلك هو الحوار الذي دار بين سيدي أبو بكر رضي الله عنه وبين ولده بعد أن أسلم

وكانوا على طرفي نقيض في معركة واحدة
حيث قال الولد لأبيه أبو بكر
لقد كنت أتجنب لقاءك حتى لا أقاتلك؟؟؟

فرد عليه سيدي أبو بكر قائلا" :
لو رأيتك لقتلتك؟؟؟؟؟؟؟
من هنا نعلم جوهر المحادة

أما بالنسبة للزوجة الكتابية
فالأمر مختلف؟؟؟

فكما تعلم أستاذنا أن الكلمة في القرآن يختلف معناها تبعا" للسياق؟؟ في الآية الواردة فيها

وهذا شأن العربية كما تعلم

فالمودة هنا بين الزوجين هي مودة من نوع خاص جدا"

أو بالأحرى هذه الآية اعجاز لكل الشعراء على مدى الزمان
فقد عجز شعراء العربية عن تقديم تعريف للحب بين الحبيبين الزوجين

فجاءت هذه الآية بكلمتين فقط - المودة والرحمة--
تفصل أهم العلاقات البشرية بين الأنثى والذكر
وليس المهم هنا مايكون دين الزوجة؟؟؟

فعندما تكون المودة والرحمة --أي الحب-

ستقتنع الزوجة بديانة زوجها وكريم أخلاق الاسلام وتتحول من دينها الى دين الاسلام

ومن هذا شواهد كثيرة

أما بالنسبة لآيات النصارى
فكما أوضحت في مشاركتي المتواضعه أن القول بأنهم الذين أسلموا من الحبشة أمر غير منطقي للأسباب التاليه

1-أن الله صرح على لسانهم قولهم انا نصارى
فهم لازالوا على دينهم
وقولك الذي أوردته عن قتادة رائع

2- لو أنهم أسلموا كما يتوقع السلف وأنهم هم قوم النجاشي
فان هذا يعني تفرق المسلمين الى طوائف والعياذ بالله
فيكون المسلم من أصل يهودي؟؟
والمسلم من أصل نصراني؟؟
والمسلم من أصل وثني؟؟ ( العرب)
3- هل من المعقول أن يكون المسلم من أصل وثني خير من المسلم العربي من أصل نصراني؟؟

وهذا كما تعلم يخالف الآية العظيمة (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )

لذلك أستبعد نهائيأ قول المفسرين أنهم قوم النجاشي الذين أسلموا
ولو كان كذلك لقال تعالى على لسانهم (انا مسلمين)
وليس كماورد بالآيات انا نصارى

ولقالوا اكتبنا من الشاهدين

وليس مع الشاهدين؟؟؟
وانت تعلم الفرق بين مع و من

الأمر الآخر الذي شدني الى وضع الموضوع وهو الأهم
هو تأكيد حديث البشرى بما يؤيده من القرآن
ولهذا السبب اخترت عنوان المشاركة (البشرى العظيمة )

أخيرا
أستاذنا العزيز
وأخوتي الأعزاء في هذا الملتقى المبارك المتميز

أحب أن أضيف أنه لايعلم تأويله الا الله؟؟؟

وكل ماجاء من تفاسير قديمة أو حديثة لا أسميها الا خواطر وتأملات
حتى المرحوم الشعراوي لم يجرؤ أن يسمي ماقال ( تفسير )
بل خواطر لأنها الأصح
وتذكروا معي قوله تعالى يوم يأتي تأويله
 
قوله تعالى: "لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"
الذي يحادد الله ورسوله هو الذي يقف حدا وحاجزا أمام الدعوة.
لنأخذ مثلا : أبو لهب وأبو طالب.
أبو لهب حاد الله ورسوله وقف أمام الدعوة ، هذا لعنه الله في القرآن.
أما أبو طالب لم يحادد الله ورسوله ، ولقد أخبرنا القرآن : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء..) فرسول الله أبغض أبا لهب و ( ود ) و(أحب) الهداية لعمه أبي طالب ، كما أن الآية تتضمن (من أحببت) تثبت حب الرسول لمن يتمنى هدايته وهو عمه أبو طالب (والود من الحب) فلو كان أبا طالب من الذين حادوا الله ورسوله لتصرف الرسول صلى الله عليه وسلم وفقا للآية.
ولكن الآية تعني الذين يحاربون الدعوة ويقفون حاجزا أمام وصولها إلى الناس ، فالآية نزلت في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه في المعركة
، فعلى هذه الحادثة يقاس الحكم ، فقد وقف الجراح أمام الدعوة وحارب الله ورسوله إلى أن قتل على يد ابنه في المعركة.
فهذه الآية تفسرها آية أخرى : إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولائك هم الظالمون).
أما الذين لم يحادوا الله ورسوله ولم يحاربوا الإسلام فهؤلاء يقول الله عنهم : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
 
إلى الشيخ أبي مجاهد : [وجهة نظر تحتاج إلى تصويبكم ]

في تقييمي للحوار أظن أنكم في مسألتكم بدأتم تبحثون عن آثار المسألة وما يترتب عليها دون البحث في أصل المسألة وهذا يقع فيه كثير من الناس فيطول الحوار وتتشعب المسألة لأنهم لم يحرروا محل النزاع ولم يبدأوا من أول المسألة

أعتقد أنه في بحثكم لهذه المسألة كان الواجب أن تبحث وتحرر مسألتين بعدها ستجد الإجابة على استفسارك لكل الأدلة الواردة :

1 - ماهو حد البراء الواجب من الكفار أو بعبارة أخرى : ماهي المودة المحرمة ؟

2 - هذه الآية هل هي خاصة بالمحاربين أم على العموم ؟ فإن كانت خاصة بالمحاربين لقوله " حاد " ولسياق الآية قبلها " فلا إشكال فيها

وإن كانت عامة فلابد من تفسير الآية الأخرى في نفس السورة " أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين " وقوله" أن تبروهم " لابد أن نفسر ماهو البر لغة وشرعا وماهي المعاني التي ستدخل في هذا اللفظ من حيث الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية ثم سننظر إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في معاملته مع الكفار ومع من حاد الله ورسوله


أعتذر عن اختصار الكلام ولكن أردت فقط أن أسألكم هل توافقونني في هذه الملاحظة أم تقول " قل خيرا أو اصمت"

المقرئ
 
أخي الكريم : المقرئ

أشكرك على تعليقك ، وأسعد بمشاركتك

والمبدأ الذي بدأت به تعليقك صحيح ولا إشكال في كونه من أصول الحوار

أما بقية كلامك ؛ فهو متعلق بمسألة واحدة من الحوار ، وهي المسألة الأولى التي تفرعت عنها بقية المسائل .

وأظن أن الأمر فيها يسير لو اقتصر سؤال السائل عليها .

ولكن الخلاف الكبير كان في آية المائدة : (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ....)) ، ومن المقصود بالذين قالوا إنا نصارى ؟

ولعلك تتحفنا برأيك حول هذه المسألة بالتحديد ، ورأيك يهمني كثيراً وفقك الله وسددك ...
 
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم :

في نظري أن هذا البحث مهم جدا لاسيما معكم أهل التفسير فإن هناك وبكل أسف تفريط كثير في بحث هذه القضية فتجد المهتمين بالعقائد في زمننا هذا يفسرون النصوص ببعد كثير عن تفسير المفسرين وخير شاهد على هذا الكلام قضيتنا هذه @ قم بدراسة لمن تكلم في زماننا وقارنها بكلام المفسرين ستجد أن الأمر بحاجة إلى إعادة نظر وأن المشتغلين بالتفسير قد قصروا بواجبهم -وكلنا ذلك المقصر- من حيث صيانة كلام الباري عن تفسير الغالين وانتهاك المبطلين

عموما : المسألة التي أردت رأيي فيها وإن كنت كما قيل -تسمع جعجعة .. -

لا يخفى على فطن مثلك أن في قوله تعالة " إنا نصارى" ثلاثة أقوال

والذي يظهر لي أن المقصود بها أنها عام في كل النصارى .
بسبب أن الله جل وعلا قرر قرب مودتهم للذين ءامنوا بوصفين لعموم النصارى لا توجد في عموم اليهود ولا غيرها من الشرائع
الأول : أن منهم قسيسين ورهبانا " وهذا ظاهر في العمل والخشية والتقرب إلى الله

الثاني : أنهم لا يستكبرون لأن الكبر بطر الحق والله جل وعلا قال " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق

ثم دلل الله جل وعلا على قرب المودة أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق

فهذا يبين أنهم فعلا أقرب الناس إلى الذين ءامنوا

بخلاف اليهود الذين قال الله فيهم " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير " وغيرها من الآيات الكثيرة التي تدل على استكبارهم وعنادهم

أرجو أن أكون إجابتي هي عين سؤالك

المقرئ
 
نسيت أن أضيف معنى جميلا ذكره بعض المفسرين في قوله " أشد الناس عداوة " احتراز من جنس الشياطين وأبيهم إبليس


المقرئ
 
أستسمحكم عذرا بإقحام نفسي في هذا الموضوع وأرجو الله لكم التوفيق للوصول إلى حكم الله في هذا الأمر...
إن اللاهث وراء الهدى لابد واصل (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)

هل تتفقون معي بأن المحبة والمودة أمران في طبيعتهما قهريان كما أن الكراهية والبغضاء قهريان أيضاً
فنحن نحب ونكره بطبيعتنا ولا ندرك في كثير من الأحيان لماذا وكيف أحببنا أو كرهنا شخصا ما، فهذان أمران يقعان في وجدان المرء يتحركان وفق قوانين وجدانية يصعب على الكثير التحكم فيها، ولعل بعض ما يؤثر في حركتهما ما يلي:
1. الشهوات الجسدية والماديةك من يقضي للمرء شهوته سيكون محبوبا له وسيحصل على مودته (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) (زين للناس حب الشهوات...)
2. الحاجات الروحية والعقليةك من يستطيع أن يكون ملجأً للمرء في مشاكله النفسية ومن يقدم العلم النافع للمرء سينال محبته ومودته (إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) <من علمني حرفا صرت له عبدا>
3. الثقافة العامة والعقائد المكتسبةك (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ) فلنا أن نفهم أن إبراهيم أحب الكوكب لأنه ربه المفترض فلما أفل ترك حبه.
هكذا تتكون لدى كل فرد منا علاقات مع الأشياء مبنية على المحبة والمودة وعلاقات أخرى مبنية على الكراهية والبغضاء، فهل يريد الشرع لنا أن نكره من نحب أو أن نحب من نكره بدون تفصيل.
فنحن نحب المال فهل علينا أن نكره المال لأنه شهوة مزينة
نحن نحب شهوة النساء فهل علينا أن نكره ذلك...
....
ومن بين هذه الأمور المحبوبة لدى الناس بالطبيعة هم الآباء والأمهات والأخوة والأخوات والزوجات والأبناء والأصدقاء والعشيرة ...
فهل علينا بمجرد الدخول في الإسلام جبر النفس على كرههم وعداوتهم إذا لم يسلموا دون أي تفصيل؟
 (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) هكذا يجب أن نتعامل مع الآباء
 (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا) فهل كان الرسل يمارسون الكره وهم يدعون الناس إلى الله ومن سيقبل منهم ذلك ومن سيستجيب لهم على هذه الحال..
إذاً فمن علينا أن نحب ومن علينا أن نكره ومتى يكون ذلك؟
(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) لم يزل آزر على كفره منذ أرسل إبراهيم إلى قومه إلى أن تبين لإبراهيم أن آزر عدو لله بحسب الآية، فما معنى العداوة هنا؟ فآزر لا يزال قائماً على الكفر منذ اللحظة الأولى، وهذا أمر بيِّن لإبراهيم فهو يدعوه لعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، أظن أن العداوة هذه هي كعداوة إبليس لله فعندما تبين إبراهيم ذلك من أبيه آزر (أي أنه ليس كافراً بالله فحسب وإنما بات عدوا لله) تبرأ منه.
(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ..) أحب صيغة تفضيل وهي تذم من يحب أولئك حباً يزيد على محبته لله والرسول، دون تفريق بين أن يكونوا مؤمنين أو غير مؤمنين بدليل الآية التي سبقتها (.. لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ ..) فأظن أن المحبة هذه غير مرفوضة بالشرع رفضاً محضاً وإنما إن وضعت موضع التفضيل وجب على المسلم تقديم محبة الله ورسوله قولا وعملاً على محبة غيره بما في ذلك المال والنفس والولد وما دونهم.

وأما الآية موضع البحث (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..) فقد أصبحت واضحة بما سبق من التوضيح، وهو أن المودة والمحبة كانت موجودة من قبل المؤمنين لأولئك الكافرين فلما تبين لهم عداوتهم (يحادون) كان عليهم أن يتبرؤا منهم على ما كان من إبراهيم عليه السلام ويقدموا حب الله ورسوله على حب أولئك وإن لم يستطيعوا نزع محبتهم كاملة من قلوبهم، فكأني بالواحد منهم يقول إن الله ورسوله أحب إلي منكم وإن كنت أحبكم.
علينا أن نعلم بأن الحب لا يملكه الإنسان بيده فقد يحب من ليس على دينه وقد يكره من هو على دينه ولهذا جاء الأمر بالتولي وعدم التولي وليس بالمحبة وعدم المحبة في علاقة الإنسان بالإنسان سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن، والتولي لا يستلزم المحبة بالضرورة، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ..)
لذلك لا تجد للنهي عن المحبة لغير المؤمنين ذكر في كتاب الله، وإنما كان النهي عن المودة لهم في الآية موضع البحث في حال كونهم يحادون الله ورسوله أي عند بيان أنهم أعداء لله ورسوله.
فالناس ( إما أخ لك في الدين أو شريك لك في الخلق)
والرسول (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) هل البغضاء والكراهية هي التي جعلت الرسول على هذا النحو من الرأفة والرحمة بالناس أم خوفه عليهم وحبه الهداية لهم، ومن يشقى لأجلك ويتعب لنجاتك ألست تسمه بأنه يحبك وإن كره فعلك وعملك.
لم ينهنا الله عن محبة الآباء والأبناء و... ولكن نهانا عن اتخاذهم أولياء وعن تفضيلهم على الله ورسوله في المحبة سواء كانوا مؤمنين أو كافرين.
إن الأخلاق الحميدة والعلائق الطيبة التي أسس لها المصطفى هي من أهم ركائز القوة في الإسلام ولولا ذلك لاضطربت مشاعر المؤمنين وما استقرت نفوسهم على الإيمان وهم حديثي عهد به (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، ولنسأل أنفسنا لو أسلم أحد المسيحيين وأمر بإبداء العداوة والبغضاء لأهله من المسيحيين فهل سيكون سعيداً بذلك، في حين لو قيل له بأن الله لا ينهاك عما بينك وبين أهلك من المودة بل يأمرك ببرهم والقسط إليهم وخصوصاً والديك إلا إذا أظهروا لك ولله عداوة فعليك أن تتبرأ منهم ألن يجعله ذلك سعيداً وصلباً في الثبات على الحق لأنه أمر لا يتقاطع مع الطبيعة الإنسانية والإسلام دين محبة وأخوة لجميع البشر ما عدا أولئك المعادين لله ولرسوله.

والله أعلم
وأرجو منكم المعذرة على الإطالة
 
فائدة : جاء في تفسير أبي السعود بعد أن ذكر تفسير قول الله عز وجل في آخر الآية : ﴿ وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾(المائدة: من الآية82) : ( وهذه الخَصلةُ شاملة لجميع أفراد الجنس ؛ فسببـيّتُها لأقربـيّتهم مودةً للمؤمنين واضحة . وفيه دليل على أن التواضع والإقبال على العلم والعمل والإعراض عن الشهوات محمودٌ وإن كان ذلك من كافر. )
 
وممن قرر ما ذكرتُه في آخر الحوار السابق : ابن عطية رحمه الله ؛ فقد قال : ( وصدر الآية في قرب المودة عام فيهم ، ولا يتوجه أن يكون صدر الآية خاصا فيمن آمن ؛ لأن من آمن فهو من الذين آمنوا وليس يقال فيه : " قالوا إنا نصارى" ، ولا يقال في مؤمنين : "ذلك بأن منهم قسيسين" ، ولا يقال : "إنهم أقرب مودة" ، بل من آمن فهو أهل مودة محضة . وإنما وقع التخصيص من قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا …﴾(المائدة: من الآية83) وجاء الضمير عاما إذ قد تحمد الجماعة بفعل واحد منها .) انتهى .
 
إخوتي الأكارم:

لنعد معاً إلى أصل الموضوع : كيف تتفق المودة والرحمة بين زوج مسلم وزوجته الكتابية، مع المطالبة بعدم محبتهم؟



(( الحكم على الشيء فرع عن تصوره )) قاعدة جليلة ينبغي ألا يغفلها كل من يتصدى لفهم قصة أو تفسير قولٍ..

مثلاً: انتقص بعض الناس من الحجاج قائلاً: ما هو إلا معلم صبيان.
فرد عليهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ببيان أن مهنة تعليم الصبيان كانت في زمن الحجاج، حكراً على سادة القوم، وعلمائهم، ودليل عز وجاه لا يناله كل أحد.. فلم تكن حرفة يُعتاش بها كزماننا. انظر: مقدمة ابن خلدون، ص29.
=====

ومثل هذا كنت أطالب به غير المسلمين حين كان يحاكم النظام الإسلامي في تعامله مع قضية الرق في الإسلام .. مثلاً.


في الحقيقة: (وليسامحني السادة الأفاضل بشدة) أننا لا نحسن تصوُّر المسألة بحقيقتها.
فقد ترسخ في عقلنا الباطن ـ العقل اللاواعي ـ عدة أمور مبالغ فيها كالنظرة إلى ((كل)) الإخوة الأشاعرة، وضعف أدلتهم. ومثله الحكم (( بالمطلق )) على المتصوفة والدعاة من جماعة الدعوة والتبليغ او الإخوان...

فكيف بالحكم (( المطلق )) على العوام من أتباع الديانات الأخرى بأنهم كلهم ذئاب كاسرة ووحوش تنتظر الانقضاض علينا!!

نحن نجلس أعلى برج عاجي، ونحكم على { أهل الضلال } ونحدد أسس التعامل معهم دون تطبيق أيٍّ من ذلك عملياً.

أنا أتكلم هنا عن عقلاء غير المسلمين وهم أكثر وأعقل مما يظن كثير منا ......

واسمحوا لي أن أتجاوز حدي وأقول: كل من لم يناظر أحداً من غير المسلمين، لن يتقن التنظير في هكذا مسائل.. مهما قرأ من كتب وتعلم من مشايخ

كما لا يتقن التنظير في السباحة وقيادة السيارات.. ولا الخطابة أو التجويد أو تخريج الحديث... من لم يؤدها عملياً. ولو قرأ ألف كتاب عنها.
[ قارن ما كتب الداعية الحبيب د. منقذ السقار بعنوان: " الحوار مع أتباع الأديان " في مكتبة مشكاة.. مع ما كتب غيره من المنظرين (الدعاة)].


وتخيلوا بالله عليكم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما ناظر أحداً من غير المسلمين خاطبه يا ضال يا كافر ... ألم تكن هناك نقاط محددة من ((المحبة)) بما تشمله من (( المودة )) و((الرحمة))

وبالله عليكم ما كانت مودة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لأمه المشركة ؟ إنها مودة فطرية أقرها الإسلام ووضع لها ضوابط ..

تذكروا إخوتي.. ليس كل الكفار أغراب أجانب يجب أن نضع بيننا وبينهم ستاراً حديدياً..

لا بد من علاقة،، علاقة تحكمها المحبة والمودة ... لكنها محبة دون محبة .. ومودة دون مودة ..

وهل هو إنسان ذاك الذي يقابل المحبة والود بالبغض والحقد بحجة أن أفكاره تخالف أفكاري ؟!
أين إنسانية الإنسان ؟!

إن مشاعر المحبة ليست أمراً مطلقاً بل هي تزيد وتنقص كماً ونوعاً بحسب علاقتك مع ذلك الآخر قرابةً أو جواراً أو مصالح مشتركة.

مصالح مشتركة بيني وبين كافر ؟؟!!

قطعاً .. ولنتجاوز العلاقات الدولية مع الكفار وما فيها من مصالح متبادلة (كالمصالح المتبادلة في حلف كحلف الفضول)، ونتحدث عن جارك غير المسلم الذي يريد جداره أن ينقض فأقمته معه خشية أن يقع على ابنك أو أحد من المسلمين أو أحد من (الناس).

مصلحة جارك النصراني ستراعيها حتماً إن وجدت لصاً يزعم الإسلام يسرقه .. وكذا مصلحتكما المشتركة وأنتما متجاوران في بناية تسرب منها الماء غير الطاهر ... الخ.

ألا يكفي ما تسببه علاقة الجوار والمواطَنة والإنسانية والزمالة.. من مصالح مشتركة وذكريات ومواقف وعلاقات... المسلم هو الأحوج إليها خاصة في بلاد هي ليست له أصلاً ؟
ولماذا تلك الأنانية ؟! إن كانت العلاقة لمصلحة المسلم (المادية العاطفية الإنسانية..) تكون مشروعة؛ لضرورتها.. أما مصلحة (لآخر) فلا يُلتفت إليها ؟!


ومن المم أن نتبين الفرق " إخوتي " بين المحبة المؤدية إلى الولاية (الولاء والبراء) فالمحبة مع ولاية الكفار نصرةً لهم على باطلهم لا تجوز بأي حال.. ومن يتولهم حين ذاك فإنه منهم.. ولا كرامة.
هنا نفهم قتل أبي عبيدة لأبيه في المعركة .. مقابل رحمة سعد بن أبي وقاص بأمه المشركة ..
وقد نزلت آيات من القرآن الكريم تؤيد هذا وذاك رضي الله عنهم أجمعين.


أما مودة الطالب المسلم في حديثه وتعاونه مع زميله الطالب غير المسلم فليس فيها ولاية ولا نصرة بل هي معاملة إنسانية يتعامل بها الناس معاً.
ولك أن تتخيل مودة طالب مسلم متفوق مع طالب غير مسلم لكنه مسالم وعاقل ... وفي الوقت ذاته هناك زميل له آخر يزعم الإسلام لكنه مهمل في دراسته يفعل الموبقات .... الخ

لا تظنن الأمر خيالي .. بل موجود بكثرة وقد عاينت وسمعت كثيراً منها.

وهذه المودة جزء من مئات الأجزاء من المودة التي تختلف عما بينه وبين إخوته المسلمين بدرجات ودرجات.

وتختلف بالكم والنوع بحسب عدة ظروف وأحوال وعلاقات ...

(( مودة دون مودة ))

ليس منها قطعاً المودة المؤدية إلى الولاية والمناصرة من دون المسلمين.



لا أدري لولا مودة التجار المسلمين مع تجار سواحل آسيا وإفريقيا هل انتشر الإسلام فيها ؟

كيف عرض محمد صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل ... بمودة أم ...
ولولا الرحمة لما زار سيدنا محمد الطفل اليهودي المحتضر مما دفع والده ليقول له: " أطع أبا القاسم ".

ألبس للمودة والرحمة أثر يظهر على الجوارح وخاصة الوجه ؟ أم يأمرنا الإسلام بالمراوغة والخداع وإظهار ما ليس في الباطن ؟
أليست الرحمة هي أساس التعامل بين الناس .. الإنسان ذاك المخلوق العاقل ؟

--------------

لنعد إلى كون الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

من يعيش في مكة أو الطائف ..... أو أي مدينة كل أهلها مسلمون ولم يحتك مباشرة وجهاً لوجه مع أحد عقلاء اتباع ديانة أخرى ...
من تربى تربيتنا ويحمل نظرتنا لغير المسلمين: يصعب عليه تصور المودة والرحمة بين مسلم وغيره.

لكن من تعامل مع كثير من عقلاء أتباع الديانات الأخرى لابد له من الاقتناع بأن تبادل المودة والرحمة مع ذلك الآخر أمر طبيعي بل مطلوب وإلا لتحولت حياته هو إلى جحيم.. فالإنسان لا ينفك محتاجاً لغيره فما الإنسان إلى مشاعر يضبطها عقله.

محبة [مودة ورحمة] محدودة بضوابط ... لكنها لا تتطور إلى محبة ولاية ونصرة أبداً. بل هي أنس إنسان بإنسان، حكمت الظروف المسيِّرة للإنسان أن يكون جاره أو زميله في العمل فضلاً عن أن يكون رئيسه في العمل أو رئيس بلاده.


وإلا فليهاجر مليار ونصف مسلم إلى جزيرة العرب، وتنتهي المشكلة !!

لا يستغرب وجود محبة [مودة ورحمة] بين مسلم وزوجته الكتابية (والمحبة هي القَسَم الذي لا يملكه حتى صفوة الناس)
لكن في الوقت ذاته لا تكون محبة مؤدية إلى مناصرتها على الدعوة إلى باطلها.. كتعليق الصليب في البيت أو تربية الأولاد على عقيدتها ... عندها سيكون له يد في زيادة عدد غير المسلمين بطريقة مباشرة او غير مباشرة وتلك ولايتهم.. وبالتالي: فإنه منهم !!

من جهة أخرى كم من مسلم أدت (( محبته ومودته)) إلى زوجته الكتابية لهدايتها على يده ... فضلاً عن التأثير في أهلها..
فالرفق ما كان في شيء إلا زانه .. وتخيل رفقاً بلا رحمة أيكون ؟

ولنتذكر مرة أخرى: ليس كل مسلم يسكن مكة المكرمة ولا إنسان ولِد حيث شاء وتمنى فانتفى جيرانه...

==========

بعد أن تتأمل ما سبق.. يتبين لك صواب ما ذكر شيخ الإسلام رحمة الله تعالى عليه : " كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع، مناظرة تقطع دابرهم .. لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفَّى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور، وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامُه العلم واليقين "
انظر: درء تعارض العلم والنقل: 1/ 357


مرة أخرى: " .... ولا أفاد كلامُه العلم واليقين ".

هذا حق، شيخي يا شيخ الإسلام.. وكم من أمرٍ مسلَّم به في ديننا تبين لنا أننا كنا ننظر إليه من زاوية واحدة، كنا نظن أنها هي الصحيحة.. لكن وبعد المناظرة ورد الشبهات حوله تبين أن له وجوها أدق وأحكم.
وسبحان من أحاط بكل شيء علماً


------------------------------------------
ملاحظة: بمناسبة الحديث عن (عقلاء الآخر) فأبشركم بإسلام أحد أشهر اللادينيين وأقساهم نقداً للإسلام وأنشطهم مناظرة وجدالاً وطرحا للشبهات على الإنترنت,, أسلم يوم العيد، ثم انقلب بفضل الله داعية في المنتدى ذاته الذي كان سبباً في هدايته..... لكن .....
حدثت تفجيرات في عمان الأربعاء الماضي وتوفي أعز أقاربه فيها.. تخيلوا موقفنا معه كم هو حرج... !!!

صدقت يا رب: " وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ".

ولا حول ولا قوة إلا بالله.


................................................................................................................

أما قوله تعالى: " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى .. ". فلا ينطبق على من نسميهم نصارى، ويسمون أنفسهم مسيحيين..


فالأمر يحتاج مقدمات ونتائج كم سيتم بيانه في الرد هنا:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=16221#post16221

مع محبتي
 
المودة القلبية غير المعاملة الظاهرية
 
أخي الحبيب: هل يمكن التصديق بأن شخصاً تزوج زوجته الكتابية دون وجود مودة قلبية معها ؟ لماذا تزوجها إذاً ؟!

أليست مودة الزوج لزوجته هي " القَسَمُ " الذي لا يملكه الإنسان (الميل القلبي) ؟

لا أقبل أخي الكريم مودة من يود زوجته الكتابية ودليلاً على مودتها يعلق الصليب أويشاركها في احتفالات دينها ... لذلك قلت: " إن من يفعل ذلك فإنه منهم ولا كرامة ".
انظر كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية.


لكن لا يؤاخَذُ من يود زوجته الكتابية ويحضر لها وردة أو يكلمها بحنان ... ويتلطف في عشرتها.. فتلك مودة أيضاً.. وهي انعكاس للمودة القلبية.
بل تلك المودة التي تحببها في الإسلام وتؤثر في أهلها ...


وهذا ما قصدته بقولي: مودة دون مودة.

مع محبتي
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ...

إجمالا:
الموضوع الأول : هناك فرق بين عمل الظاهر بالجوارح وبين عمل الباطن في القلب
فليسا هما عمل واحد حتى نتوهم وجود التعارض من اجتماعهما
فمن الممكن أن يجتمعا

الموضوع الثاني : هناك فرق بين أن نصرف مودة لشخص ما بسبب اتصافه بصفة ما وبين أن نصرف عدم مودة لنفس الشخص إذا اتصف بصفة أخرى

====

تفصيلا:
أخي الكريم ...تأمل خلاصة ما توصلتَ إليه في مقالك _الذي سبق ردي _
من أنه لا يمكن الجمع بين ((عدم المودة القلبية الباطنية))
وبين حُسن المعاملة الظاهرية
!
فأنتَ جعلتَ (( عدم المودة القلبية الباطنية تجاه المحادة لله ورسوله ))
وجعلت (( معاملتها الظاهرية ))
شيئا واحدا
لذا نشأ التعارض التالي :
لا يمكن الجمع
بين ((عدم مودتها)) لمحادتها لله ورسوله
وبين (( حسن معاملتها)) ...

ولذا ففي ردي السابق أحببتُ تذكيرك بضرورة التفريق بين الباطن والظاهر أولا وقبل كل شيء ، وذلك حتى ترى سهولة الجمع بينهما فيما بعد
وتلك لعمر الله قاعدة عظيمة
فقبل البحث عن الجمع لننظر هل هناك ثمة تعارض أصلا

لنتأمل :
أليس من الممكن شرعا وعقلا وواقعا ... أن تـُـحسنَ المعاملة الظاهرية مع من تكنّ له بغضا ؟
أخال جوابك الآن سيكون نعم
_ هذا فيما يتعلقا بالبغض المطلق فمن باب أولى إمكانية حسن معاملة من نكن له بعضَ بغضٍ لبعضِ صفات ذميمة فيه مع وجود مودةٍ له لبعض صفات حميدة فيه وسيأتي الحديث مفصلا عن ذلك إن شاء الله _

إذن ... ليسا هما بعملين متضادين حتى نضطر أن نبحث لهما عن جمع ..

ولذا تجد أن الله قد أجاز لنا أعمالا ((ظاهرية)) من بر وقسط مع من لم يقاتلنا في الدين ولم يخرجنا من ديارنا
وفي نفس الوقت حـرَّم علينا أن ((نوده بقلوبنا ))حالَ محادته لله ورسوله
فانظر كيف اجتمعت ((عدم مودة)) قلب
مع (( مودة )) عمل

أما إذا قاتلنا الكافر في الدين وأخرجنا من ديارنا وظاهر على إخراجنا ..
فعندئذ سنـــَحرمه حتى من حُسن المعاملة الظاهرية فلا بر ولا قسط ولا ولاء ... لأنه هو الذي ظلمَ فحَرَمَ نفسه من
(( ودنا الظاهري والباطني ))

ومجمل القول في الموضوع الأول :
أن بغض القلب عمل باطن
وأن حسن المعاملة عمل ظاهر
وأن الجمع بينهما ممكن عقلا وشرعا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانيا :
كما قيل عن التفريق بين عمل الظاهر والباطن
فكذلك هناك تفريق بين أعمال الظاهر بعضها عن بعض
وهناك تفريق بين أعمال الباطن بعضها عن بعض
وذلك عندما يمزج الشخص الآخر بين صفات توجب حبا وصفات توجب بغضا

بالنسبة لمودة الكافر ( المذكورة في آية سورة المجادلة )
ومودة الزوجة ( المذكورة في آية سورة الروم )
ومودة النصارى ( المذكورة في آية سورة المائدة )
على الرغم من أن هذه المودات يمكن حملها على أنها باطنية ويمكن حملها على أنها ظاهرية
على الرغم من ذلك فإننا سواء إن حملناها على أنها أعمال ظاهرية فلا تعارض بينها
أو إن حملناها على أنها أعمال باطنية فلا تعارض بينها
والحمد لله رب العالمين
لماذا ؟

لأنها في المحملين ليست متجهة منا لصفة واحدة في تلك النصرانية _مثلا_ حتى تتعارض

_( ملاحظة : لأن الموضوع هنا عن القلب فسأحصر الحديث عنه )_

فمودة نشأت في قلوبنا بسبب وجود صفة القرب الزوجية عند تلك النصرانية
ومودة نشأت في قلوبنا بسبب صفة اقترابها من الهداية
وعدم مودة نشأت في قلوبنا بسبب صفة محادتها لله ورسوله

ولذا فالعقل والشرع يسوغان أن تود شخصا ما (( حالَ )) فعله لصفة ممدوحة ..
وفي نفس الوقت
فالعقل والشرع يسوغان أن لا تود ذلك الشخص بل تبغضه (( حالَ )) فعله لصفة مذمومة
فانظر كيف اجتمع في ((قلوبنا)) حب وبغض
ثم تأمل جيدا وأطل التأمل فهذا الحب وهذا البغض لم يكونا متجهين لصفة واحدة في الشخص المقابل
وإنما لصفتين مختلفتين بل مختلفتين تماما
وهذا موضع الإشكال
عندما ظن بعض الإخوة أن المودة مصروفة لصفة واحدة فقط فوقف كل فريق في ضفة ..
وهذا يذكرني أخي الكريم بالقاعدة التي أنت أطنبت الحديث عنها وهي قاعدة
(( الحكم على شيء فرع من تصوره ))
فكل فريق طبق تلك القاعدة في طرف واحد للقضية
بينما الصواب أن نطبق تلك القاعدة في كل الأطراف لتلك القضية

فكما نطالب أن ننتبه لتلك القاعدة في جانب:
--- ضرورة ((مودة)) الزوجة الكتابية ---
فعلينا أن نطالب بالانتباه لنفس تلك القاعدة في جانب:
--- ضرورة ((عدم مودة)) من حاد الله ورسوله ---
فإن لم نفعل سنجد أنفسنا قد ضربنا القرآن بعضه ببعض

معذرة على الاسترسال

ولنعد إلى أصل المسألة
سنجد الكثير من أهل العلم ومنهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
_أثناء شرحه للعقيدة الواسطية في الشريط رقم 26 _
يخبر بأن علينا أن نحب المؤمن العاصي حسب ما معه من إيمان
ونبغضه حسب ما معه من معصية ..

فلاحظ إمكانية اجتماع ((الحب وعدم الحب)) شرعا وعقلا
وكذلك اجتماع ((المودة وعدم المودة))
فأنت مثلا تود فلانا لأنه كريم
ولكنك في نفس الوقت لا توده لأنه كذاب
حقا أنت ((اختلفتَ)) فأنت تحبه وفي نفس الوقت تبغضه
ولكن اختلافك هذا هو الجزاء العادل والمعاملة الصائبة منك
لأنه هو الذي ((اختلف)) أولا فجمع صفة حميدة وصفة سيئة


وقل مثل ذلك في كونك
توده لأنه برَّ بوالديه
ولكنك
لا توده لأنه شرب الخمر
وقس على ذلك ما شئت من أمثلة لا حصر لها
وستجزم بعدها إمكانية اجتماع المودة وعدم المودة
خاصة في مسألتنا .. فعلى سبيل المثال لو كانت لك :
1- زوجة نصرانية
2- تزعم أن لله ولد
3- لها رغبة في الهداية

فعندئذ لقلبك معها ثلاث مودات:
1- فأنت ((تودها)) مودة زوجة
وذلك لوجود العلاقة الزوجية المذكورة في قوله تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ ((مَوَدَّةً )) وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

2- وفي نفس الوقت فأنت ((تودها)) .. (( حالَ )) رغبتها في الهداية
كما قال الله سبحانه:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ (( مَوَدَّةً )) لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ

3- وفي نفس الوقت فأنت (( لا تودها)) .. (( حالَ )) محادتها لله ورسوله

وبهذا تنتظم الأدلة ونعمل بها جميعا

وكما أعطيتَ القسم الأول والثاني حقه من الشرح
فاسمح لي أن أعطي القسم الثالث_الأهم_ من الشرح

فأنت بأمور بألا تود تلك الزوجة النصرانية حالَ محادتها لله ورسوله وذلك حتى لا تـُـسلبَ الإيمان كما قال سبحانه:
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (( يُوَادُّونَ)) مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ..

وكما أنت مأمور بذلك الأمر المحكم _ وما أكثر المحكمات في هذا القسم الثالث_
فأنت أيضا مأمور بأمر محكمٍ أشد منه وهو :
أن تبدي لها العداوة والبغضاء لأن الله أوجب عليك ذلك تأسيا بـــ :
إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ
(( وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ))
أَبَداً
"حَتَّى" تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ..

والإنسان المؤمن هو الوحيد الذي لن يتعجب من هذه الشدة
لأنه سيتذكر شدة جرم تلك النصرانية .. إنه جرم :
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ
وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ
وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً

فطالما هي مقيمة على (( صفة المحادة لله ورسوله ))
فأنت مأمور أن تقيم على صفة ((عدم المودة))
فإن فعلتَ ذلك ستنجو من أن تكونَ فتنة لها :
رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسأل الله لي ولك ولبقية إخواني الهداية والتوفيق والعفو ومغفرة الذنوب ما تقدم منها وما تأخر
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 
السلام عليكم أخي الفاضل..
أتفق معك فيما ذكرته أعلاه وأشكرك عليه .. ولكن لي بعض الملاحظات ..

---------------

اقتباس:
أليس من الممكن شرعا وعقلا وواقعا ... أن تـُـحسنَ المعاملة الظاهرية مع من تكنّ له بغضا ؟


---------------

صحيح: انظر حديث: " بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة ... ". وانظر شروحه، وخاصة شرح ترجمة البخاري للأبواب الثلاثة التي ورد فيها الحديث الشريف من كتاب (الأدب) في الصحيح، وعلاقتها به.

---------------

اقتباس:
ولذا تجد أن الله قد أجاز لنا أعمالا ((ظاهرية)) من بر وقسط مع من لم يقاتلنا في الدين ولم يخرجنا من ديارنا
وفي نفس الوقت حـرَّم علينا أن ((نوده بقلوبنا ))حالَ محادته لله ورسوله
فانظر كيف اجتمعت ((عدم مودة)) قلب
مع (( مودة )) عمل

---------------------

صحيح: وهذا يمكن أن تتصوره مع تاجر سرياني.. يهودي.. تشتري من عنده بضاعة وتعود لبيتك..

ولكن إن كانت ابنته هي التي اخترتها لتكون (سَكناً لك) ولباساً يستر عورتك وصدراً حنوناً تتلمس منه الراحة العاطفية التي ما كنت لتتزوجها لولا أنك تطلب ذاك.... كل ذلك لا يمكن تصوره بدون مودة قلبية نتجت عن علاقة مباحة شرعاً .. بل تؤجَر عليها (وفي بضع أحدكم صدقة.. اللقمة التي تضعها في فمها صدقة..)

علاقة تزداد وداً مع مرور الأيام وتكرار العلاقات والعشرة و.... و.... والأبناء.


منطلقاً من هنا ... يمكن الرد على ما تفضلت به ((بغض القلب عمل باطن وحسن المعاملة عمل ظاهر والجمع بينهما ممكن عقلا وشرعا ))
إنه ممكن مع التاجر.. الجار.. زميل العمل.. رئيس الدولة الأجنبية الذي أتمتع بجنسية دولته وتسهيلاتها على حياتي....
أما مع مكان السكن ... مع بيت الراحة والطمأنينة .. مع شريك حياتك ... الذي يسهر عليك طول الليل حين تمرض.. ويتحمل منك حالتك النفسية .. ويلبي حاجاتك المختلفة.. بعد كل هذا لا توده قلبياً !!!

" هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ " ؟

مودة الزوجين أرقى أنواع المودة .. وما ينتج عنها من علاقات لا يمكن أن ينتج عنه (عدم) المودة.

---------------------

اقتباس:
فكما نطالب أن ننتبه لتلك القاعدة في جانب:
--- ضرورة ((مودة)) الزوجة الكتابية ---
فعلينا أن نطالب بالانتباه لنفس تلك القاعدة في جانب:
--- ضرورة ((عدم مودة)) من حاد الله ورسوله ---
فإن لم نفعل سنجد أنفسنا قد ضربنا القرآن بعضه ببعض


-----------------

هنا أخي الكريم ما معنى (عدم المودة) ؟
ولماذا لا تكون: مودة دون مودة ؟!

لماذا عدم ؟؟

- يقيناً يقيناً الزوجين المسلمين مودتهما أعلى درجات مودة أي زوجين في العالم (بشرط أن يكون الزوج: ممن ترضون دينه وخلقه.. والزوجة التي ظفر بها: ذات دين).

- وأن الزوج المسلم وزوجته الكتابية درجتهما (( دون )) ذلك ...

فهما لم يقوما الليل معاً، ولم يقرءا القرآن، ولم يصوما رمضان ويفطرا بعد جوع وظمأ...
لا يرضى منها عاداتهم من شرب خمر واختلاط ومصافحة الرجال ....
كل هذا يقلل من المودة الظاهرية والباطنية (بالمقارنة مع مودة زوجين مسلمين ملتزمَين).


لكن: ((عدم)) وجود مودة !!! هذا ما لا يمكن تصوره.. فالله أرحم بعباده من أن يبيح لهم زواجاً لا تتحقق منه أهدافه من سكن ومودة ورحمة... " قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ " ؟

----------------
" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ".

لماذا لايكون لها نصيب من " تبروهم وتقسطوا إليهم " ؟!

أي: لماذا لا نجمع بين هذه الآية الكريمة والآيات التي تنهى عن موادة من حادَّ الله ورسوله.. بتخصيص الثانية بمن كانت محادَّته لله ورسوله متعدية الأثر، محادة مقاتلة، إخراج... بينما الأولى من لم يصدر عنه تلك المحادَّة
(المُحادَّة: هي أن يصل البغض مرحلة متقدمة بحيث يقف كل طرف في حدٍّ يخالف حدّ صاحبه) / انظر تفسير القرطبي.

فلو كانت زوجتك الكتابية (في حدك) فلا يمنع ذلك من برها والقسط إليها بحدود وضوابط... دون مهادنة في قضية الولاء والبراء وهي قضية عقدية لها الأولوية.

مع الانتباه أن المقصود بالمودة معها: مودة دون مودة.

------------------

اقتباس:
سنجد الكثير من أهل العلم ومنهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
_أثناء شرحه للعقيدة الواسطية في الشريط رقم 26 _
يخبر بأن علينا أن نحب المؤمن العاصي حسب ما معه من إيمان
ونبغضه حسب ما معه من معصية ..
فلاحظ إمكانية اجتماع ((الحب وعدم الحب)) شرعا وعقلا
وكذلك اجتماع ((المودة وعدم المودة))


-----------------

مع ان الأسهل توجيه كلام الشيخ بأن المودة تزيد و((تنقص)) بحسب الإيمان.. لا أن المودة توجد ولا توجد.

----------------

اقتباس:
فأنت بأمور بألا تود تلك الزوجة النصرانية حالَ محادتها لله ورسوله وذلك حتى لا تـُـسلبَ الإيمان كما قال سبحانه:
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (( يُوَادُّونَ)) مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ..


--------------

ينبغي هنا تحديد معنى المحادَّة هل هي مجرد الكفر (العمل القلبي)، أم المعاداة الظاهرة للمسلمين .. هل (كل) امرأة كافرة هي تحاد الله ورسوله... ومن ثم لا يجوز للمسلم الزواج منها ؟

أخي الكريم: أنت حاولت الفرار من (ضرب القرآن بعضه ببعض) ولكن هنا قد وقع المحظور..

------------

اقتباس:
فطالما هي مقيمة على (( صفة المحادة لله ورسوله ))
فأنت مأمور أن تقيم على صفة ((عدم المودة))

---------------

لماذا إذن قال : " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... " ؟

ما رأيك بهذا التوجيه:
المحادة أيضاً أمر نسبي..
تتناسب معها المودة تناسباً عكسياً ...

انتبه لهذا الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ... الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ ". رواه البخاري

هل نحمل الإيمان هنا على الإيمان الذي يزيد وينقص أم مطلق الإيمان الذي نيه يعني الكفر ؟

فإن كان الإيمان يزيد وينقص، فما بالك بالعبادات القلبية والأخلاق..

المودة تزيد وتنقص بحسب موقف الطرف الآخر (الكافر) من الإسلام والمسلمين.

ألم يأمر الله سبحانه وتعالى بالبر والقسط بالأهل ـ والزوجة أهل ـ ما لم يبادروا إلى ((مقاتلة)) المسلمين ؟

إن تتبعت سبب نزول آية المجادلة تجدها تتحدث عن حرب ((قاتلوكم)) حرب مَن ((أخرجوكم من ياركم)) وذلك في غزوة بدر تحديداً.. وما جرى فيها.. انظر: تفسير القرطبي للآية الكريمة.

إذن الآية الكريمة لم تتحدث محادة أم سعد بن ابي وقاص مع المسلمين، بل عن محادة نتيجة مقاتلة وإخراج ..
أما علاقة اجتماعية عادية بلا مقاتلة ولا عدوان بين المسلم و(أهله) غير المسلمين فالآية التي تتحدث عنها هي : " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ".

فهو يوَد أهله.. لكنها مودة دون مودة أي مسلم.

والله تعالى أعلم
 
[align=center]1[/align]

الحمد لله الذي لا إله إلا هو وصلى الله وسلم على نبينا محمد

أخي الودود
قلتَ وكررتَ بأن آية المجادلة (نسبية) فهي مودة دون مودة
وقولك هذا خطأ
فالله يقول لا مودة
وأنت تقول مودة
ثم تتفرع بأنها مودة دون مودة !!

أما إنك لو قلتَ (لا مودة دون لا مودة) أو بجملة أسهل ((كرها دون كره ))
لكان قولك مقبولا لأن له علاقة بالآية التي تتكلم عن (( اللامودة أي الكره ))
لذا فـــرأيكَ بأن الآية نسبية المودة_مودة دون مودة_ هو خطأ مخالف للآية مخالفة واضحة

ولا تتعجب أخي الودود من أن آية المجادلة تأمر بألا مودة
لأنها _وبكل سهولةِ فهمٍ_ تتحدث عن صفات سيئة ...
ولك أن تتأملها من جديد ستجدها تتكلم عن صفات ((محادة))
يعني صفات سيئة "محضة" ... ليس فيها من الصفات الحسنة ما نسبته واحد في المئة حتى تستلزم منك أقل مودة
فالله ورسوله في (( حد )) وهم في (( حد ))
ولذا أمرنا الله أمرا محكما لا مجال فيه للتأويل بأن يكون العمل الذي (( نواجه)) به تلك الصفات السيئة هو ((عدم المودة))
ولذا نفاها الله ( لا تجد قوما ..الخ)

وهذا ينبغي ألا يختلف عليك كإنسان يؤمن بالله واليوم
أعد النظر فالأمر سهل ....
أمامك الآن صفات سيئة محضة _محاداة_
فموقفك منها أن تبق في حد وهي في حد ....._تذكر كلمة "يحادون"_
وألا تعطيها أي ((نسبة)) من التأييد = المداهنة = المودة = الحب = ..الخ
فــــــــمن (يؤمن بالله واليوم الآخر) لا يمكن أن يكون ((نسبيا)) تجاه الأقوال والاعتقادات والأعمال الكفرية المحادة لله ورسوله

وهل يا ترى أنت تؤيد عبارة ( لله ولد ) بــــنســــبــــة 90% ؟
أو 50% ؟
أو حتى 1% ؟؟!!!
سيكون جوابك الحتمي : ((( لا ))) لا أؤيدها البتة ..

هل أنت تؤيد أن يكون هناك إله مع الله وشريك لله ؟
لاحظ أنك ستصرخ في وجهي قائلا : (((( لا )))) وألف لا

لاحظ جوابك كيف اتفق مع الآية
((((( لا ))))).. تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ ...)
إذن آية المجادلة تتكلم عن صفات المحادة التي (تنعدم فيها المودة)
ولا تتدخل فيها نسبية تأييد ومودة ..الخ

أرجو أن يكون اتضح لك الأمر

------------

[align=center]2[/align]

بقي الحديث عن النسبية الخاصة التي تتعلق بنسبية الكره _كرها دون كره_
فأنا لن أناقشك فيها لأني لا أخالفك في وجودها أصلا
وذلك كمحاد جمع صفات كثيرة من المحادة
إذن ستزداد ((( نسبة ))) كرهنا له
ومحاد آخر فيه صفات قليلة من المحادة فتنقص ((( نسبة ))) كرهنا له

لكن مسألة ((نسبية الكره)) لا تهمني
لماذا ؟
لأنها في النهاية لن تخرج عن الكره والبغض وعدم المودة
إلى الحب والمودة

فلاحظ أن هذه النسبية هي نسبية خاصة لأنها تتعلق بنسب الكره ((فقط)) وليس لها أي علاقة بنسب الحب = المودة = ... الخ المترادفات
ولذا لم ولن أناقشك في نسب الكره عندما نكون بصدد تفسير آية المجادلة .. لأن تلك النـِـسب تتحدث عن الكره فقط فلن تخرج عن الكره إلى المودة بأي حال من الأحوال وهذا ما أريد منك ملاحظته

-----------
[align=center]3[/align]

الآن لنخرج من آية المجادلة ولنذهب لآية المائدة والروم ..
فعندما تتلطف مع زوجتك الكتابية أو تجامعها أو غير ذلك من الأمور الزوجية فعندئذ ستعطيها ((مودة)) ولكن لاحظ أمرين بها :
أولا : ليست هذه المودة مقابل محادتها !!!!
ولكنها مقابل أعمالها الزوجية
أما في السابق فلاحظ
أن عدم المودة الإيمانية قابلتَ به عملها كمحادة

ثانيا : (((( مودة زوجية ليست إيمانية )))))

إذن فالأمر واضح ... صفتان مختلفتان نقابلهما بعملين مختلفين

ومن نظر إليها بغير ذلك سيشكل عليه وسيكون أحد قسمين
إما أن يكون من القسم الذي :
ينطلق إلى النصوص التي تتكلم عن المودة الإيمانية التي تقابل المحادة
ثم يحاول تأويلها بالنسبية والتخصيص والتقييد وبكل ما يستطيع ..

أو يكون من القسم الذي :
ينطلق إلى النصوص التي تتكلم عن المودة الزوجية التي تقابل الحياة الزوجية ويحاول تأويلها بالنسبية والتخصيص والتقييد وبكل ما يستطيع

وكل فريق من هؤلاء قد أخطأ
وكذلك جعلناكم أمة وسطا
فهما صفتين مختلفتين لعملين مختلفين

عدم مودة إيمانية ============> لأعمال المحادة
مــــــودة زوجية ============> لأعمال الزوجية

فأي عملية خلط ستنشئ التعارض لا محالة
فمن ظن أن آية عدم المودة بسورة المجادلة تتكلم عن الحياة والأعمال الزوجية سيجد تعارضا .. إنما هي عن المحادة
وكذلك من ظن أن آية مودة الزوجة بسورة الروم مثلا تتكلم عن أعمال فيها محادة سيجد تعارضا

وهذه المسألة مثل مسألة الإزار حذو القذة بالقذة:
فلدينا حديثان :
1- ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار
2- لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره خيلاء

ففي الحديثين عملان مختلفان وعقوبتان مختلفتان
وكل حديث على حدة
فمن ظن أن "مجرد" إنزال الإزار تحت الكعبين يتكلم عن عقوبة عدم النظر سيجد تعارضا ..
وإذا نشأ التعارض ستبدأ عنده عمليات الجمع سواء بتقييد أو تخصيص أو تأويل ..الخ
مثلما حصلت لديك في مسألة المودة

لذا أكرر .. علينا أن نبحث عن وجود التعارض أولا قبل البحث عن الجمع
وعندما لا نجد تعارضا فلن نحتاج للجمع كما في مسألتنا هذه
والحمد لله رب العالمين


---------------

[align=center]4[/align]

دعني أخبرك بأني ((أؤيدك)) أيما تأييد في مسألة النسبية العامة التي تتعلق بنسب الحب _المودة_ ونسب الكره _ اللامودة .
نعم أتفق معك اتفاقا منقطع النظير بالحكم على الموضوع بأنه نسبي
ولكن هذا الحكم إنما هو على الموضوع ((ككل)) ...
أي على الآيات مجموعة كلها
فهناك نصوص شرعية فيها نسبية الكره
وهناك نصوص شرعية فيها نسبية الحب
وهناك نصوص شرعية فيها نسب الكره ونسب الحب معا
ولذا يصح أن نحكم على الموضوع ككل بأنه نسبي .. لا عن خصوص آية
ولذا تجدني لم أتفق معك في حمل النسبية العامة على آيات خاصة
لأن ذلك سيقودنا إلى إخراج القرآن عن ظاهره فالله يقول لا مودة ونحن نقول مودة ..!
كآية المجادلة التي لا تتحدث عن نِسب الحب _المودة_
فمن باب أولى ألا يكون للآية أي دخل في النسب العامة التي تتعلق بالحب والكره معا _ النسبية العامة =المطلقة = الشاملة = ... سمها ما شئت
لأن الحب _ المودة_ غير موجود أصلا فمجموعهما_الحب والكره_ لن يكون موجودا من باب أولى


أعود وأقول وأكررها وأجزم بها بل أحفرها هنا
فأنا متفق معك حتى في آهاتك وأناتك التي وجدتــُــها بين معاني كلماتك منذ ردك الأول
ففعلا آآآآآآآآه من النسبية العامة التي يغفل عنها الكثير من المسلمين

بل آآآه لو تعلم بأني أقول عنك في نفسي منذ ردودك الأولى:
ليته يفتح موضوعا منفصلا عن هذا الأمر الذي يحتاجه كثير من المسلمين
ليته يفتح موقعا
ليته يطرح مقالا ينتشر في الانترنت عن هذا ...الخ

لا تتعجب من تأييدي هذا
لأننا عندما نتعامل بالنسبية مع الموضوع (( ككل )) سنجد أنفسنا عملنا بكل الآيات
فالنصوص التي فيها عدم مودة نعمل بها لأنها تقابل صفات محادة
والنصوص التي فيها مودة نعمل بها لأنها تقابل صفات تستلزم مودة فطرية عقلية واقعية ..
والموضوع ككل يحتاج منا تلك النسبية المتزنة

والله أعلم وأحكم وأجل

سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 
صدقت وبررت أخي المكرم

ولن أزيد على ما تفضلتم به..

وحتى لا تخلو مداخلتي من فائدة ـ فمن دخل مداخلتي كان ضيفاً عندي.. وإكرام الضيف واجب ـ



أهديكم بعضاً من كلام فضيلة الدكتور عائض القرني من كتابه: " السمو ".

يا أصحاب سمو المعالي إلى العزيز العالي جل في علاه، بإيمانهم وجهادهم وصبرهم ودعوتهم:

- لما أنذر النمل وحذر ودعا بني جنسه سطرت في حقه سورة من سور القرآن، فخذوا من النمل ثلاثاً: الدأب في العمل، ومحولة التجربة، وتصحيح الخطأ.
- لما أكمل النحل طيباً ووضع طيباً، أوحى الله إليه وجعل له سورة باسمه في الذكر الحكيم ، فخذوا من النحل ثلاثاً: أكل الطيب، وكف الأذى، ونفع الآخرين.
- لما تجلت همة الأسد وظهرت شجاعته سمته العرب مائة أسم، فخذوا من الأسد ثلاثاً: لا ترهب المواقف، ولا تعاظم الخصوم، ولا ترض الحياة مع الذل.
- لما سقطت همة الذباب ذكر في الكتاب على وجع الذم ، فاحذروا ثلاثاً في الذباب: الدناءة، والخسة، وسقوط المنزلة.
- لما هزت العنكبوت وأوهمت بيتها ضربها بيتها مثلاً للهشاشة، فاحذروا في العنكبوت ثلاثاً عدم الإتقان، وضعف البنيان، وهشاشة الأركان.
- ولما تبلد الحمار ضرب مثلاً لمن ترك العمل ولم ينفعه ، فاحذروا ثلاثاً في الحمار: البلادة، وسقوط الهمة وقبول الضيم.
- ولما عاش الكلب دنيئاً لئيماً ضرب مثلاً للعالم الفاجر الغادر الكافر فاحذروا ثلاثة في الكلب:
كفر الجميل، وخسة الطباع، ونجاسة الآثار.
- وحمل الهدهد رسالة التوحيد فتكلم عند سليمان، ونال الأمان ، وذكره الرحمن، فخذوا من الهدهد ثلاثة: الأمانة في النقل، وسمو الهمة، وحمل هم الدعوة.


مع محبتي
 
شكر وتقدير

شكر وتقدير

[align=center]جزى الله خيراً القائمين على الموقع وجميع المشائخ والاخوة جميعاً [/align]
 
[align=justify]جاء في التفسير ( القيم ) التفسير الواضح الميسر للشيخ محمد بن علي الصابوني كلام جيد حول هذه المسألة، هذا نصه:
( ولتجدن أقربهم مودة للمؤمنين نصارى الحبشة، ولم يُرد به جميع النصارى، لأنهم في عداوتهم للمسلمين كاليهود، لا يقلُّون عنهم شرَّاً ولا خبثاً.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه ( نصارى الحبشة ) وكان النجاشي _ ملكُ الحبشة _ نصرانياً، فأسلم هو وأصحابه، وذلك حين هاجر المسلمون إلى أرض الحبشة، فلما سمع الأحبار والرهبانُ آيات القرآن، بكَوا حتى اخضلَّتْ لحاهم بالدموع، خشية من الله تعالى، وإيماناً بكتابه، ولهذا قال سبحانه: ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ)(المائدة:من الآية82-83) أي ذلك لأن فيهم علماء وعُبَّاداً على السيد المسيح الصحيح غير المحرَّف، المبشر لهم بخاتم الأنبياء.( وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )(الصف: من الآية6) وأنهم لا يتكبرون عن قبول الحق، وإذا سمعوا آيات الله البيّنات، الشاهدة على صدق الرسول، والمنزلة على محمد صلى الله عليه وسلم، ترى أعينهم تمتلئ بالدمع، حتى تفيض مدراراً لمعرفتهم أن هذا القرآن كلامُ الله الحق. ( يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)(المائدة: من الآية83) أي يقولون يا ربنا: صَدَّقنا بنبيِّك وبكتابك، فاكتبنا مع أمة محمد، الذين يشهدون يوم القيامة على الأمم، ومرادهم: اكتبنا في زمرة المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وما يزعمه بعضُ أدعياء العلم، أن النصارى إخوتنا في الوطنية، وهم غير كفار، وأن الله مدحهم في كتابه العزيز، وأثنى علهم لشدة مودتهم للمسلمين، فإنه كذبٌ وافتراء، وسوء فهم وغباء، فهم كمن يقرأ قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)(الماعون:4) ويقف عندها ولا يكمِّلها، ولو أنهم أكملوا الآية هنا لعرفوا أنها لن تنزل في النصارى عامة، وإنما نزلت في ( نصارى الحبشة ) خاصة، بدليل قوله سبحانه: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )(المائدة:83) فهل نسي المسلمون الحروب الصليبية، التي خاض فيها النصارى في دماء المسلمين إلى الركب، حين دخلوا بيت المقدس؟ وهل غفلوا عمَّا يفعله الصربُ المجرمون، من إراقة دماء المسلمين، في البوسنة، والهرسك، وكوسوفو، في زماننا هذا؟ بمنتهى الوحشية والأعمال البربرية؟ فلينتبه المسلمون إلى هذه الفتنة العمياء، التي يروِّج دعاةُ الضلال، أن النصارى إخوة للمسلمين، ليسوا في العداء كاليهود !!!) انتهى كلامه[/align]
 
عودة
أعلى