حكم تخطئة المخالف..

إنضم
26/12/2005
المشاركات
770
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله وحده...

المسائل بالنسبة لنظر المجتهد قسمان :

قطعية وظنية...

أما المسائل القطعية فالجزم بتخطئة المخالف فيها لازم لا يجوز التخلف عنه..

وأما المسائل الظنية فلازم القول بأن المصيب واحد -وهو قول أهل الحديث- الحكم بخطأ المخالف وإن لم يكن المخالف مخطئاً في نفس الأمر ؛فإن العبرة بظاهر ما يبدو للمجتهد..
وإنما العيب هو الجزم بالتخطئة في غير القطعيات..أو ترتيب أحكام المخطيء غير المجتهد على المجتهد المأجور..

الخلاصة : تخطئة المخالف جائزة في كل الأحوال...

وتلزم في القطعيات...

وفي الظنيات تجوز ويُمنع الجزم بها جزماً قطعياً..وهذا معنى كونها ظنية..
ومنه وفيها قولهم : ((مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب)).


ويحرم معاملة المجتهد المخطيء المعذور في القطعيات أو الظنيات = نفس معاملة من فاته الحق من غير اجتهاد بل بجنس من أجناس المعصية...

والحمد لله وحده
 
وبعدين يا أبا فهر ؟
ليتك تربط هذا بالتفسير حتى يشعر القارئ بارتباط مثل هذا الموضوع بتفسير القرآن، وإلا فظاهرها لا شأن له بالتفسير مباشراً .
 
سيدنا الشيخ،أنت تعلم أن أكثر مواضيعي هو مما يتعلق بالمنهجية العامة للعلم،والتي تُستعمل في العلوم جميعاً،وأنا أحترم تخصص الملتقى فلا أضع فيه ما لا يتعلق به ..

وأنا أثق بفقه قراء الملتقى وأنهم سيضعون الباب الذي أطرحه في موضعه من علمهم..

فتعلق ذلك الباب الذي طرحته بالتفسير هو في بيان نهج تخطئة الأقوال العلمية في معاني الآي أو في مسائل علوم القرآن وأصول التفسير ونحوها فيما كان من بابة خلاف التضاد،وأن هذه التخطئة لا حرج فيها ولا يلزم منها القطع بالتخطئة،ولا تُمنع لمجرد أن ما مع الحاكم بالخطأ هو ظن..

وهذا القدر أظنه قريب المأخذ لا يحوج إلى بيان..

فهل ترى أن هناك فضل بيان لا يبين تعلق الباب بالتفسير إلا به؟
 
الآن نعم وفقك الله .
وينبغي عليك - وأنت المتصدي للكتابة - أن تراعي أفهام المبتدئين من أمثالي، فتأخذ بأيدينا لفكرتك، ولا تحوجنا إلى التخمين فقد نَقَعُ بَعيداً مِن مرادك، وكان الأولى بك أن تدلنا لا أن تضيعنا، وهذا شأن الكاتب مع قارئه، لا بد أن يفكر بعقل القارئ، ويفترض الأسئلة قبل طرحها فيجيب عنها ابتداءً ما دام يرمي إلى نفعه، ودلالته على الخير، ولم يكن الغموض مقصوداً لذاته .
نفع الله بك .
 
أقول إنَّ تخطئة المخالف - سواء فيما خالف به في الأمور القطعية أو الظنية وبالأخص فيما خالف الإجماع - لهو من نهج أهل السنة والجماعة..
وفي ذلك يشير الإمام ابن أبي العز رحمه الله فيقول :
" فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون ".
 
أفضل رسالة في هذا الباب ، في التماس الأعذار لأهل العلم الكبار -رحمهم الله تعالى- رسالة: رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لشيخ الإسلام علم الأعلام الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ، حيث ألفها لالتماس الأعذار لأهل العلم الكبار من السلف الذين خالفوا الأدلة الصريحة أو الاجماع ، وهي رسالة فريدة في بابها ، ويقول في مقدمتها :
" وجميع الأعذار ثلاثة أصناف :
أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله .
والثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول .
والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ . وهذه الأصناف الثلاثة تتفرع إلى أسباب متعددة ".​
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا أخي على فتحك لهذا الموضوع , وحسب فهمي لكلامك فأنت ترى أن مخالف القطعي يجزم في تخطئته ومخالف الظني لا يجوز الجزم بتخطئته , وهذا كلام مرسل أخي يجب تقيده , ويجب توضيح مقدار الخطأ في كل حكم مما ذكرت .
فالقطعي لا يحتمل الخلاف أصلا , ومن يخالف فيه يكون له أحد الحكمين التاليين :
:الأول :ان لا يكون يعلم القطعية : وبهذا يعذر لذلك فإن ثبتت القطعية وأصر على قوله كان كالصنف الثاني .
الثاني : أن يعلم قطعية النص ويخالفه , وبذلك يحكم على كفر من خالفه , وحاد حكم الشرع , لأنه بذلك كذب الله ورسوله .

ومن الصنف الأول من لم يعلم حرمة لحم الخنزير وهو حديث عهدا بالإسلام والله عز وجل قال :"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ" [المائدة/3]
ومن الصنف الثاني كل من كذب نصا قطعيا ( قطعي الثبوت قطعي الدلالة )لا ينازع في ذلك أحد من المسلمين ."قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) "فيكفر من يجعل لله ندا أو ولدا أو والدا أو شريكا .وكذا من جحد وجود قوم قد ذكرهم الله تعالى كقوله عز وجل"كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ" [الشعراء/141]فمن كذب وجود قوم هم "ثمود" أو جحد أنهم كذبوا المرسلين وقع في التكذيب للقران .
فمن هنا يكون مخالفة هذا الأمر كفرا بواحا , لأنه لا يستساغ فيه خلاف , ومرد تكفير من يخالف القطعي هو تكذيبه لله ورسوله , فهو علم ثبوت القول وثبوت دلالة القول ثم أعرض عنه وزعم خطأ وكذب قائله .

أما عند كون المخالف قد خالف في ظني فلا يخلو المخالف من حالين :
الأول : مكذب خبر الآحاد الصحيح : ويحكم بفسق كل من خالف خبرا صحيحا لا ينازع في صحته , وليس الأمر كذلك لمن ضعف الحديث بعلم . وإنما يفسق كل من جعل هواه حاكما على الضعف .وهذا الأمر متعلق بالسنة دون القران ,لأن القران كله قطعي الثبوت .
الثاني :المخالف في ظنية الدلالة : ويكون المخالف هنا محكوما بخطئه إن دلت القرائن على ذلك ويجزم بذلك .
أما إذا كان الخلاف بسبب الإجتهاد فيما لم يذكر سابقا فلا سبيل على الجزم بتخطئته, مثال ذلك :وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة/228]فهل القرء حيضة أم طهر ؟


ملاحظة : يستخدم الكثير ممن تعصب لقوله قطعي وهو لا يدرك معنى القطعي , ولذلك أحب أن أضع شرطي القطعية التي إتفق عليها الاصوليون :

قطعية الثبوت : وسبيل ذلك في أن يصل اليقين في نسبة القول وسبيل ذلك التواتر , وحف خبر الآحاد بالقرائن .
قطعية الدلالة :وهو عدم صرف المعنى إلا لوجه واحد , إما مباشرة كقوله تعالى "لم يلد ولم يولد" بأن الله ليس له ولد ولا والد , أو أن يكون الشرع قد صرف معنا من المعاني وأوجب غيره .ومثال ذلك "قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى"[طه/52]فالنسيان بمعنى فقد العلم لا يجوز نسبته للخالق عز وجل . فالله عز وجل يعلم كل شيء ولا يغيب عنه ولا يضيع من علمه شيء,النسيان بمعنى الترك مثل قوله تعالى :"قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى"[طه/126]فهو ترك العمل فترك في النار والنسيان بمعنى الترك وجه من وجوه لغة العرب,مع أن أصل الكلمة ظنية الدلالة إلا أن النص صرف باقي المعان.

ولذلك يا أخي ابا فهر :فقول الشافعي تتعلق بظني الدلالة أو ما لم يرد فيه نص صحيح فيستساغ عند العمل بباقي طرق الفقه من استحسان أو مصلحة مرسلة أو قياس ولا تعلق بوجود خبر آحاد صحيح ,فهو لا يقول بالإستحسان ولا المصلحة المرسلة والظاهرية لا يقولون بالقياس أصلا , ولكن مرد ذلك كله للإجتهاد .
 
بارك الله فيك..

فيما تفضلتَ بتقريره خطأ وحيدة عن محل البحث..

وسأنجم لك نقده لأني ربما لا أفرغ لنقده دفعة واحدة..

(1)

أول أخطاء كلامك هو أن نصف ما تفضلتَ به لا علاقة له بموضوعنا،فموضوعنا عن الحكم بالتخطئة لا عن آثار التخطئة والأحكام المترتبة عليها؛فأنت لم تنته مثلاً لأن مخالف القطعي لا نحكم بتخطئته ،فالقدر الذي هو غرض الموضوع والذي هو الحكم بالتخطئة لمخالف القطعي=لم تتعرض لنفيه أصلاً،وإنما كلامك عن تكفير مخالف القطعي،وهذا ليس محل البحث أصلاً..
يبقى قولك بالجزم بالتخطئة في الظنيات وهي نقطة الخلاف الوحيدة لكلامي وسيأتي نقضها..

(2)

فالقطعي لا يحتمل الخلاف أصلا , ومن يخالف فيه يكون له أحد الحكمين التاليين :
:الأول :ان لا يكون يعلم القطعية : وبهذا يعذر لذلك فإن ثبتت القطعية وأصر على قوله كان كالصنف الثاني .
الثاني : أن يعلم قطعية النص ويخالفه , وبذلك يحكم على كفر من خالفه , وحاد حكم الشرع , لأنه بذلك كذب الله ورسوله...فمن هنا يكون مخالفة هذا الأمر كفرا بواحا , لأنه لا يستساغ فيه خلاف , ومرد تكفير من يخالف القطعي هو تكذيبه لله ورسوله , فهو علم ثبوت القول وثبوت دلالة القول ثم أعرض عنه وزعم خطأ وكذب قائله .


كلامنا عن الذي لا يعلمها ولم تتبين له لشبهة سائغة،وإمكان عدم تبين بعض القطعيات وارد..
إذ القطعيات تتفاوت
فموقفنا منه هو الجزم بخطئه والرد عليه بالرد العلمي المناسب..

اما القطعيات= فمنها ما يبلغ أن يكون ظاهراً يعلم بالضرورة فهذا هو الذي ترتب عليه أحكام التكفير،ومنها ما دون ذلك مما يكون قطعياً لكن تحتوشه شبهة تمنع التكفير بمخالفته ولو أصر على عدم القطعية لقيام التأويل السائغ،وغاية آثاره أن يكون خلاف من خالفه هو من جنس الخلاف غير السائغ..
قال شيخ الإسلام رداً على من نفى الوصول للقطعية بالاجتهاد : (( تضمن هذا الكلام أن ما علم بالاجتهاد لا يكون قطعياً قط ، وليس الأمر كذلك ، فرب دليل خفي قطعي )).

قال الجويني : ((ثم القواطع : منها الجلي ومنها خفي...)).
ولذا لا يأثم مخالف القطعي لمجرد مخالفته له ..
قال شيخ الإسلام : ((وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وُجُوبًا ظَاهِرًا ، مِثْلُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ مِنْ جِنْسِهِ فَيَسُوغُ لَهُ - إذَا عَدِمَ ذَلِكَ فِيهَا - الِاجْتِهَادُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَارِبَةِ .أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّةِ فِيهَا .وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ قَطْعِيَّةً طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ))

فتأمل كيف جعلها قطعية ثم جعل مخالفها من المجتهدين الذين لا يُطعن فيهم ؟؟

قال شيخ الإسلام : ((فمن قال إن المخطىء في مسألة قطعية أو ظنية يأثم فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع القديم))

يُتبع بعدُ
 
(3)


أما عند كون المخالف قد خالف في ظني فلا يخلو المخالف من حالين :
الأول : مكذب خبر الآحاد الصحيح : ويحكم بفسق كل من خالف خبرا صحيحا لا ينازع في صحته , وليس الأمر كذلك لمن ضعف الحديث بعلم . وإنما يفسق كل من جعل هواه حاكما على الضعف .وهذا الأمر متعلق بالسنة دون القران ,لأن القران كله قطعي الثبوت .

لا مجال لهذا وهو خروج عن محل البحث فكلامنا في تخطئة الأقوال العلمية وأقوال المجتهدين والتي تبنى على الاجتهاد والنظر..

وحتى الحكم بالقطعية والظنية في الثبوت يكون محل اجتهاد :
يقول شيخ الإسلام : ((ثُمَّ هِيَ-أي الأحاديث- مُنْقَسِمَةٌ إلَى : مَا دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ ؛ بِأَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ مَا تَيَقَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تِلْكَ الصُّورَةَ . وَإِلَى مَا دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ . فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ مُوجَبِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا ؛ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ هَلْ هُوَ قَطْعِيُّ السَّنَدِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ ؟ وَهَلْ هُوَ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ ... وَتَارَةً يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الدَّلَالَةِ قَطْعِيَّةً لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ : هَلْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ ؟ وَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا فَهَلْ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ أَوْ لَا ؟ وَهَذَا أَيْضًا بَابٌ وَاسِعٌ فَقَدْ يَقْطَعُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِدَلَالَةِ أَحَادِيثَ لَا يَقْطَعُ بِهَا غَيْرُهُمْ إمَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَمْنَعُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ .))
الثاني :المخالف في ظنية الدلالة : ويكون المخالف هنا محكوما بخطئه إن دلت القرائن على ذلك ويجزم بذلك .​


كيف تجزم بخطأ قول أنت أصلاً لا تقطع بصواب القول المخالف له ؟؟

بل هذا تناقض ظاهر..

فأنت أصلاً لا تقطع بصحة الدلالة التي ذهبتَ إليها،فكيف تقطع بخطأ الدلالة الأخرى ؟؟

أما إن بلغت الدلالة منك أنتَ مبلغ القطع،فهذه القطعية الخاصة لا ينى عليه أحكام الوفاق والخلاف،وإنما تبنى أخكام الوفاق والخلاف على القطعية الظاهرة والظنية الظاهرة..

قال شيخ الإسلام : ((وَأَمَّا الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ قَطْعًا مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَلْ هِيَ مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ ؛ فَهَذِهِ الْأُمُورُ قَدْ تَكُونُ قَطْعِيَّةً عِنْدَ بَعْضِ مَنْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ الْحَقَّ فِيهَا ؛ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِمَا بَانَ لَهُ وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ فَيَلْتَحِقُ مِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ(الذي علمت مخالفته للشريعة) . وَمِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الثَّانِي(الذي لم تعلم مخالفته للشريعة))).


 
تطبيق

الأصل أننا نبحث عن جهة النزاع..

لو كنا في مسألة حديثية نختلف في ثبوت حديث ما ...

فإنه إذا كان الحديث قطعي الثبوت فإن قول المخالف بضعفه يكون خلافاً غير سائغ يُنكر عليه،وكلامنا عمن قال بضعفه ليس عمن رده بهواه من غير حجة يبديها على التضعيف..
وهل يمكن أن يكون قطعي الثبوت ويكون معه حجة على التضعيف ؟
نعم يمكن. إذ لم تكن قطعيته ضرورية بأن وقع فيها النزاع.
يقول شيخ الإسلام : ((ثُمَّ هِيَ-أي الأحاديث- مُنْقَسِمَةٌ إلَى : مَا دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ ؛ بِأَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ مَا تَيَقَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تِلْكَ الصُّورَةَ . وَإِلَى مَا دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ . فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ مُوجَبِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا ؛ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ هَلْ هُوَ قَطْعِيُّ السَّنَدِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ ؟ وَهَلْ هُوَ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ ... وَتَارَةً يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الدَّلَالَةِ قَطْعِيَّةً لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ : هَلْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ ؟ وَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا فَهَلْ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ أَوْ لَا ؟ وَهَذَا أَيْضًا بَابٌ وَاسِعٌ فَقَدْ يَقْطَعُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِدَلَالَةِ أَحَادِيثَ لَا يَقْطَعُ بِهَا غَيْرُهُمْ إمَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَمْنَعُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ .))

ولو كنا في مسألة فقهية (بالمعنى العام للفقه) فإنه يكفي اتفاق المختلفين على صحة الحديث في الجملة يبقى النظر في دلالته ...

توضيح :

لو كنتُ ممن يقول بحرمة صيام يوم السبت وخالفني رجل وقال بعدم الحرمة فسألته عن مستنده فقال : إن الحديث ضعيف..

فجهة نزاعه معي هي في ثبوت الخبر ..الآن ننظر هل هو قطعي الثبوت؟؟

الجواب : لا .إذاً فخلافه سائغ،ولا أجزم بتخطئته لعدم قطعي بصحة الخبر..

طيب..

لو سلم لي رجل آخر بصحته لزمته الحجة إلا أن يُظهر لي من جهات النظر والمعارضة ما يمنعه من قبولها بعد التسليم بصحتها..فحينها خلافه سائغ لأن الخبر غير قطعي الدلالة...

خلاصة :

إذا كانت جهة مخالفة من خالف النص هي جهة الثبوت فإن خلافه يكون غير سائغ مادام الخبر قطعي الثبوت.ويُجزم بتخطئته..

أما هل يكفر ؟
فهذا ينبني على حجته في الرد وعلى ضرورية القطكعية من عدمها..

وإذا كانت جهة مخالفته هي جهة الدلالة فإن خلافه يكون غير سائغ إذا كان الخبر قطعي الدلالة.

أما هل يكفر ؟
فهذا ينبني على حجته في الرد وعلى ضرورية القطعية من عدمها..

وتعليق الأحكام بالنسبيات لا بأس به وما شهد المجتهد إلا بما علم...والمجتهد يستطيع التفريق بين ما كان القطعُ فيه مختصاً به هو وبين ما كان القطع فيه ظاهراً ظهوراً بيناً عند فئام من المجتهدين بحيث يستحق المخالف فيه اسم الشذوذ واسم الخلاف غير السائغ..

والزعم بأن الأحكام لا تتفاوت بتفاوت الأشخاص وما حصل لهم من الأوصاف ..زعم باطل لا أساس له...

بل البينة هي ما كان بيناً قطعياً..وتفاوت القطعيات لا يمنع من وجود طرفين ووسط في الحكم على الشيء بالقطعية...وعند التطبيق يؤثر تعامل العلماء مع الخلاف وحكمهم عليه تأثيراً بيناً في هذا..
ويقول شيخ الإسلام : ((نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يُعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع)).


فأثبت أنه حتى خلاف القطعيات قد يعذر مرتكبه.
 
خلاصة

كلامنا هنا عن حكم تخطئة المخالف في المسائل العلمية ..
1- من كان مخالفاً للدليل القطعي يجزم بتخطئته،أما أحكامه وأحكام خلافه ومخالفته ؟،فهذا قدر زائد على ما نحن فيه.
2- من كان مخالفاً للدليل الظني،يحكم بخطئه من غير جزن؛إذا كيف أجزم بخطئه وأنا لا أجزم بصوابي وإن قُدر أني أجزم بصوابي=فهذا جزم خاص لا يلزم به المخالف ولا تجري عليه قوانين الخلاف.

أما أحكام الخلاف السائغ وغير السائغ وأحكام مخالفة القطعيات وأحكام مخالفة الظنيات فلم نتعرض لها في التقرير الأصلي ،وإن كنا قد ذكر فيما تقدم عدة فوائد تتعلق بها.
 
أخي ابو فهر الحديث الصحيح حتى لو اتفق على صحته فهو عند الأصولين ظني الثبوت,فهو ظني., ولو دققت في كلام شيخ الاسلام لرأيته يوافق ما قلته لك .
أما بالنسبة للقطعي فإنما أوردته كي لا يقال عن المخالف أنه أخطأ مجرد الخطأ الناتج عن إجتهاد,فليس للإجتهاد محل في ذلك .أي لا يستساغ الخلاف فيه إلا فيما تعلق بغياب الدليل .
إن شاء الله أكمل لاحقا
 
بارك الله فيك يا شيخ مجدي..

ليس مبحثنا الآن في صفة الظني وإن كان شيخ الإسلام وغيره يذهبون لأن الحديث يكون قطعياً بالقرائن وأي قرينة أعظم من الاتفاق على الصحة،وعلى كل حال فليس هذا بحثنا..

أما بالنسبة للقطعي فإنما أوردته كي لا يقال عن المخالف أنه أخطأ مجرد الخطأ الناتج عن إجتهاد,فليس للإجتهاد محل في ذلك .أي لا يستساغ الخلاف فيه إلا فيما تعلق بغياب الدليل .

وهذه أصبتَ فيها فربما فهم من إدارتي للحديث عن التخطئة أن التخطئة هي الحكم الوحيد في الباب وأن مخالف القطعي أخطأ وله أجر وخلاص..
فجزاك الله خيراً..
 
أخي أبو فهر أعذرني لتأخري في الرد , وكي لا ندخل في دوامة لا يستفيد منها أحد أرغب أن أستفيد معك بترتيب الموضوع .
أتفق معك أن من يخالف القطعي يجزم بخطئه , وأن الحكم عليه تابع لحاله .
واختلافي معك في مخالف الظني هل يجزم بخطئه أم لا فأنت تجزم بعدم الجزم بتخطئته بقولك :
وفي الظنيات تجوز ويُمنع الجزم بها جزماً قطعياً..وهذا معنى كونها ظنية..
ومنه وفيها قولهم : ((مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب)).


ويحرم معاملة المجتهد المخطيء المعذور في القطعيات أو الظنيات = نفس معاملة من فاته الحق من غير اجتهاد بل بجنس من أجناس المعصية...
أختلفت معك فيها بأمرين : الأول هل يجزم بذلك ؟
الثاني :حكم المخالف ؟فأنت أعطيته العذر وكل من أعطاه العذر يرفع عنه الحرج ,ولكن هنا لا يعطى كل مخالف العذر .


أما الأول :فإنه يجزم بخطأ من ترك خبر الآحاد الصحيح لهوى أو رأي , والجزم هنا متعلق بأن خبر الآحاد أصله تساوي القول بصدقه وكذبه فلا يغلب شيء من ذلك على الآخر , فإن علم وضع الحديث أو علم كذبه أصبح القطع بخلافه مثل أي حديث موضوع مخالف لآية أو حديث صحيح ,وإن علم صدق ناقليه وخلوه مما يرده من علل ,كان العقل يقول بصحته ويقبله . ففي ذلك يرد خلاف الحديث من أقوال للرجال .
ولذلك قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :"باب ذكر ما يقبل فيه خبر الواحد وما لا يقبل فيه خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها ، والقطع عليها ، والعلة في ذلك أنه إذا لم يعلم أن الخبر قول للرسول صلى الله عليه وسلم ، كان أبعد من العلم بمضمونه ، فأما ما عدا ذلك من الأحكام التي لم يوجب علينا العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قررها ، وأخبر عن الله تعالى بها ، فإن خبر الواحد فيها مقبول ، والعمل به واجب ، ويكون ما ورد فيه شرعا لسائر المكلفين أن يعمل به ، وذلك نحو ما ورد في الحدود والكفارات وهلال رمضان وشوال وأحكام الطلاق والعتاق والحج والزكوات والمواريث والبياعات والطهارة والصلوات وتحريم المحظورات ، ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن الثابت المحكم ، والسنة المعلومة ، والفعل الجاري مجرى السنة ، وكل دليل مقطوع به ، وإنما يقبل به فيما لا يقطع به ، مما يجوز ورود التعبد به كالأحكام التي تقدم ذكرنا لها ، وما أشبهها مما لم نذكره" الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي - (ج 3 / ص 479)
ولذلك كان قول أهل العلم بإتباع الخبر الصحيح*
قال ابو حنيفة : ( إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي ) . ( الفلاني في الإيقاظ ص 50 )
وقال مالك: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) . ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 32 )
الشافعي رحمه الله :
( أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) . ( الفلاني ص 68 )
( كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ) . ( أبو نعيم في الحلية 9 / 107 )
أحمد بن حنبل ( رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار ) . ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 149 )
( من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) . ( ابن الجوزي في المناقب ( ص 182 )
*ملحوظة جميعها مع عزوها منقولة من كتاب صفة الصلاة للألباني - (ج 1 / ص 47-53)
وقال الخطيب في الكفاية عن ذلك:"فمتى تواتر الخبر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقه ، وأوجب وقوع العلم ضرورة . وأما خبر الآحاد فهو ما قصر عن صفة التواتر ، ولم يقع به العلم وإن روته الجماعة . والأخبار كلها على ثلاثة أضرب ؛ فضرب منها يعلم صحته ، وضرب منها يعلم فساده ، وضرب منها لا سبيل إلى العلم بكونه على واحد من الأمرين دون الآخر . أما الضرب الأول ، وهو ما يعلم صحته ، فالطريق إلى معرفته إن لم يتواتر حتى يقع العلم الضروري به أن يكون مما تدل العقول على موجبه ، كالإخبار عن حدوث الأجسام ، وإثبات الصانع ، وصحة الأعلام التي أظهرها الله عز وجل على أيدي الرسل ، ونظائر ذلك ، مما أدلة العقول تقتضي صحته ، وقد يستدل أيضا على صحته بأن يكون خبرا عن أمر اقتضاه نص القرآن أو السنة المتواترة ، أو اجتمعت الأمة على تصديقه ، أو تلقته الكافة بالقبول ، وعملت بموجبه لأجله . وأما الضرب الثاني ، وهو ما يعلم فساده فالطريق إلى معرفته أن يكون مما تدفع العقول صحته بموضوعها ، والأدلة المنصوصة فيها نحو الإخبار عن قدم الأجسام ونفي الصانع ، وما أشبه ذلك ، أو يكون مما يدفعه نص القرآن ، أو السنة المتواترة ، أو أجمعت الأمة على رده ، أو يكون خبرا عن أمر من أمور الدين يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه ، فإذا ورد ورودا لا يوجب العلم من حيث الضرورة أو الدليل علم بطلانه ، لأن الله تعالى لا يلزم المكلفين علما بأمر لا يعلم إلا بخبر ينقطع ويبلغ في الضعف إلى حد لا يعلم صحته اضطرارا ولا استدلالا ، ولو علم الله تعالى أن بعض الأخبار الواردة بالعبادات التي يجب علمها يبلغ إلى هذا الحد لأسقط فرض العلم به عند انقطاع الخبر وبلوغه في الوهي والضعف إلى حال لا يمكن العلم بصحته . أو يكون خبرا عن أمر جسيم ونبأ عظيم ، مثل خروج أهل إقليم بأسرهم على الإمام أو حصر العدو لأهل الموسم عن البيت الحرام فلا ينقل نقل مثله بل يرد ورودا خاصا لا يوجب العلم ، فيدل ذلك على فساده ، لأن العادة جارية بتظاهر الأخبار عما هذه سبيله . وأما الضرب الثالث الذي لا يعلم صحته من فساده فإنه يجب الوقف عن القطع بكونه صدقا أو كذبا ، وهذا الضرب لا يدخل إلا فيما يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون ، مثل الأخبار التي ينقلها أصحاب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الشرع المختلف فيها ، وإنما وجب الوقف فيما هذه حاله من الأخبار لعدم الطريق إلى العلم بكونها صدقا أو كذبا ، فلم يكن القضاء بأحد الأمرين فيها أولى من الآخر إلا أنه يجب العمل بما تضمنت من الأحكام إذا وجد فيها الشرائط التي نذكرها بعد إن شاء الله تعالى"الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي - (ج 1 / ص 31)
والوجوب مقروون بصحة الخبر كما في الكتاب والنقل الأول من آخر كتابه .قال ابن تيمية رحمه الله :
" وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا عُمْدَةُ كُلِّ زِنْدِيقٍ وَمُنَافِقٍ يَبْطُلُ الْعِلْمُ بِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ . تَارَةً يَقُولُ : لَا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ وَتَارَةً يَقُولُ : لَا نَعْلَمُ مَا أَرَادُوا بِهَذَا الْقَوْلِ . وَمَتَى انْتَفَى الْعِلْمُ بِقَوْلِهِمْ أَوْ بِمَعْنَاهُ : لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْ جِهَتِهِمْ عِلْمٌ فَيَتَمَكَّنُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ مَا يَقُولُ مِنْ الْمَقَالَاتِ وَقَدْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُعَارَضَ بِآثَارِ الْأَنْبِيَاءِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَكَّلَ ثَغْرَهَا بِذَيْنِك الدامحين الدَّافِعَيْنِ لِجُنُودِ الرَّسُولِ عَنْهُ الطَّاعِنَيْنِ لِمَنْ احْتَجَّ بِهَا . وَهَذَا الْقَدْرُ بِعَيْنِهِ هُوَ عَيْنُ الطَّعْنِ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ ؛ وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ بِتَعْظِيمِهِمْ وَكَمَالِهِمْ : إقْرَارَ مَنْ لَا يَتَلَقَّى مِنْ جِهَتِهِمْ عِلْمًا فَيَكُونُ الرَّسُولُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ خَلِيفَةٍ : يُعْطِي السِّكَّةَ وَالْخُطْبَةَ رَسْمًا وَلَفْظًا كِتَابَةً وَقَوْلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ مُطَاعٌ . فَلَهُ صُورَةُ الْإِمَامَةِ بِمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ السِّكَّةِ وَالْخُطْبَةِ وَلَيْسَ لَهُ حَقِيقَتُهَا . "مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 1 / ص 308)

أكتفي بهذا القدر
 
وهذا القدر كله خارج عن محل البحث ،ومسألة إعطاء العذر لكل مخالف أو لا ،ليست هي صلب البحث فكلامنا عن خلاف المجتهدين،وليس كلامنا عمن رد الحديث بهواه،وليس حديثنا عمن تبينت له الحجة ظنية كانت أو قطعية فأعرض عنها ،وهذه نقطة سبق بيانها،وإنما حديثنا عن موضع نزاع في دلالات أو أدلة ظنية فذهبت مجتهداً لقول وذهب مخالفك مجتهداً لقول ،هل تجزم بتخطئته؟

صلب البحث : في الظنيات التي ليس فيها جزم بالصواب = كيف يُجزم فيها بخطأ المخالف ؟

وليس فيما تفضلتَ به من النقول نقل واحد داخل تحت محل نزاعنا..​
 
وهذا القدر كله خارج عن محل البحث ،ومسألة إعطاء العذر لكل مخالف أو لا ،ليست هي صلب البحث فكلامنا عن خلاف المجتهدين،وليس كلامنا عمن رد الحديث بهواه،وليس حديثنا عمن تبينت له الحجة ظنية كانت أو قطعية فأعرض عنها ،وهذه نقطة سبق بيانها،وإنما حديثنا عن موضع نزاع في دلالات أو أدلة ظنية فذهبت مجتهداً لقول وذهب مخالفك مجتهداً لقول ،هل تجزم بتخطئته؟​


صلب البحث : في الظنيات التي ليس فيها جزم بالصواب = كيف يُجزم فيها بخطأ المخالف ؟​


وليس فيما تفضلتَ به من النقول نقل واحد داخل تحت محل نزاعنا..​
لو كنت لا أعلم صحة الحديث لما عملت به وجعلت من خالفني مخطئا .اما نقلك عن ابن تيمية رحمه الله في المداخلات السابقة فأرجوا أن تقرأ في محل نقطة الخلاف فهو يوجب العمل بها . والكلام الذب نقلته أنت عن العلم وليس العمل على رأي من أهل العلم وقد خالفهم الظاهرية في ذلك كما نقل رحمه الله .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهَذَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ . هذا كلام ابن تيمية رحمه الله في تتمت ما نقلته في مداخلتك.
أخي ابو فهر : من أصر على جمع أمرأة وعمتها بعصمته مع علمه عن صحة الحديث عن نهي النبي صل1 بذلك هل هو مخطيء ؟أم يحتمل فعله الصواب؟
ومن كذب على النبي ليعلم الناس الخير ويحضهم على الصلاة والذكر لأن الحديث الذي صح عن النبي بالنهي وتحريم الكذب عليه ظني أتجزم بخطئه أم لا ؟
 
حديثنا عن موضع نزاع في دلالات أو أدلة ظنية فذهبت مجتهداً لقول وذهب مخالفك مجتهداً لقول ،هل تجزم بتخطئته؟​
نعم أجزم بخطئه كما يلي :
إن خالف حديثا صحيحا لا يختلف أهل الحديث بصحته أجزم بأنه أخطأ وأنه ليس على الصواب .
وإن خالف دلالة ظنية للقران تدل القرائن عن صرف المعاني الى معنا واحدا أجزم بخطئه .
مثال الأول في التفسير ان أجزم بخطأ من جعل المسح بالمعنى المخصوص عند الشيعة بمسح القدم ببلل ما مسح بعد الرأس لورود الخبر الصحيح عن النبي بتخليل الأصابع وقوله عليه السلام ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار .
والثاني أن أجزم بخطأ من فسر "وكذلك اليوم تنسى " فاليوم ننساهم " بعدم العلم بعد العلم "فقد العلم"

وكذلك من فسر الخمس على مثل الزكاة ومن غير مقادير الزكاة .
 
صلب البحث : في الظنيات التي ليس فيها جزم بالصواب = كيف يُجزم فيها بخطأ المخالف ؟​

أخي ابو فهر المعنى مختلف تماما,عما سبق إذا لم يكن جزما بالصواب لا نجزم بالخطأ وهذا القيد غير موجود في عبارتك السابقة
وفي الظنيات تجوز ويُمنع الجزم بها جزماً قطعياً..وهذا معنى كونها ظنية..
 
عودة
أعلى