د. جمال القرش
Member
أولاً: حكم الوقف على قوله : (أن يضرب مثلا)
من قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }البقرة26
التوجيه النحوي:
توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب ( ما بعوضة ..) وفيها أقوال:
1. أن تكون ما [زائدة] للتوكيد. [1] أي: مَثلاً بَعوضَةً
2. صفةٌ لما قبلَها.[2]
3. نكرةٌ موصوفةٌ. [3] أي: شَيئاً مَثَلاً " أو يذكر شيئًا ما, قلَّ أوكثر
4. أن تكون بمعنى الذي. [4]
مناقشة التوجيهات:
الأول: وهو اختيار الأخفش والزجاج.[5]
وأنكر المبرد هذا القول، وقال: أَبُو مُسْلِمٍ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ زِيَادَةٌ وَلَغْوٌ.
قال الفخر الرازي(ت: 606هـ): وَالْأَصَحُّ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ هُدًى وَبَيَانًا وَكَوْنُهُ لَغْوًا يُنَافِي ذَلِكَ[6]
ومن جوزه اعتبره زيادة في الإعراب وليس المعنى فهي مبهمة تزيد الاسم الذي دخلت عليه شيوعا وعموما نحو قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ من اللَّهِ لِنْتَ لَهم) المعنى فَبرحمة من الله [7].
الثاني: وهو قول الأنصاري وجوز السمين الحلبي، قال : (ما) صفة لمثلا زادت النكرة شياعا وبعوضة بدل من ما ».[8]
الثالث: قاله الفراء والزجاج وثعلب، وأبو البقاء، ومعنى (ما) شيء قليل، وتكون مفعول ثان، أو بدل من مثلا، وبعوضة نعت لـ (ما)[9]
الرابع: وهو اختيار ابن جرير، وعقب ابن كثير بقوله: وهو مرجوح، فليست بموصولة، والصواب أنها نكرة، فلو قلت: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي بعوضة، فلا يستقيم الكلام.[10]
القول الراجح:
والراجح هو القول الثاني: وهو أن تكون ما صفة للنكرة، لأن المراد -والله تعالى أعلم- إظهار القلة والصغر للبعوضة، وليس البعوضة ذاتها، وقد رجحه ابن عطية والسمين الحلبي[11].
قال الفراء. والغرض ههنا الصغر والتقليل[12]
قال ابن عطية (ت:541 هـ ": والذي يترجح أن (ما) صلة مخصصة كما تقول جئتك في أمر ما فتفيد النكرة تخصيصا وتقريبا، وبعوضة على هذا مفعول ثان. [13]
قال السمين الحلبي (ت:756 هـ: « والصوابُ من ذلك أن تكونَ « «ما» صفةٌ للنكرة، و «بعوضةً» بدلٌ لا عطفُ بيان، ».[14]
قال ابن كثير (ت:774هـ): إن الله لا يستحي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا، أَيْ: أَيَّ مَثَلٍ كَانَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا[15].
أقوال علماء الوقف :
الأول : تام، وهو قول أحمد بن موسى[16]
الثاني : كاف، وهو قول الأشموني[17]
الثالث: التفصيل بين الوقف وعدم الوقف، وهو قول ابن الأنباري [18]
الرابع: جائز، أحمد بن جعفر، وهو قول ابن الأنباري ، والنحاس والأنصاري [19]
الخامس : لا وقف : وهو قول ابن الأنباري[20]
مناقشة الاختيارات:
واختيار التام باعتبار استئناف ما بعده مع انقطاع المعنى ولا أرى له مبررا.
واختيار الكافي باعتبار استئناف ما بعده، ولا أري له مبررا أيضا.
واختيار لا وقف لئلا يفصل بين العطف البيان ومتبوعه، وبين الفعل والمفعول.
القول الراجح: الذي يظهر أن الراجح عدم الوقف على (مثلا ) لأنها في جميع التوجيهات تتعلق بما قبلها.
قال النحاس: (ت::338هـ) : « القطع على (مثلا) خطأ لأن ما إن كانت زائدة للتوكيد فلا يبتدأ بها»[21]
وقال الداني (ت:444هـ): وليس كما قالوا[يقصد حسن، أو تام] لأن ((ما)) زائدة مؤكدة، فلا يبتدأ بها، ولأن ((بعوضة)) بدل من قوله: ((مثلاً)) فلا يقطع منه[22]
[1] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103
[2] المنار بتخليص المرشد: 14
[3] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243
[4] تفسير ابن عطية: 110
[5] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103
[6] مفاتيح الغيب: 2/363
[7] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 ، و فتح القدير: 1/81
[8] المنار بتخليص المرشد: 14
[9] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243
[10] تفسير ابن كثير: 24/6، أو يكون التقدير الذي هو بعوضَةٌ لقوله: «تماما على الذي أحسن»، أي على الذي هو أحسن.
[11] اثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن: 53
[12] معاني القرآن للفراء: 1/ 103
[13] تفسير ابن عطية: 110
[14] الدر المصون: 1/ 223- 226
[15] تفسير ابن كثير: 1/ 207.
[16] المكتفى: 20
[17] المنار بتخليص المرشد: 14
[18]إيضاح الوقف والابتداء: 353
[19] القطع والإتناف: 47، و المنار بتخليص المرشد: 14
[20]إيضاح الوقف والابتداء: 353
[21] انظر: القطع والإتناف: 47
[22] المكتفى: 20
البحث من كتاب مسك الختام في الوقف والابتداء لـ جمال القرش
من قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }البقرة26
التوجيه النحوي:
توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب ( ما بعوضة ..) وفيها أقوال:
1. أن تكون ما [زائدة] للتوكيد. [1] أي: مَثلاً بَعوضَةً
2. صفةٌ لما قبلَها.[2]
3. نكرةٌ موصوفةٌ. [3] أي: شَيئاً مَثَلاً " أو يذكر شيئًا ما, قلَّ أوكثر
4. أن تكون بمعنى الذي. [4]
مناقشة التوجيهات:
الأول: وهو اختيار الأخفش والزجاج.[5]
وأنكر المبرد هذا القول، وقال: أَبُو مُسْلِمٍ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ زِيَادَةٌ وَلَغْوٌ.
قال الفخر الرازي(ت: 606هـ): وَالْأَصَحُّ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ هُدًى وَبَيَانًا وَكَوْنُهُ لَغْوًا يُنَافِي ذَلِكَ[6]
ومن جوزه اعتبره زيادة في الإعراب وليس المعنى فهي مبهمة تزيد الاسم الذي دخلت عليه شيوعا وعموما نحو قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ من اللَّهِ لِنْتَ لَهم) المعنى فَبرحمة من الله [7].
الثاني: وهو قول الأنصاري وجوز السمين الحلبي، قال : (ما) صفة لمثلا زادت النكرة شياعا وبعوضة بدل من ما ».[8]
الثالث: قاله الفراء والزجاج وثعلب، وأبو البقاء، ومعنى (ما) شيء قليل، وتكون مفعول ثان، أو بدل من مثلا، وبعوضة نعت لـ (ما)[9]
الرابع: وهو اختيار ابن جرير، وعقب ابن كثير بقوله: وهو مرجوح، فليست بموصولة، والصواب أنها نكرة، فلو قلت: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي بعوضة، فلا يستقيم الكلام.[10]
القول الراجح:
والراجح هو القول الثاني: وهو أن تكون ما صفة للنكرة، لأن المراد -والله تعالى أعلم- إظهار القلة والصغر للبعوضة، وليس البعوضة ذاتها، وقد رجحه ابن عطية والسمين الحلبي[11].
قال الفراء. والغرض ههنا الصغر والتقليل[12]
قال ابن عطية (ت:541 هـ ": والذي يترجح أن (ما) صلة مخصصة كما تقول جئتك في أمر ما فتفيد النكرة تخصيصا وتقريبا، وبعوضة على هذا مفعول ثان. [13]
قال السمين الحلبي (ت:756 هـ: « والصوابُ من ذلك أن تكونَ « «ما» صفةٌ للنكرة، و «بعوضةً» بدلٌ لا عطفُ بيان، ».[14]
قال ابن كثير (ت:774هـ): إن الله لا يستحي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا، أَيْ: أَيَّ مَثَلٍ كَانَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا[15].
أقوال علماء الوقف :
الأول : تام، وهو قول أحمد بن موسى[16]
الثاني : كاف، وهو قول الأشموني[17]
الثالث: التفصيل بين الوقف وعدم الوقف، وهو قول ابن الأنباري [18]
الرابع: جائز، أحمد بن جعفر، وهو قول ابن الأنباري ، والنحاس والأنصاري [19]
الخامس : لا وقف : وهو قول ابن الأنباري[20]
مناقشة الاختيارات:
واختيار التام باعتبار استئناف ما بعده مع انقطاع المعنى ولا أرى له مبررا.
واختيار الكافي باعتبار استئناف ما بعده، ولا أري له مبررا أيضا.
واختيار لا وقف لئلا يفصل بين العطف البيان ومتبوعه، وبين الفعل والمفعول.
القول الراجح: الذي يظهر أن الراجح عدم الوقف على (مثلا ) لأنها في جميع التوجيهات تتعلق بما قبلها.
قال النحاس: (ت::338هـ) : « القطع على (مثلا) خطأ لأن ما إن كانت زائدة للتوكيد فلا يبتدأ بها»[21]
وقال الداني (ت:444هـ): وليس كما قالوا[يقصد حسن، أو تام] لأن ((ما)) زائدة مؤكدة، فلا يبتدأ بها، ولأن ((بعوضة)) بدل من قوله: ((مثلاً)) فلا يقطع منه[22]
[1] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103
[2] المنار بتخليص المرشد: 14
[3] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243
[4] تفسير ابن عطية: 110
[5] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103
[6] مفاتيح الغيب: 2/363
[7] معاني القرآن للزجاج: 1/ 103 ، و فتح القدير: 1/81
[8] المنار بتخليص المرشد: 14
[9] تفسير ابن عطية: 110 ، والقرطبي: 1/243
[10] تفسير ابن كثير: 24/6، أو يكون التقدير الذي هو بعوضَةٌ لقوله: «تماما على الذي أحسن»، أي على الذي هو أحسن.
[11] اثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن: 53
[12] معاني القرآن للفراء: 1/ 103
[13] تفسير ابن عطية: 110
[14] الدر المصون: 1/ 223- 226
[15] تفسير ابن كثير: 1/ 207.
[16] المكتفى: 20
[17] المنار بتخليص المرشد: 14
[18]إيضاح الوقف والابتداء: 353
[19] القطع والإتناف: 47، و المنار بتخليص المرشد: 14
[20]إيضاح الوقف والابتداء: 353
[21] انظر: القطع والإتناف: 47
[22] المكتفى: 20
البحث من كتاب مسك الختام في الوقف والابتداء لـ جمال القرش