حكم القراءة بالألحان

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
7- حكم القراءة بالألحان
قَالَ الإِمَامُ النَّووي رَحِمَهُ اللهُ: وأما القراءةُ بالألحانِ : فقد قال الشافعيُّ- رَحِمَهُ اللهُ - في موضع : " أكرهها "، وقال في موضع آخر " لا أكرهها " .
قال أصحابُنا: " ليست على قولين، بل فيه تفصيل: فإنْ أفرَط في التمطيطِ؛ فجاوزَ الحدَّ، فهو الَّذِي كرِهه، وإن لم يجاوزْ فهو الَّذِي لم يكرهه.
ونقلَ الإمامُ النَّووي رَحِمَهُ اللهُ عن قاضي القضاة الماوِردي في كتابه "الحاوي": القراءة بالألحان الموضوعة إنْ أخرَجَتْ لفظ القُرْءان عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراجِ حركات منه، أو قصر مَمدودٍ أو مَدّ مقصورٍ، أو تمطيط يُخلُّ باللفظِ ويلتبس به المعنى: فهو حرام، يفسق به القارئ، ويأثم به المستمعُ، لأنه عدَل به عن نهجِه القويمِ إلى الاعوجاجِ، والله تعالى يقول:  قرءانًا عرَبيًّا غيرَ ذي عِوجٍ الزمر: 28
قال: فإن لم يخرجْه اللَّحْن عن لفظه وقراءتِه على ترتيله، كان مباحًا، لأنَّه زادَ بألحانه في تزيينه، هذا كلام أقضى القضاة .
وهذا القِسم الأولُ من القراءة بالألحان معصيةٌ ابتُلِي بها بعضُ العوامِ الجهلة، والطغاةِ الغشمة: الَّذِينَ يقرؤون على الجنائز، وفي بعض المحافل، وهذه بدعة مُحرَّمةٌ ظاهرةٌ، يأثمُ كُلّ مستمع لها- كما قاله أقضى القضاة الماوِردي- ويأثم كُلُّ قادرٍ على إزالتها، أو على النَّهْي عنها، إذا لم يفعل ذلك، وقد بذَلْتُ فيها بعضَ قدرتي .
وأرجو من فضل الله الكريم! أنْ يوفَّق لإزالتها مَن هو أهل لذلك، وأن يجعله في عافيَة . اهـ(1) .
قَالَ الإِمَامُ مَكِّي نصر رَحِمَهُ اللهُ: ومن الأمور المحرَّمةِ التي ابتدعها الْقُرَّاء :
القراءة بالألحانِ المطربة المرجَّعة: كترجيعِ الغناء فإنَّ ذلك ممنوعٌ لمَا فيه من إخراج التلاوة عن أوضاعها، وتشبيه كلام رب العزة بالأغاني التي يُقصدُ بها الطربُ، ولم يزلِ السلفُ يَنْهون عن التطريب" نـهاية القول المفيد : ص / 18-21 .

من كتاب زاد المقرئين
 
جزاك الله خيراً
ولعل المستفاد:
1- أن القراءة على السجية والطبع بلا تكلف ولا تصنع هو الجائز منها. كقراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
2- أما التصنع والتطريب المخالف للفطرة والطبع فهذا هو الذي وردت فيه النصوص والأثار والأخبار.
 
الاخ الاستاذ جمال القرش المحترم
بارك الله فيك على هذا البحث القيم ولي وقفه معه وهي القراءة التي نهى عنها السلف الصالح (رضي الله عنهم) هي القراءة التي تشابه اصوات اهل الفجور والكبار امثال تقليد اصوات المغنين والمغنيات واهل الفسق وهناك احاديث كبيرة دلت على النهي عن هذا الموضوع منها حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب و اصواتهم و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكتابين وسيجىء قوم من بعدى يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء و الرهبانية و النوح لايجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم و قلوب من يعجبهم شأنهم)) و روى عن ابى عبداللّه الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي السجاد بن الامام الحسين بن علي بن الامام علي بن ابي طالب -كرم الله وجهه- (رضي الله عنهم جميعاً) عن ابائه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: اقرؤا القرآن بألحان العرب و اصواتها و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر فانه سيجىء من بعدى أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية لايجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة و قلوب من يعجبه شأنهم .
فالقيد هنا تشبيه الصوت بالحون اهل الفسق والكبائر لا اصل التحسين بالصوت وهناك روايات كثيرة تحث على تحسين الصوت في قراءة القران منها عن النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم انه قال :(زيّنو القرآن بأصواتكم فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً). (ان حسن الصوت زينة القرآن) .
(ان لكل شىء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن) .
فينبغي ان ننوه على هذا الامر .
وفقكم الله لخدمة العلم والعلماء .
 
تخريج لحديث (اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها...)

تخريج لحديث (اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها...)

الحديث : أخرجه أبو عبيد في فضائله :166 ، والمروزي في مختصر قيام الليل :190 ، والبيهقي في الشعب1/429 ، والطبراني في الأوسط 7/183، من حديث بقية عن حصين الفزاري عن أبي محمد عن حذيفة . قال ابن الجوزي في العلل 1/118:" حديث لايصح وأبو محمد مجهول ، وبقية يروي عن الضعفاء ويدلسهم" . قال الهيثمي في المجمع 3/249 :" رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه راو لم يسم وبقية أيضا" ، وقال الذهبي في الميزان في ترجمة حصين بن مالك الفزاري 1/313:" تفرد عنه بقية ، وليس بمعتمد ، والخبر منكر " . والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الجامع حديث رقم (1067) .
 
الدكتور/ نواف الحارثي حفظه الله.
مختصر قيام الليل ليس للمروزي إنما لأبي العباس المقريزي (845هــ) اختصره من (قيام الليل) للمروزي.
والحديث أيضا ذكره أبو العلاء العطار في تمهيده (ص 74-76) بأربع طرق مختلفة, وكلها أيضا تدور على بقية.
 
شكر الله لكم
هذه المسألة ذات أهمية بالغة، ومعرفة الضابط فيها لا بد أن يكون واضحاً، فما هو المحذور في مسألة القراءة بالألحان بالضبط؟
والجواب على هذا في كلام الإمام النووي الذي نقلتموه، وهو أنَّ التحريم متعلق بكون القراءة "أخرَجَتْ لفظ القُرْءان عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراجِ حركات منه، أو قصر مَمدودٍ أو مَدّ مقصورٍ، أو تمطيط يُخلُّ باللفظِ ويلتبس به المعنى".
وما عدا ذلك فهو مباح؛ فلا حرج على القارئ في القراءة بأي مقام (لحن) يريد وفي التنويع بين المقامات (الألحان) إذا لم يقع في هذا المحذور، والله أعلم.
 
جزاك الله خيرا :
قال ابن القيم رحمه الله في : زاد المعاد (1/482) :
وفصل النزاع، أن يقال : التطريب والتغنِّي على وجهين
أحدهما : ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين ولا تعليم، بل إذا خُلّي وطبعه، واسترسلت طبيعته، جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز، وإن أعان طبيعتَه بفضلِ تزيين وتحسين، كما قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم : (( لَو علمتُ أنّكَ تَسمَع لَحَبَّرْتُه لَكَ تحبِيراً)) والحزين ومَن هاجه الطرب، والحبُ والشوق لا يملك من نفسه دفعَ التحزين والتطريب في القراءة، ولكن النفوسَ تقبلُه وتستحليه لموافقته الطبع، وعدم التكلف والتصنع فيه، فهو مطبوع لا متطبِّع، وكَلفٌ لا متكلَف، فهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه، وهو التغني الممدوح المحمود، وهو الذي يتأثر به التالي والسامعُ، وعلى هذا الوجه تُحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.
الوجه الثاني : ما كان من ذلك صناعةً من الصنائع، وليس في الطبع السماحة به، بل لا يحصُل إلا بتكلُّف وتصنُّع وتمرُّن، كما يتعلم أصوات الغِناء بأنواع الألحان البسيطة، والمركبة على إيقاعات مخصوصة، وأوزانٍ مخترعة، لا تحصل إلا بالتعلُم والتكلف، فهذه هي التي كرهها السلفُ، وعابوها، وذمّوها، ومنعوا القراءةَ بها، وأنكروا على من قرأ بها، وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه، وبهذا التفصيل يزول الاشتباهُ، ويتبين الصوابُ من غيره، وكلُّ من له علم بأحوال السلف، يعلم قطعاً أنهم بُرآء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة، التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة، وأنهم أتقى للّه من أن يقرؤوا بها، ويُسوّغوها، ويعلم قطعاً أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب، ويحسِّنون أصواتَهم بالقرآن، ويقرؤونه بِشجىً تارة، وبِطَربِ تارة، وبِشوْق تارة، وهذا أمر مركوز في الطباع تقاضيه، ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطباع له، بل أرشد إليه وندب إليه، وأخبر عن استماع اللّه لمن قرأ به، وقال : (( لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقرآنِ )) وفيه وجهان : أحدهما : أنه إخبار بالواقع الذي كلُّنا نفعله، والثاني : أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته صلى الله عليه وسلم زاد المعاد (1/482) :

وفقكم الله لكل خير
 
قال ابن الباذش في الإقناع: 1/556-557: وأما التطريب فهو أن يتنغم بالقراءة ويترنم، ويزيد في المد في موضع المد وغيره، وربما أتوا في ذلك بما لا يجوز في العربية، وربما دخل ذلك على من يقرأ بالتمطيط.
وأما التلحين فهو الأصوات المعروفة عند من يغني بالقصائد وإنشاد الشعر؛ وهي سبعة ألحان، وقد أتى القرآن بثامن ليس في أصواتهم، والذي يلحن إذا أتى باللحن لا يخرج منه إلى سواه.
وقد اختلف السلف في جواز ذلك، فكرهه قوم وأجازه آخرون، فأما الإقراء به فلا يجوز، ولا بالتطريب، ولا بالترقيص، ولا بالتحزين، ولا بالترعيد، على ذلك وجدت علماء القراءة في سائر الأمصار.
 
قال الإمام المِلحاني رحمه الله في كتابه العقد الفريد والدر النضيد في رواية قالون بالتجويد: ( قال العلماء: المراد بلحون العرب القراءة بالطبع كما كانوا يفعلون, وكانت طباعهم إذ ذاك سليمة لأنهم لم يضاهوا العجم, و المراد بلحون أهل الفسق: الأنغام المستفادة من الموسيقى, والأمر الأول محمول على الندب, والثاني إن تحصل معه محافظة على تصحيح الألفاظ كره وإلا حرام على الصحيح, والله أعلم.
وسئل رسول الله r أي الناس أحسن قراءة؟ فقال: (( الذي إذا سمعت قراءته رأيت أنه يخشى الله تعالى))(1). ويروى أن سعيد بن المسيب t سمع عمر بن عبد العزيز يطرب في قراءته, فأرسل إليه سعيد فنهاه عن التطريب فانتهى(2). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل t سمعت أبي وقد سئل عن القراءة بالألحان فقال: ((محدث)) ).

(1) مصنف ابن أبي شيبة, باب حسن الصوت بالقرآن برقم (8742)(2/257). هذا حديث غريب من حديث الثوري عن ابن جريج عن عطاء 1 ] انفرد به أحمد بن عمر عن قبيصة.[حلية الأولياء 3/317]. قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا تابع حميد بن حماد على روايته ، وإنما يرويه مسعر ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد مرسلا ومسعر لم يحدث عن عبد الله بن دينار بشيء ولم نسمع ذا الحديث إلاَّ من محمد بن مَعْمَر أخرجه لنا من كتابه.[مسند البزار برقم (6136), (12/300)]. وفي مسند عبد بن حميد, باب أحاديث ابن عمر برقم ( 802), (1/255), وقال الألباني في تحقيقة لمشكاة المصابيح: ((صحيح)), حديث رقم ( 2209 ), ( 2/1261 ).

(2) تفسير القرطبي.
 
تحسين الصوت بقراءة القرآن عموماً لا اختلاف بين العلماء فيه ، بل الاختلاف بينهم في ما زاد على ذلك من الاستعانة بقانون النغم وهو ما يعرف بالمقامات ..
وقد أجاز ذلك أبو حنيفة والشافعي وابن المبارك وعطاء وغيرهم ، وكرهه مالك وأحمد وابن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم ، ونقل بعضهم التحريم عن مالك ..
ولعل التوسط في المسألة يليق بشأن القرآن الذي ينبغي للمسلم أن يحسن صوته به ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وهو جواز قراءة القرآن بالمقامات بشرط عدم الإخلال بأحكام القراءة ومجانبة التطريب المنافي لمقام القرآن ...
ولا ينبغي التشديد في هذا الجانب والأمر فيه سعة ، كيف والنفس بطبيعتها تحب سماع الصوت الحسن ، فالأولى أن يكون بكلام الله . وغلق هذا االباب سينتج قراءات جوفاء خالية من كثير من جوانب الحُسن التي نزل بها والتي تحرك القلوب .
( زينوا القرآن بأصواتكم ) .
للاستزادة : انظر فتح الباري 9 / 72 ، سنن القراء ومناهج المجودين للدكتور عبدالعزيز قاري 93 .
 
يقول ابن القيم رحمه الله : الوجه الجائز هو ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين ولا تعليم، بل إذا خُلّي وطبعه، واسترسلت طبيعته، جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز .
إذا تأملنا كلام ابن القيم وهو موافق لشيخه شيخ الإسلام بن تيمية وهو موافق لما تلقيناه على جميع مشايخنا، فقد قرأت على عشرات أئمة الإقراء ، ولم يذكر لي واحد منهم بسند ثابت اقراء بمقام كذا، وكذا، إلا أن بعض القراء صار يتعلمه، لكن عند التحقيق ستعرف أنه لم يأخذه تلقيا بسند متصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن الذي ينشغل بمقام كذا وكذا يكون خشوعه من تتبع النغمة وليس تدبر لما يقرؤه، لأنه مشغول بأن لا يخرج عن مقام كذا .
أما إذا انشغل بالتدبر مع حسن الأداء والتجويد والطبيعة وحسن الصوت ، فيسأتي الخشوع نابع من القلب المتدبر المتأثر بآيات الرحمن.
نسأل الله التوفيق والسداد
 
عودة
أعلى