حقيقة طعن عبد الرحمن ابن خلدون في رسم المصحف

إنضم
10/08/2010
المشاركات
295
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
حقيقة طعن عبد الرحمن بن خلدون( 808هـ) في رسم المصحف
فتحي بودفلة
(جزء من بحث متعلق بتوجيه ظواهر الرسم العثماني تجده هنا)
سأنقل في هذا المبحث نص كلامه بشيء من الاستفاضة والطول حتى يمكننا تجلية حقيقة هذا الرأي وفهم منطلقه وفحواه، يقول ابن خلدون رحمه الله في الفصل الثلاثين من الباب الخامس من الكتاب الأوّل ما نصه: "فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، ولا إلى التوسط لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع.
وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة الخط عند أهلها. ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركاً بما رسمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه، كما يقتفى لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركاً، ويتبع رسمه خطأ أو صواباً. وأين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه، فاتبع ذلك وأثبت رسماً، ونبه العلماء بالرسم على مواضعه.
ولا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط، وأن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم أصول الرسم ليس كما يتخيل، بل لكلها وجه. ويقولون في مثل زيادة الألف في لاأذبحنه: إنه تنبيه على أن الذبح لم يقع، وفي زيادة الياء في بأييد إنه تنبية على كمال القدرة الربانية، وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض. وما حملهم على ذلك إلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيهاً للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط. وحسبوا أن الخط كمال، فنزهوهم عن نقصه، ونسبوا إليهم الكمال بإجادته، وطلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه، وذلك ليس بصحيح. واعلم أن الخط ليس بكمال في حقهم، إذ الخط من جملة الصنائع المدنية المعاشية كما رأيته فيما مر. والكمال في الصنائع إضافي، وليس بكمال مطلق، إذ لا يعود نقصه على الذات في الدين ولا في الخلال، وإنما يعود على أسباب المعاش، وبحسب العمران والتعاون عليه لأجل دلالته على ما في النفوس. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أمياً، وكان ذلك كمالاً في حقه، وبالنسبة إلى مقامه، لشرفه وتنزهه عن الصنائع العملية، التي هي أسباب المعاش والعمران كلها. وليست الأمية كمالاً في حقنا نحن، إذ هو منقطع إلى ربه، ونحن متعاونون على الحياة الدنيا، شأن الصنائع كلها، حتى العلوم الاصطلاحية. فإن الكمال في حقه هو تنزهه عنها جملة بخلافنا.
ثم لما جاء الملك للعرب، وفتحوا الأمصار، وملكوا الممالك ونزلوا البصرة والكوفة، واحتاجت الدولة إلى الكتابة، استعملوا الخط وطلبوا صناعته وتعلموه وتداولوه، فترقت الإجادة فيه، واستحكم، وبلغ في الكوفة والبصرة رتبة من الإتقان، إلا أنها كانت دون الغاية. والخط الكوفي معروف الرسم لهذا العهد…." هنا ينتهي أهمّ ما في كلامه – ممّا له متعلق بموضوعنا- ولكنّه رحمه الله واصل الحديث عن الكتابة والخط من حيث تطوّره وازدهاره فقال: "ثم انتشرت العرب في الأقطار والممالك، وافتتحوا إفريقية والأندلس، واختط بنو العباس بغداد وترقت الخطوط فيها إلى الغاية، لما استبحرت في العمران، وكانت دار الإسلام ومركز الدولة العربية، وخالفت أوضاع الخط ببغداد أوضاعه بالكوفة، في الميل إلى إجادة وجمال الرونق وحسن الرواء. واستحكمت هذه المخالفة في الأمصار إلى أن رفع رايتها ببغداد علي بن مقلة الوزير[1] ثم تلاه في ذلك علي بن هلال الكاتب الشهير بابن البواب[2]، ووقف سند تعليمها عليه في المائة الثالثة وما بعدها. وبعدت رسوم الخط البغدادي وأوضاعه عن الكوفة، حتى انتهى إلى المباينة. ثم ازدادت المخالفة بعد تلك العصور بتفنن الجهابذة في إحكام رسومه وأوضاعه، حتى انتهت إلى المتأخرين مثل ياقوت[3] والولي علي العجمي[4]. ووقف سند تعليم الخط عليهم، وانتقل ذلك إلى مصر، وخالفت طريقة العراق بعض الشيء، ولقنها العجم هنالك، فظهرت مخالفة لخط أهل مصر أو مباينة. وكان الخط الإفريقي المعروف رسمه القديم لهذا العهد يقرب من أوضاع الخط المشرقي. وتميز ملك الأندلس بالأمويين، فتميزوا بأحوالهم من الحضارة والصنائع والخطوط، فتميز صنف خطهم الأندلسي، كما هو معروف الرسم لهذا العهد. وطما بحر العمران والحضارة في الدول الإسلامية في كل قطر. وعظم الملك ونفقت أسواق العلوم وانتسخت الكتب وأجيد كتبها وتجليدها، وملئت بها القصور والخزائن الملوكية بما لا كفاء له، وتنافس أهل الأقطار في ذلك وتناغوا فيه.
ثم لما انحل نظام الدولة الإسلامية وتناقصت تناقص ذلك أجمع، ودرست معالم بغداد بدروس الخلافه، فانتقل شأنها من الخط والكتابة، بل والعلم إلى مصر والقاهرة، فلم تزل أسواقه بها نافقة لهذا العهد. وللخط بها معلمون يرسمون للمتعلم الحروف بقوانين في وضعها. وأشكالها متعارفة بينهم. فلا يلبث المتعلم أن يحكم أشكال تلك الحروف على أشكال تلك الأوضاع. وقد لقنها حسناً وحلقاً فيها دربة وكتاباً، وأخذها قوانين عملية فتجيء أحسن ما يكون..."[5]
تعليقات وملاحظات على رأي ابن خلدون رحمه الله:
· كلام ابن خلدون رحمه الله لا خلاف في ثبوته وصحة نسبته لصاحبه، لكن المشكلة واقعة في قراءته، لأنّ كلّ ما فيه هو وصفٌ لواقعِ الكتابة العربية في زمن الإسلام الأول على عهد الصحابة رضي الله عنهم. فقد بدأ كلامه بقوله: "كان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية..." ثمّ واصل الكلام في ذات الموضوع معلّلا وموجها ومستدلا ليختمه بذات الحكم " ثم لما جاء الملك للعرب، وفتحوا الأمصار، وملكوا الممالك ونزلوا البصرة والكوفة، واحتاجت الدولة إلى الكتابة، استعملوا الخط وطلبوا صناعته وتعلموه وتداولوه، فترقت الإجادة فيه، واستحكم..."[6] وليس في هذا الكلام من أوّله إلى آخره دعوة إلى العدول عن رسم المصحف أو إشارة من قريب أو بعيد إلى جواز تغيير وتبديل ظواهره...
· وممّا يؤكّد أنّ ابن خلدون أبداً لم يقصد جواز تغيير رسم المصحف وكتابته بغير الرسم العثماني؛ أنّ هذا القول سُبِقَ إليه من قِبل الفراء (207هـ) وابن قتيبة (279هـ)[7]، ولكن هل قال أحدٌ من أهل العلم أنّهما جوّزا تغيير رسم المصحف، بل لقد سبقت هؤلاء جميعا عائشة رضي الله عنها إذْ نسِب إليها مثل هذا القول[8] ولكن المعروف عنها وعن الصحابة أجمعين إجماعهم على وجوب التزام الرسم العثماني. فهذه الأقوال إذن إنّما تصف واقعاً، والخطأ أو النقص إنّما ينسب للخطّ ذاته إذْ كان لا يزال في بدايته الأولى، ثمّ إنّ هذه الأخطاء – إن سلّمنا بها – هي أخطاء نُسِبت للكتبة من وجهة نظر قائليها؛ لأنّ الكتابة خالفت تصورهم لها...
· والمتأمل في حديثه عن علم رسم المصحف في موضع آخر من مقدمته[9] يلاحظ أنّه في هذا الموضع حيث الحديث عن ظواهر الرسم العثماني أصالة، لم يَسِمْها بالضعف ولا بالخطأ ولم ينعت أصحابها بالوحشية والبداوة بل هي من "أصناف العلوم الواقعة في العمران"[10] وقد عرّفها وذكر شيئا من مباحثها ومسائلها ورجالها ومصادرها وكلّ ذلك في سياق الثناء عليها إذ هي من "العلوم التي تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة"[11]...
· ثمّ انظر كيف أثنى على أهل المغرب لاعتنائهم وتفوقهم في علم رسم المصحف بسبب إلزامهم الصبية والولدان بتعلّمه وحفظه مع حفظ القرآن في صغرهم وبداية طلبهم حيث يقول: "فأمّا أهل المغرب فمذهبهم في الولدان الاقتصار على تعليم القرآن فقط، وأخذهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله واختلاف حملة القرآن فيه..." إلى أن يقول: "فهم لذلك أقومُ على رسم القرآن وحفظه من سواهم."[12]
ورغم أنّ هذا الذي قدّمناه يعيد قراءة نص ابن خلدون قراءة جديدة ليس فيها شيء ممّا قرّره المتنصلون من رسم المصحف وظواهره، إلاّ أنّنا سنسلّم فرضا وتجاوزا أنّه فعلا طالب بتبديله والتخلص منه وسنناقش القول فيما يأتي انطلاقا من هذا الاعتبار...
· فأما تعليله لضعف الخط كما زعم بمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عمّا سماه بالحضارة والعمران...فهو صحيح في حقّ عرب الجاهلية، وبذلك تعلّل قلة الكتابة وعدم انتشارها في ربوع الجزيرة العربية اللهمّ إلاّ حدودها المتاخمة للدول المتحضرة وبعض مدائنها كمكة والطائف ويثرب وخيبر وبعض مناطق اليمن التي أخذت من الحضارة بنصيب...أمّا الصحابة فكانوا في غاية التحضر، لأنّ الحضارة - عند أهل الاختصاص – ليست الإنتاج المادي ولا ما يتبعها من انتشار الصنائع والحرف –كما يفهم من كلام ابن خلدون- وإنّما هي تلك الاستعدادات المادية والمعنوية التي يعمل المجتمع على توفيرها للفرد حتى يمكّنه من الإنتاج والإبداع[13]... ولأجل هذا كان مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في غاية التحضر رغم أنّ مظهره كان أساسه الخيمة والناقة والحصيرة،لأنّه وفّر هذه الاستعدادات من أخوة وتكافل وعلم وكتابة وتدبّر وتفكّر وحب للبحث والاطلاع وتقديم الأقرأ وتفضيل الأعلم والأنفع ... بينما نرى بعض المجتمعات العربية الحالية في غاية التخلف والبعد عن الحضارة والعمران رغم ما يتوفر فيها من الإنتاج المادي ومن انتشار الصنائع والحرف... بسبب كون هذا الزخم المادي لم يقم على تلك الاستعدادات والإمكانات التي يوفرها المجتمع لأفراده وإنّما هي مجرد تملُّك آني وكسب مادي محض... هذا كلّه إن لم نأخذ بالقول الراجح في تعريف الحضارة بكونها محصورة في الإسلام أو هي الإسلام ذاته[14] والصحابة رضي الله عنهم قد تمثلوا الإسلام وطبقوه في أحسن وأرقى صوره. وحتى إن أخذنا تسامحا وتجوّزا برأي ابن خلدون فإنّ الصحابة رضوان الله عليهم تعلموا الكتابة العربية، وبعضهم كزيد بن حارثة الذي تولى كتابة المصحف تعلّم مختلف اللغات والخطوط فأتقنها واستعان بقواعدها وأسسها، ووظفها في كتابة المصحف الشريف، وهذه من أسمى معالم الحضارة والعمران...
· ثمّ إنّ الصحابة في فنّ الخطّ وصناعة الكتابة لم يبدؤوا من الصفر، بل أخذوا كتابة أقرب شعب متحضرٍ – على مذهب ابن خلدون- فتعلموها وفق مبادئها وقواعدها الأصلية ثم تبنّوها واستعملوها في لغتهم... وكذلك صنعت الشعوب كلّها أخذت كتابات من قبلهم ثم تبنوها وطوّروها، ألم يكن الفنقيون أصحاب أوّل أبجدية في التاريخ مقلدين للفراعنة... وقد مرّت كتابتهم وأبجديتهم بثلاثة أطوار من حيث الإجادة والإتقان... فهل يقال إنّ الفنقيين بعيدون عن الحضارة والعمران بسبب تقليدهم للفراعنة أوّلا، وبسبب ضعف خطّهم في مرحلته الأولى مقارنة مع مراحله المتأخرة ؟... طبعا لا...
· وإنّ من مظاهر تحضّر الصحابة رضي الله عنهم – على مذهب ابن خلدون دائما - وتمكنهم من قواعد الرسم وصناعته، ما أضافوه للكتابة العربية خاصة والبشرية عامة من قواعد محكمة وضوابط في غاية الدّقة والإجادة والإتقان... ولعلّ من أهمّها رسم الكلمات باعتبار الابتداء بها والوقف عليها وهي على الراجح قاعدة من إبداع الصحابة رضي الله عنهم لأنّها لم تكن مطّردة فيما اكتشف من الكتابات والحفريات والنقوش القديمة...[15]، وكذلك تفريقهم بين الصوامت والصوائت فتصرفوا في الصنف الثاني بالحذف والزيادة والبدل وحافظوا على الأوّل، ومثل ذلك يقال عن تفريقهم بين أصول مادة الكلمة وبين زوائدها وما دخل عليها فيتصرفون في الثاني ويحافظون على الأوّل... فهل يعدّ مكتشفو هذه القواعد وهذه التفاصيل متوحشون بعيدون عن الحضارة والعمران جاهلون بصناعة الكتابة ورموزها ؟
· تعليل ابن خلدون حكمه هذا بكون الصحابة خالفوا أقيسة الكتابة وقواعدها المتعارف عليها عند أهل الاختصاص بعيد كلّ البعد من جهات عدّة أهمّها :
أ. إنّ هذه الأخطاء التي لزمت من مخالفة قواعد الكتابة هي ما اصطلحنا عليه بظواهر الرسم العثماني من حذف، وزيادة، وإبدال، ووصل ما حقّه الفصل، وفصل ما حقّه الوصل... هذه الأخطاء –كما زعم- موجودة في الكتابات كلّها... في كتابات أرقى الأمم وأكثرها تحضّرا قديما وحديثا... فهل نصف أصحاب الكتابات كلّهم بالتوحش والبداوة والبعد عن الحضارة والعمران لأنّ كثيرا من كتابات كلماتهم تخالف لفظها...
ب. إنّ هذه القواعد والمبادئ - التي زعم ابن خلدون أنّ الصحابة خالفوها برسمهم - محدثةٌ وُجِدت بعد عهد الصحابة رضي الله عنهم فكيف نحاسب الأوّل على ما صنع الآخر وكيف نقيّم القديم بما جدّ وأُحدِث بعده ؟
ت. إنّ هذا الحكم الذي أصدره سببه اعتقاد كثير من المتقدمين أنّ الكتابة يشترط فيها تطابق المكتوب والملفوظ، وهذا غير صحيح لأنّ هذا التطابق غير لازم ، والمطلوب من كتابة أيّ لغة أداء أصواتها، ورسم الصحابة بظواهره قد أدّى أصوات القرآن الكريم ولا يزال خير أداء.
· رفض ابن خلدون توجيهات وتعليلات الرسم العثماني واعتبر القائلين بها "مغفلين" مستدلا وممثلا لذلك ببعض التوجيهات الإشارية والصوفية كقولهم في زيادة الألف في ﭽ ﯭﭼ[16] إشارة إلى أنّ الذبح لم يقع والياء في ﭽﯲ ﭼ[17] إلى كمال قوة الله ومباينتها لقوة البشر...وقد جانب ابن خلدون الصواب في هذه المسألة من حيثيتين اثنتين
أ. الأولى: تعميمه للحكم انطلاقا من جزئية خاصة، إذ حكم العام كلّه لا يؤخذ من بعض أفراده وجزئياته... وإذا كان أصحاب التعليلات والتوجيهات التي ساقها قد جانبهم الصواب فلا ينبغي سحب هذا الحكم وتعميمه على كلّ توجيه وتعليل...
ب. الثانية: ما المانع من اعتماد بعض التعليلات المعنوية والإشارية إذا كانت لا تخالف أصلاً شرعيا أو مبدأ صناعيا فنيا واعتبرناها من ملح هذا العلم، ولا يدّعي أصحابها أنّها هي الحق وما دونها كلّه باطل مردود...أليس في كلّ علم من العلوم مثل هذه التوجيهات الإشارية[18] فهل يطعن ذلك في مادة هذه العلوم ومبادئها...
يبدو أنّ ابن خلدون –رحمه الله- قد التبس عليه الأمر بين الجانب الصناعي العلمي في الكتابة وجانبها الفنّي الجمالي... بدليل أنّه حصر تطور الكتابة – فيما ذكره وساقه- في جانبها الجمالي فقط... فكأنّه يعتقد أنّ من مظاهر ضعف الكتابة في أوّل الإسلام إضافة إلى قواعد الرسم الاصطلاحي ضعفها الجمالي... وهذا الجانب وإن كان حقّا وصوابا إلاّ أنّه غير متعلق بهذا العلم، والأمة غير ملزمة به. ومعلوم أنّ كتابة المصحف في شقها الفني الجمالي قد عرفت تطوّرا وتغيرا مستمرا عبر التاريخ ولا يزال هذا التطور والتغير مستمرا إلى يومنا هذا...
وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلّم.
فتحي بودفلة
(ملاحظة: تدون البحث في المرفقات بصيغة وورد)


[1] محمد بن علي بن الحسن بن مقلة الوزير أبو علي، ولد ببغداد سنة اثنين وسبعين ومائتين (272هـ) استوزر لثلاثة من خلفاء بني العباس وابتلي بسبب اختلافاتهم ودسائسهم...تتلمذ على يد ثعلب وابن دريد وعلى أبيه وإبراهيم بن إسحاق في خصوص فنّ وصناعة الخطّ. بلغ في الخط العربي شأناً عظيماً، فهو مؤسس خط النسخ والثلث وهو المنظّر الأوّل لهذا الفن واضعُ اصطلاحاته وضابطُ قواعده ، من أشهر مصنفاته "رسالة الوزير ابن مقلة في علم الخطّ والقلم" توفي في سجنه مقطوع اليدّ واللسان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (328هـ). تاريخ الإسلام 6\2574، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (المعروف بمعجم الأدباء)، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (226هـ) تحقيق: إحسان عباس. دار الغرب الإسلامي بيروت 1414هـ 1993م 6\2574.

[2] علي بن هلال أبو الحسن المعروف بابن البوّاب، من تلامذة ابن جنّي، كان يعبّر الرؤيا ويقصّ على النّاس بجامع المنصور وله نظم ونثر انتهت إليه الرئاسة في حسن الخطّ وقال ابن خلّكان: أوّل من نقل هذه الطّريقة مِن خط الكوفيّين أبو عليّ بْن مُقلة، وخطه عظيم، لكن ابن البوّاب هذَّب طريقة ابن مُقلة ونقَّحها، وكساها طَلاوة وبَهْجة، وشيخُهُ في الكتابة أبو عبد الله محمد بْن أسد ...
وكان ابن البوّاب يذهَّب إذهابا فائقًا، وكان في أوّل أمره مزوقًا يُصور الدُّور فيما قِيلَ. ثمّ أذهب الكُتب. ثمّ تعانى الكتابة ففاق فيها الأوّلين والآخرين، ونادم فَخْر المُلك أبا غالب" توفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة للهجرة (413هـ). تاريخ الإسلام 9\222، تاريخ بغداد وذيوله (المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي- ذيل تاريخ بغداد لابن النجار- المستفاد من تاريخ بغداد لابن الدمياطي- الرد على أبي بكر بن الخطيب لابن النجار)ن أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (463هـ) تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا دار الكتب العلمية بيروت 1417هـ 19\185\1030- 21\153\157. الأعلام 5\30.

[3] ياقوت بن عبد الله الرومي، أبو عبد الله شهاب الدين مولى عسكر، المؤرخ الجغرافيّ الخطاط ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة للهجرة (574هـ) ببلاد الروم حيث أسِر صغيرا واشتراه مولاه عسكر تاجر ببغداد، اشتغل بالتجارة وبنسخ الكتب فتحصّل له بسبب ذلك علم كثير، من مصنفاته: "معجم البلدان"، "إرشاد الأريب" المشهور بمعجم الأدباء و"معجم الشعراء"... توفي سنة ست وعشرين وستمائة (626هـ). إنباه الرواة 4\131، تاريخ بغداد وذيوله 21\192\196، وفيات الأعيان 6\127\790، سير أعلام النبلاء 22\312\188، تاريخ الإسلام 13\823\380.

[4] علي بن زنكي الولي العجمي، خطاط عاش في بغداد وتتلمذ على ياقت المستعصمي وكلاهما أخذا الخطّ عن الشيخة زينب شهدة بنت الأبري. توفي سنة ثمان عشرة وستمائة للهجرة (618هـ). نقلت ترجمته من موقع مزامير آل داود مادة: مَن خطّ المصحف الشريف من القرن الأول إلى منتصف القرن الرابع عشر. موضوع نشر بتاريخ 18\02\2013.

[5] المقدمة ، عبد الرحمن بن خلدون (808هـ) باعتناء ودراسة أحمد الزعبي. دار الأرقم بن أبي الأرقم بيروت 2001م ص455-456.

[6] وهذا الحكم الذي ذكره ابن خلدون حقيقة لا يمكن إنكارها فالكتابة العربية في زمن الصحابة رضي الله عنهم كانت في بداياتها الأولى فالحروف لم تكن قد استقلت جميعها بصورها ولهذا لجأ العرب إلى الإعجام. والصوائت لم يكن لها رموز خاصة ولهذا لجأ العرب إلى الشكل . ينظر رسم المصحف لغانم قدوري ص 133-134، 252-253، 255.

[7] المتحَف ص69-70.

[8] المصاحف 1\235. وهو قولها رضي الله عنها: "يا ابن أخي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب."

[9] المقدمة ص476.

[10] هذا هو عنوان الباب ص474.

[11] المرجع نفسه ص473.

[12] المرجع السابق 614.

[13] مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، مالك بن نبي. ترجمة بسام بركة وأحمد شعبو. دار الفكر المعاصر بيروت بالاشتراك مع دار الفكر دمشق الطبعة الجديدة 1423هـ 2002م. ص42-44-45-52 . وينظر: مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي وأرنولد توينبي، آمنة تشيكو. المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1989م ص 122...

[14] معالم في الطريق، سيد قطب. دار الشروق بيروت، الطبعة السادسة 1399هـ 1979م ص105...

[15] خاصة وأنّ العلم الحديث أثبت أنّ العقل البشري يعتمد في تفكيك الرموز الكتابية على أوّل وآخر ما تكتب به الكلمات أمّا وسطها فحشو لا يلجأ إليه إلاّ عند الالتباس والتفريق بين الكلمات، مع العلم أنّ النقوش العربية القديمة قبل الرسم العثماني لم يطّرد فيها هذا الأصل...

[16] النمل 21.

[17] الذاريات 47.

[18] ينظر على سبيل المثال: نحو القلوب الكبير، الأستاذ عبد الكريم القشَيري (465هـ) دار الرؤية دمشق 2006م ومعه في الطبعة نفسها "نحو القلوب الصغير"
 
التعديل الأخير:
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أثبتُّ بالأمثلة في رسالتي للماستر المعنونة بـ ( اصطلاحات الضبط في المصاحف المعاصرة وعلاقتها بالظواهر الصوتية مع دراسة لقراءات القرآن وأصول كتابته) أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في كتابة القرآن العظيم كانوا متميزين بالدقة التي تدل على ذكائهم ، وأنهم كانوا قاصدين قصداً لهذه الظواهر التي تميز بها الرسم العثماني ، وأنهم راعوا القراءات بالدرجة الأولى ، ثم التخفيف على الكاتب بالدرجة الثانية ، وربما ارتبطت بعض هذه الظواهر بسياقات معينة ولكني أستبعدتُّ التأويلات الباطنية التي عرف بها ابن البناء المراكشي وغيره .
 
الأخ الكريم، أبو قمان هل يمكننا الوقوف على رسالتك ؟
هذا الملمح الذي ذكرته جدّ مهمّ : [أقصد: أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في كتابة القرآن العظيم كانوا متميزين بالدقة التي تدل على ذكائهم] ولكن بودي أخي الكريم: أن تعطينا نماذج - إن أمكن - لتعلق هذه الظواهر بالسياقات .... جزاكم الله خير الجزاء.
 
موضوع متميز , شكر الله لكم.

الأخ الكريم أبو لقمان ياليت تدلنا على مكان توفر رسالتك إن كانت مطبوعة , أو تنتقي لنا بعض المعلومات وتتحفنا بها,فيبدو أنك وضعت يدك على مسائل أشكلت على الكثيرين من أهل هذا العلم.

وفقكم الله , وننتظر ردكم.
 
عودة
أعلى