حقيقة المعجزة وشروطها عند الأشاعرة د. عبد الله بن محمد القرني

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,144
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: -
فإن الدراسات المتعلقة بالإعجاز وإن تعددت ترجع إلى أساسين متكاملين، يتعلق أحدهما بالتأصيل لحقيقة الإعجاز، وبيان مفهومه، وأوجهه، ومجالاته، وبيان جهود العلماء المحققين في تقريره. بينما يتعلق الأساس الثاني بنقد الآراء المخالفة حول الإعجاز والمعجزة، سواء كانت تلك الآراء قديمة أو حديثة، وبيان خطر تلك الآراء على حقيقة الإعجاز، وما يترتّب عليه من الخلل في الدلالة على النبوة.
ولا بدّ من التكامل بين هذين الأساسين بحيث لا يكتفى بأحدهما دون الآخر، لأن التأصيل المطلوب لا يتحقق مقتضاه إلا مع نقد ما يخالفه، والنقد الصحيح لا يتم إلا وفق منهج منضبط له أصول وقواعد علمية محررة.
وإذا نظرنا إلى التراث الفلسفي والكلامي في هذه المسألة وجدنا أثر الأصول التي قامت عليها تلك الاتجاهات واضحًا في تفاصيل هذه المسألة، مع خطورة ذلك لتعلقه بدلائل النبوة ووجه الدلالة في الإعجاز، وما إلى ذلك.
وإن من أكثر الاتجاهات الكلامية تأثيرًا في هذا الجانب الاتجاه الأشعري، نظرًا لتأثر كثير من علماء التفسير والحديث وعلوم الحديث و اللغة بالمذهب الأشعري، حتى أصبح تعريفهم للمعجزة، والكلام عن حقيقتها وشروطها، وما يترتّب على ذلك من الكلام في دلائل النبوة هو المشهور في كثير من المراجع العلمية، والتبس الأمر على كثير من الباحثين في هذا الباب.
وقد كان لموقف الأشاعرة من مسألة السببية، وإنكارهم للسنن الكونية وخصائص الأشياء الأثر البالغ في نظرتهم إلى حقيقة الإعجاز، وما يلزم عن ذلك من اللوازم، كقولهم في معنى العادة، وأن ذلك لا يرجع إلى حقيقة مطردة، وما التزموه من أن السحر من جملة الخوارق، وأنه لا فرق بين المعجزة والسحر بالنظر إلى حقيقة كل منهما، وأنه لابدّ للتفريق بينهما من تحدي النبي صلى الله عليه وسلم بالمعجزة، وأن الساحر إذا ادعى النّبوة أو عارض نبيًا فلا بدّ أن يسلب القدرة على السحر، ونحو ذلك من اللوازم التي ترجع في جملتها إلى حقيقة واحدة وهي إنكارهم للسببية، مع أنه الأصل الذي يتميز به المعجز من غير المعجز.
ومع أن العلماء المحققين كابن حزم وابن تيمية وغيرهما قد نبّهوا على هذه الأخطاء، وحذروا منها، إلا أنه لا يوجد فيما أعلم دراسة علمية تفصل القول في الأصل الكلامي لهذه الأخطاء، ووجه التلازم بين أصل القول ولوازمه، وبيان جهود العلماء المحققين في نقد هذه الأخطاء، والأصل الذي بنيت عليه.
وتحقيقًا لهذه الغاية فقد اشتمل هذا البحث على ثلاثة مباحث، كان أولها عن مكانة دلالة المعجزة على النبوة عند الأشاعرة، وبيان خطأ ما ذهب إليه أكثرهم من القول بحصر دلالة النبوة في المعجزة، وبيان ما ذهب إليه بعضهم من اعتبار دلالات أخرى، وأن ذلك وإن كان صوابًا إلا أنهم قصروا حيث عدوا تلك الدلالات مكملة ومتمّمة لدلالة الإعجاز، مما يلزم منه التوهين لتلك الدلالات.
وأما المبحث الثاني فكان في بيان الأصل الكلامي الذي استند إليه الأشاعرة في موقفهم من دلالة المعجزة على النبوة، وهو إنكارهم للسببية وخصائص الأشياء، وما ترتّب على ذلك من الأخطاء في مفهوم العادة والخارق، وما تتميز به المعجزة، ووجه تميز الإعجاز، وما إلى ذلك.
وأما المبحث الثالث فكان في بيان منهج الأشاعرة في الاستدلال بالمعجزة واللوازم التي التزموا بها نتيجة خطئهم في مسألة السببية، وبيان أن كل ما اشترطوه للمعجزة فإنما يرجع إلى ذلك.
وبذا يتكامل تصور منهجهم، والأساس الذي قام عليه، واللوازم التي التزموا بها بناء على ذلك، والموقف الشرعي من هذه الأخطاء، وما قرره العلماء المحققون في ذلك كله.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

---------------------------

هذه مقدمة بحث : (حقيقة المعجزة وشروطها عند الأشاعرة - دراسة نقدية) للشيخ الدكتور. عبد الله بن محمد القرني وفقه الله, ويعد هذا البحث من أهم البحوث المتعلقة بمسألة الإعجاز تأصيلاً وتفصيلاً, ولا يخفى علاقة ذلك بإعجاز القرآن الكريم, وقد أهداه الشيخ الفاضل لملتقى أهل التفسير لمكانته لديه, فشكر الله له.
وهذا هو البحث كاملاً في المرفقات.
 
السلام عليكم ورحمة الله
ينبغي الاشارة الى ان هذا البحث من ضمن البحوث التي قدمت لمؤتمر الاعجاز القراني الذي عقد في جامعة الزرقاء الاهلية بالاردن واقبلوا خالص التحيات
 
نعم كما ذكرت أخي جمال, وهذا مذكور في صفحة العنوان من البحث, ولك سلامي وتحياتي.
 
عودة
أعلى