حسين ابراهيم
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
قال تعالى :( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ
زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)الزمر
قوله تعالى :(ألا لله الدين الخالص) أي العبادة و الطاعة ، و إخلاص العبادة يقتضي التوحيد
الذي ينافيه الشرك ، و قوله ألا لله الدين الخالص و إن كانت صورته صورة الخبر فهو في معنى
الأمر ، ثم ذكر سبحانه ما ينافي حقيقة هذا التوحيد فذكر عن المشركين صورة اعتقادهم الشركي
الذي صاروا به مشركين فقال تعالى :(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى
اللَّهِ زُلْفَى )
ففي هذه الآية بيان جلي لصورة الاعتقاد الشركي الذي كان عليه القوم ، ومضمون هذه الصورة
الاعتقادية الشركية التي ذكرها هؤلاء المشركون عن أنفسهم في هذه الآية ينحصر في أمرين
الأول صرف العبادة لغير الله ، و الثاني التقرب بعبادة غير الله الى الله فقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا
الى الله زلفى أي ما كانت عبادتنا لهم لإعتقادنا بكونهم أرباب يرزقون و يخلقون و يُحيون و يٌميتون
و لكن لنتقرب بعبادتهم الى الله الذي بيده هذه الاشياء، و إنما قلنا ذلك لانهم لو كانوا يعتقدون أن
آلهتهم تملك النفع و الضر لما قالوا إنّا نتقرب بعبادة هذه الآلهة الى الله بل لأكتفوا بعبادتها عن عبادة الله
فظهر من صريح هذه الآية إن الشرك الذي وقع فيه هؤلاء كان عبادة غير الله مع الله بحجة التقرب
الى الله بذلك فمقصودهم الاول حسب زعمهم بالعبادة هو الله و إنما تٌعبد هذه الاوثان ليصل العابد
من خلال عبادتها الى منزلة القربى عند الله و هذه هي عقيدة الشرك الذي مضى عليها سالف
اهل الشرك و يسير عليها خالفهم ، و لهذا قال مجاهد في تفسير هذه الآية : قريش تقوله للأوثان،
ومن قبلهم يقوله للملائكة ولعيسى ابن مريم ولعزَير (1) قلت و هذا الذي يقوله القبوريون في
قبورهم فيطوفون بقبورهم و يصرفون النذور اليهم و يستغثون بهم في الشدائد و يقولون إنما نبتغي
بهذا القربى الى الله لا نقول إن هؤلاء آلهة بل الله واحد فنحن لا نشرك. فيقال لهم و كذلك المشركون
الذين ذكر الله اعتقادهم في هذه الآية يقولون بمثل قولكم فانهم لا يطوفون بأوثانهم ولا يصرفون
النذور اليها و يذبحون لها و يسيبون لها السائبة و يعظّمونها إلا لينالوا بذلك المنزلة عند الله هذا
قولهم في هذه الآية فما وجه الفرق بين هذا القول في أوثانهم و قولكم هذا القول في قبوركم ؟
اللهم لا فرق فكلاكما صرف عبادة ً لغير الله فهم نذروا لأوثانهم و أنتم تنذرون لقبوركم و هم يذحبون
تقربا اليها و أنتم تفعلون ذلك بقبوركم فكلاكما عبد مع الله غيره و هذه حقيقة الشرك بنص هذه الآية.
________________________
(1)جامع البيان في تفسير القرآن ج21 /251
الحمد لله رب العالمين
قال تعالى :( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ
زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)الزمر
قوله تعالى :(ألا لله الدين الخالص) أي العبادة و الطاعة ، و إخلاص العبادة يقتضي التوحيد
الذي ينافيه الشرك ، و قوله ألا لله الدين الخالص و إن كانت صورته صورة الخبر فهو في معنى
الأمر ، ثم ذكر سبحانه ما ينافي حقيقة هذا التوحيد فذكر عن المشركين صورة اعتقادهم الشركي
الذي صاروا به مشركين فقال تعالى :(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى
اللَّهِ زُلْفَى )
ففي هذه الآية بيان جلي لصورة الاعتقاد الشركي الذي كان عليه القوم ، ومضمون هذه الصورة
الاعتقادية الشركية التي ذكرها هؤلاء المشركون عن أنفسهم في هذه الآية ينحصر في أمرين
الأول صرف العبادة لغير الله ، و الثاني التقرب بعبادة غير الله الى الله فقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا
الى الله زلفى أي ما كانت عبادتنا لهم لإعتقادنا بكونهم أرباب يرزقون و يخلقون و يُحيون و يٌميتون
و لكن لنتقرب بعبادتهم الى الله الذي بيده هذه الاشياء، و إنما قلنا ذلك لانهم لو كانوا يعتقدون أن
آلهتهم تملك النفع و الضر لما قالوا إنّا نتقرب بعبادة هذه الآلهة الى الله بل لأكتفوا بعبادتها عن عبادة الله
فظهر من صريح هذه الآية إن الشرك الذي وقع فيه هؤلاء كان عبادة غير الله مع الله بحجة التقرب
الى الله بذلك فمقصودهم الاول حسب زعمهم بالعبادة هو الله و إنما تٌعبد هذه الاوثان ليصل العابد
من خلال عبادتها الى منزلة القربى عند الله و هذه هي عقيدة الشرك الذي مضى عليها سالف
اهل الشرك و يسير عليها خالفهم ، و لهذا قال مجاهد في تفسير هذه الآية : قريش تقوله للأوثان،
ومن قبلهم يقوله للملائكة ولعيسى ابن مريم ولعزَير (1) قلت و هذا الذي يقوله القبوريون في
قبورهم فيطوفون بقبورهم و يصرفون النذور اليهم و يستغثون بهم في الشدائد و يقولون إنما نبتغي
بهذا القربى الى الله لا نقول إن هؤلاء آلهة بل الله واحد فنحن لا نشرك. فيقال لهم و كذلك المشركون
الذين ذكر الله اعتقادهم في هذه الآية يقولون بمثل قولكم فانهم لا يطوفون بأوثانهم ولا يصرفون
النذور اليها و يذبحون لها و يسيبون لها السائبة و يعظّمونها إلا لينالوا بذلك المنزلة عند الله هذا
قولهم في هذه الآية فما وجه الفرق بين هذا القول في أوثانهم و قولكم هذا القول في قبوركم ؟
اللهم لا فرق فكلاكما صرف عبادة ً لغير الله فهم نذروا لأوثانهم و أنتم تنذرون لقبوركم و هم يذحبون
تقربا اليها و أنتم تفعلون ذلك بقبوركم فكلاكما عبد مع الله غيره و هذه حقيقة الشرك بنص هذه الآية.
________________________
(1)جامع البيان في تفسير القرآن ج21 /251