حطة وحنطة!؟

إنضم
27/01/2009
المشاركات
119
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
في قوله تعالى (و ادخلوا الباب سجداً و قولوا "حطة" نغفر لكم خطاياكم) .
ما المقصود بـ (حِطَّةٌ) ؟
التفسير الشائع يقول : إن المراد : أمرنا ـ أو مطلوبنا ـ حَطُّ الذنوب عنّا .
فهو من حَط بمعنى أسقط .
ثم قال تعالى : (فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .
فما هو هذا القول الذي نشأ من التبديل؟
بعض المفسّرين قالوا إن بني إسرائيل لما دخلوا الباب قالوا (حنطةٌ)! استخفافا بما أمروا به أي قول (حِطّة) .
فهل هذا يصحّ ؟
ما هو التفسير الأكثر نجاحا لـ (حطّة) و (فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) ؟
هل من الممكن أن تكون كلمة (حطّة) معرَّبةً من شيء ما ؟
أفيدوني ، أجزل الله ثوابكم ، فأنا لم أفهم الموضوع حتى الآن ، رغم مطالعتي لأكثر التفاسير في هذه النقطة .
 
وقوله ( وقولوا حطة ) الحطة فعلة من الحط وهو الخفض وأصل الصيغة أن تدل على الهيئة ولكنها هنا مراد بها مطلق المصدر والظاهر أن هذا القول كان معروفا في ذلك المكان للدلالة على العجز أو هو من أقوال السؤال والشحاذين كيلا يحسب لهم أهل القرية حسابا ولا يأخذوا حذرا منهم فيكون القول الذي أمروا به قولا يخاطبون به أهل القرية . وقيل المراد من الحطة سؤال غفران الذنوب أي حط عنا ذنوبنا أي اسألوا الله غفران ذنوبكم إن دخلتم القرية . وقيل من الحط بمعنى حط الرحال أي إقامة أي ادخلوا قائلين إنكم ناوون الإقامة بها إذ الحرب ودخول ديار العدو يكون فتحا ويكون صلحا ويكون للغنيمة ثم الإياب . وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سقيا ورعيا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل


منقول من كتاب التحرير والتنوير
 
هذا ما ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره ، وهو أمر واضح في لفظه ودلالته :
قال البخاري: حدثني محمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قيل لبني اسرائيل: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا، وقالوا: حبة في شعرة " ورواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن به موقوفاً، وعن محمد بن عبيد بن محمد عن ابن المبارك ببعضه مسنداً في قوله تعالى: { حِطَّةٌ } قال: فبدلوا، وقالوا: حبة، وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله لبني إسرائيل: { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } فبدلوا، ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم، فقالوا: حبة في شعرة " وهذا حديث صحيح رواه البخاري عن إسحاق بن نصر، ومسلم عن محمد بن رافع، والترمذي عن عبد الرحمن ابن حميد، كلهم عن عبد الرازق به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال محمد بن إسحاق: كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجداً - يزحفون على أستاههم، وهم يقولون: حنطة في شعيرة " وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح. وحدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " قال الله لبني إسرائيل: { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } " ثم قال أبو داود: حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بمثله، هكذا رواه منفرداً به في كتاب الحروف مختصراً. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا أحمد بن المنذر القزاز حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل، أجزنا في ثنية يقال لها: ذات الحنظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم "
 
جزاكما الله عنّي خيرا .
لفت نظري قولُ ابن عاشور (رحمه الله) بأن تفسير (حطة) بـ (حطّ الذنوب) أو (حطّ الرِّحال) لا يتوافق مع القراءة المشهورة التي هي برفع (حطة) ، فإنه إذا كان المقصود حطّ الذنوب أو حطّ الرحال كانت الكلمة بالنصب على أنها مفعول مطلق ، كما هو يقول ما نصه : "وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سقيا ورعيا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل" . هذ يعني أن ابن عاشور إنما صوّب القول الأول ، أي تفسير قولهم (حطّة) بالدلالة على العجز كنوع من التعبير عن السؤال والشحاذة وإظهار الذلّ .
وأما عن (القول المبدّل) فقد قطعت الروايات في ذلك ، إذ تدلّ الروايات التي أوردها ابن كثير (رحمه الله) ـ كما نقلها لنا الأخ الكريم فاضل الشهري ـ على أنهم بدّلوا السجود وقول (حطة) كليهما ، فدخلوا على أستاههم بدلا من السجود وقالوا (حبة) أو (حبة في شعرة) أو (حنطة في شعيرة) ، كنوع من التحريف والتبديل لما أمروا بقوله ، واستهزاءً به.
ولكن أتساءل : ماذا كانت الكلمة التي أُمِر بنو إسرائيل بقولها وبأي لغة كانت ؟ هل كانت كلمةَ (حطة) العربية نفسَها ؟ وماذا كان القول المبدّل في لغتهم ؟ هل كان كلمةَ(حبة) أو (حنطة) العربية نفسَها؟
يلزمنا أن نسأل : هل جرى حديثٌ عن هذا الموضوع في أسفار اليهود وكتبهم ؟ هل يمكن مقارنة القصة القرآنية هذه بقصة أخرى عرفها اليهود ؟
وأوجّه سؤالي هذا إلى الإخوة المهتمّين بمقارنة الأديان . ولعلّ الاطلاع على أسفار اليهود أنفسهم عن الموضوع نفسه يُلقي ضوءا على المعنى . وهذا ما كان يفعله ابن عباس (رضي الله عنهما) ، فقد كان يهمّه الاطلاع على ما لدى أهل الكتاب ليستعين به على تفسير بعض المبهمات .
 
سبحان الله، بينما كنت أبحث في هذا الأمر وصلت إلى هنا.
وإليكم ما وصلت إليه حتى الآن، بحثت عن ترجمة كلمة حنطة في اللغة العبرية، فوجدتها تكتب هكذا חיטה وتنطق "خيتا" أو "خيطا".
والدور الآن على البحث في كلمة حطة، بمعانيها العربية المختلفة، فربما كانت عندهم مثلاً حيتا فبدلوها هم خيتا، أو ما شابه.
 
كيف يغيرون حطة الى حنطة وهم لايتكلمون العربية
وكيف يغيرون حطة الى حبة في شعيرة ومامعانها
 
هذا ما ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره ، وهو أمر واضح في لفظه ودلالته
المسألة ليست بهذه البساطة يا دكتور
أظنك والإخوة تسلمون معي أن لغة بني إسرائيل لم تكن العربية
فلا يبقى إلا ثلاثة احتمالات:
1- أن هذا اللفظ ليس عربيا، لكنه من لغة بني إسرائيل التي هي الآرامية غالبا، وقد تكون العبرية القديمة.
2- أن هذا اللفظ من المشترك السامي بين العربية ولغة بني إسرائيل، وهذا وارد، لكنه لا يكفي لزعم أن اللفظ عربي.
3- أن هذا اللفظ عربي أصلا، ثم أخذته لغة بني إسرائيل. وهذا وفق نظرية أن العربية (أم جميع اللغات وأصلها)
وسؤالنا حينئذ: أين الدليل؟
وأما عن (القول المبدّل) فقد قطعت الروايات في ذلك
في مثل هذا، نحن نعلم أن الصحابة لم يكونوا يعرفون سوى العربية. فيبقى تفسيرهم مجرد رأي ووجهة نظر
فإذ لم يتفق على اللفظ، فعدم الاتفاق على المعنى أولى وأقرب
فلا قطع في هذا أيضا
بحثت عن ترجمة كلمة حنطة في اللغة العبرية، فوجدتها تكتب هكذا חיטה وتنطق "خيتا" أو "خيطا".
دعك من النطق؛
فإن اليهود الأوربيين غير الساميين (الإشكنازيم) لا يحسنون نطق صوتي الحلق (الحاء والعين) فأصبحوا ينطقون الحاء خاء
مثال: كلمة (آح: أخ) في العبرية تنطق بالخاء كالعربية، وإلا فهي في العبرية بالحاء المهملة ومثلها (حيطا)
ويبقى التفسير اللغوي، لسبب اختيار (حنطة) وهو
أن الحرف المضعف إذا فك إدغامه - ومنه النون - عُوض عن فك الإدغام حرف ذلقي مائع (ل م ن ر)
وهذي ظاهرة معروفة في اللغات السامية؛ فإن "أت" في العبرية يقابلها "أنت" في العربية
وكذا "سسلة" في اليمنية (السبئية) يقابله "سلسلة"
وهكذا "حطا" إذا فك إدغام طائها أصبحت "حنطة"
وهذا مجرد تشابه لفظي لا أكثر جعل المفسرين يربطونها ب "حط الرحال" العربي
وإلا فإن المعنى مختلف
 
نحن نعلم أن الصحابة لم يكونوا يعرفون سوى العربية
1. زيد بن ثابت يعرف العبرانية أو السريانية
2. المغيرة بن شعبة : السريانية
3. سلمان الفارسي : عالم لغات
4. المهاجرون إلى الحبشة : الحبشية
5. مارية القبطية : لغة القبط
6. صهيب الرومي
7. عبدالله بن سلام : العبرانية
...
 
مسألة تغيير اليهود للكلم لفظاً معنى معروفة في القرآن
ومنه قولهم : سام عليكم ، في إلقاء السلام.
وقولهم راعينا فيما نهى الله عنه في قوله : (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا) .
فليس بغريب أن يبدلوا قولا غير الذي قيل لهم : حطة بحنطة أو حبة ...
ولا ريب أن حطة عريبة ، أو مشتركة الاستعمال بين اللسانين العربي والعبري ، فهي عربية .
 
كيف يغيرون حطة الى حنطة وهم لايتكلمون العربية
وكيف يغيرون حطة الى حبة في شعيرة ومامعانها
دخلت اليوم على موقع مجمع اللغة العربية بالقاهرة فوجدتهم قد بدأوا في طرح مطبوعاتهم مصورة منذ شهرين تقريباً، ومنها المعجم الكبير، ووجدت فيه ما يلي:
في مادة حطط ذكر المعجم أنها بالعبرية (حاطط)

وفي مادة حنط، ذكر المعجم أنها بالعبرية (حانط)


فمن الوارد من قوم كهؤلاء لا يعظمون معظماً أن يبدلوا الكلمة التي أمرهم الله بها، استهزاءً، وبدلاً من أن يقولوا حاطط قالوا حانط.
ولو تتبعت أخي الكريم بقية الكلمات لوجدت تشابها كبيراً في النطق والمعنى بين العربية والعبرية.
والله أعلم.
 
عودة
أعلى