السلام عليكم ورحمة الله و بركاته :
أيتها الأخت الكريمة أدخل الله عليك شهر رمضان برحمة من عنده ، و بمحبة من الله و سلام عليك و على أهل بلدك ، أما بعد :
فإنك ولابد تنظرين بعينيك و تسمعين بأذنيك ، و تدركين أن هناك من يعبد الله و يوحده، وأن هناك من يكفر بالله و يسعى في الأرض الفساد ، فالله القادر على كل شيء و بكل مجده وجلاله و علمه و رحمته ، لا يحب لعباده الكفر ورغم ذلك عبد الناس هذا العالم و كفرو بالله ، و بارزوا الله بكل أنواع المعاصي و الفجور ، و أنت ولابد تذكرين أن الله قادر على أن يطوي الخلق في ملكوته و يتصرف الله فيهم كيفما شاء بما شاء فيجعل كل من فيها ملائكة ، إلا أن حكمة الله التي أحاطت بكل شيء لم تجعل كل من في الأرض مسليمن ،بل و لم تجعلنا ملائكة ، بل إن الله خلقنا بشرا ، و ابتلانا الله بهذه الحياة حتى نعرف الله و نتخلق بأسمائه و صفاته ، فالذي لا يعرف الله لا يعيش ، لذلك وهبنا الله العقل ووهبنا الجسد ، و بالعقل أيتها الأخت يؤمن من يؤمن و يكفر من يكفر ، و مستحيل كل الإستحالة أن يُكره الله خلقه على طريق ثم سيحاسبهم عليها ، و إذا لبطل تكليف الشرع و حكمة وجود يوم يقوم فيه الناس و يحاسبون ، و لذلك خاطب الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال "{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس : 99] ، فليست حتى لرسول الله الذي أرسله الله لخلقه بشيرا و نذيرا ، أن يكره الناس على عبادته ، و ليست لأحد بعد رسول الله أن يكره الناس على دين الله ، ولذلك فإن الله تعالى حكم بكلمة واحدة في كتابه فقال سبحانه عز أمره "{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 256] و بتالي في الإسلام ينبغي أن يستسلم قلب الإنسان إلى الله و ليس فقط بدنه ومن هنا ذم الله النفاق و المنافقين ، لأن قلوبهم لم تُسلم لله و لكلمته التي بها أحب الله كل مؤمن .
إن حد الردة هو حكم لا يقع أبدا على الذي لم يسلم أبدا لله و لم يكن قط مسلما ، بل إنه حكم كل من يريد الخروج من الإسلام و عن جماعة الإسلام، و لا يخرج عن جماعة المسليمن إلا ليعادي المجتمع المسلم بصنوف المحاربة و العدوان عليهم ، فهذا الإنسان كما خرج متسلحا بالسيف بدل السلام فإن بسيفه يموت ، و لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال ، زان محصن يرجم ، أو رجل قتل رجلا متعمدا فيقتل ، أو رجل يخرج من الإسلام يحارب الله عزوجل و رسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض " أخرجه الإمام النسائي في السنن الصغرى ، كتاب تحريم الدم .
أتمنى لك التوفيق دائما دانية ، السلام عليكم ورحمة الله.