حجة لم يستسلم لها الكثيرون

إنضم
09/09/2010
المشاركات
178
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الهند
إنها حجة تتلخص في أنه إذا نقل قول في تفسير آية من القرآن الكريم، عن السلف الصالحين، فيجب التمسك به، وإن كان يبدو في ظاهر الأمر مخالفا لقواعد اللغة وأدلة السياق، ومنافيا لعظمة كلام الله وعظمة الأنبياء عليهم السلام. لأن السلف الصالحين هم أعلم بكتاب الله وبتأويل كتابه، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم، ولا يجوز العدول عن ما نقل عنهم إلى قول يخالف ذلك القول، ويجب رفض الأقوال الجديدة التي تخالف جميع أَهل العلم بتأويل القرآن الَّذين عنهم يؤخذ تأويله. والتأويلات الجديدة تكون غير مرضية لمخالفتها أقاويل القدماء من العلماء الذين يؤخذ عنهم الدين والعلم.
هذه الحجة احتج بها الإمام الطبري والإمام البغوي والإمام الواحدي وغيرهم في تأويل قوله تعالى في سورة يوسف: ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه. حيث قال الواحدي: قال المفسرون الموثوق بعلمهم، المرجوع إلى روايتهم، الآخذون للتأويل، عمن شاهدوا التنزيل: هَمَّ يوسف عليه السلام بهذه المرأة هما صحيحا وجلس منها مجلس الرجل من المرأة، فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة منه. ويقول الطبري في صدد الرد على الرأي المخالف: هذا مع خلافهما جميع أَهل العلم بتأْويل القرآن الَّذين عنهم يؤخذ تأْويله. ويقول البغوي أيضا في صدد الرد على الرأي المخالف: وهذا التأويل وأمثاله غير مرضية لمخالفتها أقاويل القدماء من العلماء الذين يؤخذ عنهم الدين والعلم. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم.
وهي حجة تبدو قوية جدا في بادئ أمرها، فإنه لا يشك مسلم أن الصحابة وعلماء التابعين كانوا أعلم بالقرآن ممن أتوا بعدهم، ولا يشك أنهم كانوا أشد تعظيما للأنبياء ممن جاء بعدهم، كما لا يشك أنهم كانوا أعلم باللغة وأساليبها والسياق ودلالته من غيرهم.
وقد احتج الطبري والبغوي الواحدي وغيرهم بهذه الحجة على البعض القليل الذين لم يكونوا من عداد الصحابة والتابعين، ولكنهم أتوا بأقوال جميعها تخالف ما نقل عن الصحابة والتابعين، وكان من شأن هذه الحجة أن يقتنع بها العلماء المحققون، ويرجع بسببها عن آرائهم المخالفون، ولكن ذلك لم يحدث، فقد قام كثير من المحققين على مر القرون وبجرأة قوية بردّ القول المنسوب إلى الصحابة والتابعين، ولم يعطوا لحجة الطبري والبغوي والواحدي هذه أي اهتمام.
فهذا الإمام الرازي يقول: القول الثاني، أن يوسف عليه السلام كان بريئا عن العمل الباطل ، والهم المحرم ، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين ، وبه نقول وعنه نذب. وبعد تقرير طويل يقول: فقد ظهر بحمد اللَّه تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ولم يبق في يد الواحدي إلا مجرد التصلف وتعديد أسماء المفسرين ، ولو كان قد ذكر في تقرير ذلك القول شبهة لأجبنا عنها إلا أنه ما زاد على الرواية عن بعض المفسرين. (التفسير الكبير)
وهذا الإمام ابن تيمية يقول: وأَمَّا ما ينقل: من أَنَّه حلَّ سراويله، وجلس مجلس الرَّجل من المرأَة، وأَنَّه رأَى صورة يعقوب عاضًّا على يده، وأَمثاله ذلك، فكلُّه ممَّا لم يخبر اللَّه به ولا رسوله، وما لم يكن كذلك فإِنَّما هو مأْخوذٌ عن اليهود الَّذين هم من أَعظم النَّاس كذبًا على الْأَنْبياء وقدحًا فيهم، وكلُّ من نقله من المسلمين فعنهم نقله، لم ينقل من ذلك أَحد عن نبيِّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرفًا واحدًا.(الفتاوى)
وهذا أبو حيان يقول: طوّل المفسرون في تفسير هذين الهمين، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق. والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه همّ بها البتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان كما تقول : لقد قارفت لولا أن عصمك اللّه.
ويضيف فيقول: وأما أقوال السلف فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء من ذلك ، لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضا، مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين، فضلا عن المقطوع لهم بالعصمة. والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب، لأنهم قدروا جواب لو لا محذوفا، ولا يدل عليه دليل، لأنهم لم يقدروا لهم بها. ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط، لأنّ ما قبل الشرط دليل عليه، ولا يحذف الشيء لغير دليل عليه. وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب، ومساق الآيات التي في هذه السورة مما يدل على العصمة، وبراءة يوسف عليه السلام من كل ما يشين.(تفسير البحر المحيط)
وهذا ابن الجوزي يقول: ولا يصح ما يروى عن المفسرين أنه حلّ السراويل وقعد منها مقعد الرجل، فإنه لو كان هذا، دل على العزم، والأنبياء معصومون من العزم على الزنا. (زاد المسير)
وهذا أبو السعود يقول: إنْ كلَّ ذلك إلا خرافاتٌ وأباطيلُ تمجُّها الآذانُ وتردُّها العقول والأذهانُ ويلٌ لمن لاكها ولفّقها أو سمعها وصدّقها.(إرشاد العقل السليم)
وهذا محمد رشيد رضا يقول: ذهب الْجمهور والمخدوعون بالرِّوايات إِلى أَنَّ المعنى أَنَّها همَّت بفعل الفاحشة ولم يكن لها معارضٌ ولا مانعٌ منها، وهمَّ هو بمثل ذلك، ولولا أَنَّه رأَى برهان ربِّه لاقترفها ولم يستح بعضهم أَن يروي أَخبار اهتياجه وتهوُّكه فيه ووصف انهماكه وإِسرافه في تنفيذه، وتهتك المرأَة في تبذُّلها بين يديه، ما لا يقع مثله إِلَّا من أَوقح الفسَّاق المسرفين المستهترين... فإِنَّ مثل هذا الَّذي افتروه في قصَّة هذا النَّبيِّ الكريم، لا يقع مثله ممن ابتلي بالمعصية أَوَّل مرَّةٍ من سليمي الفطرة، ولا من سذَّج الأَعراب الَّذين لم تغلبهم سورة الشَّهوة الجامحة على حيائهم الفطريِّ، وإِيمانهم وحيائهم من نظر ربِّهم إِليهم، فضلا عن نبيٍّ عصمه اللهُ ووصفه بما وصف، وشهد له بما شهد، وقد بلغ ببعضهم (كَالسُّدِّيِّ) الجهل بالدِّين والوقاحة وقلَّة الأَدب أَن يزعموا أَنَّ يوسف - عليه السَّلام - لم ير برهانًا واحدًا، بل رأَى عدَّة براهين من رؤْية والده متمَثِّلًا له منكرًا عليه، وتكرار وعظه له، ومن رؤية بعض الملائكة ونزولهم عليه بأَشدِّ زواجر الْقُرْآن بآياتٍ من سوره، فلم تنهه من شبقه، ولم تنهه عن غيِّه، حتَّى كان أَن خرجت شهوته من أَظَافره، ومعنى هذا أَنَّه لم يكفَّ إِلَّا عجزًا عن الإِمضاء، أَفبهذا صرف اللهُ عنه السُّوء والفحشاء، وكان من عباد اللهِ المخلصين، وأَنبيائه المصطفين المجتبين الأَخيار(تفسير المنار)
وهذا الشنقيطي يقول:هذه الأقوال الَّتي رأيت نسبتها إِلَى هَؤُلَاءِ العلماء منقسمةٌ إِلَى قسمينِ، قسمٌ لم يثبت نقلهُ عَمَّنْ نقله عنه بسندٍ صَحِيحٍ، وهذا لَا إِشكال في سقوطه. وقسمٌ ثبت عن بعض من ذكر، ومن ثبت عنه منهم شيءٌ من ذلك، فالظَّاهر الغالب على الظَّنِّ المزاحم لليقين: أَنَّهُ إِنَّمَا تلقَّاه عن الْإِسرائيلِيَّات; لِأَنَّهُ لَا مجال لِلرَّأْيِ فيه، ولم يرفع منه قليلٌ ولا كثِيرٌ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبهذا تعلم أَنَّهُ لَا ينبغي التَّجرُّؤُ عَلَى الْقَوْلِ فِي نبيِّ اللَّهِ يوسف بأَنَّه جلس بين رجلي كافرةٍ أجنبيَّةٍ، يريد أَن يزني بها، اعتمادًا على مثل هذه الرِّوايات، مع أَنَّ في الرِّوايات المذكُورة ما تلوح عليه لوائح الكذب، كقصَّة الكفِّ الَّتِي خرجت له أربع مرَّاتٍ، وفي ثلاثٍ منهنَّ لا يبالي بها; لأنَّ ذلك على فرض صحَته فيه أَكبر زاجرٍ لعوامِّ الفسَّاق، فما ظَنُّك بخيارِ الْأَنبياء؟ مع أَنَّا قَدَّمنا دلالة القرآن على براءَته من جهاتٍ متعدِّدة، وأَوضحنا أَنَّ الحقيقة لَا تتعدَّى أَحد أَمرين، إِمَّا أَن يكون لم يقع منه هَمٌّ بها أَصلًا، بناءً على تعليق هَمِّه على عدم رؤية البرهان، وقد رأَى البرهان، وإِمَّا أَن يكون همُّه الميل الطَّبيعيَّ المزموم بالتَّقوى، والعلم عند اللَّه تعالى. (أضواء البيان)
وهذا سيد قطب يقول: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ»! لقد حصر جميع المفسرين القدامى والمحدثين نظرهم في تلك الواقعة الأخيرة. فأما الذين ساروا وراء الإسرائيليات فقد رووا أساطير كثيرة يصورون فيها يوسف هائج الغريزة مندفعا شبقا ، واللّه يدافعه ببراهين كثيرة فلا يندفع! صورت له هيئة أبيه يعقوب في سقف المخدع عاضا على أصبعه بفمه! وصورت له لوحات كتبت عليها آيات من القرآن - أي نعم من القرآن! - تنهى عن مثل هذا المنكر ، وهو لا يرعوي! حتى أرسل اللّه جبريل يقول له : أدرك عبدي، فجاء فضربه في صدره .. إلى آخر هذه التصورات الأسطورية التي سار وراءها بعض الرواة وهي واضحة التلفيق والاختراع! وأما جمهور المفسرين فسار على أنها همت به هم الفعل، وهم بها هم النفس ، ثم تجلى له برهان ربه فترك.(في ظلال القرآن)
وأضف إلى ذلك ما كتبه الألوسي وما نقله من قول الطيبي حيث قال: وقد ذكر الطيبي طيب اللّه تعالى ثراه بعد أن نقل ما حكاه محيي السنة عن بعض أهل الحقائق من أن الهم همان : هم ثابت وهو ما كان معه عزم وعقد ورضا مثل هم امرأة العزيز. وهم عارض وهو الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم مثل هم يوسف عليه السلام أن هذا التفسير هو الذي يجب ان نذهب اليه ونتخذه مذهبا ، وإن نقل المفسرون ما نقلوا لأن متابعة النص القاطع وبراءة المعصوم عن تلك الرذيلة وإحالة التقصير على الرواة أولى بالمصير اليه على أن أساطين النقل المتقنين لم يرووا في ذلك شيئا مرفوعا في كتبهم ، وجل تلك الروايات بل كلها مأخوذ من مسألة أهل الكتاب ا ه ، نعم قد صحح الحاكم بعضا من الروايات التي استند إليها من نسب تلك الشنيعة إليه عليه السلام لكن تصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار عند ذوي الاعتبار.(روح المعاني)
والذي نلاحظ في ما عرضناه من أقوال المحقّقين، أنهم لم يرفضوا القول المنقول عن السلف فحسب، بل أتوا بأقوال لم ينقل واحد منها عن أحد من الصحابة أو التابعين، فبعضهم قال بالفرق بين همّ المرأة وهمّ يوسف، وبعضهم قال بأن الهمّ بمعنى الهمّ بالضرب، وبعضهم قال بأنّه لم يحصل همّ أصلا. واستدلوا على ما ذهبوا إليه باللغة والسياق، ولكنهم لم يستدلوا بما ورد عن الصحابة والتابعين، وليس السبب وراء ذلك عدم اهتمامهم بأقوال الصحابة والتابعين، وإنما السبب هو أنهم لما رأوا أن الأقوال المنسوبة إلى السلف تخالف العقل وتتعارض مع عصمة الأنبياء، اعتقدوا أنه لايمكن أن تكون هذه أقوال الصحابة أو التابعين، وأبوا أن يقبلوا الروايات في ذلك وحتى رواية مستدرك الحاكم والذي قال فيها الحاكم أنه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
إن تضعيف أي قول على أساس أنه يخالف ما نقل عن الصحابة والتابعين، وعلى أساس أنه رأي جديد لم يقل به أحد ممن سبق، لم يكن منهج العلماء المحققين في الأمة، لأن كون القول جديدا لنا لا يعني كونه جديدا على سلف هذه الأمة، وكون قول منقولا عن السلف لا يعني أنه لم يكن هناك قول آخر، كما أن نقل قول عن السلف لا يعني بالضرورة أنه كان فعلا قولهم.
ولذلك لا ينبغي لأحد أن يقول لشيخ الإسلام ابن تيمية، هل فهمت مالم يفهمه الطبري والواحدي ومجاهد وسعيد بن جبير وابن عباس وغيرهم من السلف؟ وهل عندك غيرة على الأنبياء أشد من غيرة من سبقك من العلماء؟
بل المنهج الصحيح الذي اختاره المحققون من الأمة أن الرأي الذي يخالف القرآن والعقل مخالفة صريحة لا يقبل وإن كان منقولا عن السلف، والرأي الذي تعضده الأدلة من القرآن والعقل يجب أن يقبل وإن لم ينقل عن أحد من السلف، كما يجب الاعتقاد بأن سلف هذه الأمة كانوا على الرأي الصحيح وإن لم ينقل ذلك عنهم، وكانوا بعيدين عن الرأـي الضعيف وإن نقل عنهم ذلك.
وهذا المنهج يبقى ساري المفعول وصالحا للعمل إلى يوم القيامة. كل يعرض رأيه بأدلته، والرفض أو القبول يكون بناء على ما قيل وليس بناء على من قال، والله على ما نقول وكيل.
 
وفقك الله وسدد خطاك
صنيع الأئمة المذكورين لا يخالف طريقة السلف يا أخي الكريم، ولكنه اجتهاد سائغ في مسألة خلافية لم يثبت فيها إجماع من السلف.
أما إذا اتفق السلف على قول ولم يختلفوا فيه فحينئذ لا يجوز التقدم بين أيديهم، وهذا أصل معروف عند أهل السنة والجماعة، والأئمة المذكورون وغيرهم من أئمة أهل السنة يقررون هذه القاعدة في كثير من كلامهم.
وكتب شيخ الإسلام خاصة مليئة بتقرير هذا الأصل، ومن ثم فلا يجوز القدح فيه بمثل هذه المسألة مع كثرة المسائل الأخرى التي توافق الأصل.
وأبو حيان يقول في الكلام الذي تفضلت بنقله إن هذه الأقوال لا تصح عن السلف.
 
توضيحا لما تفضل به أخي أبو مالك:
(الخلاف في هم يوسف عليه السلام) مثال غير صالح للاستشهاد به، فالقاعدة مقررة معمول به قديما وحديثا عند المفسرين، وإنما مجال العمل بها هو: (ما أجمع عليه السلف) سواء في هذا ما أجمعوا فيه على قول واحد فيُلتزم، أو تعددت فيه أقوالهم فلا تُناقَض ( المناقضة ليست المخالفة فهي تخطئة الأقوال السابقة جملة، أما المخالفة فلا يلزم منها المناقضة كما هو ظاهر، وهو صنيع المفسرين مدى الزمان لا يزالون يأتون بالأقوال الجديدة التي لم يقلها من سبق من غير أن تكون مناقضة للأقوال السابقة).

وأورد هنا جوابا مهما للشيخ مساعد الطيار وفقه الله:

" قال السائل : هل بالإمكان أن يأتي متأخِّر بتفسير معتبر لآية غفل عنه المتقدّمون؟

الجواب : هذه المسألة مهمة جدًّا ، وهي تحتاج إلى معرفة ما يترتب على القول بأن المتأخرين لا يمكن أن يأتوا بتفسير معتبر لم يقل به المتقدمون ، إذ نتيجة القول بأنَّ المتأخرين لا يمكن أن يأتوا بتفسيرٍ معتبر لم يقل به السلف ما يأتي :
1 ـ أن التفسير توقَّف على ما قال به السلف فقط .
2 ـ أنه لا يجوز القول في التفسير بغير ما قال به السلف .
3 ـ أن كل قول بعد قولهم ، فهو باطل على الإطلاق .
والمسألة ترجع إلى أصل من أصول التفسير ، وهي مسألة ( وجوه التفسير ) ، فهل يوجد للآية أكثر من وجه تفسيري معتبر أم لا ؟ ، وإنما قلت : معتبرًا ؛ لئلا يُفهم أن الوجوه الباطلة والباطنة تدخل في مرادي .
وهذه المسألة قد فهمها السلف ومن جاء بعدهم من العلماء ، وقد وجدت في تطبيقاتهم التفسيرية ، ومن أمثلة أقوالهم :
عندَ تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى : [وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ] [ الحجر : 17 ] قالَ الشَّنقيطيُّ ( ت : 1393 ) : " … فقوله رضيَ اللهُ عنه : إلاَّ فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابِ اللهِ ، يدلُّ على أنَّ فَهْمَ كتابِ اللهِ تتجدَّدُ به العلومُ والمعارفُ التي لم تكنْ عند عامَّةِ الناسِ ، ولا مانعَ من حمل الآيةِ على ما حملها المفسِّرونَ ، وما ذكرْناه أيضاً أنَّه يُفْهَمُ منها ، لِمَّا تَقَرَّرَ عندَ العلماءِ مِنْ أنَّ الآيةَ إنْ كانت تحتملُ معانيَ كلُّها صحيحٌ ، تَعَيَّنَ حَمْلُهَا على الجميعِ ، كما حَقَّقَه بأدلتِهِ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أبو العباسِ بنُ تَيمِيَّةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ في رسالتِهِ في علومِ القرآنِ".

وأما تطبيقاتهم ، فأكثر من أن تُحصى ، وإلا فما عمِل المفسرون الذين جاؤا بعدهم ؟!
ولقد بُحثت هذه المسألة ففي أصول الفقه ، وصورة المسألة عندهم :
إذا ورد عن السلف تفسيران ، فهل يجوز إحداث قول ثالث ؟
وفي نظري أن إيراد هذه المسألة بهذه الصورة في كتب أصول الفقه فيه نظر ؛ لأنه لا يفرق بين علم التفسير وعلم الفقه .
فعلم الفقه يرتبط بالعمل ، إذ يتضمن افعل أو لا تفعل ، وهذا إما أن يكون كذا وإما أن يكون كذا ، فلا يصلح القول الثالث في كثير من الحيان في مجال الفقه .
أما في مجال التفسير ، فالتفسير مرتبط بالمعنى ، والمعنى يمكن أن يتعدد ، ولم يكن من شرط التفسير أنَّ السابقين قد أتوا على جميع محتملاته ، بل هناك بعض المحتملات الصحيحة التي لم يذكرها السلف ، وهذه المحتملات تقبل إذا توفرت فيها الضوابط الآتية :
1 ـ أن يكون المعنى المذكور صحيحًا في ذاته .
2 ـ أن لا يبطل قول السلف .
3 ـ أن تحتمله الآية .
4 ـ أن لا يُقصر معنى الآية على هذا المحتمل الجديد ، ويترك ما ورد عن السلف .
وإن قال قائل : هل يعني هذا جهل السلف بهذا المعنى الذي ذكره المتأخرون ؟
فالجواب : إنه لا يلزم أن يوصف السلف بجهل المعنى الجديد ، ولكن للمسألة وجه آخر ، وهو أنه لو ظهرت لهم أمارات تدعو للقول به ، وتركوه ، أو قيل لهم فاعترضوا عليه ، فإنه يمكن في هذه الحال أن يقال : لا يصلح القول به .
ومما يدل على ذلك تعدد اجتهاد السلف في طبقاتهم الثلاث ( الصحابة والتابعين وأتباع التابعي ) ، ولو كان لا يجوز القول في التفسير إلا بما سمعوا ، لما ورد تفسير للصحابة ، ولو اكتفى التابعون بما سمعوه من الصحابة لما ورد تفسير للتابعين ... الخ .
ولو كان التفسير لا يجوز فيه الاجتهاد والإتيان بمعنى جديد ، لكان مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يتركه لمن بعده .
ومما يستأنس به في هذا المقام أن بعض السلف قد نزَّلوا آيات على بعض أهل البدع الذين عاصروهم ، وهذا من باب الرأي ، ولو كان لا يجوز مثله لما قالوا به ، والله أعلم .
وإنما ترك الرسول صلى الله عليه وسلم تفسير جميع القرآن ، وفسَّر بعضه مما احتاج التنبيه عليه أو مما وقع في إشكال على الصحابة ، فسألوه ، فأجابهم .
أما ما بقي مما لم يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه ـ مع وجود اختلاف بين السلف ـ معلوم لا يحتاج إلى بيان نبوي في كل آية .
وأخيرًا ، لا تكاد تجدُ قائلاً بهذه المسألة إلا أن يكون قولاً فلسفيًا ؛ لأنه يخالف تطبيقات العلماء في التفسير ، والله أعلم" ا.هـ.

وأنصح بالرجوع إلى الأجوبة كاملة ففيها خير كثير، عبر الرابط التالي: [ هنـا ].
 
وفقك الله وسدد خطاك
صنيع الأئمة المذكورين لا يخالف طريقة السلف يا أخي الكريم، ولكنه اجتهاد سائغ في مسألة خلافية لم يثبت فيها إجماع من السلف.
أما إذا اتفق السلف على قول ولم يختلفوا فيه فحينئذ لا يجوز التقدم بين أيديهم، وهذا أصل معروف عند أهل السنة والجماعة، والأئمة المذكورون وغيرهم من أئمة أهل السنة يقررون هذه القاعدة في كثير من كلامهم.
وكتب شيخ الإسلام خاصة مليئة بتقرير هذا الأصل، ومن ثم فلا يجوز القدح فيه بمثل هذه المسألة مع كثرة المسائل الأخرى التي توافق الأصل.
وأبو حيان يقول في الكلام الذي تفضلت بنقله إن هذه الأقوال لا تصح عن السلف.

أخي الكريم، هل كان هناك خلاف في تفسير الآية المذكورة في زمن الصحابة والتابعين؟ وإذا كان القول المروي عن السلف لم يصح عنهم كما يقول أبو حيان، فما هو القول الصحيح الذي كان عند السلف؟ ثم هل هناك دليل على أن القول الذي رواه الطبري والبغوي والسيوطي عن السلف لم يكن متفقا عليه بين السلف؟ وماذا نفعل برواية الحاكم الذي وافقه عليه الذهبي؟ وأنا لا أقول بأنه يجوز مخالفة السلف، ولكن الذي يظهر لي من تعامل المحققين الذي ذكرته بالتفصيل في المقال أعلاه أنه قد يكون القول المروي عن جميع السلف ليس قول السلف البتة.
 
وأنا لا أقول بأنه يجوز مخالفة السلف، ولكن الذي يظهر لي من تعامل المحققين الذي ذكرته بالتفصيل في المقال أعلاه أنه قد يكون القول المروي عن جميع السلف ليس قول السلف البتة
هذا كلام جميل جدا، ويبدو لي منه أنه لا خلاف بيننا أصلا، ولكن ظاهر الكلام المذكور بالأعلى لا يتبين لي منه هذا المعنى.
 
إذا اتفقنا أن مجال مخالفة القول المنقول عن السلف هو إذا لم يجمعوا = يبقى أمران:

الأول : ألا يعود القول المختار على جميع أقوالهم بالبطلان.
الثاني: أن دعوى مخالفة قول منقول عن السلف لابد أن تكون إلى قول يحتمله النص عربية ويحتمل أن يكون هو مراد الله سبحانه. أما ادعاء قول لا حجة له من العربية لسان الوحي = فهو تحريف مذموم.
 
(الخلاف في هم يوسف عليه السلام) مثال غير صالح للاستشهاد به، فالقاعدة مقررة معمول به قديما وحديثا عند المفسرين، وإنما مجال العمل بها هو: (ما أجمع عليه السلف) سواء في هذا ما أجمعوا فيه على قول واحد فيُلتزم، أو تعددت فيه أقوالهم فلا تُناقَض ( المناقضة ليست المخالفة فهي تخطئة الأقوال السابقة جملة، أما المخالفة فلا يلزم منها المناقضة كما هو ظاهر، وهو صنيع المفسرين مدى الزمان لا يزالون يأتون بالأقوال الجديدة التي لم يقلها من سبق من غير أن تكون مناقضة للأقوال السابقة).

الخلاف في هم يوسف مثال غير صالح للاستشهاد! مالدليل على ذلك. لأن تعليق الطبري على أن تفسير هم يوسف على قوله مروي من جميع أهل العلم ...... من السلف.
  1. كذلك إصرار الواحدي والبغوي عليه، رحمهم اللهإن دل على شيء فإنما يدل على إصرار المفسرين الثلاث بأن معنى هم يوسف هو ما نقلوه هم عن من يؤخذ منهم العلم من الذين شاهدوا التنزيل، أضف إلى ذلك حكمهم ببطلان قول يخالف قولهم حيث أنه خلاف للغة واستعمالاتها، وكأنهم حالوا أن يسدوا باب الاجتهاد للذين يأتون بعدهم،
  2. لكن أئمة من علم التفسير من بعدهم مثل الرازي، الإمام ابن تيمية، والإمام الشنقيطي رحمهم الله أتوا برأي مناقض تماما، وقالوا ببطلان رأي من قبلهم من السلف وقالوا بأنه واه ولم يثبت شيء من هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنظر ما تقد من كلام الرازي والإمام ابن تيمية والإمام الشنقيطي.
وإن تعجب فعجب أقوال رويت عن السلف في معنى "تمنى وأمنية" في الآية (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إلَّا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) بأن الشيطان ألقى في تلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات تلك الغرانيق العلى.......وأصروا على صحتها إلى درجة بحجة من المراسيل الثابتة باسناد صحيحة يتحج بها.
واحتجوا في ذلك بشاهد من شعر حسان بن ثابت رضي الله عنه يرثي الخليفة الثالث رضي الله عنه
أقول: لست أدري أنهم بحثوا في الشعر أولاً ـ أم في ما روي عن السلف. ليتهم أن يعتمدوا على ما نقل عن السلف الذي شاهدوا التنزيل، ولم ياتوا بهذا الشاهد كلام العرب، فإذا كان عند قائل هذا القول أي شاهد من غير هذا البيت فليأت به..
وفي اللغة، أن كلمة التمنى لا تستعمل في القراءة أو التلاوة في المعنى الحيققي بل في المعنى المجازي حيث أن قاريء القرآن يتمنى ويرجو الثواب والأجر من الله؛ وأن "خَاصِّيَّةَ بَابِ التَّفَّعَُلِ" تتسع لذلك، ولا يوجد أي شاهد في كلام العرب لكلمة "الأمنية" بمفردها انها استعملت بمعنى التلاوة أو القراءة.....
يبدوا أنهم إذا تأكدوا من صحة هذا الأثر المرسل وأرادوا الاحتجاج به قاموا بدعم بقولهم بشاهد ضعيف من كلام العرب.
القرآن دائماً يركز على الصراع بين أمنية الشيطان (بل أقصى أمانيته) وبين أمنية الأنبياء عليهم السلام حيث قال الشيطان فبعزتك لأغوينهم أجمين...... والله يقول "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّاتَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ(61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراًأَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ(62)" (يسين) وقال تعالى"أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً(50)(الكهف)
والرسول صلى الله عليه وسلم، دائمايتمنى أن يتقي البشر من تمنى الشيطان... إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدواً،ولكن الشيطان يبذل قصارى جهده حيث ياتينهم من بين أيدهم عن شمائلهم.
والله سبحانه يقيض لهذه الأمة من يجدد لها أمردينها كأمثال الإبن العربي وغيرهم الذين قاموا برد هذا الافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم:
حيث يقول:
اعلموا أنار الله أفئدتكم بنور هداه ، ويسر لكم مقصد التوحيد ومغزاه أن الهدى هدى الله ، فسبحان من يتفضل به على من يشاء ، ويصرفه عمن يشاء ، وقد بينا معنى الآية في فصل تنبيه الغبي على مقدار النبي بما نرجو به عند الله الجزاء الأوفى ، في مقام الزلفى ، ونحن الآن نجلو بتلك الفصول الغماء ، ونرقيكم بها عن حضيض الدهماء ، إلى بقاع العلماء في عشر مقامات :​

المقام الأول : أن النبي إذا أرسل الله إليه الملك بوحيه ، فإنه يخلق له العلم به ، حتى يتحقق أنه رسول من عنده ، ولولا ذلك ما صحت الرسالة ، ولا تبينت النبوة ، فإذا خلق الله له العلم به تميز عنده من غيره ، وثبت اليقين ، واستقام سبيل الدين ، ولو كان النبي إذا شافهه الملك بالوحي لا يدري أملك هو أم إنسان ، أم صورة مخالفة لهذه الأجناس ألقت عليه كلاما ، وبلغت إليه قولا لم يصح له أن يقول : إنه من عند الله ، ولا ثبت عندنا أنه أمر الله ، فهذه سبيل متيقنة ، وحالة متحققة ، لا بد منها ، ولا خلاف في المنقول ولا في المعقول فيها ، ولو جاز للشيطان أن يتمثل فيها ، أو يتشبه بها ما أمناه على آية ، ولا عرفنا منه باطلا من حقيقة ; فارتفع بهذا الفصل اللبس ، وصح اليقين في النفس . .
الكتب - أحكام القرآن لابن العربي - سورة الحج فيها ست عشرة آية - الآية الرابعة عشرة قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى - الآية الرابعة عشرة قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى- الجزء رقم3
ويالغباوة، بأن زعماء قريش أصحاب وأساطين اللغة كانوا في درجة من غباوة حيث انهم استعموا إلى تلك الآيات الشيطانية فقط، ولم ينتبهوا إلى الآيات ما بعدها مثل "ألكم الذكر والأنثى...... تلك إذا قسمة ضيزى إن هي إلاأسماء سميتموها أنتم وأبائكم ما نزل الله بها من سلطان إلى الآيات إن يتبعون إلا الظن وما تهوىالأنفس وغير ذلك من الآيات والحجج القاطعة ضد كفرهم وضلالهم إلى آخر آيات السورة.
وفي الختام، أن هؤلاء المجددين من علماء التفسير لم يستسلموا لهذه الحجة بل ردوا أقوال من قبلهم وأتوا بأقوال جديدة تفند آرائهم في تفسير هذه الآية.
فما لكم كيف تحكمون.أم لكم سلطان مبين ....

[line]-[/line]​
 
ما هكذا تورد الإبل يارفيق.
وكم يحسن لو تراجع أسلوبك العربي في التعبير.
مثال للمشكل في أسلوبك : (لست أدري أنهم بحثوا في الشعر أولاً ـ أم في ما روي عن السلف. ليتهم أن يعتمدوا على ما نقل عن السلف الذي شاهدوا التنزيل، ولم ياتوا بهذا الشاهد كلام العرب، فإذا كان عند قائل هذا القول أي شاهد من غير هذا البيت فليأت به).
ما منهجك العلمي في التلقي.
أنت تنتقد كلام هؤلاء الأعلام من الصحابة والتابعين، وتحتج عليهم بمن بعدهم بدون ميزان علمي في النقد والتقويم، فما المنهج الذي تسلكه؟
وتحتج بابن تيمية وغيره في هم يوسف، ولا أراك تحتج به في رأيه في آية ( التمنِّي) ، ولعلك تراجع قوله، فقد جعل ما لم يعجبك من فهم السلف دليلاً على العصمة.
وأسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجمعنا على محبته، إنه سميع مجيب.
 
إذا اتفقنا أن مجال مخالفة القول المنقول عن السلف هو إذا لم يجمعوا = يبقى أمران:

الأول : ألا يعود القول المختار على جميع أقوالهم بالبطلان.
الثاني: أن دعوى مخالفة قول منقول عن السلف لابد أن تكون إلى قول يحتمله النص عربية ويحتمل أن يكون هو مراد الله سبحانه. أما ادعاء قول لا حجة له من العربية لسان الوحي = فهو تحريف مذموم.

في المثال الذي عرضته في المقال وهوتفسير الهم المنسوب إلى يوسف، نلاحظ أن قول المتأخرين عاد على جميع أقوال المتقدمين المنقولة بالبطلان، كما أن القول الذي اختاره المتأخرون لم يكن يحتمله النص عربية في نظر إمام المفسرين ابن جرير الطبري وغيره. كما نلاحظ أن الذي يومئ إليه الطبري وغيره أن القول الذي اختاره الطبري ولم يوافقه عليه المتأخرون كان في نظر الطبري قولا مجمعا عليه، وإن لم يصرح بالإجماع ولكنه هو وغيره أومأ إليه. وكل ذلك يدعو إلى إعادة النظر فيما نقرره كقواعد.
 
بل على التسليم: يرد ما خالف المجمع عليه وما عاد على جميع أقوال السلف بالبطلان،وما لا حجة له من العربية،والقاعدة كما هي صحيحة سليمة قاضية على كل من يحرف الكلم عن مواضعه فيقول في كتاب الله ما لا بينة عليه من العربية،وقاضية على كل من يخالف إجماع السلف.

فمخالفة غير المعصوم للقواعد والأصول الثابتة بالبينات=توجب خطؤه ولا توجب إعادة النظر في القواعد.

وبينات حجية إجماع السلف ومنع الكلام في الوحي بالخارج عن العربية = ثابتة ثبوتاً قطعياً.
 
خلاصة لما سبق:
أولا: لا يجوز مخالفة السلف فيما أجمعوا عليه، لأن إجماعهم حجة، ((ويبقي النظر في ثبوت الإجماع عنهم)) .
ثانيا: يفهم من كلام الشيخ((أبو مالك)) أن فهم السلف حجة = إن لم ينقل عنهم اختلاف، وأظن أن ((أبا فهر يوافق علي ذلك)) .
ثالثا: مخالفة الأئمة للقواعد والأصول الثابتة بالبينات = توجب خطؤهم ولا توجب إعادة النظر في القواعد .

يبقي تنزيل ما سبق علي المسألة:
1. هل ثبت الإجماع عن السلف في فهم الآية ؟
2. هل ثبت أن أحدا من السلف لم يخالف ما ذكره الطبري والواحدي ؟
3. إذا ثبت المذكور أعلاه، فهل القول الآخر عائد علي ما قاله السلف بالإبطال، وعليه = فترد أقوالهم لمخالفة أقوال السلف ؟

أنا أرجو أن يوضح الفاضل د/ محي الدين هذه الكلمة :
أنه قد يكون القول المروي عن جميع السلف ليس قول السلف البتة .
 
عودة
أعلى