حاجة الأمة الإسلامية إلى الأعمال المؤسسية

إنضم
26/11/2007
المشاركات
429
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله الذي لا له إلا هو وسع كل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، خلق الإنسان من العدم ، ورباه بالنعم ، وعلمه ما لم يكن يعلم ،
وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للسالكين، وحجة على الناكبين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:

فيا أيها الإخوة النبلاء... لا يخفى على متأمل بصير ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية، من ضعف شديد، ووهن مزري، في مجالات عديدة في الوقت الذي تسارع فيه أعداؤها إلى غزوها فكرياً وسياسياً، واقتصادياً … الخ، بتفنن عجيب، وتضخم مرعب؛ وتكاتف رهيب.
ولا شك أن هذا الغزو لا بد وأن تكون له آثاره السلبية، ونتائجه المؤلمة، مما يجعل ردود الفعل تجاه هذا الغزو من أفراد الأمة الإسلامية متباينة أشدَّ التباين :

- فمنهم المستجيب لهذا الغزو، المنساق وراء الشهوات البهيمية، والأفكار الجحيمية.
-ومنهم المتبلد الإحساس، الداعي إلى التطبيع المهون لشأن هذا الغزو، بل ربما أنكره،
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل[/poem]


- ومنهم من لا يبالي إذا سلم له ماله، وتوفرت له سبل المعيشة- ولو على غضاضة- ما حلَّ بالأمة الإسلامية.
-وفي المقابل تجد منهم من تدفعه الغيرة والعاطفة غير المنضبطة بضوابط العلم المؤصل بالأدلة الشرعية إلى إساءة رد هذا الغزو فينحى فيه منحىً غير حميد يكون ضرره أكبر من نفعه، بل قد لا يكون فيه نفع أصلاً.
-ومنهم من يتصدى له بغير علم فتغلبه الكثرة الكاثرة والشبه الواردة والشهوات المردية؛ فيتكلم بغير علم كما تصدى بغير فقه، فيضل ويُضِلْ أو يبهت ويسكت فيحصل للمسلمين من هزيمته ضرر وفساد كبير.
-ومنهم من تتحرق نفسه للتصدي لهذا الغزو فيمنعه من ذلك قلة علمه وضعف تأهيله فيكتفي بالتحسر والأمنيات.
ومنهم من يشمر عن ساعد الجد ويجتهد في محاولة النهوض بالأمة الإسلامية بالعلم والإيمان فلا يجد ممن حوله إلا التخلي والخذلان.

والمقصود أنكم لو تأملتم ما حل بالأمة الإسلامية وجدتموه راجعاً إلى أمر واحد وهو ضعف التأهيل العلمي والعملي.
وهو راجع أيضا إلى ضعف العلم والإيمان.

سبيل الرفعة
فكان تأهيل أكبر عدد ممكن من طلبة العلم وتوجيههم الوجهة الصحيحة وتيسير سبل تعلمهم وتعليمهم وحصولهم على المعلومات المؤصلة المحققة من مصادرها الأصلية بأيسر طريق وأسرع ما يمكن، بجمع متفرقه، وتذليل صعبه، وشرح مشكله، واستثمار الطاقات المهدرة، والقدرات المهملة، وتجنيدها لنصرة هذا الدين ورفعة هذه الأمة، من أعظم المطالب الملحة على الأمة الإسلامية حتى تستعيد مجدها ورفعتها ومكانتها بين الأمم، وتتمكن من مقاومة هذا السيل الجارف والغزو الغاشم الذي أتانا من كل حدب وصوب، من منطلق العلم المؤصل المستند إلى الأدلة الصحيحة والثوابت الأصيلة.

معاناة طالب العلم
وتُوفر الجهود المضنية والأوقات الهائلة، التي تضيع سدى على علماء الأمة، فضلا عن طلاب العلم والباحثين، فيبقون ردحا من الزمان معطلين عن نفع الأمة بأمور كان بالإمكان أن يكفوا مؤونتها
وأنا أضرب لكم مثالا واحدا تستجلون به هذه الحقيقة...

فقد يقضي طالب العلم وقتاً طويلاً في البحث والتنقيب عن مسألة ما في بطون الكتب،أو محتويات البرامج ثم يقضي وقتاً آخر ربما كان أطول منه في مقابلة أقوال العلماء في المسألة وربما تبين أن ما تحصَّل له من المعلومات لا يشفي غليله لنقص المراجع أو اختلاف في النقول، أو اضطراب في النسخ، فيحاول أن يحرر الكلام في المسألة وهو لم تكتمل لديه بعد المعلومات الشافية.
ثم قد يفاجأ بعد أن يلقي قلم البحث جانباً بأن أحد الأئمة الأعلام قد أفرد هذه المسألة بمصنف مستقل أجاد فيه وأفاد وأتى على المراد!!
ترى كيف يكون تحسر هذا الطالب على ما أمضى من وقته وأهدر من طاقته بسبب جهله بوجود هذا الكتاب النفيس؟!!
هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة متعددة ومتنوعة تدل فيما تدل عليه على أهمية العناية بالجمع المؤسسي للكتب التي صنفها الأئمة قبلنا، بل وفي هذا العصر أيضاً.
وعلى الجهود الكثيرة المتكررة والطاقات العظيمة المهدرة التي يمكن أن يوفرها للأمة عمل مؤسسي تقوم به الأمة مرة واحدة فينهل منه الناهلون من طلاب العلم والعلماء، ويكفون مشقة جمع المراجع الفردي بجمع مؤسسي، ويكفون عناء التحقق من صحة النسخ المطبوعة، وتصنيفها، حسب المسائل فيبقى جهد العالم وطالب العلم مقتصرا على الاطلاع والتحرير والمناقشة، وهو القدر الذي يحتاج فيه إليه.

وكم يؤلمني ما يعانيه الباحثون وما يضيع من أوقاتهم في البحث عن المراجع فتجد أحدهم يُنقب هنا وهناك ويسأل مَنْ يتوسم فيه سعة الإطلاع: هل مرَّ بك كتاب في موضوع كذا وكذا ؟!! وربما كلَّف غيره بالبحث في المكتبات وزيارة عدد من الباحثين … الخ .
فلك أن تتساءل : كم يُمضي هذا الباحث من الوقت وقلمه معطل عن الكتابة، وذهنه مشتغل بتحصيل مراجع الموضوع لا بالتفكير في الموضوع نفسه؟!!
ثم ربما لا يجد ضالته التي أضنى نفسه في البحث عنها، مع أنها قابعة في رف من أرفف إحدى المكتبات، يمر عليها متعهد المكتبة بين وقت وآخر ليمسح عنها الغبار!!.

فتخيَّل.. كم تخسر الأمة الإسلامية من تعطل هذا الباحث زمناً طويلاً عن الكتابة والتحرير مع أنه يملك قدرات عقلية ومهارات فكرية وإبداعاً في تحرير المسائل ومناقشتها؟!
ربما أثر هذا التعطل سلباً على ما لديه من ملكات ونبوغ.

ولعل هذه المعاناة مع غيرها مما يفسر ظاهرة لها مدلول خطير قل من يتفطن له، وهي أن كثيراً من الباحثين المجيدين الذين نالوا درجات الامتياز في الرسائل العلمية في الجامعات واستفاض الثناء على حسن تحريرهم وبحثهم حتى عُدَّت رسائلهم من المراجع المهمة لا تكاد تجد لهم مؤلفات أخرى!

فإذا كانت الخسارة عظيمة ببقاء هذا الباحث ردحاً من الزمان معطلاً عن الإنتاج كالعضو المشلول من الجسد، فلك أن تضرب هذا القدر الكبير من الخسارة في عدد الباحثين في الأمة الإسلامية!!، وبعدها ستجد جواب السؤال الذي طالما آلمنا وقْعهُ في نفوسنا: لماذا لا تزال الأمة الإسلامية تعاني من ضعف التأهيل العلمي مع تقدم وسائل العلم وتطور آلياته؟

15/4/1420هـ




تصفحت محفوظاتي الإلكترونية فوجدت هذا المقال وتذكرت الظروف التي كتبته فيها ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً
 
سلمت يداك على هذا المقال الرائع عن (العمل المؤسسي وخاصة في مجال العلم) والذي نتمنى أن نراه واقعا في يوم من الأيام , وعسى أن يكون قريبا .
وحبذا لو تعاونا جميعا في وضع بعض الأفكار والخطوات العملية لحل هذه المشكلة وعلاجها .
 
لا شك أن الأعمال المؤسسية أدعى للاستمرار والقوة والعمق، وإذا أُحسِنَ إدارة المشروعات العلمية المؤسسية فإنها تؤتي ثمارها الطيبة على أكمل وجه ، والمثال الذي مثلتم به واحد من الأمثلة التي يمكن للمشروعات البحثية المؤسسية أن تسهم في إنجازه لو وضعت له الخطة الصحيحة، وأحسبك قد قطعت شوطاً في تنفيذه إن شاء الله .
والمشروعات البحثية المتعلقة بالدراسات القرآنية وتذليلها للأمة وتذليل أدوات البحث للباحثين من أهم ما ينبغي أن يتصدى له أهل العلم في الأمة الإسلامية ولا يكفينا مركز أبحاث واحد أو اثنين أو ثلاثة بل لا بد أن يكون هناك مئات المراكز البحثية المتخصصة في الدراسات القرآنية وغيرها وأن تدعم وتنتشر على مستوى العالم الإسلامي خاصة وغيره عامةً حتى تصبح هذه المراكز قادرة على الوفاء بحاجة الأمة إلى بذل العلم الصحيح للناس وعقد الدورات العلمية لطلبة العلم وترشيد الجهود وتوفيرها واستقطاب الطاقات البحثية وتفعيلها بدل أن تبقى معطلة مهدرة كما هو الحال الذي ذكره أخي عبدالعزيز الداخل في مقالته هذه التي كتبها قبل ثمان سنوات ، والحال لم يتغير كثيراً بعدُ .
نسأل الله أن يوفق الجميع للعمل المنظم في هذا السبيل فهو الموفق سبحانه .
وقد طرحنا على الدكتور عبدالعزيز القارئ في لقاءنا به السؤال التالي :
ما رأيكم في إنشاء المراكز العلمية المتخصصة في الدراسات القرآنية ، وهل من رؤية لمثل هذه المراكز ؟
فأجاب حفظه الله بقوله :
من الظواهرِ المؤسفةِ في حياةِ المسلمين العلميةِ في العصرِ الحديثِ قِلَّةُ وجودِ مراكزِ الدراساتِ القرآنيةِ؛ بل الأعجبُ من ذلك أنَّ الكلياتِ الجامعيةَ المتخصصةَ بعلوم القرآن لم تُنْشَأْ إلا قريباً ؛ ولعلَّ كليةَ القرآنِ الكريم بالجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينةِ النبويةِ أَوَّلُهَا ؛ نعم كان قبلَهَا قِسْمٌ للقراآتِ أُنْشِئَ بكليةِ اللغةِ العربية بجامعةِ الأزهر بالقاهرة لكنه كان تابعاً وليس مستقلاً ..
كيف يكون ذلك وعلومُ القرآنِ بَلغَتْ أكثرَ من ثمانين علماً عند السيوطيِّ في "الإتقان"، وأكثَرَ من مائةٍ في "التحبير علوم التفسير" ؛ ألا يستحق ذلك كلياتٍ جامعيةً، ومعاهدَ متخصصةً، ومراكزَ للبحثِ؟!
التوراةُ والإنجيلُ المُحَرَّفَانِ المُمْتَلِئَانِ بالخرافاتِ والأكاذيبِ بَذَلَ اليهودُ والنصارى في سبيلهما بلا حسابٍ ؛ آلافَ المراكز "الأكاديمية" ، وكليات اللاهوت ، والجمعياتِ الدينيةَ، ولم نبذل نحن عُشْرَ مِعْشَارِ ذلك في سبيلِ القرآن الكريمِ ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ؛ وهذا من أمَّةِ القرآنِ نقصٌ لا مُبَرِّرَ له، إنه نقصُ القادرينَ على التمامِ.
كنْتُ سبَقَ أن قدَّمْتُ مشروعاً لإنشاءِ مركزٍ للدراساتِ القرآنيةِ في مُجمَّع المصحفِ بالمدينة النبوية، ويُوجدُ الآن جناحٌ متواضع في المجمَّع عليه هذا العنوان؛ يبدو أنه ليس أكثر من دارٍ للنشر؛ شأنُهُ شأنُ المجمَّع كلِّه!!

وهذا يدل على أن الجميع يشعرون بهذه المشكلة وبهذا الغياب لمثل هذه المشروعات ، وهذا أوان العمل إن شاء الله .
 
جزاكم الله خيرا.

إذا كان هذا المقال مكتوبا منذ 8 سنوات، فلا شك أن عدم تحقيق ما دعا إليه له أسبابه ومعوقاته. ولا بد من التصارح بطرح سؤالين:
1- ما هي الإمكانيات المطلوبة للقيام بمثل هذا العمل المؤسسي؟ وهل هي متوفرة أم لا ؟
2- ما هي المعوقات أمام قيام مثل هذا العمل؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

الأمر الآخر الذي أود أن ألفت الانتباه إليه: هو أن مثل هذا العمل لن يكتب له النجاح (عند قيامه) إلا بفريق متعدد التخصصات من علوم الدين ومن غيرها.
 
بصراحة

بصراحة

إجابة على الأستاذ الفاضل / محمد جماعة
بالنسبة للسؤال الثاني
2- ما هي المعوقات أمام قيام مثل هذا العمل؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
أكبر معوق أن الباحثين يتكلون على الحكومات لعمل مثل هذا العمل
ومعظم الحكومات للأسف لا يعنيها هذا الأمر ، بل تهتم بتنظيف أكبر صليب في الشرق الأوسط .، وعلى غرارها المعظم

فمتى تحرر الباحثون من ذلك لا بد أن ينظروا إلى أنفسهم كيف السبيل ؟
فلا بد أن يكون العمل من جماعتهم هم ، ومن تنظيمهم هم .

وإنني أرى في هذه المنتديات الأمل أن تكون نواة البحث العلمي من نخبة متجردة لوضع السبيل إلى ذلك .

وفي هذا المنتدى نودي بأن تكون كالجامعة العلمية المفتوحة يصب فيها الثقافات الدولية العلمية - نظرًا لتعدد أعضاء المنتدى وبلدانهم - ، وأن يضع كل دكتور محاضراته التي يلقيه في جامعته ويكون لذلك قسم بالمنتدى فيكون عندنا تجمع ثقافي كبير ، وجامعة عالمية مفتوحة للاطلاع .
كما نودي بأن يكون هناك مشروع علمي ضخم يقوم عليه أعضاء المنتدى في قالب إدارته .... ولكن

فعيب آخر وعائق مهم أيضًا غير الحكومات هو الأنفس .
فالباحث الحالي إما مشغول بفقره فيصارعه ليقيم قوته وأولاده .
إما مشغول بتخريج رسالة تزيد رصيده المادي والعلمي ، وقد لا تكون الساحة تريدها أكثر من موضوع البحوث المؤسسة

إما يمنعه كبرياؤه أن يكون في كوكبة هو ليس بقائدها .

عندك من المشاريع الكبيرة التي جال فيها الفكر ((( جامع الاشتقاقات ))) بحيث يكون مشروع لغوي قوي ومتين وبعد إعداده يباع لناشر ويطبع .
وغيره من المشاريع التي تتطلب العمل المؤسسي ، ولكن العوائق ....


أما عن السؤال الأول : - ما هي الإمكانيات المطلوبة للقيام بمثل هذا العمل المؤسسي؟ وهل هي متوفرة أم لا ؟
أقول الأول الكوكبة
تجتمع كوكبة من الباحثين - وهنا في هذا الملتقى يوجد الكثير - لو تصورنا ولو ساعة بدون أجر من عشرات الباحثين - وعندنا مئات - تجتمع تلك الساعات مع قيادة الملتقى التي نرى فيها الحكمة .
أقول : ساعات ، مع عدد ، مع إدارة حكيمة سيولد هذا مولودًا علميًا طيبًا بإذن الله تعالى ولو بعد فترة .
ثم لو وضعنا أن العمل يحتاج إلى مال ، فطباعة هذا العمل والانتفاع بماله للنواة للمشروع الثاني سيكون مسهلاً ، كما أنه من تلك الكوكبة سنجد من نستطيع تفريغه بالمقابل المادي لانجاز جزء من المشروع ، ولعلنا نجد من يستطيع إقناع مستثمر أو منفق في الخير ليكون عضدًا للمشروع .

ولأنني أعرف أن مما ابتليت به الأمة هو الكلام فقط

فأرى أن يكون هذا المقال كأنه الموقد للثورة المرادة

فأنا أتبرع بساعة يوميًا لمدة سنة لأي عمل في هذا ، كما لعلمي بالطباعة أتبرع بتنسيق العمل النهائي للطبع ، كما أتبرع بفهرسته فهرسة علمية .

وأدعو هنا من أراد جمع الحطب ، ومن أراد التنقيب ، ومن أراد أن يذكر ما يرى نفسه يصلح له أن يسجل اسمه ومجاله

فهل من مجيب ؟
كما أدعو إلى ذكر ما يراه كل منا أنه المفيد للبحث المؤسسي ، كما أدعو إلى ترشيح مجلس إدارة للمشروع .

أما إذا تأخر الانطلاق لمثل هذا العمل لمدة ثلاثة أشهر فأنا غير ملتزم بأي شيء مما قلت
 
لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك

لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك


فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً

جزاكم الله خيرا ،ونفع بكم

لكن كيف بقليل بضاعة يود التحرك !!!!

كيف يتحرك ؟
 
نعم هذا أوان العمل الجاد
وإدراك المشكلة هو أول مراتب تحمل المسؤولية تجاه هذا الأمر الجلل
والأمة بحاجة إلى عدد من الأعمال العلمية المؤسسية وعدد من المنتجات التعليمية حتى تتجاوز أزمة ضعف التأهيل العلمي.
والعلم الشرعي هو بيانٌ لدين الله عز وجل الذي من قام به وسعى لإعلائه أعزه الله وأعلاه ورفع شأنه وبوأه العزة والرفعة في الدنيا والآخرة
ومن خذله ولم يرفع به رأساً وخذل من قام به وآذاهم وضَيَّق عليهم ولم يعرف لهم حقهم في ذلك أذاقه الله الخزي في الدنيا والآخرة.
فتلك سنة الله الماضية ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
ونصوص الشريعة والتاريخ والواقع شهود على ذلك.

والأمة على وجه العموم لا تنقصها الإمكانات ولا القدرات ولا الطاقات فهي تمتلك من كل ذلك ما يجعلها خليقة بأن تكون في طليعة الأمم .

ولكن لا ينهض بالأمم إلا أصحاب الهمم.
والنجاح لا يدرك إلا بالكفاح

والتواني والتواكل
والتحاسد والتباغض
والحرص على المال والشرف
كل ذلك من الآفات التي أعاقت كثيراً من الأعمال التي لو قدر لها أن تتم لتغيرت حال الأمة
ولو أن المرء أدرك أن فضل الله عز وجل لا ينال إلا من الله (ذلك الفضل من الله)
وتجاوز هذا الاختبار لأعقبه ذلك نجاحاً لم يكن يخطر على باله أو يدور في خياله
ولكنَّ سعي الإنسان لتحقيق الفضل لنفسه واشتغاله عن سنة الابتلاء بتحقيق الحظ الدنيوي يقطع عليه الطريق ويجعله يعيش في تيهٍ لا مخرج منه إلا بالرجوع إلى الجادة التي حاد عنها، وسَيرِه مع الرَّكب السائرين، وعِلْمِه أنَّ تقدُّمَه وشرفه إنما يكون على قدر اجتهاده في السير على هذه الجادة.

وإذا تأملت حال الأمة وما صارت إليه، وكيف كان يمكن أن تكون؛ فلا تقل: أين فلان؟ وأين فلان؟
بل قل: أين أنا؟
فالتفاتك إلى من سقطوا في حمأة حظوظ أنفسهم وشهواتهم، واشتغالك بلومهم وعتابهم يقطع عليك الطريق ويوقعك في آفة أخرى
وكم من رجل كانت تتعلق به الآمال أن يكون له شأن في قيادة النهضة العلمية فلما تبوأ المكانة والمنصب صار حرباً على أهل العلم والفضل، يضيق عليهم ويؤذيهم، ويعيق أعمالهم ومشاريعهم العلمية ويتقرب بذلك إلى من يبغضهم الله ويمقتهم ممن يحاد الله ورسوله.
فاستحال حبهم بغضاً، وعاد مدحهم ذماً، وأذاقهم الله الخزي في الدنيا، وصاروا عبرة لمن يعتبر.
وسنة الله ماضية ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

فمن أراد الله به خيراً استعمله على عمل وتقبله منه، وبارك له فيه، ووقاه وكفاه، ونصره وأيده بروح منه.
فما أحسن تولي الله تعالى لعبده المؤمن الصابر الشاكر، وما أحسن وقايته وكفايته له، (وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً)

ومن سار على هذا الطريق فإنه يحتاج إلى أمرين:
الأمر الأول: الهداية، وفي معناها التوفيق والسداد، وأن يسير في طريقه على نور وبصيرة.
الأمر الثاني: النصرة، ويدخل في معناها ما يحتاج إليه في تحقيق مقصده من المال والجاه والعلم والمؤازرة وغير ذلك من معاني القوة التي يتحقق له بها معنى النصر.

وليعلم أن الله تعالى قد اقتضت حكمته أن يقيض لمن سار على هذا الطريق أعداء من المجرمين يؤذونه ويدافعهم ابتلاء لصبره ويقينه فإذا ثبت كتب الله له الإمامة في الدين ورفع ذكره في العالمين (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)
فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
والعلماء ورثة الأنبياء، تابعون لهم، يصيبهم من نوع ما أصابهم، ويتحقق لهم من النصر والتوفيق والتسديد على قدر اتباعهم وصبرهم ويقينهم.
وهذه المعاني تجدها ظاهرة في قوله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً)
فتكفل الله بالهداية والنصر لمن سار على سبيل الأنبياء يريد إعلاء كلمة الله عز وجل.
وتقديمُ الهداية على النصر من باب تقديم العلم على العمل؛ فالهداية من ثمرات العلم، والنصر من جزاء العمل.
وكل ذلك لا يكون إلا بتوفيق الله عز وجل، فالتعرض لنفحاته، وسؤاله من فضله وبركاته، وصدق المحبة لله ولرسوله ولدينه، والعزم الصادق على العمل، كل ذلك من أسباب التوفيق التي يرجى لمن أخذ منها بحظ وافر أن يكتب له الله في هذا المضمار عملاً رشيداً.

فها قد فتح لكم الباب فاعملوا واجتهدوا، وتعاونوا على البر والتقوى، وثقوا بهداية الله ونصره؛ فقد يأتي عليكم يوم تتذكرون فيه ملتقاكم هذا وتواصيكم بالحق وتواصيكم بالصبر، وأنتم على الأرائك متكئون.

وإياكم وآفات الطريق
وابدؤوا يتطهير النفس وتخليصها من الشهوات الخفية المردية، واصدقوا الله يصدقكم، وتدبروا قوله تجدوا فيه آيات بينات فيها هدى وبشرى، وبلاغاً وذكرى، وتثبيتاً على الحق ونصراً
(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)
فالنصرة موعود بها للمؤمنين في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة إن الله لا يخلف الميعاد.

ودعوا قوماً كفاكم الله شأنهم (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم)
وهو القائل جل وعلا: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
ذلك أن السائر في هذا الطريق وليٌّ من أولياء الله يريد نصرة دين الله بالعلم والحجة والبيان، داعٍ إلى الله على بصيرة، متبع لسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم، مؤمن بالله متقٍ، محب لما أحبه الله، مبغض لما أبغضه الله، قد تاقت نفسه إلى لقائه، وشمرت عن ساعد الجد لنصرة دينه؛ فقد جمع أسباب الولاية وأخذ بعراها التي لا تنفصم.
فمن آذاه وعاداه تولى الله قتاله، ومن تولى الله قتاله فلن تجد له ولياً ولن تجد له نصيراً.

فالأمر والله جَلَل، وليس بعد العلم إلا العمل .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)
اللهم إنا بك نستهدي وبك نستكفي وبك نستنصر لا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
 
جزاكم الله خيرا
شيخنا الفاضل
ولا مزيد على كلام فضيلتكم فهو أمر ندركه ونلمس الحاجة إليه
لكن متى ينتقل الكلام إلى أفعال ويبدأ التطبيق ؟
لعل فضيلتكم قطع شوطا في ذلك لكن كيف توسع الدائرة ؟

ومثل هذه الأعمال ينبغي أن يتصدى لها علماء الأمة ويوجهوا الشباب إليها
كثير من طلبة الكليات الشرعية نلمس فيهم همة ونشاطا وطاقة منقطعة النظير
فلا تزال تفتر وتنطفئ وتهدر في التخبط في الطلب
خصوصا عند النساء لقلة المعين وانعدام التوجيه
حتى - والله - تصبح طالبة العلم بعد تخرجها وانغماسها في المجتمع كعوام الناس
فكأنها لم تحفظ كتاب الله ولم تتعلم علما
نسأل الله الثبات حتى الممات
 
وإذا أُحسِنَ إدارة المشروعات العلمية المؤسسية فإنها تؤتي ثمارها الطيبة على أكمل وجه .

هذه أهم نقطة وأول نقطة في بداية العمل المؤسسي.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
 
للعمل المؤسسي قواعده وأساليبه ومناهجه، التي يجب استيعابها كي يكون الفرد المتعاون عنصرا من عناصر نجاح هذا العمل، عوض أن يكون عنصرا من عناصر فشله، أو تعطيله.

ونجاح العمل المؤسسي لا يقع على عاتق الإدارة فقط، ولن تنجح أفضل إدارة في الدنيا إذا لم تتوفر لديها جميع عوامل النجاح (أو أغلبها).

وأقرب مثال على ذلك، هو فريق كرة القدم الناجح، إذ لا ينفع أن يكون للفريق إدارة جيدة فقط، أو مدرب جيد فقط... نجاح الفريق يتطلب:
- إدارة جيدة
- مدربا جيدا (أو طاقم تدريب، أحدهم للتحمية، والآخر للخطط، والآخر لحارس المرمى...)
- لاعبين جيدين
- جمهور جيد
- خطة تكتيكية جيدة
- ميزانية جيدة
- طاقم طبي جيد
- استقرار نفسي واجتماعي
- روافد جيدة لفريق الأكابر من خلال اكتشاف الطاقات الناشئة، وتهيئتها لتصبح عناصر احتياطية في الفريق الرئيسي
- ...

والعمل المؤسسي هو بالأساس: عمل فريق. لذا فيجب التفكير في كل عوامل النجاح بالتوازي.
 
الحمد لله الموفق والهادي والذي بنعمته تتم الصالحات
فلم أكن أتوقع عند نشري لهذا المقال أن يلاقي كل هذا التفاعل فمشاركات الإخوة كانت مشجعة جداً
وكذلك ما وردني عبر البريد الإلكتروني وعبر الاتصال ممن يعرفني شخصياً ومن قابلته من النبلاء والأفاضل
وقد أذهلني وأدهشني ما أطلعني عليه بعضهم من أعمال جليلة بذلوا في سبيل إنجازها جهوداً كبيرة مشكورة.

وكذلك ما أبدوه من رغبة جادة في التعاون على القيام بمثل هذه الأعمال المؤسسية
وأنا على ثقة بإذن الله تعالى بأن غيرهم سيلحق بهم
مما يبين أن الخير موجود في هذه الأمة وأن العزيمة الصادقة على تنفيذ تلك المشاريع العلمية موجودة.

مما دفعني إلى أن أعكف حالياً على تحليل وتصميم برنامج أتمكن به من نقل ما لدي من أعمال مؤسسية إلى قواعد بيانات عامة يتمكن الجميع من الإضافة عليها بأسمائهم الصريحة بطريقة آلية ميسرة
ويتمكن الإخوة الذين رغبوا في إضافة ما لديهم من أعمال علمية أن يضيفوه إلى هذه القاعدة منسوباً إليهم

وكذلك تحويل كتاب مجمع التفاسير وغيره إلى كتاب مفتوح يتمكن المختصون من الإضافة إليه بأسمائهم الصريحة ومناقشة بعض الأقوال والمشاركة في التحرير العلمي
بالإضافة إلى عدد من المزايا التي تحسن إضافتها

هذا ما أستطيع فعله حالياً لتلبية رغبة الإخوة والأخوات المشاركين في هذا الموضوع
وننطلق به جميعاً من التنظير إلى التطبيق ومن القول إلى الفعل، وتوسع الدائرة، ونتعاون فيما بيننا، ويتمكن من رغب التحرك من الحركة.
والأمة بحاجة إلى عدد من الأعمال المؤسسية والتنوع مطلوب
وأسأل الله تعالى أن يمدنا بعونه وتوفيقه

ولعلي أوافيكم بما يستجد من أمور ذات شأن في هذا الأمر بمشيئة الله تعالى.
 
نعم ، من هذه المشروعات ما تمَّ ولله الحمد، وهو الآن ينتفع به، وهو معهد آفاق التيسير، وقد تضمن مكتبة في المتون العلمية وشروحها، ودورات تعليمية ، وبرامج أخرى أسأل الله تعالى أن يتقبلها جميعا وينفع بها ويبارك فيها، ويجزي كل من أسهم فيها خير الجزاء في الدنيا والآخرة.

وبعض المشروعات الموسوعية لا زالت في طور الإعداد وأرجو أن يتم بعضها قريباً بإذن الله تعالى، ويعلن عنه في حينه، منها نحو عشر مشروعات علمية موسوعية في التفسير وعلوم القرآن الكريم.
 
بارك الله فيكم وفي جهودكم وندعوا الله أن يوفقكم ويسددكم ..
 
عودة
أعلى