عبدالعزيز الداخل
New member
- إنضم
- 26/11/2007
- المشاركات
- 429
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله الذي لا له إلا هو وسع كل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، خلق الإنسان من العدم ، ورباه بالنعم ، وعلمه ما لم يكن يعلم ،
وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للسالكين، وحجة على الناكبين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة النبلاء... لا يخفى على متأمل بصير ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية، من ضعف شديد، ووهن مزري، في مجالات عديدة في الوقت الذي تسارع فيه أعداؤها إلى غزوها فكرياً وسياسياً، واقتصادياً … الخ، بتفنن عجيب، وتضخم مرعب؛ وتكاتف رهيب.
ولا شك أن هذا الغزو لا بد وأن تكون له آثاره السلبية، ونتائجه المؤلمة، مما يجعل ردود الفعل تجاه هذا الغزو من أفراد الأمة الإسلامية متباينة أشدَّ التباين :
- فمنهم المستجيب لهذا الغزو، المنساق وراء الشهوات البهيمية، والأفكار الجحيمية.
-ومنهم المتبلد الإحساس، الداعي إلى التطبيع المهون لشأن هذا الغزو، بل ربما أنكره،
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل[/poem]
- ومنهم من لا يبالي إذا سلم له ماله، وتوفرت له سبل المعيشة- ولو على غضاضة- ما حلَّ بالأمة الإسلامية.
-وفي المقابل تجد منهم من تدفعه الغيرة والعاطفة غير المنضبطة بضوابط العلم المؤصل بالأدلة الشرعية إلى إساءة رد هذا الغزو فينحى فيه منحىً غير حميد يكون ضرره أكبر من نفعه، بل قد لا يكون فيه نفع أصلاً.
-ومنهم من يتصدى له بغير علم فتغلبه الكثرة الكاثرة والشبه الواردة والشهوات المردية؛ فيتكلم بغير علم كما تصدى بغير فقه، فيضل ويُضِلْ أو يبهت ويسكت فيحصل للمسلمين من هزيمته ضرر وفساد كبير.
-ومنهم من تتحرق نفسه للتصدي لهذا الغزو فيمنعه من ذلك قلة علمه وضعف تأهيله فيكتفي بالتحسر والأمنيات.
ومنهم من يشمر عن ساعد الجد ويجتهد في محاولة النهوض بالأمة الإسلامية بالعلم والإيمان فلا يجد ممن حوله إلا التخلي والخذلان.
والمقصود أنكم لو تأملتم ما حل بالأمة الإسلامية وجدتموه راجعاً إلى أمر واحد وهو ضعف التأهيل العلمي والعملي.
وهو راجع أيضا إلى ضعف العلم والإيمان.
سبيل الرفعة
فكان تأهيل أكبر عدد ممكن من طلبة العلم وتوجيههم الوجهة الصحيحة وتيسير سبل تعلمهم وتعليمهم وحصولهم على المعلومات المؤصلة المحققة من مصادرها الأصلية بأيسر طريق وأسرع ما يمكن، بجمع متفرقه، وتذليل صعبه، وشرح مشكله، واستثمار الطاقات المهدرة، والقدرات المهملة، وتجنيدها لنصرة هذا الدين ورفعة هذه الأمة، من أعظم المطالب الملحة على الأمة الإسلامية حتى تستعيد مجدها ورفعتها ومكانتها بين الأمم، وتتمكن من مقاومة هذا السيل الجارف والغزو الغاشم الذي أتانا من كل حدب وصوب، من منطلق العلم المؤصل المستند إلى الأدلة الصحيحة والثوابت الأصيلة.
معاناة طالب العلم
وتُوفر الجهود المضنية والأوقات الهائلة، التي تضيع سدى على علماء الأمة، فضلا عن طلاب العلم والباحثين، فيبقون ردحا من الزمان معطلين عن نفع الأمة بأمور كان بالإمكان أن يكفوا مؤونتها
وأنا أضرب لكم مثالا واحدا تستجلون به هذه الحقيقة...
فقد يقضي طالب العلم وقتاً طويلاً في البحث والتنقيب عن مسألة ما في بطون الكتب،أو محتويات البرامج ثم يقضي وقتاً آخر ربما كان أطول منه في مقابلة أقوال العلماء في المسألة وربما تبين أن ما تحصَّل له من المعلومات لا يشفي غليله لنقص المراجع أو اختلاف في النقول، أو اضطراب في النسخ، فيحاول أن يحرر الكلام في المسألة وهو لم تكتمل لديه بعد المعلومات الشافية.
ثم قد يفاجأ بعد أن يلقي قلم البحث جانباً بأن أحد الأئمة الأعلام قد أفرد هذه المسألة بمصنف مستقل أجاد فيه وأفاد وأتى على المراد!!
ترى كيف يكون تحسر هذا الطالب على ما أمضى من وقته وأهدر من طاقته بسبب جهله بوجود هذا الكتاب النفيس؟!!
هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة متعددة ومتنوعة تدل فيما تدل عليه على أهمية العناية بالجمع المؤسسي للكتب التي صنفها الأئمة قبلنا، بل وفي هذا العصر أيضاً.
وعلى الجهود الكثيرة المتكررة والطاقات العظيمة المهدرة التي يمكن أن يوفرها للأمة عمل مؤسسي تقوم به الأمة مرة واحدة فينهل منه الناهلون من طلاب العلم والعلماء، ويكفون مشقة جمع المراجع الفردي بجمع مؤسسي، ويكفون عناء التحقق من صحة النسخ المطبوعة، وتصنيفها، حسب المسائل فيبقى جهد العالم وطالب العلم مقتصرا على الاطلاع والتحرير والمناقشة، وهو القدر الذي يحتاج فيه إليه.
وكم يؤلمني ما يعانيه الباحثون وما يضيع من أوقاتهم في البحث عن المراجع فتجد أحدهم يُنقب هنا وهناك ويسأل مَنْ يتوسم فيه سعة الإطلاع: هل مرَّ بك كتاب في موضوع كذا وكذا ؟!! وربما كلَّف غيره بالبحث في المكتبات وزيارة عدد من الباحثين … الخ .
فلك أن تتساءل : كم يُمضي هذا الباحث من الوقت وقلمه معطل عن الكتابة، وذهنه مشتغل بتحصيل مراجع الموضوع لا بالتفكير في الموضوع نفسه؟!!
ثم ربما لا يجد ضالته التي أضنى نفسه في البحث عنها، مع أنها قابعة في رف من أرفف إحدى المكتبات، يمر عليها متعهد المكتبة بين وقت وآخر ليمسح عنها الغبار!!.
فتخيَّل.. كم تخسر الأمة الإسلامية من تعطل هذا الباحث زمناً طويلاً عن الكتابة والتحرير مع أنه يملك قدرات عقلية ومهارات فكرية وإبداعاً في تحرير المسائل ومناقشتها؟!
ربما أثر هذا التعطل سلباً على ما لديه من ملكات ونبوغ.
ولعل هذه المعاناة مع غيرها مما يفسر ظاهرة لها مدلول خطير قل من يتفطن له، وهي أن كثيراً من الباحثين المجيدين الذين نالوا درجات الامتياز في الرسائل العلمية في الجامعات واستفاض الثناء على حسن تحريرهم وبحثهم حتى عُدَّت رسائلهم من المراجع المهمة لا تكاد تجد لهم مؤلفات أخرى!
فإذا كانت الخسارة عظيمة ببقاء هذا الباحث ردحاً من الزمان معطلاً عن الإنتاج كالعضو المشلول من الجسد، فلك أن تضرب هذا القدر الكبير من الخسارة في عدد الباحثين في الأمة الإسلامية!!، وبعدها ستجد جواب السؤال الذي طالما آلمنا وقْعهُ في نفوسنا: لماذا لا تزال الأمة الإسلامية تعاني من ضعف التأهيل العلمي مع تقدم وسائل العلم وتطور آلياته؟
15/4/1420هـ
تصفحت محفوظاتي الإلكترونية فوجدت هذا المقال وتذكرت الظروف التي كتبته فيها ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً
الحمد لله الذي لا له إلا هو وسع كل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، خلق الإنسان من العدم ، ورباه بالنعم ، وعلمه ما لم يكن يعلم ،
وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للسالكين، وحجة على الناكبين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة النبلاء... لا يخفى على متأمل بصير ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية، من ضعف شديد، ووهن مزري، في مجالات عديدة في الوقت الذي تسارع فيه أعداؤها إلى غزوها فكرياً وسياسياً، واقتصادياً … الخ، بتفنن عجيب، وتضخم مرعب؛ وتكاتف رهيب.
ولا شك أن هذا الغزو لا بد وأن تكون له آثاره السلبية، ونتائجه المؤلمة، مما يجعل ردود الفعل تجاه هذا الغزو من أفراد الأمة الإسلامية متباينة أشدَّ التباين :
- فمنهم المستجيب لهذا الغزو، المنساق وراء الشهوات البهيمية، والأفكار الجحيمية.
-ومنهم المتبلد الإحساس، الداعي إلى التطبيع المهون لشأن هذا الغزو، بل ربما أنكره،
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل[/poem]
- ومنهم من لا يبالي إذا سلم له ماله، وتوفرت له سبل المعيشة- ولو على غضاضة- ما حلَّ بالأمة الإسلامية.
-وفي المقابل تجد منهم من تدفعه الغيرة والعاطفة غير المنضبطة بضوابط العلم المؤصل بالأدلة الشرعية إلى إساءة رد هذا الغزو فينحى فيه منحىً غير حميد يكون ضرره أكبر من نفعه، بل قد لا يكون فيه نفع أصلاً.
-ومنهم من يتصدى له بغير علم فتغلبه الكثرة الكاثرة والشبه الواردة والشهوات المردية؛ فيتكلم بغير علم كما تصدى بغير فقه، فيضل ويُضِلْ أو يبهت ويسكت فيحصل للمسلمين من هزيمته ضرر وفساد كبير.
-ومنهم من تتحرق نفسه للتصدي لهذا الغزو فيمنعه من ذلك قلة علمه وضعف تأهيله فيكتفي بالتحسر والأمنيات.
ومنهم من يشمر عن ساعد الجد ويجتهد في محاولة النهوض بالأمة الإسلامية بالعلم والإيمان فلا يجد ممن حوله إلا التخلي والخذلان.
والمقصود أنكم لو تأملتم ما حل بالأمة الإسلامية وجدتموه راجعاً إلى أمر واحد وهو ضعف التأهيل العلمي والعملي.
وهو راجع أيضا إلى ضعف العلم والإيمان.
سبيل الرفعة
فكان تأهيل أكبر عدد ممكن من طلبة العلم وتوجيههم الوجهة الصحيحة وتيسير سبل تعلمهم وتعليمهم وحصولهم على المعلومات المؤصلة المحققة من مصادرها الأصلية بأيسر طريق وأسرع ما يمكن، بجمع متفرقه، وتذليل صعبه، وشرح مشكله، واستثمار الطاقات المهدرة، والقدرات المهملة، وتجنيدها لنصرة هذا الدين ورفعة هذه الأمة، من أعظم المطالب الملحة على الأمة الإسلامية حتى تستعيد مجدها ورفعتها ومكانتها بين الأمم، وتتمكن من مقاومة هذا السيل الجارف والغزو الغاشم الذي أتانا من كل حدب وصوب، من منطلق العلم المؤصل المستند إلى الأدلة الصحيحة والثوابت الأصيلة.
معاناة طالب العلم
وتُوفر الجهود المضنية والأوقات الهائلة، التي تضيع سدى على علماء الأمة، فضلا عن طلاب العلم والباحثين، فيبقون ردحا من الزمان معطلين عن نفع الأمة بأمور كان بالإمكان أن يكفوا مؤونتها
وأنا أضرب لكم مثالا واحدا تستجلون به هذه الحقيقة...
فقد يقضي طالب العلم وقتاً طويلاً في البحث والتنقيب عن مسألة ما في بطون الكتب،أو محتويات البرامج ثم يقضي وقتاً آخر ربما كان أطول منه في مقابلة أقوال العلماء في المسألة وربما تبين أن ما تحصَّل له من المعلومات لا يشفي غليله لنقص المراجع أو اختلاف في النقول، أو اضطراب في النسخ، فيحاول أن يحرر الكلام في المسألة وهو لم تكتمل لديه بعد المعلومات الشافية.
ثم قد يفاجأ بعد أن يلقي قلم البحث جانباً بأن أحد الأئمة الأعلام قد أفرد هذه المسألة بمصنف مستقل أجاد فيه وأفاد وأتى على المراد!!
ترى كيف يكون تحسر هذا الطالب على ما أمضى من وقته وأهدر من طاقته بسبب جهله بوجود هذا الكتاب النفيس؟!!
هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة متعددة ومتنوعة تدل فيما تدل عليه على أهمية العناية بالجمع المؤسسي للكتب التي صنفها الأئمة قبلنا، بل وفي هذا العصر أيضاً.
وعلى الجهود الكثيرة المتكررة والطاقات العظيمة المهدرة التي يمكن أن يوفرها للأمة عمل مؤسسي تقوم به الأمة مرة واحدة فينهل منه الناهلون من طلاب العلم والعلماء، ويكفون مشقة جمع المراجع الفردي بجمع مؤسسي، ويكفون عناء التحقق من صحة النسخ المطبوعة، وتصنيفها، حسب المسائل فيبقى جهد العالم وطالب العلم مقتصرا على الاطلاع والتحرير والمناقشة، وهو القدر الذي يحتاج فيه إليه.
وكم يؤلمني ما يعانيه الباحثون وما يضيع من أوقاتهم في البحث عن المراجع فتجد أحدهم يُنقب هنا وهناك ويسأل مَنْ يتوسم فيه سعة الإطلاع: هل مرَّ بك كتاب في موضوع كذا وكذا ؟!! وربما كلَّف غيره بالبحث في المكتبات وزيارة عدد من الباحثين … الخ .
فلك أن تتساءل : كم يُمضي هذا الباحث من الوقت وقلمه معطل عن الكتابة، وذهنه مشتغل بتحصيل مراجع الموضوع لا بالتفكير في الموضوع نفسه؟!!
ثم ربما لا يجد ضالته التي أضنى نفسه في البحث عنها، مع أنها قابعة في رف من أرفف إحدى المكتبات، يمر عليها متعهد المكتبة بين وقت وآخر ليمسح عنها الغبار!!.
فتخيَّل.. كم تخسر الأمة الإسلامية من تعطل هذا الباحث زمناً طويلاً عن الكتابة والتحرير مع أنه يملك قدرات عقلية ومهارات فكرية وإبداعاً في تحرير المسائل ومناقشتها؟!
ربما أثر هذا التعطل سلباً على ما لديه من ملكات ونبوغ.
ولعل هذه المعاناة مع غيرها مما يفسر ظاهرة لها مدلول خطير قل من يتفطن له، وهي أن كثيراً من الباحثين المجيدين الذين نالوا درجات الامتياز في الرسائل العلمية في الجامعات واستفاض الثناء على حسن تحريرهم وبحثهم حتى عُدَّت رسائلهم من المراجع المهمة لا تكاد تجد لهم مؤلفات أخرى!
فإذا كانت الخسارة عظيمة ببقاء هذا الباحث ردحاً من الزمان معطلاً عن الإنتاج كالعضو المشلول من الجسد، فلك أن تضرب هذا القدر الكبير من الخسارة في عدد الباحثين في الأمة الإسلامية!!، وبعدها ستجد جواب السؤال الذي طالما آلمنا وقْعهُ في نفوسنا: لماذا لا تزال الأمة الإسلامية تعاني من ضعف التأهيل العلمي مع تقدم وسائل العلم وتطور آلياته؟
15/4/1420هـ
تصفحت محفوظاتي الإلكترونية فوجدت هذا المقال وتذكرت الظروف التي كتبته فيها ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً