جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات

إنضم
04/04/2003
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات

من الإشكالات الواردة في موضوع الإسرائيليات ما عرف عن ابن عباس رضي الله عنهما من الأخذ عن بعض أهل الكتاب، مع ما جاء عنه أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله { ليشتروا به ثمنا قليلا } أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم.رواه البخاري.
واذكر أن الشيخ/أحمد البريدي طرح هذه المسألة في الملتقى من قديم، وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية) ، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر.

فائدة في ضمنها سؤال:
ورد أن ابن عباس كان يسأل أبا الجلد جيلان بن فروة، وجاء في ترجمته: أنه صاحب كتب التوراة، وقد وثقه أحمد، كما في (الجرح والتعديل) 2/547 فهل كان هذا كتابيا؟
 
حياكم الله يا شيخ خالد
في موقف ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه عنه البخاري ؛ هل يُفهم منه أن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقًا ؟
فإن كان ذاك كذلك ، فإنه مخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه اللبخاري .
وليس الظن به هذا ، وقد ثبت عنه الأخذ من بني إسرائيل ، فحسُن معرفة السبب الموجب لقيل ابن عباس هذا .
والنوجيه الذي ذكرتموه عن الدكتور عبد الله الجديع ـ في قولكم : ( وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية) ، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر) ـ تخصيص لا دليل عليه لا من أثر ابن عباس رضي الله عنه ، ولا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أجاز التحديث عن بني إسرائيل ، ورفع الحرج عن أمته ، وإن كنت ترى اليوم من يضع هذا الحرج عليها ، وقد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فترى بعض المعاصرين يوجهون النقد لكبار المفسرين المتقدمين لكونهم يذكرون الإسرائيليات ولا يعلقون عليها .
 
أشكر أخي فضيلة الدكتور مساعد على هذا التعليق المفيد في هذه المسألة، وطمعا في مزيد الفائدة أقول:
لعله يفرق بين مسألتين هنا:
1. حكم الرواية والتحديث عن بني إسرائيل، وهذه ورد فيها نص نبوي (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) كما ذكرتم، ولا كلام فيها.
2. موقف ابن عباس رضي الله عنهما من الرواية عن بني إسرائيل، وهذه محل البحث، فقد وجدناه أخذ عنهم، ووجدناه ينهى عن الأخذ عنهم، فلا بد من توجيه ذلك.

والجمع المذكور يعود إلى السبر والنظر في روايات ابن عباس في ذلك، فحيث وجد أنه لا يروي إلا عمن أسلم –وهذا بعد ثبوت عدم أخذه عن غير المسلمين، لأنني لم أتتبع ذلك- فهو دليل هذا الجمع.
ويؤيده أنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم جاءت الرخصة في الحديث عنهم، فلعله فهم أن النهي المتقدم لمن كان كافرا، ثم جاءت الرخصة في الحديث بعد أن دخل بعضهم في الإسلام.
بل وجدت في المرفوع نهي صريح عن سؤالهم، وهو ما رواه جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني".رواه أحمد بسند حسن
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وقوله (شيء) نكرة في سياق النهي فتفيد العموم.

ويؤيده أيضا –وأذكر أن البحث في المسألة الثانية دون الأولى-: أن الكافر ساقط العدالة وأهل الكتاب قوم حرفوا وبدلوا في كتب الله تعالى، كما قال رضي الله عنه: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا..".
وهم يقرؤون مثل قوله تعالى:" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ".
وهذا لا يوجد في المسلم العدل.

ويؤيده أيضا: ما يشمه القارئ في أثر ابن عباس الذي يجد المقابلة بين المسلمين والكفار، وانظر مثلا قوله: "أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم".
وبهذا يبدو أن هذا الجمع حسن –والله أعلم-، ولا يعني أن ما عداه من الوجوه الملتمسة باطل أو غير معتبر.
وأما هل يفهم مما ورد عن ابن عباس أنه كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقا؟
فأقول: لا، وإنما نهيه مقيد بغير المسلمين، وليس في هذا مخالفة للحديث.
 
إضافة

إضافة

ما أشرت إليه -حفظك الله- من صنيع بعض المتأخرين في التحجير في باب الإسرائيليات، فمع مافيه من الملاحظة عليهم، لكن قد يعتذر عنهم بأن هناك فرقا بين عصرنا وعصر من تقدم، وذلك بأن الكتب في السابق لا يحصلها إلا أهل العلم في الغالب لصعوبة ذلك، فلا مطابع ولا آلات تصوير – فضلا عن السكنر والأنترنت- فلذا كانوا يكتبون وهم مطمئنون أن القراء من العلماء أو من طلبة العلم، أضف إلى ذلك أن كتب السلف كتفسير الطبري مثلا عميقة من الناحية العلمية لا يقدم عليها إلا من كان له قدم في العلم، وهذا بخلاف الزمن المعاصر الذي انتشر وتيسر فيه الكتاب جدا، وكتبت التفاسير للمثقفين وللعوام، فمثل هؤلاء إذا قرأ في سياق تفسير الآية: الحديث النبوي، وقول الصحابي، والإسرائيليات؛ اعتقد الجميع حقا واعتمده تفسيرا للآية، وهنا يقع المحذور، لاسيما وشيخه كتابه.
فلذا ربما يوافق المعاصرون في التحذير من الإسرائيليات في التفاسير المعاصرة التي يقرأها غير المتخصصين، والله أعلم.
ثم إن توقي ذلك في التفسير قديم فقد جاء في (سير أعلام النبلاء) 4/451 :" قال أبو بكر بن عياش: قلت للأعمش: ما بالهم يتقون تفسير مجاهد؟! قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب".
 
أخي خالد
على عادتك في إتحاف المناقشات بفوائد علمية ، فحياك ربي ، ثم حياك .
اخي الكريم
المعاصرون الذين ذكرتُ لك مذهبهم قوم كانوا قبل ظهور الأنترنت وما يتعلق به من تقنيات .
وأما جواز التحديث عن بني إسرائيل فجاء بعد النهي الذي ذكرتم .
وإذا كنا سنتحاشى القول الصحيح المبني على المنهج النبوي الذي لم يفرق بين عامي وعالم في جواز التحديث ، فإننا سنترك بعض العلم من اجل هذه العلة .
ولست أدعو في قولي هذا أن ننشط في رواية الإسرائيليات ، بل أنا أرى أن من اتقاها من المعاصلاين ، فإنه يُحمد على منهجه هذا ، لكني أكره ما يكون من نقد علمائنا السابقين لأنهم رووا الإسرائيليات في كتبهم .
وأما ما ذكرتم عن الأعمش في حق مجاهد ، فهذا ـ عندي ـ يدلُّ على وجود مذهبين للسلف في التعامل مع مرويات بني إسرائيل ، ولا غبار في ذلك ، فمن حدَّث فله سلف ، ومن ترك التحديث فله سلف ، لكن يبقى أن المنهج النبوي هو الأولى بالاتباع .
وأظنه لا يخفى على مثلكم تصديق النبي صلى الله عليه وسلم للحبر، فقد جاءه حبر من اليهود فقال : إنه إذا كان يوم القيامة ، جعل الله السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، والخلائق على إصبع ، ثم يهزهن ، ثم يقول : أنا الملك أنا الملك ، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ، تعجبا وتصديقا لقوله ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : { وما قدروا الله حق قدره - إلى قوله - يشركون } رواه البخاري.
ولأجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام التشريع ، ويأتيه الوحي بالتصديق لمثل هذا الأمر ، فإننا نقبل قول هذا الحبر ؛ لتصديق رسولنا صلى الله عليه وسلم له .
أما غيره من الأخبار ، فقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روى احمد وأبو داود وغيرهام عن أبي نملة الأنصاري أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل من اليهود مر بجنازة فقال : يا محمد ، هل تتكلم الجنازة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله أعلم ) .
فقال اليهودي : إنها تتكلم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم ، وإن كان حقا لم تكذبوهم ) .
وهذا منهج تطبيقي من الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع مرويات بني إسرائيل .
والموضوع ذو شجون ، وقد أشرت إلى طرف منه في شرحي لمقدمة في أصول التفسير ( كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية ) ، وبينت بعض الأمور المتعلقة بالإسرائيليات .
ولا زلت أدعو إلى أن يُقرأ هذا الموضوع من جديد ، وأن نزيل الخوف والرهبة العلمية المظنونة في مثل هذا الموضوع ، سواء بالنظر إلى العامة أو بالنظر إلى الطاعنين من الملحدين والمستشرقين وغيرهم ، فنحن أصحاب حق أبلج لا نخاف فيه من غيرنا ، فالحق معنا ولله الحمد .
وما يتوهمه بعض الباحثين في الإسرائيليات من وجود أثر سيء لها ، أو من وجود مطاعن للمستشرقين في تفاسير سلف الأمة، وأنهم اخذوا من أهل الكتاب = لا يلزم منه عدم بيان المنهج الحق في هذه المسألة .
والحديث فيها يطول ، وهي بحاجة إلى حديث مفصل في غير هذا الموضع ، خصوصًا ما يقع من الطعن من قبل اليهود والمستشرقين والتوراتيين وغيرهم من الملاحدة الطاعنين ، فهؤلاء يطعنون في الواضح البين ، فما بالك في غيره ، ولعل الله ييسر الكتابة في هذا الموضوع مرة أخرى .
وأقول :
إن هذا الموضوع بحاجة إلى الانطلاق من الآثار ، والنظر فيها على النحو الآتي :
1 ـ الأحاديث النبوية المتعلقة بأخبار بني إسرائيل ، وكيفية تعامله صلى الله عليه وسلم معها .
2 ـ النظر في منهج الصحابة في التعامل مع مرويات بني إسرائيل قولاً أو فعلاً بذكر هذه المرويات ، للخروج بالمنهج السليم في التعامل مع هذا الموضوع .
3 ـ النظر في عمل التابعين ومن بعدهم من علماء الأمة المقبولين الذين اتفق الناس على جلالتهم ؛ كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وغيرهم .
أما الدخول إلى الموضوع بمقررات سابقة ، وهي رفض ما هو من المرويات الإسرائيلية ، فلن يجدي في البحث العلمي .
 
أشكرك أخي أبا عبد الملك على هذه التحف الطيبة، ولا أخفيك أنني مسرور بهذا النقاش رغم انشغالي لما أجده من فوائد، لا سيما إذا كان النقاش مع أمثالكم وفقكم الله.
ويبدو أننا خرجنا عن تخريج موقف ابن عباس إلى تخريج موقف المعاصرين لكن لابأس فالموضوعان يشتركان في رواية أخبار بني إسرائيل.

وموضوع الإسرائيليات يكتنفه جانبان: جانب تأصيلي، وجانب تطبيقي.
فأما التأصيلي فكما ذكرت في النقاط الأخيرة، ولعلي أراجع ما أحلت إليه في شرحكم لمقدمة شيخ الإسلام قريبا إن شاء الله، ولا أدري هل خلت أقسام التفسير في جامعاتنا من مثل هذه الدراسات؟!
وأما الجانب التطبيقي – وهو الذي أعنيه هنا- فلا بد من التفريق بين مسألتين:
1. نقد المتقدمين بذكرهم الإسرائيليات في كتبهم، وهذا ما لا يوافق عليه بل قد بلغني عن أحدهم أنه خرج في إحدى القنوات الفضائية وقدح في الطبري لأجل ذلك وقال فيه كلام قاسيا عفا الله عنه.
2. ذكر الإسرائيليات في التفاسير في هذا العصر سواء التفاسير الكتابية أو الشفهية للعموم، وهذا بيت القصيد، وما أشرت إليه من المنهج النبوي في التعامل معها غير داخل هنا لأنه صار سنة نبوية تقريرية في مثل حديث الحبر، ولاننظر إليه على أنه من أخبار بني إسرائيل.
ولعلي أزيد الأمر إيضاحا فأقول: هب أن جهة ما أرادت أن تعمل تفسيرا لعموم المسلمين وكان منهجها الذي رسمته: أن تذكر المقطع من الآيات ثم تذكر المعنى العام للآيات ثم تذكر ما يتعلق بها من الإسرائيليات اقتداء بأئمتنا السالفين كالطبري وغيره، ولما فيها من التشويق والجذب للقراءة، فما رأيكم في هذا؟
ومن هنا يأتي الاعتذار عن موقف بعض المعاصرين في هذه النقطة بالذات، لأن مكمن الرهبة والخوف في أن تساق الإسرائيليات مع الحديث النبوي وأقوال الصحابة والتابعين في مساق واحد لمن لا يميز، لاسيما وحالها كما قال ابن كثير في تفسيره 6/ 284 :"ثم ليعلم أن أكثر ما يُحدّثون به غالبُه كذب وبهتان؛ لأنه قد دخله تحريف وتبديل وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحا"

أخي الحبيب..أظن أننا متفقين إلى حد كبير في هذه المسألة، لكن أجدني متشجعا لطرقها لما لمسته من غبش في تصور المسألة أو في تطبيقها، ولا أزال أنتظر المزيد من المفيد.
وفقنا الله وإياكم للهدى والصواب

● حاشية:
ليتك تسمي بعض المعاصرين الذين يتبنون هذا الرأي لتعم الفائدة، ولم أفهم كيف عددتهم معاصرين وقد وجدوا قبل تقنيات الطباعة والتصوير؟
 
أخي خالد :
لم أرد أنهم قبل الطباعة والتصوير ، ، وإنما نصصت على الأنترنت ويدخل معه البرامج المدمجة ، وظهورهذه وانتشارها ـ كما تعلم ـ قريب .
وضابط المعاصرة فيه مطاطية كما تعلم ، لكن أذكر لك كتابين سارا على منهج الرفض للإسرائيليات ، ونقد المفسرين الذين ذكروها ، وهما مشهوران في هذا الباب :
الأول : الإسرائيليات في التفسير والحديث للكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله .
الثاني : الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة رحمه الله .
وهناك مشروعات طُرحت باسم ( الدخيل في كتب التفسير ) ، وأغلبها قائم على نقد الإسرائيليات ونقد المفسرين الذين نقلوها .
وقد طالب بعضهم بإعادة طباعة تفسير ابن كثير وغيره بعد حذف هذه الإسرائيليات منه .
وللحديث بقية .
 
أتمنى تسليط الضوء على هذه النقطة الأخيرة وهي مطالبة "بعضهم "حذف الإسرائيليات من تفسير ابن كثير وغيره ،أهذا من الأمانة العلمية؟ ومن له الحق في ذلك أصلاً ؟
كتب العلماء تبقى كما هي وكما كتبوها ،وهم ما كتبوها إلا ابتغاء الأجر من الله تعالى ،وباب النقد والتصحيح مفتوح لمن هو أهل 0
 
فائدة:
أفاد فضيلة الدكتور محمد الخضيري في دراسته المتميزة (تفسير التابعين) - 2/883 - أن روايات ابن عباس رضي الله عنهما عن بني إسرائيل قاربت 350 رواية.
أقول: وهذا رقم كبير.

تنبيه:
بمناسبة ذكر الكتاب فقد وقفت فيه على وهم لطيف للشيخ وقد قعت فيه أيضا في جمع التفسير المرفوع لكن وفق الله فتداركته، وذلك أن الدكتور الخضيري وفقه الله ذكر في تقرير منزلة السنة في كونها مصدرا للتفسير عند التابعين حديث ابن عباس قال:{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ }حَالًا بَعْدَ حَال،ٍ قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري (4940)
وقد قال الشيخ: "ولما وردت الرواية عنه صلى الله عليه وسلم عند تفسير قوله تعالى..." فذكر الآية والحديث.
ففهم أن التفسير من مقول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس، وهكذا فهمت وحينما رجعت إلى الدر وجدته عزاه إلى البخاري فقط، فتعجبت من حديث مرفوع خرجه البخاري ولم يشاركه غيره، فرجعت إلى الشرح فوجدت ابن حجر قال في الفتح: "هو على قراءة فتح الموحدة وبها قرأ ابن كثير والأعمش والأخوان . وقد أخرج الطبري الحديث المذكور عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم بلفظ " إن ابن عباس كان يقرأ ( لتركبن طبقا عن طبق ) يعني نبيكم حالا بعد حال ".
فاتضح الأمر وتكون (نبيكم) في الرواية خبرا وليست فاعلا، والمبتدأ اسم الإشارة، والله أعلم.
 
موضوع شيّق جداً .
لم لا نأخذ مثالاً عملياً على الإسرائيليات وكيف أثرت على المنهج التفسيري . ونعم فمن كان لهم قصب السبق من سالف الأمة أدرجوها عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) ، ولكن (ربما) استخدم هذا الحديث في غير مظانه، ولعل الموضوع يحتاج لبحث أدق . فهل النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك كل شيء أم المقصود التحديث فيما يتعلق بقصصهم للاتعاظ والعبرة ؟

نرجع للمثال العملي ، من المعروف قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه ، وقد أشير إلى اسم الأب في الآية بشكل صريح وهو ( آزر ) . ولا يوجد أدنى إشارة تشير إلى خلاف ذلك البتة . لكن نجد المفسرين يتكلفون الأمر في أن هذا اسم عمه أو اسم صنم أو أن هذا اسم آخر لأبيه، وذلك فقط لأنه ورد في التوراة أن اسم أبيه ( تارح) ! .
في نظري القاصر أن هذا المثال البسيط يظهر مدى تأثير الإسرائيليات في المنهج التفسيري وهو أمر مستغرب حقيقة. ولا أعتقد بقول الأستاذ الباتلي أن الأمر- أي جعل الإسرائيليات- كان بسبب أن الكتب مضنونة للعلماء فقط عن العامة. كلا ، لأن بعض هذه الإسرائيليات متبناه في التفسير وليست مدرجة.
وعوداً على المثال ، فالأصل أن القرآن مصحح لما حصل للكتب السابقة ومهيمن عليها. فالمقدم هو القرآن وليس غيره من الكتب.
والله عز وجل ذكر اسم الأب لحكمة ، وقد تكون الحكمة هي تصحيح ما يعتقده أهل الكتاب ذاتاً من أن اسمه تارح. إذ كأن الله يقول لهم أن هذا نسب إبراهيم ، إذ لو لم يذكر الله اسم الأب لما أثر ذلك على بُنية القصة. فلماذا نجد المفسرين يجاهدون مجاهدة بأن اسم الأب تارح وأن ماذُكر في القرآن هو لرجل آخر أو لقب أو أو ... . مع أن حق الله كتاب الله التقديم . هذا أمر في غاية الغرابة بالنسبة لي . والله أعلم .
 
كلام ابن عباس رضي الله عنه وهو أصل الموضوع ـ ظهرلي والله أعلم ـ أنه يفرق بين أخبار بني إسرائيل التي في كتبهم والتي أباح النبي صلى الله عليه وسلم التحديث بها وبين سؤال علمائهم بعد نزول القرءان لتوضيح رواياتهم وأخبارهم وهذا خارج عن مفهوم التحديث بل هو استفتاء وعلى فرض أنه كان لأجل الرواية ففرق بينهما أيضا فالأول ليس فيه تكلف بحث بل مداره على ما درج في أحاديث الناس وأما الثاني ففيه تكلف بحث وتدخل به على الدين مفاسد كما أنه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم بل هم كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم قال تعالى"يسألوك عن الروح" "ويسألونك عن ذي القرنين" وغيرها كثير وقد كان اختلافهم في أخبارهم على أنبيائهم شديدا فجاء الكتاب ليبين لهم أكثر الذي فيه يختلفون وهذا يدل على أن التحديث المباح ينبغي أن يكون فيما لا اعتقاد فيه ولا عمل فبابه الفضفضة كما يقال في زماننا
وأما إدخاله في التفسير فله وجوه بعضها تحتمل وبعضها لا تحتمل
ومرد مسألة الإنكار في ذلك على الاعتماد عليها وحدها في بيان مراد الله
هل تجوز للحاجة؟
وأما إذا كانت لغير حاجة وبلا اعتماد فأكثر الناس لا يتحرج منها في التفسير
والله أعلم
 
عودة
أعلى