جنايات على العلم والمنهج (8)..ظاهر اللفظ

إنضم
26/12/2005
المشاركات
770
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
جنايات على العلم والمنهج (8)..ظاهر اللفظ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..

وبعد..

فمن أكثر ما يغيظ النفس المؤمنة ويملأ جنباتها بالكمد =أن يُسيطر تركيب مولد كهذا على المتفقهة ويصير حجر رحى تدور عليه عملية الاستنباط والاجتهاد..

هذا لو كان مولداً فحسب ..فكيف لو كان هو وجل ما يتعلق به من المسائل =من أودية الباطل لا غير.

وللدلالة على ما أريد أقول:

ظاهر اللفظ يُطلق ويراد به ما فهمه المتلقي من كلام المتكلم.
وتارة يراد به نفس ما أراده المتكلم بكلامه.

كذا قال الشيخ ..

والبين من حال المشتغلين بالعلم بعد القرون المفضلة وعصر الأئمة ،ولغلبة طاغوت المجاز والفكرة الباطلة المسماة بأصل الوضع =هو جعل ما يفهمه المتلقي –وفقاً للوضع اللغوي- هو عين مراد المتكلم..وسمي ذلك بهذا الاسم: ظاهر اللفظ.

وصار الأمر قضاء مبرماً = أن تقرأ النص من كلام الله أو كلام رسوله فيكون ما يتبادر إلى ذهنك من معنى النص –مع تقويم هذا المتبادر بالوضع اللغوي –هو عين ما أراد الله ورسوله بهذه الألفاظ.

ثم صار هذا الظاهر أصلاً لا يجوز الخروج عنه إلا بدليل ؛فإن وجد هذا الدليل المُخرج عن هذا الظاهر جاز الخروج عن الظاهر وساغ وصارت هذه العملية تُسمى تأويلاً،وبالطبع فهذا التأويل المرتكز على دليل يُسمى تأويلاً صحيحاً وغير المرتكز على دليل يسمى تأويلاً فاسداً أو تحريفاً.

ثم رزق الله الأمة بالظاهرية فكان من كلامهم : ((ولا يحل لأحد أن يحيل آية عن ظاهرها ،ولا خبراً عن ظاهره..ومن أحال نصاً عن ظاهره في اللغة بغير برهان من [نص]آخر أو إجماع فقد ادعى أن النص لا بيان فيه...)).

ولا حظ بعض الأذكياء أننا لو استثنينا قضية القياس والتعليل ؛فليس بين الظاهرية والجمهور خلاف منهجي مؤثر بل منهج الظاهرية هو عينه منهج الجمهور من جهة قضية ظاهر اللفظ ،وإنما الخلاف في تطبيق هذه النظرية ،ويوسع دائرة الخلاف في التطبيق هجر الظاهرية لدلالة القياس..
ولذا عبر بعضهم بقوله: والظاهرية (كمنهج) هي طريقة الصحابة وهي التي ينبغي أن تكون طريقتنا جميعاً بناء على نظرية ظاهر اللفظ ،,إنما المعيب هو الظاهرية (كمذهب) لما فيه من الزيادات على نظرية ظاهر اللفظ.

ومن أعظم ما لبس به من الحق لتقرير باطل نظرية ظاهر اللفظ=عربية القرآن وكونه بلسان عربي مبين وكون النبي (ص) عربياً يُخاطب عرباً بلسانهم.

والآن وقد أظهرنا صورة القضية فقد آن أوان الفحص عن بطلانها وزيفها...

يتبع
 
[align=center]أولاً:كان يكون هذا المنهج الذي يجعل ما يتبادر إلى ذهن السامع –وفقاً للوضع اللغوي-هو عين مراد المتكلم =صحيحاً صواباً لو:

1- لو كانت قضية الوضع اللغوي الأول قضية صحيحة ثابتة ..ولكنها للأسف حديث خرافة.
2- لو كان اللفظ يستعمل في لسان العرب قوم النبي بإزاء معنى واحد فحسب.
3- لو كان هذا المعنى الواحد-لو كان-معروفاً مضبوطاً.
4- لو كانت معاجم العربية –وهي عمدة القوم في معرفة معنى اللفظ في اللغة-تفصل فصلاً ظاهراً وتبين بياناً واضحاً معاني الألفاظ في لسان العرب قوم النبي ولا تخلطها بمعاني الألفاظ عند من بعدهم إلى ثلاثمائة عام أحياناً.
5- لو كانت معاجم العربية مصادر موثوقة بإطلاق لا يحتاج النظر فيها إلى اجتهاد خاص.
6- لو كانت معاجم العربية تعتمد كلها على النقل الذي لا رأي فيه.
7- لو كان لسان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُفارق لسان قومه قط.
8- لو كان فهم مراد الله والرسول لا يتوقف سوى على معرفة الأوضاع اللغوية.
9- لو كانت ألسنة الناس لا تختلف ويختلف تبعاً لها ما يسبق إلى ذهن المتلقي من معاني الألفاظ.
10- لو كان النص الواحد-بالنسبة لنا- يصلح لمعرفة مراد الله ورسوله به[/align]
.
 
فإن قلتَ: إذا استثنينا ما أثرتَه عن الوضع اللغوي والمعاجم كمصدر للوقوف عليه =فقد احترز القوم لغالب ما ذكرتَ بعدُ بفسحهم الباب للنظر في بقية الأدلة التي قد تصرف هذا اللفظ عن ظاهر فلا يزال باب الوصول إلى مراد المتكلم مفتوحاً لم يُغلق بمجرد إثبات هذا الظاهر.

قلنا: إنما مثل هذا كمثل مسافر يسلك طريقاً يعلم أنه لا يهديه إلى مقصده ثم يتعلق بأنه ربما وجد طرقاً أخرى تعيده إلى الطريق الذي سيوصله إلى مقصده.

فعلامُ إذا يا صاحبي النصب،والطريق لاحبة بينة متضحة لا لبس فيها ولا غبش..

ولا تأمن في طريقك الذي سلكت من عقبات وتطويل..

فمن متمسك بهذا الظاهر الأول لا يأبى الانتقال عنه ولو جئته بكل آية..وهو معذور في ذلك لأننا وافقناه في أن هذا الظاهر الأول حق يصلح للتمسك به..

نعم.هذا أحد أكبر أودية الباطل في نظرية ظاهر اللفظ تلك،وهي أن أصحاب هذه النظرية يُقرون بأن هذا الظاهر الأول المبني على الوضع اللغوي فحسب =حق يصلح للتمسك به وعدم الزوال عنه إلا بدليل..

ولا يكون هذا الظاهر إلا أحد مفردات الباب التي تجمع إلى بعضها لمعرفة تفسير كلام المتكلم على ما سنبيبن بعدُ،أما أن يُجعل بالمكانة التي وصفت..فلا.

أما التطويل في تلك الطريقة فهي النزاعات المستمرة بين متمسك بالظاهر –الذي ليس بحق أصلاً-وبين مورد أدلة وبين معترض عليها وبين وبين...

والحال : أن كل هؤلاء لم يسلكوا الطريق الحقة في تفسير كلام المتكلم أصلاً وليس معهم من العلم إلا غبرات في أوعية ضيقة لا تسمن ولا تغني..فضلاً عن أن تُجعل حججاً تَدفع ويُدفع بها.
 
[align=center]فإن قلتَ: فما هو المنهج اللاحب المستنير في تفسير كلام العلي الكبير وكلام رسوله البشير النذير(؟)



قلتُ: الطريق الصحيحة التي لا بديل عنها في ذلك ،والتي لا يهتدي من يروم تفسير كلام الله وكلام رسوله بل وكل كلام =إلا بها(فيما يتعلق بضد نظرية ظاهر اللفظ هذه)..



هي: جمعُ الباب.



ومن نفيس كلام أهل الحديث: الباب إذا لم تجمع طرقه لم تتبين علله.



قلت: وليس هذا في الحديث فحسب بل في كل مسألة يُراد الوصول إلى حكم الله ورسوله فيها..

والبلية كل البلية ما تراه من عوام المشتغلين بالعلم يسمع أو يقرأ كلاماً في مسألة قد حوى حكماً قد بني على حجة أو حجتين ،ثم هو يقذف به في وجهك متبوعاً بتهم معلبة من جنس مخالفة السنة ومخالفة الدليل والإعراض عن الحجة..



وكل من رام تفسير كلام الله ورسوله فقد وجب عليه أن يجمع:



كل ما يتصل بالنص المراد تفسيره سواء كان هذا المتصل بالنص في:



1- القرآن.

2- السنة

3- كلام الصحابة والتابعين وأكابر أتباعهم .

4- تفسير الفقهاء إلى زمان الباحث ،ولكل قدره.

5- تفسير اللغويين إلى زمان الباحث ،ولكل قدره.

6- عمل المسلمين.



ثم يبدأ في تمحيص هذا الجمع بأول آلة وهي أن يرد من هذا الجمع كل مالم تثبت نسبته لقائله ،وآلة ذلك هي النقد الإسنادي والنقد المتني،بحيث لا يتعامل مع جزء من أجزاء المادة المجموعة إلا وهو ثابت النسبة صحيح النسب.



ثم يبدأ في تمحيص المادة الصحيحة التي بقيت له بأدوات النظر والاجتهاد وعمادها الخبرة بلسان العرب ولسان النبي وأساليب القرآن،مستنيراً مستضيئاً بتفسير الفقهاء وتفسير اللغوين وعمل المسلمين.



وفي تضاعيف ذلك أصول لابد من مراعاتها..



كتقديم تفسير الصحابة وفهمهم على غيرهم في الجملة.

وكتقديم تفسير الفقهاء على تفسير اللغويين في الجملة.



وأشياء أخر ليس هذا محلها..



ثم يصل الباحث بعد ذلك كله إلى غرض النبي (ص) ومراده بالنص...



من غير ضرب قوانين عن الظاهر كذا فلا يُخرج عنه إلا بدليل..



والأصل أنه أراد الوجوب فلا يُخرج عنه إلا بدليل...



إلى آخر هذا التألي الذي لا أساس له،ولا داعي له..



وبغير ما رأيتَ من جمع المادة والباب لا يهتدي أحد –إلا ما شاء الله-إلى الحق بطريق صحيح..



ثم لابد أن يوقن الباحث أن ما وصل إليه ما هو إلا نتيجة اجتهادية فلا يعدو بها رتبتها...



والله الهادي إلى سواء السبيل.
[/align]
 
الكلام مبتسر عن سياق مسألة ظاهر النص عند أصحابها، لأن علم الاستنباط علم ذو مسائل وأحد مسائلها الاستنباط من ظاهر النص، وهذا النوع من الاستنباط له أدواته منها السياق، ومنها ما ذكره الكاتب من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بالمأثور وتفسير القرآن باللغة، وهي المعروفة بطرق التفسير، فلم يأت بجديد سوى تسفيهه لعلماء أجلة أكدوا على مسألة تحكيم ظاهر النص خاصة لمن يستنبط بواطن دلالته باعتبار أدوات الاستنباط من دلالة النص الظاهرة كالزركشي والسيوطي وغيرهما.
ثم في الكلام اضطراب يحتاج لتحرير، مثلاً: يشكك بالمعاجم اللغوية - ولا أدري مدى اطلاعه عليها وبحثه فيها - ويقول: (4- لو كانت معاجم العربية –وهي عمدة القوم في معرفة معنى اللفظ في اللغة-تفصل فصلاً ظاهراً وتبين بياناً واضحاً معاني الألفاظ في لسان العرب قوم النبي ولا تخلطها بمعاني الألفاظ عند من بعدهم إلى ثلاثمائة عام أحياناً.
5- لو كانت معاجم العربية مصادر موثوقة بإطلاق لا يحتاج النظر فيها إلى اجتهاد خاص.
6- لو كانت معاجم العربية تعتمد كلها على النقل الذي لا رأي فيه.)
ثم يعتبر اللغة من أصول معرفة دلالة النص في الوقت الذي شكك بها، بل ويجعلها بعد كلام الفقهاء، والعجيب أن الفقهاء عمدتهم في بيان القرآن اللغة فيكون في كلامه دور يبطل أصل الكلام!! ثم ماالذي يجعل كلام الفقهاء مقدماً على كلام اللغويين، وأين الدليل في ذلك هل هو مجرد رأيه في المسألة، أو انتصاره للفقهاء أو رأيِ ما؟!
وحبذا لو يسعفنا الكاتب بتصحيح الفهم، لأن في كلامه مطبات كثيرة يصعب السير بوجودها.
 
بارك الله فيك...

1-
لأن علم الاستنباط علم ذو مسائل وأحد مسائلها الاستنباط من ظاهر النص، وهذا النوع من الاستنباط له أدواته منها السياق، ومنها ما ذكره الكاتب من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بالمأثور وتفسير القرآن باللغة، وهي المعروفة بطرق التفسير، فلم يأت بجديد سوى تسفيهه لعلماء أجلة أكدوا على مسألة تحكيم ظاهر النص خاصة لمن يستنبط بواطن دلالته باعتبار أدوات الاستنباط من دلالة النص الظاهرة كالزركشي والسيوطي وغيرهما.

ظاهر اللفظ إن أريد به نفس مراد المتكلم وتُوصل إليه بما ذكرتُ وذكرتَ فلا عيب ولا عتب..

وواقع الحال غير هذا ...

والذي يتبع ما ذكرتَه وذكرتُه لن ترى قط في كلامه هذه العبارة: وظاهر الآية العموم إلا أنها خُصت بكذا وكذا...

فهذه العبارة وأجناسها لا معنى لها أصلاً،ولا معنى ولا داعي لدراسة النص الواحد والحكم على ظاهره : ماهو(؟) ثم جعل هذا الظاهر حكماً وفيصلاً وحقاً يُتمسك به..

وإنما سبيل دراسة النصوص وتفسيرها ما ذكرتَ وذكرتُ..

2-
يشكك بالمعاجم اللغوية......ثم يعتبر اللغة من أصول معرفة دلالة النص في الوقت الذي شكك بها، بل ويجعلها بعد كلام الفقهاء، والعجيب أن الفقهاء عمدتهم في بيان القرآن اللغة فيكون في كلامه دور يبطل أصل الكلام!!

هذا أوقعك فيه عدم التثبت والروية في تأمل الكلام ؛فلسان العرب أصل يُرجع إليه في تفسير النصوص،والمعاجم هي إحدى سبل معرفة لسان العرب ..وما أوردناه إنما هو إلماحة إلى طريقة التعامل مع المعاجم وما يعتورها من نقص يجعلها غير موصلة دائماً إلى معرفة ما هو لسان العرب،وليس هذا تشكيكاً ولا دوراً..

مثال: الأحاديث النبوية إحدى سبل معرفة تفسير القرآن ..فحين يُنبه الباحث على أن هناك أحاديث ضعيفة،وعلى أن هناك من الأحاديث ما هو نص في تفسير الآية،ومنها ما إسقاطه على الآية محل نظر واجتهاد=فإنه حينها لا يكون مشككاً في الأحاديث ولا متناقضاً حين جعل الأحاديث مصدراً من مصادر التفسير..

3-
ثم ماالذي يجعل كلام الفقهاء مقدماً على كلام اللغويين، وأين الدليل في ذلك هل هو مجرد رأيه في المسألة، أو انتصاره للفقهاء أو رأيِ ما؟!

أما هذه فقد قال بها بعض أهل العلم وأنا موقن بصحة كلامهم فيها ولا علي ولا عليك إن اختلفنا فيها..

1- قال ابن تيمية: ((فالتأويل الثاني هو تفسير الكلام، وهو الكلام الذي يفسَّر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله، وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) يتأول القرآن( ). تعني قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك واستغفره )
" وقول سفيان بن عيينة: "السنة هي تأول الأمر والنهي.
فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به، ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر، والكلام خبر وأمر.
ولهذا يقول أبو عبيد وغيره: الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة. كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء،)).

2- قال ابن تيمية بعدها : ((لأن الفقهاء يعلمون نفس ما أمر به ونفس ما نهي عنه، لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعلم أتباع أبقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهم ما لا يعلم بمجرد اللغة)).

3-قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (2/398-399)
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : اشتمال الصماء عند العرب : أن يشمل الرجل بثوبه ، فيجلل به جسده كله ، ولا يرفع منه جانبا فيخرج منه يده ، وربما اضطبع فيه على تلك الحال .

قال : وأما تفسير الفقهاء ؛ فإنهم يقولون : هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من احد جانبيه ، فيضعه على منكبيه فيبدو منه فرجه .
قال أبو عبيد : والفقهاء أعلم بالتأويل في هذا ، وذلك اصح معنى في الكلام . انتهى .
وجعل الخطابي : اشتمال الصماء : أن يشتمل بثوب يجلل به بدنه، ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر .
فإن لم يرفعه على عاتقه فهو اشتمال اليهود الذي جاء النهي عنه في حديث ابن عمر ، وإنما كان النبي يشتمل بالثوب ويخالف بين طرفيه ، فهو مخالف لهما جميعا .


وهذا الذي قاله أبو عبيد في تقديم تفسير الفقهاء على تفسير أهل اللغة حسن جدا. ؛ فإن النَّبِيّ قَدْ يتكلم بكلام من كلام العرب يستعمله فِي معنى هُوَ أخص من استعمال العرب ، أو أعم مِنْهُ ، ويتلقى ذَلِكَ عَنْهُ حملة شريعته من الصَّحَابَة ، ثُمَّ يتلقاه عنهم التابعون ، ويتلقاه عنهم أئمة العلماء ، فلا يجوز تفسير ما ورد في الحديث المرفوع إلا بما قاله هؤلاء أئمة العلماء الذين تلقوا العلم عمن قبلهم ، ولا يجوز الإعراض عن ذلك والاعتماد على تفسير من يفسر ذلك اللفظ بمجرد ما يفهمه من لغة العرب ؛ وهذا أمر مهم جدا ، ومن أهمله وقع في تحريف كثير من نصوص السنة ، وحملها على غير محاملها . والله الموفق .
 
بارك الله بك على التوضيح، ولكن ينبغي تعيين مناط الخلاف بيننا في هذه القضية ودعني أبدأ من الأخير:
بالنسبة لتقديم كلام الفقهاء على كلام اللغويين والأمثلة التي ذكرتها صحيحة ولكن هذه ليست على إطلاقها وإنما يقدم كلام الفقهاء على اللغويين في تأويل الآيات عند التعارض والاختلاف، بمعنى آخر إن الأصوليين نصوا أنه إذا تعارض المعنى اللغوي مع المعنى الشرعي فإنه يقدم المعنى الشرعي على اللغوي، كلأمثلة التي ذكرتها وغيرها فهذه محلها، وليست على إطلاقها، ولكن الأصل هو تحكيم اللغة ولسان العرب.
وأما بالنسبة للمعاجم واللغة فإن الأصل فيها النقل والتدوين وهذا متوفر بالمعاجم واضطراب بعض الناس في التعامل معها لا يلغي العمل بمضمونها ولا ينقصه، ثم إن الله تعالى أنزل القرآن بلسان عربي وتكفل بحفظه ومن الأسباب التي هيأها الله تعالى لحفظ كتابه أن حفظ لسان العرب والسنة لأنهما أصل بيان القرآن الكريم، والقول أن المعاجم اللغوية لا توصل للسان العرب دعوى تحتاج لدليل وتثبت، وأما إن كان المراد بكلامك لنقص الطرق في التعامل مع المعاجم فهذا أيضاً غير مسلم به بل هي تهمة للمشتغلين الأفذاذ في مجال الاستنباط فالعبرة بهم، وأنت تعلم أن من طرق التفسير مثلاً : التفسير التحليلي، ومن طرق شرح السنة: الشرح التحليلي وفي هذه الطرق البيان اللغوي المفصل مع الإعراب والروايات والطرق والقراءات وما يتعلق بالاستنباط من مباحث الدلالة وطرق البيان.
وأما بالنسبة لظاهر النص: فتقول: (ظاهر اللفظ إن أريد به نفس مراد المتكلم وتُوصل إليه بما ذكرتُ وذكرتَ فلا عيب ولا عتب..وواقع الحال غير هذا ...).
ولكن يا أخي الكريم: هل تستطيع أنت أن تقول بعد اتباع ما ذكرته "منهج الاستنباط" بأن ما خرجت به من الدلالة هو نفس مراد الله تعالى؟!، فإن كان كذلك فلم الاختلاف في التفسير، إن ظاهر النص حجة على من يستنبط ما يخالف ذلك كما نص على ذلك الزركشي والسيوطي وغيرهما، فمن استدل مثلاً بقوله تعالى: (فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت) [المرسلات: 8، 9] على الثقوب السوداء نقول له هذا مخالف لظاهر النص لأن السياق عندما تقوم الساعة، ولأن معنى فرجت لغة: (انشقت) والثقب الأسود فجوة وليس فرجة، ولأن السماء هنا معهودة معروفة وتخصيصها بالنجم يحتاج لدليل ولا دليل، وبذلك حكمنا ظاهر النص على من يخطئ في الاستنباط.
ولذلك يا أخي إن الاستنباط ليس عملية سهلة بل هو مخاطرة عظيمة وقد قال مسروق رحمه الله (اتقوا التفسير فإنه الرواية عن الله تعالى)، والاستنباط اجتهاد بشري سواء من ظاهر النص أو من إحدى أنواع الدلالات المعتبرة، المذكورة في أصول الفقه والتخصيص لا يقبل بدون دليل، هذا هو الأصل والله أعلم.
 
بارك الله بك على التوضيح، ولكن ينبغي تعيين مناط الخلاف بيننا في هذه القضية ودعني أبدأ من الأخير:
بالنسبة لتقديم كلام الفقهاء على كلام اللغويين والأمثلة التي ذكرتها صحيحة ولكن هذه ليست على إطلاقها

الذي قلتُه أنا بحروفه:
وكتقديم تفسير الفقهاء على تفسير اللغويين في الجملة.

وليس في كلامي تقديم كلام الفقهاء على الإطلاق ..ومعنى في الجملة: أن الفقهاء أعلم بكلام النبي صلى الله عليه وسلم من اللغويين فتفسيرهم مظنة الصواب أما تقديم كلامهم مطلقاً فيقتضي أن تفسيرهم مئنة الصواب وهذا مالم أزعمه
..


وإنما يقدم كلام الفقهاء على اللغويين في تأويل الآيات عند التعارض والاختلاف، بمعنى آخر إن الأصوليين نصوا أنه إذا تعارض المعنى اللغوي مع المعنى الشرعي فإنه يقدم المعنى الشرعي على اللغوي، كلأمثلة التي ذكرتها وغيرها فهذه محلها، وليست على إطلاقها، ولكن الأصل هو تحكيم اللغة ولسان العرب.


هذه العبارة بالذات يا شيخ مرهف هي خير مثال على اختلاف المنهج الذي أعرضه عن المنهج الي عندك والذي عند الأصوليين ...

فهذه العبارة لا مكان لها في منهجي..

ولا مكان في منهجي لكلمة الأصل هذه قط...

وإثبات هذه الأصول إنما حدث بغير دليل ولا حجة..

وعلى هذه الأصول الاعتراضات التي ذكرتُها وغيرها ..

وأكبر هذه الاعتراضات: أنه مادمنا اتفقنا جميعاً على أن لسان النبي صلى الله عليه وسلم يفارق لسان قومه أحياناً ..سقط التعلق بها الأصل ووجب البحث والتحري في كل مسألة وكل نص على حدة=هل هذا النص مما وافق فيه النبي لسان قومه أم مما خالفهم فيه ،وأدوات هذا البحث هي التي ذكرتُها أنا في آخر مشاركة..

ونظرية الأصول التي يُتمسك بها هذه هي التي أسعى أنا إلى إبطالها.
.


وأما بالنسبة للمعاجم واللغة فإن الأصل فيها النقل والتدوين

تعبير الأصل هذا لا أحسنه التعامل معه ودعنا نستعمل تعبير الغالب ...وحينها أقول: إن الذي أعتقده وأعتقد ظهوره ظهوراً بيناً =هو أن الغالب على المعاجم هو الرأي لا النقل...وإذا أردتَ أن أُفرد هذه ببيان فعلتُ..

وهذا متوفر بالمعاجم واضطراب بعض الناس في التعامل معها لا يلغي العمل بمضمونها ولا ينقصه

لم يتكلم أحد عن الإلغاء ..أما النقص فهو موجود...وليست المعاجم بوسيلة تستطيع القيام وحدها بتفسير النصوص ومن هنا دخلها النقص..

، ثم إن الله تعالى أنزل القرآن بلسان عربي وتكفل بحفظه ومن الأسباب التي هيأها الله تعالى لحفظ كتابه أن حفظ لسان العرب والسنة لأنهما أصل بيان القرآن الكريم، والقول أن المعاجم اللغوية لا توصل للسان العرب دعوى تحتاج لدليل وتثبت،

الدليل قائم ..وبإمكان فضيلتك البحث بأواخر دوواوين الشعر عن الفهرس الذي يصنعه المحققون المجيدون للمفردات الموجودة بالديوان وخلت منها المعاجم..فما ظنك وغالب الدوواين لم يُصنع لها هذا الفهرس..

زد على ذلك أنه ليس لسان العرب وحده بالذي يقوم بتفسير النصوص
...

وأما بالنسبة لظاهر النص: فتقول: (ظاهر اللفظ إن أريد به نفس مراد المتكلم وتُوصل إليه بما ذكرتُ وذكرتَ فلا عيب ولا عتب..وواقع الحال غير هذا ...).
ولكن يا أخي الكريم: هل تستطيع أنت أن تقول بعد اتباع ما ذكرته "منهج الاستنباط" بأن ما خرجت به من الدلالة هو نفس مراد الله تعالى؟!

على سبيل القطع=يقل هذا...

ولكني أستطيع القول بأني اتبعتُ السبيل الصحيحة للوصول لهذا ...أما السبيل التي أبطلتُ =فسبيل محفوفة بالخطأ ...

وأكبر أجر المجتهد المخطئ إنما يكون ؛لسلوكه طريقاً صحيحة ..وإن لم يأذن الله له بالهداية..


..


إن ظاهر النص حجة على من يستنبط ما يخالف ذلك كما نص على ذلك الزركشي والسيوطي وغيرهما، فمن استدل مثلاً بقوله تعالى: (فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت) [المرسلات: 8، 9] على الثقوب السوداء نقول له هذا مخالف لظاهر النص لأن السياق عندما تقوم الساعة، ولأن معنى فرجت لغة: (انشقت) والثقب الأسود فجوة وليس فرجة، ولأن السماء هنا معهودة معروفة وتخصيصها بالنجم يحتاج لدليل ولا دليل، وبذلك حكمنا ظاهر النص على من يخطئ في الاستنباط.

الذي سميتَه أنت هنا : ظاهر النص هو مجموع مركب من قرائن شتى احتفت بالنص وليس هذا هو مراد الأصوليين دائماً بظاهر النص..

.


1- ظاهر النص هو ما يتبادر إلى فهم السامع من كلام المتكلم (باطل).

2-ظاهر اللفظ هو ما يقتضيه اللفظ وفقاً لأصل الوضع اللغوي (باطل).

وهم يوجبون عليك التمسك بهذا الظاهر مالم يأتَك دليل صارف فإن أتى جاز أن يكون مراد المتكلم خلاف الظاهر...

3-ظاهر اللفظ هو نفس مراد المتكلم بكلامه (صواب).

وسبيل الوصول إلى هذا الصواب هو الطريق الذي وصفتُ،ولا مكان في هذا الطريق للتمسك بأشياء نعلم أنها قد لا تكون هي مراد المتكلم
..
 
مع تقديري لما سطره الكاتب لي ملحوظات يسيرة ليته يتم التنبه لها :
1- تقطيع أوصال الموضوع ، فبدل الكتابة التامة للفكرة وضوابطها حتى تناقش بعد معرفة رأي الكاتب كله . ولو حرر مقالته تامة ثم أوردها لكان أولى برأي .
2- نبرة التعالي الظاهرة في المقالة وغيرها من مشاركات حبيبنا أبي فهر . وقد سبق لي أن نبهتُ على هذا وسأكرر التنبيه كلما أمكنني ذلك . وأعلمُ أن هذا تأثر بأسلوب محمود محمد شاكر رحمه الله وغفر له فقد قلده كثيرون في أشياء كثيرة .
3- المبالغة في استعمال عبارات رنانة موحية ليست دقيقة لو تأملتها. مثل قوله (والحال : أن كل هؤلاء لم يسلكوا الطريق الحقة في تفسير كلام المتكلم أصلاً وليس معهم من العلم إلا غبرات في أوعية ضيقة لا تسمن ولا تغني..فضلاً عن أن تُجعل حججاً تَدفع ويُدفع بها.)
فما أسهل أن أصف كلامك بمثل هذا . ولكن لو تلطفت في العبارة التي تعبر بها وتركت عنك احتذاء أساليب الآخرين حتى تحسن التعبير عن مرادك لكان أنفع لك ولنا . ولاستطعنا أن نتناقش معاً حول القضية العلمية بهدوء وروية . فإن انتزاع العبارات والاصطلاحات الشائعة في كتب العلماء وإسقاطها لا يكون بمثل هذه النقدات المبعثرة ودمتم سالمين .
 
[align=center]الفاضل الكشاف..

تعلم -هديت للخير-أن أسلوب المرء قطعة من نفسه ،يتغير بتغيره،وينمو بنموه...وكثير مما تُنكر علي من الأساليب هو لساني الذي لا أعرف غيره ..ويعلم الله أني لا أتخير بين الأساليب أو حتى أقرأ المشاركة قبل رفعها...وهذا عيب في ولاشك..ولكني رجل مشغول جداً..لستُ متفرغاً للطلب...وأعمل بالتجارة..والتجارة أكلة الوقت وأرضة الأيام..وأنا لا أُعلي شأن ما أكتب على المنتديات فضلاً عن أتعالى فيه أو به..

الحق أقول لك: أنا أتخذ هذه المنتديات متنفساً ألقي فيه بما في رأسي أطلب شيئين:

الأول: إخراجه من رأسي كي لا يتوه في زحمة العمل ومشاغل الحياة..

الثاني: أطلب وجوه النقد لما أكتب..ورب نقد يكتبه صاحبه وأدفعه في وجهه حتى يظن كل الظن أني لم أقبله..ثم هو يدور معي فأقبل منه بعد حين..

وأصل ذلك أن من الناس من لايرضى أن يعرض على الشبكة إلا ما يطمئن إليه بصورة نهائية كأنه في كتاب يُنشر على الناس..

ومنهم من يصنع كصنعي فيكتب بصورة صحافية كالتي أكتب بها وبكلمات مختزلة يعرض فيها الفكرة مكثفة من غير نقل ولا تدليل ضناً بالوقت ؛لينتفع بما يُكتب قبولاً ورفضاً=حتى إذا أخرج ما يكتب على الناس في كتاب يكون قد استفرغ معرفة وجهات النظر المخالفة فلا يأتيه من الاعتراضات ماليس به خبير...


فجل ما أكتب على الشبكة إنما هو من باب تهيئة الرأي الفطير..وقد كتبتُ عن هذا من قبل.

أما نبرة القناعة التامة بالرأي-لا التعالي والله يشهد-فأرى أنه لابد منها ومن الانتهاض بها استخراجاً لكل الاعتراضات التي في نفوس القراء لعل فيها ما يهدي ولو بعد حين...بل لعل التعالي هي النبرة التي خوطبتُ أنا بها هنا حتى اشتكيت للشيخ مساعد الطيار هاتفياً منها...

والأمر أولاً وأخيراً =اختلاف أساليب ولا يتحد ذلك إلا إذا اتحدت النفوس..وإذا علم حسن القصد بطل سوء الظن
..
[/align]
 
[align=center]رد في موقع آخر..

بارك الله فيكم جميعاً...



وأشكر لكم جميعاً مداراستكم النافعة..



وأجيبكم جميعاً في سياق واحد بإعادة تصوير المسألة فأقول:



الفاضل الدمشقي...



جواب الأولى والثانية واحد..فهذا التعريف الذي تراه هو معنى كلام (الشيخ) وهو ابن تيمية....



وأصل كلامه في ((منهاج السنة))..وتكلم هناك على أن ظاهر اللفظ يطلق ويُراد به معنى اللفظ الذي أراده منه المتكلم ،وحينها فإن هذا المعنى -في كلام الله-لم ولن يتعارض مع السنة لأن الكل من عند الله..



ويُطلق ويُراد به ما فهمه السامع من الكلام ..وهذا قد يتعارض مع السنة لسوء فهم السامع لا للعيب الذي في كلام المتكلم...



وقد يكون ما فهمه السامع هو عين مراد المتكلم وحينها يلتقي المفهومان...



ونظرية ظاهر اللفظ هذه نظرية كبيرة جداً ...ومصطلح (ظاهر اللفظ) هو أو سع وأشمل من مصطلح (الظاهر) الذي يُذكر في مراتب الدلالات..وبينهما مواضع التقاء..وضد الظاهر الذي في مراتب الدلالات :المؤول..وضد الظاهر الذي معنا: الباطن



وظاهر اللفظ -بمعنى ما يفهمه السامع- هو: (( هُوَ مَا يَسْبِقُ إلَى الْعَقْلِ السَّلِيمِ مِنْهُ لِمَنْ يَفْهَمُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ ظُهُورُهُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ وَقَدْ يَكُونُ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ)).



وهذا من تعريفات الشيخ أيضاً...



وأنت ترى أن هذا التعريف يستوي فيه النص والظاهر(اللذان في مراتب الدلالات)..



فكلاهما يسبق إلى سامعهما فيه فهم..

والفرق بينهما..



أنه في النص لن يحتمل النص سوى هذا المعنى الذي سبق للفهم: ((تلك عشرة كاملة))..



أما في الظاهر ..فقد يحتمل معنى آخر يُذهب إليه بدليل فيكون اسمه حينها (المؤول))..ولا يعود النص حينها ظاهراً...وقد يبقى على هذا المعنى فلا يُذهب عنه ويبقى له اسم: ((الظاهر))...



الآن: أين موضع الجناية(؟؟؟)



موضعها تلقاه أينما يممت وجهك في كتب العقائد والتفسير وشروح الحديث بل وكتب اللغة وأصول الفقه(بعد عصر الآئمة وظهور نظرية المجاز واختلاط بدع الأشاعرة ببدع المعتزلة وتصنيف الفريقين في العلوم يدسون ضلالهم في تضاعيف هذا التصنيف)...



صارت النصوص تُفسر وفقاً للآلية التالية..



1- يُقبل العالم بوجهه على النص فيتبادر إلى فهمه منه مراد معين..

2- يتحكم في هذا المتبادر عوامل شتى أهمها: الوضع اللغوي الأول للألفاظ-كما يرون- ،والسياق،وخلفية العالم العلميةومدى استحضاره للجزئيات العلمية المتعلقة بهذا النص من أدلة أخرى أو تفسيرات مسبقة قرأها وتلقاها لهذا النص..

3- وبما إن التنبه لدلالة السياق واستحضار تلك الخلفية العلمية أو حتى وجودها من الأساس شئ يتفاوت فيه الناس=فقد كان المهيمن الأول على هذا المتبادر والذي يُسعى إليه للتقويم هو الوضع اللغوي الأول..

4- وصار القانون الأصولي على هذا النهج: المتبادر للفهم وفقاً للوضع اللغوي (متضمناً الحقائق الأربع عند من يرى أنها حقائق لا مجازات) هو ظاهر اللفظ..

5- فإن لم يحتمل النص معنى غيره كان: ((النص))(عند من يفرق بين النص والظاهرعلى طريقة المتكلمين..وللأحناف طريقة أخرى في التفريق بين النص والظاهر)..

6- فإن احتمل معاني أُخر (سمي الظاهر)ووجب التمسك بهذا الظاهر فلا يُزال عنه إلا بقرينة..

7- وحينها يُعد من القرائن: السياق،والأدلة الخارجية من القرآن والسنة..و...و...

8- فإن قام الدليل على صرف هذا النص عن ظاهره سمي النص(مؤول)وسميت هذه العملية(التأويل)..



الآن وقد اتضحت هذه الآلية..فأنا أسلم أنه صارت عليها القرون من بعد عصر الآئمة إلى زماننا هذا..وكان عليها أغلب العلماء...



ثم أجد في نفسي القوة لأزعم أنها طريقة باطلة في تفسير النصوص..



ثم أجد في نفسي القوة لأزعم أن أحداً من السلف الصالح،القرون المفضلة،الصحابة والتابعون وأتباعهم،بل وعصر الأئمة=لم يسر عليها أو يستعملها..

ولأن الباطل لا يكاد يأتي صريحاً قط بل لابد له من التسربل ببعض سرابيل الحق فقد اشتبهت هذه الطريقة على الناس وظنوها صحيحة قويمة..

وأعظم ما لبس به لتصحيحها هو عربية القرآن كما ذكرتُ..



وليست عربية القرآن بما ينفع التمسك به هنا ..فلا شك أن القرآن عربي وأن سنن العرب في كلامها مما يُنتفع به في فهم مراد الله ومراد الرسول..ولكنهم إنما أخذوا من كلام العرب شيئاً واحداً سموه: الوضع اللغوي الأول..وجعلوه هو ظاهر اللفظ الذي لا يُخرج عنه إلا بدليل...فمن أين لهم إثبات الوضع اللغوي (؟) ومن أين لهم أن هذا المعنى بعينه هو الوضع الأول(؟؟)ومن أين لهم أن الله تبارك وتعالى أراد هذا المعنى بعينه (؟؟)ومن أين لهم أن النبي () لم يخرج عن لسان العرب في هذا اللفظ بالذات إلى لسانه هو الذي يُفارق لسانهم أحياناً... واسأل ما شئت بعد ذلك فلا جواب عندهم..



وكان الواجب والطريق الصحيحة فيما نزعم أنه مادام ثبت أن اللفظ العربي يستعمل في عدة معاني وأن لسان النبي () قد يُفارق لسان قومه إلى لسان جديد أوجده الشرع=وجب عندها أن يُقف فلا يُقال أراد معنى من المعاني إلا بدليل ..



أما أن يُستند إلى مجرد الوضع اللغوي فبيقال: أراد كذا فلا يُصرف عنه إلا بدليل فهذا هو التألي بعينه فيما نرى..



ثم هذه الطريقة أصلاً لا فائدة منها ..فكثير من نصوص الشرع لا يُستطاع التعامل مع نص فيها بمفرده و لا تفسر على وجهها إلا إذا جمعت مع غيرها...فما فائدة التمسك بهذا الظاهر أصلاً (؟؟!!)



وإذاً فنحن نثبت من كلام هؤلاء حقاً نوافقهم فيه وننفي منه باطلاً نخالفهم فيه..



أما الحق الذي نُثبته فهو:

((خاطب الله بكتابه العربَ بلسانها على ما تَعْرِف مِن معانيها وكان مما تعرف من معانيها : اتساعُ لسانها وأنَّ فِطْرَتَه أنْ يخاطِبَ بالشيء منه عامًّا ظاهِرًا يُراد به العام الظاهر ويُسْتغنى بأوَّل هذا منه عن آخِرِه . وعاماً ظاهراً يراد به العام ويَدْخُلُه الخاصُّ فيُسْتَدلُّ على هذا ببَعْض ما خوطِبَ به فيه وعاماً ظاهراً يُراد به الخاص . وظاهراً يُعْرَف في سِياقه أنَّه يُراد به غيرُ ظاهره . فكلُّ هذا موجود عِلْمُه في أول الكلام أوْ وَسَطِهِ أو آخِرَه

وتَبْتَدِئ الشيءَ من كلامها يُبَيِّنُ أوَّلُ لفظها فيه عن آخره . وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظِها منه عن أوَّلِهِ

وتكلَّمُ بالشيء تُعَرِّفُه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ كما تعرِّف الإشارةُ ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها لانفراد أهل علمها به دون أهل جَهَالتها

وتسمِّي الشيءَ الواحد بالأسماء الكثيرة وتُسمي بالاسم الواحد المعانيَ الكثيرة.. ))



وأما الذي ننفيه:



1- أن يُجعل بعض هذا هو الوضع اللغوي الأول وبعضه مجاز خرج إليه بقرينة.

2- وأن يُجعل هذا المتبادر أصلاً يصلح للتمسك به فلا يُخرج عنه إلا بدليل..

3- وإطلاق القول بإنه ظاهر اللفظ..



فهذا المتبادر يتفاوت تفاوتاً كبيراً بتفاوت الناظر وعقله وعلمه ..ولفظ الظاهر على هذا لفظ مجمل جداً ..فالشافعي وغيره من أهل العلم استعملوه وأرادوا أنه الذي يسبق إلى فهم السامع ولم يجاوزوا به هذا القدر..أما المتأخرون فأكسبوه أحكاماً من صلاحيته للتمسك به وألا يخرج عنه إلا بدليل ..كل ذلك قاد إلى اشتباهه بلفظ الظاهر الذي هو ما يصل إليه الناظر في تفسير النصوص بعد جمع أدلة الباب جميعاً..والذي هو عند مفسر النصوص : مراد الله ورسوله بالنص..



خلاصة:



السلف استعملوا لفظ الظاهر وأرادوا به معنيين:



الأول: ما يتبادر إلى فهم الناظر للنص (ويتحكم في هذا المتبادر عوامل شتى)..ولم يعطوا لهذا الظاهر أي نوع من الأحكام..فلم يجعلوه هو الراجح..ولم يجيزوا التمسك به إلا من بابة واحدة هي: قد أحسن من انتهى إلى ماقد سمع وأوجبوا عليه البحث والنظر وطلب العلم بجمع أدلة الباب وسؤال أهل الذكر لتقويم هذا المتبادر..ولا يستجيز السلف أن يُطلق القول بأن هذا المتبادر هو ظاهر كلام الله..بحيث يجعل هذا الباطل والضلال(الذي قد يكون هو المعنى المتبادر أحياناً) هو ظاهر كلام الله..



الثاني: ما يصل إليه الناظر في تفسير النصوص بعد جمع الباب كما أوضحنا..وهذا قد أجاز السلف التمسك به وعدم الخروج عنه إلا ببينة ..وإذا ظهرت هذه البينة فإنما تفيد تقصير هذا الباحث في الجمع لا غير..وإنما أجازوا التمسك بهذا الظاهر ولم يجيزوا التمسك بالأول..لأن الظاهر الأول هو بادي الرأي لا غير..في كثير من الموارد لا يكون هو مراد الله..أما الظاهر الثاني فقد اجتهد صاحبه واستفرغ وسعه في معرفة مراد الله بما يكون مظنة الإصابة ويكون صاحبه قد استمسك على علم عنده قد استفرغ الوسع فيه..



ولا يوجد في كلام السلف جميعاً التأويل بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره ..لأن المعتبر عندهم هو جمع أدلة الباب فغاية من تأتيه بينة تصرفه عن الظاهر الذي تمسك به=أنه قد أخطأ في تفسير(تأويل) النص لتقصيره في الجمع..وعملية الجمع هذه المؤدية للوصول لمراد الله هي التأويل والتفسير..



أما الخلف..



فأطلقوا ظاهر اللفظ وأرادوا به ما يتبادر إلى فهم السامع (وجعلوا القانون الحاكم لهذا المتبادر الوضع اللغوي الأول) فكانت المخالفة الأولى للسلف..



وأجازوا التمسك بهذا الظاهروجعلوه هو الراجح بمجرد كونه المتبادر،وبعضهم أجاز هذا التمسك بغير بحث مطلقاً..فكانت المخالفة الثانية للسلف..



ثم إن أتى صارف يصرف عن هذا الظاهر الراجح المتمسك به سموه تأويلاً فأجازوا الذهاب للمعنى الذي جعلوه مرجوحاً ..وجعلوا هذا الذي انصرف مع الصارف قد انصرف من علم إلى علم..وهذه المخالفة الثالثة للسلف..



وأجاز بعضهم أن يسمى هذا الذي تُرك وذُهب عنه ظاهر اللفظ مطلقاً..وهذه مخالفة للسلف..



واجاز بعضهم أن يكون ظاهر اللفظ وظاهر كلام الله كفر وضلال ..وأن يكون الله قد خاطب عباده بكلام ظاهره العذاب..وأن الهداية نكون في الخروج عن ظاهر كلام الله..وهذه مخالفة للسلف..



وكل ذلك أوقعهم فيه:

1- الإجمال في إطلاق ظاهر اللفظ..

2- وجعل المتبادر إلى ذهن وفق مقتضى الوضع اللغوي حق يصلح للتمسك به.

3- وغفلتهم عن أن التفسير الحق للنصوص لا تكون طريقة ظاهر اللفظ هذه سبيله وإنما غايتها أن تكون خطوة تصيب المتلقي أول سماع النص ثم واجبه بعدها البحث عن تفسيره على الطريقة التي وصفنا..

ولا تناقض في الطريقة التي وصفنا..فلسان العرب فيها هو أحد روافد التفسير ..وعندهم هو حق يصلح للتمسك به بمفرده حتى يأتى غيره ...



وأختم بهذا النص من كلام الشيخ:







وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُقَدِّرَ قَدْرَ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ بَلْ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَّا عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ فِي كَلَامِ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَتَأَوَّلُ النُّصُوصَ الْمُخَالِفَةَ لِقَوْلِهِ ؛ يَسْلُكُ مَسْلَكَ مَنْ يَجْعَلُ " التَّأْوِيلَ " كَأَنَّهُ ذَكَرَ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ وَقَصْدُهُ بِهِ دَفْعُ ذَلِكَ الْمُحْتَجِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ النَّصِّ وَهَذَا خَطَأٌ ؛ بَلْ جَمِيعُ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ . فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَنَكْفُرَ بِبَعْضِ ، وَلَيْسَ الِاعْتِنَاءُ بِمُرَادِهِ فِي أَحَدِ النَّصَّيْنِ دُونَ الْآخَرِ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ ، فَإِذَا كَانَ النَّصُّ الَّذِي وَافَقَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ اتَّبَعَ فِيهِ مُرَادَ الرَّسُولِ ؛ فَكَذَلِكَ النَّصُّ الْآخَرُ الَّذِي تَأَوَّلَهُ فَيَكُونُ أَصْلُ مَقْصُودِهِ مَعْرِفَةَ مَا أَرَادَهُ الرَّسُولُ بِكَلَامِهِ ؛ وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرٍ وَتَأْوِيلٍ )).
[/align]
 
عودة
أعلى