جمال البنا ... ومنهجه في التفسير (1)

إنضم
09/03/2006
المشاركات
77
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
استجابة لطلب شيخنا عبد الرحمن الشهري في نشر بحوث دراسة الماجستير وغيرها ... أنشر بحثا عن جمال البنا ومنهجه في التفسير ، وهو بحث يقع في (60) صفحة أنقل لكم القسم الأول منه طلبا للنقد والتصحيح ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد ،،،
فلقد كان متناولا عند المسلمين منذ القدم ، مقولتهم المشهورة " إن من نعمة الله أن جعلنا مسلمين " وهي مقولة صحيحة يقينية ، لكن يضاف لها اليوم في رأيي " وأن جعلنا من أهل السنة والجماعة " لأنها الطائفة التي صحت الآثار في نصرتها وبقائها ، ومخالفة المخالفين لها ، بل زادت النعمة بقوله صلى الله عليه وسلم " لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم " وهي رواية تبعث الأمل في روح المؤمن من هذه الفرقة الناجية أن دين الله لن يتضرر بتحريف المحرفين ، وفي نفس الوقت يوجد معنى ضمني للحديث يحث أصحاب هذه الطائفة على الرد على كل من خالف ، وأن الراد بإذن الله منصور ، مؤيد بالحجة ، وأيضا لا يهيبنّه حجة الخصم فهي كبيت العنكبوت ، " وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت " أو " كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا " .
وقد تعددت مشارب تلك الفرق المخالفة ومصادرها ، فمن ذلك تأخير الاحتجاج بكتاب الله ، أو هجر السنة النبوية ، وعدم الاعتداد بإجماع العلماء ، وتحريف القياس عن موطنه الصحيح ، وتقديم العقل على ذلك كله ، وأدهى من ذلك وأمرّ تحكيم النص إلى العقل ليتولى العقل البشري الناقص النظر في الخصومة ، والبت في القضية .
ومن رجالات هذه المدرسة في زماننا الدكتور / جمال البنّا ، وحيث أن مادة اتجاهات التفسير من المواد المقررة في دراستي للماجستير ، وطلب منا مدرس المادة ـ وفقه الله ـ بحثاً حول المناهج العصرية المخالفة في التفسير ، حثاً لنا على التدرب ، وتربية لنا على حماية المنهج السلفي ، وتوسيعاً لمداركنا على ما يدور من حولنا من توجهات لا يحسن بطالب العلم الجهل بها ؛ فاخترت أن يكون بحثي في " جمال البنّا ومنهجه في التفسير " لا ، لأنه قدم منهجا يستحق الدراسة والنظر ، وطريقة علمية في علم التفسير يحتذى حذوها ، بل لأنه رمز لمدرسة مخالفة للمنهج الصحيح ، وقسمت البحث إلى ما يلي :
المبحث الأول :
التعريف بالدكتور / جمال البنّا .
المبحث الثاني :
دراسة مختصرة لمواضيع كتبه ورسائله فيما يخص التفسير منها .
المبحث الثالث :
أمثلة من تفسيره للآيات .
المبحث الرابع :
الركائز التي قام عليها منهجه في التفسير .
وقد جعلت الردود على مخالفاته تعقيبا بعد نقلي لقوله ، ولم استطرد في الردود ؛ بل أكتفي بالإشارة الموجزة لبيان تناقضه ، واضطراب منهجه ، لأن القصد الأول من البحث بيان منهجه ، ومناقضته لمنهج أهل السنة ولطريق أهل العلم .
ولنعلم في خاتمة المقدمة أن الرد على الأقوال المخالفة منهج لسلفنا منذ القدم ، ويزداد التأكيد على الرد إن عظمت المخالفة ، فما بالك إذا كان منهجا جديداً على الأمة ، يستغل باب التجديد في الفقه ، ويمتطي التيسير على الناس ، وهي كلمات " التجديد ـ التيسير " يستعملها من يستعملها لأنها أكثر فوضوية ، وأوسع دلالة من غيرها من الكلمات .
كما لا يفوتني أن أشكر شيخنا الدكتور / أحمد عقيل على تكليفه لنا بهذه البحوث التي جنيت من ورائها شخصياً كل خير ؛ من سعة الإطلاع ، ومعرفة المناهج ، إضافة إلى الفائدة الكبرى في ظني وهي زيادة يقيني بمنهج أهل السنة والجماعة وتكامله ، وأنه المنهج الذي يتوافق مع صحيح العقل .
أسأل الله التوفيق والسداد في أقوالنا ، وأعمالنا ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ، وأن يجنبنا النفاق والرياء ، وأن يرينا الحق حقا ، ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ، ويرزقنا اجتنابه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
المبحث الأول
التعريف بالدكتور / جمال البنّا
هو جمال البنا الساعاتي ، الأخ الأصغر لحسن البنا رحمه الله وعفا عنه ، يصنف على أنه كاتب ومفكر إسلامي ، من دعاة التجديد ، ألف العديد من الكتب ، والمقالات ، التي تبنى فيها منهجه في التجديد على حسب زعمه ، يصل عددها إلى "108" ما بين كتاب ومقال ومنها :
1ـ التعددية في المجتمع إسلامي .
2ـ الجهاد .
3ـ تفسير القرآن الكريم بين القدامى والمحدثين .
4ـ تثوير القرآن .
5ـ الإسلام دين وأمة وليس دينا ودولة .
6ـ موقف الإسلام من العلمانية . القومية . الاشتراكية .
7 ـ رسالة الإسلام .
8 ـ أخت الصلاة المهجورة .
9 ـ الحجاب .
10 ـ نحن ودعوتنا .
11 ـ لست عليهم بمسيطر قضية الحرية في الإسلام .
12 ـ العودة إلى القرآن .
13 ـ الدعوات الإسلامية المعاصرة مالها وما عليها .
14 ـ إستراتيجية الدعوة الإسلامية في القرن 21 .
15 ـ لا حرج قضية التيسير في الإسلام .
16 ـ إخواني الأقباط .
17 ـ تجديد الإسلام وإعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية .
18 ـ الإسلام وحرية الفكر .
19 ـ ختان البنات .
20 ـ نحو فقه جديد .
21 ـ المرأة المسلمة .
وغير ذلك من الكتب الكثيرة .
المبحث الثاني
دراسة مختصرة لمواضيع كتبه ورسائله
يتقرر في منهج أهل السنة والجماعة أنه لا يخلو الإنسان من هفوات ، وزلات تربطه بأصله البشري والذي كتب الله عليه عدم الكمال ، ولهذا من الفوائد التربوية مالا يخفى ، ولعل من أهمها في وجهة نظري حتى يبقى العبد مرتبطا بالله ، لا يتطرق إليه عجب ، ويعرف قدر نفسه ، وأنه فقير محتاج إلى إعانة ربه وسداده .
لكن من كمال منهج أهل السنة والجماعة أنهم يَزنون التعامل مع هذه الأخطاء ، ويفرقون بين الزّلة ، والزلات ، والداعية إلى زلته وبدعته ، وغير الداعي ، إضافة إلى أن درجة الخطأ تختلف من باب إلى آخر في تفصيلات تطول .
وحتى لا يُظن أنني في هذا البحث أبحث عن زلات مسلم من المسلمين ، وتفخيمها ، فإني سأذكر بعضاً من مواضيع الدكتور التي ذكرها في كتبه ، حتى أصل بالقارئ إلى أنني أمام فكر جديد ، مختلف تماما عن منهج أهل السنة ، ولا يَعترف بالسابقين ، بل تعدى إلى مرحلة أخطر وهي الطعن بهم ، فلا تعجب إذا سمعته يقول عن كتب التفاسير عموما ويطالب : " بصرف النظر عن الاحتجاج بالتفاسير ونرى أنها جنت جناية عظمى على القرآن لأنها صرفت الناس عن مطالعة النص أو الاستماع إليه وما يجديه ذلك من هداية " ا.هـ .
وقال عن الجهاد في رسالته الجهاد : " وهي ترى أن الجهاد كان في الماضي والحاضر من أكبر الموضوعات التي أسيء فهمها " ا.هـ .
فأنا في بحثي أمام إنسان لم يبق لنا من معالم ديننا شيء ، فمعاني القرآن يصرفها إلى ما يريد من غير تقيد بتفسير من أحد كائنا ما كان ، والسنة في نظره كلام عادي ليس كلها لها اعتبار التشريعية ، والإجماع ليس له وجود في قاموسه ، والعلماء استخدمهم الحكام في تسيير دولهم ، وظلموا أنفسهم ، والأمة بقيت في مراتع الجهل ، وضياع الدين استمر قرونا طويلة ، وسأذكر الآن بعض مواضيع رسائله وسأتناول ما يخص بحثي فيما يتعلق حول القرآن والتفسير ، فمن ذلك :
الرسالة الأولى : تفسير القرآن الكريم بين القدامى والمحدثين .تتلخص الرسالة فيما يلي :
1ـ قسم التفاسير إلى ثلاثة :
أ ـ المفسرون اللغويون .
ب ـ المفسرون المذهبيون .
ج ـ المفسرون الإخباريون ورواة الأخبار .
ثم أخذ من كل فئة شواذَها ، وأكثر من الكلام على الإخباريين ورواة الأخبار والآثار ، حيث دخلت عليهم الإسرائليات ، ولم يميزوها ، وهذا دليل عنده على أنهم اعتمدوا في تفاسيرهم على أهل الكتاب !! ولذلك ينبغي ترك تفاسيرهم وعدم الاعتماد عليها .
2ـ تكلم على بعض التفاسير الحديثة مثل " المنار ، والتحرير والتنوير ، وتفسير الشعراوي " وغيرها وجعل محاولة المنار والتحرير من المحاولات التي فيها شيء من التجديد .
ثم ختم بقوله : " والمطلوب لآن .. المطلوب إعادته إلى طبيعته الثورية التحريرية الأولى ، والخطوة الأولى هي إزالة هذه الغشاوات كل الغشاوات التي أضيفت عليه ، بالتفسير والمفاهيم اللاهوتية بحيث يعود القرآن كما أنزل على محمد " ا.هـ
الرسالة الثانية : تفنيد دعوى النسخ في القرآن الكريم
تتلخص الرسالة فيما يلي :
1 ـ جمع الآيات التي ذكرت في كتب التفسير على أنها من قبيل النسخ .
2ـ ذكر أدلة من يقول بالنسخ .
3ـ ذكر بعض الآيات التي فيها نسخ ثم رد عليها ، ووجهها ، ومن بين توجيهاته ما يكون حسنا ، ومنه ما يكون تكلفا .
4 ـ بيّن سبب رواج النسخ في عهد السلف فقال : " وراجت تلك الأحاديث لسذاجة الأفهام خاصة وأن المحدثين ما كانوا يسألون عن السند قبل فتنة عثمان " ا.هـ
ولأن من بين تلك الروايات روايات عن الصحابة ، وهي صحيحة السند ، فقال عنها : " فلا قيمة لها لأن الصحابة والتابعين ليسوا ملائكة معصومين " ا.هـ
الرسالة الثالثة : تثوير القرآن
وتتلخص الرسالة بما يلي :
1 ـ تحدث بشكل موجز عن الثورات ، وعوامل نجاحها .
2ـ تحدث عن ثورة القرآن على أوضاع الجاهلية .
3 ـ تحدث عن خمود هذه الثورة القرآنية عما كانت عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرجع السب إلى ثلاثة عوامل :
أ ـ تفسير القرآن تفسيرا يجعله كتاب قصص .
ب ـ إيثار المنهج التقليدي النقلي على المنهج التحريري القرآني ، وتسخير السنة لتبرير ذلك .
ج ـ إفحام مضامين لا هوتية أفسدت عقيدة الله وشقت وحدة الأمة ، وهو يشير إلى آيات الصفات .
4 ـ تكلم عن كل واحدة من هذه الأسباب ، وذكر في كل واحدة ما سبق ذكره في كتبه حتى يكاد يكون أحيانا منقولا بكامله من كتابه الآخر .
5 ـ ثم تحدث عن كيفية تثوير القرآن ، فقال : " ولكي نحقق تثوير القرآن لا بد من القيام بعمليتين :
أ ـ إزالة الغشاوات التي أهالها الأسلاف أكداسا على القرآن الكريم .
ب ـ تقديم تصور لما يكون عليه الفهم السليم للقرآن .
ثم قال : " وهذه التفاسير التي تحمل أسماء مقدسة ، إن لم تكن موثنة ، مثل ابن جرير الطبري ، وابن كثير ، والقرطبي ، والزمخشري ، تعد قدس الأقداس ، وهناك عشرات الألوف من الشباب السذج المتحمس الذي يفضل الموت الزؤام على المساس بها ، ووراءهم الأئمة الأعلام الذين لا يترددون في الإفتاء بتكفير من يريد الخلاص من هذه التفاسير أو يرون في هذا مؤامرة على الإسلام " ا.هـ
هذه بعض مواضيعه في بعض رسائله ، أما سائر أفكار التجديد المزعوم ، والقضاء على ثوابت الأمة ، وأركان الدين ، وأساس المنهج السلفي فتقوم عليها سائر كتبه .
المبحث الثالث
أمثلة من تفسيره للآيات .من يطالع كتبه يجد فيها بعض التفسيرات ، التي لم يسبق إليها ، وشيء بدهي على أصحاب توجه التجديد أنهم لا يعتمدون على السابقين فضلا عن أصحاب التوجه السلفي ، وسأنقل بعضا من تفسيراته ، غير أني سأقسمها إلى مطلبين :
المطلب الأول : أمثلة من تفسيره لآيات من القرآن .
المطلب الثاني : أمثلة من تفسيره لبعض قضايا القرآن .
المطلب الأول
أمثلة من تفسيره لآيات من القرآن
حشد الدكتور في كتبه كثيرا من الآيات التي قام بتفسيرها ، خاصة تلك الآيات التي تتوافق مع هواه في تمرير الفكر التجديدي ، والاستعانة بعمومات القرآن ، ومن ذلك :
المثال الأول :
قال : " بل إن الله تعالى نفى الإكراه من عالم الدين كله ، (..لا إكراه في الدين ..قد تبين الرشد من الغي ...) البقرة 256 " ا.هـ
قال الباحث : ففسر الآية الكريمة بأن الله نفى الإكراه على الدين ، ولذلك يجوز التعددية الدينية في المجتمع المسلم ، فيجوز على رأي الدكتور أن يكون في المجتمع المسلم الحرية في اتخاذ الدين الذي يريد الإنسان ، وأن يكون لأي دين غير الإسلام تواجد بين المسلمين ويفتح المجال لحرية تعدد الديانات ، ويرى ذلك الدكتور ديانة بناء على فهمه للآية حيث نفت الإكراه على الدين ، ويؤيد كلامه في كتابه " التعددية في المجتمع الإسلامي " فقد بناه على أساس نصرة هذه القضية .
وقاده ذلك التفسير للآية الكريمة إلى القول بنفي حد الردة ، وألف في ذلك كتابه " نفي حد الردة " .
المثال الثاني :
قال : " ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل لسبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) .
قال : فمن الواضح أن الآية هي عن صنوف الطعام المحرمة والاستسقام بالأزلام ، وبدون ذلك لا يكون هناك محل " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم ، فإن الله غفور رحيم " وإن توجيه الحديث بداءا من " اليوم يئس الذين كفروا من دينكم " الخ .. هو إلى أمة المسلمين وقتئذ ، وفي ذلك الوقت بدليل كلمة " اليوم " فالاستشهاد بالآية في استبعاد التدرج عند دعوة غير المسلمين أو من في حكمهم ممن اجتذبتهم الجاهلية الحديثة عن دينهم ، ويراد إعادتهم إليه هو استشهاد لا يستقيم ، ويكون في غير محله " ا.هـ
قال الباحث : فالدكتور يرى أن هذه اللفظة من الآية " اليوم أكملت لكم دينكم " خاصة من وجهين :
1ـ تخصيصها بذلك الوقت ، والزمن .
2ـ تخصيصها بتلك الأنواع المحرمة من المطاعم .
وقد فات الدكتور أنها أنزلت في حجة الوداع ، في يوم عرفة كما صح بذلك الحديث الصحيح من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومعلوم عند علماء المسلمين ، وعوامهم أن حجة الوداع عاش بعدها النبي صلى الله عليه وسلم بضعة أشهر ثم توفي ، فتكون كلمة اليوم تدل دلالة واضحة على اكتمال الشريعة بالدليل الذي ذكره الدكتور لكن بغير فهمه عفا الله عنه .
والغريب أن الدكتور أتى للآية التي اعتبرها رجل يهودي مفخرة من مفاخر الأمة التي تنزل عليها مثل تلك الآية حتى قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه " يا أمير المؤمنين آية تقرؤنها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيدا " ومع ذلك خصصها الدكتور مع أن يهوديا فهم عمومها من خلال لفظها ، وأيضا جعل أهل العلم هذه اللفظة من الآية أصلا في رد جميع البدع في جميع الأزمان .
لكن الدكتور حمله على ذلك الفهم ما يريد أن يقرره من أن حكم التدرج في التشريع الإسلامي باق على تدرجه ولم ينسخ ، وأنه يحق للدعاة أن يتدرجوا في دعوتهم لغير المسلمين على ما كان عليه الأمر في بداية الإسلام ثم هكذا إلى أن يقرروا جميع الأحكام ولذلك قال " فإذا كان المسلمون الأول حديثي عهد بشرك وتطلب ذلك التدرج في دعوتهم إلى الإسلام وإلزامهم فروضه ، فإن الناس في أمريكا وأوربا غارقون في الشرك حتى الأذقان فضلا عن غربتهم التامة عن الملابسات والعادات والتقاليد الإسلامية ... فإذا أريد دعوتهم إلى الإسلام أفلا يكون من الحكمة أخذهم بالتدرج ..؟ " ا.هـ
فيقوم الدعاة على حسب كلام الدكتور عفا الله عنه بالتشريع بالتدرج ، فيتدرجوا في الخمر ، والشرك ، وغير ذلك .
ولا أعرف إلى لحظتي هذه أن الدعاة السابقين من هذه الأمة المباركة ، والمجاهدين من الصحابة ومن بعدهم أنهم فعلوا ما دعا إليه الدكتور مع أنهم يدعون الروم ، أو ما يسمى أوربا ، ولماذا لم يرض به أبو بكر رضي الله عنه في حربه المرتدين ؟ فلا أدري لماذا غاب هذا الفهم عن السابقين ، مع أنه أيسر في الدعوة ؟!!!
وكفى بترك الأمة له ـ على امتداد قرونها ، وتتابع دعوتها ـ دليلا على بطلانه .
المثال الثالث : قال : " والحديث يخالف عشرات الآيات التي تنص صراحة على حرية الفكر والاعتقاد دون قيد أو شرط " فمن شاء فليؤمن .. ومن شاء فليكفر " " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " أ.هـ
قال الباحث : فالدكتور يرى أن الآيات تدل على أن المجال مفتوح للإنسان أن يختار ما يشاء من الديانات، وأن هذا مسوغ لوجود ديانات في المجتمع المسلم ، وعلى ذلك بنى كتابه التعددية في مجتمع إسلامي ، وقال لأجله بنفي حد الردة .
المثال الرابع :
قال : " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير "وقد شرحنا معنى " حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " ولا مانع من الإشارة إليها فالجملة واضحة فهي تستبعد الفتنة أي إجبار الناس على تغيير المعتقد كما جاء في سورة البروج " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " البروج 10
قال : فإذا استبعدت الفتنة أصبح الدين لله ، بحيث لا يكون قضية يتقاتل ويتجادل عليها البشر ، وبهذا يكون المعنى الحقيقي بعيدا عما قد يتبادر إلى ذهن بعض المتعصبين من أن المقصود أن يكون الدين هو الإسلام في حين أن نص الآية ويكون الدين كله لله : يشمل كل ملل الدين ، وأن قصره على الإسلام يناقض الآيـات التي تركت الأديـان الأخرى ( المسيحية ، واليهودية ، والصابئة والذين هادوا الخ ..) على ما هي عليه ووكلت إلى الله وحده الفصل بينهم يوم القيامة " ا.هـ
قال الباحث : فالدكتور يخالف ما أجمع عليه المفسرون من وجهين :
1ـ عدم تفسير الفتنة هنا بالشرك ، لكن بالتأكيد الإجماع غير معتبر عنده كما سأذكره في منهجه في التفسير ، ولا شك أن تفسيره الفتنة بالإجبار ليصل به إلى نفي جهاد الطلب الذي دلت عليه الآية بل أَمَرت به .
2ـ عدم تفسيره الدين هنا " بالإسلام " بل هو عام ودليله هنا أنه لو فسرنا الدين بالإسلام وكان معنى الآية " أن الدين لا يكون إلا الإسلام " لأصبح أول الآية مناقضا لآخرها حيث دل أولها على عدم الإجبار ، وآخرها يجبر على الإسلام ، وهذا تناقض على حد زعمه .
والغريب حقا أن الدكتور خالف ما دعا إليه في كتبه من أن الآية ينبغي ( ملاحظة فهم الآيات في السياق أي ملاحظة ما قبلها وما بعدها وعدم بترها بحيث يتغير معناها ويصبح ويل للمصلين ) .
ولو طبق ما ذكره على هذه الآية لوجد أن سياق الآيات يتحدث عن الذين كفروا عن عبادتهم عند البيت ، ونفقتهم ليصدوا عن سبيل الله ، وتهديد الله لهم بالحشر إلى جهنم ، فإن لم ينتهوا فإن سنة الله التي مضت على الأولين ستأتي عليهم ، ثم ذكر الله الأمر بقتالهم حتى لا يكون هناك كفر بالله ، ويكون الدين فقط دينا إسلاميا خالصا من أي شائبة .
المثال الخامس :
قال : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " قال : نحن هنا أمام آية جاءت بوصف انفردت به ، ولم يرد في المصحف بهذا الصدد إلا هذه المرة فضلا عن أنه إذا فهم أنه ممارسة أو مبدأ ، فإنه يخالف ما تضمنته آيات عديدة عما يتبع في مثل هذا الموقف كما أنه يخالف الوقائع المادية لما حدث أيام الرسول والخلفاء الراشدين ، والنص الذي جاء به هذا التعبير ، نص نعجز عن التوصل إلى مفهومه الحق ، وليس لدينا في الصحيح الثابت تفسيرا له من الرسول .. فالآية تتحدث عن فئة من أهل الكتاب لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا تحرم ما حرمه الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ، ونحن نعرف أن أهل الكتاب سواء كانوا من اليهود أو النصارى يؤمنون بالله ويؤمنون باليوم الآخر ، كما أنهم يحرمون ما حرم الله من قتل أو زنا أو سرقة ، ومن ثم فيبدو أن هناك فئة شاذة ينطبق عليها وصف القرآن ، ويفترض أن تكون هذه الفئة قد نصبت نفسها لعداوة الإسلام ، وأبدت استكبارا تطلب مقاتلتها ودفعها الجزية بشيء من الصغار " ا.هـ
قال الباحث : من تناقض الدكتور أنه انتقد على علماء السلف أنهم لم يعاملوا القرآن على أنه كتاب هداية عام ، لا يتكلم عن التفاصيل ، بل يكتفي بالعمومات لأنها مقصودة لذاتها ، ومع ذلك وقع فيما لام السلف فيه ، إذ كيف يتكلم القرآن ـ وهو كتاب هداية عام ، يذكر الكليات ـ عن فئة شاذة ليس لها وجود ، ولا تعرف ، ولم تأت إلى وقتنا هذا !!!! فأي تخبط هذا .
لكن حمله على ذلك ما يريد أن يصل إليه من نفي جهاد الطلب ، وأن جميع الآيات التي أمرت بالجهاد ، أو ذكرته ؛ إنما تفسر على أن ذلك القتال هو لدرء الشر عن الدولة الإسلامية فقط ، وليس لتبليغ دين الله .
وسأتبعه بإذن الله في القسم الثاني .
وعذرا على الإطالة ، لكنها فرصتي لاطلاع مشايخي وتقويمي .
 
بارك الله فيكم يا أبا عمر على هذا الموضوع الطريف الذي يعرفنا ببعض الشخصيات العلمية المعاصرة .
وهذه أول مرة أتعرف فيها على سيرة الدكتور جمال البنا الساعاتي شقيق حسن البنا رحمه الله ، وما كتبه من كتب حول القرآن وتفسيره ، وهذه من فوائد طرح هذا البحث .
وأشكرك على استجابتك الكريمة لنشر البحث على صفحات الملتقى ، وأرجو أن يحذو بقية الزملاء الفضلاء حذوك جزاك الله خيراً.

الحلقة الثانية من البحث : جمال البنا ... ومنهجه في التفسير (2)
 
وأنا أيضاً أول مره أعرف سيرة الدكتور جمال البنا ومنهجه في التفسير..

أسأل الله الاّ يحرمك الأجر... جهدٌ مثمّن..
 
وهل لهذا وأمثاله منهج في التفسير ؟
أقل ما يقال فيه أنه فقد عقله وخرف بعد أن تعدى الثمانين من العمر، هذا على أحسن تقدير، وإلا فبعض هذيانه أقرب إلى الزندقة والعياذ بالله.
إلى الله المشتكى، إلى الله المشتكى..
 
[align=center]دكتور جمال البنا !!
ومن هذا الذي "دكتره" ؟!!
هو من واقع تحقيق الشخصية (عامل) ، وعضو في نقابة العمال ..
أما "دكتور" هذه فواسعة جدًا وعريضة للغاية !

أما "منهجه" في التفسير فهو الهزل بعينه ..
هل صار لهذا الرويبضة "منهج" يدرس ويناقش ؟!
إنها لإحدى الكُبَر !

أدعو الأحبة لقراءة بحث (التفسير بلا ضوابط - جمال البنا نموذجًا) للدكتور إبراهيم عوض ..
فقط لتعرفوا قدر هذا الوالغ في دين الله بالطعن والتخريف ..
فليكتب أحدكم فقط اسم هذا المتهوك في أي محرك للبحث تخرج له العناوين المخزية :
جمال البنا يصرح أن الحجاب غير شرعي والزواج صحيح دون شهود وولي !
جمال البنا يجيز تبادل القبلات بين الشباب والفتيات غير المتزوجين !
جمال البنا يفني أن التحول من الإسلام إلى اليهودية والمسيحية ليس كفرا !
وغيرها كثير ..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ![/align]
 
عودة
أعلى