جلساتٌ على مائدةِ الشيخ المحدث/ شعيب الأرناؤوط [متجدد]!

إنضم
20/02/2012
المشاركات
102
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
محافظة / اربد .. قرية/ بيت راس
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، محمد وآله وصحبه ومن والاه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم نلقاه.
وبعد.
فلطالمَا اختلجَ ذكرُ أهلِ الحديث في أوعيةِ طلّابِ العلم، وكان لهم الأثرُ المبرَّز في شحذِ الهمم، ورفعِ القيَم للأمم، ما لم يكن عند علماء اللغة العربية وأهل القراءات، وأبرزُ كتابٍ معاصر في بيانِ أرقِهم وتجشّمهم (صفحاتٌ من صبر العلماء) لعبد الفتاح أبي غدة -رحمهُ الله- ولم أشأ يومًا أن أفكّر في أن أتحدَّث عن محدِّثٍ كبيرٍ بلسانِ التلميذ، إلا أنِّ كرمَ الله الجم، وفضله الذي عمّ، يشاءُ أن يقدّر جلسات أسبوعية بين يدي شيخنا / شعيب الأرناؤوط.
ذاكَ الشيخُ في عمره، الشابُّ في روحه، تحلَّى بروحِ الفكاهة، وتزيّن بروحِ النصيحة، واكتسى ثوبَ الوقار، مضى من عمرِه أربعٌ وثمانين سنةً قضاها بين ثنايا كتب أهل العلم؛ ليخرجها محققة عارية عن العوار، وأشهرها "
مسندُ الإمام أحمد بن حنبل " فإذًا إني أتكلمُ عمن التقى بالشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ودرس على الشيخ صالح فرفور، والشيخ بدر الدين الحسني، رحمهم الله أجمعين.
الشيخ - حفظه الله - سهلُ المزاولة، قريبُ المتناول، لحديثِهِ طعمٌ لا يُمل، لأنه متنوع، فتارةً يحدثنا عن تحقيقاتِه لكتب الشافعية، وتارة عن الكتب الحنبلية، وتارة عن ومضات من سيرة إمامه أبي حنيفة، ثم ينتقل إلى ذكرياتهِ مع مشايخهِ وتلاميذهِ وبداياتِه في طلبِ العلم مع قلة اليد، ولا يخلو من نصائحَ منهجية في دراسة كتب اللغة العربية، مما يندُر أن تجدَ الجمع بين الفقه واللغة والحديث عند محدّث!.
ولا يفتأ في رفع هممِ طلّابِه فيمدحُهُم بما فيهم، ويعظّمهم لما يحمِلُونه من حفظ نصوص السنة النبوية والمتون العلمية، ويقدّرهم حقَّ قدرِهم ولا يضعُ من قيمتِهم إن رأى مثلبًا فيهم، بل يباشرُهم بنصيحةِ المشفق القلق، بأنّ العلمَ شديدُ المراس، عزيزُ المطلب، أعزُّ من الأبلقِ العقوق، و
لا يرى أسلوبَ التعصّي مع طلابِ العلم؛ لأنهم وصيةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليرفعَ عنهم ديجورَ الجهل، ومن جرّب عرف!.
أتمنى أن أستحضرَ شيئًا من قاموس "
المدح " مما في الشيخ؛ حتى أوفيه حقه، لكني أكرهُ المدحَ إن لم يكن تحتَه عمل، فلستُ من تلاميذهِ المقربين ولا النائين، بل حديث السن مما لا يحقّ لي أن أتقدمَ بكلمة عنه بين يدي تلاميذه.
فلا يفوتني أن أشكرَ من أماط اللثام ونال الوسام عن الشيخ شعيب؛ لنحظى بالدراسة عليه، والنهل من علمه الوفير،
الشيخَ الدكتور أبا العالية، أعلى الله درجتَه في الدارين، وبلغه علّيّـين، والدالُ على الخيرِ كفاعله.
.....
وقد وعدتُ
ملتقانا أهلَ التفسير بوضع نِكاتِ الشيخ الحديثية والتربوية والمنهجية والفكاهية، لأضعَ الحبلَ على ذراعهم، يبسطونه ويقبضونه كيفما شاؤوا، فهذا أوانُ البدء بذلك في درسٍ متجددّ مع شيخنا كلَّ أسبوع، أضعُ فيه جميعَ ما يتفوَّه به الشيخ، إذ إني أنظر إلى فمهِ العطر وأصابع يديَّ بين أحرفِ اللابتوب، أسابقُه في كتابةِ الجملة؛ حرصًا على التثبّت.
نسأل الله أن يمدّ في عمر شيخنا الجليل، وأن يكمّلها في طاعته، ويباركَ في مشايخِه وتلاميذِه ومحبّيه، وأن يبلّغ والديَّ الدرجات المثلى، والفردوسَ الأعلى، وأن يرزقني وإخواني ممن يسافر إلى منزل الشيخ الصدقَ والإخلاصَ والبلوغ والنبوغ، وأسألهُ أن يغسلَ إساءتي، ويغفر زلتي وخطلي، ويزرقني ما أتمنى، بقدر ما أتعنّى، إنهُ وليُّ ذلك والقادر عليه.

أخوكم ومحبكم / أبو الهُمَام البرقاوي
2012/4/14م 1433/5/2 هـ

ملاحظة: نوعيّة درسِ الشيخ في شرح " مقدمة ابنِ الصلاح " ودراسةِ " سنن أبي داود " تخريجًا، فسأضعُ الفوائد بشكل نقاط، دون التقيد ببابٍ معيّن؛ لكثرة خروجِ الشيخ عن المقصود.
ترجمة الشيخ:
ارجوا منكم تزويدنا بترجمة للشيخ شعيب الارناؤوط - ملتقى أهل الحديث
 
الحمد لله، وبعد ..
ماشاء الله يا أبا الهمام، دوماً سباقاً للمعالي وللخيرات الحسان، نفع الله بك، وزادك وصحبتك كلَّ خير وعلم وفضل.
سِرْ على بركة الله، رفع الله قلمك، وكتب لك التوفيق والسداد، ورزقك النفع والرفع والشفع ولكلٍّ درٌّ وضرع!

وأما شيخنا الغالي الحبيب، فما ذكرته قليل من كثير، وستُبدي لك الأيام الكثير، والله ينفع بكم ويوفقكم لكل خير، فمثلكم والفضلاء أهل للخدمة والعناية، وفتح الأبواب، وسلوك درب أولي الألباب .
وأما ما يخص الترجمة فمن فضل الله عليَّ أن يسر لي ترجمة لشيخنا وقد طبعت الان في إدارة الثقافة الإسلامية في الكويت وقد تناولت حياته وسيرته العلمية والعملية وثبت تحقيقاته، وتصحيح كثير من الأغاليط التي تُلصق بالشيخ وهو منها براء، وهي سياحة ماتعة في سيرته، تزف قريباً لكم ولمن وراءكم .
تنبيه : شيخنا لم يتلمذ على الشيخ بدر الدين محمد بن يوسف الحسني رحمه الله، وقد توفي وعمر الشيخ نحواً من ثمان سنوات، ولكن تلمذ على تلاميذه.
والله أعلم
وفي انتظار فوائدكم المباركة
 
- انتقل الثقل العلمي من بغداد إلى دمشق بعد حادثة " جنكيز خان وهولاكو " بعد رميه لكتب أهل العلم في بحر " دجلة "، ثم انتقل من دمشق إلى مصر.
- اخبط الاسم الأعجمي كما تريد، ويَتلاعب فيه الطالبُ كما يريد، وسِيبَويْه أعرق في اللغةِ من لفظِ سيبُويَه، وسبب تلفظ المحدثين بسيبُويَه، لأن " وَيْه " كما قال النخعي: شيطان.
- أملى ابنُ الصلاح هذه " المقدمة " إملاءً.
- نحن – عمليا – عبيدٌ عند الغرب، والإعلام أخذ كثيرًا من طاقات طلاب العلم، وأفسدها عليهم ليضعف فهمهم وحفظهم، والزمن لا يتسع لعلوم الدنيا كلها، مع العلم الذي تريد أن تأخذه، فقدر المستطاع اسمع خبرًا واحدًا، ولا تتعب نفسك في سماعِك الأخبار كلها من المصادر.
- أنا كنتُ فقيرًا ولا أستطيعُ أن أشتريَ الكتب، وكانت أغلى من هذه الأيام، فإن كان عليّ مقرر استعرتُ الكتابَ من صديقي، فأقرأه دون أنشغل براديو أو شيء، وألخص الكتاب بأوراق صغيرة بخطٍّ دقيق، ثم أردّه إلى صاحبه، فإذا ذهبتُ إلى الشيخ في المسجد الأموي وغيره من المساجد حفظتُ الملخصَ في الطريق، ولم يكن هناك أي مواصلات بل مجرد بغال وحمير.
- يجب أن يهتم الإنسان بطلب العلم، وقد افتُرض عليّ كتاب " تعليم المتعلّم "فكيف آكل وأدرس وأحفظ وأفهم .. وحفظتُ منه:

أخي لن تنالَ العلم إلا بستةٍ ** ** سأنبيك عن تفصيلها ببيانِ

ذكاءٍ وحرص وبلغةٍ واصطبارٍ ** ** وصحبة أستاذٍ وطولُ زمانِ

- أنا منذُ ستين سنةً حفظتُ هذه الأبياتِ، وأنتم الآن شباب فاهتموا بالحفظِ ودراسة أكبر كميّة ممكنة من الكتب.
- درستُ عند عبدِ الله الحبشي وكنتُ أول من استقبلَه، وبقيتُ معه ثلاث سنوات، ثم تبيّن لي أنه رجلٌ لا يصلح أن يكون أستاذًا، فما أدري هل فكرُه يتصل بالفكر الصوفي، أو بالفكر الذي يتعاون مع الدولة، لأن حكام أهل الشام كانوا راضيين عن الأحباش، وعبد الله الحبشي من " هرر الحبشة " وراجعتُ وإياه جلَّ كتبِ السنّة، وهو حافظٌ لها ولكن كان يحفظهُا بأسانيدها، ثم نسيَها وبقيَتِ المتون، فأشهدُ أنه كان يحفظ الكتب الستة، وكان شافعيا وأنا حنفي، ونتبارى في بيان الحجة التي يستند إليها الشافعي أو الحنفي، فأنا في الأصلِ حنفيٌّ، وأما الآن فآنسُ من نفسي أني متبع وأحبو حبوَ الاجتهادِ، فلا أقول بمسألة قالها أبو حنيفة إلا قلت بها مع دليلها، فإن خالف الدليل ذهبتُ مع الدليل، وكان بعض الناس يقولون عن أبي يوسف : إنه بليد، فقال له أبو حنيفة: كنتَ بليدًا فأخرجتكَ المواظبة، وظنّي أن أبا حنيفة لم يقل هذا عن أبي يوسف، بل قاله خصومه، فقد كان أبو يوسف يتردد إلى مجالسِ المحدثين.
- لم أنقطع عن طلب العلم طيلةَ عمري، وقد بدأت به وعمري ست عشرة سنة، وكان إذا أخطأ شيخي فلا أتوقف عن بيانِ خطئه، وتلقيت العلوم عن كثير من الشيوخ، فيجب أن يكون الطالب (عصاميًّا لا عظاميا) بأن تتفتّح آفاق الإنسان في العلم، ولا يلتزم لكل مسائل أبي حنيفة أو أحمد وغيره، هذا ابنُ تيمية هو حنبليٌّ ولكنه كان يخالفُ أحمدَ، فأنا أريد من طالبِ العلم أن يصل إلى درجةِ الاستقلالية، وأنا آخذ هذا العهد عليكم.
- أنا لي طلبٌ خاصٌّ لكم : أريد أن تدرسوا الدراسة الرتيبة – الأكاديمية – واحدة للأكل وواحد معنا، ودراستكم محترمة جدا، لكن ضيفوا إليها هذه التفاهات الموجودة، ضروري جدا، فإذا نفذَ شعيبٌ ونفذَ الألباني فأنتم تبقون إضاءات للبخاري، أينما ذهبتُ فمن أكبرِ دكتور إلى أصغر طالب الجميعُ يحترمني، وطالبُ العلم عزيز، ويجب أن يعرف أنه فوقَ البشرِ كلهم؛ لأن أعلى منزلة هي منزلةُ العلماء، لا تمدوا أياديكم لأي أحد، فمن الآن رتبوا وضعكم على هذا الشيء.
- نحن - مشايخ الشام - مؤدبون، فطالبُ العلم مدلل، وهم وصيةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمل مع التلاميذ كما تعمل لأبنائك، والقسوةُ في طلبِ العلم غيرُ موجودة، فهؤلاء – أي : نحنُ – جاؤوا من (...) لباعث علمي، فنحنُ نتبركُ بهم.
- لا بد أن يرحل طالبُ العلم، ليرى غيرَهُ من المشايخ؛ لأنها تكوّن شخصيةَ الإنسان، وهي سنة علماء الأمة، وقليل من يستخدمها، ومن يهتم بعلم " الحديث " فأنصحه أن يرحل إلى الهند وإلى باكستان، فمرة من المرات قلت لحبيب الرحمن الأعظمي: لماذا لم تخرج الأحاديث تخريجًا علميًّا كما يفعل غيرك في مصنف عبد الرزاق؟ فقال: لو كتبتُ ما تريده أنت لقالَ أهلُ بلدي = هذه معلومات معروفة، دجال يسرق فقلت له: قد تكون عندكم معروفة، ولكن إنِ انتشرت في البلدان لكانت غير معروفة، فلم تكن له حجة.
وكان يأكل شأفة – قطعة صغيرة – من الخبر، مع المرق ووزنُه لا يزيدُ عن خمس وثلاثين أربعين كيلو، فهؤلاء الهنودُ لهم صبرٌ على الدراسة بخلافِ غيرهم، وقد احتاج الشيخ أنور الكشميري شيخ حبيب الرحمن، وكان أهلُ بلده يعتقدون أن الوترَ واجبٌ، فقرأ الشيخ أنور المسندَ كاملًا والكتب الستة حتى يبحَث عن وجوبِ الوتر.
- الحضارة: هي الأفكار التي يحملها المجتمع، والحضارة الإسلامية استطاعت إثبات وجودها، والمدينة : هي عمران البلاد.
- كنت مستطيعًا لأن ألتقيَ بالشيخ المحدث أحمد شاكر، لكني لم أحظَ بذلك، ومات المعلمي وقد مضى من عمري ثماني سنوات.
- الشيخ عبد القادر الأرناؤوط من " كسوفو " وأنا من " ألبانـيا " وهو أخٌّ لي في الله، كانت بيننا علاقة قوية.
- أهم شيء عندي في طلب العلم أن يخلص للهِ، وأن لا يضيع جهده في المستقبل، فنحن عُرض علينا كثيرًا من الكتبيين، ولم نأبهْ بهم يوما.
- الشيخ نور الدين عتر مثالٌ يحتذى به في ضبط النصوص، ولكن ليس جريئًا في الحكمِ على الأحاديث.

- أنا أذكر في شبابي أنه لم يكن درس حديثي يقام في دمشق، اللهم إلا درس الشيخ بدر الدين الحسني، وأما دروس الفقه فكانت كثيرة جدا، وأول من أحيا علم الحديث هم جماعتنا، فقد قرأنا على الشيخ صالح فرفور صحيح مسلم، وقرأنا عليه شرح عمدة القاري للعيني، ولم تكن عندنا أسانيد، مع أنها كانت مليئة بذلك، والشيخ بدر الدين الحسني لم يخرج من بين يديه عالم في الحديث.
- هذا الكتابَ (مقدمة ابن الصلاح) علقوا عليه وشرحوه واختصروه ونظموه جميع من برّزوا في هذا الفن، وهو صاحبُ الفضل، ويستمدُّ من علمِه كل من جاءَ عندَه.
- الخطيبُ البغدادي لم يترك فنَّا إلا ألَّف فيه، ويستوعب جميع أبوابه، وله قصة في إدراجِه كتابًا لترجمة أبي حنيفة مطيلًا في ذلك، وجاء بطامّات يشهد العقلُ ببطلانِها، وأذكر أنه ساقَ في ترجمتِه من الأكاذيب ما يشهد لها كل عاقل بذلك، فأبو حنيفة شخصية مرموقة : هل كان ينقض الإسلام عروة عروة! الحمد لله الذي أراح الإسلام منه! استُتيبَ من الكفرِ مرتين! ثم جاءَ الكوثري – رحمه الله – وهو عالمٌ متعصبٌّ لأبي حنيفة فألف كتابا سمّاه " التأنيب لما جاء في كلام الخطيب من الأكاذيب " وكان الكوثري يريد التشفي من الخطيب، وقديمًا قرأتُ على الكوثري وكان يصفُ الخطيبَ البغدادي بأنه " لوطي " - والعياذ بالله!-ولا أظن أنه يوجد في عصرهِ من كانَ يقاربه في العلم.
ومذهبُ أبي حنيفة حكم الدولة العباسية كلها، وحكم الدولة الزنكية كلها، وحكم الدولة العثمانية كلها، أي ما يقرب عن ألف سنة، أما الدولة العباسية فاستلمها أبو يوسف وأصحابه، والدولة الزنكية تولى عماد الدين مذهب أبي حنيفة، وكذلك المماليك تولت مذهب أبي حنيفة.
- قد تكون مسائل العبادات في مذهب أبي حنيفة أضعف من غيرها، ولكن مسائل المعاملات لا يجري على مذهب أبي حنيفة أحد، ولذا العمل في المعاملات على مذهب الحنفية؛ لأنّك تجد أن المعاملات أدلته قليلة في السنة النبوية مقابلة للعبادات، وقد مات أبو حنيفة مسمومًا، ويرجح الإمام الذهبي أنَّ مَن سممه أبو جعفرٍ المنصور.
- كل بحوث الحديث تحول حولَ دراسةِ السندِ والمتن، وكل القواعد التي ستأتي خادمة لهذين.
- كل من ألف في الأسانيد اشترطَ أن يكونَ الحديثُ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تكاد تجد في مسند أحمد غير المرفوعات.
- العلة: يحتاج أن يكون للإنسان محفوظ كبير جدا، ليقابل بينها، وهذه الطريقة لا يفوز بها إلا من يدرس كل راوٍ مروياتِه لتعلم أين أخطأ وأين أصاب؟ فهذا يحتاج إلى حفظ كامل ومعرفة بالعلل والمقابلة بين المرويات، ونحنُ الآن لسنا بحاجة إلى ذلك، لأنها فُصلت وبيّنت، ولكن نحنُ بحاجة الآن إلى أن ندرس الحديثَ وقواعدَه بغضّ النظر عن غيرنا، حتى نربّي لأنفسنا ملكةً علمية.
فندرسُ أولًا رجالَ الحديث، ثم نبحثُ عن اتصال السند، ثم نبحث عن الشذوذ إن كان واضحًا، والآن سأعطيكم عشرةَ أحاديث من " سننُ أبي داود " ومعكم كتاب " تقريب التهذيب " ومعه " تحرير التقريب " مؤسسة الرسالة، واستدركنا على الحافظ ابنِ حجر ما يزيد عن ألفي موضعا، ستجد تعليقات كثيرة، وهذا الكتاب أعتزُّ به كثيرًا.
ثم لما رأى الشيخ طبعة حسان عبد المنان قال : هذا كذاب، من تلامذتي.
ثم لما رأى الشيخ طبعة مأمون خليل شيحا قال: أيش بدك فيه ليش تشتريه؟
ثم لما رأى الشيخ طبعة عادل مرشد قال: هذا يعمل معي ثلاثين سنة! وهي طبعة جيدة.
طالعنا كتاب " تقريب التهذيب " ووجدنا ثمانية آلاف ترجمة، وخالفنا ابنَ حجر في ثُلثِ كتابه، وبنينا مخالفتنا على أدلة، وذلك بتحقيق أكثر من مائة كتاب و كنت أكتب خلاصة ما عند الراوي، ثم لما ضمننا الرواة إلى رأي ابنِ حجر في التقريب خرجت النتيجة..
وقد ذكرَ الشيخ أن التحريرات خرجت من الشيخ شعيب والشيخ بشار عواد، ولم يكن الشيخ شعيب يحقق لراو إلا ويخط الشيخ بشار تحته خطا رضىً عنه، وما تركَه الشيخ شعيب من الأحاديث فقد علق عليها الشيخ بشار ثم يأتي بها للشيخ شعيب فما رضي به وضعه في كتابِه وما لم يرض به لم يضعه.
- وقد ذكر أحد الأفاضل للشيخ أنَّ هناك من عقّب واستدرك على الكتاب، فقال: ما وراءَ الكواليس من صنعةِ المفاليس، هاتِ لنا من استدرك، مع أنّ لي استدراكات على كتابي تزيد عن مائتي استدراك، وأنا لا أتوانى عن خطإ كتبته لأتراجع عنه، وقد كان هناك فحول في هذا العلم، لكن الآن لا يوجد، وكتابنا " تحرير التقريب " أخذ من وقتنا خمسينَ عامًا.
والحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ولم أخفِ شيئًا مما قاله، بغض النظر عن الموافقة أو المخالفة.

 
الحمد لله، وبعد ..
ماشاء الله يا أبا الهمام، دوماً سباقاً للمعالي وللخيرات الحسان، نفع الله بك، وزادك وصحبتك كلَّ خير وعلم وفضل.
سِرْ على بركة الله، رفع الله قلمك، وكتب لك التوفيق والسداد، ورزقك النفع والرفع والشفع ولكلٍّ درٌّ وضرع!

وأما شيخنا الغالي الحبيب، فما ذكرته قليل من كثير، وستُبدي لك الأيام الكثير، والله ينفع بكم ويوفقكم لكل خير، فمثلكم والفضلاء أهل للخدمة والعناية، وفتح الأبواب، وسلوك درب أولي الألباب .
وأما ما يخص الترجمة فمن فضل الله عليَّ أن يسر لي ترجمة لشيخنا وقد طبعت الان في إدارة الثقافة الإسلامية في الكويت وقد تناولت حياته وسيرته العلمية والعملية وثبت تحقيقاته، وتصحيح كثير من الأغاليط التي تُلصق بالشيخ وهو منها براء، وهي سياحة ماتعة في سيرته، تزف قريباً لكم ولمن وراءكم .
تنبيه : شيخنا لم يتلمذ على الشيخ بدر الدين محمد بن يوسف الحسني رحمه الله، وقد توفي وعمر الشيخ نحواً من ثمان سنوات، ولكن تلمذ على تلاميذه.
والله أعلم
وفي انتظار فوائدكم المباركة

أسعدك الله أبا العالية، وبلغك مناك، وسهل دربك إلى الكويت، ويشهد الله على حبك.
ننتـظر: ترجمة الشيخ شعيب الأرناؤوط.
 
- مكثنا عشر سنين ونحن نعمل في كتب الحديث دون اجتهاد في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، ولكن بعد ذلك ثبُت عودنا في هذا العلم، فأخرجنا استدراكات وتحريرات لكلام أهل العلم.
- كتب الشيخ حمزة المليباري كتابًا (التجديد في علم الحديث) يوجّه فيها كلام ابنِ الصلاح في مسألة " ترك الاجتهاد في التصحيح والتضعيف " ولا أعلمُ أحدًا من الأئمةِ وافقَ ابنِ الصلاح في مسألتِه.
- ألفَ الإمامُ مالك الموطأ بناءً على فقهه، فوضع المرسلات والبلاغات، لأنّ مالكًا فقيهٌ فهو بحاجة إليهنّ، وحديثُه أصحُّ من حديثِ البخاري في " المرفوعات " فهو الذي وضعَ القاعدة الأولى في تتبعِ الأحاديث الصحيحة، وفقُهه ضيّقٌ فلم يستوعب سوى ما عند أهل المدينة.
- الطحاويّ من الأزدِ يمانيٌّ، لم تكن له رحلةٌ إلا إلى الشامِ، وقد كان يودّ الرحلة إلى كل الأماكن، وكان في مصر شيوخٌ من كل الأماكن، وقد أقام مسجدًا وقفًا له، وكان يعرف كيف يحبس الوقف، ليمنع المتلاعبين، بمثابة المحامي عندنا، وله كتاب في " الشروط " يعني : الرهن والوقف، ما ينبغي للمحامي والقاضي أن يكتبه من الشروط في البيع والشراء والإجارة والرهن والوقف، بحيث لا يمكنون أحدًا من اللعب في النصوص، وقد ذهب للشام لأبي خازم فيناقشه في " الشروط " فوافقهُ أبو خازم، وقد دعى الخليفة الإمام الطحاوي ليسأله عما حدث بينه وبين أبي خازم، فقال له الطحاوي: لقد وجدته وضعَ قيودًا لم أنتبه لها؛ فانظر إلى أدب العلماء!!.
- كتبُ الفقهِ تعلّم طالبَ العلم الأدبِ قبل الفقه؛ لكثرة نقول الفقيه : قال الشافعي، قال أبو يوسف، ورحمهمُ الله تصحبهم.
- أنا لي خمسٌ وستون في العلمِ، ثبتُّ في العلمِ؛ لأني لم أكن منافقًا، والعلمُ يكشف أصحابه، فلمَ تأتِ إليّ وتقول: شعيبٌ صاحبُ هوى! وأنا والله لستُ صاحب هوى، ولا رجعتُ يوما لكلامِ أبي حنيفة إلا إن صحبهُ دليلا، وفي بعض الأحايين يمكن أن يعيشَ في ظرفٍ ثم يستغفرُ الله منه.
- لما طبعنا مسند الإمام أحمد بن حنبل، جاء أحد دكاترة الحديث، وقال: كتاب كويس بس طوّلوه = لا تعدم الحسناءُ ذامًا! فلا بد من ثناءٍ مع نغزة، وأقول لك: إن وجدت كلمة إنشائية – جديدة – فتعال إلي، والأدباءُ دائمًا يتكثرون القول؛ ويفرون من المعاني، مثل طه حسين، إلا الرافعي فإنه يكتبُ ما ينبغي أن يُكتب، وهذا من فضلِ الله عليه، وانزعجتُ لما كنتُ في الاسكندرية ورأيتُ شابّة مِشَلْطَة – يعني متبرجة -، فقالوا لي: هذه بنتُ الرافعي!!
- نحن – طلاب العلم – قرأنا صحيح البخاري وصحيح مسلم، يبقى البخاري أستاذًا، ومسلم تلميذًا، والبخاري ألف كتابه ليكون كتابَ الإسلام؛ ليتفقه فيه الناس، فهو يخرّج طالبَ علم فاهم للإسلام، وأما مسلم فقد صنعَ فيه/ لذا يجبُ تدريس صحيح البخاري لطلاب العلم؛ لأنه تناولَ كل المسائل، والبخاري فقيهٌ يعرفُ ما يضع، فلم يضع إلا ما أنتَ محتاجٌ له، ومن درس البخاري – في نظري – سيكتفي به، وشخصيّة البخاري تظهر في عناونه، وكأنها خطةُ بحث، وطبيعةُ الإمام أنه يلفت القارئ إلى جمل لا ينتبه لها أيّ أحد، فكل الناس من المذاهب سلّموا له بقدرته على فن الترجمة، ولا أدري لم كان يُجمجم ولا يصرِّح، هل هي من باب الإشارة تكفي عن العبارة؟ فاقرؤوا كتاب البخاري من أنه كتابُ فقهٍ وحديث.
- أضافُ ابنُ حجر في (الفتح) شرحه لصحيح البخاري أكثر من ثمانية آلاف نص، وفي 1/6 تبدأ الطباعة لهذا الكتاب، لأني قرأتُ اللمسة الأخيرة، وهو في 25 مجلدًا مع الاختصار الشديد، وإن كان الحديث صحيحًا فلا تعليق، وإن أخطأ ابنُ حجر فنعقّب، وأخطاؤه قليلة، كان في بالي أن أجعل فتح الباري مئة مجلد؛ لكني أريد من الطالب ألا يمِل.
- سئل الشيخ عن كتب السيرة، فقال: أفضلُ كتابٍ في السيرةِ النبوية هو " فقه السيرة " لمحمد الغزالي، بتخريج الشيخ ناصر الدين الألباني، ثم لما ذُكر له البوطي لعنه.
- كتبُ الشيخ علي الصلابي في التاريخ مليحة، لكن ليس عنده علمٌ في نقد الأخبار، وهو جماع يحسن الانتقاء.
- الشيخ أكرم ضياء العمري عالم، يحب أن يتأكد في الأخبار، وينقح ويحقق.
- مسلمٌ أحسنُ إفصاحا في الحكم على الرجال من البخاري، وذلك يتضح في كتابه " التميـيـز ".
 
إكمال!

إكمال!

إكمال!

- منذ كنت صغيرًا كنت أطالع كتب الرافعي، مثل " وحي القلم " و " حديث القمر " والرافعي أديب إسلامي فاقَ كلّ الأدباء؛ لأنه كان شخصيةً إسلامية.
سيّد سابق، جلستُ معه وهو رجلٌ فاضل، أخلاقه أحب إليّ من كتبه، كتابُه فقه السنة بإشارةِ حسن البنا.
- حسن البنا = كان طاقة مبدعة، يوزع المهام، وكلٌّ يقوم بواجبه.
- رزقت حبّ الشعر من صغري، فكان لا يقع في يدي أبيات للشعر؛ إلا حفظتُه، ولكني عاهدت نفسي أن أتركَ النظم؛ لأن الشعراء يتبعه الغاوون، والحديث يتّبعهُ المؤمنون، وأنا في الستينيات طلبَ منّي حاكم قطر أن أنتخبَ له شعرًا، فانتخبتُ له في أحد عشرَ مجلدًا طُبع منه ثلاثةُ مجلدات، ثم توفي الحاكم، وكان يجتمعُ عليّ المدرسون في جامعة قطر؛ لكثرة ما أحفظُه من الشعر.
ومن الأبيات التي قلتُها:
ومن أنتمو حتى تكونوا ببالنا – فقاعةُ قـــاع قد تــبدّت بقرقــرِ
وفي كتاب " رحلة فضيلة الشيخ العلامة المحدث شعيب الأرناؤوط إلى الديار الكويتية " للشيخ محمد الجوراني (أبو العالية) ص (366):
وقد سألته ذات مرة حين كنت أقرأ عليه كتاب " المزهر في علوم اللغة " للإمام السيوطي، هل أقدر أن أقول: إنك تحفظ نحوًا من عشرة آلاف بيت؟
فقال: يا أبا العالية، لو قلت أكثر لكنت محقًا.
وقد قال له شيخه الفرفور – رحمه الله-:
وواحدٌ يمشي وفيه ثقل ** ** كأنه على القلوبِ جبلُ
لو أنّه علـى الفراتِ مرّا ** ** أصـبح ماؤه أجاجًا مُرًّا
فأجابه الشيخ مباشرة:
وواحدٌ يمشي غصيص الطرْفِ ** ** كأنّه من قاصرات الطرْف
أخلاقُه تحكي لنا الزلـالا ** ** قد نالَ من بارئه الكمالا
لو أنّه على أجاج البحر ** ** مرّ لكان الشهدُ منهُ يجري.
- حديث " صحيح " أصح من " حسن صحيح "، ومعنى " حسن صحيح " حسنٌ، بل صحيح، أو أنه ترقّى من درجةِ الحسن إلى الصحة.
للبخاري كتاب " المسند الكبير " و" التفسير الكبير " و" الجامع الكبير " معدومة، ولابن المديني مسندٌ معدومٌ، وقد أتلف هولاكو سبع ملايين كتابًا.
- أبو طاهر السِلَفي: كان مشقوقَ الشفة، وهو فارسي، ستين سنة وهو في مسجدهِ ولم يذهب إلى السوق، ولم يتزوج، ولم يكن النووي يأكلُ من ثمار الغوطة.
- أبناءُ الأثير ثلاثة: أفضلهم = المباركُ الجزري (606هـ) صاحب كتاب " النهاية في غريب الحديث والأثير " والثاني عز الدين رجل مؤرخ (630هـ) صاحب كتاب " أسد الغابة " و " الكامل " والثالث نصر الله (636هـ) أديب، وكان فيه عُجْبٌ، صاحب كتاب " المثل السائر في آداب الكاتب والشاعر ".
- لي أخٌّ اسمه " إبراهيم " كان يحفظ الكتب الستة كما تحفظ أكلاتك، وكان يعقّب على الشيخ ناصر الدين الألباني، كان تحت يدي حتى سن الرابعة عشرة، وكنت أضربُه، ثم خطّ خطَّ البعث للانقلابات، فحُكم عليه بالإعدام ثم للسن المؤبد ثم لأربع سنين وأربعة أشهر، ثم هداه الله في آخر أيامه وحسُن إسلامُه، فكان لا ينام حتى يقرأ آية الكرسي، حتى يموت عليها.

 
حديث الذكريات مع الشيخ شعيب

حديث الذكريات مع الشيخ شعيب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوجد حلقة مصورة مع الشيخ شعيب يتحدَّث فيها عن حياته وتجربته ، وعنوان الحلقة "حديث الذكريات مع الشيخ شعيب " وهذا هو الرابط :
‫حديث الذكريات مع الشيخ شعيب الأرناؤوط‬‎ - YouTube
بارك الله فيكم
 
عودة
أعلى